رواية لأجلك أحيا الفصل الثاني والعشرون 22 والفصل الثالث والعشرون 23 بقلم أميرة مدحت
رواية لأجلك أحيا المشهد الثاني والعشرون 22
أنهت الحديث معه بعدما أكد عليها بضرورة أن تجد أي وسيلة تحمي به ذاتها من "الداغر"، تحركت بخطى بطيئة نحو داخل المشفى، هبطت دموعها بألم وهي تشعر أنه كُتب عليها العذاب!!.. ما أن حصلت على برائتها حتى وقعت عليها المصائب من جديد.
كانت وصلت إلى الرواق المؤدي إلى غرفته، شعرت أنها ستقع في أي لحظة، ولكن تحاملت على نفسها وسارت حتى وصلت إلى غُرفة "أصهب".
وقفت للحظات معدودة تفكر أن تدخل إليه أم لا، حسمت أمرها بقلبها حيثُ فتحت الباب بهدوء ولكن أتسعت عيناها بريبة حينما وجدت ذلك الطبيب المجهول يقف بعيدًا عن فراش "أصهب"، فتسائلت بحدة:
-فين الدكتور المسئول عن حالته؟؟.. الدكتور قال أن مفيش حد يدخل هنا غير أهل المريض وهو بذات نفسه!!..
لم تنتبه إلى إفاقة "أصهب" والذي يحاول جهدًا الإستيعاب على ما يحدث حوله، وإبعاد ذلك التشوش عن عقله، فكان شاغلها الأكبر هو خوفها من أن يكون طرف من تلك العصابة، لم يجيبها بل حدجها بعينين مظلمتين، تراجعت قليلاً للخلف حتى وصلت إلى الخارج وهي تصرخ بغضب للخارج:
-إيه الأستهتار ده؟؟.. فين الدكتور الـ آآه.
لم تكمل كلماتها الغاضبة بعد أن دفعها بعنف من الجانب نحو الباب، فـ أصطدمت رأسها بقوة في طرفه، ووقعت على الأرضية الصلبة وهي تتأهوه من شدة الألم، فـ ولج إلى الخارج كي يهرب قبل فوات الآوان.
ولكن فات الآوان بعدما قابله "راجي" ولحظه الأسود أنه رأى فعلته في "تيجان"، فقبض على ذراعيه بقوة ولكن تملص منه الآخير وحاول الركض، فكان نصيبه أنه وقع بين يدي الطبيب الذي رأى من على بُعد ما يحاول فعله "راجي"، فـ أدرك على الفور أنه قد وقعت مشكلة كبيرة يجب عليه حلها.
لم ينتبه أحد منهم إلى صرخة "أصهب" الخائفة بعدما رأها فاقدة الوعي على الأرضية الصلبة، حاول أن يعتدل في جلسته ولكن وخزات حادة ضربت ظهره بقوة، فتألم أكثر وهو يغمض عينيه بشدة:
-آآآه.
فتح عينيه مجددًا وهو يصرخ بقلق ينهش قلبه:
-تيجان، تيجـــااان.
تألم أكثر وهو يرى أنه غير قادر على مساعدتها، صدح بنبرة جهورية مخيفة:
-إنتوا يإللي برااااااا.
جاءت والدته وخلفها ممرضة يرن "أصهب"، تحركت الممرضة سريعًا نحو "تيجان" محاولة إفاقتها وترى مدى إصابتها بعد أن لمحت ذلك الجرح على جبينها، إبتسمت "شاهيناز" بسعادة ما أن رأتهذ وحيدها قد أستعاد وعيه أخيرًا حيث قالت:
-أصهب حبيبي، حمدلله على السلامة يا نور عينيا.
أشار بيده قائلاً بقوة:
-ماما ساعدي تيجان أرجوكي.
عقدت ما بين حاجبيها بضيق وقبل أن تتحدث، كان قال بصرامته كالعادة:
-أمي أنا لو كنت كويس مكنتش سيبتها، ساعديها مع الممرضة بسرعة، أنا مش بطلب منك حاجة دايمًا، نفذي طلبي أرجوكي.
أومأت رأسها بهدوء وتحركت نحو الممرضة التي أخبرتها بجدية:
-هي مش مغمى عليها، الخبطة بس خلتها مش مستوعبة اللي بيجرى حواليها خالص، دي حاجة طبيعية ماتقلقيش.
تابعت بجدية هاتفة لـ"تيجان":
-تيجان بما إنك سمعاني، تقدري تقومي معايا؟؟.
هزت "تيجان" رأسها ببطء محاولة أن تفتح عينيها، نهضت بمساعدة كل من الممرضة و"شاهيناز"، ما أن وقفت على قدماها حتى تراجعت قليلاً وهي تهتف بتعب:
-خلاص شكرًا أنا بقيت كويسة.
قالت "شاهيناز" بجدية:
-طب شوفي الجرح اللي فجبينك ده.
عفويًا وضعت أصابعها على الجرح وهي ترد بهدوءٍ واهن:
-لأ بعدين، مش دلوقتي.
فتحت عينيها أخيرًا فـ رأته وهو يزفر براحة، تحركت نحوه سريعًا حتى كادت أن تتعثر ولكن تمالكت نفسها على آخر لحظة، سمعت صوته الأجش وهو يهمس:
-حاسبي.
لأجلك أحيا المشهد الثالث والعشرون 23
وقفت بجوار فراشه وهي تبتسم بسعادة هاتفة بعد أن تلألأت عيناها بالدموع:
-إنت مستسلمتش يا أصهب، مستسلمتش، حاربت وأنتصرت.
إبتسم إبتسامة شاحبة صغيرة وهو يرفع يده قابضًا على يدها ثم همس بصوته العميق:
-زي ما خدتي بالك مني، خدي بالك من نفسك، لأني محتاجلك.
أتسعت عيناها بدهشة وقبل أن تتسائل، كان وجه أنظاره نحو والدته وهو يمد يده، إبتسمت له "شاهيناز" وهي تقترب منه سريعًا، فتراجعت "تيجان" للخلف وقررت الخروج وهي تتابعهما بعينين دامعتين سعيدتين، وضعت يدها على قلبها وهي تشعر بنبضاته السريعة، قابلت في طريقها "راجي" الذي ما أن رأها حتى سألها بقلق مهتم:
-تيجان إنتي كويسة و..
قطب جبينه بقوة وهو يرى ذلك الجرح على جبينها، فقال بصرامة:
-إيه الجرح ده؟؟.. إنتي إزاي سايبة نفسك كده؟؟.. تعالي معايا.
كانت حقًا يجب عليها الذهاب إلى الطبيب لمعالجة ذلك الجرح، فحركت رأسها بالإيجاب وهي تتحرك خلفه، سألته بإهتمام:
-عملتوا إيه مع الشخص ده بعد ما مسكتوه؟؟..
أجابها بتنهيدة حارة:
-طلبنا البوليس عشان يشوف ايه حكايته هو كمان، وعاوز إيه من أصهب؟؟.. خصوصًا بعد ما الدكتور لقى الحقنة اللي معاه كان مسممة!!.
جحظت عيناها بصدمة، فهمست بإرتياع:
-إيه؟!!!.. مسممة!!.. لأ!!!..
تسائلت بداخلها بعدم إستيعاب:
-ياترى مين بظبط ورا اللي بيحصل ده؟؟.. الداغر ولا الهامي!!!.. يارب أنا مبقتش فاهمة حاجة!!!..
**
حدث ما لم يتوقعه أي شخص من عائلة "الهامي"، مُنذ إصابة "أصهب" بالطلق الناري، وقد أجتمع أهل القرية كي يتناقشون عن حل لمشاكلهم وعن كيفية تخلصهم من شر "الهامي" حتى أتفقوا على الأني وهو:
معًا مع "أصهب".
ومعًا ضد "الهامي".
ومعًا ما من يقف خلف "أصهب" من عائلته.
لا للخوف بعد اليوم.
وأول ما قاموا به هو ثورة كبيرة أجتمع فيها أكثر من ألف ونصف شخص كأول يوم، حيثُ يبلغ عدد السكان في تلك القرية ثلاثة ألف ونصف.
وقف ذلك العدد أمام قصر "الهامي"، والذي يتابع ما يحدث بعينين مذهولتين عن طريق شرفة غرفته، يستمع إلى تلك الأصوات المُنادية بإسمه، مُخبرين إياه أن ينصرف من القرية بأكملها بالحُسنى وإلا سينالوا حقهم منه.
تلك الأصوات التي تخترق بقوة في أذنيه، وعيناه التي لازالت لا تصدق ما رأته من ذلك التجمع الكبير المهيب!!.. كان يُخيفهم بجبروته، الآن هو يجلس خائفًا ولا يعلم كيفية التصرف بعد أن فات الأوان.. يتبع الفصل الرابع والعشرون اضغط هنا