البارت العاشر "10" من رواية لم يكن مجرد حلم بقلم الكاتبة زينب سمير
رواية لم يكن مجرد حلم |
الفصل العاشر "10" من رواية لم يكن مجرد حلم - ونبدأ صغارا !
الساعة كانت تصل لـ الرابعة عصرا ، عندما فتح سراج عينيه اخيرا ، نظر حوله وجد شقيقه يراقبه بملامح مرهقة قلقة ، عمته كذلك ونجوان ، قلق نور الدين كان اشـد بالطبع ، اعتدل في جلسته وخرج صوت متحشرجا:-
_اية اللي حصل ؟
قصت نجوان بأندفاع ما حدث ، ثم سالته بفضول:-
_اية اللي خلالك خفت كدا للدرجة دي ياسراج ، انت حالتك كانت اصعب من حالتك لما كنت بتصحي بسبب كابوس
رمقها نور الدين بنظرة حارقة لم تنتبه هي لها ، بينما خرج صوت سراج مرهقا وقد اتعبه ما يحدث له:-
_مش عارف يانجوان ، انا دايما بنشوف في احلامي دم وبسمع زعيق وصوت حاجات بتتخبط ، لكن اكتر حاجة بتبقي ظاهرة هي السواد ، السواد بيبقي مغطي علي دا كله وبتظهر حاجات خفيفية ، كل ما الحلم بيتكرر الحكاية بتوضح وكدا ، انهاردة حسيت السواد اختفي مرة واحدة ، ظهرت صورة واضحة اوي
صمت .. ووقع قلب نور الدين بين قدميه ، كان يستمع لاخيه بقلق موجوع ، اتراه سيعرف الحقيقة قريبا ؟!
اكمل سراج:-
_سمعت مع الزعيق صوت موسيقي ، شوفت مع الدم ويسكي ، مع صوت الخبط شوفت عين بتبصلي اوي
تنهد بتعب مكملا:-
_كمان سمعت صوت حد بيشهق وكأن روحه بتطلع
نور الدين ونيرمين كان يستمعون له بحزن عميق ، يعلموا ان كل ما يقصه حدث حقيقيا ، لكن الاخري كانت تظن انها مجرد احلام تنغص عليه حياته فقط
ولحتي تلك اللحظة لا يوجد لها تفسير
وقف نور الدين مستعدا لـ الخروج وقال وهو يتجه لخارج الغرفة بالفعل:-
_طيب نام دلوقتي ياسراج علشان ترتاح
قفز الاخر عن مكانه بحماس صائحا:-
_لا انا هقابل هانيا ، في معاد بينا واكيد لما اكلمها هرتاح
ولم ينتظر رد وكان يختفي داخل حمامه تاركا الجميع ينظروم لاثره بزهول
نيرمين بقلة حيلة ، وهي تضرب كفوفها ببعضهم:-
_الواد الحب جننه
وهل هناك احدا وقع بالحب ولم يجن ؟
جميع العشاق مجانين وان لم يقولوا هذا...
نظرت لمياه النيل الجارية امامه بشغف ، كان المنظر ساحرا وقد قاربت الشمس علي الغروب ، كذلك المكان لم يكن ممتلئا بكثير من الناس بذلك الوقت ، ودت لو مدت يدها لتغرقها بـ ماء النيل ، لكنها لم تصل لها ، فالفاصل بينهم كثيرا ، هي بالاعلي والمياة تجري بالاسفل ، قالت بسعادة:-
_المنظر حلو اوي والجو جميل ياسراج
صارحها بغزل:-
_كل حاجة انتي بتبقي فيها بتكون جميلة وغير
توردت وجنتيها بخجل كالعادة ولم ترد علي حديثه المتغزل هذا ، مـر بالقرب منهم بائعا لحلوي غزل البنات نظرت لـ البائع بعيون متشوقة كطفلة بالسادسة
تعلقت بيده تقول بلهفة:-
_سراج اشتريلي غزل البنات
بتعجب قال:-
_انتي طفلة ياهانيا !!
عادت تكرر بأصرار:-
_ارجوك .. ارجوك .. ارجوك
ابعد يدها عنه بقلة حيلة ثم توجه نحو الرجل ، اخذ منه كمية كبير قد تتعدي نصف ما يملكه الرجل ، اعطاه زيادة عن حقه الكثير ربما ، حيث ابتسم الرجل بسعادة وهو يمنحهم اياه برضي
اقترب منها وبيده الحلوي ، اخذت منه الحقائب البلاستيكة وراحت تفتحها ، كذلك تتناول منها بكثرة
بقي هو يطلعها بصمت باسما ، امسكت قطعة وقربتها من فمه ، فتح فمه واكلها منها ، عيونه ما زالت متعلقة بها
يري سعادتها الواضحة بالحلوي فيزداد تعجبه ، اتبسطها هدية بجنيهات ، ولا يفرحها خاتما بالدولارات !
علم معاها فقط ان الهداية ليست بقيمتها المادية ابدا ، بل عندما تُشتري من القلب ، فهي تصل لـ القلب كذلك
لمحت هي شروده الزائد اليوم ، هو لا يصمت ابدا معها ، يفتح مواضيعا شتي كي يتحدثا طوال الوقت ، لكنه الان صامتا ولا يحاول فتح اي مواضيع
خرج صوتها بقلق حقيقي:-
_سراج .. في حاجة مضيقاك ، صح ؟
تطلع لها زاهلا وهو يراها قد شعرت به وبتغيراته التي حاول ان يخفيها جيدا ، لكن زهوله اختفي وحل محله السعادة بذلك ، همس كذلك بتعب وقد بدأت ذكري الكوابيس تعود له:-
_تعبان ياهانيا
اخذت يده ساحبة اياه لـ احدي الطاولات القريبة الموجودة علي الكورننيش ، جلسا عليه معا ثم سألته:-
_تعبان من اية ! .. احكيلي انا هسمعك
صمت لـ لحظات يستجمع فيها نفسه ، ثم خرج صوته ناطقا:-
_تعبان من الكوابيس ياهانيا ، كوابيس معرفش بتيجي منين و لية ، حاسس في مرحلة من حياتي عدت وانا مش حاسس بيها ، ليلة .. بعدها اتغيرت حياتي ، سنين راحت وانا مش حاسس ، في حلقة ضايعة من حياتي اكيد هي سبب كوابيسي وضياعي دا
طالعته بعدم فهم مقصود ، رأي هو علامات الجهل عليها .. فراح يقص عليها بالتفصيل احلامه وكوابيسه
كذلك كل ما يعانيه ...
وهو تستمع له بنظرات احيانا باردة ، احيانا متعجبة ، واخري متوجعة ممزوجة بنكهة الانتقام...
بقلم الكاتبة زينب سمير
فتح محمود مغلفا زهريا اللون ، كان عبارة عن مجمع صور له مع نيرمين ونجوان عندما كانت صغيرة ، جلس علي اريكته بـ منتصف المنزل ، المغلف كذلك سكن بيد يديه ، راح يقلب صفحاته بحب وحنين
كانت نيرمين جميلة جدا بفترة صباها ، عيونها باللون الفيروزي شبة لون عين اخيها رحمه الله والذي ورثها عنه سراج فقط ، كانت لون عين نور الدين بنية كـ والدته ، مازالت حتي الان جميلة بعيونه ، البعض من ملامحها تجعدت بفعل مرور السنوات لكنها مازالت جميلة
يحزن لسنين عمره التي ضاعت هباءا ، تركها لاجل العمل ، الان فقط شعر بـ فداحة ما فعله
لو كان يعلم انه سيجلس تلك الجلسة لكان ترك العمل بالخارج منذ زمن و فر منها ، لـ كان فاز بها هي واكتفي ، لكن المال الكثير كان يعمي عينيه ، اختار الشقاء ليرتاح فينا بعد ، فشقي بالماضي وها هو يشقي الان
هي من البداية قالت ، بعدما جربت العيش بـ دبـي ولم تستطيع ، فلنعود ونبدأ صغارا ثم نكبر ، بدلا ما نكبر هنا بدون الحب ، رفض حديثها واتحاملت هي لتبقي معه
لكن الحب بالفعل كان سيختفي مع التدريج ان كانت بقيت اكثر ، بدأت المشاكل تظهر تدريجيا ، بدأت هي تتعصب من اي شئ
بالاخير قررت الانفصال ، ووافق هو بهدوء
فكان يعلم انها ستفعل المستحيل لتحصل علي حريتها ولم يكن هو برجلا يقبل العيش مع انثي لا ترغبه رغم حبها له
فاق من حبل افكاره المأسوية علي صوت الباب ينفتح وتدخل منه نجوان ، اغلق المغلف ومعه اغلق صفحة وجهه الحزينة ، ظهرت مكانها اخري حنونه وهو يقول لابنته التي اقتربت تقبله علي جبينه بحب:-
_متأخرتيش زي ماقولتي يعني ياحبيبتي
قالت بتغنج وهي تجلس بجواره ، واضعة كتفه حولها:-
_وحشتني قولت اجيلك بدري ياسي بابا
اقترب يقبل جبينها بحب ابوي و:-
_وانتي وحشتيني برضوا ، تحبي اجهزلك العشا انهاردة ؟
قالت بحماس ، فالسيد محمود طباخا ماهرا:-
_ياريت
ابعدها عنه ونهض هاتفا:-
_طيب هدخل اعملك احلي عشا لاحلي بنت في العالم
ثم توجه نحو المطبخ ، امسكت هي حقيبتها ، فتحتها تبحث بداخلها عن الهاتف مقررة ان تتصفحه قليلا حتي ينتهي والدها من طهي الطعام
لم تجده بداخل الحقيبة ، ظلت تبحث جيدا لكن لا يوجد امل ، الهاتف ليس هنا
حاولت ان تتذكر اين وضعته اخر مرة ، ربما تركته بالسيارة ، تذكرت اخيرا انها وضعته بـ بهو منزل خالها ، علي الطاولة هناك ، فعندما انشغل الجميع بما حدث لـ سراج تركته هي هناك ثم ركضت له ايضا...
وقفت وتوجهت لـ المطبخ .. قالت لوالدها:-
_بابا انا نسيت التليفون عند بيت خالو ، هروح اجيبه بسرعة واجي
يعلم جيدا اهمية الهاتف بالنسبة لـ ابنته ، انها لا تستطيع ان تحيا بدونه لذلك قال:-
_تمام روحي بس متتأخريش يانجوان
اؤمات بنعم وغادرت فورا المنزل ، متوجهة مرة اخري نحو منزل خالها
حيث توجد هناك بعض من الحقائق التي اوشكت علي الظهور...
****
راقبت ملك الساكنة بالبناية المقابلة لبناية هانيا سيارة سراج وبداخلها الاثنان يتضاحكون معا ويمزحون ، ستجن وهي تعلم تمام العلم بما تفكر فيه هانيا وستنفذه
هل ستسطيع ان تفعل هذا بشخصا كـ سراج ؟
ذلك الذي فعل المستحيل ليحادثها دون ان تعلم هانيا ثم بدأ يستدرجها بالحديث ليعرف كل شئ عن الاخري ، ما تحبه ، ما تكرهه ، ما يسعدها ، يحزنها ، تاريخ تفضله ، رياضة تحبها ، لونا مميزا
كانت بيده ورقة وقلم راح يدون فيها كل ما كانت تقوله ، كانت تتحدث وهي تشعر بأنها ستبكي بعد قليل
وهي تراه يفعل المستحيل ويحاول ان يفعل المستحيل ليسعدها وهي تبحث عن كل ما يدمره لتفعله
رأت فيه جانبا تبحث عن جميع النساء ، حنونا ، عطوفا ، مهتما ، لم يكن يشعر بالملل وهي تتحدث عن هانيا
الهي فـ ليوفقهم الله ، ولتحدث معجزة من السماء
لتمنع هانيا عن فعل ما تفكر فيه ..
امام بناية هانيا ..
هبطت هي من السيارة كذلك فعل هو ، اقترب منها يقبل وجنتيها بحب هامسا:-
_خلي بالك من نفسك ، لو احتجتي حاجة رني عليا
اؤمات بنعم ، وكادت تغادر ، امسك يدها هاتفا:-
_اول ما اروح هكلمك
اؤمات بنعم ببسمة ، افلتت يدها من يده ، كادت تغادر فأمسك يدها مرة اخري متابعا:-
_فاضل شهر ونص علي الفرح ، نفسي يطيروا اوي علشان تبقي في بيتي
ابتسمت بخجل عندما انفتحت السيرة ، قررت ان تحادثه كذلك بشأن تلك المسأله فخرج صوتها قائلا:-
_احنا هنعيش في شقة لروحنا صح ؟
نظر لها باستغراب وكأن الامر لم يخطر علي باله من قبل ، قالت سريعا لكي تتمكن من اقناعه:-
_انا بقول دا هيبقي افضل لينا ولـ اخوك نور الدين ، علشان ميتحرجش وكدا مني ويعيش براحته زي الاول ، انا لو عيشت معاه في نفس البيت هيبقي دايما متحفز ومش مستريح
اقتنع برأيها نوعا ما ، فـ نور الدين مثله
بالصيف يحبا التجول بالمنزل دون ملابس علوية
اذا وُجدت هي ، بالفعل الاخر لن يستطيع ان يفعل ذلك
خرج صوته اخيرا:-
_معاكي حق ، هشوف الموضوع دا واقولك..
اؤمات بحسنا ، ثم ودعته وصعدت اخيرا ، ركب هو سيارته ايضا وذهب..
فتحت هانيا باب المنزل ودخلته ، كادت تغلقه فوجدت ملك امام وجهها سمحت لها بالدخول ، واغلقت الباب خلفها
سلمت عليها بتعب ، ثم جلستا معا علي مقاعد غرفة المعيشة ، قالت ملك بتعجب:-
_مالك مضايقة كدا لية ؟ انا لسة شيفاكي من الشباك الضحكة كانت من الودن دي لـ الودن دي
هانيا بوجع:-
_انك تمثلي طول الوقت انك مبوسطة وانتي مش كدا ، بيرهقك ياملك
نظرت لها بتعجب فأندفعت هانيا بالحديث:-
_حكالي انهاردة عن كوابيس بتجيله ، من وصفها عرفت انه يقصد يوم الحادثة ، بس للاسف حسب كلامه فهو مش فاكر اليوم دا ، معرفش هو فعلا مش فاكره ولا بيقولي كدا علشان ميظهرش قدامي وحش
تحمست ملك لذلك ، ربما هانيا تغير رأيها الان ، لذلك قالت في محاولة منها لتقنعها بتغيير رأيها ومخططها:-
_اكيد مش فاكر ياهانيا ، لو فاكر وعارف مستحيل كان يصارحك بحاجة زي كدا
تطلعت لها بأقتناع ، فـ لو هو يعرف سبب كوابيسه معقول سيحكي ؟! معقول سيقول لها " انـا قـاتـل "
ملك:-
_اهو ظالمينه ، يبقي بقي تغيري خططك دي وبلاش منها
قالت بنفي:-
_لا طبعا ، هو مش فاكر لكن دا ميثبتش انه معملش ، هو قتل ويستاهل العقاب
ملك بقلة حيلة:-
_افتكري انك بتحبيه
هانيا بشر:-
_انا فاكرة بس .. انه قاتل اخويا
****
محدش هيقولك انا مذنب بس لو قالك .. هتسامحه ؟