رواية قطرات الحب الفصل الرابع بقلم إلهام رفعت
رواية قطرات الحب الفصل الرابع
انفجر بعروقها غضب تجاه الآخر وهو يشدد من امساك يدها، قابله هلع خضخض أوتار قلبها وهي ترنو لابنها الملقي أمامها؛ وكأنها دخلت في صدمة داخل كابوس موجع، أفاقها منه صراخ والدتها المهتاج ونبراتهم الخائفة، وجاء صراخها الهيستيري تعبيرًا عن هياجها العلني من فعلته الشنعاء تجاه ابنها، بل ابنهما.
وبعنف فاجأ زين سحبت لمى يدها منه؛ ثم ركضت ناحية ابنها الذي حمله سيف بحذر؛ ليطمئن عليه، فأضحى زين مراقبًا لما يحدث بعين لعن فيها تهوره، فرؤية الخوف في نفوسهم تجاه الصغير أصابته بندم؛ فموقفه مؤسف ومكروه؛ لكن أغضبه خوف الآخر على الطفل، أجل فهو ابنه، فتأججت عدائيته لهما والولد بينهما، يتأملونه سويًا بخوف، ثم انتبه للحقير عشيقها يقول بخوف وهو يتحرك ناحية الخارج:
-لازم يروح المستشفى دلوقت، الولد مغمي عليه ودا مش كويس
انتفضت لمى مفزوعة وصاحب ذلك بكاؤها المتألم، وهي تركض خلف سيف لتلحق به، فصر زين أسنانه بقوة من توددهما المتبادل؛ وكأنه هو غير المرغوب به، أيضًا جاء صوت والدتها تخاطب زوجها السيد كارم وتكلفه بقلق:
-معاهم يا كارم، وأنا هحصلكم
تابعهم كارم منكتلاً دون تفكير، بينما حدجت السيدة إيمان زين بغلٍ استفاض على سائر طلعتها الكارهة له، خاطبته بنفور:
-عاوز تموت طفل ملوش ذنب، منك لله، أنا هبلغ عنك وأوديك في مصيبة
كأنه لم يستمع لهرائها وهي تحدثه، بل تحرك باردًا ناحية الخارج؛ مغادرًا لذاك المكان، وهذا ما أغضب السيدة، وتحمست لتخبر الشرطة عنه، ثم ركضت لترتدي ثيابها وتخلفهم..
في الخارج، توجه زين ناحية سيارته، وما شفع لتركه للأخيرة هو حالة الولد فقط، كونه لم يود الدخول في أمور نائحة كتلك، ستجلب له مشاكل تذبذب حياته بالطبع، نفخ بعصبية وهو يستقل سيارته، وقبل تحركه بها انتبه لـ مايا تخاطبه:
-زين استنى!
قست نظراته وهو ينظر إليها فقط، فتابعت بعتاب:
-زين اللي بتعمله غلط، وتصرفاتك أنانية قوي، مخلياك ناسي ظلمك لـ لمى!
بدت هيئته مستهزئة بكلامها، قال:
-اللي عملته فيها صعب، طيب واللي عملته معايا، كان عادي، تتجوز وهي عارفة إني مطلقتهاش، كده أنا أناني، صح؟
ترددت مايا في إيضاح الحقيقة له، فقالت بحذر:
-زين إنت مش فاهم حاجة، الموضوع مش زي ما إنت فاهم
ضجر من كلام لا يفيد، فقام بتدوير سيارته ليرحل من المكان؛ لكن لن يترك ما حدث دون ردٍ منه لتعود كرامته..
تابعت مايا ذهابه مقطبة القسمات، متأففة لرؤيتها سوء الفهم ذاك يحدث أمامها، وقبيل تلفظها بحرف، تذكرت تحذيرات لمى، وخشيت أن تلومها فيما بعــد..........!!
____________________________________
منذ أتت وعلامات الضيق تنقشع عليها، وأدرك حينها أنها بوادر لخروج غضبها، ومن ثم اختلاق ملحمة تضطهد فيها بالتأكيد زوجة ابنها، فهذا ما استشفه زين، الذي بات يعرفها عن ظهر قلب، ولمعرفته بأنها مندفعة في كثير من الأحيان، كان بمثابة سد خلاص لينهي ما يدور حوله وينشأ من مناوشات تعكر استقرار أسرته.
ثم تأهب كليًا لتعلن ما استنبطه منها، حين تحركت نحوه وهو جالس في غرفتهما يطالع جهاز حاسوبه؛ ظاهريًا فقط، جلست نور بجواره واجمة، وخلقتها تعرب أنها تريد البوح بشيء، فبدأ زين في تسهيل الطريق لها، وسألها:
-خير يا نور، فيه حاجة ضايقتك في القاهرة؟!
نظرت له كأنه جذبها لتخرج ما كبتته طوال طريقها، هبت قائلة بامتعاض:
-ماريان قالت لـ زينة على سبب زعلها مع جوزها، مع إني نبهت عليها
تعقل زين وهو يرد وقد جهز أجوبة مقنعة، قال:
-من شوية رفضتي شروط ريان، وقولتي تطلق أحسن، يعني زينة وغيرها كان هيعرف السبب، أومال طلاقها هنخبيه يعني
اغتمت نور وهي ترى تقلب حال ابنتها، وأصابتها حالة من خيبة الأمل تجاه الآخر، فنظرت أمامها تلومه بحزن، قالت:
-كده يا ريان، وأنا كنت أول واحدة شجعت جوازكم، افتكرتك فعلاً بتحبها، دا وعدك ليا!
تناست نور أي تضايق بداخلها، وظل فقط وجعها على وضع ابنتها، وعبارات العتاب التي ترددها، ثم أجهشت بالبكاء، فدنا زين منها وضمها إليه؛ مخففًا من شجنها، قال:
-متحطيش الذنب عليكِ يا نور، دا نصيبها، يمكن كان جوازهم من البداية تسرع، ودا نصيب
انتحبت نور وهي تقول بندم:
-أنا السبب، يمكن خوفي عليها خلاني أقولها متخلفش دلوقت، صدقني مش قصدي أخرب حياتها، خوفي عليها بس
تعالى بكاؤها وهذا ما فطر قلب زين من أجلها، هتف بعدم رضى:
-كفاية يا نور، مش عاوز أشوفك بتعيطي، كده بتتعبيني أنا
-غصب عني!
خرجت منها هذه العبارة وسط شهقاتها، فضمها أكثر إليه مكفهرًا من نتيجة ما حدث، وزاد استيائه مما فعله ريان، ألقى كل اللوم عليه وهو يقول:
-العيب عليه هو، أي حاجة تهون قصاد الحب، ودا بيأكد إن حبه ليها كان لعب عيال، واللي حصل ده كشف مشاعره الحقيقية
خف بكاؤها قليلاً وهي ترد بتحسّر:
-كل اللي خايفة عليه بنتي، للأسف بتحبه، ودا متأكدة منه، لأن حبها ليه دا كان أكبر أسبابي علشان أجوزهم صغيرين كده، فكرتني بنفسي وحبي ليك
ابتسم زين تلقائيًا ثم قبّل أعلى رأسها، قال:
-إحنا معاها وجنبها، وهنخليها تبدأ من الأول، هي صغيرة وجميلة، والتجربة دي هتمر وهتنساها بغيره
لم تقتنع نور بذلك مطلقًا، فما يرسخ في قلب الأنثى من حب أوّلي يصعب نسيانه، وستظل تتذكره؛ حتى وإن وجدت البديل، لذا وبتمنٍ من قلبها رددت نور:
-يا رب يبعد عنها أي حاجة وحشة، ويخفف عنها......!!
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
دُهش من سرعة ارتدائها لملابسها متأهبة للخروج، كذلك إخراجها لكلمات غاضبة؛ موبخة بها طيش زين وتحجر قلبه، فوقف آيان أمامها ليمنعها من إكمال ما تفعله قائلاً:
-مش هينفع تروحي يا زينة
أحدت إليه النظر وقد تذمرت، هتفت:
-ما هو علشان قريبك واقف معاه، إنما بقى أنا معرفوش، واللي عمله في طفل ما يتسكتش عليه
ثم أزاحته من طريقها لتتابع هندمة ملابسها، فسألها بضيق:
-ولما تروحي هيحصل أيه، الولد هيخف يعني؟
ثم عاود رفضه لخروجها حين جعلها تتوقف متابعًا:
-أنا مقدرش أزعل ابن عمتي مني، يعني صاحبتك أكيد هتفكر تحبسه، عاوزاني أقف ضده ومراتي سامحلها تقف مع اللي هتسجنه
تشنجت زينة وهي ترد:
-بذمتك اللي عمله دا كان صح، ولا واحد معندوش قلب، لما يحرق قلب أم على ابنها ويعاقبه على حاجة ملوش ذنب فيها
رد بعقلانية:
-أنا معاكِ إنه غلطان، بس مقدرش أقف قصاده، دا ابن عمتي، مش صاحبي يا زينة
لمّح لها بأن الأخيرة مجرد صديقة لها، وصلة القرابة عنده تفوقها، وحين لاحظ آيان عدم ارتضائها لتقف دون حراك، قال بلطافة:
-مش هتروحي المستشفى، استنى لما الولد يخرج بالسلامة وروحي زوريه، إنما الوقت ده غلط، علشان خاطري يا حبيبتي
تأففت زينة وهي تتحرك بعيدًا عنه، مزعوجة من عدم سماحه لها بالخروج، فلحق بها آيان ثم وقف خلفها، قال:
-اتصلي بيها واطمني على الولد........!!
________________________________
-قولت اتصل أطمن عليكِ!
هتف بهذه العبارة والدة سمر، لابنتها بالطبع، فردت سمر بعبوس:
-قاعدة لوحدي، مش عارفة فيه واحد لسه متجوز يخرج ويقابل صحابه ويسبني
رفضت والدتها تلك الطريقة النابعة منه وعابت عليه، قالت:
-لا ميصحش طبعًا، متعرفيش خرج ليه؟
ردت بتأفف:
-معرفش عنه حاجة، كل اللي بيكلمني فيه، نخلف بسرعة، ومستعجل قوي
تعجبت والدتها مثلها وأكثر، تساءلت:
-يعني مش هتروحوا شهر العسل زي بقية العرسان
سخرت سمر مما تفوهت به، وعلقت بتهكم:
-يا ماما بقولك عاوزني أخلف، تقوليلي شهر عسل
قالت والدتها بلا مبالاة:
-مش قولنا هنعمل اللي اتفقنا عليه، قلقانة ليه بقى؟
اضطرار سمر لتنفيذ ما خططت له والدتها، كان الحل المنقذ لها في تلك المسألة، قالت:
-لا مش خايفة، بس مكنتش أتخيل يستعجلني بالخلفة، على الأقل نستنى فترة كويسة.
استمع زين لرد سمر عبر الهاتف، حين ولج الغرفة عليها فجأة، فارتبكت موضعها وهي تحملق به، واضطرت لإنهاء مكالمتها، تحرك زين نحوها مكشرًا، غير راضٍ لما سمعه منها، فنهضت سمر لتقابله مزيفة ابتسامة وتخاطبه:
-أخيرًا رجعت!
لم يعلق على ما قالته، بل سألها بجهامة على ما سمعه منها:
-أيه اللي كنتِ بتقوليه، إنت مش عاوزة تخلفي ولا أيه؟
توددت وتدللت في ردها بطريقة لم يرضى عنها، قالت:
-أنا كان قصدي إني صغيرة لسه، وعاوزة أعيش حياتي مع جوزي شوية بدون دوشة ولاد وكده، فمتظلمنيش بالخلفة بدري
ابتعد عنها زين ليشلح سترته، ولم يخض كثيرًا في الأمر، ولكن هيئته أعربت أنه انزعج، وبالتأكيد لن يرغمها على ذلك، فتحركت سمر خلفه وقد اختنقت من إصراره، ورغم ذلك عاودت الشرح بتبرير:
-العُمر طويل، يعني أنا باقول إن لسه بدري، نعيش حياتنا و...
قاطعها بملل وقد انفعل:
-خلاص اسكتي
ابتلعت بقية كلامها ولم تتفوه بحرف بعده، وفقط وقفت تتابعه وهو يبدل ثيابه، وحين انتهى وتوجه للفراش لينام، فاجأها حين أخبرها قائلاً:
-أنا من بكرة هنزل الشغل!
شهقت واستنكرت أن يفعلها الآن، وتلقائيًا ربطت سبب قراره ذاك بما قالته له، هتفت:
-كل ده علشان طلبت نأجل الخلفة، إنت بتعاقبني؟!
دثر نفسه لينام ويخرج من صراعات هذا الواقع، غير مبالٍ بها أو بغيرها، فحدقت به سمر مغتاظة، لتصفه في نفسه بأنه بارد كالثلج، ولم تقابل مثله في حياتها قط، وقررت في نفسها أن تتلطف معه، وتنفذ كلام والدتها؛ كي تحيا في هدوء وسكينة معــه.......!!
___________________________________
لم تكف عن البكاء منذ حضرت بطفلها للمشفى، وضجة الأطباء من حولها تخيفها، ولا ريب لما تراه سوى أنهم يتسابقوا لإنقاذ ابنها، والقلق كان حليف الجميع، فجلست موضعها تناشد الرب، ودموعها تتدفق وتتجدد مع كل لحظة تمر عليها، ومواساتهم لها كانت لا تجدي نفعًا، ولم يغتبط هلع قلبها إلا بحضور أحد الأطباء، وباهتمام تمعنت النظر في مؤشرات وجهه؛ لتستشف ما إن كان الخبر محزن؛ أم مفرح، وجاءت ابتسامة الطبيب المهونة وهو يتحدث لتخفف عنها، حين قال:
-الحمد لله فاق، كانت غيبوبة مؤقتة، لكن الخبطة مأثرة عليه، وإنه فاق دا كويس
ذاك الجانب من حالته جعلها تتفاءل، هي ومن معها، وتصببت عبارات الحمد من جميعهم، فأردف الطبيب:
-هنعمله إشاعات دلوقتي، ونطمن على سلامة المخ، لأن فعلاً الواقعة جامدة، ويا رب ميكونش فيه نزيف داخلي، أو يفقد الذاكرة
-يا رب!
قالتها لمى بلهفٍ وهي تدعو أن يمر وضع ابنها بسلام، فسألت والدتها الطبيب:
-طيب مش هتسمحولنا نشوفه؟
-للأسف هو تحت ملاحظة دلوقتي وهتتعمله الإشاعات، ولما نخلص المطلوب هنخليكم تشوفوه!
ابتسمت له لمى ممتنة لتفانية في عمله، فرحل الطبيب ورددت:
-الحمد لله إنه فاق، كنت خايفة عليه!
عاودت الجلوس مكانها وقد هدأت قليلاً، فتبدلت حالته والدتها من الحزن للغضب المستطير، هتفت:
-ليه قولتي إنه وقع واتخبط في راسه، إنتِ هتسيبي الحيوان الهمجي ده يفلت بعملته؟، وابنك لسه مش عارفين مصيره
تيقنت لمى أن والدتها ستنزعج من ذلك، فاختلقت سبب وعللت:
-عملت كده علشان ابني، ممكن يستغل وجوده في قضيته، واضطر وقتها اثبت إنه ابنه هو!
كزت السيدة إيمان على أسنانها بقوة كظيمة، فكم ودت أن تعاقب الأخير على ما اقترفه، قالت:
-بس الولد لو قدر الله طلع عنده حاجة أنا مش هسكت، وهسجنه المجرم ده
قال السيد كارم باستياء:
-الموضوع بقى صعب قوي، وأنا مش راضي عنه، فبقول بدل من كل اللبس ده، إن زين يعرف بـ يونس، يمكن عصبيته دي تقل و...
صاحت السيدة لتعارضه باحتدام:
-مش ممكن، اللي زي ده يتحرم منه، لأنه ندل، مش بعيد ياخده ويحرمها منه!
خفق قلب لمى برهبة من حدوث ذلك، فقالت:
-مش هقوله، أنا أموت لو حرمني منه
قال سيف بتودد:
-وإحنا مش هنسمح بده، كفاية بقالك كتير بتهتمي بابنه، واحدة غيرك كانت كرهت تخلف منه
انزعجت السيدة وهي تتذكر رفض ابنتها إجهاضه حينها، مدعية أن ذلك سيشكل خطر عليها، تنهدت بضيق ثم خاطبتها بنصح:
-ركزي في كل خطوة وحاجة بتعمليها، ومش عاوزاكِ تنسي إن البني آدم ده دمر حياتك، واتجوزك علشان يذلك، وكان السبب في رقدة ابنك جوه مش عارفين مصيره
حدقت لمى أمامها تفكر، وتتخيل حياتها إذا علم بأمر ابنهما، أو لا قدر الله تفاقم وضع ابنها، وبسرعة نفضت هذا الهاجس من عقلها، متأملة أن يعود لها كما كان، وهذا ما شغل فكرها الآن، بعيدًا عن توعدات زين لهــا............!!
___________________________________
فرحتها برؤية الصغيرة فاق تخيله، هو مدرك تلك المحبة نحوها؛ لكن ليس لذلك الحد، وجلس بينهم يتابعها وهي تحملها على فخذها وتلاعبها وتقبلها، متهللة من عودتها، وتمنى في نفسه ألا تعاود التفكير في مسألة إنجابها مجددًا، ثم فتح الحديث معهم قائلاً:
-مش تباركوا لـ رسيل، بقت سيدة أعمال ما شاء الله
انتبهت له رسيل وهو يتحدث، ولمحت في طريقته سخرية منها وعبست، قالت:
-ومالك بتقولها كده ليه، كأنك بستخف بيا؟
رد معارضًا بطريقة استفزتها:
-بالعكس، دا أنا مبسوط ومتفشخر بيكِ
احتدت نظراتها عليه، فهي متيقنة تهكمه منها، فتدخل السيد مروان قائلاً بابتسام:
-خلاص هتتلككوا وتبدأوا خناق، عمركوا ما هتعقلوا
قالت السيدة سميرة بمدح:
-ورسيل طول عُمرها شاطرة وذكية، كفاية إنها دكتورة قد الدنيا
تفاخرت رسيل بنفسها وعمتها تمدحها ثم اشرأبت بذقنها للأعلى، فنظر لها أيهم بضيق؛ مستهزئًا في نفسه منها، وقال:
-يا رب تفلح، هنعوز أيه غير كده!
تجاهلته رسيل ثم تابعت ملاطفة الصغيرة، خاطبتها:
-بتبقي مبسوطة وإنتِ معانا يا رسيل؟
اومأت الصغيرة بتأكيد وهي تبتسم، فقالت رسيل وهي تقبلها:
-وكلنا هنا بنحبك
تنهد أيهم وقال:
-خليها تاخد راحتها وتلعب مع الولاد، شيلاها ليه؟
-أيوة أيهم عنده حق!
أكدت السيدة سميرة كلام أيهم، فوافقت رسيل على ترك الصغيرة تلهو برفقة أبنائها، ثم وجهت بصرها لعمتها وقالت:
-هنا أفضل لـ رسيل، يا ريت تدخلوها المدرسة هنا
رد عليها السيد بترحيب:
-أنا باقول كده، لأن المدارس في القاهرة خاصة وعلى مستوى، ويهمني بنتي تتعلم في مكان كويس طالما أقدر
لم تخفي سميرة شغفها في رؤية ابنتها في أفضل حال، فأضافت لكلام زوجها بمفهوم:
-يمكن ندخلها هنا، أنا كمان أحب أشوف بنتي بتتعلم كويس
اتسعت بسمة رسيل من ذلك وهي تنظر لـ أيهم، الذي لم يشارك في الحديث ذاك، فغيّر الموضوع وخاطبها:
-استاذ ممدوح ابتدى شغل في المكان تبع الوفد، وقريب وهينتهي
-كويس!
ثم صمتت مترددة في إخباره بشيء، لكن قالت بتلجلج:
-مستر هانك كان عرض عليا اعمل زيارة أسبوع لأمريكا، بخصوص الشغل
انتصب في جلسته متجهمًا، هتف:
-يعرض عليكِ بتاع أيه؟، إنتِ شغلك هنا وبس
وضحت بتوتر:
-أنا ومدام نور، مش لوحدي يعني، وهو بيتكلم بطريقة شغل مش حاجة تانية
نهض أيهم وبدا غير موافق من هيئته، قال:
-من الأول مكنتش موافق على شغلك ده، بس واضح كده إن كان عندي حق
ثم تحرك ناحية الأعلى متضايقًا، فتتبعته بنظرات حانقة لرفضه الفوري دون أن يستمع لها، ثم هتفت:
-عجبكم كده؟!
قالت السيدة سميرة باستنكار:
-عنده حق، سفر أيه يا رسيل، وولادك؟
-دا شغل
وضحت رسيل السبب، بينما قال السيد رؤوف بعقلانية:
-الموضوع ميتاخدش كده، مع جوزك واتفاهموا بينكم، ولو أيهم رفض فدا أكيد من خوفه عليكِ.........!!
_____________________________________
بالصدفة استمعت لحديثهن وهي تهبط الدرج، وتعجبت في ذات الوقت منه، فتوجهت نحوهن مترقبة، يغلبها فضولها، فتوقفت نور عن الحديث حين لمحتها، ودنت زينة منهن وهي تقول بإشراق:
-صباح الخير!
ردت ماريان فقط عليها، ثم جلست زينة مبتسمة، وأخذت توزع أنظارها عليهن، منتظرة أن يتابعن ما يقولونه، ولم يحدث، وفي لحظة شعرت بالحرج حين تعمدن عدم الكلام في حضورها، فصمتهن اربكها، فتنحنحت وسألت بتردد:
-سمعتكم بتقولوا سفر، هي ماريان هترجع شرم؟!
سارعت ماريان بالرد موضحة:
-لا ماما عاوزة تاخدني معاها أمريكا!
أصاب زينة عدم الفهم ودارت عدة أسئلة برأسها، بينما تضايقت نور من صراحة ابنتها معها، فزفرت قائلة:
-أصل ماريان هخليها تدخل الشغل الجديد معايا، علشان تنسى وتشغل وقتها
سألت زينة باندهاش:
-هي مش هترجع لجوزها ولا أيه؟!
رغم أنها بغضت ذاك التدخل منها في أمور لا تعنيها، ردت باقتضاب:
-لأ
ذاك الرد لم يفاجئ زينة فقط، بل صدم ماريان أيضًا، وحدقت بوالدتها بجهل، كيف هذا، ماذا حدث؟، فأطلقت زينة بعض الاعتراضات؛ معربة عن ضيقها من ذلك، قالت:
-ليه خراب البيوت ده، ما تسيبيها تعيش مع جوزها، الموضوع ممكن ينحل!
تماسكت نور ألا تنفعل من ردها المستفز؛ وكأنها تلومها هي، فكبحت ضيقها، واعتزمت أن تثير حنقها هي، وقالت:
-ماريان صغيرة، وهي بنت جميلة، ليه تضيع أجمل لحظات حياتها في مشاكل ووجع قلب، أنا هاخدها معايا تشتغل وتثبت كيانها، مش أحسن ما تتلخم في عيال يوجعوا راسها، كده أحسن ليها.
بالطبع لم تحتاج زينة لوقت لتدرك تلك التلميحات، بأنها تقصدها هي، ومتابعة نور الحديث ضايقها أكثر، حين قالت:
-ما تروحي تطمني على ولادك، ولا بنتك، تلاقيها صحيت من نومها وبتعيط مش لاقياكِ!
نهضت زينة بهدوء ولم تجادلها، ثم تحركت ناحية الأعلى وقد أثر الحديث بها، فتعقبت ذهابها ماريان، التي تعجبت من طريقة والدتها غير المقبولة في معاملتها، بينما تشفت نور فيها، وقالت:
-كده خليها تلزم حدودها!
ردت ماريان بعدم رضى:
-زينة ما قالتش حاجة غلط يا ماما
هتفت نور بسخط:
-إنتِ صغيرة ومتفهميش حاجة، دي شمتانة فيكِ، لكن أنا مش هسمحلها
تذكرت ماريان ما قالته والدتها، فعلقت عليه بتوجس:
-هو أنا بجد مش هرجع لـ ريان
كانت تود نور الصمت مؤقتًا؛ خيفةً على شعورها، واضطرت الآن لإعلان ما ضمرته، فقالت:
-ريان عاوز يتجوز عليكِ، وأنا رفضت وطلبت طلاقك
دارت الدنيا بها وهي تستمع لها، وأجفلت عينيها لتتخيل ضياع ما حققته معه في سنوات ازدانت بحبٍ متبادل، وظنت والدتها تمازحها؛ لكن نظرات الشفقة المنبعثة منها أوجمتها، وجعلت عبراتها تنهمر ألمًا على تلاش حياتها سدى.....!!
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
توقف عن نثر العطر على حلته، حين انتبه لها عبر انعكاس صورتها في المرآة تلج الغرفة بطلعة جامدة، مبهمة، استدار آيان لها، ثم تحرك نحوها قائلاً:
-زينة إنت كويسة، فيه حاجة ضايقتك؟
هيئتها عبرت أن هناك أمر ما مجهول حدث معها، وترقب أن تخبره به، وتخوف من وجود مشاكل تجمعها بوالدته، فنظرت زينة له، وقد قررت في فترة توجهها لغرفتها، قالت:
-عاوزة أشتغل!
ابتسم وقد استخف بالأمر، قال:
-دا أنا افتكرت الموضوع كبير!
ثم تحرك ناحية ابنته في تختها ليقبلها ويداعبها قبيل خروجه؛ لكن استهتاره بحديثها ازعجها، فنهضت من مكانها حانقة، هتفت باصرار:
-لا الموضوع كبير، عاوزة اشتغل يا آيان
نبرتها القوية وهي تتحدث ارغمته على الانصات باهتمام للأمر، فالتفت لها وأخذ الأمر بجدية، قال:
-معنديش مانع يا زينة، بس استني لما البنت تكبر شوية
قالت بعناد وتر أعصابه:
-هشتغل، لو لقيت فرصة لده
اومأ بامتثال، ولم يعارضها في قرارها، فهو لا يريد شجار بينهما، قال:
-ربنا يسهل يا زينة
تحركت لتحمل ابنتها، وتحدته بقرارها المفاجئ له، وكانت جادة فيما انتوته، وصدمته بتجاهلها له حين توجهت للشرفة، فصلب أعينه عليها، وذلك ما جعله مشدوهًا من سبب حماسها المباغت ذاك، متسائلاً عما حدث لتتبدل هكذا، فارتضائه كان مؤقتًا فقط، لعدم إفساد حياتهما، فهو غير متقبل عملها في الوقت الحالي، أو تمنيه نفضها للفكرة من الأساس......!!
____________________________________
توسلاتها دفعتهم للسماح لها برؤية الولد، حالته ليست بجيدة الآن؛ لكن تفهموا وضعها كأم، وتأهبت لمى ظاهريًا فقط، فلأول مرة تراه هكذا مريض، وقعيد الفراش.
وحين ولجت عليه غرفة العناية المشددة اهتز قلبها بخوف، فما تراه يوحي بأن حالته خطرة، ولم تتفهم سبب تلك الأجهزة الموصولة به، ووجدت البكاء الواجم الحل في ذلك الوقت، لتفرغ به أحزانها المتراصفة بداخلها، ثم دنت منه وتعلقت عيناها به، وقفت أمامه تطالعه بشفقة وهي تبكي، فلم تتخيل أن رقدته تلك ستكون بسبب والده، وفورًا وضعت اللوم عليها، فهي سبب البُغض المندفع من الأخير تجاه صغيرها، خاطبته:
-ربنا يقومك بالسلامة يا حبيبي، أنا ممكن يجرالي حاجة لو مخفتش وقومت بالسلامة
تابعت في نفسها بتحير:
-مش عارفة اللي باعمله دا صح ولا لأ، بس أنا مش عاوزاك تبعد عني
عاودت مراجعة ما فات، وأنها أضحت المذنبة في حقه، فطمسها للحقيقة شوّه صورتها أمامهم، رددت بقلق:
-خايفة أندم لو قولت على كل حاجة!، أنا لحد دلوقتي مش فاهمة، هو بيحبني ولا عاوز مني أيه؟؛ أو ليه بيعاملني كده؟!
ثم اغمضت عينيها بألم، فما مر عليها يصعب تحمله، ولم تتمناه امرأة قط..
انتبهت لمى للممرضة تلج الغرفة، فانتفضت متذمرة، فلم تمر سوى لحظات قليلة، لم تشبع عينيها بالاطمئنان عليه، فتحركت الممرضة نحوها ثم همست:
-فيه حد باعتلك الورقة دي مخصوص!
تناولت لمى الورقة وقرأت فحواها سريعًا، ثم تملكت منها ضراوة جمة، فهو يتعمد استفزازها بطلبه ذاك، تعالت أنفاسها ثم تحركت ناحية الخارج، لمعرفة ماذا يريد منها؟، علها فرصة تنهره من خلالها لم أجرمه في حق الصغيــر......!!
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
تجرؤه لحضوره للمشفى دون خوف، لم يدهشها قط، بل قلقت من زيارته الغير مفسّرة تلك، وفي صمت انسحبت من بين أسرتها لترى ماذا يريد منها؟، وحين دلفت لخارج المشفى، وجدته واقف بالحديقة يولي ظهره وينتظرها، حدجته بغيظ شديد لتطاوله على ابنها، بل ودت أن تعتصر حلقه حتى الموت، ثم أخذت تقترب منه وهي نافرة من مجرد رؤيته..
انتبه زين لوقع أقدام من خلفه، فاستدار بجسده ليجدها قد أتت، نظرات عينيه كانت غامضة، ولم تتفهم ما يدور بداخله، ثم وقفت أمامه عابسة، سألته بغلظة:
-جاي ليه؟، ليك عين تيجي بعد اللي عملته في طفل صغير؟
احترست لمى في كلامها معه؛ لتضع اللوم عليه في معاقبة طفل، لا ذنب له، رد بلا مبالاة مستفزة:
-ولا يموت حتى، ما في داهية
توهجت عيناها بغضب وهي يتمنى موت ابنها، بل وابنه هو الآخر، هتفت:
-إن شا الله إنت!
ثم ارتبكت من نظراته المبهمة عليها، واستطردت بتذبذب:
-يلا إمشي مش عاوزة أشوف وشك
حرك رأسه للجانبين ببرود شديد؛ رافضًا لما قالته، قال:
-هتشوفي وشي كتير، فكراني أيه؟، بسهولة كده هرضى باللي عملتيه معايا، لا أنا راجل ومقبلش اتهزأ على إيد واحدة زيك
انفعلت لمى وهي ترد عليه:
-حرام عليك، كفاية اللي عملته فيا، طالما شايفني وقحة كده سبني أشوف حياتي، روح لمراتك، سايبها ليه، عيش حياتك وأبعد عني!
لم يهتم بعصبيتها وهي تتحدث، ولا بتوبيخها له لما فعله بالصغير، تجاهل زين كل ذلك ليفكر في نفسه، وسعّر ذلك غيظها منه، واستمرت تحدجه بنظرات نارية، قال بهدوء أزعجها:
-طلعتي ناصحة إنك مبلغتيش عني، لأن ممكن استخدم الولد في إثبات خيانتك ليا
لم يكن ذاك السبب فقط في عدم اتهامها له، بل تخوفت أن يعرف به، وستضطر حتمًا أن تكشف هويته الحقيقة، وهذا ما صممت على قبعه بداخلها، فاجأها زين حين تابع بجدية مريبة:
-لو مش عاوزاني أجيب سيرته، ترجعيلي، وفي السر، من ورا الكل
شُدهت من تخييره الوخيم لها، هدرت به:
-أيه اللي بتقوله ده، إنت مش طبيعي؟!
رد بتشدد مقلق:
-لا أنا طبيعي، أصل حابب أتسلى زي اللي خلفتي منه، مراتي وحقي بقى
اضطربت أنفاسها من استغلاله لها بهذا الشكل الحقير، فطريقته وصفتها بأنها عاهرة ماجنة، وأشعرتها بأنها رخيصة، فصلب زين نظراته المستهجنة عليها وهو يسألها:
-قولتي أيه؟، هترجعيلي قصاد سحبي للقضية وسكوتي، ولا نخليهم يحبسوكِ، وتتحرمي من ابنك!
أثار حنقها ببسمته ونظراته الواثقة وهو يترقب ردها، فاجتوت النظر إليه، وألح عليها شيء غامض لتخبره بأنها لم تخنه، عله يرحمها ويعاملها بلين أكثر من ذلك، وترددت كثيرا، واحتاجت لوقت تفكر به جيدا، قالت:
-لما يخف ابني هرد عليك..........!!
___________________________________
ملّ من طريقة تجاهلها له وجمودها حين ترد عليه وتقتضب أيضًا في حديثها، تقدم آيان منها وهي تطعم ابنتهما الصغيرة بعدما بدل ثيابه، وقف أمامها ينظر لها مطولاً، رغم أنها تدير رأسها عنه كانت تعيها، لكن ظلت على وضعها، قال بنبرة معاتبة:
-مش شيفاني جيت من برة!
أحست أنها زادت من اهمالها له وذلك لم يرجعها عما انتوته، ردت بغلظة:
-وإنت مش شايفني بأكل البنت
صمت آيان للحظات ثم قال بعبوس:
-من يومين وإنتِ كده، أقدر أعرف من أيه؟!
نظرت له بطرف عينيها ثم ردت مستهزئة:
-يعني مش عارف!
تنهد بقوة فعنادها هذا بات جديدًا ولا يعرف سببه، دنا منها حتى جلس على الأريكة بجانبها، قال:
-قولت هتشتغلي، بس لما البنت تكبر
ضجرت من كثرة إعطاء حلول كي تعمل وتخرج، هتفت بضيق:
-مش كنت بتجيبوا دادات وأنا برفض، دلوقت باقول موافقة، بس مامتك مش عاوزاني أصلاً أشتغل ولا يكون ليا قيمة
هتف بقسمات كالحة:
-ماما تاني، زينة الموضوع مش كده، البنت لسه بترضع ومحتاجاكِ إنتِ
نهضت زينة وهي تنفخ، هتفت بانفعال:
-باباك وافق لما قولتله، وإنت كمان وافقت، بس لما مامتك اعترضت مشيت وراها، هي مش طيقاني علشان بتغيِر من حبك ليا
دفن وجهه بين راحتيه فقد ازدادت المشكلات عن السابق، رفع وجهه لها ثم قال بمفهوم:
-إنتِ كنتِ عاوزة نرجع فيلتنا ونبقى لوحدنا، أنا موافق على الحل ده طالما هتبعدي عن ماما
ردت بسخط من استخفافه بها:
-بتاخدني على قد عقلي، طبعًا هرجع فيلتي أنا مش مغصوبة اقعد في مكان مش عاجبني، وكمان هشتغل
حدق بها آيان بحنق، شعر بأنها تستغل حُبه لها وتفرض سيطرتها عليه، وربما تجبره على أكثر من ذلك، توجهت زينة لتضع الصغيرة على التخت وبداخلها ثقة عمياء، فلن تظل تحت تحكمات لعينة من أحد، حين استدارت وجدته يقف خلفها فشهقت باضطراب، قال بصلابة:
-رجوعك للفيلا من حقك، بس الشغل لما البنت تكبر شوية، وماما ملهاش دعوة، الدنيا مش هطير علشان تصري تشتغلي دلوقتي، والمفروض دول عيالك اللي بتقولي مش عاوزة أسيبهم للمربيين، ليه رجعتي في كلامك؟
أدركت قروب انفعاله فازدردت ريقها، قالت بتوتر:
-عاوزة أخرج وأتعامل مع الناس، أنا حاسة باكبر وعمري بيجري وأنا قاعدة أخلف وأربي!، عاوزة أعيش سني!
لم يعدل قراره بل أعاده بجدية:
-براحتك، بس لما البنت تكبر
ثم ابتعد عنها ومن هيئته أراد الخروج، هتف لتوقفه:
-أنا باقول طالما مامتك ست الكل وعجباك، أيه رأيك أبقى زيها
استدار لها وقد أصابه عدم الفهم، قالت بطريقة مستفزة:
-بافكر اقلع حجابي، أنا صغيرة وهابقى جميلة و....
ثم بترت كلامها مجبرة فعينيه تشتعل غضبًا نحوها، وللحظات ندمت على تفوهها بذلك؛ لكنه الحل الآن ليشعر بها، هتف بانفعال مقلق وهو يتحرك مجددًا نحوها:
-كلامك أنا فهمه، قصدك تتريقي على ماما
لم تجيب والتزمت الصمت خشية التطاول عليها، تابع بتهديد:
-زينة أنا باحبك، وإنتِ مش مقدرة ده وبتزيدي في عنادك علشان عارفة إني مش هزعلك، بس أنا مش هستحمل كتير وممكن اعمل حاجات تصدمك
من الآن صدمها بكلامه قبل أفعاله، هتفت بغيظ:
-إنت أصلاً مش واقف معايا، بتضحك عليا بكلمتين لما يحصل حاجة بيني وبين أمك ولو غلطت برضوه لازم استحملها، هي مالها ومالي ما تخليها في نفسها، مفكرة نفسها صغيرة و...
ثم صرخت حين رفع يده ليصفعها لأول مرة، دُهشت زينة من ردة فعله نحوها وقد تجمعت دموعها، حدجها بجمود ثم أخفض يده متماسكًا، قال:
-احترمي نفسك!
اضطربت أنفاسها وتماسكت ألا تضعف، بدون كلمة التفتت لتحمل ابنتها، هتفت بغل:
-خليك هنا لواحدك أنا راجعة لأهلي، لما تعرف تحترم إنت مراتك
جاءت لتتحرك لكن بخفة سحب الصغيرة من بين ذراعيها، تفاجأت من فعلته فقال:
-يبقى لواحدك، مافيش عيل هيروح معاكِ...!!
- قطرات الحب الفصل الخامس أضغط هنا