الفصل الثاني والأخير من قصة العذراء والثري بقلم مريم غريب عبر مدونة دليل الروايات
الفصل الثاني "2" والأخير من قصة العذراء والثري
خفق قلب"ريهام"بشدة من فعل المفاجأة .. إنه هو .. إنه هو نفس الشاب الذي ذهب لإحضارها من بلدتها إلي هنا ! .. أرتعدت بقوة من داخلها .. لكنها إستعادت رباطة جأشها و ألتفتت نحو والدها تسأله:
-بابا .. مين ده؟؟
اجابها والدها بصوت خفيض بدا محرجا:
-ده سليم .. سليم شهدي .. إللي طلب إيدك مني.
سمعت ما كانت تتمني ألا تسمعه بينما تكلم"سليم"بصلابة وغرور كعادته دائما فقال:
-علي فكرة يا أنسة يا ريهام .. أنا مش مهتم خالص بإهنتك ليا من شوية .. أنا مسامحك.
شعرت"ريهام"بالتحدي المتبادل و العداء السافر بينهما .. هذه أشياء جعلتها تاخذ موقفا حازما لوضعه في مكانه الصحيح إذ أنها ألتفتت إليه و كادت تفتح فمها ليخرج منه سيل من الكلمات القاسية .. و لكن حدث عكس ذلك ! ..
فقد صدمت لدي رؤيته علي شكله الحالي .. لم تكن"ريهام"قصيرة القامة ومع ذلك إضطرت للتطلع إلي أعلي لتري ذلك الرجل الواقف أمامها وقد تغير تماما ..و عبر المسافة القصيرة التي تفصل بينهما إلتقت عيناها بعينيه فكان يقف ينظر إليها بشيء من اللامبالاة بينما أخذت تجول ببصرها علي سائر جسده تتفحصه جيدا .. ثم أرتخت ركبتاها من الصدمة .. فهو أسوأ .. أسوأ بكثير مما توقعت و كأنها في مواجهة وحش رائع ! ...
طوله أكثر من ستة أقدام .. اكتافه عريضة شعره أسود ناعم ولامع بدا ما بين الطول و القصر ..
فمه حسن التكوين شهواني عليه مسحة قسوة .. عيناه عسليتان تشعان ثقة و غرور ثم تلك العنجهية التي أعتلت وجهه ووقفته .. تلك الثقة بالنفس الكبيرة و التي جعلت القشعريرة تسري بجسدها .. كان يضع حول عنقه مابين فتحتي قميصه علي صدره القاسي سلسلة من الجلد الرفيع سوداء اللون .. و كأنها اللمسة الأخيرة لرسم تلك الصورة المخيفة التي إلتصقت تماما برأسها .. فوق هذا كله تلك البسمة الساخرة السريعة و كانه قرأ أفكارها فبادرها بالحديث قائلا:
-أسمعي يا أنسة .. أنا كنت عارف كويس إنك هترفضي عرض جوازي منك و كنت عارف كمان إنك إحتمال تسمعي كل حاجة الناس بتقولها عليا .. بس في الحقيقة أنا مش مهتم إطلاقا باللي الناس بتقولو دليل علي كده إني سبقت أي حد و حكيتلك كل إللي بيتقال عني لما كنا في القطر ..
بالفعل .. كان مظهره يوحي بأنه لا يعير أدني إهتمام لآراء الغير فيه .. تابع"سليم"حديثه:
-في أمور كتير لازم نبحثها سوا لكن مش دلوقتي .. الأهم عندي يا انسة إني عرفت رأيك فيا و علي أساسه هحاول أثبتلك العكس ..
ثم هز كتفيه قائلا:
-علي أد ما أقدر.
بدأت"ريهام"أن تعود إلي إتزانها الطبيعي إذ أنها إبتسمت إليه ساخرة ثم قالت بتهكم:
-أنا مبسوطة لشيء وحد بس في كل إللي حصل إنهاردة يا حضرة .. و هو إني قدرت أقولك رأيي فيك بصراحة .. أما بخصوص الأمور إللي عايزنا نبحثها سوا فـ أنا بعتذر .. مش هقدر.
سألها بثبات و سخرية:
-يعني إيه؟؟
أحست"ريهام"بالإهانة في كلامه فأجابته ببرود:
-يعني عرضك مرفوض .. أنا مش هتجوزك و أظن إني سمعتك الرد في القطر .. ولا إنت مش فاكر؟!
أحني رأسه موافقا ثم تنهد قائلا:
-بس والدك رأيه غير كده .. و لا إيه يا محمود بيه؟!
قال هذه الجملة مصوبا نظره تجاه والدها الذي كان يقف خلف أبنته شاحب الوجه فتدخل قائلا في لطف يشوبه إرتباك:
-إحنا يشرفنا نسبك يا سليم بيه.
خفق قلب"ريهام"بسرعة رهيبة ثم قطبت حاجبيها بغضب قائلة دون أن تنظر إلي والدها:
-إزاي يا بابا ممكن تقرر عني ؟! .. أنا قلت مش موافقة.
بدا علي والدها الإضطراب الشديد أثر ذلك الموقف المشحون بالإرتباك و التحدي فقال بحزم:
-أنا هنا أبوكي .. و أنا إللي أقرر يا ريهام لأني أدري منك بمصلحتك و سليم بيه مافيهوش غلطة ده راجل كويس جدا و الناس كلها بتحترمه علي أي حال و أنا أولهم .. و لوسمحتي و بدون جدال تعتذريله دلوقتي علي أسلوبك معاه.
تطلعت إليه"ريهام"ثم قالت و الألم يعتصرها:
-أعتذرله ! .. كمان عايزني أعتذرله ؟! .. لأ .. لأ للأسف مش هعتذر .. مش ممكن لسليم بيه أنه ياخد كل إللي هو عايزه بسهولة كده.
رد عليها"سليم"بوقاحة:
-دايما باخد إللي أنا عايزه .. يا أنسه.
صدمتها كلماته المتجبرة فـ هزت رأسها بعنف و راحت تردد كلمة "لا" بدون وعي إلي أن فقدت قدرتها علي تحمل هذا كله فـ ركضت مهرولة تجاه غرفتها ! ...
بقلم الكاتبة مريم غريب
مرت الأيام علي "ريهام"كـ مرور فصل الخريف الذي يتبعه الشتاء القاسِ .. لم يغمض لها جفن حين علمت بميعاد زواجها من ذاك الوحش الرائع ! .. لطالما كان هذا الأسم الأنسب إليه ..
أدركت"ريهام"أنه لص و داهية .. إذ إنه إستطاع كسب ثقة والدها و محبته .. وفي المقابل أيضا حصل علي قلبها .. ولكنها بذلت كل ما في وسعها لكي لا يتبين له ذلك ..
ولكن له أساليبه الملتوية فربما شعر بشيء ما كامن بأعماقها ! ..
لو لم يكن والدها يريده بشدة زوجا لها لكانت رفضته بكل قوتها .. ولكن أسفا .. دائما الرجال قساة .. كالقدر الذي حملها لقمة سائغة بين فكي زوجها المزعوم .. ذلك الرجل الذي يمثل معني الطغيان و القسوة علي حق ..ولكنها لن تستطيع إنكار تلك الجاذبية الملألئة بعينيه و التي تحمل لها أحيانا أطياف من الحنان يصحبها شعور مجهول بالأمان ! .. حقا هذا ما كان يحيرها بشخصيته .. فمن هو إذن ؟! .. ذلك الرجل الطاغية .. أم .. ذلك الرجل الـ ... !! حقا لا تعرف ...
إستفاقت"ريهام"صباح يوما علي إحساس رهيب ! ..
ظنت إنها لن تستطيع الحركة أبدا بعد اليوم .. رباه ما هذا ؟! .. سألت نفسها ..
أهو مرض إستوائي خطير بسبب إنتقالها من بلدتها الدافئة ؟! .. فقد شعرت بألم شديد .. ذراعاها .. رجلاها .. ظهرها ! .. جسدها كله ينبض بالألم .. جسدها كله كأوتار مشدودة ..
حاولت أن تجلس علي الفراش ولكن بدون فائدة .. لم تستطيع حتي تحريك أصبعها .. عضلاتها كلها متصلبة ويابسة .. بدات تضحك و تبكي لقلة حيلتها حتي أمام مرضها ! ...
وكانت المفاجأة مذهلة .. حينما فُتح باب غرفتها ليدخل"سليم"بتلك اللحظة وعلامات القلق تعلو وجهه .. إقترب من فراشها ووقف أمامها مباشرة ثم قال بقلق بدا بنبرة صوته القوي:
-مالك .. سمعتك بتعيطي و أنا برا .. كنت رايح لوالدك في مكتبه .. مالك؟؟
أجابته باكية:
-مش قادرة أتحرك .. ناديلي حنان لو سمحت.
تجاهل طلبها وعوضا عليه إقترب هو منها وأمسك كتفيها بيديه القويتين و أسند ظهرها بيده ثم ساعدها علي الجلوس بينما قالت بصوت متهدج:
-من فضلك ناديلي حنان!
أجابها بإختصار:
-مش هنا .. راحت بيتي عشان تساعد مع الناس في توضيبه إنتي ناسية إن الفرح بكرة؟!
أومأت"ريهام"رأسها بسخرية ثم قالت له:
-طيب لو سمحت فيه في علبة الإسعافات عندي في الحمام كريم تدليك لو مافيهاش تعب جيبهولي عشان أدلك جسمي.
نظر إليها بتفحص ثم قال ساخرا:
-إنتي تعملي كده ؟! .. إزاي و إنتي مش قادرة تتحركي؟!
-ماتشغلش نفسك .. هتصرف.
-بلاش تصرفات طفولية .. أنا إللي هتصرف.
صرخت بغضب:
-لأ.
لم ينصت لها بل أختفي للحظة ثم عاد بقنينة زجاجية فبادرته بالكلام:
-أديني الإزازة من فضلك.
-أتفضلي خديها.
قال هذا مادا يده بالزجاجة بعيدا عن متناول يدها ! .. فصرخت بغضب:
-يا حيوان .. بتبعدها عن قصد.
-خدي بالك من كلامك يا ريهام .. ماقصدتش أضيقك بس حبيت أثبتلك إنك مش هتقدري تتحركي ولا حتي تحطي الكريم علي جسمك .. و دلوقتي يلا لفي و أرفعي قميصك.
تنفست بصعوبة ثم قالت:
-لأ .. أرجوك.
-ماتبقيش غبية بقي .. أنا جوزك علي فكرة لو إنتي نسيتي يعني إننا كتبنا الكتاب .. ده أولا .. ثانيا أنا كل غرضي دلوقتي إني أخليكي تبقي كويسة وبس.
ثم وضع الزجاجة جانبا وحمل"ريهام"كما يحمل المرء طفلا ثم مددها علي فراشها بوضعية مقلوبة رافعا قميصها القطني القصير إلي أعلي حتي فوق أكتافها في حين أنه قام بستر نصفها الأسفل لكي لا تشعر بالخجل منه ثم بدأ يدلك ظهرها بالدواء ! ...
أخفت"ريهام"وجهها تحت وسادتها وعضت شفتيها بقوة .. فكانت لمساته ساحرة .. قوية وحازمة .. و بطيئة ! .. ولطيفة أيضا .. كم أحبت ذلك .. و لكن لن تدعه يعرف ...
-حاسة بتحسن؟!
سألها بلطف .. فأجابت بصوت خفيض:
-أه .. الحمدلله .. شكرا.
-تمام .. تعالي هسندك بقي لحد الحمام عشان تاخدي دُش سخن هيساعدك علي الحركة.
قال ذلك ثم ساعدها علي النهوض حتي أوصلها إلي باب الحمام الملحق بغرفتها .. لم تحاول النظر إليه بل إكتفت بشكره ثم دلفت إلي الحمام و أغلقت الباب من خلفها ..
ادركت "ريهام"مصدقية كلامه حينما شعرت بتحسن سريع فور تدفق المياه الساخنة علي جسدها .. ذهب الألم كما قال لها ..
إنتهت من الإستحمام .. فـ جففت جسدها و أرتدت قميصا قصيرا من القطن الزهري ثم خرجت لتجده لا يزال بغرفتها .. جالسا علي حافة الفراش يتلمس وسائدها وبقايا ثيابها بإستمتاع .. وللحظة إنتبه لوجودها فنظر إليها باسما ثم قال:
-هاه .. بقيتي أحسن؟!
تقدمت بهدوء ثم قالت مستهجنة:
-الحمدلله بقيت كويسة خلاص .. إنت لسا هنا ليه بقي؟؟
نظر إليها مستغربا ثم قال:
-انا لسا هنا عشان أتطمن علي مراتي .. في مانع؟!
-أه فيه .. أنا لسا مابقتش مراتك .. ولحد اللحظة دي أنا برفضك جدا.
شعرت بإنقباض شديد لدي رؤيتها عضلات وجهه تتقلص بغضب و فجأة رأته يقف أمامها مباشرة ! ..
تلقائيا حبست أنفاسها بسرعة و بدأت تسمع نبضات قلبها .. بينما طوقها بذراعيه و جذبها إليه بقوة .. حاولت التملص منه ولكنه شل قدرتها علي التحرك تماما متمتما وهو يعانقها:
-أنا أقدر دلوقتي حالا أخليكي هادية جدا بين أيديا .. أقدر أخليكي تقوليلي بحبك كمان .. وماتفكريش تقوليلي برفضك دي تاني أبدا وليا أساليبي يا ريهام.
ضمها إليه بقوة أكثر و راح يداعبها بنهم .. أغرتها نفسها بالإستسلام و لكنها أحتفظت برباطة جأشها وقررت الإستماع إلي نداء عقلها عوضا عن نداءات العاطفة و شهوة اللقاء ! ...
تململت بين ذراعيه بعصبية وقالت:
-سيبني .. سليم ..لا سيبني بقولك ! .. فكر في إللي بتعمله.
أتاها صوته ضعيفا متقطعا وهو يقول:
-و إنتي يعني فاكرة إني مابفكرش .. أو مابحسش ؟! ..ما تقاومنيش يا ريهام .. أنا في الأخر إنسان وعندي طاقة تحمل .. إنتي فاكراني راجل قاسي و ظالم و وحش زي كل الناس .. راجل مايعرفش الإحساس بأي حد و بأي حاجة وكل همه الشغل و الفلوس الكتير .. أيوه كل ده يهمني .. و يهمني جدا كمان ومش مستعد أتخلي عن قانوني إللي حطيته لنفسي .. بس مش ممكن مستحيل أفرط فيكي
أنا عايزك يا ريهام ..عايزك إنتي و بس بأي طريقة و بأي تمن بإستمرار وفي النور مش زي أي علاقة عابرة .. أنا عملت حاجات كتير و أستمتعت أكتر .. بس زي ما بيقولوا .. كتر الأكل الحلو أوي بإستمرار .. بيتخم حتي أكبر المتذوقين .. عشان كده هكتفي بيكي لبقية عمري ! ...
أستمرت"ريهام"في محاولاتها للتملص منه مستخدمة لذلك البقية الباقية من قوتها و هي تقول بحدة:
-أنا مش فاهمة حاجة من كلامك .. إنت عايز إيه بالظبط؟! .. سيبني .. سيبني بقي!
جاء رده عليها سريعا و قاسيا .. أمسكها بإحكام وضمها بشدة صارخا:
-أه يا ريهام أه .. إنتي .. إنتي إللي أستنيتك من زمان .. إنتي أماني الضايع يا حبيبتي.
ضغطت"ريهام"بكفيها علي صدره وغرزت أظافرها بجلده فيما أبقت رأسها منحنيا بقوة لإبعاد وجهها قدر الإمكان عن وجهه الناري ..
نفذ صبره .. فأمسك بذقنها ورفع وجهها نحوه ثم عانقها بعنف ..
أحست بجسده يرتجف و شعرت بنشوة إنتصار لأنها تمكنت من إثارته إلي هذه الدرجة !
ولكن إنتصارها كان قصير الأمد إذ إنه حملها بقوة وسار بها نحو فراشها .. لا لن تقبل ذلك ! .. قفزت من الفراش وهي تقول بحزم وقوة:
-لأ .. لأ يا سليم .. طول ما انا في بيت حره منك فيه .. مش هخليك تمسني.
وقف ساكنا دون حراك .. وخيم علي الغرفة صمت مطبق لم تسمع خلاله سوي أنفاسها المتقطعة .. بينما تأفف بغضب و إنفعال ثم حمل سترته السوداء و غادر الغرفة ! ...
...
جاء اليوم الموعود ... تم الزفاف بشكل مذهل فقد أنفق"سليم"أموال طائلة لجعله عرس لا ينسي .. الأموال التي صرفت عليه باهظة جدا .. أفضل الخدم .. أغني الموائد .. ما لذ و طاب من الطعام و الشراب .. زهور من مختلف الأنواع و الأشكال و الألوان و غيرها الكثير ! ..
فالترتيبات معدة من جميع الجهات .. و المدعوون جميعهم من الطراز الذي يرتاح إليه سيد البيت .. أي إنه من المؤكد"سليم" ..فهم من علية القوم و العوائل العريقة ..
كل شيء صار علي ما يرام .. و إنتهت الحفلة بتوديع العروسين وتركهما وحدهما بذلك القصر الفاخر الذي شيده السيد"سليم"بعناية و إتفاق و توافق ..
ثم فجأة وجدت"ريهام"نفسها وحدها معه بغرفة تحت سقف واحد .. المنظر يريد راسما ماهرا ليرسمه .. العروس الحسناء .. في قبالة وحش بشري رائع ! ...
تراءت صور إمرأة شابة و طفلا صغيرا إلي عقل "ريهام"وتذكرت حينما سألت عنهما .. حصلت علي الإجابة .. بأنها هي تلك الفتاة التي وقعت ضحية في عرين ذلك الرجل الواقف أمامها .. إنها هي و هذا طفلها الذي كان بين ذراعيها ..
تذكرت شكلها .. إنها صغيرة ورقيقة .. وقد أحست بدفق دافيء تجاهها ! .. ليست أكبر بكثير من طفلة ورغم ذلك هذا الطفل الصغير أبنها !! ..
ولوهلة شعرت بإمتزاج في مشاعرها .. فهي تشعر بالغضب والغيرة تجاهه ! .. تشعر بالغضب لمَ فعله بالفتاة وبأبنه .. و بالغيرة لأنها .. أحبته ! ...
و بلحظة نهضت من الفراش بسرعة و اتجهت نحو باب الغرفة .. تريد مغادرة قصره هذا فورا .. و ما أن وقفت حتي عجزت قدماها عن حملها و لكن ذراعيه كانتا هناك لإسنادها ..
فلم تعد تشعر إلا بيديه القويتين حول خصرها .. ومع ذلك ظلت تقاومه و الغيرة تنهش قلبها:
-أوعي سيبني .. سيبني إنت حيوان ماعندكش قلب.
قالت ذلك في محاولة غريزية للإبتعاد عنه بينما صرخ بغضب:
-أهدي .. لو فضلتي تواصلي حركاتك العنيفة دي معايا مش هتحسي غير بالتعب أكتر .. وبعدين إلزمي حدودك و إنتي بتكلميني .. أنا مش من حجر وممكن أعصابي تفلت.
ضحكت"ريهام"عاليا ثم قالت ساخرة:
-هو إنت فاكرني خايفة منك ؟! .. لأ .. للأسف أنا مش خايفة .. و أساليبك دي مش هترهبني بالمرة .. بس ممكن تنفع مع البنت إللي حبسها في بيتك و بتتعدي علي أدميتها يا سليم بيه!
نفذ صبره .. فصر علي أسنانه بغضب ودفعها بقوة علي الفراش ثم إستدار ليخرج من الغرفة ! .. كان يشد علي قبضتي يديه بقوة وغضب .. حتي ظهره بدا لها غاضبا .. لكنها لم تعد تخافه .. فقد علمت عنه الكثير ..
عاد إليها بعد قليل ومعه تلك الفتاة التي تم إطلاق الشائعات عليها بإنها إمرأته سرا .. وأن هذا هو طفله ..
أمسك"سليم"بيد الفتاة ثم تقدم نحو"ريهام"وبدأ بالحديث:
-من سنة و نص .. كان عندي أخ .. كان عايش في قرية كده زي إللي كنتي فيها .. كان عنده بنت صغيرة لسا ماعدتش مرحلة المراهقة كان عمرها 14 سنة .. في يوم خرجت من بيتها متأخر عشان تجيب لأبوها دوا لأنه كان تعبان جدا .. ولما قطعت نص الطريق طلعوا عليها شباب .. أخدوها .. إعتدوا عليها وسابوها تتلوي في الوحل لوحدها .. بعدها بشهرين أبوها مات .. وأمها جابتها لعمها يتصرف فيها زي ما يعجبه المهم إنه يساعدها و يحافظ عليها أو حتي يتستر عليها في بيته و خلاص خصوصا إنها بقيت حامل .. ومش عارفة مين بالظبط من إللي إعتدوا عليها أبو إللي في بطنها .. عمها خدها .. عايشها في بيته و إتكفل بيها لحد ما ولدت و بعد ما ولدت هي و أبنها .. بس الناس ماسكتتش ونشروا القصة و ألفوها كمان علي مزاجهم لحد ما كدبوا الكدبة و صدقوها .. لكن عمها ماهتمش بكلام الناس بالعكس سابهم يفتكروا إللي هما عايزينه .. و كتب الطفل بأسمه بدل ما يطلع يلاقي نفسه في الدنيا منغير أب .. و في الحقيقة لازم الطفل هايعرف كده كده إنه غير شرعي .. بس علي الأقل الراجل إللي هربيه هيوفرله حياة كريمة هو و امه .. و هيسعي بكل جهده لإسعادهم و حمايتهم.
إنتهي"سليم" من سرد تلك القصة الطويلة الموجعة علي مسامع"ريهام"التي كانت في حالة يرثي لها .. إذ أن الدموع ملأت عينيها و البرودة إحتلت أطرافها .. و القشعريرة دبت بجسدها .. و أخيرا نطقت فقالت بصوت محشرجا باكية:
-قصدك .. قصدك تقول .. إنها .. إنها بنت أخوك ؟ .. و إن إنت عمها؟!
أحني رأسه ليحجب عنها أدمع تلألأت بمقلتيه ثم قال:
-أيوه .. دي ساره بنت أخويا .. وده أبنها عمر.
نظرت إليه مليا ثم قالت بلطف:
-ليه ماقولتش؟؟
-و أفضح أخويا و ألوث شرفنا كلنا؟!
-ما إنت كده مثبت أفكار الناس في إنها أ ...
قاطعها قائلا:
-الناس فاكرة إنها مراتي و أن أبنها هو أبني .. و أنا في الحقيقة عايزهم يفتكروا كده .. عشان لو مت محدش يتعرضلهم .. هما مالهمش غيري.
ظلت نظرات"ريهام"الحانية معلقة عليه بينما أمسك بكتفي الفتاة ثم قبلها علي جبينها قائلا:
-يلا يا حبيبتي .. روحي إنتي نامي و نايمي الولد و أشوفكوا الصبح إن شاء الله.
أطاعت الفتاة عمها بتهذيب فخرجت من الغرفة غالقة الباب من خلفها ...
نهضت"ريهام"من الفراش .. وتقدمت نحو"سليم" بل إنها ركضت نحوه ورمت بنفسها بين ذراعيه اللتين ضمتاها بقوة وحنان ورفعتاها عن الأرض فمهس بأذنها:
-أنا تعبت يا ريهام .. و لسا تعبان .. نفسي بقي أرتاح علي إيديكي .. بحبك.
لم تتمكن من إيجاد كلمات تعبر فيها عن حقيقة مشاعرها فراحت تعانقه بفرح مجنون قائلة:
-وأنا بحبك .. مش عارفة إزاي بس بحبك .. عمر ما حد مر علي قلبي وساب أثر فيه غيرك .. إنت الراجل الوحيد إللي أنا عايزاه .. إنت الراجل بتاعي بس .. و الباقي كلهم أشباه .. أنا كمان بحبك أووووي ...
أستيقظت"ريهام"صباح اليوم التالي لتجده مستلقيا قربها يراقبها بعشق و سعادة فيما علت وجهه إبتسامة لطيفة ..
تمددت أمامه بأنوثة ثم سألته بغنج ودلال:
-ياتري بتقارن يا حبيبي .. أنا أحلي و لا ...
قاطعها ضاحكا ثم طوقها بذراعيه القويتين ثم وضع رأسه علي صدرها وتمتم بشغف:
-صدقيني ماينفعش أقرنك بأي واحدة .. لأني أكتشفت إن مافيش واحدة عندها حاجة منك .. إنتي الأحلي .. إنتي وبس من إمبارح بقيتي ليا لأخر عمري .. و أد إيه مبسوط بإعترافك إنك ماحبتيش حد غيري .. بحبك أوي يا ريما.
داعبت خصلات شعره الملساء الثائرة ثم قالت:
-إنت وبس يا حبيبي ! ..
تـــــمت ..
- اقرأ المزيد من قصص كاملة انقر هنا