رواية الداغر لأسماء الأباصيري الفصل الأخيرة والخاتمة النهائية، عبر مدونة دليل الروايات (deliil.com)
رواية الداغر الفصل الخامس عشر 15 والأخير لأسماء الأباصيري
استيقظت على معاينة الطبيب لها و همت بالاعتدال بجلستها لتجد كلاً من ريم و حنان ملتفتان حولها تطالعانها بقلق ... فور انتباههم لاستيقاظها اقتربت ريم الباكية نحوها
ريم : الحمد لله يارب ..... الحمد لله
حنان : حمد لله على سلامتك يا بنتى ... ايه حصل بس ... خير يا دكتور ؟
الطبيب : هبوط فى ضغط الدم ... و واضح انها عرفت خبر مش تمام
توجهت الانظار نحوها بتعجب من صمتها و هدوئها ذاك
ريم : تاج حبيبتى .. انتى كويسة ؟؟
اومأت بصمت لتردف بجمود غريب
تاج : هو فين ؟؟؟
تحرك الطبيب منسحباً الى الخارج و تحركت حنان برفقته رغم دهشتها من تصرف تاج
بقيت كلاً من تاج و ريم بالغرفة
ريم : هو مين ده ؟ و بعدين ايه اللى حصل ده انا اتخضيت انا ورامي اول ما دخلنا و لاقيناكي مرمية على الارض و ماما قاعدة بتحاول تفوقك لكن مفيش فايدة و مصحيتيش
اغمضت تاج عينيها ومن ثم فتحتها بهدوء
تاج : فين داغر ؟؟
ريم بدهشة : اكيد برة مع رامي و الدكتور ... متتخيليش كان قلقان قد ايه عليكي و كان عـ........
قطع حديثها اقتحامه الغرفة متجهاً نحوها بأعين قلقة يسألها عن حالها
داغر : تاج ؟ ايه اللى حصل و ازاى اغمى عليكي كده ؟
ظلت تحدق بعينيه بثبات تحاول تشفى كذبه .... لكن دون جدوي .... التفتت نحو ريم
تاج : ممكن تسيبينا لوحدنا ؟
نقلت ريم انظارها نحو داغر لتجده يطالعها بنفس الدهشة قبل ان يومأ لها لتتحرك بصمت نحو الخارج فى حين اعتدل هو بجلسته يردف بإهتمام
داغر : فى ايه يا تاج ؟ مين زعلك ؟
ابتسمت بسخرية ... ملامح جديدة ترتسم على وجهها يراها لأول مرة
تاج بسخرية : زعلني ؟؟؟ ... محدش زعلني ..... ثم اردفت بجدية ..... هى البنت اللى حاولت تأذيني فى المستشفى اتحبست؟
ذهل من سؤالها و تفاجأ به فلما تذكر تلك الحادثة الان
داغر بتوجس : لا للاسف طلعت منها
تاج بتهكم : ممممم ... طب و بابا
داغر بجدية : ماله ؟
تاج : مات ازاى ؟
شعر بالتوتر ... لا يرغب بذكر الامر الان ... ابتلع ريقه
داغر : اتقتل ؟
لمعت عيناها بالدموع لتردف بإبتسامة
تاج : مين اللى قتله ؟
داغر بقلق : فى ايه ؟ ليه بتسألي عن كل ده ؟ احنا مش قولنا ننسى اللى فات
تاج : بسألك عشان مش عايزة اظلمك .... مش عايزة ابقى غبية و اصدق اى كلام اسمعه
داغر بحدة : و انتى سمعتى ايه عشان تظلميني ... و الاهم سمعتي من مين ؟
تحركت تاج من الفراش لتنهض تقف امامه بثبات
تاج : رانيا كانت هنا النهاردة و اتكلمنا و..........
نهض هو الاخر بغضب يقف امامها بطوله
داغر بغضب : نعم ؟؟؟؟ كانت بتهبب ايه و ازاى حاجة زي دي تحصل و انا معرفش ... لا وكمان اتكلمتو
تاج بثبات غريب : جت وانت برة ..... و اتكلمنا فى اللى بسألك عليه دلوقتى ..... مين اللى قتل بابا
مرر انامله بخصلاته .... توتر .. غضب .. جنون هو كل ما يشعر به بتلك اللحظة
داغر : تاج ... مهما كان اللى قالته فهو تخاريف ... كدب مش اكتر
تاج : ماشي هى بتكدب .. قولى انتى الصدق .... مين اللى قتل بابا
داغر بصراخ : معرفش ... محدش يعرف
حدقت به بصمت
تاج : يعنى مش انت ؟؟؟
تجمد بمكانه يطالعها بدهشة و صدمة
داغر : انا ؟
تاج : ده اللى هى قالته .... ومش كده وبس
داغر بغضب : و قالت ايه كمان ؟ اشجيني
تاج بغضب و حزن : قالت انك بتستغل وجودي هنا فى انك توصل لشريك بابا
اكفهر وجهه و تحول للون الاحمر اثر غضبه .... صدقت بتلك النقطة ... نعم هو فعل ذلك لكن رغب ايضاً بحمايتها ... يخشى عليها ممن حاولو إلحاق الضرر بها
لاحظت توتره و تبدل ملامحه لتشعر بها كخنجر مسوم يطعن قلبها
تاج برجاء : مش صح ؟ كلامها مش صح مش كده ... قول انه كدب
مسح على وجهه بتوتر ... اى ورطة تلك قد وقع بها ... سيريها الجحيم ذاته يقسم انه سينتقم من تلك الحية
داغر : مش صح ... انا فعلاً كنت عارف ان باباكي له شريك و كنت عايز اوصله و لو انتى افتكرتي حاجة ممكن تساعديني .. بس مش ده السبب الرئيسي .. تاج انا حبيتك من قبل ما اشوفك فى المستشفى ... يمكن اول مرة احكيلك عن ده .. لكن كنت دايماً بشوفك فى احلامي ... كل يوم كل حلم ... سنة كاملة كنت بشوفك يومياً ... اتعلقت بيكي لحد ما شوفتك فى الحقيقة و قربت منك ... فكرة ان حد ممكن يأذيكي كانت بتطير النوم من عيني..... بعدها عرفت مين ابوكي و فكرت انك ممكن تساعديني انى اوصل لشريكه بس مكنش السبب ده هو اللى خلانى اجيبك هنا او ... او انى احبك .. صدقيني
ظلت تحدق بها تحاول رؤية الكذب بعيناه لكن لا .. لم يكن كاذباً .. كم ارتاحت لتلك الفكرة ... لكن ماذا عن امر ابيها ؟
تاج : و بابا؟
داغر بحدة : مش انا
تاج ببكاء و دون وعي : بس انا شوفتك ... شوفتك وقتها .. كنت معاهم .. و شوفته .. شوفته سايح فى دمه
داغر بدهشة : شوفتي مين ؟
تاج : شوفته .. بابا .. كان واقع على الارض .. افتكرت ده بس و ... وشوفتك ... شوفتك واقف قصاده و السلاح فى ايدك
الصدمة شلت حركته يحدق بها بذهول .. هل تستعيد ذاكرتها .. أكانت بنفس المكان حينها ... لكن كيف ؟؟؟؟
لاحظ انهيارها و بكاءها المستمر ليتقدم نحوها يمسك بكتفاها بقوة هامساً بصدق
داغر : و الله العظيم .. اقسملك يا تاج مش انا .. انا مش هكدب .. فعلاً وقتها كنت هناك مع قوة من البوليس .. كنا بنداهم الفيلا ... كان بيعقد صفقة هناك .. وقتها حصل ضرب نار كتير و اكتشفنا تدخل افراد تانية فى ضرب النار ... ساعتها رصاصة طايشة هى اللى صابته مش انا ... اقسملك رغم رغبتي وقتها انى اكون اللى قتلته بس مكنش انا
ظلت على حالها ذاك ليدخلها بأحضانه فيزداد بكاءها و تعلو صوت شهقاتها حتى سمعها من بالخارج ليقتحموا غرفة داغر فزعين فيروهم على هذا الوضع
ريم بخوف : مالها تاج يا داغر ... حصل ايه ؟
ظل على حاله محتضناً اياها يربت على ظهرها بهدوء
داغر : مفيش يا ريم ... ماما ممكن كوباية لمون
حنان بقلق : عيوني حاضر
ريم : طب داغر ... سيبيهالى انا هحاول اهديها ... تعالى يا تاج
داغر بتردد : بس .....
رامي : سيبهم يا داغر هما بنات مع بعض
و اخيراً اخرجها من عناقه و لدهشته تمسكت بريم بشدة لتربت الاخرى عليها بحنان و تخرج كلتاهما من حجرته نحو غرفتهم
بغرفة ريم دلفت حنان اليهم لتجد تاج ما زالت على حالها تبكى بإنهيار .. تقدمت نحوها تحمل كوب العصير لتلقطه منها ريم تقدمه نحو تاج .... شربت القليل منه وسط هدهدة من كلتاهما حتى هدأت قليلاً
ريم : ها ... بقيتي احسن ؟؟
وضعت تاج كفها حول عنقها بضيق لتستشعر قلادته حولها فتترقرق الدموع بمقلتيها
تاج : حاسة بخنقة
نظرت ريم لوالدتها بحيرة ومن ثم لمعت عيناها بفكرة
ريم : تاج .. ايه رأيك ننزل نتمشى شوية واهو تغيري جو
تعلقت انظار الاخرى بها قبل ان تحدجها والدتها قائلة
حنان : ريم متخليهاش تشبط فى الخروج انتى عارفة رأي داغر فى الموضوع
ريم : يعنى هو مش شايف حالتها و بعدين ممكن رامي يجي معانا
ذفرت حنان بضيق ومن ثم اردفت ريم
ريم لتاج : ماشي ؟
تاج بضعف : ياريت
تحركت سريعاً من الغرفة فور موافقة تاج لأخذ الاذن من داغر و الذي وافق بعد عناء
داغر : تتمشو حوالين البيت سمعاني يا ريم متبعدوش عن هنا و تليفوناتكم معاكم ... تاج متغيبش عن عنيكي يا ريم ... رامي ... ميغيبوش عن عينك فااااهم
رامي : فاهم يا اخى فكها عليهم شوية بقى
داغر بقلق و دون اقتناع : ماشي
تم الامر و استعدو للخروج ....فور ذهابهم للخارج شعرت انها تتنفس الصعداء فهاهى حرة ... نعم برفقة ريم و رامي لكن تشعر و كأن مر وقت طويل على خروجها ... اخر مرة كانت برفقته على شاطيء البحر ... شردت تسترجع ذكريات هذا اليوم لترتسم ابتسامة واسعة على محياها لاحظتها ريم لتبادل رامي ابتسامة مطمئنة على حالها
ظلو يسيرون دون وجهة محددة ... ريم تمشي بجوار تاج و رامي خلفهم يتابعهم بعينه .... وصلا لمكان يبدو غير مأهول بالناس بكثرة ليركز انظاره بشدة نحوهم ... استمر هذا الوضع لفترة قبل ان يجد مجموعة من الشباب تقترب منهم ... اسرع بخطاه نحوهم ليجد احدهم قد تجرأ واضعاً يده على خصر ريم لتصرخ بإنفعال و سط خوف و رعب تاج فيتدخل رامي سريعاً بشجار عنيف بينه و بين الشباب ... ليستيقظ بعد لحظات و وسط انهماكه فى الشجار على صرخة ريم بإسم تاج التفت نحوهم ليرى بعينه ريم تفترش الارض بتعب تنظر فى اتجاه اخر ... تتبع انظارها ليجد احدهم يهبط من سيارته السوداء و بمعاونة من اخر كانا قد كبلا تاج وسط تذمرها و تململها و صراخها لكن ضربة احدهم لها على رأسها جعلتها تفقد الوعي ليضعوها بسيارتهم و يهمو بالذهاب بطرفة عين .... كل هذا حدث بلحظات ... ثوان قليلة تسمر بها بمكانه .. حاول النظر لمعالم السيارة فربما تفيدهم لكن كانت بدون لوحة ارقام .... خطفوها .... وضع يده على رأسه بتعب .. فليمت الان بمكانه فسيكون هذا مصيره على ايه حال فور معرفة داغر بالامر
بمنزل داغر
كان رامي ملقي بأعين متورمة و فم نازف فى حين كان داغر يقف امامه يفصله عنه جسد والدته و يد ريم الممسكة بذراعه ببكاء
داغر : و رحمة ابويا ما هرحمك ..... ازاى تسمح انها تغيب عن عينك ... عاملى فيها عشر رجالة فى بعض و بتتشطر على شوية عيال و سيبتهم ليها ... انت غبي .... غبي
نهض رامي بتعب .. يقدر حال صديقه ... اخطأ يعلم ذلك جيداً لكنه لم يشأ ايضاً ان يحدث هذا
رامي : بقولك كان فى ولاد بيتعدو عليهم .. ايه عايزني اسيبهم
داغر بغضب: لا تسيب التانيين يخطفوها .... سيبيني عليه يا امى الله يهديكي
حنان بغضب : كفاية انت وهو ... خلاص اللى حصل حصل .. لازم نهدي عشان نعرف هنعمل ايه
ريم بإنهيار : و الله يا داغر مسكت فيها جامد حاولت اخليهم يسيبوها بس مقدرتش .. مقدرتش ... زقوني جامد و خدوها من ايدي و هى يا عيني كانت مرعوبة و بتصوت
اغمض عيناه بألم ... لا يتحمل تخيلها بين ايديهم .. لن يفكرو بالامر مرتان قبل ان يقومو بقتلها مباشرة ... ياالله
رامي : هنعمل ايه دلوقتى .. عارف انك مش طايق تبص فى وشي ... حقك ..... بس لازم نتصرف
تنهد داغر بضيق يشد على شعره بغيظ و تعب .. اغمض عيناه ثم عاود فتحها
وفجأة هتف بريم
داغر : السلسلة .. كانت لابساها؟؟؟
ريم : قصدك السلسلة بتاعة القلب دي .... اه دي مش بتقلعها خالص
تنهد بإرتياح ليخرج هاتفه ... و اخذ يعبث به لفترة ومن ثم هتف بإنتصار
داغر : لقيتها
قبل ساعة من الان
كانت ممدة على الكنبة الخلفية للسيارة فى حين كان السائق يقودها بهدوء يجاوره نضال مبتسماً بإنتصار ... نظر نحوها بالخلف لتزداد ابتسامته اتساعاً
نضال : و اخيراً وقعتي يا قطة
فى حين كانت هى تستلقي بالخلف تشعر بما حولها لكن لا تستطيع اصدار اى صوت ... صداع رهيب يكتنفها و ألم شديد برأسها .... ألم تعرفه جيداً ... يعنى تذكرها لأمر ما
تستيقظ بتعب .. تفتح عيناها بهدوء .. تحدق بالمكان حولها لتجده مكان غريب
قلبت انظارها بمحيطها فترى نفسها وحيدة مقيدة الايدي و الارجل بغرفة فارغة تبدو نظيفة الى حد ما ... يتواجد بها سرير خشبي بوسط الغرفة
ظلت فترة على حالها هذا دون حراك و قد ادركت حقيقة اختطافها لكن مِن مَن؟
لحظات حتى عرفت اجابة سؤالها ابتسمت بسخرية فها هو خاطفها يدلف الى الغرفة ببطئ مقترباً نحوها .... ومن يكون غيره .... ضحكت بداخلها ... مخطوفة ؟؟؟
تامر : حبيبة ابوها هنا ..... عاملة ايه يا جوجو
تاج ببرود : تامر بيه الحسيني ... خير ؟ ايه سبب الزيارة الكريمة .... ثم اردفت مصححة ... اه سوري ايه سبب الاستدعاء الاجبارى ده ... ايه مشاكل مع ظافر باشا ؟؟؟
تامر : ولا خوف ولا قلق ... جماد بيتكلم ... ساعات بشك انك بنت و بنى ادمة زينا كده
تاج بتهكم : افتكر اخر مرة اتكلمنا فى الموضوع ده كنت معجب جداً بيا
تامر : و مازلت ... بس احياناً ده مينفعش ... يعنى مثلاً انا جايبك هنا كتهديد و ترهيب ... لكن ولا خوفتى ولا اتهددتى
تاج : مظنش ان التهديد و الترهيب ليا ... انت آخدنى كوسيلة بس
تامر بملل : و ذكية ..... العيب الوحيد اللى فيكي بس هو كونك بنت .... له حق ان الموضوع ده يضايق ظافر اوي
تاج : طلباتك ؟؟
تامر : مش دلوقتى.... انتى هتشرفينا لغاية ما اخلص صفقة جيالى كمان شوية ... تخلص و بعدها نتفاهم لانى مش لاقي وسيلة غيرك تساعدنى مع ظافر
ابتسمت بسخرية تحرك يدها و قدمها نحوه
تاج : مش هتفكنى ؟
اعتدل بوقفته ليردف بذكاء
تامر : اسف ... انا مش بالغباء ده .... مجرد ما افكك مش هلاقيكي قدامي
تاج بتهديد : و لا هتلاقي روحك نفسها
تامر بسخرية : اديكي قولتيها بنفسك ...... وانا واحد لسة مشبعش من الدنيا .. يبقى ارمي نفسي فى النار ليه
ومن ثم تحرك وسط ضحكاته خارج الغرفة فى حين نظرت هى فى اثره بحقد
شعرت بجسدها يُحمل بواسطة احدهم ... فتحت عيناها بصعوبة تحاول الرجوع الى حاضرهم مقاطعة سيل الذكريات تلك لتجد نضال يحملها مخرجاً اياها من السيارة ... متوجهاً بها نحو مكان ما ... اغمضت عيناها بتعب لتعود الى الماضى مرة اخرى
صوت صراخ الرجال و النساء بالاسفل انبأها بأن مكان احتجازها ما هو سوي ڤيلا تامر الحسيني .. لكن لما الصراخ ... لحظات حتى استمعت لصوت طلقات نارية بالمكان ... انتفصت من مكانها تتحرك نحو الباب الوحيد بالغرفة بعد نجاحها و بسهولة فى فك قيدها ...... خرجت من الغرفة بحذر و مازال صوت الطلقات النارية بالمكان .... وجدت نفسها بالطابق الاعلى من الڤيلا... نظرت للاسفل لتجد جثث عدة بالمكان بعضهم يخص رجال ببذلات رسمية و اخرى يبدو انهم حراسهم الشخصين ... قلبت انظارها بالمكان حولها لتجد المكان آمن للهبوط ...نزلت من الدرج بحرص لترى المكان هادئ بشكل غير طبيعي ... فجأة سمعت صوت الطلقات النارية مرة اخرى يصدر من خارج الڤيلا ... دق ناقوس الخطر بداخلها يخبرها ان المكان ليس بآمن على الاطلاق ... تحركت بخطى حذرة اعتادتها سابقاً نحو الخارج .. لترى من بعيد قوات من الشرطة يتقدمهم احدهم يراقب المكان بعيون كالصقر ... يبدو غاضباً بشدة و يحتمى بجدار ما و كذلك فريقه .. اما فى الجهة الاخر فكان تامر محتمياً هو الاخر بمكانه و حوله بعضاً من رجاله ... كانت اقرب لجهة تامر لذا فضلت الاقتراب ناحيتهم .... حاولت اكثر من مرة لكن صوت النيران يوقفها فجأة حتى نجحت اخيراً فى الانطلاق نحوهم لكن لُمح طيفها من جهة الشرطة ليطلقو النيران صوبها دون رؤية ملامحها او حتى كونها فتاة .... نجحت فى الوصول لتامر لتجده فجأة يصاب بطلق نارى اردعه قتيلاً بلحظتها فى حين شعرت هى الاخرى بخيط رفيع سائل يهبط على جبينها لتتشوش رؤيتها و تسقط بلا حول ولا قوة بجانب جثة تامر ... عيناها مسلطة نحو وجهة واحدة ....... و وجه واحد ... وجه قائدهم .... داغر
بمنزل داغر
تحرك مغادراً المنزل ليستوقفه رامي
رامي : على فين ؟
حاول داغر تجاوزه متجاهلاً اياه
داغر : سيبني يا رامي دلوقتى
رامي بعناد : مش هتروح فى حتة الا لما تقولى مين اللى لقيتها و ازاى
تنهد بنفاذ صبر ليفسر
داغر بغضب : كنت اديتها سلسلة فيها GPS و الحمد لله انها كانت لابساها .... ممكن تسيبني بقى ألحقها قبل ما يعملو فيها حاجة
رامي : مش لوحدك
داغر : راااااامي ... اختفى من قدامي انا مش ناقصك
رامي بتوتر : يبقى تقولى على المكان اللى رايحو ... هجيب قوة على هناك معانا
اخبره داغر بالعنوان ليهتف بعدها
داغر : ادي العنوان اهو بس انسى انى احط ايدي على خدى و استناهم ...... سلام
ومن ثم و بدون انتظار رده تحرك الى الخارج متجهاً فوراً نحو وجهته وسط بكاء شقيقته و دعاء والدته
بعد فترة وصل الى المكان ليجده مكان معزول تماماً عن العمار بإحدى الوحدات السكنية غير مكتملة الانشاء تحديداً بإحدى الڤلل ...... توقف على مقربة منها ليجد عدداً من الحراس يحيطون بالمكان من جميع الاتجاهات ... لحظات حتى رن هاتفه برقم مجهول ... قرر تجاهله لكن معاودة الهاتف للرنين دفعه للاجابة فربما كان الامر بخصوصها
داغر : ألو
ظافر : داغر باشا .... نورتنا
عقد حاجبيه دون فهم
داغر : مين بيتكلم ؟
ظافر : ظافر معاك يا حضرة العقيد ... والله وجه اليوم اللى بنتكلم فيه اخيراً
اسود وجهه ليضرب بكفه على مقود سيارته
داغر بغضب : حط صباع واحد بس عليها وشوف ايه اللى هيجرالك
ظافر بسخرية : فى الحفظ و الصون ياباشا متقلقش ..... بس ميصحش برضو حضرتك تيجي لحد هنا و متدخلش ... ده حتى يبقى عيب فى حقنا
ابتسم داغر بتهكم
داغر : انت عرفت ..... لا ازااااى و دي تيجي برضو جايلك ... ثم اكمل بتوعد .... جايلك اكيد
ظافر بإنتصار : مستنيك يا باشا
ثم اغلق الخط ليتبعه ترجل داغر من سيارته يسير بغضب و سخط اتجاه المكان المقصود ليجد رجاله يفسحون له الطريق بتشفى ليوصله احدهم لغرفة ما ومن ثم غادر مجدداً للعودة مكانه
دلف للمكان ليجده غرفة عادية تماماً من غرف الفيلا تبدو بأحسن حال بإستثناء خلوها من ايه اثاث .... فور دلوفه للداخل وجدها امامه تستلقي ارضاً بتعب مغمضة العينين ... حاول التحرك بلهفة نحوها لكن اوقفه صوته الخبيث
ظافر : بتمنى تكون جاي لوحدك ... عشان نعرف نتفاهم
التف لمصدر الصوت ليجد رجل بالخمسين من عمره يطالعه بحقد
داغر بإنتباه : اظن ان اللى عرفك بوجودي قرب الڤيلا .. قالك برضو انى لوحدي
اومأ الاخر بهدوء ليردف بنبرة ذات معنى
ظافر : وده المطلوب
ومن ثم ظهر من العدم رجاله يتقدمون فوراً نحو داغر .... ادرك هو ما سيحدث محاولاً الاستعداد لهجماتهم و قد نجح بالبداية لكن بعدها زاد عددهم يكيلو له الللكمات و هو فقط اصبح بوضع الدقلع ومن ثم لمويقوى حتى على الوقوف فخر امامها ارضاً يتلقى الضربات موجهاً انظارها نحوه يندم اشد الندم على غباءه و اتيانه بمفرده فلو كانت معه قوة من الشرطة لاستطاع انقاذها و ليس السقوط ارضاً بجانبها
توقف رجاله بإشاره منه ليبتعدو عنه مغادرين الغرفة فى حين تقدم هو نحوه و انحنى ليصبح بمستواه ... يراقبه بتشفي .. وجهه ممتلئ بالدماء و جسده لا يقوى على الحراك ... ابتسم بشر ليردف بعدها
ظافر : كده نعرف نتكلم ... اعذرني بس انا مش فى عز شبابي و قوتي زيك .. يبقى كده ... ثم اشار لهيأته ... الوضع منصف و عادل
تملمت بمكانها تحاول الحركة بصعوبة ... تفتح عيناها بضعف ... لفتت انتباه الاخر لينظر نحوها يلاحظ استيقاظها فهب واقفاً يردف بفرح
ظافر : و البرنسيس كمان صحت
تحركت انظار داغر بلهفة تحتويها ... يخشى من استيقاظها ذاك ... لا يقوى على الحركة و الدفاع عنها بتلك الحالة .... اغمض عيناه بقوة ومن ثم حاول تحريك اطرافه لكن كل ما حدث هو أنة ألم خرجت منه نتيجة لفعلته تلك
اما هى فأستطاعت اخيراً فتح عيناها تطالع المكان حولها ومن ثم اعتدلت بجلستها لتقع انظارها على مشهدهم ذاك .... ظافر يقف امامها فى حين يرقد داغر بجانبه ؟؟؟ ملقى ارضاً بتعب و دمائه تسيل من كل جانب .... رمشت عدة مرات تحاول استيعاب الامر .... اين هى و ما ذاك الحلم الذي رأته منذ لحظات ... لحظة ... هذا ظافر و بالحلم كان تامر و الان داغر .... اغمضت عيناها بتعب تسترجع المزيد من الذكريات .... احدهم يثبتها ... يقص شعرها بهمجية و تشفى ... فتحت عيناها على صوته
ظافر : تاج ... انتى كويسة يا حبيبتي
فتحت عيناها فجأة تطالعه بدهشة
ظافر بحنان : انتي مش فكراني ... انا صاحب باباكي و شريكه ... ظافر .... مش فاكرة؟؟؟
امالت رأسها تنظر نحوه بدهشة و اعين متسعة ثم سرعان ما حركت انظارها نحو داغر بقلق
ظافر : انا جبته لحد عندك ..... شوفتي اللى حصل لماما و بابا ... وكله بسببه ... هو السبب
نهضت بصعوبة من مكانها مقتربة منهم تنقل نظراتها نحوهم بصمت و هدوء اثار ريبة داغر
توقفت امامهم ... داغر بجانبها فى حين وقفت هى مقابل ظافر
تاج : ماما
ظافر بثبات : ايوة يا تاج .... هو اللى قتلهم ... هو اللى اتخلص منهم ... فكرك انا جبته هنا ليه ... كان لازم تخدى بتارك منه بعد اللى عمله
تاج : تاري ؟ انا ؟
اومأ بقوة لتكمل هى
تاج بضياع : هى قالت انه قتل بابا ..... بس ماما
ظافر مقاطعاً : انا كنت هناك ... قتلها قدام عيني ... و استغلك ... كدب عليكي طول الفترة دي عشان يوصلي ... مبيحبش غير نفسه و بس
خرج صوته بصعوبة
داغر : تاج
توجهت بأنظارها نحوه
تاج : قتلتهم
ابتسم ظافر بإتساع ومن ثم اخفى ابتسامته تلك ليتقدم نحوها بحذر ومن ثم اخرج سلاحه يضعه بكفها .... نظرت نحوه بتساؤل و اعين متسعة ليوضح
ظافر : تارك و لازم تاخديه .... تامر لو هنا مكنش ساب حقك يضيع ابداً
تناولت منه السلاح بصمت ليتحرك هو خطوة الى الخلف مفسحاً لها المكان امام داغر
نظر داغر نحوها بصدمة ... أتصدقه ... تصدق هذا الحقير و تكذبه ...... ظلت تحدق به بثبات ليبادلها هو النظرات
وفجأة حولت انظارها نحو ظافر بإبتسامة .. ترفع بوجهه السلاح ببرود ليحدق بها بصدمة
ظافر : انتى ...... انتى بتعملى ايه ؟؟؟
تاج بسخرية : هو قتل بابا ؟؟ ..... بس ازاى وحضرتك واقف قدامى بنفسك
ظافر بتوتر : انتى بتقولى ايه .. بقولك هو قتل باباكي .. تامر ... وانتى .. انتى كنتي هناك
وضعت السلاح على وضع الاستعداد ليحاول هو الصياح برجاله لتقاطعه
تاج : فكر بس تعلى صوتك ولا تنادي على حد .. الرصاصة ساعتها هتكون فى راسك قبل ما يدخلو
داغر بصعوبة: تاج ؟؟؟
حركت عيناها نحوه بإبتسامة ومن ثم اردفت بسخرية
تاج : داغر ... احب اعرفك .. مشيرة نحو ظافر ..... ظافر باشا البشري ...... ابويا
اتسعت عينا داغر دهشة فى حين توتر ظافر ليردف
ظافر : انتى بتقولى ايه بلاش جنان .. الظاهر الخبطة اللى اتخبطيها و هما بيجيبوكى ليا اثرت على دماغك
ضحكت و ضحكت ... علت صوت ضحكاتها لتملأ المكان .. طالعها الاثنان و قد تأكدا من اصابتها بالجنون
تاج: ده انا هشكر اللى عملوها..... لولا الخبطة دي مكنتش افتكرت اي حاجة
اسود وجهه و اكفهرت ملامحه يطالعها بصدمة وقلق
ظافر : افتكرتي
تاج : افتكرت يا ... يا بابا ....... ها بقى ايه رأيك فى تاج بنتك حبيبتك ... وحشتك مش كده
ظافر بخبث و حنان مصطنع : انت يا بنتى كنتى آ.......
تاج مقاطعة : بنتي ؟؟؟ جديدة دي المفروض تقول يا ابنى .... ولا نسيت
تحولت ملامحه من الطيبة الزائفة الى الغضب ليردف
ظافر بغضب : كفاية بقى ... فكرك هخاف من حتة الحديدة اللى فى ايدك دي ... ثم اردف بسخرية .. ايه هتقتلى ابوكي
تاج بسخرية: تلميذتك يا باشا
ظافر بقلق : نزلى السلاح و بلاش جنان
تاج : قولى سبب واحد يخليني مفكرش اقتلك فعلاً .. اللى عملته فيا زمان ... ومن ثم نظرت اتجاه داغر .... واللى عملته دلوقتى ... انطق ... ثم اردفت بصراخ ...... او على الاقل اديني سبب واحد للى عملته زمان
ظافر بغضب و دون وعي : مكنش المفروض تكوني بنت ... كون انى خلفت بنت كانت غلط فى حقي بس انـ..........
تاج مقاطعة بعذاب: بس انت صححت الغلط ده مش كده ..... امي و قتلتها و كأنها غلطتها هى انها خلفت بنن .. اما انا .. اردفت بسخرية .. فعشت عيشة ولد ... لبسي ، شكلى ، تعاملك معايا ... دربتنى زيي زي رجالتك ... كنت شايفنى شخص ملوش اى لازمة .. حقيقي السؤال الوحيد اللى كان بيبقى دايماً فى بالى ... ليه مقتلتنيش مع امى ..... بعد كده انت اكتشفت انى كنز ..... ثم اردفت بضحك وسط دموعها ... طبعاً افضل آلة قتل نتجت بعد تدريب سنين ..... افضل قناصة عندك .... بنت اتربت على القسوة و الجبروت بتاعك ... هتطلع ايه .. شخصية مش بتحس بأي حاجة .. آلة بتنفذ و بس ... لكن فجأة يحصل خلاف بينك و بين الباشا التاني شريكك .... تامر بيه فاكره .... ابويا مع وقف التنفيذ
ظل داغر يستمع بدهشة ... اعين متسعة و فم مفتوح ... قد نجح اخيراً بالتحرك من وضعيته تلك لكن كلامها اصابه بشلل كامل ... لا يستطيع تخيل حياة مثل تلك ... اهذه تاجه ... طفلته من تتحدث !!!!!!
ظافر : كان طماع ... طمع فى حاجة مش من حقه و بغباءه خطفك
تاج : كان فاكرك رغم قسوتك هتقلق او هتحس بحاجة ناحيتي ... بس زي انت قولت ... غبي ... ومش محتاجة تفكير .. الرصاصة الطايشة و الهجوم اللى اتداخل مع هجوم البوليس ساعتها
ظافر : كان لازم يتربي
تاج : و انا .... بإصابتي بقيت كارت محروق ملوش اى لازمة
ظافر مكملاً : بس للاسف كنتى لسة عايشة .... قولت يمكن استفاد منك ... لكن ..... ثم اردف بغضب ..... تفوقى و انتى عبارة عن عروسة متحركة .... مش فاكرة اى حاجة ... مجرد طفلة ملكيش اى لازمة
تاج بإبتسامة : طفلة ملهاش اى لازمة ... لا و المفاجأة انى بقيت بنت تامر
وجه انظاره نحو داغر مشيراً نحوه بسخرية
ظافر : الباشا بتاعك كان بيحوم حواليا ... كان لازم حاجة تلهيه
تاج بغضب و صراخ : و تعيشني بذنب جرايمك انت و شريكك ...... بس ملحوقة .... كل حاجة هتنتهى دلوقتى
ظافر بقلق و خوف : بلاش جنان يا تاج ... انا مهما كان ابوكي .. مش حلوة فى حقك انك تقتلى ابوكي بإيديكي
حاول داغر استغلال انشغال ظافر مع تاج بأن يستجمع قواه فهو لا يستطيع التحمل اكثر من ذلك .. لا يصدق كم المعلومات التي عرفها عن تاجه .. طفلته من قاست كل ذلك بمفردها .. في لمح البصر نهض داغر وهجم علي ظافر ... دخل في عراك محتدم لكنه ليس بقوته المعهودة .. تتخلل لكماته بعض الوهن والضعف .. حتى تمكن ظافر منه يثبته اسفله يقبض على عنقه بقوة قاطعاً انفاسه
مازالت علي وضعها وذاكرتها تعرض عليها اول يوم اصطحبها ظافر ليدربها علي الرماية .. اول مرة تُوضع امام هدف ... اول مرة يصرخ فيها
ظافر :تااج .. اضربي الناار
تتوالي الصور و الذكريات ... تتشوش الرؤية أمامها ويبقي للصوت في عقلها
.......... :اضربي النار
في لحظة اختفي الضباب و التشوش من ذاكرتها لتظهر صورة واحدة تمثلت فيها الحب والأمان والاحتواء و طفولتها الضائعة .. صورة .. داغر
استجمعت قواها وافاقت من غيبوبتها المؤقتة لتجد داغر مطروح أرضاً ومن فوقه ظافر يقبض علي عنقه .. رفعت سلاحها فوراً دون تردد واطلقت النار .. لتخترق الرصاصة رأس ظافر من الجانب
خاتمة رواية الداغر - النهاية
ظلت تحدق امامها بصدمة فى حين سقط جسد ظافر على داغر المذهول من مجرى الاحداث ..... سمع ارتطام جسدها بالارض لينفض جسده الاخر و يتحرك نحوها بصعوبة ليراها تجلس ارضاً قد سقط سلاحها من يدها ارضاً تحدق نحو جثة ظافر بصدمة .... توجه نحوها لينحني فيصبح بمستواها محتضناً اياها ... ترتجف بين يديه بقوة ... كل هذا كان بعد ثوانٍ قليلة من مقتله ..... ظل محتضناً اياها .. ظهره يواجه الباب فى حين كانت عيناها التائهة بإتجاهه .... شعر بتصلب جسدها بين يديه ليبتعد عنها يرى ما بها .... وجدها مثبتة عيناها على الباب التق نحوه ليرى نضال ينظر اليهم بأعين متقدة موجهاً سلاحه نحوهم ... اتسعت عينا داغر ليحيط تاج بجسدة يحميها منه بقلق ... يستعد لتقبل مصيرهم ... سمعا صوت طلقة نارية اننفضت بأحضانه على اثرها لكن لم يكن هو الهدف .. التفت سريعاً للخلف ليجد نضال ملقى ارضاً ليجد خلفه عمر يوجه سلاحه نحو نضال
بعدها وجد احدهم يكبله من الخلف ليقتحم افراد الشرطة المكان فى حين شعر بإرتخاء جسد تاج بين يديها لينظر نحوها بفزع فيجدها قد غابت تماماً عن الوعى
داغر بفزع : تاج ؟؟؟ تاج حبيبتي فوقى ..... تاااااج
دلف رامي الى الغرفة ليجد جثة كلاً من ظافر و نضال ارضاً فى حين كان صديقه ينزف بشدة محتضناً تاج بين يديه
حين شعر داغر بوجود رامي معه صرخ به
داغر : انت واقف تتفرج ... اطلب الاسعاف فوراً او ساعدني ننقلها على المستشفى
استيقظ رامي من دهشته تلك ليتحرك نحوهم سريعاً معاونا اياه على نقلها لأقرب مشفى
وصلو جميعاً الى المشفى لينتظر هو بالخارج فى حين اخذتها الممرضات نحو حجرة الفحص ... ظل رامي برفقته ليجد كلاً من ريم و حنان قد تبعوه الى هناك
ظلت فترة بالداخل وسط قلق الجميع و محاولة رامى لاقناعه بتلقي العلاج ليهتف به بنفاذ صبر
داغر بصراخ : رامي حل عني دلوقتى انا مش طايق نفسي و لا شايف قدامي
بعد فترة خرج الطبيب من الداخل ليهرع اليه الجميع و داغر بمقدمتهم
داغر بأمل : خير يا دكتور ... هي كويسة مش كده ؟
تنهد الطبيب بقلق ليردف
الطبيب : الحقيقة الحالة مش سهلة و واضح ان لها تاريخ طبي عشان كده لازم اتكلم مع حد من عيلتها او اى شخص يعرف بحالتها الخاصة
دهش الجميع من حديثه فلا احد على علم بوضعها الطبي سواه ليهتف بنفاذ صبر
داغر : انا خطيبها و المسئول عنها ... واعرف كل حاجة عنها
الطبيب : حيث كده بقى فياريت حضرتك تيجي معايا على مكتبي محتاج نتكلم على انفراد
داغر بقلق : يعنى هى دلوقتى كويسة ؟؟ فاقت ؟؟
الطبيب : حالياً هى كويسة و كلها شوية وقت و تفوق .... بس زي ما قولت لازم نتكلم عشان اللى بعد كده
تنفس الجميع الصعداء لكن ما زال الامر يؤرقه فهناك حديث لم يُقال
التف رامي ناحيته يخبره بضرورة الذهاب لمتابعة القضية فها هو قد اطمأن على حالها ليومأ له داغر بصمت و قد انهكه تعب جسده و ارهاق اعصابه
داغر : تمام يا رامي روح انت و خد ماما و ريم معاك .... همو بالاعتراض ليردف ... من فضلك يا امى من غير اعتراض انا مش قادر اصلب نفسي اصلاً ... روحو انتو دلوقتى و تعالو بكرة الصبح و جيبو معاكم هدوم ليها واضح ان القعدة هتطول هنا
حنان : ماشي يا ابني بس عشان خاطرى خلى حد يشوفك و يداوى جروحك دي و لو احتاجتنى انا موجودة تليفون منك و هتلاقيني عندك
اومأ بتعب لتتحركا نحو الخارج فى حين امسك داغر بذراع رامي
داغر : رامي ... فى واحد من رجالة ظافر ساعدنا و هو اللى ضرب نضال بالنار عشان ينقذنا ... عايزه يطلع منها و تبعتهولي على هنا .... لازم افهم منه حاجات كتير
رامي : ماشي .. بس حاجات ايه اللى هتفهمها منه
داغر : عايز اعرف ايه اللى حصل بالظبط اليوم ده .. يوم قتل تامر و ايه دخل ظافر فيه ... اتقال كلام كتير و كله ملغبط عندي
رامي : تمام متقلقش..... هطير انا بقى
داغر : ماشي ...... شكراً يا رامي ... بجد شكراً و اسف على اى حاجة صدرت مني
رامي بحب : انت اتهبلت يالا .. احنا اخوات ... ربنا يقومهالك بالسلامة
داغر بدعاء : يااااارب
ومن ثم تحرك رامي مغادراً فى حين اتجه داغر الى الغرفة الموجودة بها تاج ليدلف الى الداخل فيجدها تفترش الفراش بصمت مغمضة الاعين ليتذكر فوراً اول مرة رآها بالمشفى
تقدم نحوها اكثر يجلس بجانبها و يمسك بكفها بقلق مقبلاً جبينها بهدوء لتفاجئه هى بفتح عيناها تنظر نحوه بضياع
تاج بتشوش : داغر
داغر بفرح : قلبه من جوة ... ومن ثم وزع القبلات على وجهها بإشتياق ..... حمد الله على سلامتك يا قلبي ... حاسة بأيه ....تعبانة ؟
زوت جبينها تتذكر ما حدث لتترقرق عيناها بالدموع قبل ان تنهض بفزع محدقة بوجهه الدامى ... لمست وجنتيه بقلق
تاج : داغر ... وشك ... انت متعور ... احنا فين و ايه اللى حصل ؟؟
داغر بإبتسامة: انا كويس ... كلنا كويسين متقلقيش كل حاجة انتهت خلاص مفيش خطر بعد كده
تاج بتوجس : و هو .... ظافر ... مات ؟
اومأ بقلق لتذفر بإرتياح ادهشه
تاج : متبصليش كده ... ظافر كان اسوء شيء حصل ليا فى حياتى
داغر : قد كده شوفتى منه ؟
تاج بحزن : ياااااه ... كتير ... لما تكون صغير مش واعى لاي حاجة حواليك واول حقيقة تعرفها هى ان ابوك قتل امك و بسبب ايه .. بسبب كوني بنت مش ولد .... ولا لما تتعامل نفس معاملة الولد و تتعزل فى اوضة لوحدك متخرجش منها غير لتدريبه الخاص ... ابتسمت بسخرية ... تدريب على السلاح و الدفاع عن النفس و غيره و غيره ... لما تكون بنت لسة بتشوف الدنيا و تفقد اكتر شيء بيميز اى بنت ... ثم تلمست شعرها ... شعري ... كان دايماً يقصه .. افتكر ان عمر شعرى ما وصل للطول ده ..... و حاجات كتير اوي اتحرمت منها ... كنت ساكتة عشان مدوقتش طعم الحب و الحنان ولا شوفت الدنيا ... بس معاك و مع ريم وماما و رامي .. شوفت الحياة حواليا ... عرفت اد ايه انا كنت فى عالم اسود ميستحملهوش بشر
كانت تبكى مع كل حرف يخرج منها و تسرد به ما عانته منذ طفولتها ليحتويها بين احضانه يشد عليها بقوة آلمتها لكن ألمها ذاك لا يعد شيئاً مما قاسته
رفعت يداها تطوق خصره بقوة تدفن رأسه بصدره لتنعم بدفئه
داغر : لا واضح ان الوضع عاجبك اوى ... الحقيقة انا معنديش اي مانع نفضل كده بس تخفي ايدك شوية عشان غالباً اتكسرلي كام ضلع كده
ومن ثم تأوه بوجع لتسرع بالابتعاد عنه تطالعه بقلق
تاج : طب خلينا نروح نشوف دكتور بسرعة ... يلا بينا
همت بمغادرة فراشها تمسك بكفه ليتبعها لكن بحركة بسيطة منه ارجعها له هاتفاً بحب
داغر : اهدي يا بنتي و بلاش حركة انا كده كده كنت رايح بس حبيت اطمن عليكي الاول ... على فكرة ماما و ريم جم من شوية بس انا خليتهم يروحو و يجو بكرة ... و رامي كذلك
تاج : احسن كده بلاش نتعبهم ... بس ليه بكرة هو احنا مش هنروح ... انا بقيت كويسة .. ثم اكملت بفزع ... ولا انت موجوع اوي ... يارب ميكونش فى حاجة خطيرة
داغر ناهضاً : متقلقيش مش للدرجة دي بس خلينا نطمن برضو منعرفش الظروف ... يلا هروح انا وانتى حاولى تنامي شوية ماشي
تاج بقلق :طب اجى معاك عشان اطمن
لثم جبينها بقبلة مُطمئنة ليردف بإبتسامة
داغر : قولت ناااامي ... وان شاء الله مفيش حاجة
اومأت على مضض ومن ثم تحرك هو الى الخارج بينما مازالت تنظر بإثره بقلق و خوف من مصابه
خرج من الغرفة ليتوجه لمعالجه جروحه سريعاً ومن ثم تحرك نحو غرفة الطبيب ... طرق البا ليسمعه يسمح له بالدخول
الطبيب : اتفضل يا داغر باشا
تحرك للجلوس ليهتف
داغر : خير يا دكتور .. طمني
تنهد الطبيب ثم اردف
الطبيب : حالة الانسة معقدة شوية.. يعنى حضرتك اكيد عارف بأمر الرصاصة المستقرة بين الفصين الايمن و الايسر فى الرأس
اومأ داغر بهدوء ليكمل الاخر
الطبيب : طبعاً استقرار الرصاصة بالوضع ده خلا موضوع اى عملية جراحية صعبة جداً بسبب مكانها الخطير لكن .. الظاهر ان كان بدأ بعض الاعراض الجانبية انها تظهر زي مثلا صداع جامد على فترات و استرجاع بعض من الذاكرة ... و اخيراً و حسب الاشعة اللى قدامي واضح انها اتعرضت لاكثر من ضربة بالرأس و للاسف ده ادى لتحرك الرصاصة من مكانها 1 سم ..... و بكده اصبح الموضوع اخطر و لازم له عملية جراحية
رمش عدة مرات يحاول استيعاب تلك المعلومات
داغر : لحظة .. حضرتك بتقول عملية ... بس كلام الدكتور اللى كان متابع حالتها قال انها مش هتحتاج
الطبيب : استاذ داغر ... هى فعلاً مكنتش محتاجة .. بس تفتكر ان من الطبيعي الانسان يعيش برصاصة فى راسه .... اللى حصل انها عاشت بيها فترة و اللى كان متوقع يحصل هو ظهور بعض الاعراض الجانبية اللى ممكن تستحملها و ممكن لا
داغر بفزع : تقصد انها هتتعرض للاثار دي و حياتها هتكون فى خطر
الطبيب : ده اللى كان هيحصل لو الرصاصة متحركتش من مكانها... وضعها الحالى افضل و اسوء فى نفس الوقت ... افضل لاننا ممكن نتخلص من الرصاصة بعملية جراحية و تعيش بأمان بعدها و اسوء لانها عملية خطيرة جداً
داغر بخوف : و نسبة النجاح
الطبيب بهدوء : 40%
اتسعت عيناه بخوف و فزع لفكرة فقدانها ...... ظل يحدق بالطبيب بشرود .... هل يمكنه المخاطرة و الموافقة على قيامها بتلك الجراحة ام ........ ام ماذا ؟ لا خيار امامه سواه
داغر : ولو معملتش العملية ؟
الطبيب : للاسف حالتها حالياً متسمحش بالاحتمال ده
داغر بخوف : يعنى هتـ.........
لم يستطع نطقها ... فهم الطبيب سؤاله ليومأ له بهدوء
استأذن للمغادرة ليخرج من غرفة الطبيب نحو غرفتها فيجده امامه
عمر : داغر باشا .. حضرتك طلبتني
جوابه كان لكمة وجهها نحوه فجأة ليسقط الاخر ارضاً .... انحنى نحوه يكيل له اخرى و اخرى .... وسط استسلام تام من الاخر ... ليسمعه يصرخ
داغر بصراخ : مين اللى عملها ... انطق ... مين اللى عملها
قالها وسط لكماته المتتالية حتى تدخل بعض الممرضين لابعاده عنه..... حاولو نقل عمر لمكان اخر لعلاجه لكن اوقفهم صراخ داغر و كونه متهم لديه لذا عاد كل شخص لعمله خوفه من سلطته
امسك بعمر ليجلس و يجلسه بجانبه
داغر : انطق و قول مين اللى عملها
عمر بخوف : عمل ايه يا باشا و عزة جلالة الله ما اعرف تقصد ايه
داغر : هتستهبل يالا .... مين اللى ضربها بالنار ليلتها ... انطق ... قووووول
عمر بقلق : مين ؟؟ تاج هانم
داغر : امال مين ياروح امك ... اتنيل قول ... انت كنت هناك و نقلتها المستشفى ... اكيد شوفتها
عمر بخوف : ياباشا آ.......
داغر : قول احسن و رب الكعبة ل........
عمر بقلق : ياباشا مش هيغير حاجة معرفتك باللى عملها .... الهانم ان شاء الله تقوم منها بالسلامة
داغر بغضب : مش انت اللى تقول هيغير ولا لا ..... انطق بدل ما ألبسك مصيبة تقضي بسببها باقى سنين عمرك فى السجن
عمر : لا ياباشا ابوس ايدك انا عندي عيال بربيهم
داغر : يبقى تنطق
ابتيلع الاخر ريقه بتوتر ليردف بعد صمت
عمر : سعادتك
داغر : نعم ؟؟؟
عمر بخوف و ترقب : انا كنت هناك ساعتها ... جنب تامر الحسيني و لقيتها حاية جري ناحيتنا ... ساعة ضرب النار ... ساعتها محدش لاحظها غير سعادتك و ...... و بعدها سعادتك عارف اللى فيها ..... انا لقيت حضرتك ضربت بمسدسك ناحيتنا و وقتها الرصاصة صابتها
تجمد مكانه ...... ينظر نحو عمر بصدمة ... ملامحه لم تتغير وكأنه لم يستمع لكلمة واحدة مما قالها الاخر ... يحاول تذكر الاحداث وقتها .... نعم كان بجهة هو وقوته و بالجهة الاخرى كان تامر مع رجاله ... نعم تذكر رؤيته لطيف احدهم يعدو اتجاه جهة تامر ... اطلق النيران ظناً منه انه احد رجاله لكن لم يكن ظنه بمحله ........... هى ........ كانت هى حبيبته ..... هو من اصابها برصاصته الطائشة ... كان هو سبب لمعاناتها الكبرى ... هو السبب الرئيسي بوضعها الحالى و سيكون سبباً ايضاً بما ينتج عنه
ابتلع عمر ريقه بتوتر و ظل يحدق بداغر ليجده شارداً بعالمه الخاص .. استغل الوضع ليطلب منه السماح بالمغادرة و حين لم يجد منه اي رد .. تصرف بمقولة " السكوت علامة الرضا " ليتحرك بخفة مغادراً المكان
فى حين كان هو مازال بملكوته الخاص و الذي افاق منه فجأة ليتحرك برتابة نحو غرفتها
دلف الى الداخل مرة اخرى ليجدها تغفو بهدوء تام ... مستغرقة بالنوم و على وجهها ابتسامة صغيرة ... وجهها الملائكي يبدو صافياً تماماً سوى من بعض الجروح اثر خطفها وما الى ذلك
فجاة ركع على ركبتيه بجوار فراشها يمسك بكفها بقوة .... ومن ثم اخفض وجهه ارضاً لتصدر منه همهات غير مفهومة لتستيقظ هى اثر ذلك الصوت
عقدت حاجبيها باستغراب من جلسته تلك .. تمد كفها الاخر تمسد به رأسها بحنان ... رفع انظاره نحوها و هالها ما رأت ...... داغر حبيبها ... بطلها المغوار .... فارسها الشجاع .. يبكي !!!!!! بل منهار من البكاء ..... ظل ينظر نحوها بعيونه الباكية ..... يحدق بكل انش بوجهها ...بينما كانت تحدق به ببلاهة و خوف ... إن كان مصدر قوتها يبكى بضعف امامها اذاً ما حالها هي .... من تستمد منه رغبتها بإكمال حياتها برفقته.. يبكى ... اذاً من اين لها الرغبة بإستكمال ما هو آتٍ ... مدت كفها تمسح دموعه لتتبعها اخرى و اخرى
تاج بخوف و فزع : داغر ... فى ايه ؟ ... ايه اللى حصل ؟
ظل على جلسته تلك يرفع رأسه يحدق بها بصمت و ... بكاء
تحركت من فراشها تهبط منه لتجلس ارضاً فتصبح بمستواه
تاج : داغر ابوس ايدك قولى فى ايه ... حاجة حصلت لماما ولا ريم ؟؟
حاول التماسك امامها ليردف بصعوبة
داغر : متقلقيش هما كويسين
تاج بقلق : اومال فى ايه ... طمني يا داغر انا هموت كده
داغر بسرعة و بصراخ : بعد الشر .... متنطقيش بأم الكلمة دي قدامى انتي فاهمة ... انتى مش هتموتى و لو حصل فأنا هسبقك
مدت كفها تلمس وجنتيه بحنان
تاج : طب خلاص اهدى عشان خاطرى و قولى مالك ؟
امسك بكفها بين يديه ليردف
داغر : انتى عارفة الدكتور قالي ايه عن حالتك
تاج : مهما يقول مش مهم ... ثم بإبتسامة رقيقة .... ايه هموت يعنى ؟؟؟
داغر بغضب : تاني يا تاج
تاج بمرح : خلاص .. خلاص هسكت اهو بس قول
داغر بحزن : قال انك محتاجة عملية جراحة عشان يخرجو الرصاصة من راسك
استقبلت الامر بهدوء ازعجه لتردف بضحك
تاج : ياااه وعشان كده زعلان .... طب ما ده احسن ولا عايزنى افضل برصاصة فى راسي طول عمرى
داغر : العملية مش سهلة
تاج : ماما حنان سبق و قالتلى ان محدش بيموت ناقص عمر ... لو طلعت منها سليمة يبقى ده مكتوبلى و لو محصلش فده قدر ربنا
داغر بندم و بكاء : مش عايزة تعرفى مين اللى اتسبب فى وضعك ده ؟؟ مش عايزة تعرفى مين اللى صابك يومها
ظلت تحدق به بسكون لترتسم ابتسامة غامضة على شفتاها ومن ثم احاطته بذراعيها بقوة تضم جسدها ناحيته
تاج بحنان : عشان كده بتعيط ...... عرفت ؟؟
حدق بالفراغ بدهشة ليبعدها هنا هاتفاً بها
داغر : كنتي عارفة ؟
ابتسمت بإتساع لتومأ هاتفة
تاج : يوميها شوفتك قبل ما اتصاب ... كنت واقف متعصب مع القوة بتاعتك ... كان شكلك حلو اوي ... خطفتنى اول ما لمحتك ... شوفتك بعد ما جريت ناحية تامر وانت بتضرب نار ناحيتي بس محسيتش بالرصاصة الا بعد ثواني و وقعت على الارض و عيني كانت لسة عليك .... اخر حد شوفته كان انت .... ثم اردفت بمرح ... يمكن عشان كده كنا بنشوف بعض فى احلامنا
داغر بدهشة : بنشوف بعض ؟؟؟ يعنى مكنش انا بس
تاح :تؤتؤ ... انا كمان .. فاكر الحلم بتاع البحر .... انا كمان شوفته
داغر بدهشة : و المكان الضلمة
تاج مقاطعة بمرح : لما اتكلمت ومكنتش سامعني ... ايوة ايوة انا يا بيه
داغر بفضول وقد راقه مزاحها : كنني بتقولى ايه بقى ؟
ضحكت بمرح لتردف بعدها
تاج : بعينك لو عرفت
داغر برفعة حاجب : بقى كده ؟؟؟
تاج بمرح : و ابو كده كمان
داغر : ومالو .... ومن ثم اخرج هاتفه من بنطاله ليجرى اتصالاً ما .... رامي ... عايزك بكرة تطلع على السجل المدنى تستخرج شهادة ميلاد تاج و بعدها على اى قسم تعملها بطاقة ... اشتغل وسايط او رشاوى ميهمنيش المهم بكرة على العصر تكون عندي ببطاقتها و شهادة ميلادها و اتنين من صحابك و طبعاً ريم و ماما .... واهم حاجة ..... ثم التفت نحوها ليجدها تطالعه بتساؤل ليكمل .... و أهم حاجة تجيب المأذون فى ايدك ... بكرة كتب كتاب اخوك على الانسة تاج ظافر البشري
جاء اليوم التالى لينتصف النهار و مازال هو برفقتها بالمشفى لم ينفصل عنها س
حتى وقت النوم ... غفت بأحضانه ... و باليوم التالى تم الامر كما اراد و تم عقد القرآن وسط ذهول البعض و فرحة البعض الاخر فى حين شعرت تاج و كأنها بحلم من احلامها و ها هو شريكها المعتاد متواجد معها بصحبته بعض الضيوف
انصرف الجميع بعد تهنئتهم ليبقى كلاً منهم بغرفة تاج .... كانت تنظر ارضاً بخجل فى حين كان هو يراقبها بإبتسامة واسعة ... تحرك ليجلس بجانبها على الفراش انتفضت فور شعورها به بجانبها لتتحرك نحو اخر السرير مبتعدة عنه
رفع حاجبيه بسخرية
داغر بغيظ : يعنى بتبعدي بعد ما بقيتي حلالي وكنت بتترمي فى حضني فى الحرام
اتسعت عيناها دهشة لكلمته تلك
تاج : فى الحرام ؟؟؟
داغر بندم : ادي اخرة البراءة ... انا عارف انها هتيجي على دماغى فى الاخر ... تاج يا حبي متعلقيش على كلامى الله يهديكى و تعالى قربي هنا
تاج بقلق : اقرب ليه ؟
داغر : حسبي الله ... يابنتي هو انا هاكلك .. ماانتى كنتي نايمة فى حضنى امبارح
تاج : و اديك قولتها .. حرام
تحرك نحوها بسرعة لتهبط من الفراش تتراجع للخلف بتوتر
داغر : تاج بلاش جنان ... قربي هنا ... يابنتى انتى حلاااالى دلوقتى افهمى بقى
اقترب منها اكثر لتعود هى الاخرى بخطوات سريعة الى الخلف حتى ارتطمت بالجدار خلفها ليبتسم بخبث محيطاً اياها بذراعه
تاج بتوتر : داغر اعقل ... احنا فى المستشفى
داغر : المفروض انك متعودة ... دي المستشفى تعتبر بيتك التاني
تاج : حد يدخل علينا
داغر بلهفة : قافل الباب متقلقيش
تاج : داااغر بقى
داغر مقترباً من شفتيها : ششششش ..... انسي داغر ده دلوقتى
ومن ثم غابا بقبلة لم يقطعها سوى دخول رامي فجأة هاتفاً بصراخ
رامي : لا بقى كده كتير ماهو مش انت تتجوز و تعيش حياتك وانا افضل زي قرد قاطع كده ... جوزني اختك ياعم بقى
ابتعدت عنه تلكزه بكتفه هامسة بخجل
تاج : ده اللى قافل الباب
داغر بهمس هو الاخر : وانتى زعلانة انه دخل ولا اننا وقفنا اللى بنعمله
زاد احمرار وجهها بسبب وقاحته تلك ليجد الاخر يصرخ بغيظ
راني : يا بنى ادم انت عبرني و رد عليا و سيبك من الاخت مراتك ... عاااايز اتجوز يا ناااااس
التفت نحوه يردف بغيظ
داغر : باللى انت عملته ده انسي انك تتجوز اختى
رامي : لا يا شيخ .... شوف بقى و النعمة الشريفة ان ما وافقت على خطوبتنا بعد عملية تاج و قومانها بالسلامة لكون خاطف اختك ... لا خاطفها ايه هكون خاطفهم الاتنين ... ريم و تاج
اختفت ابتسامته فور ذكر رامي لعملية تاج لتلاحظ صمته المريب ومن ثم تفهمته لتربت بعدها على ذراعه مبتسمة بوجهه بحنان
جاء يوم العملية ليستعد الجميع من بينهم داغر و الذي كان يعاونها بإرتداء رداء المرضى المخصص للعمليات ... انتهى منه ليقف امامها محدقاً بها بقلق وخوف .. فى حين كانت هى تجلس على الفراش يمسك بكفيها بقوة
تاج بإبتسامة : متقلقش .. هتعدي و هرجعلك بإذن الله
داغر بأعين دامعة : ان شاء الله ... ثم انحنى قليلاً ليكون وجهها مقابل وجهه .... هتعدى من كل ده و هترجعيلي ..... هترجعلى مراتي و بنتي و اختى ... هترجعيلي عشان نبتدي حياتنا سوا .. بعيد عن الماضى بوجعه و تعبه ... هترجعى عشان نكَون عيلتنا الخاصة ... نفسي فى اطفال كتير اوى منك .. نفسي فى بنت ... امنيتي انى اشوف نسخة مصغرة منك ... تاج .. انتى احسن حاجة حصلتلي فى حياتى .. متحرمنيش منك .. خليكي قوية للاخر
سحبت يدها بهدوء لتحيط وجنتيه .. تنظر بعينيه بثبات
تاج : قوية معاك و بيك ... هرجعلك ... بإذن الله هرجعلك
انهى حديثه معها ليودعها بعناق اودع به كل مشاعره و قلقه فى حين بادلته هى عناقه ذاك بتوتر ... تخشي موتها و تركه وحيداً فقط تركه خلفها هو ما يقلقها لكن ... واجهت الكثير و الكثير و تلك الخطوة ما هى سوى عقبة صغيرة سيجتازوها معاً
وقد حدث
مرت العملية بسلام بعد قلق و توتر استمر لساعات و بعدها خرجت من غرفة العمليات امامهم ..قبل نقلها الى غرفة العناية المشددة يستقبلوها جميعاً بالفرحة و البكاء فى حين انحنى نحوها يقبلها من جبينها و قد سقطت دمعة وحيدة من عيناه لم يلحظ سقوطها احد سوى وجنتيها و اللتان استقبلت دمعته بإحتواء ليهمس لها
داغر : حمد لله على سلامتك يا تاجي ... شكراً لرجوعك ليا
و من ثم تحركت الممرضات بها نحو غرفة العناية المشددة ليلتف كلاً من حنان و ريم و رامي حول داغر يهنؤه على سلامتها و رجوعها اليهم
بعد مرور ثلاث سنوات
تجلس تاج علي الشاطئ الذي شهد علي أول رقصة لهم .. خفضت بصرها لتضع يدها علي بطنها الكبيرة نسبياً معلنة أنها تحمل الثمرة الثانية لعشقهما .. رفعت نظرها لتطالعه بحب .... زوجها .. حبيبها ... حاميها ... داغر
كان يلاعب ابنتهما علي الشاطئ .. تكاد تجزم أن تلك الفتاة ولدت لتكون حورية بحر وكيف لها الا تعشقه و تألفه وهو الشاهد علي لقاءات والديها الحالمة .. تأملت داغر في حب و امتنان .. كم تغير داغر من اجلها .. تخلي عن عمله في الميدان وأصبح يُدرب الفرق الجديدة حتي يملك وقتاً اكثر لأسرته و لكي يطمئنها هى عليه
نظر اليها داغر لينزل ابنتهما علي الرمال تلعب فيها بمرح بينما هو اتجه نحوها .. تاجه... كانت ومازالت طفلته الحبيبة .. لا يصدق انها بحوزته .. تشاركه أيامه ولياليه .. أفراحه ومآسيه .. هي من دخلت أحلامه لتتسلل الي عقله وتسيطر علي أفكاره واخيراً تعلن نفسها ملكة علي عرش قلبه .. متأكد هو أن حبه لها لن يضعفه سن ولا شيخوخة بل كلما يزيدها العمر تجعيدة سوف يُقبلها ويحمد الله علي أعظم نعمة في حياته .. تاجه
جلس بجانبها ليلتقط كفها ويلثم باطنه ويسأل في جدية زائفة
داغر :اومال فين رامي وريم وازاي يا هانم يا محترمة تسيبهم لوحدهم
ضحكت ملاك لتضربه ضربة خفيفة في كتفه
تاج :حرام عليك ... يعني متجوزين بقالهم سنتين وكمان ريم حامل و انت برضو بترخم عليهم .. ضحكت لتكمل ..دا رامي هيطق منك
ضحك داغر ليجذبها فيستند ظهرها علي صدره ليحيط بطنها بيديه ... وضعت تاج يدها علي يديه لتهمس له بحب
تاج :هنسميه ايه ؟
ادعي داغر التفكير ليقول بعبث
داغر : هنسميه فضة
نظرت اليه تاج شزراً لتقول بحنق
تاج : فضة؟؟ مش كفاية بنتك ماسة .. يعني تاج .. و ماسة .. وفضة ليه هنفتح محل جواهرجي
ضحك داغر كل قلبه فهو يعشق مشاكستها من الحين الي الاخر .. حسناً هو يعترف في كثير من الأحيان ... لكنه يعشق تلك الحمرة التي تشعل وجنتيها من الغيظ
تاج :هي فين ماسة صحيح ؟
داغر :بتلعب هناك اهي
تاج :طب قوم اتطمن عليها وهاتها تلعب جنبنا
نهض داغر ليجد ابنته ترسم شيئا في الرمال .. نظر إليه ليبتسم ويستدعى تاج .. يشير لها لتأتي اليهم
نهضت تاج بتثاقل لتتجه ناحيته وهي عاقدة حاجبيها في تساؤل .. لم يتكلم داغر بل اشار الي ما رسمته ماسة .. نظرت تاج الي الرسمة لتقف بجانبه وتطبع قبلة علي وجنته .. أحاط داغر بخصرها يتأملها بحب و عشق هي وابنتهم .. فما رسمته ماسة لم يكن ببساطة الا ..
تاج.
تمت بــحــمــد الله