رواية ابتليت بعشقك الفصل الواحد والعشرون 21 بقلم بسنت علاء
رواية ابتليت بعشقك الفصل الواحد والعشرون 21
اليوم التالي صباحًا..
رمى أمتعتها بقوة في السيارة ليصفق الباب متجهًا لمقعده متمتمًا لها بنزق
-: لا أفهم !! أتضعين قوالب من الطوب في الحقائب لتكون بهذا الثقل !! ، ثم وما كل هذه الحقائب هل نحن مهاجرون !! إنهم بضعة أيام فقط !!
أنهى كلامه زافرًا بحنق لتهم بالرد عليه لكن قاطعها صوت هاتفه ، أخرجه من جيبه ناظرًا للرقم بتوتر أخفاه جيدًا ليرد أخيرًا غير قادر على التجاهل
-: مرحبًا ... شغف !
اختلج قلبها فور سماعها الإسم لتشعر بوخزات في صدرها زادت عند محاولتها إخفاء إنفعالها فسمعته يكمل
-: هل ذهبتِ للعمل ؟ آه جيد !....
حسنًا ، هناك ملف أزرق على مكتبك ، هل رأيته ؟ نعم هاذا هو ، به بعض الأعمال يمكنك أن تنجزيها حتى عودتي...
راقبته وهو يصمت بإنصات لمحدثته وهو يهز رأسه كالأبله وكأنها تراه ليقول
-: حسنًا هذا جيد جدًا ، تسعدني عودتك حقًا
قال تلك بابتسامة نادرًا ما تراها على شفتيه ، لكنها تختلف عن تلك العابثة التي يخصها بها !! كانت تحمل نوعًا من الـ...تقدير !!
سمعت صوته مخاطبًا لها وهو يدير السيارة لينطلق بها بعد أن أنهى مكالمته في خضم شرودها
-: لم أكن لأتزوجها ، قلت ذلك فقط لاستفزازك
شعر بالحماقة بعد تفوهه بتلك الكلمات وكأنه يراضيها !! وكأنه يكترث ! ليزداد شعوره أكثر عندما سمع ردها البارد وهي تراقب الطريق من نافذتها غير مكلفة نفسها عناء النظر إليه
-: أو تزوجها ؟ ما شأني أنا ؟ أنا مجرد صورة تجميلية ، قطعة أثاث ، تحفة أثرية ليس لها فائدة لكن ليس بوسعك الاستغناء عنها ، فهل سأمنعك من شرع الله لتربط نفسك بي للأبد !!
قالت كلماتها ببرود زائف كلفها الكثير من الانفعالات المخفية ، فها هو قلبها تكاد تسمع صوت تمزق نياطه ، ها هو ينبض بقوة آلمة لصدرها وكأنه يعاقبها على تلك الحماقات التي تفوهت بها ، ولكم موجع هو التظاهر ولكنه واجب في بعض الأحيان !!.....
بينما هو كان يراقب انفعالاتها المخفية بطرف عينه ، يداها المشدودتان ، نظرات عينيها التي يسكنها الخوف ، غير مبالي بحديثها المتأكد من كذبه ، ليهمس بـ "حسنًا" باردة كادت تذهب بعقلها ليكمل طريقه راسمًا على وجهه تلك الابتسامة الهادئة المستفزة تاركًا إياها تحترق على نار هادئة........
**
نفس الوقت.....
شركة الهواري الهاشمي....
تركز نظرها على الأوراق أمامها تارة وعلى حاسوبها تارة وكأن الدنيا فيهما ، لا تصدق أنها الآن في المكتب تعمل ثانية!
أنها نفضت عنها عباءة الحزن والرثاء لترجع شغف الهواري وبقوة قاهرة كل حزن ووجع فهي لم تخلق لهما....
لكن مازال الجرح غائرًا ينزف وجعًا ، ينحر في قلبها بلا رحمة ... لكنها الحياة ! ، هناك جروح لا تداوى ولا تزول بمرور الوقت ، تظل هناك لتذكرنا بالجارح ، لا يمكن نسيانها لكن يمكن التعايش معها و ألمها وقد فعلت ... أو في خطاها لأن تفعل....
عبأت صدرها بالهواء النقي وهي تكمل عملها فهو بات كل ما لها ، طالما تسمع تلك النصيحة "أشغل وقتك ، إجهد نفسك للرمق الأخير فلا يضحى وقت للتفكير والبكاء على الأطلال" وها هي في طريقها لتطبيقها....
بعد وقت ليس بالكثير من العمل المتواصل تنهدت بقوة وهي تغلق الحاسوب مرجعة رأسها للخلف مغمضة العينين بإرهاق تدلك رقبتها ، لتفتحهما بعدها ويا ليتها ما فعلت !!
فقد كان ... هو ! ، رعشة دبت في أوصالها لتحاول إخفاء ارتجاف جسدها الغير ظاهر عند تذكرها لـ.... ، لا .. لن تتذكر هي أقسمت ، أقسمت بالقوة وعدم الضعف مهما كان....
رفعت نظراتها بقوة تلك المرة مواجهة لنظراته الـ... مستجدية !!
استعجبت داخلها من نظرة الاستجداء في عينيه وكأنه يطلب الشفقة !
يقف مستندًا على إطار الباب بملامح حزينة ، فمه منحنيًا بألم ، يناظرها بتلك النظرات الغريبة النادمة !
كلها علامات لا تدل إلا على معرفته للحقيقة !!
وثبت من مكانها بقوة عندما هم بالتقدم قائلة بصوت هادئ إنما قاصف
-: مكانك !
أرجع قدمه المتقدمة لموضعها ، ليكمل نظراته لها ، وكأن هناك حديثًا غير مرئي يدور بين أعينهما...
ظلا على تلك الحال لفترة وكأنما على رؤوسهما الطير لم ينبس أحدهما ببنت شفة ، نظراتها القوية التي لم تحد عن عيني تقابل نظراته المهزوزة ، المترجية... ليقطع هو الصمت أخيرًا قائلًا بنبرة تشبه نظراته التي أكدت ظنونها محولة شكها إلى يقين
-: شغف ، أنا....
لتقاطعه قائلة بذات الصوت
-: أرحل !
تقدم خطوة ليعاود الهمس نادمًا
-: آسـ....
-: أرحل يا غيث !
قالتها تلك المرة بصوت أكثر حزمًا ليحاول الكلام لمرة ثالثة فصاحت بخفوت
-: قلت أرحل ، أم يجب أن أقول أكرهك ، أمقتك ، لا أطيق الغرفة المتشبعة بأنفاسك ورائحتك فارحل لكي لا اختنق...
أنهت كلامها لتجلس مكملة عملها متجاهلة إياه كليًا وكأنه محض سراب ، أو هكذا أقنعت نفسها هي...
ليرحل هو عندما لم يجد نفعًا من الوقوف كالشحاذ منتظرًا العطف !
رحل محني الظهر كما العادة ، يثقله ندمه ، وجعه ، آهاته ، و ... نظراتها الكارهة حقًا ، يحاول تشجيع نفسه ، يحاول الصبر وكم هو صعب....
يجبر نفسه على الابتسام لهذا وذاك بينما يمر في أروقة الشركة ، تاركًا داخله يحترق ، يتفحم ليهمس أخيرًا بابتسامة تجسد فيها كل ألمه وقهره وهو يعتلي سيارته
-: تستحق أيها القلب اللعين ، تجرع قليلًا من مرارة الحنظل ، تحمل وخزات شوك الصبار الذي بات ينبت فيك لعلك تستلذ بالنعيم ... إن أتى !....
**
فور دخولهما للمنزل الكبير توجهت كل الأنظار نحوهما ليبتسم سيف مرحبًا بصوته الجهوري لينخرطا بعدها في سيل من التحيات والسلامات مبتعدين عن بعضهما .....
اجتمعا ثانية جمبًا إلى جمب على طاولة الغذاء ، لم يوجه أحدهما كلمة للآخر ، يأكلون بصمت وسط الهمهمات والأحاديث الجانبية ليرتفع وجه سنابل عن طبقها حينما قالت إحدى بنات عمها
-: اشتقنا لك والله يا سنابل ، كيف هي حياة العاصمة ؟ يبدو أنها قد أثمرت بنتائجها فقد أصبح شكلك مقبولًا و أبيّض بعضٌ من سمار بشرتك و......
قاطعها سيف بصوت قاصف وابتسامة منقبضة صفراء وهو ينظر بطرف عينه لسنابل التي امتقع وجهها
-: سنابل لا تحتاج للعاصمة لتزيدها جمالًا فهي آية في الجمال منذ ولدت ، وإلَّا لم أكن لأتزوجها .. ما رأيك أنت يا أسماء؟؟
حدجته المدعوة أسماء بنظرات نزقة حانقة وهي تثبت عينيها على طبقها بينمل سنابل خفضت وجهها محدقة في الطعام وقلبها يرقص طربًا ، هل ما سمعته أذنها صحيحًا !! أيتغزل في جمالها !!
أحقًا قال أنها آية في الجمال !! آية في الجمال يا الله قلبها سيقف من فرط الانفعال ! لكن تحدث عقلها مفسدًا الموقف كالعادة "لا تصدقي ولا تأملي ، فهو يحبها ، هو فقط يحفظ ماء وجهه أمام العائلة فبالتأكيد لن يعيب في زوجته !" تنهدت بحسرة مخفية وهي تبتلع الطعام بصعوبة كحصوات خشنة تجرح جوفها الملتهب...
ساد الصمت بعدها والكل يتبادل النظرات خفية لاهين عن تلك الابتسامة الخبيثة المزينة ببعض الانتصار والتي ارتسمت على شفاه الجد الصامت مراقبًا للموقف ....
بعد قليل كان سيف أول الناهضين ممسكًا بكف سنابل لتنهض معه قائلًا بهدوء
-: الحمد لله ، دام عزك يا جدي ، اعذرونا سنصعد أنا و زوجتي لنرتاح قليلًا من عناء السفر...
هز جده رأسه بالموافقة ليحيط كتفيّ سنابل التي كادت تذوي من الخجل بذراعيه صاعدًا برفقتها ، لكن لم تخل سنابل من بعض من دهاء النساء فأثناء صعودها لم تنس إلقاء نظرة منتصرة على تلك الـ "أسماء" التي تمقتها منذ صغرها بلا سبب جعلت الأخيرة تكاد تحترق من الغضب ثم انتهزت الفرصة مندسة في أحضان سيف أكثر تتمتع ببعض من دفئه و ذلك النعيم المؤقت....
***
فور أن وصلا للغرفة أغلق سيف الباب بتنهيدة طويلة ليقول بتردد وهو يجلس على الفراش مراقبًا إياها تتخلص من حجابها لتنفلت شلالات الشوكولاتة خاصاتها من عقالها
-: أزعجتكِ ؟
التفتت له وقد فهمت مقصده لتشوح بيدها في توتر قائلة بابتسامة غلب عليها التهكم
-: لا ، فقد اعتدت على إزعاجها وكرهها لي منذ الصغر ، أعني قبل أبي أ....
تلكأت الكلمات على لسانها فهز رأسه متفهمًا وهو يسبل أهدابه لتستطرد مثرثرة وهي تجلس على طاولة الزينة تمشط شعرها بلا داعٍ
-: وأيضًا هي لم تخطئ ، أنا لست جميلة !
قالتها بنبرة خافتة غلب عليها حزن حاولت مواراته ، ليرفع نظراته المستنكرة مقابلة لنظراتها المتوترة في المرآة ليسأل ما جعلها تفغر فاها
-: ما الذي ليس جميلًا فيك؟
نظرت لعينيه في المرآة بذهول لترتسم ابتسامة التهكم من جديد على شفتيها قائلة بنبرة حاولت إضفاء أكبر قدر من اللامبالاة لها ، لكن كان هناك في عمق عينيها تلك الحاجة إلى الإطراء ، إلى الثناء على جمالها ولو كذبًا ، كانت بحاجة إلى ثقة حقيقة بالنفس وليست تلك التي تفتعلها حينما تحتاج
-: كل شيء !! ربما لست قبيحة ، لكنني ... عاديـ..ة ، أو .. أقل حتى
صعب !! بل من أصعب الأشياء لدى المرأة هي الإقرار بعدم جمالها ، ألَّا ترى نفسها جميلة !
لا تعلم لِمَ قالت هذا !! أتستجديه الغزل !
أترجو منه الأقرار بجمال كاذب ! هل وصل بها اليأس لتلك الدرجة ! أم ببساطة هي فقط لم تستطع الكذب عليه ، أرادت أن تحكي وتسهب في الحديث ، عن كل وجع وكل ألم ، عن عقد الطفولة المتأصلة في القلب قبل العقل ، ومن الأجدر بدور السامع سوى حبيب طفولتها وشبابها !
قاطع أفكارها الشاردة صوته الـ... غاضب أم تلك محض توهمات ، ربما أمنيات فقط !!
-: فقط لا تتفوهي بالحماقات ، كيف لست جميلة ! عيناك البنيتان برموشهما الكثيفة كبركتان من الشوكولاتة ، شعرك الطويل الناعم كشلال من الشوكولاتة أيضًا ! بشرتك الحنطية ، أنفك المنمنم ، وفمك الصغير ! أهذا كله ليس جمالًا !
ربما يكون كلٌ بمفرده عاديًا إلَّا أنه مميز بطريقة عصية على الشرح ! كل عادٍ فيك عاديًا بطريقة غير عادية مميزة تخصك أنت !
جمالك من الخارج والداخل يا قطعة الشوكولاتة لا تقولي مثل هذا الكلام ثانية.....
ثم اضجع على الفراش سريعًا يريد لكم نفسه ! ما الذي تفوه به بحق الله !
هو سيف الغمراوي يتغزل هكذا بأنثى كالأبله !
بالتأكيد سيخيل لها أنه عاشق ولهان لتراب أقدامها بعد تلك القصيدة التي ألقاها على مسامعها ! ، لكنه وببساطة لك يستطع عدم الشرح لها كم هي جميلة حقًا لعلها تكف عن الخبل والحماقة !
-: سأنام قليلًا استعدادًا لجلسة الرجال ليلًا...
قالها بخفوت ثم أطبق عينيه بقوة وكأنه بذلك ينهي النقاش الدائر بينه وليس سواه تاركًا إياها تحدق في ظهره دامعة العينين من فرط ما قاله وقد تفاقمت داخلها المشاعر حتى تفجرت ، رمى بكلماته ليتركها وينام !
كم هو فظ جلف عديم الشعور ! لكنها أخيرًا ابتسمت لصورتها في المرآة التي ترى جمالها كما لم تره قبلًا هامسة لنفسها
-: أحبه وجلافته !!
لتتأمل نفسها أكثر بابتسامة أوسع وكلمة واحدة تتردد في ذهنها "قطعة الشوكولاتة".....
**
عصرًا.....
في المستشفي......
دخلت إليه لتجده مضجعًا على الفراش ، ملامحه متشنجة بألم زال فور رآها فابتسم متابعًا إياها بنظراته حتى وصلت بجواره تسأله بقلق
-: كيف حالك اليوم ؟ ألم يقل الوجع ؟
لم يحاول النفي وقال بذات الابتسامة
-: في تحسن الحمد لله ، يكفي وجودك
ابتسمت لعينيه لكن ابتسامتها كان يشوبها بعض التوتر ، كانت تريد قول شيء ومترددة وهو فهمها على الفور فقال بصوت خفيض
-: ما الذي تريدين قوله ويوترك هكذا ؟
نظرت له بذات النظرة لتقول بسرعة
-: زياد ، أخبرني بكلمة السر لهاتفك
قالتها بقنوط داخلي فقد جربت اسمها أثناء نومه باللغة العربية والإنجليزية ولم ينفع !
أفرج عن ابتسامة مشاكسة متسائلًا بصوت حاول إضفاء المرح إليه قدر الإمكان ، وامتصاص ألمه حتى لا تشعر به
-: فيما تريدينه يا مالكة القلب ؟ أستبدئين مخططات الخطيبات منذ الآن؟
زفرت بحنق محبب كان السبب في اتساع ابتسامته هاتفة
-: زياااااد !
-: روح زياد ، قلبه ونبضه
قالها يهمس مبتسمًا لكنه وصلها فاختلج قلبها وتسارعت دقاته كما العادة مع تسلل الحمرة إلى وجنتيها لتتسع ابتسامته أكثر حتى شملت وجهه كله ليسمعها تهمس مسبلة الأهداب
-: كلمة السر ... يا ... زياد
خفت صوتها جدًا عند نطقها لإسمه فقال بصوت عميق وهو يتأملها
-: ملاك الروح
ارتعشت يدها الممسكة بالهاتف وهي تسارع لكتابة الحروف بتبعثر فأخذت تكتب وتمسح عدة مرات حتى فتحته لتطالع صورتها خلفية لشاشة ... هاتفه هو !!
فنظرت له بدهشة فسعل بخفوت متألم ليهمس بعدها بتقطع وقد كان دوره ليسبل أهدابه :
"لا أعرف إن كان صوابًا أم خطأً ، لكنني مذُ عاهدت نفسي أنك لي و بت لا استطيع عدم ... رؤيتك في كل وقت ، لا استطيع إلا التملي في جمالك .. لأتذكر أي نعمة وهبنـ...ي إياها الله دون استحقاق ... فأشكره و أتعهد له بحفظ نعمته تلك ... بحياتي"
كان صوته قد خفت جدًا في نهاية كلامه بتعب بينما عيناه ارتفعتا لتقابلان عينيها الدامعتان من كلامه فلم تستطع إلَّا الهمس باسمه فتأوه بخفوت وهو يرجع رأسه للخلف
-: ملاك أرجوكِ لا تنطقي اسمي بتلك الطريقة إلَّا بعد عقد القران
فارتبكت وهي تنهض متمتمة بكلمات متقطعة مسرعة بالخروج مخلفة إياه وراءها ينظر في أثرها بابتسامة ... حية... رغم الألم!
شاكرًا ولأول مرة في حياته سامر لرصاصته التي أهدته الحياة.......
**
بعد منتصف الليل......
تجر كرسيها في أروقة المستشفي باتجاهها إليه ، فقد بحثت في هاتفه جيدًا عن أي معلومة تخص حياة أو أهلها إلَّا أنها لم تجد شيء ، وكم كانت تشعر بالحقارة وهي تفتش به ، وكم زاد حبها له وحلقت حولها الفراشات عندما وجدت صورتها تتصدر خلفية كل برامج هاتفه ، كم من المشاعر المتناقضة يحتدم داخلها حتى كادت تبكي من فرط ما تشعر...
لكنها لم تجد بدًا من مواجهته ، نعم...
ستخبره بما تنوي فعله ، ستهدده بفقدها إن لزم الأمر فهي ستفعل كل شيء و أي شيء في سبيل فك أصفاد ماضيه عنه ليصبح حرًا ... حرًا لها فقط غير أسير لكل تلك الذكريات التي تعذبه ، تعذبهما معًا.....
فتحت الباب بحذر وهي تدلف للداخل هامسة عندما وجدته مغمض العينين
-: زياد ؟
وصلت إليه تحسبه نائمًا إلَّا أنه همس ومازال يغمض عينيه
-: نعم حبيبتي !
-: ألست نائمًا ؟
-: لا ، دوار خفيف فقط يشعرني ببعض النعاس...
كان لسانه ثقيلًا يتكلم بصعوبة ، غير قادر على فتح عينيه....
فهمت ما يحدث فبالتأكيد بسبب المنومات التي تحتويها المسكنات التي يأخذها....
وجدتها فرصة مناسبة فقالت بخفوت
-: لِمَ لم تسأل على ما حل بسامر ؟
فرد بنفس وضعه بعد دقيقتين من الصمادت اعتقدت فيهما أنه غط في النوم
-: لم أرد ... إزعاج نفسي ، لا فارق
كانت تريد استدراجه في الكلام ، والدخول إلى الموضوع بتروي لكن خوفها من أن ينام جعلها تسأل بتهور
-: أين ذهب أهل حياة يا زياد ؟
عقد حاجبيه ، ليسأل بتقطع ولسانه يثقل أكثر
-: ما...ذا ؟
-: ما هو عنوان أهل حياة الجديد ؟
قالتها بأمل مشبكة يديها في حجرها بتوتر ليقول بتردد بذات النبرة
-: عنوان ... أهـ..ل حياة؟
-: نعم !!
فتح عينيه ناظرًا لها بوهن و تيه ليغلقهما بعدها ثانية ، صمت لدقيقتين لتهزه في ذراعه بتوتر هامسة باسمه
-: نعم ، أنا معك
كررت سؤالها بقلق ليمليها بعدها العنوان بكلمات مبعثرة غير مترابطة سجلتها في عقلها لتكتبها بعدها على شاشة هاتفها ، ابتسمت بفرح لكنها لم تستطع منع نفسها من السؤال
-: لماذا أحببتني يا زياد ؟
سؤال لا يمت للموقفة بصلة ، لكنها ببساطة كانت فقط تريد المعرفة بعيدًا عن غزله الذي يسكرها ، أرادت إجابة واضحة صريحة لم تنلها حينما همس بتقطع
-: و .. هل في الحب ... لماذا !!
ابتسمت له بعشق لتهمس بعدها بامتنان حقيقي
-: صدقت ، شكرًا حبيبي
لكنه لم يرد فقد كان غط في النوم فعليًا لتذهب هي لغرفتها...
نعم فقد أخذ لها غيث غرفة بجواره مذعنًا لإصراها....
ذهبت لتنام مطمئنة قليلًا فيبدو أن القدر قد قرر الابتسام لها قليلًا...
**
اليوم التالي....
ليلًا....
يكاد يجن وهو يجلس في مجلس الرجال في العرس وهي بعيدة !
يحاول استراق النظر من ذلك الحائل الموضوع بين المجلسين !
لكن يخاف أن يقع نظره على غيرها ، مذ رآها وهي نازلة من الغرفة
الكحل يرسم خطوطه بسحر في بركتي الشوكولاتى خاصتيها ، وأحمر شفاهها ذو اللون الأحمر القاتم يزين شفتيها مرسلًا إلى رأسه أفكارًا غير بريئة بالمرة وهو يكاد يجن ، من قال أن اللون الأحمر يليق بذوات البشرة البيضاء فقط !! بل إنه لم يخلق سوى لحنطيات البشرة....
ماذا حدث !! أقليل مم الزينة يفعل به هذا ! أهو ضعيف إلى تلك الدرجة أمامها!!
بالتأكيد الآن أطلقت سراح شعرها بتموجاته ليسبح على ظهرها !
ماذا إن رآها أحد ! يا الله سيجن من التفكير ماذا تفعل به تلك الصغيرة ذات العشرين !
أنقذه من فتك أفكاره به أحد أبناء أعمامه وهو يسحبه لينخرط معهم بالرقص لكن بقي عقله مشغولًا فقطعة الشوكولاتة تلك ألقت عليه سحرها اليوم.......
**
بينما هي كانت تجلس بابتسامة شاردة ، ظاهريًا تشاهد العروس ترقص مع اخوتها وبنات عمها وسط حشد النساء والفتيات لكن عقلها سارح به ، قلبها هناك معه وقد أقتلعه من صدرها حين نظر لها تلك النظرة !
نظرة أشعلت أنوثتها ! جعلتها تشعر أنها حقًا جميلة !
تنهدت بحالمية لتنظر حولها فتقابلها نظرات أسماء الكارهة ، نظراتها كسهام نارية لو اخترقتها لأردتها صريعة...
فبكل هدوء نهضت وهي تدخل وسط دائرة الفتيات لتمسك بيد العروس لترقص معها بغنج متهادية بشعرها الطويل يمينًا ويسارًا ، تمعن في إغاظتها فهي تعلم بعد منتصف الليل......
تجر كرسيها في أروقة المستشفي باتجاهها إليه ، فقد بحثت في هاتفه جيدًا عن أي معلومة تخص حياة أو أهلها إلَّا أنها لم تجد شيء ، وكم كانت تشعر بالحقارة وهي تفتش به ، وكم زاد حبها له وحلقت حولها الفراشات عندما وجدت صورتها تتصدر خلفية كل برامج هاتفه ، كم من المشاعر المتناقضة يحتدم داخلها حتى كادت تبكي من فرط ما تشعر...
لكنها لم تجد بدًا من مواجهته ، نعم...
ستخبره بما تنوي فعله ، ستهدده بفقدها إن لزم الأمر فهي ستفعل كل شيء و أي شيء في سبيل فك أصفاد ماضيه عنه ليصبح حرًا ... حرًا لها فقط غير أسير لكل تلك الذكريات التي تعذبه ، تعذبهما معًا.....
فتحت الباب بحذر وهي تدلف للداخل هامسة عندما وجدته مغمض العينين
-: زياد ؟
وصلت إليه تحسبه نائمًا إلَّا أنه همس ومازال يغمض عينيه
-: نعم حبيبتي !
-: ألست نائمًا ؟
-: لا ، دوار خفيف فقط يشعرني ببعض النعاس...
كان لسانه ثقيلًا يتكلم بصعوبة ، غير قادر على فتح عينيه....
فهمت ما يحدث فبالتأكيد بسبب المنومات التي تحتويها المسكنات التي يأخذها....
وجدتها فرصة مناسبة فقالت بخفوت
-: لِمَ لم تسأل على ما حل بسامر ؟
فرد بنفس وضعه بعد دقيقتين من الصمادت اعتقدت فيهما أنه غط في النوم
-: لم أرد ... إزعاج نفسي ، لا فارق
كانت تريد استدراجه في الكلام ، والدخول إلى الموضوع بتروي لكن خوفها من أن ينام جعلها تسأل بتهور
-: أين ذهب أهل حياة يا زياد ؟
عقد حاجبيه ، ليسأل بتقطع ولسانه يثقل أكثر
-: ما...ذا ؟
-: ما هو عنوان أهل حياة الجديد ؟
قالتها بأمل مشبكة يديها في حجرها بتوتر ليقول بتردد بذات النبرة
-: عنوان ... أهـ..ل حياة؟
-: نعم !!
فتح عينيه ناظرًا لها بوهن و تيه ليغلقهما بعدها ثانية ، صمت لدقيقتين لتهزه في ذراعه بتوتر هامسة باسمه
-: نعم ، أنا معك
كررت سؤالها بقلق ليمليها بعدها العنوان بكلمات مبعثرة غير مترابطة سجلتها في عقلها لتكتبها بعدها على شاشة هاتفها ، ابتسمت بفرح لكنها لم تستطع منع نفسها من السؤال
-: لماذا أحببتني يا زياد ؟
سؤال لا يمت للموقفة بصلة ، لكنها ببساطة كانت فقط تريد المعرفة بعيدًا عن غزله الذي يسكرها ، أرادت إجابة واضحة صريحة لم تنلها حينما همس بتقطع
-: و .. هل في الحب ... لماذا !!
ابتسمت له بعشق لتهمس بعدها بامتنان حقيقي
-: صدقت ، شكرًا حبيبي
لكنه لم يرد فقد كان غط في النوم فعليًا لتذهب هي لغرفتها...
نعم فقد أخذ لها غيث غرفة بجواره مذعنًا لإصراها....
ذهبت لتنام مطمئنة قليلًا فيبدو أن القدر قد قرر الابتسام لها قليلًا...
بسيف لكنه الآن زوجها ألا يحق لها أن ترد قليلًا مما فعلته بها تلك الشمطاء !!.....
**
تقف العائلة مجتمعة في بهو البيت وسط الزغاريد والتهاني بينما هو يقف ممسكًا بكفها يكاد يتحول إلى شعلة من النار من فرط الغضب الحارق
فها هو ابن عمه الصغير محمد ينظر إلى سنابل بنظرات مفضوحة ، نظرات يفهمها أي رجل ، و لولا صغر سنه و العرس لكان أبرحه ضربًا على نظراته المتفرسة لزوجته ، زوجته هو ... ملكه هو !
أخذها في أحضانه بقوة مزمجرًا بخفوت وهو يرسل إليه النظرات المحذرة لعله يفهم ويعتق نفسه مما يمكن أن يحصل !
بينما سنابل فزعت عندما حاوطتها ذراعاه في لفتة غير متداولة لديهم لتنظر له لكن ملامحه المكفهرة منعتها من السؤال....
بدى أنه يحدق في شخص ما بشر ، فنظرت لنفس الجهة لتقابلها نظرات محمد الولهانة ، أحقًا لم يكف عن هذا الهراء !! منذ صغرها تعرف بحبه لها لكنها الآن متزوجة ماذا يفعل بحق الله !!
قبضت على ساعد سيف الذي هم بالتحرك نحو والشرر ينطلق من عينيه هامسة
-: سيف أرجوك إهدأ
فابتسم لها بشر وهو يخلص ذراعه منها
-: فقط سأخبره شيئًا يا زوجتي العزيزة
ليذهب نحوه ويرتطم به عمدًا بقوة أطاحت بالمدعو محمد أرضًا....
فابستم بتجهم وهو يساعده على النهوض متأسفًا بتملق ويسحبه خارجًا بحجة أنه يريده في أمر هام......
فور أم وصلا للخارج كانت قبضة سيف تحط على وجه محمد الذي بات مسجي أرضًا يناظره بذعر ، ليمسكه سيف من تلابيبه منهضًا إياه هامسًا بنبرة كادت تجعله يذوي
-: النظر إلى ممتلكات سيف الدين الغمرواي ممنوع ، إن حطت عينك على سنابل ثانية ولو عرضًا لا تلومني على ما سيحصل يا...صغير !
ليهندم ملابسه بكل هدوء راجعًا إلى المنزل بابتسامة ليصل إليها محاوطًا إياها بين ذراعيه من جديد وكأن الأمر راق له ، يرد على أسئلتها المتكررة بابتسامة باردة حتى جعلها تكاد تجن........
**
نفس الوقت....
بيت الهواري.....
جالسة في مكتب أبيها تزفر بحنق فها هي جالسة منذ نصف ساعة تقريبًا ولم يشرع أبيها في الحديث عن ذلك الموضوع المهم الذي استدعاها لأجله ، سمعت صوته أخيرًا قائلًا بهدوء
-: غيث عرف.....
-: أعلم
قالتها بهدوء وثبات وقد توقعت مفاتحته لها في هذا الأمر !
-: كيف عرفتِ؟
-: جائني في المكتب ، كان يبدو عليه أنه علم ، كان ينظر إلي بندم ، بعض الاستجداء ... لا أعرف !!
قالت وهي تشوح وكأن الأمر لا يعنيها ليباغتها أبيها قائلًا
-: وهل عرفتِ أن من بعث له بالصور كانت ياسمين !!
تجمدت نظراتها ، بل تجمدت كل ملامحها ليحفر الألم بقوة في عمق عينيها هامسة بتعجب حاولت إضفاء التهكم له عبثًا
-: ياسمين !! حقًا !
هز والدها رأسه موافقًا وقلبه يتألم لأجل ابنته فقد خانها كل من هو قريب لقلبها ، لتومئ برأسها مبتسمة هامسة
-: حسنًا
وما إن همت بالوقوف ناداها
-:شغف ، يمكنك البكاء حبيبتي ليس عيبًا أن تفرغي أوجاعك
ابتسمت له بامتنان هامسة بصوت مختنق مهزوز تمنع نفسها من البكاء بصعوبة
-: هناك أشياء ، أو ربما أشخاص لا تستحق دمعة نذرفها من أجلهم.....
لم يستطع إلَّا الموافقة على كلامها لترحل بسرعة ماسحة بعض العبرات في مهدها مفكرة بمرارة
"هل كانت تقول لنفسها أن من يؤمنون بوجود الحب الحقيقي سذج ، يبدو أيضًا أنهم لا يختلفون عمن يؤمنون بالصداقة الحقيقية ، وهي كانت أكبر ساذجة"
يتبع الفصل الثاني والعشرون اضغط هنا