رواية حب في طي النسيان الفصل الرابع 4 بقلم الكاتبة جنى عيد
حب في طي النسيان المشهد الرابع 4 (مرحباً بكِ في جحيم الزيد)
وضع رأسه بين كفيّه متنهداً بــ ضجرٍ وتأفف وقد بدا الإستياء علي معالم وجهه بوضوح فــ شعر بيدٍ تُربت علي ذراعه برفقٍ ..
فتح عيناه الرُماديه كي يستكشف هوية ذاك الشخص فــ رآي "مالك" واقفاً أمامه بشموخ
واجهه "يزيد" باللامبالاه وتجاهله تماماً مما جَعل "مالك" يُحمحم بخشونه ثم تحدث بنبره مُتحشرجه :-
_إحم ... أنا موافق إنك ترجع مصر
أشرقت معالم وجه "يزيد" ولا إرادياً بدت بسمه مُتسعه علي وجهه أثر إرتفاع هُرمون السعاده بجسده ثم أردف ببهجةٍ كـ مثل صغيرٍ باكي كافئه والده بحلوي لــ تُسعده :-
_والله العظيم إنتَ أحلي مالك أعرفه وهعرفه في حياتي كُلها
كاد أن يُكمل حديثه اللطيف الذي يحمل في طياته خبثاً كافي بأن يستولي علي قلب مالك المُحتل من قبل "ورد"؛ لكن مالك قاطعه حينما إستطرد متابعاً حديثه بلهجةٍ حازمه يشوبها القلق :-
_بس عندي شرط..
لم تفته نظرة "يزيد" المتساؤله وتعاقد حاجبيه فــ أكمل قائلاً بخفوت :-
_عاوزك توعدني إنك ترجعلي زي ما إنتَ كده من غير ما تكون حزين أو قلبك موجوع
_ببساطه عاوزك تحافظ على قلبك ال أنا مُتأكد إنه لسه متعافاش من جرحه ؛ وعشان تحافظ على قلبك يا "يزيد" لازم تنساه خالص عقلك بس ال يكون شغال لو حسيت إنك هتعيد تجربة "چيدا" تاني ،، توعدني يا "يزيد"......توعدني إنك هترجعلي سليم نفسياً وعضوياً
ضغط "يزيد" على يده بــ عُنف حينما ذكر "مالك" اسم "چيدا" وسرعان ما رَمق مالك بنظره مُعاتبه
فـ إبتسم "مالك" كـ رد فعل علي تلك النظره التي فهمها حق الفهم وما لبث أن تقدم من يزيد وجلس بجواره هامساً ب هدوء :-
_دي شروطي عشان تنزل مصر غير كده مفيش نزول ...!
تلاش العِتاب من عيون "يزيد" تماماً كما يتلاشي الدُخان وحل محلَّه السعاده وباتت عينيه تَلمعْ ببريقٍ كالنُجومِ
وسرعان ما أماء برأسه قابلاً بــ شروط "مالك" ثم قال بـ بسمه صغيره :-
-موافق علي شروطك كُلها،، أوعدك هرجعلك زي ما أنا كده
تابع حديثه رافعاً أنفه بغرورٍ يسير بأوردته مُنذ الولاده
-أوعدك إني هنفذ شروطك يا ابن الراشد
نظر له "مالك" بإستنكار وبات مستاءً من ذاك الزيد الذي يتلذذ بإثارة غضبه وجعله مغتاظاً ثم هتف بــ سخط ساخراً :-
-ابن الراشد !! مش قولتلك ميت مره إن الإسم ده مش مسموح ل حد غير "ورد" تناديلي بيه ... إنتَ لازم تستفزني وخلاص يحصلك حاجه لو بطلت مشاكسه
هز "يزيد" رأسه بــ نعم قائلاً بــ ضحك :-
_والله ساعات بفكر زيك ... أنا فعلاً يحصلي حاجه لو عدّا يُوم من غير ما أغيظك وأستفزك بكلامي ...
شاركه "مالك" الضِحك وسرعان ما عانقه سهواً وأخذ يُمسد على خصلات شعره بــ حُنو بالغ ثم أردف بنبره متقطعه قد طغاها الحُزن :-
_هتوحشني يا" زيزو".... وهيوحشني كلامك الرزل يا ابن ال **
إبتسم "يزيد" بحُبٍ وبادله العناق بقوةٍ وهمس بمرحٍ :-
-والله كُنت هشك إنك كويس لو مشتمتنيش ....
_وإنتَ كمان هتوحشني أوي ... بس متقلقش مش هتأخر عليك هرجع بسرعه ما أنا قاعد على قلبك بقي ...
تبسّم "مالك" بصمت وتكومت الحروف بجوفه غير قادراً على التعبير عن حُزنه الشديد بسبب رحيل
"يزيد" وما لبث أن قام من جانبه مربتاً على ذراعه
ثم خرج من الغُرفه وقد بدأ الحُزن يشوب عينيه البُنيه
***
كانت جالسةً علي الأريكه تشاهد التلفاز وصوت ضحاكتها يرتفع رويداً رويداً ... توقفت عن الضحك وتمعض وجهها حينما جلس "جاسر" بجوارها
فــ نظرت له بطرف عينيها وسرعان ما تأففت بصوتٍ عالٍ وقد إنزعجت من تجاهله لها ... حمحمت بهدوءٍ كي تُلفت إنتباهه لكن فعلتها لم تُجدي نفعاً وبقي "جاسر" غير مبالاياً بها
فــ زفرت بضيقٍ ثم تحدثت بنبره متساؤله وقد بدت متعجبه من حالته تلك :-
_مالك يا سي "جاسر" ساكت ليه مش عوايدك يعني ...
تابعت حديثها ببلاهه :-
_أول مره تكون مؤدب ومش وقح ...!
ضيق عينيه ورمقها بنظره مستنكره دون أن يتحدث
فــ عقدت حاجبيها بإستغراب ولانت نبرتها قليلاً هاتفه بقلق :-
-جاسر إنتَ كويس .. في حاجه حصلت في الشغل ضايقتك
تنهد بضجر متحاشياً النظر إليها حتي لا يتراجع عمّا يقوله ويصير يتغزل بها كعادته :-
_"زينه"... إمبارح وإنتِ بتسقي الورد كُنتِ بتغني أغنيه صح ..؟
أماءت له وأجابت مسرعه :-
_أيوه صح أنا كُنت بغني أغنية يا ورده إلمـعـي
ضرب كفيه ب حماس مستطرداً بغموض :-
_بالظبط ،، الأغنيه دي مش كلماتها بتقول
يــا ورده إلـمـعـي خـلـي القــوه تـبان ويـرجـع ال كـان ال فـات مـن زمــان
هزت رأسها بـ نعم وهي لا تفهم ما يقصده ..
ثم إرتسمت الصدمه علي ملامح وجهها ووسعت عينيها بذهول عندما قال "جاسر" بتحشرج ونبره طغاها الآلم والوله :-
_وأنا كمان يا "زينه" عاوز ال كان بينا يرجع تاني نفسي تبطلي عند وترجعيلي كفياكِ بُعْد لحد كده ...
أنا تعبت من فراقك متعاقبنيش على حاجه أنا مليش ذنب فيها ...
رمقته بنظره مُعاتبه ضعيفه وهناك شئ عميقاً بقلبها قد تأذي للمره التى تجهل عددها ...
ثم فرّت هاربةً من أمامه وركضت لـ غرفتها
بينما هو رسمت علي وجهه بسمه صغيره ساخره فـ تلك "الزينه" لا يوجد شئ بحياتها يدعي مواجهه ...
همس بتوعد وقد عاد التلاعب يطغي نبرته :-
_ماشي يا ست "زينه" إما نشوف أخرتها معاكِ ...
وآخرتها هتبقي في بيتي إنشاء الله يا زينة حياتي
***
مـرّ يومـان إنقـطـع بـهم "يزيد" عن العمـل ومكـث بالمنزل ليمـضي وقتاً مُمتعاً مـع عائلتـه الصـغيره وسـرعان ما إنقـضـا هـذان اليومـان
وهـا هـو الآن جالـساً فـي طائـرتـه ينـتظـر صـعودهـا فـي الهـواء
أمسـك بـ ملفٍ ل كـي يقـرأه ويــدرس الحـاله المذكـوره بـه
وما لبث أن جـحظ عينيه بصدمةٍ وقد تجـمدت أطـرافه تـماماً حينـما وقـع بصره علي إسـم المريضـه
هـمس بنبره متقطـعه مـهزوزه أثـر تـثاقـل لسـانـه :-
-چـيـدا كـارم ...مش معقول "چيدا" هي الحاله ال أنـا هعالجـها ...!!
_مـــسـح وجــهـه بــ عــدم فــهـم .... و بــدأ يـحـل ربــطـة عـنُقـه بـ إختناقٍ ... وبـات تـنفـسه مضـطرب وسـرعـان مـا بـدأت حـالـتـه تـسـوء أكـثـر وشـحـب وجــهـه كـ المـوتـي كـمـا إزرقـت شفتـيه أيـضـاً ،،
صـــار يـأخذ زفـير وشهــيق محــاولاً أن يتــماسك بـ قـدر الإمــكـان ...
حـرّك أنـامـله بـصعوبـةٍ بـالغـه ودّس يــده بــداخل حقـيبة كُمبـيوتره المــحمول "لاب توب" ثم أمــسك بـ علبةً صغيـره ووضـعـها علـي أنـفـه وظـل يستنشق حتـي إرتـاح وزالـت حـالـة الإختـناق التـي أصابتــه
تحـدث بقوةٍ بعـد أن رُدّت إلـيه روحه مـره أُخـري :-
_جتـيلي بـ رجلك يا "چيدا"... أهـلاً بيكي في جحيمي يا مـريضـتي الـعزيـزه.. المشهد الخامس اضغط هنا