رواية عيناك ملاذي بقلم سارة علي الفصل الثالث 3 كامل للقراءة والتحميل pdf
رواية عيناك ملاذي الفصل الثالث 3
اتسعت عيناها بصدمة مما سمعته ، لقد خابت جميع ظنونها الحسنة به ، مجددا يخذلها القدر ويجعلها تثق بالشخص الخطأ ..
ابتلعت ريقها بتوتر وأخذت تفكر في طريقة سريعة تخرجها من هذا المأزق
بينما هو يتأملها بملامح جامدة ساكنه لا توحي بشيء ..
نطق أخيرا بلهجة باردة :
" قلتي ايه ..؟!"
" أنا ..."
نطقت بها متلكأة ليكمل بنبرة قوية :
" قبل متقولي اي حاجة لازم تعرفي انوا ده الحل الوحيد اللي قدامك عشان تحمي نفسك من ابن عمك ، وكمان بمجرد متبقي عشيقتي هتخلصي من المرمطة دي وهتعيشي حياة مثالية ، انا هوفرلك كل حاجة .."
هزت رأسها نفيا محاولا ألا تستمع لما يقوله ، نهضت من مكانها وقالت بلهجة باكية :
" كفاية ، حرام عليك .. انا مش كده ولا عمري هكون كده ..."
ثم أردفت بمرارة :
" انت فاكرني ايه ..؟! وحدة صايعة ممكن تبيع نفسها عشان الفلوس .. انا ممكن اكون فقيرة وعلى نياتي بس لا يمكن اضحي بشرفي مهما حصل .. انا مستعدة أرجع للحارة ويقتلوني ولا إني أعمل كده .."
كلامها صدمه بشدة وظهرت صدمته جليا على ملامح وجهه ، لا يمكن لكل هذه البراءة أن تفعل شيئا مشينا أو تبيع شرفها لأجل المال ، لقد أخطأ بما فعله .. هو فقط أراد أن يختبرها ويتأكد من برائتها بعدما قالوا أنها ليست عذراء لكن يبدو أنه أخطأ وجرح مشاعرها ..
لعن نفسه وتلك الفكرة التي جاءته ليتأكد من شكوكه حولها ..
نظر إليها فوجدها تخفي وجهها بكفيها وتبكي بصمت ، قال :
" اهدي .. اهدي يا تالا ، انا اسف .."
لم تبدي أي ردة فعل ، فقط استمرت في بكائها ليقول بصوته الهادى :
" تالا ممكن تبصيلي.."
أبعدت كفيها عن وجهها ونظرت له بعينيها الدامعتين لينهض من مكانه ويتقدم نحوها قائلا بأسف حقيقي :
" انا اسف .. اسف اووي .."
" انا عايزة اروح .."
قالتها ببراءة وترجي ليبتسم بألم ويقول :
" صدقيني انا مش من النوع اللي ممكن يستغل بنت لأي سبب كان .. انا بس كنت عايز اختبرك وأتأكد من براءتك بعد اللي قالته الست اللي اسمها هيام .."
وجدها تنطق بسرعة وتوسل :
" انا والله بريئة ، صدقني معملتش حاجة .. صدقني.."
" طب هي قالت كده ليه ..؟!"
سألها بحيرة لتهتف مجيبة إياه :
" معرفش .. حقيقي معرفش .."
" طب ممكن تقعدي عشان نتكلم .."
نظرت إليه بشك وتوجس شديد ليزفر أنفاسه بقوة ويقول بصدق :
" صدقيني انا كنت بختبرك .. اقعدي واسمعي كلامي .. من فضلك .."
جلست بتردد أمامه ليجلس على الكرسي المقابل لها ويقول بجدية :
" انا هساعدك يا تالا ، متقلقيش .. نوقف جمبك واحميكِ من اهل الحارة وابن عمك اللي مش هيسيبك .. "
" بجد ..؟!"
سألته بنبرة متأملة ليومأ برأسه ويقول :
" بجد .. المهم قبل كل ده لازم نعمل حاجة مهمة .."
" حاجة ايه ..؟!"
سألته بحيرة ليجيبها بجدية :
" لازم نتجوز.."
" نتجوز ..؟!"
قالتها بعدم تصديق ليومأ برأسه ويقول مسترسلا :
" نتجوز عشان نردلك سمعتك بين الناس .. وعشان محدش يقدر يجيب سيرتك بحاجة .. "
" بس انت مش مضطر تعمل حاجة زي دي ..؟!"
قالتها بخجل شديد ليقول :
" لا .. انا لازم اتجوزك وانقذ سمعتك .. متقلقيش يا تالا هيكون جواز صوري ..جواز يحافظلك على سمعتك ويحميك من اهل الحارة وابن عمك بنفس الوقت ..."
" انا مش عارفة اقولك ايه ..؟!"
قالتها بنبرة ممتنة ، رد عليها :
" بس اهم حاجة يا تالا ، الكلام هيفضل سر بينا ، يعني محدش هيعرف فجوازنا غير اهل الحارة وعيلتك.."
ابتلعت ريقها واكتفت بإيماءة من رأسها ، قال أمير :
" هاتي بطاقتك بقى ، بكره الصبح هنروح للمأذون ونكتب الكتاب .."
أخرجت بطاقتها الشخصية من حقيبة يدها وأعطتها إياه ليأخذها منها ويضعها داخل جيب سترته ..
بقلم سارة علي
خرج كلا من أمير وتالا من عند المأذون ، اتجها نحو السيارة بعدما شكر أمير الشاهدين اللذين استأجرهما ، ركبا السيارة بجانب بعضيهما وبدأ أمير في قيادة سيارته ..
" امتى تحبي نبلغ اهلك والحارة بجوازنا .؟!"
سألها بجدية لترد بخفوت :
" وقت متحب .."
نظر إليها للحظات ثم قال عائدا بأنظاره نحو الأمام :
" هروح انا ابلغهم بنفسي ، ملوش لزمة تيجي معايا .."
تنهدت تالا بإرتياح فهو قد حمل عبئا ثقيلا من عليها ، هي لم تكن مستعدة لمواجهة عائلة عمها وأهل الحارة ، ليس بعد كل ما حصل ..
أوقف أمير سيارته أمام الشقة التي يقطن بها وقال :
" انا ساكن هنا .. وانتِ هتسكني معايا اليومين دول لحد ملاقيلك شقة مناسبة .. وهحاول ألاقي شقة بنفس العمارة عشان أكون مطمن عليكِ.."
" ملوش داعي تتعب نفسك ، انا هدبر أمري .."
قالتها بخجل لينظر إليها قليلا قبل أن يقول بضيق :
" مينفعش الكلام ده ، انتِ دلوقتي مسؤولة مني .."
صمتت ولم ترد ليأمرها:
" انزلي يلا .."
هبطت من السيارة واتجهت معه الى داخل العمارة وتحديدا الى داخل الشقة التي يقطن بها أمير ، فتح أمير باب الشقة وفسح المجال لتالا كي تدخل ، ولجت تالا الى داخل الشقة وأخذت تتأملها ،كم غريبة هي الحياة ..؟! البارحة دخلت الى هذه الشقة كخادمة واليوم هي زوجة صاحبها ..
أفاقت من شرودها على صوت أمير يقول :
" الشقة صحيح صغيرة بس فيها أوضتين ، وحدة بتاعتي والتانية ليكي .."
ثم أشار الى احدى الغرف قائلا :
" تعالي شوفي أوضتك .."
سارت خلفه ليفتح لها باب الغرفة فتتطلعت إليها بسعادة لا إرادية وهي لا تصدق أنها ستنام في غرفة كهذه بعدما كانت زوجة عمها تجبرها على النوم في المطبخ ..
" هسيبك عشان تستريحي شوية .. انا هروح الشركة .."
التفتت نحوه واومأت برأسها متفهمة ليكمل :
" فيه اكل كتير بالثلاجة ، اعملي منه اللي تحبيه ..."
أومأت برأسها مرة أخرى ليخرج من غرفتها والشقة بأكملها متجها الى شركته ..
اما تالا فجلست على السرير تتلمسه بعدم تصديق ، تمددت عليه وهي تحتضن المخدة بفرحة كبيرة ، أخذت تدعو ربها ألا يكون هذا مجرد حلما سوف تستيقظ منه وينتهي كل شيء ..
---
جلس أمير على مكتبه لتقترب منه السكرتيرة وهي تحمل له فنجانا من القهوة وتضعها أمامه قائلة بحب :
" اتفضل القهوة ، امير بيه .."
شكرها بصمت وهو يتناول فنجان القهوة لتخرج السكرتيرة من مكتبه بينما ُفتحت الباب ودلف فراس صديقه إلى الداخل لينهض أمير من مكانه مسرعا ويقول بدهشة :
" انت مسافرتش...؟!"
" للاسف، السفرية اتلغت.."
ابتسم أمير وقال :
" كويس .."
اتجه فراس نحو الكنبة الموضوعة في احد اركان الصالة وقال :
" طبعا انت فرحان دلوقتي .."
" أوي .."
قالها أمير بخبث ليقول فراس بجدية :
" اخبارك ايه ... ؟! فيه جديد ولا لا ..؟!"
أجابه أمير :
" مفيش جديد ، بس انا تجوزت .."
" بلاش هزار يا أمير، مش فايقلك أنا .."
ابتسم أمير وقال :
" انا مش بهزر يا فراس .. انا لسه متجوز من ساعتين .."
نهض فراس من مكانه ووضع كف يده على جبين أمير ليقول بعد لحظات :
" لا حرارتك كويسة ، امال بتقول كده ليه ..؟!"
أجابه بجدية :
" عشان انا بتكلم بجد ، انا اتجوزت .."
" مين ..؟! اتجوزت مين ..؟!"
" وحدة متعرفهاش .."
" طب ازاي..؟! "
تنهد أمير وقال أخيرا:
" هحكيلك .."