رواية حطام عشق الفصل التاسع 9 بقلم الكاتبة سارة علي عبر دليل الروايات
رواية حطام عشق الفصل التاسع 9
" ماذا تفعل هنا ..؟!"
صرخ به حسام غير مصدقا وجود هذا الرجل أمامه ..
قابل غمار غضبه وصراخه بلا مبالاة وهو يقتحم الغرفة الأخرى ويجذب سما من فوق السرير وسط صدمة الطبيب والممرضة ..
دلف حسام خلفه قائلا بنبرة مجنونة غير مباليا بدهشة الموجودين وأولهم سما :
" اتركها حالا .. إياك أن تلمسها .."
جذب بعدها سما من قبضة غمار الذي اقترب منه وصاح به بعصبية شديدة :
" تتصرف وكأن الطفل طفلك .. من تظن نفسك يا هذا ..؟!"
قال حسام بلهجة قوية لا مبالية :
" أخوها والمسؤول الوحيد عنها .."
" أختك إفعل بها ما تشاء ، لكن بعيدا عن ابني .."
قالها غمار ببساطة جعلت حسام يهب به منفعلا :
" ما بالك يا رجل ..؟! ابن من ..؟! لماذا تتصرف وكأنك زوجها ..؟؟"
" حسام .."
قالتها سما بصوت خافت مترجي ليأخذ حسام نفسا عميقا قبل أن يهدر به :
" ماذا تريد بالضبط ..؟! أخبرني هيا .."
قال غمار ببرود :
" هذا الطفل لي .. من صلبي .. وأنا أريده .."
شتم حسام في داخله بصمت ثم قال بلهجة جاهد كي تخرج عادية :
" هل أنت مجنون ..؟! ألم تقترب منها بدافع الإنتقام ..؟! مالذي تغير الأن ..؟! هل قررت أن تتصرف كالرجال أخيرا ..؟!"
هدده غمار بنبرة محذرة وهو يقبض على ياقة قميصه :
" لا تتجاوز حدودك يا هذا .. وإلا سوف أدمرك .."
وقبل أن يرد حسام عليه قال الطبيب بتوسل :
" ارجوكم هذا مكان للعلاج وليس للعراك .."
استدار غمار نحو الطبيب وقال بلهجة مهددة :
" أما أنت فسوف أعرف كيف أحاسبك ... تريد إجهاضها دون أخذ موافقة والد الطفل ..."
ابتلع الطبيب ريقه وقال بنبرة راجية :
" ارجوك يا بك .. أنا لم أقصد .."
زفر حسام نفسه وقال مشيرا الى سما :
" ادخلي غيري ملابسك فلن نجهضك اليوم .. "
رد غمار بنبرة حاسمة صلبة :
" لا اليوم ولا أي يوم .."
اتجهت سما بخطوات متخاذلة الى الغرفة الملحقة بغرفة العمليات وبدأت في تغيير ملابسها بينما هتف غمار موجها حديثه الى حسام الذي يرميه بنظرات حارقة :
" إياك أن تفكر بفعل شيء كهذا مرة اخرى .. هل فهمت ..؟؟"
خرجت سما من غرفة القياس واتجهت نحو اخيها مباشرة لتجد غمار يهتف بكليهما ببرود :
" أنا سأتزوج بها لأجل هذا الطفل الذي تحمله داخلها ..."
تطلعت سما الى حسام بدهشة والذي قال بلهجة غير مصدقة :
" تتحدث وكأنني سأوافق بهذه السهولة على زواجكما ..."
" أنت مجبر على الموافقة .."
قالها غمار بهدوء خطير ليرد حسام بنفس البرود :
" كلا انا لست مجبرا على هذا ..وسما كذلك ليست مجبرة ... كما أن وجود هذا الطفل من الأساس خطأ .. كيف ترغب في ولادة طفل والده اغتصب والدته ..؟! ها أخبرني .."
ارتجف جسد سما أثرا وقع كلمات حسام عليها بينما رمقه غمار بنظرات مستاءة وهو يرد بقوة :
" هذا شيء يخص والديه على ما أظن .. أي إنه لا يخصك .."
ثم التفت نحو سما وهتف بها :
" اسمعيني جيدا.. هذا الطفل لي .. اذا كنتِ لا تريدينه فسأخذه انا .. أنتِ فقط إنجبيه ولا أريد شيئا أخيرا منك .."
تطلعت اليه سما بعدم تصديق .. انه يتحدث معها وكأنها بلا قلب .. عديمة الضمير ..
صاحت به بإنفعال رغما عنها :
" ماذا تقول أنت ..؟! هل تظنني إنسانة بلا قلب او مشاعر.. ؟! هل تتوقع مني أن أتخلى عن إبني لك .."
ضحك غمار وقال :
" ابنك الذي كنت تنوين قتله قبل قليل .."
صرخت به بأسى والدموع ترقرقت داخل عينيها :
"نعم كنت سأقتله ، لأن والده رفضني .. أنت رفضتني ورفضت مساعدتي بعدما دمرتني .. ماذا كنت سأفعل ..؟! أنجب هذا الطفل بلا أب ..؟؟"
" كان عليك أن تخبريني بحملك على الاقل .."
قالها غمار بنبرة مؤنبة ليرد حسام نيابة عنها :
" كف عن القاء اللوم عنها .. "
ثم اردف بضيق منه ومن بروده :
" انت من بدأت بهذا ونحن لم نفعل سوى ما يناسب ردود أفعالك .."
حل الصمت المطبق بينهم ليهتف حسام :
" كيف تريد منها إنجاب طفل بالحرام ..؟! هيا أخبرني .."
" أنا سأتزوجها .."
قال حسام بعدما استوعب ما نطق به هذا المجنون :
" حقا ..؟!"
أومأ غمار برأسه وقال مؤكدا ما نطق به لتوه :
" حقا يا حسام رشدان ... فأنا لن أسمح لإبني أن يولد دون زواج .."
"و من قال أنني موافق ..؟!"
سأله حسام ببرود يماثل بروده ليرد غمار :
" هذا القرار لا يخصك ، إنه يخص سما لوحدها .."
نظر حسام الى سما وهتف بها :
" ما رأيك يا سما ..؟!"
شعرت سما بضيق كبير ورغبة عارمة في البكاء سيطرت عليها لكنها تماسكت وهي تجيب بقوة :
" أنا لن أجهض هذا الطفل .. أنا أخاف أن أجهضه يا حسام ..."
سألها حسام بصوت مشدود :
" يعني أنتِ موافقة على ما قاله ..؟!"
تطلعت اليه سما بإرتباك وقالت بتوتر ملحوظ :
" القرار الاول والاخير لك .. لك أنتَ يا حسام .."
نظر حسام الى غمار الذي يقف قبالته ويطالعه بهدوء وقال أخيرًا بحسم :
" أنا لن أظلمك هذه المرة يا سما .. القرار لكِ .. طالما أنت تريدين هذا الطفل إحتفظي به وتزوجي بوالده .."
قال غمار اخيرا وبسرعة فهو استغل موافقتهما :
" الزفاف بعد اسبوعين .. لا أكثر .."
لم يجبه الاثنان ليكمل بنفس البرود :
" جهزا أنفسكما وأخبرا الجميع بهذا.."
**
دلف حسام وسما الى المنزل ليجدا والدتهما وديما هناك مع عمهما ....
ألقى حسام التحية ببرود بينما صعدت سما مسرعة الى غرفتها وأغلقت الباب عليها ..
جلس حسام بإرهاق على الكنبة لتسأله والدته :
" أين كنت يا حسام .؟! وماذا تفعل سما معك ..؟!"
نظر حسام الى عمه بتردد ثم ما لبث ان قال وهو يقرر أن يخبرهما بأمر الزواج :
" سما ستتزوج يا امي .."
" ماذا ..؟!"
صاحت به الأم بعدم إستيعاب بينما سأله العم :
" ستتزوج من ومتى ..؟!"
رد حسام بجدية :
" ستتزوج بعد اسبوعين .. من غمار الراوي .."
انتفض العم من مكانه قائلا بنبرة غير مصدقة :
" ماذا تقول انت ..؟! هل جننت ..؟!"
نهض حسام من مكانه وقال بنبرة هادئة لكن قوية :
" هذا الأمر يخص سما وحدها وانا موافق عليه .. لا يحق لأي أحد بنا التدخل .."
سألته الأم محاولة فهم ما يحدث :
" اشرح لنا على الاقل ، ماذا سيحدث ..؟!"
بينما صرخ العم بإنفعال :
" ماذا سيشرح ..؟! الموضوع واضح ولا يحتاج الى شرح .. مالذي يجعل ابنك يوافق على هذه الزيجة ..؟! بالتأكيد ابنتك زنت معه .."
" ماذا تقول أنت يا رؤوف ..؟!"
صرخت بها الأم بينما قال حسام :
" عمي ، هذا الموضوع لا يخصك ... "
" ماذا يعني لا يخصني ..؟!"
قالها رؤوف وهو يقترب منه ليرد حسام عليه :
" يعني إنني إكتفيت مما فعلت وما زلت تفعله .. اكتفيت ايضا من شرك الذي لا ينتهي ومن نتائجه ... سما ستتزوج بغمار بسببك انت اولا وبسببي ثانيا .."
" انا ..؟!"
قالها رؤوف مشيرا الى نفسه بعدم تصديق ليومأ حسام وهو يردف بقهر :
" نعم .. بسببنا .. بسبب انتقامك اللعين .. غمار استغل سما .. استغلها يا عمي انتقاما لما فعلته بأخته .."
وضعت الأم كف يدها على فمها بعدم تصديق بينما اكمل حسام بتحذير :
" لذا أنا أحذرك ... لا تتدخل فيما سيحدث .. سما ستتزوج من غمار ..."
رمقه رؤوف بنظرات باردة قبل ان يهتف بجمود :
" افعل ما تريد يا ابن اخي .. انا لن اتدخل في أي شيء بعد الأن .. زوجها لمن تشاء .. واذا اردت صحح خطأك وتزوج انت ايضا من ابنتهم .."
**
" أنا سأتزوج بسما رشدان .."
قالها غمارأمام أفراد عائلته حيث يوجد كلا من والده ووالدته وأخويه غياث وغدي اضافة الى ساهر وصلاح وتيام ..
تطلع الجميع اليه بصدمة قبل أن تتحدث غادة :
" ماذا تقول انت ..؟! ألم تجد غير تلك الفتاة ؟! هل جننت يا غمار ..؟!"
قال رشاد محاولا تهدئتها :
" إهدئي ودعيني اشرح لك كل شيء .."
التفتت غادة نحوه وقالت :
" ماذا ستشرح ..؟! "
تطلع رشاد الى غمار بنظرات مؤنبة ثم اخذ نفسا عميقا قبل أن يسرد على مسامعها جميع ما فعله غمار وسط دهشة وإستنكار غادة ..
جلست غادة على الكرسي بوهن بينما قال غياث بعدم تصديق :
" كيف تفعل شيء كهذا يا غمار ..؟! كيف تستغل فتاة لا ذنب لها بأي شيء ..؟!"
لم يحبه غمار بل ظل ملتزما الصمت ليهتف رشاد بقوة :
" هذا الموضوع انتهى .. لن يتحدث احد به .. هل فهمتهم ...؟!"
ثم أشار الى غادة قائلا :
" غادة جهزي نفسك فزفاف ابنك بعد اسبوعين ..."
اومأت غادة برأسها رغم عدم استيعابها بعد لما حدث بينما نهض ساهر من مكانه وقال وهو يربت على كتف غمار الشارد :
" جيد ما فعلته يا ابن عمي ..."
لم يجبه غمار بل اتجه الى غرفته بينما قال غدي بسخرية :
" يبدو أنه سيجمعنا مع عائلة الراوي الكثير .. لم يتبقَ سواي كي يتزوج منهم .."
قال صلاح بتهكم :
" هذا ما كان ينقصنا ، ترابط اكبر معهم .. "
نهضت غادة من مكانها واتجهت الى غرفتها والضيق واضح على ملامحها ليهتف غياث بوالده :
" بابا اذهب خلفها .. تبدو منزعجة للغاية .."
اتجه رشاد بسرعة خلفها بينما قال تيام بجدية :
" حسنا لا تقلبوها مناحة .. "
ثم أردف بتفكير :
" انا فقط ما يثير فضولي هو السبب الذي دفع غمار للزواج بها .. مالذي تغير ..؟!"
قال صلاح بعد تفكير :
" ربما ينوي تركها امام الجميع كما فعل ذلك الحقير .."
رد ساهر بسرعة :
" مستحيل ، غمار لن يجازف بشيء كهذا فجميعنا حينها لن نرحمه .."
" معك حق .."
غمغم بها غياث بجدية بينما نهض صلاح من مكانه وقال :
" سأذهب الى البار ، من يأتي معي ..؟!"
" انا .."
قالها تيام بسرعة وهو ينهض من مكانه ويسير معه ...
**
دلفت اية الى غرفة غزل لتجدها جالسة على سريرها تنظر الى النافذة أمامها بشرود ..
اقتربت منها وهتفت بجدية :
" غزل ..تبدين شاردة ..؟!"
ابتسمت غزل لها وقالت بجدية :
" من الجيد أنكِ أتيتِ ، اريد الحديث معك .."
جلست أية بجانبها وهتفت بها :
" تفضلي ، ماذا تريدين ..؟!"
تنحنت غزل قائلة بنبرة جادة :
" أريد الخروج من المصحة .."
ابتسمت ايه لها فهي كانت تدرك انها ستتلقى طلبا كهذا فهتفت بها بنبرة جادة :
" هل أنتِ واثقة من قرارك هذا ..؟!"
تعجبت غزل مما قالته لكنها هتفت بها بسرعة :
" ألا يوجد مانع لديك ..؟!"
قالت اية بسرعة :
" ولمَ سيكون ..؟! أنتِ بخير يا غزل ... كما أنني أثق بك كثيرا ..."
صمتت غزل تتطلع اليها بحيرة وسؤال واحد يتردد داخلها ، هل هي حقا بخير ..؟!
" انتِ لن تتركيني بعد خروجي من هنا ، أليس كذلك ..؟!"
قالت اية بسرعة :
" بالطبع لن أتركك .."
ابتسمت غزل بشجن ثم قالت :
" اشكرك كثيرا يا اية .. اشكرك للغاية .."
ربتت اية على كف يدها وقالت بحنو :
" نحن أصبحنا صديقتين ، أليس كذلك ..؟!"
اومأ غزل برأسها فأكملت أية :
" لا يوجد شكر بين الصديقات يا غزل .."
" معك حق .."
غمغمت بها غزل بخفوت ثم اكملت بتساؤل :
" ماذا سنفعل الأن ..؟!"
أجابتها اية بجدية :
" سوف اخبر مدير المشفى أنه لا حاجة لوجودك هنا بعد الأن ، لكن عليكِ أن تستمري في جلساتك معي .."
" اكيد .."
قالتها غزل بتأكيد وهي تدرك جيدا ان اية تريد مصلحتها بهذا ..
**
دلف غمار الى مكتب والده ليجده جالسا يتابع اعماله بتركيز شديد..
اتجه نحوه وجلس أمامه يسأله بسرعة :
" ماذا حدث ...؟! لماذا طلبتني ..؟!"
أجابه والده بعدما أبعد أنظاره عن شاشة الحاسوب خاصته واتجه بتركيزه نحوه :
" اتصلت بي الدكتورة اية المسؤولة عن علاج أختك .."
" حقا ..؟! وماذا قالت ..؟!"
سأله غمار بقلق شديد ليجيب رشاد بجدية :
" أخبرتني أن غزل أصبحت أفضل الأن ولا داعي لبقائها في المشفى أكثر .."
قال غمار بسرعة :
" وهل ستخرجها من هناك ..؟!"
اومأ رشاد برأسه ورد عليه بنبرة تلقائية :
" اكيد .. انا من الأساس كنت أنوي إخراجها بعد زفافك .. انا لن اترك ابنتي الوحيدة في تلك المشفى .. "
صمت غمار ولم يرد فسأله رشاد بجدية :
" تبدو قلقا من أمر ما .."
" ماذا سيكون رد فعلها حينما تعلم بأمر زواجي من سما ...؟!"
" لا أعلم .."
قالها رشاد بحيرة قبل أن يسأله :
" غمار .. مالذي جعلك تغير رأيك وتقرر الزواج بها ..؟!"
أجابه غمار بعد صمت قصير :
" إنها حامل .."
" ماذا ..؟!"
صاح رشاد بعدم تصديق قبل أن يشتمه قائلا :
" اللعنة عليك .."
" بابا ارجوك .."
قالها غمار بضيق قبل أن يكمل :
" كانت ستجهض لكنني منعتها في اللحظة الأخيرة .."
" جيد .."
غمغم بها رشاد بخفوت بينما أكمل غمار بما صدم والده وأعاد الذكريات المظلمة إليه :
" لم أستطع أن أفعلها مرة اخرى .. ليس بعدما فعلتها مع أختي الوحيدة .."
" غمار ..!!"
صاح به رشاد محذرا قبل أن يكمل بقوة:
" موضوع اجهاض غزل سر بيننا لن يعلم به أي أحد .. هل فهمت ..؟!"