الفصل الثالث "3" من رواية حكايات اربع بنات للكاتبة عفت بشندي
رواية حكايات أربع بنات كاملة |
حكايات أربع بنات الفصل الثالث 3
فى اليوم التالى وصلت حنين عملها لتجد مجدى ينتظرها
- صباح الخير على قمر المكتب
حنين بجدية: صباح الخير يا استاذ مجدى.. بعد اذن حضرتك مليش ف الكلام دا
مجدي سريعا: كلام ايه.. هو انا لسة قلت كلام.. على فكرة انا نقلت مكتبك جنبى
حنين بضيق: ليه انا كنت حابة مكانى
مجدى بهمس: عشان تبقى حنبى واقدر اقولك كل اللى انا عاوزة.. ما تتخيليش ارتاحتلك اد ايه
حنين باسلوب حذر: يا ريت فعلا استفيد من خبرات حضرتك كلها ف الشغل..
مجدى مقتربا منها ومكملا بهمس اكثر: وف الحياة كمان
حنين بغضب مكتوم: لا حضرتك ف الحياة دى انا استاذة واديت دروس لناس كتير خليتهم كرهوا نفسهم.. عن اذنك اشوف شغلى
مجدى بسخرية: ههههه.. يمكن
تركته لتفتح حاسوبها بعنف.. كنوع من التحذير الخفى له.. ولكن كانت هناك عينان تراقبان الموقف بنظرة قناص
عند زهرة.. كان فوزى كالعادة يلتهمها بعينيه.. وكانت تبتسم له برقة على غير عادتها.. مما جعله يظن انه قاب قوسين من امالتها له.. ليجد فجأة باب المحل يفتح وتدخل منه يسرية.. زوجته التى تنافسه ف الحجم ان لم تزد عليه.. بالاضافة لقصر قامتها وحبها للملابس المزركشة بكثرة واحمر الشفاة القانى
يسرية: حبيبى فرحتنى اوى.. ما تتخيلش سعادتى انهاردة
فوزى بدهشة: فرحتك بايه
يسرية: لما بعتلى الرسالة وقلتلى انك وافقت امسكلك المحل دا.. اصلا لما كنت بزن عليك اساعدك كان عينى عليه.. وانت حسيت بيا يا روحى
زهرة بحماس: نورتينا يا مدام يسرية.. استاذ فوزى دايما يقول انتوا محتاجين يسرية اكتر واحدة بتفهم ف العطور وتركيباتها
نظرت له بحب: ربنا يخليك ليا يا روحى
قالت كلماتها وارتمت بين يديه.. لينظر من خلفها بتوعد لزهرة التى كانت تكتم ضحكاتها بصعوبة..
ضحكت حنين ملء شدقيها حين حكت لها زهرة ما فعلته..
- يا بنت اللذينا.. وعملتيها ازاى دى
- ملين ف كوباية الشاى الاصطباحة.. قعد ف الحمام نص ساعة وزيادة.. وموبيله كنت مراقباه وعارفة باسوورده.. وعارفة انه مسمى مراته الغفير فرغلى.. وانها بتزن عليه تشتغل عشان زهقانة وهو مش عاوز.. بعتلها رسالة انا وافقت يا روحى انك تشتغلى.. مايهونش عليا زعلك.. وهمسكك محل العطور.. مستنيكى يا حبيبتى
حنين ونفسها يكاد يختفى من الضحك: يا بنت اللذينا .. وهى صدقت
زهرة بغضب: يا بنتى دى هتموت على كلمة منه.. رجالة مش نضيفة يدوروا برة ويحرموا مراتاتهم
حنين مكملة ضحكها: طب خلى بالك.. مش هيعديها بالساهل.. دا بيحاول من سنة تيجى تقفليهاله كدة
زهرة بحماس: لا وايه.. قفلة نهائى.. هتبقى هى اللى معايا ف المحل بقى سواء جه او لا
حنين ضاحكة بشدة: وربنا انتى مصيبة
زهرة بتفحص: طب بما انى ضحكتك بقى.. مالك من امبارح.. فى حاجة ف الشغل
حنين: مانتى عارفة.. كل خرابة بيطلعلى فيها عفريت..
زهرة بحماس كون حنين بدأت تحكى: وانتى احسن واحدة تصرفى عفاريت.. احكيلى حصل ايه
حنين بضجر: مديرى.. زى فوزى كدة.. مستعبط ومستحلى نفسه.. وشكلى مش هكمل يومين ف ام الشركة دى.. بعد ما فرحت انها بالمجهود مش الواسطة
زهرة بحماس: مش نون حبيبى الجامد اللى يستسلم وتقول اسيب الشغل
حنين بايضاح: يا بنتى هو جرئ اوى وانا بالى مش طويل
زهرة: تجنبيه قدر الامكان.. ولو......
قاطعها دخول باتسى.. التى دخلت يظهر على وجهها الاجهاد الشديد.. وارتمت على اقرب اريكة ممدة قدميها..
حنين بعنف: داخلة على كفرة لا سلام ولا كلام وقلنا حرة ومش عاوزة الثواب.. لكن رجلك ف خلقتنا ليه يا منكوشة هانم
باتسى باجهاد: بليز حنين.. انا سو تايرد مش قادرة لخناق كل يوم
حنين بقلق حقيقى: ايه دا مالك
زهرة بنفس القلق: فى حاجة حصلتلك
باتسى بقوة كأنها تنفى تهمة: نونونو خالص.. دا.. دا الجيم.. اتهديت فيه بس.. انا هقوم انام..
زهرة بسرعة: طب كلى حاجة الاول
باتسى وتكاد تنام واقفة: نو انا محتاجة انام بس.. جود نايت
دخلت غرفتها واغلقت الباب خلفها.. نظرت كل من حنين وزهرة لبعضهما بتعجب..
فى اليوم التالى.. لم تسلم حنين من حركات مجدى.. وكانت تحاول التجاهل بقدر الامكان.. حتى انه بدأ يفقد اعصابه..
بعد استراحة الافطار خرجت حنين خمسة دقائق.. فاوقفها مجدى امام الجميع وقال بصوت عال: الهانم كانت فين
حنين بدهشة: نعم؟؟ ايه هانم دى؟؟
مجدى بانفعال شديد: امال اقولك ايه.. وانتى تالت يوم ليكى انهاردة وكل شوية برة ولا اعرف بتروحى فين ولا لمين
حنين بانفعال اشد: يا ريت حضرتك تتكلم باسلوب محترم
مجدى بغضب شديد: نعم.. وانتى هتعلمينى اتكلم ازاى
حنين وقد ارتفع صوتها: اه اعلمك واعلم اى حد.. اولا ماسميش هانم.. اسمى استاذة حنين.. ثانيا ايه بتروحى لمين دى.. انا لا اسمحلك ولا انت ولا اى حد يتطاول عليا
مجدى بسخرية شديدة: لا والله ما تعلمينى كمان نظام الشغل
حنين بسخرية اكبر: فعلا حضرتك محتاج تتعلم.. حاضر.. يا استاذ مجدى لو موظف عندك غلط المفروض تعاقبه ف اطار العمل اما بانذار او خصم او حتى رفد.. غير كدة مش من حقك
مجدى وقد بدأ يهتز: وهو جزاتى انى مش عاوز اقطع عيش حد
حنين بنفس السخرية: فعلا؟ ما تقطعش عيش حد انما تتطاول وتزعق وتلمح تلميحات مش كويسة.. صح..
مجدى ملوحا بطريقة مسرحية: حقيقى خير تعمل شر تلقى
حنين بهدوء: انا لا عاوزة خير ولا شر.. عانلنى ف اطار الشغل بس.. عن اذنك
واتجهت لمكتبها بهدوء وسط نظرات تشف وانتصار لا تعلمها
فى بداية الاستراحة الثانية..
مجدى بجدية: استنى يا انسة حنين فى جزء عاوزك تعمليه
حنين بقلق: ما يستناش بعد الاستراحة
مجدى ناظرا للاوراق: لا دى حاجة بسرعة عشان نبقى قفلناها
جلست حنين وقلبها مقبوض.. وظل مجدى يتلكأ حتى خرج الجميع من المكتب.. وان كان ظن ذلك
مجدى متظاهرا بالانشغال: افتحى جهازك
فتحت حنين جهاز الكمبيوتر الخاص بها.. وهى تدعو ان يكون ظنها خاطئا
اقترب منها مجدى حتى كاد يلتصق بها..
هو ينظر للشاشة وكأنه يعمل.. وهى تبتعد..
ثم فجأة امسك يدها وكأنه يمسك فأرة الكمبيوتر.. سحبت يدها سريعا ليظل متشبثا بها..
حنين بعنف: بقولك ايه ابعد ايدك لا توحشك
مجدى بهيام: شكلك مش لايق على الجد دا خالص.. انتى حلوة اوى.. وناعمة اوى
انتفضت حنين ليشدها من ذراعها ظانا انها ستقع بين ذراعيه.. لكن بدلا من ذلك امسكت يده ولوت ذراعه ليستدير فتدفعه ليقع على وجهه على المكتب
مجدى صارخا: يا بنت الكللللللب.. والله لاربيكى
حنين بسخرية: وهو انت تعرف ريحة التربية
اقترب منها محاولا الامساك بها فاستقبلته ركبتها فى مكان حساس بجسده لينحنى وبسيف يدها تضرب رقبته من الخلف.. فيقع متأوها.. وتأخذ هى شنطتها سريعا وتخرج من المكتب لتركب المصعد والذى كٱنه ينتظرها..
قبل ان يغلق المصعد يفتح مرة اخرى فتتسع عينا حنين ولكن تطمئن حين تجد رجلا لا تعرفه يدخل ويقف بجانبها دون النظر اليها..
اطمأنت قليلا.. ولكن دارت فى رأسها الافكار..
انها لم تكمل يومها الثالث.. ونقودها تكاد تنفد.. كيف ستكمل الشهر.. واين ستجد عملا آخر بهذا الراتب.. هل ستعود لرحلة البحث عن عمل مرة اخرى...
نزلت دموعها بصمت..
قالت لنفسها: ايه كنتى عاوزة تكملى مثلا.. اهو بدأ تلميحات وبعدين مد ايده.. كان لازم ياخد على دماغه
مسحت دموعها.. وعادت لها قوتها وشموخها
- طظ ف الشغل والفلوس.. المهم الحاجتين اللى حيلتى مافقدهمش.. دينى وكرامتى
خرجت من المصعد هى وذلك الاخر.. كانت سارحة حتى وصلت الشارع.. لتجد سيارة فارهة ينزل منها رفيق المصعد يناديها..
- انسة
افاقت من شرودها ونظرت له بتعجب
- نعم
- شكلك مضايقة ومجهدة.. لو تحبى...
قاطعته بغضب وعنف وهى تشبك ذراعيها امام صدرها..
- نعم انت كمان.. ماهى ناقصاك
ازاح نظارته الشمسية بعنف لتظهر ملامح الدهشة..
- ناقصانى
اكملت بعنف دون تركيز
- اااه ناقصاك.. ايه عاوزنا نقعد ف كافيه ولا نطلع مكتب
قال بغضب: ايه اللى بتقوليه دا.. انا كنت هقولك اوصلك بالعربية
قالت بسخرية مريرة: مكتب من عربية ما فرقتش كتير..
ثم قالت بانفعال: هو انتوا ايه.. لا تعرفوا دين ولا احترام ولا ادب.. كل واحد اشتغل بواسطة ولا ماما جابتله عربية يرازى فينا.. اتقوا الله بقى
نظر لها بتفحص.. ثم ارتدى نظارته وركب سيارته وانطلق بها.. اما هى فعبرت الشارع وركبت اول حافلة قابلتها
عادت زهرة من عملها تغنى.. لتجد حنين تجلس بملابس العمل وتنظر الى السقف وكأنها لم تشعر بعودتها..
- حنين.. مالك
افاقت حنين ومسحت عبرة كادت تسقط من عينها.. ورسمت ابتسامة مصطنعة
- ابدا حبيبتى انا كويسة
زهرة مقطبة حاجبيها بلوم: عليا انا.. ولا عاوزة تخبى
حنين باستسلام حزين: لا مش هخبى.. مانتى هتعرفى هتعرفى.. سبت الشغل
زهرة بلهجة عادية: كنت متوقعة
حنين بلهجة ذات معنى: بس مش بالسهولة دى
زهرة بتوجس: يعنى ايه.. هببتى ايه المرادى
حنين بقوة: ضربته.. ومش اى ضرب
زهرة بصدمة: ضربتيه؟ هااار اسوووح.. انا قلت هزأتيه او زقة بالكتير.. لكن توصل للضرب
حنين بنظرة جذلة: لا دا كمان يمكن ما ينفعش لصنف الحريم تانى
وضعت زهرة يديها على فمها بصدمة: يا مجنووووونة..
حنين بقوة: ماهو قليل الادب وكان لازم يتربى.. ولا التانى الىى طلعلى وكنت هضربه
زهرة بدهشة: دا مين دا كمان يا فتوة
حنين بخجل: واحد ركب معايا الاسانسير.. ولما نزلت لقيته بيعرض عليا يوصلنى
زهرة بحماس: وبعدين
حنين لاوية فمها: شتمته وقليت ادبى.. هو شكله محترم اوى وشيك وامور.. بس يعنى ليه اركب معاه عربية
زهرة بعبث: استنى استنى.. محترم اوى وشيك وامور.. دى حنين اللى بتقول كدة على راجل
اعتدلت حنين لمعت عيناها: بصى.. عارفة نجوم السينما كدة.. حاجة احلى منهم.. طول بعرض.. البدلة يا بنتى كانها متفصلة ومكوية عليه وهو لابسها.. ولا شعره.. تقولى ماسك شعرة شعرة ومعلمها الادب عشان تتحط بشكل معين.. ولا نضارته.. ولما لما شالها وشوفت عنيه.. عيونه مش عادية.. دى بتدخل جواكى كدة تجيبك من جوة.. ولا البرفان اللى ملا الشارع كله.. دانا ركبت الاوتوبيس كان ريحته فيه بعد ما مشى الاتجاه التانى بعربيته
زهرة بذهول: ايه دا كله.. دانتى فصصتيه.. وفين غض البصر ياختى.. لا وكدة وزعقتيله
حنين بخجل: والله انا قاعدة مضايقة عشان كدة مش عشان سبت الشغل.. عمرى ما بصيت لراجل كدة ابدا..
زهرة: طب سيبك من عم رشدى اباظة دا..
حنين مقاطعة: احلى والله
زهرة بنظرة تحذير: نوووون.. اتظبطى.. خلينا ف الشغل.. قدمتى استقالة
حنين بلا مبالاة: لا.. مشيت.. افرضى مسكونى وهو قال ماعملتلهاش حاجة.. وحتى لو قال عملت انتى عارفة كلام الناس.. مشيت وحار ونار ف جتتهم شغل الـ 3 ايام
زهرة بحماس: طب ايه رأيك تساعدينى احد ما تلاقى شغل
حنين بتعجب: اساعدك ف ايه
زهرة بحماس شديد: خلصت الكورسات بتاعت حاجات السكين كير.. وهبتدى انفذ انهاردة واعمل شوية واعرض على النت او ف المحل ف الخباثة..
حنين وقد انتقل حماس زهرة لها: يلا بينا
اعدتا كل الادوات فى غرفة زهرة.. وبدأتا فى العمل...
عادت باتسى بعد ساعة.. لتجد رائحة البيت جميلة.. ظلت تشمشم حتى وجدت الرائحة تخرج من غرفة زهرة
باتسى صائحة: بتعملوا ايييييه
انتفضتا وصرخت حنين: اعوذ بالله.. يا بنتى قولى احم دستور
باتسى بصدمة: انتوا بتحضروا ارواح؟
زهرة بدهشة: ارواح ايه يا باتسى؟
باتسى ولا تزال مصدومة: مش عاملين بخور وبتقول دستور.. ولابسين جلافز وماسك.. كدة يبقى ايه
حنين بغل: وربنا هتجيبلي شلل
باتسى بفرحة: بجد
حنين متقدمة نحوها: بتقولى حاجة
باتسى بخوف: لا ماقولتش.. صح يا زهرة
زهرة مخففة الموقف بابتسامتها: ما قالتش حاجة يا حنين
ثم اتجهت بناظريها الى باتسى: دى بداية مشروعى الجديد.. مش قلتلك انى كنت باخد كورسات
اومأت باتسى بنعم لتكمل زهرة: الكورسات بقى ف حاجات الاسكين كير والمعطرات.. وادينى عملت مخمرية وبادى اسبلاش وبنكمل
اخذت باتسى تجرب ما صنعته زهرة وحنين: واااو.. الماتيريال تحفة.. انتى شطورة خالص
ثم همست فى اذنها: بس بلاش دى تساعدك.. بتكشيرتها دى الحاجة هتبوظ
كتمت زهرة ضحكتها لتهمس هى الاخرى: التكشيرة دى بتظهرلك انتى بس.. عشان انتى بتشاكسيها
قبل ان ترد باتسى تدخلت حنين وقالت برقة: باتسى حبيبتى
اتسعت عينا باتسى: انا حبيبتك؟
اكملت حنين بخبث: طبعا.. ما تنسيش بقى يا روحى ان بكرة الجمعة
باتسى بتعجب: اى دونت اندرستاند...يعنى ايه الجمعة
حنين بتشف: بكرة معاد ترويق الشقة كلهاااا.. مسح وتنفيض وغسيل المراوح.. بس طبعا اناى مش هتقل عليكى عشان بكرة تالت يوم
باتسى بخوف: يعنى ايه مش فاهمة
حنين بتشف: يعنى بكرة عليكى المطبخ.. مع ترويق الشقة.. حظك كدة
باتسى: نوووو