رواية حمزة الفصل السابع والعشرون 27 بقلم ميمي عوالي
رواية حمزة الفصل السابع والعشرون 27
كان حمزة مازال أمام كاميرات المراقبة يشاهد ويسمع كل مايحدث بمكتب حياة ، وكاد حمزة ان يهرع اليها لولا أن رأى عادل يشير لها بمعنى انه سيظل بعيدا ولن يؤذيها فظل يتابع الموقف وهو على اهبة الاستعداد لنجدتها فى اى لحظة
عادل : متخافيش ياسمية، انا اخر واحد ممكن انه حتى يحاول مجرد محاولة انه يأذيكى دلوقتى
حياة ومازال على وجهها أثر البكاء : ايه اللى جابك ياعادل…. جاى ليه، انا مش ناقصاك
عادل وهو مازال مكانه وكأنه ينظر لحياة باشتياق ممزوج بالالم : مالك ياحياة، ايه اللى واجعك
حياة وهى تسقط جالسة على مقعدها : ايه اللى واجعنى! ……. عاوز منى ايه ياعادل… اتكلم لو سمحت بسرعة… يااما تمشى… انا مش ناقصة
عادل وهو ينكس رأسه ويتحدث برجاء : جاى اطلب منك طلب
لتبهت حياة قائلة : طلب منى انا! طلب ايه ده، ثم انا ماينفعش اتكلم معاك كتير مايصحش، ومابقاش عندى حاجة ليك ياعادل عشان اديهالك…. خلاص
عادل بأسى : اسمعينى ياحياة ارجوكى انا مش هاخد من وقتك اكتر من خمس دقايق
حياة : تتكلم وانت فى مكانك كده ماتتحركش
عادل : ياحياة اقسملك انى مش هأذيكى ابدا
حياة وكأنها تسخر من نفسها : ماعتقدش ان حد ممكن يأذينى النهاردة بالذات اكتر من كده
لتقع جملتها على قلب حمزة كطلقة رصاص اخترقت شرايينه ليلعن تحت أنفاسه وهو يتابع مايحدث بالخارج بكل اهتمام وتوجس
عادل : انا عاوزك تسامحينا ياحياة
لتنظر له حياة فى صمت مطلق وكأنها لم تعى ما قاله لها ولكن ماهى الا ثوانى الا وانطلقت ضاحكة بهيستيريا شديدة وكلما حاولت التوقف تجد ان وتيرة ضحكتها فى ارتفاع لا تستطيع السيطرة عليها، ولكنها فجأة ودون توقع مسبق تنقلب ضحكتها إلى نشيج عالى ترتعد معه كل خلاياها، ليجد حمزه نفسه مندفعا إلى الخارج ليجذبها من مقعدها بعنف حتى انها ارتعبت من المفاجأة ولكن حمزة لم يلبث الا ان جذبها بداخل احضانه بقوة حتى كاد ان يسمع فرقعة عظامها تحت شدة ضمته، واخذ يهمس لها بأذنها : خلاص ياحياة… اهدى… بالراحة على نفسك، شششششششش، خلاص….. كفاية….. كفاية… وحياتى عندك
وكأن كلمته الأخيرة بها سحر خاص فنزلت على قلبها أعطته قبلة الحياة لترفع رأسها لحمزة تنظر بعينية تثبر اغواره ليبادلها بابتسامة رقيقة حنونة وهو يربت على كتفيها، ثم همس لها مرة أخرى : بلاش عينيكى اللى بتقتلنى دى دلوقتى خالص عشان ماعملش فضيحة دلوقتى وسط المكتب، خلينا نشوفه جاى ليه عشان يمشى ونفضى لبعض بعد كده
ليربت على كتفها مرة أخرى وهو يستديروحياة مازالت تحت جناحه ليقول لعادل الذى مازال واقفا وعينيه ممتلئة بالاسى والألم : ممكن تتفضل فى مكتبى وتكمل كلامك معانا
ليتردد عادل قليلا… ففى المرة الأخيرة بعدما خرج من مكتب حمزة ظل تحت الإشراف الطبى لفترة ليست بالقليلة حتى تعافى من اصاباته
وكأن حمزة قرأ أفكاره ليقول مرة أخرى وهو يشير إلى مكتبه : اتفضل يا استاذ عادل طول مانت هتتكلم بتحضر هتلاقينا احنا كمان كده
ليهز عادل رأسه ويتجه إلى مكتب حمزة خلف حمزة وحياة
حمزة : اتفضل اتكلم… احنا سامعينك
ليتلجلج عادل وهو يقول : انا جاى النهاردة وانا بطلب من حياة تسامحنا
حمزة : مدام حمزة……. اسمها مدام حمزة
لترفع حياة رأسها وهى تنظر لحمزة ببصيص امل ان يكون سامحها وتغاضى عن ما فعلته
عادل : اانا اانا آسف، كنت عاوز مدام حي….. مدام حمزة تسامحنا
حمزة بهدوء : طبعا دى حاجة ترجعلها لوحدها، لكن اسمحلى أسألك…. اشمعنا
عادل بوجل : افندم
حمزة : اش مع نا، اشمعنا،، يعنى ايه اللى جد خلاك تطلب السماح فجأة كده، اللى يشوفك دلوقتى مايشوفكش من شهرين وانت كنت بتتهجم عليها وعاوز تقتلها
عادل وهو منكس الرأس : عشان ربنا انتقملها بسرعة اوى
حمزة : ممكن توضحلنا اكتر من كده
عادل وهو ينظر لحياة بألم : العمارة اللى اشترينا فيها الشقق بفلوسها وفى الاخر امى طردتها منها وقعت على امى وانا فى الشغل وكانت فى شقة حيا….. اقصد شقة مدام حمزة بتوضبها عشان جوازى
لتهب حياة متساءلة بفزع : انت بتقول ايه….. وطنط… طنط حصلللها ايه
عادل وهو يغمض عينيه : فضلت فى المستشفى يومين فى الرعاية، وماتت وهى بتطلب منى اجيلك عشان اطلب منك تسامحيها وياريت لو تسامحينى انا كمان، ارجوكى، هى خلاص راحت للى لا يغفل ولا ينام ارجوكى تسامحيها، انا عارف ان فى عمار بينك وبين ربنا كبير اوى خلاه ينتقملك من الكل… ارجوكى، ماتدعيش عليها ولا عليا اكتر من كده
قال جملته الأخيرة بنشيج يدمى القلوب لتقول حياة بشجن : انا عمرى مادعيت عليكم، انا احتسبت امرى عند ربنا
عادل وهو مازال على نشيجه : واهو ربنا اكتفى بده واخد حقك وانتقملك، سامحيها، ورحمة ابوكى تسامحيها، وحياة العشرة اللى احنا ماصونهاش تسامحيها
حياة وقد أثر بها موت والدته بهذا الشكل المؤلم : مسامحاها…. مسامحاها من قلبى ويشهد ربنا على كلامى، ربنا يسامحها ويغفرلها
عادل ببارقة امل وهو يخرج شيكا بنكيا من جيبه : ودى كل فلوسك….. بالكامل مش ناقص منها مليم واحد، ويشهد ربنا، انى عملت أقصى ماعندى عشان ارجعلك حقك كامل… اتفضلى
لتأخذ حياة الشيك من يده وهى مشدوهة من المبلغ الكبير الذى يتعدى العشرة ملايين جنية لتنظر اليه بتساؤل : ايه كل المبلغ ده
عادل : ده تمن بيت والدك الحقيقى اللى امى خبته عنك علاوة على فلوس شغلك اللى كنت باخدها منك ، بس انا عارف انك متأكدة انى ماكنتش موافق على اللى بتعمله وعارف برضة ان ده مايعفينيش من ذنبى ولا يغفرهولى، لكن هطمع برضة انك تسامحينى انا كمان، انا خلاص مابقيتش عاوز حاجة من الدنيا غير انى ابقى ماشى وانا مش شايل ذنبك على اكتافى، وحياة اى حاجة حلوة تفتكريهالى اعفينى من ذنبك
حياة بتأثر : خلاص يا استاذ عادل، انا مسامحاك
عادل بفرحة : اشهدى ربنا
حياة : بشهد ربنا انى مسامحاك، ربنا يسامحك ويغفرلك
ليبتسم عادل قائلا : شكرا…. شكرا شكرا
وظل يتمتم بشكره حتى غاب عن ناطريهما، ليسحب حمزة حياة من خصرها إلى احضانه هامسا : حبيبتى ام قلب ابيض
لترفع عينيها اليه متساءلة : سامحنى
ليزفر أنفاسه قائلا وهو يضمها إلى صدره متنهدا : ماقدرتش اعاقبك اكتر من كده، قلبى ماقدرش يخاصمك، لقيته بيخاصمنى انا كمان
لتعاود البكاء باحضانه مرة أخرى قائلة : اوعاك تعمل معايا كده تانى، انت وجعتنى اوى.. اوى ياحمزة ،للحظة اعتقدت انك هتطردنى برة حياتك
ليتذكر حمزة على الفور كلام رقية ليهمس لها قائلا : بعد كل اللى قلتهولك عن عشقى وغرامى، طب ده انتى عشان نزلتى المعامل نص ساعة ولقيتك بحالتك دى كنت هنزل اجيبك بنفسى من المعامل لولا خفت من اللى كان ممكن يحصل ساعتها
حياة وقد بدأت تعود لطبيعتها : وايه اللى كان ممكن يحصل
حمزة بعبث : مشهد غرامى فاضح علنى قدام كل اللى فى المعامل، ويميل عليها مقبلا اياها بقوة وكأنه يبرهن لها عن شده غرامه وعشقه لها، وعندما فصل قبلته نظر لها قائلا بحب : بس ده انتى فعلا يتخاف منك
حياة باستغراب : انا…. ليه يقى
حمزة : حسبنتى على الراجل ومامته جبتى أجلهم كلهم
حياة دامعة : تصدقنى لو قلتلك انى لما احتسبت اللى حصللى عند ربنا عمرى مااتمنيت اذيتهم، كل اللى جه فى بالى انى هختصمهم يوم القيامة
حمزة بصوت اجش : ايه اللى بينك وبين ربنا
حياة : الرضا…. صدقنى ياحمزة….. طول عمرى كنت راضية بكل اللى ربنا بيكتبهولى، ااه كنت ببكى وبحزن لكن عمرى ما اعترضت…. وكنت دايما بحس ان ربنا هيفاجئنى بحاجة حلوة هتفرحنى
حمزة : وعشان كده سامحتيهم
حياة وهى تطأطئ رأسها : وعشان كمان سبب تانى
حمزة : ايه هو
حياة وهى تنظر بعينيه بلمسة ندم : عشان تسامحنى
ليضم حمزة حاجبيه بعدم فهم ثم انبسطت اساريره فجأة وانفجر ضاحكا ثم قال من بين ضحكاته :
بتقدمى السبت يعنى
لتومئ حياة رأسها بخجل
ليضمها حمزة الى قلبه قائلا : بقوللك ايه
حياة : اممممم
حمزة : البت رقية وخديجة راحو البيت مع البغبغان وهيتشغلوا بيه طول اليوم، ماتيجى اعزمك على الغدا فى افخم أوتيل فى البلد
حياة : واشمعنى أوتيل يعنى
حمزة بخبث : عشان نتغدى فى الجناح بتاعنا براحتنا من غير ازعاج… انتى وحشتينى اوى
حياة : هيقلقوا علينا وخديجة ممكن تزعل
ليرفع حمزة هاتفه محدثا رقية وهو يفتح الاسبيكر
حمزة : ايوة ياحبيبتى
رقية بمرح : حبيبتك! تبقى عاوز حاجة ها… اشجينى
حمزة وهو يدعى البراءة : كده برضة… طول عمرك ظلمانى
رقية : بقوللك ياحمزة… انا مش فاضية….. بنتك مصممة تدينى قرص فى لغة البغبغاتات عشان اعرف اتعامل مع البروفسور ثرثار افندى….. فماتسحبش بنزين كتير وقصر
حمزة : مااسحبش بنزين! هو انتى خريجة ايه ياحبيبتى ياريت تفكرينى
رقية مازحة : كلية الحياة قسم لغات حية وميتة ياميزو… لخص بقى
حمزة وهو يهز رأسه يمينا ويسارا: مافيش فايدة، طب ياحبيبتى اتغدى انتى وخديجة عشان هتاخر انا وحياة
رقية بخبث : امممم، انتو اتصالحتوا بقى؛ ماشى…. عشان خاطر حياة بس
حياة : تسلميلى ياقلب حياة
رقية : انبسطى ياحبيبتى وماتقلقيش، بس مش هنام غير لما تيجوا حاولوا ماتتأخروش اوى
حمزة : حاضر ياحبيبتى، خدى بالك من نفسك ومن خديجة
**
فى صباح اليوم التالى يذهب حمزة الى نورا بالمستشفى ويقدم تصريح الزيارة إلى الحارس ليدلف اليها ليجدها شاحبة، مصدومة، تدور بعينيها بالغرفة وكأن بها مس من الجنون، وما ان وقعت عينيها على حمزة حتى هبت من مكانها ولكن الام كتفها جعلتها تتراجع إلى ماكانت عليه مع انكماش جسدها والتزاقها بالفراش وهى تردد : جايلى ليه… انا ماعملتش حاجة.. ماعملتش حاجة
ليجلس حمزة بهدوء وهو ينظر اليها بتمعن ثم قال: ليه يانورا، ده انا عمرى مارفضتلكم طلب.. ليه
نورا بغضب : ليه… انت بتسأل ليه.. عشان ابوك السبب
حمزة بتساؤل : السبب فى ايه بالظبط
نورا بهذيان : جوزهاله غصب عنها، كرهته وكرهتنى لانى بنته، عمرها ماحبتنى… ولا انا كمان حبيتها، لكن…. كنت بخاف منها ، كانت بتتعامل معايا اكنى انا المسئولة عن اللى حصل معاها، زرعت كرهى لابويا وكرهى ليكم جوايا، رضعتنى كيد وشر، حتى لما ابويا مات ضيعت فلوسها وفلوسى اكنها بكده بتمحى ابويا من حياتها، ولما فشلت تخليك تتجوزنى… رمتنى لابن عشيقها
حمزة بغضب : ايه اللى انتى بتقوليه ده
لتضحك نورا باستفزاز قائلة : ايوة…. ولازم تعرف ان عدنان هو اللى ورا كل ده… هو اللى خطط لكل حاجة عشان ينتقم من ابوك فيك، بس جشعهم و طمعهم كل مادا كان بيزيد، وخصوصا بعد مافادى خسر فى البورصة، عدنان اقنعنا ان فادى يطلقنى على الورق ويرجع يردنى عرفى عشان نقدر نستنزفك حتى لو كانت امى عرفت تقنعك انك تتجوزنى ماكانش عندهم مانع ابدا انى اجمع مابينكم
حمزة : طب وخالد، كنتى ناوياله على ايه
نورا بابتسامة هاذئة : اهو خالد ده الراجل الوحيد اللى كان نفسى فيه
حمزة : كنتى بتحبيه
نورا : انا عمرى ماحبيت، بس كان نفسى اكسر مناخيره بأى طريقة
حمزة وهو ينهض استعدادا للرحيل : طبعا انتى عارفة انك هتتسجنى وياريت تحمدى ربنا على ده لانى كنت ناويلك على عقاب كان هيخليكى تتمنى الموت،، لكن معلش.. نصيب
وبعد أن اتجه إلى الباب عاد بوجهه اليها قائلا : انا كنت ناوى اعمللك قضية سرقة وتزوير بسبب العقد اللى سرقتيه والشيك اللى معاكى، بس قلت كفاية عليكى اللى انتى فيه…… ااه ااصلى نسيت اقوللك ان احنا اللى حطينالك الملف بالشيك بالمفاتيح فى الدرج عشان اصورك متلبسة بالسرقة
وكمان مضيتى بنفسك لخالد على اعترافك بالسرقة واشتراكك فى تزوير بيانات المخازن والمعامل مع منصور وعدلى
نورا بفزع : اللى انت بتقوله ده ماحصلش، انا مامضيتش على حاجة زى دى
حمزة : حصل، اللى مضيتى عليه ماكانش عقد للعمل فى شركتى وبس، لا… ده كان اعتراف ممضى منك بكل جرايمك المشبوهة
ليتركها سريعا متجها إلى الخارج وسط صراخها وهى تلعنه وتلعن جميع ايامها.. يتبع الفصل 28 اضغط هنا