الفصل الثامن عشر "18" من رواية عشق بقلم الكاتبة عفت بشندي
رواية عشق الفصل الثامن عشر 18
انتهت رقصة محمد وعشق.. تركته لتجد احمد يشير اليها.. ذهبت اليه وجدته مع عادل..
احمد:
- فاكرة عادل ولا لا
عشق:
- طبعا فاكراه.. اهلا بيك
عادل:
- اهلا بيكى.. عاملة ايه دلوقتى.. جيتلك لما تعبتى بليل
عشق:
- لا والله.. اسفة على تعبك
عادل:
- تعب ايه عيب عليكى دا احمد اغلى عندى من اخويا.. اعرفك بمريم.. بنت اخويا.. اكبر منك بسنة ونفس الجامعة
نظرت عشق لمريم.. فتاة تقارب عشق فى العمر ذات قوام متناسق ووجه مريح محبب وترتدى حجابا رقيقا
- اهلا بيكى يا مريم ..
واخذتها عشق وجلستا سويا.. انها مرحة جميلة الروح.. احبتها عشق فورا واحست انهما ستكونان صديقتين
كان محمود يجلس وحده سارحا.. لا يدرى ماهية احاسيسه وسبب اضطرابها هذه الفترة.. وجد من يتنحنح وراءه..
- عشق
- ايوة.. اسفة انى ازعجتك
- لا خالص
- لا ازاى .. دانا جبتك من اخر بلاد الدنيا
- مش للدرجادى.. كنت بفكر ف حاجة للشغل
- هو حياتك كلها شغل يبنى
- يعنى.. شغل وشوية رياضة بسيط.. والكوخ
- اولا بلاش كدب.. رياضة بسيط ايه شكلك رياضى.. ثانيا انا جايالك بخصوص الكوخ
- ماله
- زعلان منك
- هو مين
- الكوخ يبنى ركز
- هههههه.. انا اللى اركز.. ماشى.. وزعلان ليه
- لانه باه كرمة وانت لسة مسميه كوخ
- قصدك انك...
- ايوة.. خلصته.. وصممت اخلصه انهاردة عشان يكون شكر ليك انك ساعدتنى نفرح احمد
نظر لها وسرح بخياله.. انها تسبر غوره بكل كلمة ونظرة وفعل.. لا يصدق بعدما رأى فى حياته ان هناك من هى بهذه الرقة والشفافية والتلقائية والصدق.. والجمال ايضا.. جمالها اخاذ رغم بساطته ورقته.. وحتى شقاوتها تضيف لها جاذبية اكبر.. احس انها تمثل خطرا على مشاعره
- هاى.. روحت فين
- معاكى.. طيب اشوفه امتى
- هروح وتحصلنى بعد دقيقة واحدة
وذهبت سريعا.. وانتظر هذه الدقيقة بصعوبة بالغة.. ثم ذهب وراءها
دخل الكوخ.. فلم يتعرفه.. انها صنعت منه شيئا آخر.. اقل ما يوصف به انه خلاب.. زينت الجدران بالورود وزرعت وسطها اضاءة رقيقة.. وضعت الادوات على منضدة مجهزة راقية.. وخلفها كرسي مريح مصنوع بطريقة فنية مبدعة.. ويمكن تحويله الى "شيزلونج" ايضا.. كما وضعت على الجانب اريكة تتحول الى ارجوحة.. وشيزلونج آخر هزاز على الجانب الآخر.. مع اضافة الورود الى كل ذلك وتوزيع الاضاءة بطريقة مريحة وبدرجات متفاوتة.. كما صنعت رفوفا فى احد الزوايا وضعت فيها كل التحف الكاملة بطريقة تظهر جمالها وبتركيز اضائى عليها بالوان مختلفة
انبهر محمود.. وظل يتأمل كل ركن بتعن.. انها اهتمت بكل التفاصيل حتى الصغير منها.. لم يتخيل ان تكون النتيجة بهذه الروعة..
- هااااه.. ايه رأيك
- رأيي ف ايه
- ف الكرمة.. او الكوخ
- كدة هيزعل منك..
- ههههههههه.. لا بجد.. ايه رايك
- ماينفعش
- هو ايه اللى ماينفعش
- ماينفعش اقول رأيي ف الروعة دى.. مفيش اى كلام يوافى الجمال دا حقه
- عجبك بجد
- عجبنى وبس.. دا بقى زى ما بيقول الادباء "واحة غناء".. بس فيه عيب واحد
- ايه
- مش هعرف اعمل حاجة هنا.. هقعد اتأمل فيه ولا هركز
- لااااا يا باشا.. ماهو الشرط نور.. الكرمة دى كدة لازم يطلع منها تحف احلى من الاول.. والا مجهودى يبقى ضاع هدر
- اكيد هيطلع احلى من الاول.. بس دا لو وافقتى تبقى شريكتى فيه
- شريكتك؟؟ انا؟؟
- اه.. تقبلى تشاركينى ؟؟
- بس انا مش بعرف اشتغل الشغل دا..
- هعلمك.. وبنظرتك الفنية اللى عملت الكوخ كرمة.. اكيد الشغل هيطلع احلى
- نجرب
- اتفقنا
لا يعلم محمود لماذا طلب منها ذلك.. لكنه يريدها بقربه.. يريدها ان تشاركه فى صنع احب الاشياء اليه
- محمود.. بكلمك.. مالك انهاردة
- معلش سارح ف الكرمة
- ههههههههه شااااطر.. انسي باه اسم الكوخ دا.. المهم.. مكتبك كمان خلص
- بجد.. دانتى قلتى لسة اسبوع
- امال.. احنا رجالة اوى.. وكمان عشان اقضى مع احمد اليومين الجايين قبل سفره.. شوفه باه بكرة وبلغنى رايك
- اتفقنا
- هروح اشوف احمد باه.. سلام
تركته وذهبت.. ظل يتأمل ف الكرمة.. ووجد انه لن يستطيع الانتظار حتى الصباح.. فتسلل واخذ سيارته وذهب للشركة..
عادت عشق للحفل سعيدة بفرحة محمود.. لتجد ماجدة تعترض طريقها
- الحفلة جميلة يا عشق
- ميرسي لحضرتك
وكانت ستكمل طريقها الا ان ماجدة اوقفتها
- عشق.. عاوزاكى شوية
- عاوزانى انا؟؟
- ايوة.. عاوزاكى.. عاوزة اقولك ما تزعليش منى
نظرت لها عشق بتعجب وصدمة
- انا عصبية معاكى واوقات بضايقك.. بس صدقينى غصب عنى.. مش هحكي قصة زمان تانى واكيد مامتك حاكياهالك من وجهة نظرها.. ومش هبررللك لانك مش هتقتنعى.. ودا حقك.. دى مامتك.. بس اعذرينى ف انى كنت بعاملك عدوة
- طب وايه اللى جد
- اللى جد انى لقيتك كويسة وذوق ومؤدبة.. لمت نفسي كتير وقلت مالكيش ذنب فعلا اعاملك وحش ليه.. عشان كدة ايه رأيك.. نبتدى صفحة جديدة سوا
توجست عشق منها ريبة.. لكنها قالت:
- مفيش مشكلة يا طنط.. نبتدى كراسة جديدة مش صفحة بس
- ههههههه.. دمك شربات.. خلاص اتفقنا حبيبتى.. اروح اشوف ضيوفى باه
وتركت عشق فى حيرتها.. وذهبت ولم تدر ان هناك عينان كانتا تراقبان حديثهما..
كانتا عينا محمود مفتوحتين على اتساعهما.. وهو يشاهد ما فعلته عشق بمكتبه..
بالطبع راعت انه مكان عمل.. لكنها صبغت المكان بالراحة والتفاؤل والجاذبية.. واستغلت كل ركن بطريقة منظمة ومريحة للغاية.. وبالطبع نثرت زهورا بطريقة خلابة راقية اضفت بهجة واناقة ايضا
ظل محمود يتأمل المكان لا يصدق انها استطاعت فعل كل ذلك فى تلك المدة القصيرة.. جلس على المكتب ليجد براويز متطابقة لصور افراد عائلته.. جده وابوه واخوه وزوجته واولاده.. بالاضافة الى برواز فارغ.. امسكه وتأمله.. انه تحفة هو الآخر .. لم تترك اى شئ دون ان تضفى عليها لمستها الخاصة.. التى تجعل المكان يدخل القلب.. ويستحق العشق..
بقلم الكاتبة عفت بشندي
حين عاد محمود للمنزل كان الحفل قد انتهى.. وعشق تتابع مع العمال ازالة اثاره..
- عشق
- نعم.. محمود.. ايه يبنى كنت فين.. اختفيت فجأة ودورت عليك ف كل حتة حتى الكرمة مش لقيتك
كانت تتكلم بعفوية شديدة.. وقد اسعدت كلماتها محمود..
- كنتى بتدورى عليا؟؟
انتبهت عشق لكلماتها .. واحست بالخجل.. واصطبغ وجهها بالاحمرار
- ايوة.. اقصد.. اصل كان احمد.. يعنى استغرب.. وكان عاوزنا نتصور معاه
ابتسم بحنو لتلعثمها وخجلها.. واراد اخراجها من الحرج
- ماقدرتش استنى.. روحت اشوف المكتب
- هاه.. عجبك
- انتى عاوزة الشركة تفلس.. صح؟
- انا؟؟؟ ليه
- ماهو لا انا هعرف اشتغل ولا حد من العملا هيركز ف شغل والمكتب بالروعة دى
- يا اخى خضيتنى.. بجد عجبك كدة
- راااااائع.. ما تخيلتش الجمال دا
كان يقول كلماته تلك وهو ينظر لها.. فتخضب وجهها خجلا مرة اخرى
- طيب تمام.. خفت ما تحبوش
- انا فعلا ما حبتوش.. انا عشقته
احست عشق ان ضربات قلبها كالطبول وخافت ان يسمعها
- طب اسيبك باه واطلع انام.. تصبح على خير
- استنى هنا احنا هنخم
- ههههههههه بتردهالى؟؟
- لا بجد.. مش قلتى لو عجبنى مكتبى هتعملى ديكور باقى الشركة
- اه
- طيب.. هسيبك لحد ما احمد يسافر.. وبعدها هخصصلك مكتب وتعملى جناح جناح من الشركة.. وعلى مهلك مش هستعجلك زى مكتبى
- اتفقنا.. انا بحب الشغل دا اوى
- ماهو دا كمان عشان تكونى معايا ف اى اوراق تحتاج امضتك
- بردو.. مانا قلتلك مفهمش ف الحاجات دى
- هتمضى بس.. ومش عاوز مناقشة.. واتفضلى باه نامى انتى تعبتى اوى.. تصبحى على خير
لا تعلم لم لم تجادل كعادتها.. بالعكس فقد فرحت انها ستكون بجواره
- وانت من اهل الجنة.. زي ما يويو بتقولى
- مين يويو
- ماما راوية.. كانت دايما تقولى كدة
تركته وذهبت.. وهو يحسدها على تلك الام الرائعة
تكمله الفصل الثامن عشر
فى الصباح التالى اجتمعوا جميعا على مائدة الافطار.. ترتسم على وجوههم البهجة.. ويتبادلون الحديث عن حفل اليوم السابق
محمد:
- عارفة يا بت يا عشق.. انتى غيرتى جو البيت خالص.. مليتيه بهجة كدة
عشق:
- ربنا يخليك يا اونكل.. اصبر بس وانا هشهيصكم
محمد:
- ادينا معاكى اهه ومسلمينلك نفسنا
ماجدة:
- اه والله يا اوشة
تعجب الجميع حديثها.. عدا محمد الذى ابتسم بسخرية.. وعشق التى اجابتها:
- ميرسي يا طنط دا من ذوق حضرتك
ثم خرجت عشق مع اخيها وذهبت نادين وابناها الى الحديقة..
ماجدة:
- البنت دى تدخل القلب اوى يا محمد.. ومضايقة انى زعلتها..
لم تجد ردا من محمد.. فاكملت..
- عاوزة اراضيها باى شكل.. شوف فرحتنا كلنا ازاى.. محمود.. ساعدها يا حبيبى وصون فلوسها احسن حد يطمع فيها..
كان العجب يظهر على وجه محمود فى ارتفاع حاجبه بتساؤل.. لكنها لم تلتفت له واكملت:
- وهخلى فادى يخلى باله منها بردو ف الجامعة ويوديها ويجيبها
فوجئت بمحمد يقهقه ضاحكا.. فنظرت له بغضب:
- فى ايه يا محمد.. هو كلامى فيه حاجة تضحك؟
محمد:
- فيه انك مفقوسة اوى.. زيادة عن اللزوم
ماجدة:
- مفقوسة؟؟ مفقوسة يعنى ايه
محمد:
- يعنى حركاتك واضحة.. وسمعتك امبارح وانتى بتكلميها.. وبقولك بلاش
ماجدة:
- بلاش ايه.. انى اتعامل معاها كويس؟
محمد:
- لا يا ماجدة .. بلاش ترسمى على فلوسها
ماجدة:
- فلوس ايه.. وايه جاب سيرة الفلوس
محمد:
- معاملتك معاها ماتغيرتش الا لما عرفتى بورثها.. ومن بعدها وفادى ملقح جتته عليها.. انتى فاكرانى مش واخد بالى ولا ايه
ماجدة:
- ملقح جتته؟؟ دا بدل ما تشكره انه مهتم بيها
محمد:
- ومن امتى ابن اختك جدع؟؟
ماجدة:
- يا محمد انت كدة دايما.......
قاطعها محمد:
- ماجدة.. اوعى تفتكرى ان حوارات زمان اتنست.. حوارات زمان فيها ظلم واجرام وموت يا ماجدة.. يعنى استحالة تقبل امها ان البنت ترتبط بحد تبعك.. وهى عارفة ان دمكم كله حقد وكره وشر
محمود:
- موت؟؟ موت ايه يا بابا
ماجدة بثورة:
- ابوها مات من الزعل يا محمد.. مليش دعوة .. ليه بتعاملنى على انى قتلته
محمد بثورة مماثلة:
- وانتى لما تروحى لواحد عنده جلطة المستشفى وتهدديه وتعرفيه انك فضحتى بنته وحرمتيها من ابنها وخربتى بيتها وشردتى ابنه ولبستيه قضية.. دا ما يبقاش اسمه قتل
ماجدة:
- كنت بحافظ عليك.. كل حاجة عملتها كانت عشانك.. عشان احافظ عليك.. عشان بحبك
محمد:
- وانتى تعرفى تحبى بكل الجرايم دى.. السواد دا ما يجتمعش مع الحب ف قلب بنى ادم ابدا.. ما تكدبيش على نفسك.. انتى طول عمرك مش هامك غير الفلوس.. ما بتفكريش ف اى حاجة غيرها.. وعشان ما نفضلش ف الجدال دا كتير.. ابعدى ابن اختك عن عشق.. واذا كان على التوصيل انا جبتلها عربية خلاص
ماجدة بغل وحقد:
- جبتلها عربية.. لبنت الخدامين.. وهى عندها الفلوس دى كلها كمان بتديها من فلوسنا
محمد بابتسامة مشمئزة:
- عرفتى باه انك لا اتعدلتى ولا نيلة.. اه جبتلها عربية.. ولو زودتى يا ماجدة هتنازلها عن ميراثى كله.. وانتى عارفة كلمتى عمرى مارجع فيها
وتركها ودخل غرفة مكتبه.. اما هى فامسكت باحد الاكواب بغل فانكسر فى يدها.. فرمته وخرجت من غرفة الطعام
لم يلاحظ كلاهما الصدمة على وجه محمود..
قاد محمود سيارته.. يشعر باختناق شديد.. فك رابطة عنقه.. واغلق هاتفه.. لا يعلم ما به.. وجع شديد فى قلبه يوجعه..
وصل مكتبه واغلق الباب عليه ورفض ان تصله اى اتصالات او مقابلات.. وبدأ يحدث نفسه..
- مالك يا محمود.. فيك ايه.. مانت عارف انك المفروض ادام الناس ابن ماجدة.. اتفاجئت ليه انهاردة.. ليه حاسس ان جرح زمان بيتفتح.. ماهى عشق بتكلمك وتتعامل معاك كويس.. الله..
وبدأ صوت آخر داخله يرد عليه..
- وايه يعنى حتى لو ما كلمتنيش..
- بس انا كنت بدأت افرح تانى .. خصوصا لما اشوف ابتسامتها..
- محمود.. لتكون حبيتها.. ما ينفعش.. دانت ابن ماجدة وهى بنت راوية
- معرفش ان كنت حبيتها ولا لا.. ومعرفش ان كنت بعرف احب اصلا ولا لا.. بس برتاح فى وجودها.. وصحت كتير كان ميت جوايا
- الا دى.. دى المستحيل بعينه
- انا تعبت.. ومحتاجها
- ابعد يا محمود.. ابعد احسنلك
وظل الصراع دائرا داخله
افاق محمود من تفكيره على طرقات على مكتبه..
- ايه يا محمود قافل تليفونك ليه
- معلش يا بابا.. كنت بفكر ف حاجة
- عارفها..
- نعم.. عارف ايه
- عشان خناقتى مع امك.. صدقنى...
- لا يا بابا خالص.. مشغول بحاجة ف الشغل بس
- ما تزعلش منى يابنى .. بس البنت امانة
- مفيش حاجة يا بابا والله
- طب ايه باه الجمال دا.. مكتبك باه تحفة فنية
- اه شكله باه حلو اوى
- شكلى هغير منك واخليها تعملى مكتبى انا كمان
وجدا طرقا على الباب.. كانت السكرتيرة..
- محمد بيه.. فادى بيه مستنى حضرتك ف مكتبك
- طيب جاى..
ثم التفت الى محمود
- هروح اشوفه عاوز ايه واسيبك لشغلك
- هاجى معاك
ذهبا لمكتب محمد.. سلما على فادى .. وجلسوا جميعا
فادى:
- ازيك يا اونكل اخبارك ايه
- انا كويس .. بس مانت كنت معايا امبارح
- انا جاى لحضرتك عشان حاجة تانية
- ايه هى
- ممكن الاول تتصل بدكتور احمد تجيبه
- ليه
- عشان عاوزه ف موضوع يخص اخته
- موضوع ايه
- اكيد واضحة يا اونكل.. انا معجب بيها من اول يوم شفتها فيه
كان محمود يجز على اسنانه وان كان وجهه جامدا كالعادة
- هى بنت فعلا كويسة اوى.. كلنا حبيناها يا فادى.. بس مش فاهم تقصد ايه
- ازاى باه يا عمى.. دى واضحة.. عاوز اتقدملها اطلب ايدها من دكتور احمد
- تتقدملها؟؟
- اه .. وايه المشكلة
- مفيش مشكلة.. بس البنت مخطوبة.. انت ما تعرفش ولا ايه
كانت الصدمة جلية على وجه فادى.. كما كانت ظاهرة على وجه محمود لكنه اخفاها سريعا
- لا يا اونكل معرفش
- مخطوبة لابن خالتها.. ودا من فترة.. لولا وفاة باباها كانوا لبسوا الدبل من بدرى..
قام فادى مصدوما مهموما..
- اوكى ميرسي يا اونكل..
- العفو على ايه يا حبيبى.. معلش خيرها ف غيرها.. لو ماكانتش مخطوبة صدقنى كنت جوزتهالك وجبتلكم فيلا هدية
- شكرا يا اونكل.. عن اذنك
خرج فادى ليضحك محمد ملء شدقيه.. ونظر لمحمود المتجهم وهو يضحك
- ايه يا محمود.. مالك.. شفت وش فادى وهو خارج .. ههههههههه ههههههههه
- معلش يا بابا عندى شغل مهم واتاخرت..
وخرج سريعا مغلقا الباب.. وقلبه وروحه معه
فى اليومين التاليين اختفى محمود.. كما لم تبرح ماجدة غرفتها وان لم يلاحظها او يهتم بها احدهم.. لكن اثناء تناول الطعام كان محمد واحمد يتساءلان عن سر اختفائه واغلاق هواتفه.. ولم تجد عشق بها شهية للطعام..
خرجت للحديقة تفكر لم لم يعد يشاركهم الطعام.. لقد تعودت وجوده واحست باشتياق له.. ودون ان تشعر قادتها قدماها الى الكرمة.. تشعر ان روحه بها.. كما انه المكان الذى يشتركان فيه وحدهما.. دخلت الكرمة لتجده بها.. احست بالفرحة..
- محمود.. انت هنا.. كنت مختفى ليه
- مختفى ازاى ..
- مش بتيجى تاكل معانا ولا تقعد زى الفترة اللى فاتت
- مشغول بس
- طب مانت هنا اهه
- انتى كنتى عاوزة حاجة يعنى
احست بالاحراج ..
- لا ابدا.. بس استغربت وقلت اسال عليك
- متشكر اوى.. بس الفترة دى مشغول مش هقدر اجتمع معاكم على الاكل
- محمود .. مالك.. فى حاجة
- حاجة زى ايه
- متغير
- لا عادى
- عموما براحتك.. مش هتعمل تحف جديدة طيب
- لا
- ليه
- لانى مش عاوز.. وعندى شغل كمان ومش فاضى
- شكلك مش طايق تتكلم.. انا اسفة
- مفيش اسف.. على فكرة الفترة دى هقعد هنا ف الكوخ ..
- مفهوم.. من غير ما تقول مش هاجى تانى
- انا ماقلتش كدة
- مش محتاج تقول
وخرجت سريعا حتى لا يرى دموعها
عفت بشندي
فى اليومين التاليين كان احمد قد انهى جميع اجراءات سفره.. وحمل الخدم حقائبه ووضعوها فى السيارة.. واجتمعوا جميعا لاول مرة منذ فترة لتوديعه.. كانت نادين تبكى وكذلك الاولاد
احمد:
- يا نادين هنزل كل اسبوعين تلاتة صدقينى
نادين:
- هتوحشنى اوى .. خلى بالك من نفسك
ماليكا:
- حلى بالك من نفسك وهاتلها شوكولاتة وانا كمان
احمد:
- ههههههههه.. طيب بتعيطى ليه
ماليكا:
- عسان نادو بتحيط احيط معاها.. وانت كمان مس هتحيط
احتضنها احمد بحب.. والتفت الى مالك..
- خلى بالك من ماما وموكا ومن عمتك كمان
كان مالك يشبه محمود كثيرا.. صلب وقوى يخفى مشاعره خلف جدار قوته..
- ما تخافش يا بابا وراك راجل
قبله احمد والتفت الى ابيه..
- هتوحشنى يا بابا
محمد:
- تروح وترجع بالسلامة يا حبيبى
التفت الى محمود الذى عاد الى جموده واكثر من ذى قبل.. بل وزاد على ذلك انه سارح معظم الوقت..
- هتوحشنى يا محمود.. سايبلك المرادى حمل كبير
محمود:
- ما تقلقش.. تروح وترجع بالف سلامة
اقترب احمد من عشق.. يرى الحزن والشرود الباديان على وجهها.. ارتمت بين يديه.. تريد ان تبكى.. تحتاجه فى هذا الوقت فهى لا تعرف ما بها وما يؤلم قلبها.. تحتاج احتضانه لها وان يستمع كعادته لكل ما تقول دون ترتيب او صياغة ليرتب هو لها افكارها ويعيد لها هدوء روحها
- برنسيستى ماتعودتش اشوفها كدة.. طول عمرك جامدة وقوية وشقية.. اوعى اشوف حزن ف عينك يوم.. دا عهد اخدته ادام عمى رمزى الله يرحمه.. ولا عاوزانى اخلف عهدى
ابتسمت عشق بصعوبة:
- تروح وترجع بالسلامة يا احمد
احمد:
- احمد بس.. مفيش حبيبى ولا ابو حميد
حاولت الابتسام مرة اخرى لكن دموعها غلبتها.. فارتمت ف حضنه باكية..
لم يستطع محمود التحمل.. فقال:
- هسبقك انا احضر العربية
فى المطار.. احتضن احمد اخاه الاصغر وقال:
- محمود.. انا عارف انك ادها وادود.. بس معلش اوعدنى
- اوعدك بايه يا احمد..
- تخلى عشق ف عنيك.. ما تخليش حد يقرب منها ولا يضايقها.. اعتبرها امانة منى.. ولولا ثقتى فيك ما كنتش خليتها تقعد ف القصر وانا مسافر
- ما تقلقش يا احمد.. عشق ف عنيا
واحتضنا بعضهما.. وسافر احمد..
اعتصمت عشق بغرفتها بعد سفر احمد.. كانت تنزل للجد صباحا للتمرين ساعة فقط.. وفقدت جزءا كبيرا من روحها المرحة.. ولم تقبل بالغرفة الجديدة التى اعدتها ماجدة بامر من محمد.. وتحججت بسفر احمد وكى تكون مع نادين والطفلين
كانت حياتها تسير على وتيرة هادئة روتينية.. تذهب للجامعة احيانا.. او تقابل مريم وتجلسان سويا.. وتعود للمنزل للمذاكرة واللعب مع ولدى اخيها.. مع احاديثها مع امها التى لا تنقطع بالطبع.. وقد احست راوية باختلاف عشق.. لكنها اوعزت ذلك الى سفر احمد وان تكون عشق قلقة من ماجدة او عودة هايدى..
بعد اسبوع طلبها محمد.. نزلت فوجدته هو ومحمود..
- نعم يا اونكل
- انتى مخاصمانا ولا ايه
- لا طبعا.. مقدرش
- امال لا بتنزلى ولا بتاكلى معانا.. حتى قهوتك حرمتينى منها
- انشغلت بس ف المذاكرة
احاط كتفيها بذراعه محتضنا لها..
- طب فى حد زعلك.. قوليلى وانا اجيبلك حقك
- لا والله يا اونكل.. بس حضرتك عارف نادين تعبانة ومش بتتحرك كتير وانا امتحاناتى قربت
- بس كدة يعنى
- اه بس كدة
- كدااااابة
- انا كدابة؟؟ ليه بس
- لان إش إش اللى اعرفها مش هادية ولا طيبة كدة
- يعنى انا شريرة
- ههههههههه ههههههههه.. لا شقية ودمك عسل .. وحشتنى شقاوتك ولماضتك
- لا خلاص نرجعلهم .. ما نقدرش على زعل محمد باشا الغمرى
- لا باه.. بيعجبنى اسم الشاطر محمد اكتر
ابتسمت عشق فاحتضن محمد وجهها بيديه وقال بحنو:
- اوعى تخلى الابتسامة الحلوة دى تغيب ابدا
- حاضر يا اونكل.. هروح اعملك القهوة
- لا تعالى الاول.. محمود عاوزك
ارتعش جسدها وانتفضت عروقها حين قال ذلك.. فالتفتت له ببطء ونظرت بشموخ وقوة
- نعم
- فى شوية ورق محتاجين امضتك ضرورى
- اوكى .. فين هما
- اتفضلى
اختطفت الورق منه سريعا.. واعطاها قلما ذيلت به الاوراق بتوقيعها..
- فى حاجة تانى
- لا خلاص.. كدة تمام
التفتت عشق لمحمد..
- هستأذنك يا اونكل
- استنى هنا.. كنت سمعت انك هتتولى ديكورات الشركة.. انتى بتهربى من كل حاجة كدة
- لا خالص انا فعلا حضرت افكار.. شوف حضرتك تحب ابدأ امتى واوريك الافكار دى
- محمود هو المسئول ظبطى معاه
قالت عشق وهى مولية ظهرها لمحمود
- الجزء بتاعه خلص.. دلوقتى هبتدى ف الجزء بتاع حضرتك.. ولو عجبك هكمل على نفس النظام.. استاذنك اعمل القهوة
كان محمود ينظر لها بغيظ.. فقد تجاهلته وهمشته تماما واحرجته امام والده
- محمود فى ايه
- فى ايه ازاى
- انت ضايقتها ولا ايه
- ابدا يا بابا.. شدينا مع بعض ف اراء
- يبقى عشان كدة البنت مضايقة
- معرفش.. ومش فاضى يا بابا ليها.. عندى شغل.. عن اذن حضرتك
وخرج بعصبية.. فارتسمت ابتسامة مشاغبة على وجه محمد..
- شكل الحكاية صح يا محمد.. زى ما توقعت
- عشق الفصل التاسع عشر 19 أضغط هنا
- ليصلك أشعار بالفصول الجديدة انضم إلينا عبر التليجرام أضغط هنا