الفصل السادس 6 من رواية سل الغرام الجزء الثاني من رواية عزلاء أمام سطوة ماله بقلم مريم غريب
رواية سل الغرام بقلم مريم غريب |
رواية سل الغرام الفصل السادس 6 بقلم مريم غريب - إختيار !
كانت "سمر" تقف أمام خزانتها المفتوحة.. تعيد ترتيب الثياب و تورد أخرى جديدة، إذ كانت قد تسوقت و إشترت وفرة من كساء فصل الشتاء لها و لشقيقتها
كانت منهمكة في ذلك العمل، حتى عندما سمعت القرع على باب الغرفة لم تلتفت، إنما إكتفت بهتاف بسيط :
-إدخلي يا ملك !
و أردفت حين سمعت الباب قد فتح و الخطوات تقترب منها :
-برافو عليكي يا لوكا رجعتي بسرعة.. لاقيتي ماما زينب تحت مش كده ؟
و عندما تأخر رد الصغيرة، إستدارت "سمر" فورًا لترى لماذا لم ترد عليها ...
-عثمان ! .. نطقت "سمر" إسمه بذهول
كما أخذت تحملق فيه مشدوهة ...
-إنت إيه إللي جابك هنا ؟!!!
رغم رعونة سؤالها، لكن ليس عليها حرج.. فهي لم تكن تصدق بأنه ماثلًا أمامها الآن.. في هذه الساعة.. داخل غرفة نومها.. و بشكله الباعث على الفتنة، إذ كان تجسيدًا للغواية في هذا القميص الحريري قاتم الزرقة و الذي يحتضن جزعه العلوي بشدة مبرزًا بنيته الرياضية المثالية، مع ذاك البنطال الجينز الرمادي و الحذاء الأسود ذي العلامة التجارية الشهيرة ( Vouge ) و قد كانت نظارته الشمسية المعلقة على صدره مطبوعًا عليها نفس الشعار ...
لعلها لم تلاحظ الزهور التي كان يحملها، كانت تمعن النظر فيه و التفكير بسبب مجيئه دون سابق إنذار هكذا، لكن عقلها لم يترجم هذا التصرف سوى لتفسيرٍ واحد ...
-يحيى جراله حاجة ؟!!! .. صاحت " سمر" بهلع كبير و قد نست تأثيره عليها و شوقها لرؤيته
يقترب "عثمان" خطوة واحدة منها و هو يقول بحزم لطيف :
-إهدي يا سمر.. الولد كويس. ماتخافيش !
تنفست "سمر" الصعداء و تركت الثياب من يديها و هي تقول بشيء من الإرتباك :
-أومال إنت جيت ليه يعني ؟ في إيه ؟!!
رفع "عثمان" حاجبه و قال مستنكرًا :
-دي تاني مرة تقوليها.. إيه إللي جابك. جيت ليه.. إنتي من إمتى بقيتي عديمة الذوق كده يا بيبي ؟
-و إنت بقيت تشتمني عادي كده ! .. قالتها "سمر" بإنزعاج حقيقي و هي تعقد ذراعيها أمام صدرها
يقهقه "عثمان" بمرح قائلًا :
-Sorry يا ستي ماتزعليش. أنا بس ماتوقعتش تقابليني كده !
سمر و هي ترنو إليه بتوتر :
-ما أنت أول مرة تعملها و تيجي هنا من فترة طويلة جدًا. قلقت من السبب.. بس أهلًا بيك على كل حال يعني !
إبتسم "عثمان" بخفة ثم لم يرد بعد ذلك ...
ساد صمت ملبك، حتى قطعته "سمر" قائلة بلهجة غير واثقة :
-فادي لسا نازل من شوية. راح لدكتور العلاج الطبيعي.. مش هيتأخر
أومأ "عثمان" لها دون أن يتكلم، فأضافت بإرتباك واضح :
-و ملك نزلت تجيبلي حاجة من عند ماما زينب. إنت أكيد قابلتها و هي نازلة.. بس أنا حاسة إنها إتأخرت. ثواني هاروح أشوفها !
و جاءت لتمر من جانبه، فقبض على معصمها و إجتذبها نحوه بقوة.. تشهق "سمر" من المفاجأة، ثم تحبس أنفاسها عندما تجده يحاوط خصرها بذراعه و تشاهده يرفع الزهور أمام عينيها المتسعتين لتراها أخيرًا ...
-إتفضلي الورد بتاعك و إنسي ملك دلوقتي لو سمحتي ! .. قالها "عثمان" بخفوت شديد مسبلًا نظراته تجاه وجهها، و أكمل :
-أنا قولتلها تقعد عند الست إللي إسمها زينب دي لحد ما أندهلها بنفسي.. ثم أنا عارف إن أخوكي مش هنا. و ماتقلقيش أنا عملت اللازم عشان يتأخر عند الدكتور
إزدردت "سمر" ريقها بصعوبة و قالت بصوت مرتعش من شدة إضطرابها :
-و عملت كده ليه ؟ ليه نزلت ملك و ليه هاتخلي فادي يتأخر ؟!!
رمى "عثمان" بباقة الزهور التي لم تمد يدها إليها حتى الآن فوق السرير، ثم دفع بـ"سمر" برفق متعمد نحو الخزانة نصف المفتوحة ...
حاصرها بين ذراعيه مقربًا وجهه من وجهها حتى تتمكن من الشعور بأنفاسه الدافئة و هو يقول بصوته الهادئ الجذاب :
-و لو إن الجواب باين من عنوانه.. بس It's Okay. هانغض النظر عن إستعباطك.. أنا طبعًا عملت كل ده عشان نبقى لوحدنا أطول وقت ممكن
أصابتها قشعريرة خطيرة و هي تستمع إلى كلامه، لتقول محاولة التأكد من قصده الواضح مئة بالمئة :
-عايز نبقى لوحدنا ليه ؟؟!!!
إبتسم "عثمان" و هو يركز نظراته على شفاهها الوردية الصغيرة، و من دون أن يتكبد عناء الإجابة إختصر الرد و هو يحني رأسه مقبلًا إياها تلك القبلة المدوخة التي تأخرت لقرابة العامين !
أصاب رأسها دوارًا، بينما تتعمق القبلة شيئًا فشيء و يزحف الخدر على جسمها و يهدد ساقيها بالتداعي.. فتتمسك بكتفيه بقوة و بدوره يحشرها بسرعة بينه و بين لوح الخزانة الخشبي ...
كم إنها تشتاقه.. كم هي متلهفة عليه أكثر من لهفته هو عليها و التي تجلت بفيض مشاعره التي أمطرها به في تلك اللحظات
كم هي سعيدة الآن، و مدهوشة، أخيرًا يحتويها بين أحضانه.. أخيرًا تذوق حبه و ترتوي من من شهد غرامه مجددًا بعد جفاء كاد يشقق عواطفها و يفنيها
لكن مهلًا ..
هناك شيئًا تفوته
اليمين !!!!
-إوعى كده. ماتلمسنيش ! .. هكذا علا هتاف "سمر" المعترض و هي تشيح بوجهها بصعوبة عن "عثمان"
حاولت تاليًا دفعه عنها أو الإبتعاد عنه، و لكن عبثًا ...
-في إيه يا سمر مالك ؟! .. صاح "عثمان" بلهجة زاجرة لاهثة عندما لم يعجبه تمردها في هذه اللحظة الحساسة
إرتبكت "سمر" و هي تقول و لا زالت تشيح بوجهها عنه :
-إنت إيه إللي بتعمله ده ؟ إنت جاي عشان كده !!
عثمان بإستهجان لا يخلو من الوقاحة :
-آه جاي عشان كده. و فيها إيه يعني مش مراتي !!!
و هنا نظرت إليه قائلة بتحدٍ :
-إنت مش حالف عليا و بقالك سنتين مالمستنيش ؟ أظن إنت عارف كويس إني مابعملش حاجة في الحرام
-حرام إيه يا هانم أنا جوزك ! .. ثم قال بصرامة :
-و بعدين أنا زي ما حرمتك على نفسي بمزاجي رجعتك بردو بمزاجي.. اليمين سقط إنهاردة الصبح و أطعمتلك 6000 مسكين مش 60 بس إيه رأيك بقى ؟
عبست "سمر" حانقة من إسلوبه المهين الذي لا يتبدل أبدًا و قالت مصممة على موقفها :
-أيًا كان إللي عملته.. أنا مش جارية عندك. و مش بمزاجك هاتلمسني يا عثمان. لما أنا أبقى عاوزاك تلمسني ساعتها بس هايحصل
تنهد "عثمان" بعمق مهدئًا أعصابه، و ألصقها به بضمة قوية، فأجبرت على التطلع إليه.. أجفلت عدة مرات بتوتر لم توفق بمداراته، بينما يهمس لها "عثمان" بإغواء :
-يعني إنتي بجد.. مش عايزاني ألمسك يا سمر ؟!
و بخفة يد، أرتفعت أصابع كفه خلف عنقها، و الكف الآخر على خدها، و أخذ يداعب بشرتها بحركات دائرية متباطئة، و كأنه ينومها مغناطيسيًا ...
-بكرهك ! .. هتفت "سمر" من أسنانها بغيظ شديد
ثم ما لبثت أن قفزت متعلقة برقبته بقوة لتمنحه عناق الشوق المحتدم الذي إختزنته لأجله ليلة بعد ليلة و يومًا بعد يوم
و فورًا إستغل "عثمان" الفرصة التي واتته أشد إستغلال ...
________________
في قصر "البحيري" ...
تمد "فريال" ملعقة الطعام إلى فم الصغير "يحيى"... فيأبى إلا أن يطيحها بيده صارخًا بإعتراض
لطالما كانت هذه وسيلته حتى يفهم الشخص الذي يطعمه بأنه قد شبع، إلا أن "فريال" عبست بإستياء و وجهت إليه حديثًا مباشرًا ملؤه اللوم و العتاب :
-كده يا يحيى.. بتوقع الأكل تاني ؟ أنا كده هازعل منك و مش هاكلمك أبدًا
تهدلت قسمات الصغير بحزن، حيث أنه فهم بأن جدته توبخه و لا ريب أنها غضبت من تصرفه ..
لم تشأ "فريال" التسبب في ضيق ذاك الصغير الغالي على قلبها، فتبسمت له بنفاذ صبر و مدت يدها تفرك فروة شعره الكستنائي الغزير مغمغمة :
-إنت هاتجنني خلاص و مش بقدر أعملك حاجة.. أبوك كنت بربيه أكتر من كده بس للأسف طلع ماترباش و لا حاجة. أومال إنت بقى مدلع زيادة هاتطلع إزاي ؟ إوعى تطلع لأبوك يا يحيى. خليك زي جدو !
و ضحكت فإختلط ضحكها بدموعها حين جاءت على ذكر زوجها الراحل ...
تسمع قرع على باب غرفتها في هذه اللحظة، فتزيل عن عينيها آثار الدموع بسرعة و هي تهتف من مكانها :
-إدخل !
لتلج "هالة"... فتنظر "فريال" نحوها بدهشة، حين رأتها ترتدي اللون الأحمر المزركش ذاك و وجهها يحتوي على زينة كاملة !!!
ريما لم تلاحظ تعبيرها الواجم، لكنها أيضًا لم تنبس ببنت شفة، حتى إقتربت "هالة" منها و أصبحت أمامها مباشرةً ...
-مساء الخير يا أنطي ! .. تمتمت "هالة" بلهجتها الكئيبة التي لا تناسب منظرها إطلاقًا
فريال بتعبيرها المتعجب :
-مساء النور يا هالة !
-حضرتك فاضية ؟ أنا كنت عاوزة أكلمك في موضوع مهم
-آه طبعًا يا حبيبتي. و لو مش فاضية أفضيلك نفسي. ثواني بس و رجعالك ! .. ثم قامت من مكانها تجر عربة الصغير "يحيى" تجاه رقعة الملهى المحدودة بالسياج الخاصة به
حملته و وضعته وسط ألعابه، ثم عادت بعد أن تأكدت بأنه بخير و لن يشكو شيئًا ...
-ها قوليلي يا حبيبتي ! .. قالتها "فريال" و هي تعاود الجلوس بمكانها
كانت "هالة" قد جلست بالكرسي المقابل لها، فإنتظرت قليلًا.. ثم قالت بصوت ملؤه الآسى :
-أنطي فريال.. أرجوكي أنا مابقاش قدامي حد غيرك يساعدني. أرجوكي ساعديني و أقفي جمبي المرة دي
و سالت دموعها فجأة
لتضطرب "فريال" و هي ترد عليها بإهتمام :
-حبيبتي يا هالة أنا طيعًا متأخرش عنك.. بس أنا في إيدي إيه أعمله ؟ مش عثمان قال هايشوف حل مع مراد ؟ أنا من ساعتها ماشوفتش عثمان. من أول إمبارح لما سافر القاهرة !
هالة بحزم : أنا مش عايزة أرجع لمراد يا أنطي إنتي فهمتيني غلط
عبست "فريال" متسائلة :
-مش عايزة ترجعي لمراد ؟ أومال عايزة إيه يا هالة ؟!
أطلقت "هالة" نهدة حارة من صدرها، ثم نظرت لها بقوة أكبر و قالت بهدوء تام :
-أنا بحب عثمان يا أنطي و إنتي عارفة ده كويس.. من فضلك ساعديني عشان يكون ليا. أنا لو ماتجوزتش عثمان المرة دي هاموت نفسي !
________________
ترتاح رأس "سمر" على كتف زوجها الآن.. لكنه يبعدها للحظة و يحاوطها مقربًا إياها إليه حد الإلتصاق، فتضع رأسها فوق صدره العاري و تحيط خصره بذراعها و هي تبتسم بشدة تلك الإبتسامة المنتشية
كانت تتنشق بعمق عبق رائحته الخاصة المنبعثة من جلده المحتك بها مباشرةً، كم تفتقد تلك الرائحة الخشنة الدافئة و كم تفتقده ...
-أنا كنت وحشاك أوي كده ؟! .. قالتها "سمر" بتساؤل رغم أنها حزرت الإجابة
-كنتي وحشاني أوي أوي أوي كمان ! .. قالها "عثمان" بصوته العميق القرير الآن
إتسعت إبتسامة "سمر" أكثر و فكت عناقهما، لتستند على مرفقها بدلال ناظرة إليه ...
مدت يدها و راحت تداعب شعره و هي تسأله برقة :
-مش جعان ؟
عثمان بغمزة : جدًا !
ضحكت "سمر" منكسة رأسها بخجل، ليغطي شعرها متوسط الطول وجهها بالكامل، فيسارع "عثمان" إلى رفعه و ترتيبه خلف أذنها، ثم يمسك بذقنها بين سبابته و إبهامه قائلًا بنعومة :
-بحبك أوي يا بيبي.. بحبك !
سمر بحب : و أنا بموووووت فيك
عثمان بإبتسامة : يعني خلاص.. هاترجعي معايا بيتنا ؟
تتلاشى إبتسامة "سمر" في هذه اللحظة و هي تقول بلهجة معاتبة :
-عثمان ماتبوظش إللي حصل من فضلك.. أنت عارف ردي. أنا مش هاسيب فادي في الحالة دي لوحده أبدًا
يقوم "عثمان" نصف جالسًا فوق الفراش و هو يقول بلهجة مقنعة :
-يا بيبي ماتقلقيش. أنا لاقيت الحل.. مش هايكون لوحده !
سمر بإستغراب : إزاي ؟ لما أسيبه مش هايبقى لوحده ؟!!
هز "عثمان" رأسه قائلًا :
-مش هايبقى لوحده.. يا سمر الوضع ده غلط و لازم يتصلح. إحنا بعدنا عن بعض ما فيه الكفاية. مش هاينفع البعد ده يطول أكتر من كده مش في مصلحتنا و لا في مصلحة يحيى
عضت "سمر" على شفتها و في قرارة نفسها تؤيد كلامه، لكنها لم تستطع إلا القول بوهن :
-طيب قولي إنت أعمل إيه ؟ ده أخويا يا عثمان مش هقدر أتخلى عنه.. أرجوك إفهمني !
أمسك "عثمان" بيديها و شد عليهما بقوة و هو يقول بلهجة متضامنة :
-أنا فاهمك يا حبيبتي. و الله فاهمك.. بس أنا كمان مقدرش أتنازل عن حقي فيكي. يا سمر أنا عشان بحبك إستحملت الفترة دي كلها و إنتي بعيدة عني. مش عايز أقولك راجل غيري كان ممكن يعمل إيه. إنتي مستوعبة وضعي من يوم ما سبتيني !
سمر بلهجة معذبة :
-طيب أعمل إيه ؟ أنا مش قادرة أختار بينك و بينه.. و مش هقدر !!
إجتذبها "عثمان" صوبه و أخذ يمسح على رأسها بحنو قائلًا :
-مش هتختاري يا سمر.. قولتلك أنا لاقيت الحل. بس إنتي لازم تساعديني عشان الموضوع يتم زي ما أنا عايز
نظرت له بفضول متسائلة :
-إيه هو الحل يا عثمان ؟؟
إتسم محياه بجدية تامة و هي يرد عليها :
-يتجوز.. أخوكي لازم يتجوز يا سمر عشان يقدر يستغنى عنك و يسيبك ترجعيلي و ترجعي لإبنك !!
- سل الغرام الفصل السابع أضغط هنا