رواية عيناك ملاذي الفصل السادس عشر 16 بقلم سارة علي
رواية عيناك ملاذي الفصل السادس عشر 16
أوقف أمير سيارته أمام العمارة التي تقطن بها ربى ...
هبط من سيارته واتجه مسرعا الى الطابق الذي توجد به الشقة ..
فتح الباب وولج الى الداخل واتجه الى غرفة النوم ليجد ربى هناك تجهز حقيبة سفرها ...
تنحنح مصدرا صوتا يدل على وجوده لكنها لم تلتفت له ..
ناداها بصوته الهادئ قائلا :
" ربى ..!"
توقفت عما تفعله وإلتفتت نحوه ترمقه بنظرات حزينة شعر بها فإقترب منها محاولا السيطرة على غضبه بسبب ما فعلته وسألها بنبرة متشنجة :
" مالك يا ربى ..؟! وايه الشنطة دي ..؟!"
أجابته بنبرة باردة :
" مسافرة .."
سألها متعجبا مما قالته :
" مسافرة فين ..؟!"
ردت بهدوء مقتضب:
" راجعة من المكان اللي جيت منه يا أمير .."
سألها بصوت ثابت متزن :
" ليه ..؟!"
" كده احسن ، ليا وليك .."
تأملها قليلا متأملًا عينيها المنتفختين وملامحها المرهقة ، لقد أذاها دون قصد ، ولكنه لم يكن قاصدا أن ينساها أو أن يحب غيرها ..
كل شيء حدث دون إرادة منه أو تخطيط ...
" انا اسف ..."
همس بها أمير بنبرة صادقة لتهتف بجدية وصمود :
" متعتذرش يا أمير ، اللي حصل حصل ، واللي حصل مكانش بإيدك .."
" هو مكانش بإيدي فعلا .. "
أكد أمير لها ما قالته لتومأ برأسها متفهمة قبل أن تهتف بإعتذار :
" انا اسفة إني بلغتها خبر جوازنا بالشكل ده ، انا كنت متعصبة ومش عارفة بعمل ايه .."
" حصل خير ، قدرت أتلافى الموضوع ، وأهو عدا على خير .."
طريقة كلامهما ونظراتها المتبادلة أكدت لربى أنهما باتا غريبين تماما عن بعضيهما ...
لم يعودا كما كانا مهما حدث ...
أمير تغير كثيرا وبات شخص أخر بوجود تالا ..
وهي بالرغم من حبها الصادق له تغيرت ايضا ...
حسمت أمرها أخيرا وقررت أن تنفذ ما أرادته .. رجوعها الى هنا كان خطأ والإستمرار به خطأ اكبر ...
هتفت اخيرا بصوت جامد لا حياة فيه :
" طلقني .."
**
خرج أمير من عند ربى وهو يشعر براحة كبيرة تغمره ..
لقد تحدث مع ربى بعدما طلبت الطلاق ..
أخبرها أنه مستعد أن يفعل لها ما تريده ..
أن يكون سندا لها وأن يدعمها في أي شيء ...
وهو كان صادق بحق معها فربى لا تستحق منه شيئا سيئا ...
ربى بدورها كانت مصرة على الطلاق فهي ليست من النوع الذي يربط نفسه بعلاقة مؤذية كهذه .. علاقة نهايتها مجهولة ..
خرج أمير من عندها بعدما ألقى قسم الطلاق عليها ..
خرج وهو يشعر بالإرتياح فحياته بدأت تستقر ومشاكله خفت تدريجيا ..
قاد سيارته عائدا الى تالا .. يريد أن يراها ويخبرها بما حدث ..
وصل الى هناك بعد حوالي نصف ساعة ليجدها موجوده في صالة الجلوس ويبدو عليها الملل والضيق الشديدين ...
اقترب منها وهو يهتف بنبرة مرحة :
" الجميلة عاملة ايه ..؟!"
نهضت من مكانها وإقتربت منه تسألها بغضب صامت :
" كنت فين..؟!"
أجابها وهو يتأملها مليا :
" كنت عند ربى .."
لمعت عيناها بشراسة وهي تجيبه :
" بتعمل ايه عندها ..؟!"
" تالا ، ممكن نتكلم شوية ..؟!"
هتف بها أمير وهو يحاول مسكها من ذراعها لتبعد ذراعها منه وتعقد ذراعيها أمام صدرها وتهتف بحزن :
" يعني خرجت وحبستني هنا وكمان كنت عند مراتك التانيه .."
" طب مش تعرفي انا كنت بعمل ايه عندها ..؟!"
قاطعه بسرعة :
" مش عايزة اعرف ، راجل رايح لمراته ، هيعمل ايه عندها مثلا ..؟!"
ابتسم رغما عنه بسبب غيرتها الواضحة عليه قبل أن يهتف بهدوء جلي:
" ربى طلبت الطلاق ..."
لمعت عيناها رغما عنها وهي تسأله بلهفة :
" بجد ..؟! وانت عملت ايه ..؟!"
أجابها بعد صمت استمر لفترة طويلة قاصدا منه أن يخيفها :
" طلقتها .."
قالتها وقد لمعت مقلتيها لا اراديا ليومأ برأسه فتطلق تنهيدة مرتاح قبل أن ترمي بنفسها بين أحضانه ..
**
مو الوقت سريعا وجاء المساء ...
كانت تالا تذاكر كعادتها وأمير يعمل على حاسوبه الشخصي رغم تفكيره المستمر في حل لمشكلة تالا مع ابن عمها ..
لقد أخرج شريحة الهاتف ووضعها في هاتفه الجديد منتظرا اتصال من ذلك المدعو حسن ... لكنه لم يتصل بعد ..
وبالرغم من كل هذا كان قد اتفق مع فراس أن يبحث عن حسن وعائلته في كل مكان عله يجدهم ..
رفعت تالا بصرها عن الكتاب لتجد أمير شاردا قليلا فهتفت بإسمه :
" أمير .."
أبعد أنظاره من فوق شاشة الحاسوب وتمتم بهدوء :
" نعم .."
" إيه رأيك أعملك أنا العشا النهاردة ..؟!"
قالتها بترجي شديد فهي تتمنى أن تتصرف مثل أي زوجة طبيعية وتجهز طعام العشاء له لكنه عارضها كالعادة وهو يبرر لها :
" يا حبيبتي قلنا اهم حاجة دراستك دلوقتي ، لما تخلصيها ابقي اطبخي براحتك .. وانا هطلب العشا من المطعم اللي بتحبيه كالعادة .."
زمت شفتيها بعبوس ليقول لها بخبث :
" الحق عليا إني بحاول أريحك واخلي وقتك كله للدراسه عشان تجيبي المجموع اللي بتتمنيه وتنجحي بتفوق .."
وجد عينيها تلمعان كالعادة حينما يأتي على ذكر موضوع التفوق والمعدل العالي لتهتف أخيرا بإقتناع :
" معاك حق ، الدراسة دلوقتي اهم من اي حاجة دلوقتي .."
ابتسم بهدوء ليكمل بجدية :
" قوليلي يا تالا حابة تدخلي كلية ايه بما إنك السنة الجاية ثانوية عامة وكده يعني ..؟!"
أجابته بعدما أطلقت تنهيدة طويلة :
" صيدلة ، حابة ادخل صيدلة .."
" حلوة الصيدلة جدا .."
قالها داعما إياها في رغبتها لتبتسم بسعادة ...
سمعا صوت جرس الباب يرن فنهض أمير لفتحه ليجد كرم أمامه ، رمقه بنظرات جامدة قبل ان يخرج إليه ويغلق الباب خلفه .
هتف كرم بإحراج :
" مش هتقولي اتفضل ..؟!"
رد أمير بحدة :
" لا مش هقولك ، خير ..؟ عايز ايه ..؟!"
أجابه كرم بخفوت وخجل شديدين :
" انا جيت عشان أعتذرلك ، انا والله ما كنت اعرف انوا ماما جايبة مراتك بتشغلها عندنا ، هي بس طلبت مني أروح أبلغك بالكلمتين دول وأنا نفذت .."
عقد أمير ذراعيه أمام صدره وقال :
" ودي خطة جديدة منكم ولا ايه ..؟!"
زفر كرم أنفاسه بضيق وقال :
" يا أمير انت مش واعي للي بتعمله .. دي وحدة كانت بتشتغل خدامه عندك .. انت واعي للي بتقوله ..؟!"
صاح أمير بها بتحذير :
" لحد تالا وتلزم حدودك يا كرم ، دي مراتي ، عارف يعني ايه مراتي ..؟!"
نظر إليه كرم بضيق قبل أن يهتف ببرود :
" بس خدامة وماضيها هيفضل ملاحقها يا أمير وانت من حقك تكون ام اولادك ست ليها ماضي نظيف .."
رد أمير بقرف منه ومن تفكيره :
" انا مش مصدق طريقة تفكيرك .. هي تالا كانت بتعمل ايه بالضبط ..؟! دي كانت بتشتغل شغلانه شريفة .. شغلانه تحمي سمعتها وشرفها .. بس هي طبعا مش هتعجبك لانها مش زي الصايعات اللي انت بتعرفهم .."
" انا جيت عشان أعتذر بس واضح إنوا وجودي غير مرغوب فيه ، عن إذنك .."
قالها كرم وهو ينسحب من المكان تاركا أمير لوحده والذي رن هاتفه بعد لحظات بإسم فراس ..
أجاب على الإتصال وهتف به بنبرة متعبة :
" اهلا يا فراس ، خير ..؟!"
أجابه فراس بجدية:
" لقيت ابن عن مراتك يا أمير .."
يتبع الفصل السابع عشر اضغط هنا