رواية حلمية الفصل الثالث 3 بقلم ندا سليمان
رواية حلمية الفصل الثالث 3
كنت في طريقي لباب الخروج فجأة وقفت لما سمعته بيقول :
_ أنا كمان مغصوب ع الجوازة دي زيك فإيه رأيك لو نتفق اتفاق هيريحنا إحنا الإتنين؟؟
بصتله بعدم فهم فكمّل :
_ مش هنعرف نتكلم هنا و أكيد مش هنعرف في البيت فأنا هستأذن من عمي نخرج كإننا يعني بناخد على بعض ، هنروح أي مطعم أو كافيه ونتكلم في كل التفاصيل اتفقنا؟
جاوبت بإيماءة عشان ماكنتش عاوزه أفتح معاه كلام بعدين سيبته وروحت أكمل تجهيز الشنط ، بعد ساعة تقريباً لقيت بابا باعتلي مع ماما اجهز عشان هخرج مع جوزي، الكلمة دي كل ما اسمعها بتعصب!
استعديت ونزلت لقيته واقف مع بابا إللي أول ما شافني كالعادة هرب بعينيه ، اتفاجئت بعادل بيمسك دراعي بصتله بغضب فشاور بعينيه على بابا ، كظمت غيظي لحد ما خرجنا من البيت ، شديت دراعي من إيديه وقولتله :
_ إنت اتجننت؟ ازاي تمسك إيدي كده؟!
_ لا ماتجننتش حضرتك شرعاً وقانوناً مراتي يعني أعمل إللي أنا عاوزه واحمدي ربنا إني مسكت دراعك بس
وشي احمر من الغضب والكسوف وقبل ما اتكلم فتحلي باب العربية و ركب ، وقفت متردده، دي أول مرة هركب العربية مع راجل غير بابا ، أنا عارفه إنه جوزي لكن هو بالنسبة ليا راجل غريب ، لمحت بابا بيبص علينا من ورا ستارة الشباك فركبت ، كنت منكمشه وقاعدة على حرف الكرسي بعيد عنه فقال :
_ أقعدي براحتك ع الكرسي ماتخفيش مش هاكلك
بصتله بغضب من غير ما أرد، فضلنا ساكتين لحد ما وصلنا المطعم ، جابوا المنيو ولقيته بيختار ويسألني هاكل إيه فقلت :
_ أعتقد مش جايين هنا عشان ناكل!
_ أه بس أنا جعان جداً ومابعرفش أفكر أو اتكلم وأنا جعان، وبما إنك مش جايه عشان تاكلي فياريت على ما آكل تكوني رتبتِ أفكارك كده وهديتِ عشان أعتقد إحنا جايين نتفق مش نتخانق!
طلب الأكل وفضلنا كل واحد ماسك موبايله وساكت لحد ما الأكل وصل ، بدأنا نتكلم وهو بياكل ، بدأ الكلام بجملة :
_ بصي يا حليمة إحنا الإتنين ناس ناضجة وكبيرة، وكمان مشتركين في هدف واحد إننا نرضي أهلنا وده السبب إللي خلّانا قاعدين هنا دلوقتي ، اتفضلي قولي كل شروطك
طلعت دفتر كنت مرتبة فيه أفكاري فضحك ولما لقاني اتضايقت اعتذر :
_ ماقصدش بس إنتِ مكبرة الموضوع أوي!
_ لا تصدق فعلاً عندك حق مستقبلي كله ضاع وأحلامي اتهدت أنا فعلاً مكبرة الموضوع!
_ حلييييمة لتاني مرة بقولك إنتِ مش رايحة سجن يعني لا أحلامك هتقف ولا مستقبلك هيضيع والدليل إني أهه بقولك قولي شروطك
_ طيب ابدأ إنت
_ هو مايعتبرش شرط أنا بس مش عاوز أي حد يعرف باتفاقنا أو بإنه جواز على ورق وإنه يستمر على الأقل سنة، اتفضلي
اترددت قبل ما اتكلم بعدين اتشجعت وقلت :
_تمام ماشي أول حاجة م مش هتلمسني
_ من غير ماتقولي خلاص مادمنا قلنا على ورق يبقى النقطة دي واضحة
_ هكمل دراستي
_ ده أمر مفروغ منه
_ هشتغل بعد ما اتخرج
_ ودي كمان مش هقف في طريقك فيها إلا لو كان الشغل إللي اخترتيه في أي خطورة عليكِ إنتِ أمانه لازم أحافظ عليها ، عموماً موافق مبدأياً وأكيد وقتها إن شاء الله هنتناقش في الموضوع أكتر.
لاحظت واحنا بنتكلم إن فيه حد بيتصل بيه كتير ، مقدرتش ألمح الاسم لكن لمحت قلب جمبه فسألت :
_ إنت مرتبط؟
ابتسم وقال " أيوه" بعدين سألني نفس السؤال فقلت :
_ ماعندناش بنات ترتبط قبل الجواز
_ حلو... كويس
_ ماكنش غرضي من السؤال المعرفة ، ده تمهيد للشرط الجاي وإللي هو مفيش ارتباط لحد ما المدة إللي هنحددها تخلص
اتفاجيء و رد بانفعال :
_ نعممم ، بقولك إيه يا حليمة ماتفتكريش عشان سايبك براحتك تملي شروطك إنك تسوقي فيها!
_ أنا مش بسوق فيها واعتقد ده حقي بل أبسط حقوقي كمان
_ حقك ده لما تكوني مراتي بجد! احنا اتفقنا يبقى جواز على ورق
_ أممممم طيب يعني في الحالة دي أنا كمان من حقي أرتبط بأي راجل تاني
ماكنتش متخيلة إن جملتي هتعصبه بالشكل ده ، الناس انتبهتلنا بسبب صوته العالي :
_ إنتِ هتستعبطي متجوزه إيه إن شاء الله!!!
_ لو سمحت أولاً وطي صوتك عشان الناس كلها بتتفرج علينا و ثانياً أنا مش هتنازل عن الشرط ده ، ده لو كنت مش عاوز حد يعرف باتفقنا! كرامتي مش هتسمحلي أقبل بالوضع ده ، إنت كده هتقلل من إحترامي كزوجة حتى وإن كان قدام الناس بس
رد بسخرية ممزوجة بعصبية :
_ أي أوامر تانية لجنابك؟!
_ لا متشكرة باقي بس نحدد المدة
_ هي سنة أعتقد كفاية أوي
_ أنا بقول كده برده
_ خلاص كده اتفقنا؟
_ لا لسه ، ماردتش عليا في آخر شرط
_ مش هينفع أرد عليكِ قبل ما اناقشه معاها
_ أعتقد اتفقنا محدش هيعرف بالاتفاق!
_ هحاول ألاقي طريقة من غير ما اضطر اقولها
_ تمام نبقى متفقين
.
.
تاني يوم كانت اللحظة الحاسمة ، لحظة الوداع إللي كنت حاملة همّها ، طبعاً ماعملناش فرح عشان وفاة جدو ، عادل كلمني ع الموبايل وقالي لو حابه أنزل اشتري فستان فرح بس رفضت ، المسرحية إللي بنمثلها ماكنتش محتاجة كل ده ، فلبست فستان عادي قطن أبيض وعليه ورود بنفسجي وطرحة فنفسجي كإني رايحة أحضر فرح حد مش فرحي أنا!
ماما بكت وهي بتودعني، واخواتي كمان لكن بابا اختفى، أنا عارفه كويس أوي هو حاسس بإيه دلوقتي ، أوقات كتيرة بحس إني أمه مش بنته وخصوصاً في اللحظات دي ، دخلت أوضته بهدوء، كان قاعد ع السرير ومدي ضهره للباب ، افتكرني ماما فسأل بحزن :
_ خلاص حليمة مشيت؟
لمّا ما سمعش رد التفت فلقاني ، بصلي بعينين مليانه دموع، قربت منه ، قعدت جمبه مبتسمة وحابسه دموعي وقلت :
_ عارفه إنها لحظة صعبة عليك بس هينفع يعني أمشي من غير ماتديني إكسير الحياة ؟
ابتسم غصب عنه لما افتكرني وأنا بقوله في مرة وأنا رايحة الجامعة "حضنك ده إكسير الحياة بالنسبة ليا " واضح إنه استرسل في الذكريات فانهار السد وفاضت دموعه وهو بيشدني لحضنه ويردد :
_ أنا آسف يا قلب أبوكِ ، هم مش بياخدوا مني بنتي دول بياخدوا نور عيوني
ما استحملتش أشوفه بيبكي، انهارت مقاومتي وبكيت بحرقة في حضنه، اه لو بس الزمن يقف عند اللحظة دي!
كنت عاوزه أخزن أكبر قدر من الحنان والأمان عشان أقدر أكمل رحلتي، سألني :
_ مسمحاني يا حليمة؟
بوست راسه وإيديه وقولتله :
_ هو إنت كنت زعلتني عشان تطلب السماح! ثم تطلب السماح مني أنا يا سيد الناس!! طاب تيجي ازاي دي؟! ماتخفش عليا ده أنا طايره من الفرحة إني انهارده عروسة وهتجوز وأجرب حياة جديدة
_ طيب ليه مارضيتيش تلبسي فستان زي باقي العرايس؟
_ مش جايلي قلب وجدي لسه ميت ثم الفرحة مش بالفستان المهم إني أكون مع راجل هيصونّي
حضني تاني وفضل يملّيني وصاياه ، انتهت لحظات الوداع وركبت العربية ، كنت فاكرة لمّا أحضن أبويا كتير هفضل محتفظه بإحساس الإمان لفترة لكن الغريب إن بمجرد ما العربية خرجت من بوابة البيت حسيت بوحشه وخوف!
كنت ساكته طول الطريق وعادل معظم الوقت بيعمل مكالمات شغل وبعد ما خلّصها فضل ساكت ، وصلنا قبل الفجر ، ماكنتش عارفه أنام في العربية فكنت مصدعة جداً ومش عاوزه حاجة غير إني أنام ، عادل حط الشنط في أوضتي ، ونزل ، ماكنتش فايقه استكشفها ، أخدت بالي بس إنها واسعة جداً، حسيتها كبيرة عليا، أول ما شفت السرير اترميت عليه من غير ما أغير هدومي...
معرفش نمت قد إيه بس أول مافتحت عيوني اتخضيت إني في أوضه غير أوضتي لحد ما بدأت استوعب أنا فين ، مالحقتش أهدا وشهقت بفزع لما لقيت عادل نايم جمبي، قمت زي الملسوعة فحس بيا وفاق بيسأل :
_ إنتِ كويسة؟!
صرخت في وشه :
_ كويسة إيه وزفت إيه! إنت إيه إللي جابك هنا؟ وازاي تنام جمبي ازااااي!!!
زفر بضيق بعدين بصلي بلامبالاة وقام دخل الحمام إللي في الأوضه، اتعصبت أكتر واستنيته لمّا خرج، كان بيصفّر ويسرح شعره قدام المراية ولا كإني واقفة فقلت :
_ على فكرة كنت بكلمك مش هوا أنا واقف!
بصلي بهدوء و رد بنفس الهدوء :
_ على فكرة دي أوضتي إنتِ إللي مشرّفاني فيها
_ خلاص يبقى شوفلي أوضة تانية
_ مش هينفع يا حليمة
_ مش هينفع برده أقعد معاك في أوضه واحدة
ضحك بسخرية بعدين قال :
_ ماتقلقيش مش هقربلك أولاً عشان اتفاقنا وثانياً عشان إنتِ مش النوع إللي يغريني
جرحني بآخر جملته، لاحظ تغير ملامحي فاعتذر وغيّر الموضوع :
_ آسف ماقصدش بس إللي بحاول أوصلهولك إني عمري ما هقربلك
_ مش هعرف أكون مرتاحة وإنت هنا
_ ومش هينفع برده تروحي أوضه تانيه عشان إحنا كده بنقولهم يا جماعة احنا متجوزين على ورق! ممكن أدور على حل، مثلاً أشتري بيت على قدنا عشان تقدري تبقي براحتك ونقدر نستمر في الاتفاق إيه رأيك؟
_ ياريت طبعاً ويكون في أسرع وقت
_ حاضر هحاول بس لحد ما ده يحصل نستحمل الوضع ده شويه ومعلش تعالي على نفسك واسمحيلي أنام هنا
_ بس مش على نفس السرير
_ تمام جداً الكنبة هتساعك
_ نعممم! كنبة إيه؟
_ إللي هناك دي ماهو مش معقول بطولي ده كله هنام عليها! مش عجباكِ السرير واسع أهلاً بيكِ، أنا نازل الشغل لو عوزتِ حاجة كلميني
قال جملته وهو خارج فقلت بصوت واطي :
_ قليل ذوق وهعوز من وشك إيه !
_ سمعتك على فكرة يا أم لسانين
قالها و خرج فقفلت الباب بالمفتاح وبدأت أرتب هدومي وأغير وأستجم قبل ما يجي يعكّر مزاجي...
مر أول أسبوعين بسلام، كنت بحاول فيهم اتأقلم مع الوضع ومع
العيله الجديدة ، مازلت بعامل عمي بحذر رغم الود إللي بيعاملني بيه، وكل ما يجيب سيرة شهر العسل عادل ينقذنا ويقوله إنه حاجز بعد شهر لحد ما نلاقي حجة جديدة، أما عن عمرو فده أكتر واحد تلقائي ومريح ومرح في العيله دي ، بيعاملني زي أخته فعلاً ومبسوط بوجودي، وبالنسبة لعادل فعلاقتنا كل يوم من سيء لأسوأ ، بنمثل قدام العيله على قد ما نقدر وبمجرد مانقفل الأوضه تبدأ الخناقات على اتفه الأسباب بعدين تحولت لصمت، لحد ما بقينا تقريباً مابنشوفش بعض هو طول النهار في الشغل وأنا طول النهار في الأوضه بسلّي وقتي بقراية كتبي اللي جبتها معايا أو تصفح النت وطبعاً اليوم لا يخلو من مكالماتي لأهلي إللي كلها تعبير
عن سعادتي في حياتي مع عادل لحد ما يوصل من الشغل أول ما اسمع صوته أجري ع الكنبة وأعمل نفسي نايمه، ومانمش غير لما اتأكد إنه خلاص راح في النوم ، اتعودت على هدوء حياتي لحد ما اترمى حجر عكّر صفوها...
يُتبع الفصل الرابع اضغط هنا