رواية ملاك الأسد البارت الثاني والعشرون 22 بقلم اسراء الزغبي
رواية ملاك الأسد الفصل الثاني والعشرون 22
أسد منتفضا من مكانه: إيه
لم ينتظر أن تعيد كلامها ... ماذا لو كان يتخيل ...
لن يسمح لها بهدم أحلامه
انطلق بسرعة تجاه غرفتها مبعدا الحراس عنه وفتح الباب بعنف
أطلق زفيرا طويلا
ينظر لها بعشق واضح ... تبكى وهى تناديه ..... ملاكه تناديه وهو كالأبله يتركها وحدها ....غبى .... كان يجب أن يحطم رأسهم عندما طلبوا عدم الدلوف إليها ... ولكنها أفاقت .... نظر لها وهو لا يرى سواها .... تقدم منها ببطئ كأنه خائف أن تختفى .... لم تتبقى سوى عدة خطوات ..... خطوة واحدة فقط سيخطوها لأجل ملاكه .... سيخاطر لأجلها
فى نفسه أن يخطو خطوة واحدة ولكنها قد خدعته .... فوجد نفسه يخطو ويخطو حتى وقف أمامها مباشرة
لحظة واحدة وكانت بين أحضانه ويديه تسحقها .... ولأول مرة لا يهتم بها ..... لأول مرة يفكر فى نفسه واحتياجه لها فقط ولا يفكر بألمها
***
أفاقت منذ ربع ساعة فقط .... أحست بالرعب الشديد عندما لم تجده معها ..... هل تأذى ..... لا لا لا لقد وعدنى ألا يتركنى أبدا
نادت باسمه وهى تبكى حتى وجدت زرًا بجانبها ..... ضغطت عليه بسرعة عله يأتى لها
تقريبا لم تمر ثانية حتى وجدت الطبيبات والممرضات حولها .... ولكنها تريده هو ... تبحث عنه هو
ظلت على حالتها تبكى بشدة وهى تناديه ... لحظة إنها رائحته ...... رفعت رأسها لتراه أمامها ..... ابتسمت بسعادة تمرر نظرها على كامل جسده .... تتفحصه بعناية وكأن الحياة تتوقف على تلك المهمة .... ولما لا ؟! ..... أليس هو أسدها ؟!
أفاقت على يديه التى اعتصرتها .... تألمت ولكن لم تبالى ..... احتضنته هى الأخرى بشوق عارم
هبطت دموعهما معا ... يبكيان فى أحضان بعضهما ويشكيان مرارة البعد
خرج الجميع مانحين إياهم بعض المساحة ....
أو ربما خوفا منه ؟!!
توقف عن البكاء .... ابتعد عنها ببطئ ويتطلع إليها .... إلى كل شبر بها
أسد بحزن: آسف يا ملاكى .... مقدرتش أحميكى
وضعت يدها على فمه بسرعة تنهره
همس بغضب طفولى وهى تذم شفتيها: متقولش كده تانى
أبعد يديها بعنف وسرعة..... وقد ذهب صبره أدراج الرياح ..... ليقبلها
صدمت بشدة .... كيف يفعل ذلك
شعر بضرباتها الرقيقة المتتالية على صدره ...... ليدرك انقطاع أنفاسها .... ابتعد عنها ببطئ وهو يتذمر .... لماذا انقطعت أنفاسها بسرعة .... لم تستمر القبلة إلا ل ...دقائق !! .... يجب أن يعلمها كيفية حبس أنفاسها لفترة أطول !!
تتنفس بسرعة شديدة غير واعية لذلك الثائر
آاااه .... أتريد قتله وقتلها ...... ألا يكفى انها أبعدته عنها ..... لا بل تجعل أنفاسها المتلاحقة تضرب وجهه ..... وكأن هذا ما ينقصه
استمر فى النظر إليها بشغف واضح .... بينما تكاد تموت من خجلها
نظرت لأسفل وقد احمر وجهها بشدة فأصبحت فاكهة ناضجة
ظلت تحرك نظرها فى كل مكان عداه وقد انتفخت شفتيها
همس بتوتر وخجل: إنت .... إنت قل....يل الأدب وسافل
أسد بضحك شديد: ههههههههه أومال أما تعرفى الباقى هتعملى إيه
لم تفهم شيئا من كلامه .... فاتجهت للسرحان فى ضحكته ..... وآااه من ضحكته الرجولية
همس بلا وعى: ضحكتك حلوة أوى يا أسدى .... أنا بعشقك
سرعان ما وضعت يديها على شفتيها تشهق بعنف
أراد أن يغيظها فتجاهل كلماتها بخبث بالرغم من ضربات قلبه العنيفة المتلاحقة
همس فى سرها: إيه قلة الزوق دى .... طب هو مش هيقول حاجة .... طب أعيد كلامى تانى يمكن يكون ما سمعش ... بطلى هبل يا زفتة أكيد هيكشفك وهيبقى شكلك وحش
حسنا .... أخطأت وتكلمت دون تفكير .... على الأقل فليراضيها ..... ولكن كيف يفعل ما يتوقع منه .... لن يكون أسد إذا فعل
كتم ضحكة كادت تنفلت منه بصعوبة وهو جالس بجانبها على الفراش
تنظر له بغيظ شديد .... كم مرة فتحت فمها للتحدث ثم تغلقه مرة أخرى .... وكم كان شكلها شديد اللطافة ..... كأنها تدعوك لإلتهامها
ظل على هذا الحال حتى قرر أن يرأف بها قليلا .... ولكن حظها العثر جعل الممرضة تدلف الآن
الممرضة وهى تنظر له ببعض من الجرأة
الممرضة: لازم نغيرلها الجرح يا فندم
اصطنع عدم الإنتباه لنظراتها حتى يتمتع بنظرات ملاكه المليئة بالغيرة
سرعان ما تراجع عندما وجد عينيها تمتلئ بالدموع وقد قوست شفتيها لأسفل .... يجب أن يعلم تلك الغبية الشراسة والدفاع عن حقها بدلا من البكاء
أسد ببرود: سيبى الحاجة هنا وامشى
الممرضة: بس..
قاطعها صارخا بغضب: قولت سيبيها
تركت الأشياء وخرجت ركضا على قدميها حتى لا تخرج على فراش المرضى
ما إن خرجت حتى زفرت همس براحة
همس بغيظ: غبية
ضحك بصوت عالى
همس بتريقة: مبسوط أوى حضرتك
أسد بخبث: وهنبسط أكتر لما أغيرلك بنفسى على الجرح
نظرت له بعيون متسعة وكأنه برأسين
***
فى قصر ضرغام
داخل غرفة سامر
جالس على مقعد يستمع للفيديو الذى أرسلته له بعد عودته للقصر مباشرة
رحمة: إزيك يا سامر عامل إيه ..... أنا متأكدة إن سمية قالتلك كل حاجة عن شريف .... وأكيد هو قالك حقيقتى ..... سامحنى يا سامر ..... صدقنى إنت الوحيد اللى عاملتنى باحترام ..... إنت الوحيد اللى حبيته ..... إنت الوحيد اللى اعتبرتك أخويا وسندى ... بس للأسف كل حاجة بتنتهى ..... فى درج المكتب هتلاقى أوراق طلاق ..... أنا مضيت عليها فاضل امضتك .... طلقنى يا سامر واتجوز ترنيم..... أنا متأكدة إنها بتحبك
بصراحة أنا دورت على فلوس أو مجوهرات بس ملاقيتش حاجة واللى لاقيته كان فى الخزنة ومعرفتش أفتحها ..... وفكرت أرفع عليك قضية وآخد منك فلوس بس أنا عارفة مكانتك وأكيد أنا اللى هتأذى فى الآخر وبردو مش هاخد حاجة ..... فللأسف هضطر أكمل فى شغلى كمومس لغاية لما أجمع فلوس وبعدين أسافر برة ..... مش هقولك غير حاجة واحدة بس .... الظروف هى اللى خليتنى كدة .... سامحنى
انتهى الفيديو ليتنهد سامر
قام من مكانه واتجه للمكتب ..... أخرج أوراق الطلاق ووقع عليها وهو يبتسم ..... كم شعر بالراحة بعدما طلقها ..... بصراحة كان يشعر بالذنب والخوف عليها قليلا ..... فهى تذكره بسمر أخته .... ولكن بعدما أخبرته بعودتها لحياتها القذرة مرة أخرى والقضية والمجوهرات وكل ذلك
أدرك أنها لا تستحق الشفقة حتى
نام على الفراش وهو يتخيل ترنيمته بين يديه .... فى الحقيقة جزء منه سعيد لما حدث لشريف ..... يعرف أنه شعور سيئ وأنانى .... ولكن إنه العشق الذى يفعل العجائب
يريد رؤيتها وبشدة وبصراحة لن ينتظر أكثر
***
اتجه لغرفتها ثم طرق الباب لتأذن له
دخل فوجدها ترتدى عباءة وردية وفوقها حجابها وهى واقفة تنتظر دخول الطارق
نظرت له بذهول فلم تتوقع أن يكون هو أبدا ثم أخفضت رأسها خجلا منه
اقترب بهدوء يتأملها عشقًا حتى أخذها لحضنه بعنف متنهدًا براحة وقد عادت روحه إليه
سامر بهمس: أنا آسف عارف إن حرام ومينفعش أحضنك بس كان لازم أعمل كدة عشان أتحمل الشهور اللى جاية ..... بعشقك يا أغلى حاجة فى حياتى ومش انهاردة ولا امبارح ... لأ من سنين ... من وقت ما شوفتك أول مرة وأنا بعشقك .....
بس للأسف لاقيتك بدأتى تنجذبى لشريف وهو حبك ..... خوفت أعترفلك بعشقى فأخسرك كصديقة حتى ..... اتحملت السنين دى كلها وأنا بقول لنفسى كل يوم إنك هتنساها ..... بس عمرى ما نسيتك ..... ودلوقتى عرفت ربنا ليه حافظ على حبك جوا قلبى ..... عشان كان هيخليكى هدية صبرى ..... أنا طلقت رحمة ..... وأنا عمرى ما لمستها لإنى اقسمت يا إنتى يا بلاش .... زى ما قولتلك أول ما عدتك تخلص هنتجوز ومن غير اعتراض
خرج مسرعا بضيق مما فعله مستغفرًا ربه على تلك المعصية
متسمرة فى مكانها لحظة تستوعب كلماته
... أفاقت فظلت تقفز على الأرض من السعادة وتضحك بشدة ..... لم يلمس رحمة أبدا ..... يحبها ..... يحبها ومنذ سنوات ..... وأنا كالغبية أعذبه وأعذب نفسى
أقسمت أن تعوضه عن كل شيء ..... أقسمت أن تنسيه عذابه للأبد فهو مالك قلبها وروحها
كما أقسمت ألا تسمح له بالاقتراب منها مرة أخرها قبل أن تصبح زوجته
***
فى غرفة ماجد
دخل سعيد على والده
سعيد: الدكتورة اتصلت يا بابا وبتقول إن بنتى فاقت
ظهر السرور على معالم وجهه سرعان ما تحول
ماجد بسخرية: مش قولتلك نقول للدكتورة تعرفنا لما حفيدتى تصحى ..... عشان كنت متأكد إن الغبى ده مش هيعرفنا .... دا لولا إننا عيلته كان خلص علينا عشان يبعدنا عنها
انفجر ضاحكا على جده وابن أخيه الذان لا يهدآن أبدا فكل منهما يشاكس الآخر
ماجد: اضحك ياخويا اضحك ..... على العموم عرف الكل عشان نروح ..... آااه ومتحاولش تعرف حمدى ومنار مش هتفرق معاهم أصلا
أومئ له وهو يتنهد بحزن على تلك الصغيرة التى ظلت يتيمة حتى بعد قدوم والديها
سعيد بتوتر: بابا .... إنت إيه رأيك فى موضوع ترنيم وسامر
ماجد بتنهيدة: أنا عارف إنه موضوع غلط من الأول .... بس أنا عارف كمان ومتأكد إن عمرهم ما اتجاوزوا حدودهم ..... وبصراحة أنا موافق ... وإنت؟
سعيد بفرحة: طبعا موافق ..... أنا كنت خايف إنت اللى ترفض بس كده كل حاجة تمام ..... أنا هروح أقولهم يجهزوا بقى
علم الجميع ما حدث وذهبوا بالسيارات للمشفى وهذه المرة جاءت معهم جنى
جنى بكره فى سرها: يا ريتك كنتى موتى يا شيخة وريحتينا من قرفك ..... بس قسما عظما لأوريكى ..... إن ماكنتش نهايتك على إيدى مبقاش جنى
***
فى المشفى
اتسعت عينيها تنظر له كأنه برأسين بل أكثر
همس بشهقة وخجل شديد: يا قليل الأدب يا سافل يا حيوان يا متخلف يا غبى يا مممم
كمم فمها بيده ينظر لها بذهول ... من أين أتت بكل السباب هذا .... لسان ملاكه قد طال كثيرا وهو يعلم كيف يقصه
أفاق من شروده على عضها ليده
ليصرخ بشدة ...... كيف لطفلة بتلك الأسنان الصغيرة أن تؤلمه هكذا ؟!
أسد بتألم: آااااه .... إيه الغباوة دى ...... طب والله لأغيرلك على الجرح يعنى هغيرلك
همس بعناد: وأنا قولت لأ
أسد بعناد هو الآخر: طب والله لو ما غيرت على الجرح لأخليهم يقفشونا بفعل فاضح
همس ببراءة واستغراب: يعنى إيه فعل فاضح ؟!
أسد فى سره: أووووبا ..... استلم يا معلم
أسد ببرود : يعنى يمسكونا وإحنا لا مؤاخزة يعنى
ظلت تفكر دقائق حتى شهقت بخجل
لعن نفسه بعدما نظر لحالتها
أسد بسرعة: لا لا لا مش لا مؤاخزة بعنى أوى
شهقت مرة أخرى
أسد فى سره وهو يعنف نفسه: فالح أديك جيت تكحلها عميتها ..... طب أشرحلها ولا لأ .... لأ بلاش أحسن
أسد: لا أنا بهزر معاكى بس
همس بسرعة: بجد ..... أنا كنت متأكدة
أسد بهمس شديد: متأكدة ؟! .... يا عينى عليكى يا بنتى لما تتصدمى فى اللى جاى
انتبه لها تنظر له باستغراب وتحاول سماع ما يهمس
أسد: ها خلصى قولى رأيك
همس بتوتر: بس ... بس ... أنا ... هتكسف
أسد بسخرية : إيه ده بجد ؟!
همس بصراخ: متعيبش عليا
أسد : هو أنا عملت حاجة ... إنتى مفترية على فكرة
نظرت له بنصف عين وعدم تصديق
اقترب منها قائلا : ها أبدأ لا مؤاخزة
همس بسرعة وقد كادت تنصهر: لا لا لا ... موافقة بس ... بس إزاى
أسد بتنهيدة: خلاص يا ستى أنا هطلع بره لغاية ما تجهزى
همس بطفولة وهى تعض طرف فمها بإحراج: ماشى .... بس تخرج برة على ما أغير ومتدخلش غير لما أقول
اقترب منها متحكمًا فى نفسه بصعوبة: متعمليش كدة تانى لو خايفة على نفسك
قالها ثم خرج بسرعة
نظرت لأثره بحب شديد سرعان ما أفاقت عليه وهو يفتح الباب ويدخل رأسه فقط
أسد بخبث: أنا عارف إنى قمر وابن ناس .... بس مش هنقضى اليوم وإنت بتتأملى جمالى .... يلا خلصى عشان أدخل
خرج مرة أخرى وهى لازالت مذهولة ... متى تغير لتلك الدرجة ..... الآن أصبحت متيقنة من عشقه لها .... لما لا يعترف ويريحها
استغفرت ربها على ما فعلاه منذ قليل ..... تعلم أن تلك معصية كبيرة ولكن ذلك الغبى يظل يطمئنها بعدم وجود خطأ أو معصية ..... ستحاول أن تسأله عن السبب
تجهزت ونادت عليه بخجل ليدلف بتلك الابتسامة السمجة على وجهه
اقترب منها وجلس خلفها وفى يده الشاش والقطن وكل ما يحتاجه
ابتلع ريقه بصعوبة وهو يرى جزء صغير من ظهرها عارٍ .... طهر جرحها محاولًا إبعاد يده قدر الإمكان ... وهو الذى ضيع وقته فى الخارج يفكر كيف يخجلها
أووووف ..... أخيرا انتهى
همس بلا وعى بصوت منخفض : بعشقك يا أسدى
إلى هنا وكفى ثانية واحدة وكان فوقها لتنظر له بصدمة ازدادت عند تقبيلها
ظلا فى دوامة عشقهما حتى أفاقا على صوت غاضب
ماجد بغضب: إيه ده
نظر للباب ليجد عائلته كلها واقفة أمامه بغضب شديد والشرر يتطاير من عيونهم خاصة جده وجنى.. يتبع الفصل 23 اضغط هنا