رواية عيناك ملاذي الفصل التاسع 9 بقلم سارة علي
رواية عيناك ملاذي الفصل التاسع 9
كانت تالا تسير داخل غرفتها ذهابا و إيابا ، تفكر في أمير الذي يجلس في الخارج يتابع التلفاز بينما هي تشعر بالخجل والتردد الشديد من رؤيته ..
منذ أن عادا سويا الى المنزل وهي تلتزم غرفتها ترفض أن تخرج منها ...
ما حدث ليلة البارحة ترك أثرا كبيرا داخل أعماقها .. أثرا يكبر بداخلها تدريجيا ويحتل جزءا من قلبها ..
سمعت صوت طرقات على باب غرفتها فإنتفضت كليا بينما أمير ينادي عليها بهدوء :
" تالا ، مش هتخرجي .."
سارت بخطوات بطيئة نحو الباب ووقفت بجانبه قبل أن تهمس بخفوت :
" جايه .."
سمعت صوت خطواته وهي تبتعد تدريجيا عنها فتنفست الصعداء وهي تجلس على سريرها عاقدة ذراعيها أمام صدرها تفكر في حل لهذا المأزق ...
في نهاية المطاف قررت أن تخرج وتقابله بوجه عادي .. هي زوجته وما حدث البارحة شيء طبيعي بين أي زوجين ...
تنهدت بصمت وهي تفكر بأنهما ليسا كأي زوجين بل يختلفان تماما عن أي إثنين تزوجا بشكل طبيعي ..
نهضت من فوق السرير ووقفت أمام المرأة تتأمل فستانها الأحمر القصير بملامح قلقة .. هل هو جميل عليها ..؟! نهرت نفسها وهي تفكر بأنه لا داعي لهذا التفكير ..
سارت بخطوات بطيئة خارج الغرفة ... وجدت أمير جالسا في مكانه واضعا قدما فوق الاخرى ..
" هي مش الليلة راس السنه ..؟!"
اومأ برأسه متعجبا من سؤالها الغريب ليجدها تكمل بخجل :
" مش المفروض تقضيه مع اهلك ...؟!"
ابتسم بخفوت قبل ان يهتف بنبرة مريرة :
" انا مليش اهل يا تالا .."
" انتَ يتيم ..؟!"
سألته ببراءة ليزفر نفسا خافتا قبل أن يهز رأسه نفيا ويكمل بجدية :
" لا مش يتيم ، بس اعتبريني كده .."
تطلعت إليه بنظرات مترددة حائرة ليهمس بإسمها قائلا :
" تالا ، ممكن تجي تقعدي جمبي .."
اتجهت نحوه على الفور وجلست بجانبه ليسترسل وهو يحيط كتفيها بذراعه :
" خليكي جمبي يا تالا ، انا محتاجك جمبي .."
توترت كليا وهي تجلس بهذا الوضعيه جانبه وشعر هو بتوترها فشدد من إحتضانها وأغمض عينيه مستنشقا عبير رائحتها ...
هي الأمان في دنيا لا أمان فيها ..
فتح عينيه مرة أخرى وقال :
" تالا .."
" نعم .."
" تحبي نسهر بره الليلة ..؟!"
" زي ما تحب .."
تطلع إليها بإبتسامة وقال بحماس تملك منه فجأة :
" قومي غيري هدومك .."
نهضت بسرعة من مكانها واتجهت الى غرفتها ... أخرجت من الخزانة ملابس خروج وارتدتها بسرعة قياسية ...
اما أمير فنهض هو الاخر من مكانه واتجه نحو الحمام ، غسل وجهه بالمياه الباردة ثم جففه بالمنشفة ... خرج من الحمام وارتدى معطفه ليجد تالا تخرج من غرفتها بعد لحظات فمسك كف يدها وسار بها خارج الشقة ...
**
في احد المطاعم الراقية ...
جلسا كلا من امير وتالا على احدى الطاولات الموجودة في المكان ...
تقدم النادل منهما وهو يحمل المياه لهما ثم وضع قائمتي الطعام أماميهما ...
بدأ أمير يقرأ قائمة الطعام حينما انتبه الى تالا الشاردة فسألها :
" رحتي فين يا تالا ..؟!"
أفاقت من شرودها على سؤاله لتجيبه بإبتسامة خافتة :
" معاك .."
" تحبي تاكلي ايه ..؟!"
سألها بجدية لتجيبه ببساطة :
" مش عارفة ، اطلب لينا اللي انت حابه .."
ابتسم لها ثم أشار الى النادل كي يأتي ويأخذ طلباتهما ...
سجل النادل طلباتهما ورحل بينما تحدث امير قائلا :
" اخبار دراستك ايه ..؟!"
أجابته بخجل :
" كويسة .."
" هتفضلي تتكلمي بشكل رسمي معايا ..؟!"
سألها بضيق مصطنع لتقول بسرعة :
" لا والله مش كده .."
ضحك بخفوت وقال :
" طب اتكلمي معايا ، قولي اي حاجة .."
" اقول ايه ..؟!"
سألته بحيرة ليرد بجدية :
" احكيلي عنك .. انا معرفش اي حاجة عنك يا تالا .."
نظرت إليه بهدوء وقالت :
" أحكيلك ايه بالضبط ..؟!"
" هو والدك ووالدتك ماتوا لما كنتي صغيره ..؟!"
اومأت برأسها وقالت :
" لما كان عندي سبع سنين وسابوني مع عمي ومراته ... مكانش ليا حد غيرهم .."
" كانوا بيعاملوكي وحش مش كده ..؟!"
هزت رأسها وقالت موافقة كلامه :
" ايوه ، وحش جدا.."
صمت ولم يقل شيئا بينما أكملت هي بصوت حزين :
" ماما كانت من عيلة غنية جدا وأبويا كان راجل على قد حاله .. حبوا بعض جدا واتجوزوا غصبا عن اهلها ومن ساعتها قاطعوها .. هي تحملت حاجات كتير جدا بسبب حبها لأبويا ..."
" ماتوا ازاي ..؟!"
" حادثة عربية ..."
اومأ براسه متفهما بينما تقدم النادل منهما ووضع الطعام أماميهما ...
مسحت تالا على وجهها برفق ثم وجدت امير يبتسم لها فبادلته ابتسامته وبدأت تتناول طعامها ...
**
دلف كلا من امير وتالا الى الشقة بعد سهرة طويلة قضوها في الخارج ..
اغلق امير باب الشقة واتجه الى الداخل ليجد تالا واقفة تتوسط صالة الجلوس عاقدة ذراعيها أمام صدرها ..
اقترب منها واضعا كفيه على كتفيها ليشعر بإرتجافة جسدها الشديدة ..
التفتت نحوه ترمقه بنظرات مضطربة ليقبض بكف يده على ذراعها ويجذبها نحوه مقربا شفته من شفتيها مقبلا إياهما بشغف شديد انتظره طوال الليلة..
بادلته تالا قبلته بنفس الشغف فهي اعتادت على قبلاته الدافئة لها دون أن تعي سبب هذا التعود ...
توقف عن تقبيلها بعد لحظات لينظر إلى عينيها فيجدها كما اعتاد أن يراهما دافئتين حنونتين ...
انحنى نحويهما وطبع قبلة دافئة على كلتيهما قبل أن يبتعد عنها قليلا ويمسك
كف يدها ويجرها خلفه نحو غرفة نومه فتسير وراءه دون وعي او ارادة منها ...
دلفا الى داخل الغرفة ليغلق امير الباب خلفيهما ويجذبها نحوه على السرير ..
أخذ يمرر كف يده داخل خصلات شعرها الحمراء بشوق قبل أن ينحني نحو شفتيها ويقبلها برفق وحنو بالغ ...
لحظات وازدادت قبلاته لها عمقا وشغفا بينما أخذ كفه يزيل بلوزتها عن جسدها ...
اما تالا فكانت مستسلمة له كليا تحاول قدر المستطاع ان تبادله شغفه و جنونه وتتجاوب معه رغم خجلها الشديد ....
مو الوقت عليهما سريعا وكلاهما غارقا في الأخر لا يشعر بأي شيء يدور حوله ...
انتهى كل شيء وابتعد عنها أمير لاهثا وبالرغم من كل شيء لم يستوعب نهاية ما حدث .. فتالا لم تكن عذراء ...
يتبع