Ads by Google X

رواية ملاك الأسد الفصل الواحد والثلاثون 31

الصفحة الرئيسية

  رواية ملاك الأسد البارت الواحد والثلاثون 31 بقلم اسراء الزغبي

رواية ملاك الأسد الفصل الواحد والثلاثون 31

ثلاث سنوات ... مرت ثلاث سنوات كاملة .. ولد الكثير .. ومات الأكثر
وذلك العاشق بينهما .. مات داخليًا ولكن جسده حى .. لا يعلم لما يتنفس حتى الآن ... لكن طالما هو حى ... هى حية
مؤمن أن ربه لن يعاقبه بتلك الطريقة أبدا .. يعلم أن الله لن يخذله .. يتتظر وسيظل ينتظر للأبد
**
بقصر عائلة ضرغام الذى لم يتغير شكلا بل مضمونا

يترأس ماجد السفرة والحزن مرسوم على وجهه ..... يتمالك نفسه بصعوبة حتى لا تهبط دموعه

سعيد بحزن: يا بابا مينفعش اللى إنت بتعمله دا مبتكولش زى الأول وعلاجك بتهملوا

ماجد بشرود وحزن: أنا السبب .... أنا اللى مكونتش قريب من أحفادى ومعلمتهمش الحب .... أنا اللى خليت شريف وسمر وجنى يوصلوا لكدة

سعيد بحزن شديد بعد تذكر أولاده: ربنا يرحمهم

ماجد: مش هقدر أنسى نظرة عتابه وكرهه ليا ... مش هقدر أنسى نظرة الاحتقار منه

ثم أضاف ببكاء مرير: مش هقدر أنسى صوته وهو بيعيط ويدعى ويتحسبن عليا

قام سعيد بسرعة واحتضنه مواسيًا إياه .... ولكن من يواسى من وكلاهما يبكيان معا
**
فى الأعلى بإحدى الغرف

تتململ فى نومتها سرعان ما ابتسمت بخفوت عند شعورها بتلك اللمسات الحانية فتحت عينيها ببطئ وكسل سرعان ما تحول لهيام وهى تنظر له

سامر بحب مقبلا جبينها: صباح الخير يا حياتى

ترنيم بسعادة: صباح النور

اقترب منها بعشق ولكنها دفعته بسرعة

ترنيم بتحذير وخجل: سامر لأ ... البيبى

شرد قليلا فى آخر سنتين بعدما استطاع بصعوبة اقناعهم بقيام حفل زفافه

يعلم كم عانت العائلة بشدة بتلك الحادثة ولكن له الحق أن يعيش حياته

ظن بزواجه ينتهى الحزن ولو فى حياته هو ..... ولكن يأتى حزن من نوع آخر بعدما علم بصعوبة حمل محبوبته

كم من مرة بكت .... كم من مرة طلبت الطلاق وكان رده شيء واحد فقط .... احتضانها

يضمها ويطمئنها ... يطلب أن تثق بالله وقد كان

والآن ثمرة عشقهما تنمو فى رحمها بعد يأس طويل ليحل الفرح والسرور حياتهما وينعشها بعد موتها

سامر بتنهيدة : حاضر يا قلبى يلا قومى بقى عشان تاكلى

ابتسمت بخفوت وقبّلت وجنته
قامت مسرعة باتجاه المرحاض

زفر بعنف قائلا لنفسه بتهكم: دا اللى ربنا قدرها عليه .... تبوسنى من خدى !

رفع رأسه للسقف وشرد مرة أخرى فى ذاك العاشق لمحبوبته .... الحاقد عليهم ..... الميت بدونها !
**
فى غرفة أخرى يسود عليها الظلام الشديد

مرعبة ..... الكلمة الوحيدة المناسبة لتلك الغرفة وما بها ..... لا تستطيع أن تحدد لونها .... وكيف تفعل وسط كل تلك الصور ..... كل حائط يوضع عليه مئات الصور بمختلف الأحجام تتوسطهم صورة كبيرة ..... حتى السقف وضع عليه صورة كبيرة تملئه تماما

الأرض الناجى الوحيد من أن تبتلعه الصور كغيره

غرفة واحدة تضم مئات الصور لنفس الشخص بمختلف الأعمار

يتململ بعنف فى فراشه والعرق يهبط كالشلالات ... يغمض عينيه بعنف ونفس الكابوس يتكرر طوال الثلاث سنوات

فتح عينيه بعنف وفزع وقد أدرك أنه كابوس ... يلهث بخوف وقد انتابته نوبة هلع حتى هدأ قليلا بعدما قابلته صورتها تبتسم له على السقف

شعر بتلك اللمسات الحانية على ذقنه لينظر بجانبه ..... سرعان ما ابتسم بقوة وعينيه تلمع بعدما وقعت عليها

همس بحنان وهى تملس على ذقنه النامية ووجنته: لسة برضو الكابوس بيجيلك

أسد بعشق: وعمره ما هيروح غير لما ترجعى

زفرت بقلة حيلة ثم نظرت له تتأمل ملامحه المجهدة قائلة: وحشتنى

أسد بهيام: وإنتى وحشتينى أكتر

همس وهى تقترب بوجهها منه لتتلامس أنفهما: مش هترجع أسد القديم تانى

أسد بلا وعى فقد أسكره قربها: أسد القديم كان ليكى إنتى وبس .... لو عايزاه يرجع ارجعيله إنتى الأول

لتنظر له مرة أخرى بيأس وعجز قائلة: أنا مستنياك إنت ترجعنى

أسد بحماس: قوليلى إنتى فين وأنا هرجعك ومش هخرجك من حضنى أبدا

صمتت ككل مرة يسألها عن مكانها

تنهدت بنعومة مغيرة الموضوع قائلة: طب مش هتاخد الدوا ... كدا إنت هتضر نفسك

أسد بدموع وهو يتحدث كالطفل الصغير المعاتب أمه: إنتى مش بترضى تظهريلى لما باخده .... وكمان أنا مش.... مش مجنون عشان آخد دوا زى ده أو عشان ... عشان أروح لدكتور نفسانى

همس وهى تهدهده كأنها أمه تماما وتحيط وجنتيه بكفيها: لا لا لا يا عمرى ... هووش إنت مش مجنون خالص ..... هم اللى مجانين يا حياتى .... بس الدوا دا كويس ليك وهيريحك وإنت من غيره بتأذى نفسك

قالت آخر جملة بعتاب وتضع كفها على صدره العارى مكان قلبه

وضع يده على يدها ثم نزعها وقبلها بعشق

لتظهر تلك الندبة على شكل حروف شبه بيضاء تجتمع معا فى اسم واحد (ملاكى)

ابتعدت عنه ليوم واحد فقط ... لم تظهر ... ترجاها وصرخ باسمها أن تظهر ... ولم تفعل ليمسك آلة حادة يخط حروف اسمها فوق قلبه

نزف بشدة ... حاول أن يظل مستيقظ منتظرًا ظهورها ..... ولكن فقد وعيه قبل أن تأتى

استيقظ بعدها فى المشفى وهى بجانبه

لا يعلم لما أتت ..... ألأنه أذى نفسه أم لامتناعه عن الدواء ليوم واحد فقط ..... لن يخاطر ويعرف السبب .... سيمتنع عن الدواء وإن لم تظهر سيؤذى نفسه حتى لو مات .... المهم أن تكون بجانبه

أفاق من شروده على ابتعادها

أسد بفزع: فى إيه

هدئته كالعادة قائلة: مفيش حاجة يا حياتى بس أنا لازم أمشى

أسد بحزن: هتجيلى تانى امتى

همس بحزن: ممكن انهاردة أو بكرة أو .... مجيش تانى

أسد بخوف شديد: ليه

همس: متقلقش يا روحى حتى لو مش جنبك فهكون دايما فى قلبك .... بس اوعدنى إنك عمرك ما هتأذى نفسك تانى حتى لو غيبت عنك العمر كله

أغمض عينيه بعنف يمنع انزلاق دموعه ..... فتحهما مرة أخرى ليجد نفسه وحيدا كعادته

نظر لطيفها وقد هبطت دموعه

أسد بشجن وبكاء: أو.....عدك

نهض كالآلة اتجه للمرحاض لكن توقف أمام إحدى الصور عندما كانت فى السابعة عشر من عمرها ..... ظل يملس على الصورة بهدوء ثم ابتسم بأمل واتجه للمرحاض

اغتسل وحلق ذقنه بعدما نمت بشدة وصلى فرضه داعيًا ربه أن يجمعه بملاكه

ارتدى بذلة أنيقة مستعدًا للذهاب لجامعته التى تخرج منها ... فقد أقامت ندوة على شرفه ليحكى للمتخرجين الجدد عن مسيرته ... وبالطبع ذهب بعد اصرار ملاكه ... فطوال الثلاث سنوات لا يفعل شيئًا إلا بعدما تخبره
**
هبط لأسفل فوجد عائلته الكريهة .... عادت نظرات الكره الشديدة وهو ينظر لذاك العجوز ... يتمنى لو يقتله ولكن سيحزنها ولا يريد ذلك

جلس مقابلا لماجد الذى أخفض رأسه فى خزى

سامر ملطفا للأجواء: بقولك يا أسد .... ما تيجى معايا أنا وترنيم ..... احنا هنخرج نتغدى بره

نظر له أسد لفترة طويلة ثم تطلع لطبقه مرة أخرى دون أن ينطق بحرف واحد

سعيد بتنهيدة طويلة: أسد مينفعش اللى إنت فيه ده .... دا حتى الدوا إنت بطلته ورجعت للتهيؤات تانى .... إحنا جاتلنا كذا شكوى من الخدامات إنك بتحضنهم وتعاملهم بطريقة مش كويسة

أسد ببرود: أولا هما كدابين ... أنا بحضن ملاكى ... ثانيا ...

أضاف تلك المرة بحقد وكره: إنت ما تدخلش فى حياتى أبدا لإنى مش هنسى اللى ابنك عمله وربنا رحمه من اللى كنت هعمله فيه عشان يبقى يزعل ملاكى تانى

ماجد بتماسك: حفيدتى ماتت يا أسد خلا ....

أسد بصراخ ملقيًا ما على السفرة : آاااه إنت تخرس خالص ..... وملاكى مش ماتت ..... هى عايشة أنا متأكد .... هى اتصلت بيا بعد الحادثة بأسبوع و ... و ...

سعيد بتهكم: وإيه يا أسد

أسد بثبات وكأنه لم ينهار : أيوة ماتكلمتش بس ملاكى مش محتاجة تتكلم عشان أتعرف عليها .... نفسها كافى إنه يخلينى أتعرف عليها

قال كلماته وذهب متجها للجامعة

سامر بعتاب: ليه عملتوا كدة ..... انتوا عارفين قد إيه هو تعبان

ماجد بحزن: يا ابنى أنا عايزه يفوق لحياته بقى .... حفيدتى ماتت خلاص

سامر: وليه ما تكونش عايشة فعلا

سعيد بسخرية مبطنة بالآلام: عايشة ! إنت شوفت جثة أخوك كانت عاملة إزاى لما طلعوه بعد الحادثة بكام يوم ..... لولا الباقى من لبسه على جثته اللى أكلها السمك مكناش عرفناه ...... ما بالك بقى باللى عدا عليها تلات سنين فى البحر

قال كلماته وسقطت دموعه على وجنتيه بأسى

سامر بألم لتلك الذكرى: انسى يا بابا ..... هو اللى عمل فى نفسه كده .... وبعدين مين قال إنها فى البحر مش يمكن عرفت تخرج

ماجد بسخرية: إنت بتضحك على مين يا سامر

قال جملته وصعد للأعلى وفعل ابنه المثل

ربتت على كتفه لتهون عليه

احتضنها وسرح فى حالهم وما يمرون به
**
فى السيارة

جالس يتنفس بعنف شديد وقد احمر وجهه بشدة

شرد فى ذكرياته المؤلمة

فلاش باك
منذ ثلاث سنوات

فى غرفة مظلمة حيث يجلس ذلك العاشق بجسد مرتعش فى إحدى جوانب الغرفة

يرتجف بهستيرية وينظر لكل مكان حوله بجنون حتى رن هاتفه

مجنون غير واعٍ بما حوله ينظر لكل مكان بخوف كأن وحشا يحاوطه .... هكذا الحال بعدما خرج من المشفى أو بالأحرى خرج للحياة .... ظل غائب عن الوعى لستة أيام منتظر عودة ملاكه ..... وعندما استيقظ استمر على ذلك الحال ليوم كامل دون أن يأكل أو يتكلم مع أحد

ارتفع رنين هاتفه مرة أخرى .... لا يعلم ما الذى دفعه للرد .... فطوال الوقت هاتفه يرن ولكن لا يتحرك

ذهب لمكانه ببطئ ودقات قلبه تعلو بعنف أجاب واضعًا الهاتف بترقب على أذنه

لا شيء ..... لا كلام .... لا ..... مهلا إنه صوت أنفاسها ..... متأكد أن تلك أنفاسها

أسد بلهفة ودموعه تهبط بقوة: ملاكى ..... ملاكى إنتى كويسة ..... ردى عليا يا حبيبتى أنا أسدك .... أنا .... أنا هاجى أخدك يا حبيبتى ما تخافيش

لا رد سوى صوت التنفس حتى أُغلقت المكالمة فجأة

نظر للهاتف بصدمة ثم علت ضحكاته بجنون سرعان ما تحولت لصرخات وصوت بكائه يعلو ويعلو ..... اجتمعت العائلة على صوت الصراخ والتكسير فأحضروا الطبيب فورا

نام بعمق شديد بعدما أخذ مهدئ

استمر على هذا الحال ليومين متتالين حتى بدأ يظهر طيفها له ..... سينتظرها للأبد ..... سيتحمل عذاب الانتظار ..... حتى لو عاش مع طيفها للأبد !

باك

أدار سيارته واتجه للجامعة بعدما أزال دموعه مجددًا الأمل داخله .... كالمعتاد
**
فى الجامعة

وقف على منصة عالية أمام مدرج ممتلئ بمئات الطلاب والطالبات يتحدث بتوتر عن مسيرته

ليس من صفاته التوتر ولكن أول مرة يخوض تجربة كتلك ..... وما زاد الأمر سوءا أنها ليست م ...

قطع أفكاره عندما رآها تجلس فى نهاية المدرج مبتسمة له رافعة يدها بشكل قبضة لتدعمه

نظر لها ليبتسم وقد عادت ثقته مزامنة مع عودتها

إحدى الفتيات: دا بيبصلك وبيبتسم ؟!

_____ بارتباك : إيه ..... لا لا هتلاقيه سرحان شوية

الفتاة: لا والله بيبصلك يا سيلين

سيلين بتوتر وخجل: صدقينى م ....

سرعان ما ظهرت خيبة الأمل على وجهها وهى تتابع: أهو بيضحك لغيرى كمان أهو .... عشان تعرفى بس ...... وبعدين هيبص ليا على إيه

الفتاه : تصدقى بيضحك لغيرك فعلا ..... وإنتى زعلانة على إيه يا فقر دا يا ريته يبصلى مرة ولو بالغلط حتى

تنهدت سيلين سارحة فيه وابتسامته الغريبة وكأنه يحادث حبيبته ؟!
**
ظل ينظر فى كل مكان وعينيه تسير مع معشوقته ..... اتجهت له وصعدت للمنصة ثم وقفت أمامه ..... نظر لها بابتسامة وهى أمامه مباشرة ومستمر فى كلامه الذى لا يعلم كيف لم يتعثر به حتى الآن وهو بتلك الحالة من الشرود ..... فقرب ملاكه يفعل العجائب دائما

أجاب على كل الأسئلة وهو ينظر أمامه مباشرة حيث ملاكه ومازالت ابتسامته العاشقة على وجهه

دكتور بالجامعة: هو أهبل ولا إيه ..... ماله باصص أدامه كده ومبتسم .... تحسه سرحان

دكتور آخر: اسكت واسمع .... ياريتنا نوصل للى هو فيه
**
انتهت الندوة على خير ليخرج بسرعة يسير وراء طيفها الذى اختفى مباشرة ما إن خرج وكأنها جاءت فى مهمة وأنهتها

تنهد بحزن لاختفائها ..... جاء ليذهب مثلما ذهبت عله يجدها بمكان آخر لكن توقف على سماع اسمه من صوت رقيق

سيلين : أسد بيه

التفت لها ليشرد بها ... تشبه ملاكه قليلا .... بالطبع ملاكه أجمل ولكن ذاك لا يمنع بعض التشابه

كانت ملابسها محتشمة بالرغم أنها غير محجبة

أفاق من شروده على وجنتيها التى احمرت خجلا كملاكه تماما ..... غضب من نفسه كثيرا ..... كيف يتأمل أنثى غيرها ؟!

أسد بعصبية مكتومة: خير

سيلين بخجل وارتباك: ممكن أطلب من حضرتك طلب

أسد بتنهيدة: اتفضلى

سيلين بإحراج: بصراحة يعنى .... زى ما حضرتك عارف إن النهاردة حفلة تخرجنا ..... وإننا خلصنا جامعة فكنت ..... كنت بتمنى لو حضرتك تقبل تشغلنى فى شركتك ولو تحت التدريب حتى

أسد باستغراب: وإيه يخلينى أوافق

سيلين بتوتر شديد: أنا آسفة على طلبى ده بس ... بس أنا من عيلة على قد حالها وعايشة مع عمى عشان بابا وماما متوفيين ومحتاجة شغل ضرورى

همهم لها لتتابع فأضافت بحماس: أنا والله طالعة التالتة على الدفعة عارفة إن فى مركزين أحسن منى بس التالتة حلو بردو

أسد بجمود: بكرة الصبح تكونى فى شركتى .... هتبقى تحت التدريب لغاية لما أتأكد إنك تستحقى ده

أومأت بلهفة وتبسمت بسعادة وفرحة شديدة فأخيرا ستخرج من تحت رحمة عمها وزوجته

ذهب سريعا باحثًا عن ملاكه مرة أخرى

google-playkhamsatmostaqltradent