رواية ابتليت بعشقك الفصل الثالث 3 بقلم بسنت علاء وبسمة عبد العظيم
رواية ابتليت بعشقك الفصل الثالث 3
*شركة الهواري الهاشمي*
دخل إلى الشركة بخطوات بطيئة ملولة ... لقد أصر عليه زياد على العشاء أن يأتي لينجز الأعمال المتراكمة عليه .. لكن فجأة أحس باختلاج قلبه ... إنه عطرها الذي يملأ المكان ! لا يمكن أن يخطأه ... كيف وهو من يشتريه لها دائمًا ! لكنه سخر من نفسه قائلًا في سره
"أصبحت تتخيل رائحة عطرها يا غيث ! يالك من بائس"
طرق على باب مكتب زياد وهو يستعد للدخول بعد أن أعطى هذه السكرتيرة الولهانة ابتسامة جعلتها تكاد تقبله ، وبينما يفتح الباب ... رأها !.. لا يعرف هل يصور عقله له هذا من الشوق أم ماذا..!! لكن إنها عيناها التي لا يخطأها من بين ملايين والتي تناظره بانشداه الآن!....لم ينبهه من صدمته وهو ينظر لها غير مستوعبًا وقد هاج شوقه عليه إلَّا صوتها الهامس بإسمه
-: غيث...!
لم يتمالك نفسه و همس هو أيضًا اسمها بشوق هامس متساءل
-: شغف !
وقبل أن يستفيق من صدمته ومن لذة رؤيتها بعد فترة طويلة ... لم يجدها أمامه وقد اختفت !.....
التفت للخلف بسرعة يبحث عن طيفها ... بالتأكيد هو لا يتخيل! لكنها لم تكن موجودة ! فدخل إلى المكتب بنظرات مذهولة يحاول إخفائها وهو يحدق في الأرض ... عقله مازال في الصدمة بين الواقع والخيال....
لكن اخرجه زياد من شروده قائلًا
-: غيث ! ما بك ؟
فقال بصوت مشوش وهو يجلس محاولًا تجميع الخيوط في عقله
-: لا شيء ... أنا بخير !
ثم أردف وهو يضيق عينيه مشيرًا للباب -: هل هذه كانت ش...شغف ؟
فأومأ زياد برأسه علامة الموافقة... فاستعاد هو برود ملامحه المناقض لما بداخله من نار لرؤيتها بعد كل هذه الفترة !... المناقض لرغبته في البحث عنها الآن في كل شبر ثم ... اشباعها تقبيلًا وبعدها اشباعها ضربًا وهو يسألها سؤال واحد فقط
"لماذا ؟"
لكنه بدلًا من ذلك رسم ابتسامة سخرية على شفتيه قائلًا
-: الآن فقط فهمت ! ألهذا فعلت المستحيل لكي أعود إلى العمل ثم تأتي بي إلى هنا أيضًا بحجة الأعمال ... حسنا يا زياد !
فأجابه زياد بهدوء
-: لا يا صديقي ، حقًا هناك الكثير من العمل المترا .....
قاطعه بالسؤال الملح وهو يمرر يده على صفحة وجهه بقلة صبر
-: هل كنت تعلم أنها هنا...؟
فأجاب زياد بخبث وهو يناظره بنظرات تعريه
-: نعم كنت أعلم ، لكن ما لا أعلمه لماذا أنت مهتم هكذا ! ...ألم تقل أنك لا تريدها في حياتك إلَّا بصفة ابنة خالك !
أجاب غيث ببعض الحده التي أفلتت منه غصبًا
-: لا ... لا أهتم لأحد.....انها خارج حياتي الآن
ابتسم زياد لكذبة صديقه
-: حسنا دعنا من شغف الآن وهيا للعمل
**********
تمشي في طرقات الشركة بسرعة تطقطق بكعبي حذائها العالي الغالي الثمن.....كانت ما زالت في صدمتها ! لم تتوقع أن تراه بهذه السرعة ! كان قلبها ما زال يهدر بداخل صدرها حتى خافت أن يسمعه احد !....ذهبت بسرعة إلى المكتب وأخذت تلملم حاجياتها وهي تهم بالرحيل عندما استوقفها صوت سيف الحاد قائلًا باستغراب
-: ماذا تفعلين آنسة ؟
قالت بارتباك متلعثمة
-:اااا.....أنا راحلة !
ابتسم سيف بسخرية وهو يتحرك نحوها ثم أضاف بصوت حاد جعلها تكاد تصاب بالصمم وهو يشوح بيده
-: هل هذه شركتك آنسة لتأتي وترحلي في الموعد الذي تحبينه ! حتى المديرين يلتزمون بمواعيدهم وأكثر من الموظفين .... وفي أول يوم لك وتريدين أن ترحلي الآن ! ولم نكمل نصف اليوم حتى !"
قالت بإجفال وبلاههه ومازالت تحت تأثير رؤيته
-: آسفه ل..كن حدثت ظروف تدعي ذهابي الان..
فابتسم باستهزاء وهو يكتف ذراعيه لصدره العضلي
-: وما هي هذه الظروف في أول يوم عمل؟
ردت بحده وهي تجعد جبينها وقد غلبتها طباعها
-: ليس من شأنك !
فقال سيف ببرود وثقة وهو يعدد على أصابعه
-: راقبي طريقة كلامك آنسة هذا أولاً ، وثانياً... غير مسموح لكِ بالرحيل إلَّا في موعد رحيل الموظفين إلا في حالة وجود عذر قهري أو طارئ ... وبما أنك لم تذكري عذرك إذًا .... أنتِ ستجلسين على مكتبك الآن وتنتظريني لبضع دقائق حتى أكمل لك شرح كيفية سير العمل ..
ثم دخل إلى مكتبه بدون كلمة أخرى صافقًا الباب خلفه تاركًا إياها كالبلهاء و هي تمتم بغضب متفجر
-: لعنة الله عليك أيها الأحمق !
ثم اضافت بدعاء قلق وهب تفرك كفيها
-: يا الله لا أريد أن أراه ثانية... الآن على الاقل ... الآن فقط يا الله !
************
وقت خروج الموظفين......
خرجت مسرعة تتمني ألَّا تراه ، أخذت تتلفت يمينًا ويسارًا ... لكنها لم تره
فقالت محدثة نفسها بهمس
"حسنا هذا جيد حتى أشحذ قوتي من جديد"
ولكن ما خيبة الأمل التي تشعر بها ! أ لأنها لم تلمحه حتى !.... كانت تظنه بغرورها سينتظرها ليراها ويحدثها.... حتى لو سيعنفها أو يلومها ! لكن يبدو أنه رحل .... حسنًا لا يهم هي ستفعل ما يتوجب عليها فعله اليوم ....
********
ليلًا...
دخل إلى المنزل بخطوات هادئة وهو يغلق الباب بهدوء ... لا يريد أن تسمعه أمه ... يريد أن يختلي بنفسه قليلًا ، وصل إلى غرفته ملاذه الآمن بسلام بدون أن تسمعه أمه الحبيبة فتنهد بارتياح وهو يذهب للحمام ليأخذ حماما ينعشه .... أنهى حمامه بهدوء وبدون صوت ثم جلس على سريره ليراجع بعض الأعمال على الحاسوب الخاص به ... لكن ما كان يجول بخاطره بعيدًا تمامًا عن العمل ! إنه لا يفتأ يفكر بها دائمًا ! صورتها بفستانها الوردي اللعين هذا لا تفارق خياله ! يستعيد كل تفاصيلها ... شعرها العسلي الحريري الذي يصل لمنتصف ظهرها... عيناها الممتزجة الألوان ما بين العسلي والاخضر والمشابهة لعينيّ غيث.... رموشها الكثيفة التي عندما ترفرف بها يختلج قلبه وتتسارع أنفاسه .... شفتيها الكرزيتين الشهيتين واللتان تثيران فيه أفكار غير بريئة بالمرة ! قدها المتناسق وقامتها القصيرة نسبيًا التي تنزعج منها على حسب قول غيث لكنها تشعره بأنها أنثي....وأيّ أنثي !.. إنها حقًا ملاك ! استفاق من شروده على صوت في عقله ينبهه
"إنها أخت صديقك أيها الأحمق أي أختك ، لا يجب أن تفكر بها هكذا خصوصًا بفارق السن بينكما!"
هو يعلم أن فارق السن بينه وبين ملاك تقريبًا كفارق السن بين غيث وشغف... لكن الفارق أن غيث يحب شغف منذ مولدها وهي تعشقه كما أنه ابن عمتها فهذا يشفع له ...لكن هو ! ما الذي سيشفع له! ... لكن نظراتها له ! يا الله انه متأكد أنها تكن له بعض المشاعر حتى لو إعجاب طفيف... إذًا لماذا لا يأخذ خطوة في الحلال نحوها ليخلص نفسه من الشعور بالذنب ويخلص قلبه من مشقته !... أخذ يهز رأسه علامة النفي ... لا هو لن يظلمها معه بماضيه الغير مشرف بالمرة والذي يخجل منه للان ! إنها أرق وأجمل من أن تتدنس بمعرفة هذا كله إنها ببساطة... ملاك ! ملاك نقي بريء هو لا يستحقه ! و على هذه الفكرة المحبطة كما تنتهي دائما أفكاره بها ذهب ليجلس مع أمه قليلًا...الجلوس بمفرده كان خطأ من البداية......
*********
وصل إلى باب غرفة أمه وهو يطرق الباب ... دخل عندما سمع صوتها السامح له بالدخول ... وجدها على سجادة الصلاة ويبدو أنها قد أنهت صلاتها للتو وهي تسبح بمسبحتها ... ذهب ليتمدد على الأرض وهو يضع رأسه على حجرها دون كلام لتغرس هي أصابعها في شعره تمسد فروته بلطف ... أمسك يدها الأخرى والتي كانت تستريح على وجنته وقبل باطنها قائلا
-: كيف حالك يا أغلى الناس ؟
ردت بحنان وهي تكمل ما تفعله
-: ما دمت بخير فأنا بخير حبيبي ، كيف كان يومك ؟
رد بشرود وهو يأخذ وضعيه أكثر راحة
-: جيد ... كان جيدًا !
ظل شاردًا لدقائق دون أن يفكر في شيء ! فقط ينظر إلى نقطة وهمية في السقف قبل أن يسمع صوتها القلق
-: ماذا بك بني !...هل أنت متعب ؟
ثم أكملت بغضب أمومي دون انتظار إجابته
-: بالتأكيد متعب فأنت تغرق نفسك بالعمل ولا ترجع إلَّا متأخرًا كالآن!
ابتسم فأمه تعامله أحيانًا كطفل صغير ولا تقتنع أنه كبر ... كبر جدًا !
-: لا حبيبتي أنا بخير .... مجرد صداع خفيف
ثم اعتدل جالسًا أمامها وهو يمسك يدها يقبلها قائلًا بابتسامة
-: كوب قهوه من هذه الأيدي الجميلة وسأكون بأفضل حال....
قالت بسرعة وهي تستند على يده لتنهض
-: حاضر حبيبي .. ثواني وتكون أجمل قهوة جاهزة لأجمل زياد
ابتسم لتدليلها وهو يطوي قدمه تحته منتظرًا لها وكاد أن يشرد بها مجددًا عندما سمع صوت أمه قائلًا بحب
-: ها هي القهوة يا حبيب أمك..
ثم أردفت بصوت متدلل لائق بها وهي تناوله الكوب
-: زياد حبيبي ...كنت أريد أن أحدثك بموضوع ما..
فقال زياد وهو يرتشف من القهوة بتلذذ
-: أيّ شيء حبيبتي !
فقالت أمه بصوت متلجلج وهي تدعو في سرها أن يوافق هذه المرة
-: شـ..شذا ابنة قريبة والدك رحمه الله السيدة ابتهال زارتني اليوم هي وأمها... ولقد غدت الفتاة مثل القمر كما أنها درست بالجامعة الأمريكية ولا تعمل ! انها ممتازة بكل المقاييس
فأجاب مدعيًا عدم الفهم وهو يهز رأسه
-: هذا رائع امي...لكن ما علاقتي بكل هذا !؟
فردت بغضب وهي تكشر في وجهه
-: لا تدعي عدم الفهم يا ولد ... بالتأكيد أريدها زوجه لك...
قال بتملل وهو يضع كوب القهوة جانبًا وقد فقد شهيته
-: امي قلت لك من قبل......
قاطعته امه وهي تشوح
-: أعرف ماذا قلت .... وأنت تعرف رأيي جيدًا... أنك تغرق نفسك بالماضي كل يوم ... ما فات قد مات حبيبي وأنت رجل رائع تحلم به كل الفتيات فلماذا تغرق نفسك في لجة الماضي ؟!
جعد جبينه بألم محاولًا تفسير ما يشعر به
-: أمي أنا......
قاطعته قائلة بحزم وهي تشهر كفها في وجهه
-: ولا كلمة زياد .... لقد اعطيتهم كلمتي وانتهى الامر ... و إن لم تعجبك سأبحث لك عن غيرها وغيرها حتى ينصلح حالك !
ثم اضافت ببوادر بكاء مصطنع لمعرفتها بضعفة أمام دموعها
-: أريد أن أرى احفادي قبل أن أموت هل ستستكثر عليّ هذا يا بني ؟
فقال زياد بسرعة وهو يغرق كفيها تقبيلًا
-: لا عشت ولا كنت إن جلبت الدموع لهاتين العينين الجميلتين حبيبتي ... لا تحزني ولا تذكري الموت ثانية فقط وأنا ... حسنًا أمي حددي موعد لأقابلها ويفعل الله ما به الخير...
وبدون مقدمات سمع صوت زغرودتها يكاد يصم أذنه فابتسم لفرحتها ... إنها أمه قبل كل شيء وفرحها أهم من فرحه... وهو أيضًا غير مستعد وغير ناقي لمواجهة ملاك بكل نقائها وصفاءها ... إنها ليست مقدره له ، تمتم لأمه بأنه سيذهب لينام وخرج تاركا إياها تبتسم بنصر وفرح لتحقيق غايتها وهي تدعو له بالتوفيق والهداية ....
******************
بيت جمال الهواري
لم تنزل من غرفتها مذ عادت من العمل وهي تدعي النوم .... لا تستطيع إلَّا التفكير فيه ! نظرة الشوق في عينيه ! ، شروده في عينيها ... وأخيرًا همسه بإسمها ... تنهدت وهي تفكر
"بالتأكيد مازال يحبها رغم كل شيء ! هذه الدقائق القليلة جدًا أثبتت لها ذلك"
نظرت إلى مرآتها بنظره تقييمية وهي تلتفت يمينًا ويسارًا لتري جسمها كاملًا ! انها جميلة ... بل جميلة جدًا وهي تعرف ! كان هذا أحد اسباب غرورها منذ الصغر حيث كان يتهافت الشبان في جميع مراحل عمرها على نظرة منها فقط ... ابتسمت لانعكاس صورتها و هي تتذكر نطقه لأسمها بهذه الطريقة ثانية ... لقد كان تحت تأثير الصدمة ولم يحاوط نفسه بقناعه الجليدي الجديد هذا !... لهذا هربت قبل أن يستعيد قناع البرود وهي لن تتحمل نظره تنقص من قدرها منه ثانية لكنها ... ستكلمه اليوم ... نعم ستفعل و ستتحمل كل ما يقوله على كرامتها وكبريائها هي تستحق! ، أمسكت الهاتف لتتصل به لكنها وجدت نفسها تتصل بياسمين بدلًا من ذلك تسألها المعونة ونصيحة لا تعرفها ! جرس والآخر وجاءها صوتها القائل
-: شغف ! كيف حالك حبيبتي ؟ كنت سأتصل بك بعد قليل ... كيف كان أول يوم عمل يا ... مدللة ابيك !
قالت جملتها الاخيرة بسخرية ضاحكة فردت شغف دون أن تعر سخريتها إنتباهًا
-: آه كان جيدًا جدًا حتى....
قالت ياسمين بقلة صبر من طبعها
-: حتى ماذا ؟
اتجهت شغف نحو سريرها ترمي نفسها عليه
-: لقد رأيته صدفة
قالت ياسمين بسؤال مذهول وهي تعتدل في جلستها واضعة كل تركيزها مع كلام صديقتها
-: غيث ؟
ردت شغف بشرود وهي تلف خصلة من شعرها الأشقر حول اصبعها
-: نعم ... أظنه مازال يحبني ياسمين ! لو رأيتي كيف نظر إليّ أو كيف همس بإسمي !
قالت ياسمين بتنهيدة وهي تسرح شعر ا
اختها سما واضعة الهاتف بين أذنها وكتفها
-: بالتأكيد يحبك ... لكن كرامة الرجل بالنسبة له أهم من الحب ، يدهس قلبه بحذائه لكن كرامته لا تمس ... وغيث ليس أيّ رجل ... وهو فعل أكثر مما يتوجب عليه فعله معك .. وتحملك أكثر من اللازم برأيي و.....
قاطعتها شغف بغضب وحنق من لومها الدائم
-: أعرف ... أعرف ياسمين لم أتصل بك لتبكتيني ! ... بل اتصلت لأستشيرك ، أنا اريد أن أكلمه اليوم لأعتذر له وهو مازال متأثرًا برؤيتي ... أتمني ذلك ! سأطلب منه السماح ... وأن وافق اقسم أنني لن افعل أي شيء يغضبه أو يجرحه ثانية.... وإن لم يوافق !"
أكملت بحشرجة وألم
-: لن أقف في طريقه بعد اليوم وسأتمنى له السعادة...
فردت ياسمين بسخريتها المعتادة وهي تعرف أن شغف متأثرة برؤيته فقط فهي يستحيل أن تتركه
-: حقًا..!
ردت شغف بتنهيدة
-: حقا ... والآن هل أكلمه أم لا ؟
ردت ياسمين بهدوء دون أن تعطيها جوابًا نافعًا .. لا تعلم لماذا !
-: انها حياتك شغف وقرارك أنت ... ما ترينه مناسب لكِ افعليه لا تنتظري مشورة أحد لقد كبرتي على هذا !
فردت شغف بإحباط وحيرة
-: أريد رأيك فقط !
تأففت ياسمين وهي تنهض تذهب لغرفتها أو غرفتهم بمعنى أصح غرفتهم بعد أن أنهت ما تفعله
-: لا ... اعتمدي على نفسك والآن يجب أن أغلق امي تنادي عليّ ... إلى اللقاء....
وأغلقت الخط قبل أن تلح عليها شغف ثانية .. لا تنقصها مشاكلها التافهة ... أما شغف فأخذت تنظر لأسمه على الهاتف مترددة لكنها اخيرًا حسمت أمرها ... يجب أن تعرف أين هي في حياته وتستفيق من غيبوبتها الاختيارية هذه !... ثم وبكل عزم أخذت نفسًا عميقًا وهي تضغط على الرقم بقلب مرتجف ......
**********
كان في غرفته بعد أن أنهى العشاء مع ملاك و انسحب بحجة أنه مرهق ... يظلم ملاك كثيرًا معه هذه الأيام هو يعرف ! لكنه سيعوضها في أقرب وقت ، جالس على الفراش يفكر بها ... وماذا يفعل غير التفكير ! لا هو يجب أن يتحرر من سحرها عليه ... يجب أن.... قاطع أفكاره رنين هاتفه .... ابتسم حينما وجد إسمها على الشاشة فقد كان متوقعًا هذه الخطوة منها وهو ... أكثر من مستعد ، لقد فكر جيدًا وقد حان وقت التنفيذ ... انتظر حتى انتهى الاتصال ولم يرد وكله يقين أنها ستتصل ثانية... ولم تكد تمر ثوان حتى سمع الرنين الملح من جديد فتركه أڜيضًا ولم يرد إلا على آخر الاتصال .... فتح الخط و لم يتكلم منتظرًا وكله شوق أن تبدأ هي ليرى ماذا ستقول ! فجائه صوتها متلجلجًا
-: مرحبا... غيث !
فرد بكلمه واحدة وهو يضجع على سريره
-: أهلًا !
احبطتها هذه الكلمة ... هه وكأنها لا تعرف ولم تحضر نفسها لبروده ذاك ! أخذت نفسًا عميقًا وهي تذكر نفسها "حقه.. ستحتمل ستحتمل"
أكملت وهي لا تعرف ماذا تقول !
-: كيف حالك ؟
-: بخير
رد وهو يحاول أن يجعل نبرة الملل في صوته واضحة.......
أما هي فكانت تفكر بحنق
" ألن يسألها عن حالها من باب المجاملة حتى !"
فقالت بصوت حاولت أن تجعله مشاكسًا لتخفف من توترها
-: ألن تسألني عن حالي ؟
فرد بنزق مناقض لابتسامة الشر المرتسمة على شفتيه
-: شغف ... من فضلك أريد النوم فلو كان الأمر الذي اتصلتي لأجله مهمًا تفضلي بالتكلم .... لكن لو تتصلين تسألينني عن حالي فأنا بخير شكرًا لك لكني أريد النوم
قالت بسرعة واحباط يتملكها ويقول لها أنتِ خاسرة لا محالة
-: غيث انتظر ... أنا لست بخير ... لست بخير أبدًا من دونك !..
انتظر قليلا ثم أجابها ببرود يناقض انتفاضة قلبه
-: حسنًا !...كيف أخدمك ايضًا ؟
صمتت بإحباط تفكر ماذا تقول له ! لقد اعتادت لهفته وفتحه للاحاديث معها بسبب أو بدون لكن هذا البرود كيف تتعامل معه ! ، قاطع شرودها صوته الملول
-: هل تتصلين لتسمعيني صوت أنفاسك شغف...!
قالت وقد حنقت من أسلوبه الذي لم تعتده
-: غيث... أنا أحبك ... و أنا آسفة للمرة الثانية على ما قلته ... أنت تعرف لا أكون بكامل وعيي عند الغضب وقد أخبرتك بهذا قبلًا .... وأنا الآن أريد أن.... نعود...
صمتت ولم تعرف كيف تصيغ جملتها فقالت
-: أنت تعرف !
فقال يستحثها وهو يشعر بتوترها
-: أعرف ماذا...!
احتدت نبرتها من موقفها المحرج فهي شغف الهواري لم تطلب طلبًا كهذا من تي أحد من قبل... طالما ما كان الكل يترمى تحت قدميها وهي من لا تعيرهم انتباهًا
-: أنت تعرف غيث لا تدعي الغباء... أقصد نعود كما كنا ... خطيبين !
انخفض صوتها عند آخر كلمة لدرجة أعلى من الهمس بقليل أمّا هو فقال بصوت هادئ إنما قاصف جعلها تندم على حدتها وهو يفكر أنها لن تتغير ابدًا ... لكنه سيعمل على هذا ولو كان آخر شيء يفعله
-:أولًا ... حدودك في الكلام ... يجب أن تحترمي نفسك و أنتِ تكلمينني ... ثانية هل تتصلين لتعتذري وتكوني بهذا الحنق وقلة الأدب !.. على حد علمي أن من يعتذر يكون خجولًا من نفسه لكن ماذا سأقول..!
قال جملته الأخيرة بسخرية لاذعة... فقالت هي بسرعة وقد شعرت بدموعها تبلل وجنتيها من الموقف برمته
-: أنا .. أنا آسفة .. آسفة لكن الآن سؤالي هو هل تـ...تسامحني ؟
قال بجرح وألم يخفيه جيدًا وراء قناع التهكم والسخرية
-: أسامحك !...لا لا أظن أن هذا سهل الحدوث !...
صمت قليلًا يستمع لأنفاسها السريعة وصوت شهقاتها ... لا يعرف أيعذبها أم يعذب نفسه !
-: لكن يمكنني التعايش مع الأمر حتى أقرر ... اعتبري هذه فترة لندرس فيها بعضنا من جديد ... و فيها سنمشي بقواعدي الخاصة التي لا مساس بها ... ويجب أن تعرفي أنني لم أعد غيث الماضي .. فلو ستقدرين على تحمل أسلوبي الجديد ... فحسنًا لا مانع من التجربة ... لكن أعلمي أيضًا أنني لم أوافق كليًا ... يمكنني التراجع في أيّ لحظة عندما أرى أنك لا تصلحي لي....و آه شيء اخر ... نحن لن يكون بيننا علاقه رسمية إلى أن أقرر أنا ... هذا كل ما عندي والآن ... تصبحين على خير
ثم أغلق الخط وهو يتنهد بتعب وكأنه قام بحمل جبل ! بينما هي كانت تنظر للهاتف بذهول من كم الاوامر وطريقة المعاملة التي لم تتلقى مثلها في حياتها ! و لا تعلم أتفرح لإعطاءها فرصة جديدة ! أم تحزن لبروده وأسلوبه معها والذي يبدو أنه سيستمر لأجل غير مسمى أم... تخاف مما هو قادم !.........
***********
بعد ثلاثة ايام....
*شركة الهواري الهاشمي* صباحًا...
وصلت إلى المكتب مبكرًا قليلًا اليوم فهي لم تنم طوال الليل ... كانت تفكر به كما تفعل كل يوم منذ تصالحا ... أو هكذا تظن وتتمنى ... أنها تكلمه كل يوم وتحاول جعل المكالمة أطول لكنه دائمًا يختصر الكلام وهو ينهي المكالمة بجملته السخيفة
"والآن أريد أن انام تصبحين علي خير ! "
فكرت بإحباط وهي تجلس على المكتب "يبدو أنه لن يسامحها بسهوله ويبدو ايضًا أن الطريق لرأب الصدع بينهما سيكون طويل .... طويل جدًا ! لكنها ستحتمل !"
تنهدت تنهيدة طويلة تخرج بها كبتها وألمها... تريد إزاحة هذا الهم عن صدرها لكن لا فائدة .... وفجأة عقدت جبينها وهي تتذكره ! سيف... كتلة العضلات كما تطلق عليه ... في سرها بالطبع ! أنه لم يأت للآن! ابتسمت ابتسامة خبيثة وهي تفكر
"بالتأكيد سيتفاجئ أنها جاءت مبكرًا ، تريد أن تري تعابير وجهه"
وفيما هي سارحة في أفكارها سمعت صوته الخشن وهو يقول بهدوء
-: صباح الخير آنسة شغف...جيد أنك أتيت في ميعادك...
إذًا ألم يتفاجئ ولو قليلًا! إنه يعنفها على دقائق من التأخير ألا تستحق منه كلمة إطراء اليوم ! حسنًا ... هي تبالغ قليلًا هي تعرف ! لكنها قالت مبعدة أفكارها
-: صباح الخير سيد سيف.... في الواقع أنت الذي أتيت متأخرًا أنا هنا منذ وقت ليس بقليل
قال بلامبالاة وهو يتحرك نحو مكتبه
-: أنه ميعاد وصولي بالثانية.....وإذا كنتِ اتيت أنتِ مبكرًا فليس ذنبي!
ثم أردف وهو يدخل لمكتبه
-: من فضلك أريدك أن تراجعي أوراق الصفقة الخاصة بالشركة الأجنبية... ولا أريد أي أخطاء... و في أسرع وقت تكون على مكتبي
ثم أغلق الباب صافقًا إياه كالعادة حتى اعتادت هذه الحركة ... تاركًا إياها تتميز غيظًا من معاملته لها وكأنها لا ترقي لمستواه حتى ! وهي تفكر "ما بال الرجال هذه الايام ! لولا فقط أنه مديري لكنت......"
حجمت أفكارها الشريرة المبهجة لها وهي تراجع الاوراق التي طلبها لكي لا تستمع لتقريعه مجددًا وهي لن تحتمله أكثر.... ستقتله!
********
يغرق نفسه في العمل منذ الصباح لكن أيضًا ذهنه مشتت... لا يستطيع التركيز ولا يعلم لماذا ! لا يشعر بالارتياح بعد أن اتفق مع والدته على خطبة شذا التي لم يرها للآن إلَّا كصورة على هاتف والدته ، فكر بابتسامة ساخرة وهو يريح رأسه للخلف على مقعده
"سأخطب صورة !"
انه لن يراها إلا مرة واحدة قبل الخطبة! أيّ عدل هذا !.... بالتأكيد هذا كله من تخطيط أمه لكي لا تترك له مجالًا للتراجع !... تنهد بهم يثقل صدره ثم تذكر أنه لم يخبر غيث للآن! هو يحتاج معونته ... يحتاج من يطمأنه ... أخرج هاتفه وهو يتصل به و ما هي إلَّا لحظات و وصله صوت غيث العاتب
-: مرحبا يا صاح هل ما زلت تذكرنا ! والله بك الخير...
فقال زياد بإنهاك وهو يغرز يده في شعره
-: غيث لا وقت لمزاحك الآن ... أنا أريدك بأمر هام ...أريد أن أستشيرك بشيء... يجب أن أراك اليوم !
فرد غيث بقلق مخفي وهو يحلل نبرة صوته المجهدة !
-: حقًا !... زياد الحكيم سيستشيرني أنا ياللفخر
ثم صمت قليلًا يتنهد وهو يرجع رأسه للخلف أيضًا على كرسيه
-: حسنا و أنا ايضا أريدك بأمر ما ... أنا لست بمزاج جيد للعمل ... لقد مللت ، سآتي لك في الشركة ونذهب إلى أي مكان هادئ"
تمتم زياد بـ "حسنًا" وأغلق الخط وهو غارق بأفكاره الإجبارية بين عروسه المنتظرة و.......ملاكه !
*********
بعد خمسة عشر دقيقه دخل غيث المكتب بدون أن يطرق الباب قائلًا بمشاكسة
-: ماذا تريد الآن بعد أن تركت عملي المهم بسببك..؟
فرد زياد بملامح متعبه وهو يشير له بالجلوس
-: أجلس فقط
قال باستفهام وهو يجلس
-: ألن نذهب.....
قاطعه زياد وهو يضغط على عينيه بتعب
-: لا لن نذهب ... لا قدرة لي على التحرك ... سأحكي لك هنا
تمتم غيث بـ "حسنا" قلقة وهو يركز مع حديث صديقه وملامحه تتغير بين الذهول والحيرة والغضب من صديقه المعتوه! وما ان أنهى زياد حديثه بتنهيدة طويلة وهو يرجع لوضع رأسه للخلف مغمضًا عينيه قال غيث متعجبًا
-: خطب ! هكذا بدون مقدمات؟ ...يالك من جلف! ... ومنذ ثلاث أيام ولم تفكر بإخباري حتى!
فرد زياد وهو على نفس الوضعية
-: لقد كنت مشوشًا بل أنا مشوش للأن ... لكن ... هناك امر آخر ....
قال غيث بقلق وهو يستشعر أن هذا الأمر الآخر أهم من الموضوع نفسه
-: ماذا..؟
رد زياد بارتباك وهو يشعر أنه مكشوف أمام صديقه وانه يعرف كل شيء
-: أأ .... أنا احب أخرى منذ زمن ... لكني لم.....لم اكتشف أني أحبها لهذا الحد إلّا من فتره ليست بطويلة..... لكنها يا غيث نقية !....نقية جدًا وانا أرى اني لا... أستحقها.....بكل ما حدث في ال... الماضي أنت تعرف ولهذا وافقت على خطبتي من شذا
فرد غيث بانشداه تام وهو يضرب كفًا على كف
-: تحب !! حقًا زياد ! و كل هذا بدون أن تخبرني ! يبدو أني حسبت مكانتي لديك خطأ يا صديقي !
أسرع زياد بالقول النافي الحار
-: صدقني يا غيث لا .... أنت صديقي الوحيد ... لكن الـ...الأمر كله أنني .. لم أفكر بأخذ خطوة تجاهها أبدًا حتى الآن بسبب ما قلته لك ولا أفكر في ذلك أيضًا الآن ... لكني ... أشعر أن روحي تسحب مني ... وفي نفس الوقت عندما أفكر بعقلي أجد أن شذا هي المناسبة لي و أنني حتى إن لم أصارحها بماضييّ إلَّا بعد الزواج فستتفهم ... لنني لست خائف على برائتها مثل ال...الأخرى بالرغم من عدم رؤيتي لها للآن ... أعلم أن هذا ظلم لكن .... لا أقدر إلا أن اشعر هكذا
قال غيث بغيظ متفاقم وهو ينهض من كرسيه
-: يالك من غبي ! .. لو الفتاة الأخرى هذه تحبك ستتفهم كل شيء وسترميه وراء ظهرها أيها الأحمق وستعلم أنك تغيرت وحتى إن كانت لا تحبك... يجب أن تجرب مصارحتها بمشارعك لكي لا تندم بعد ذلك متمنيًا أنك حاولت حتى لو قوبلت محاولاتك بالرفض ... لكن أتعلم ! أنت جبان ... تتخذ الماضي اللعين كستار على جُبنك ! فأكمل مسرحيتك الهزلية مع قريبتك والتي أنا متأكد من أنها لن تكتمل وأنت من سيندم لكنك ستكون كسرت قلب آخر بالإضافة إلى قلبك الذي أرجح أنه مكسور من الأصل ... وسترجع لها مرة أخرى أنا متأكد ... لكن اتمني أن يكون لديك الشجاعة لمواجهة أشباحك وقتها..
ثم أردف بتنهيدة وهو يشفق على حال صديقه وملامحه المتألمة من كلامه.... لكن إنها طبيعة الإنسان ! في بعض الأوقات نحتاج للقسوة لكي ننتبه قبل أن نسقط سقطة لا قيام بعدها
-: فكر في كلامي جيدًا... وافعل ما تراه صالحًا لكن تذكر ما قلته ... والآن أنا سأرحل
وهم بالتحرك نحو الباب عندما قاطعه صوت زياد المتحشرج
-: ألم تقل انك تريدني في شيء ؟
فرد غيث والابتسامة الخبيثة ترتسم على وجهه
-: ليس الآن يا صديقي يكفي ما أنت فيه بالإضافه إلى أنني لديّ ما ... أؤديه
ثم خرج من المكتب تاركًا زياد يفكر فيما قاله بألم ... بينما هو أخرج هاتفه وبعث لها برسالة
سأنتظرك في موعد الغداء في المقهى بجانب الشركة"
********
سمعت رنين هاتفها ينبأ برسالة ففتحته خلسة وهي ترى من المرسل فكان هو! ... طار قلبها فرحًا ... أنه يريد أن يراها... وأخيييرًا ! لكنها لم تهتم بمظهرها اليوم !! ، فكرت بعزم
"لا يهم هو يحبها في جميع حالاتها دائمًا ما كان يخبرها بهذا"
وبهمة وسرعة أنجزت كل أعمالها لتستعد لمقابلته.....
*******
دخلت للمقهى بخطوات متوترة تطرق بكعبي حذائها تتلفت يمينًا ويسارًا تبحث بين الوجوه عن وجهه الذي اشتاقته إلى أن رأته... رفرف قلبها بشعور الشوق العارم له فهذه أول مره منذ فترة سيلتقيان ويتحدثان كأي حبيبين ... تتمنى ذلك! تتجه نحوه ببسمة عاشقة لاهية عن أنظار نصف رواد المقهى تقريبًا والتي تعلقت بها وبجمالها الفريد ... وصلت إلى الطاولة وهي تجلس مخفية شعور الإحباط داخلها لعدم قيامة بحركته المعتادة حيث كان ينهض سريعًا وهو يذهب لكرسيها يسحبه للخلف قليلًا لكي تجلس براحة ... لكنها قالت بابتسامة مرتجفة
-: مرحبًا !
فرد بابتسامة ساخرة وهو يريح ظهره على مقعده بلامبالاة ظاهرية يخفي غليانه الداخلي و رغبته في أن ينهض ويضرب كل من نظر إليها الآن
-: مرحبًا !
فقالت بحنق مخفي وراء نبرتها الناعمة
-: ماذا غيث ! أنا لم أكد أجلس وها أنت تتلبس قناعك هذا !
فرد قائلًا بنفس اللامبالاة
-: أنا لا البس أي أقنعة .... لقد أخبرتك بأنني تغيرت... و إن لم أعجبك
أضاف بابتسامة ساخرة وهو يبسط كفيه على الطاولة
-: تستطيعين إنهاء الأمر...
لم تعرف بما ترد عليه فاحتضنت يديه بيديها في حركة فاجأته ... ارتعشت يداه فاضحة تأثيرها عليه فلعن نفسه وضعفه لها ألف مرة بداخله لكنه تلبس قناع البرود الذي يجيده مرة أخرى وهو ينزع يده من يدها راجعًا بظهره على كرسيه ... بينما هي قد زاد الأمل بداخلها لشعورها بارتعاشة يده فقالت بحرارة مستغلة الموقف
-: أنا أحبك غيث ... اعترفت بها العديد من المرات منذ ما حـ..حصل وتأسفت العديد من المرات ايضًا ! ومستعدة للمزيد ... إذًا لماذا تبني الاسوار بيننا وتوجعني وتوجع نفسك هكذا ؟
اظلمت عيناه لثوان ثم قال بصوت غريب وهو يسبل أهدابه
-: كيف هو عملك !
تنهدت وهي تستجيب لرغبته في تغيير الموضوع وقالت بابتسامة
-: إنه جيد جدًا ، أحاول أن أحّجم من طباعي الناريه لكي لا أغضب السيد سيف و أسمع التقريع منه .. وأحاول أن أتعلم بسرعة وفي تقدم ملحوظ
فرد ساخرًا مخفيًا غيرته لذكرها أي شيء مذكر !
-: حسنًا .. تحجمين طباعك من أجل السيد سيف ... جيد جدًا أرجو أن يكون ...سعيدًا بكِ ابذلي جهدك ل ... إرضائه....
قال كلمته الأخيرة بنبره ذات مغزى... يريد أن يوجعها رغم علمه بوجعه المضاعف لرؤية أقل جرح في عينيها...
أما هي فردت بحنق وشعور بالاهانه من كلماته
-: غيث أرجوك إنه مديري ... مجرد مدير .... أنه حتى سريع الغضب ولا يطاق !
ثم أضافت بمكر انثوي وهي تحاول إثارة غيرته عليها
-: وكتلة من العضلات...
حسنًا النار تشتعل الآن بداخله .. انها تراه كل يوم ويكونان بمفردهما !...يا الله! يجب أن يرى هذا المدير المزعوم ويجعله يعرف من تكون شغف الهواري بالنسبه له! ... وبينما هو سارح في أفكاره شاردًا في كوب القهوة أمامه أخذت تتأمله ... تتأمل لحيته التي استطالت قليلًا ويبدو أنه اطلقها ... شعره الكثيف الذي يتركه بري للهواء يتلاعب فيه اليوم ... عضلات ساعديه التي تظهر من قميصه ... استفاقت من شرودها به في شروده على صوته الساخر
-: هل ستظلين تتأملينني كثيرًا
فردت وقد تسربت الكلمات من فمها تلقائيًا بصدق
-: لا أمل من تأملك ابدًا
ثم أضافت ببراءه لا تعرف ماذا فعلت به
-: أنت جميل جدًا غيث جدًااا ولحيتك تلك زادتك وسامة ... لا تحلقها ارجوك لقد أحببتها
أربكته بتغزلها فيه..! انها أول مره تفعلها ! دائمًا ما كان هو من يتغزل فيها بلا انقطاع أو هي من تتغزل بنفسها ! لكن رنين هاتفه أعفاه من الرد فأجاب سريعًا بابتسامة راحة
-: مرحبًا حبيبتي كيف حالك !... نعم نعم حسنا.... ههه بالطبع تأمر الاميرة فقط...
كانت ستموت من كم المشاعر التي احتدمت بها الآن ... غيرة حارقة وذل وحنييين لطريقة المعاملة هذه منه..... ولم تكد أن تتكلم حتى سمعته ينهي المكالمة قائلًا
-: حسنًا ملاك ... حسنًا حبيبتي لن اضغط نفسي في العمل وسآتي باكرًا
ثم اضاف بضحكة مناغشة وهو ينظر ادإليها
-: نعم .. وسأفرش أسناني و أشرب اللبن قبل أن أنام شيء آخر أمي ؟... هههه لا لا تنفعلي فقطو... حسنا أميرتي إلى اللقاء
ثم أغلق الخط وهو يضع هاتفه في جيبه بهدوء وينظر لها فصمتت لثوان ثم قالت بصوت مختنق وهي تشعر بالدموع تلسع عينيها
-: انها ملاك..؟؟
رد بإشفاق وجرح داخلي وبرود ظاهري -: نعم.....
لقد تعمد أن يدلل ملاك أكثر هذه المرة ليشعرها بالغيرة ... لكن التعبير المرتسم بعينيها! إنه تعبير الحاجة ، الحب و الندم! قتله قتلًا وقد كان غير متوقع بالمرة أن تصدر من شغف مثل هذه النظرات! .... تنحنح يخفي اختلاجاته ثم قال وهو ينظر في ساعته يريد أن يرحل لكي لا يضعف ... لكي لا ينهض ويعتذر لها الآن فقط لتمحي تلك النظرة الشاردة المتألمة من عيناها حبيبتاه
-: حسنًا انتهي وقت غدائك على ما أظن و أنا... يجب أن أرحل
فأسرعت بالقول وهي تنظر له
-: متى سأراك ثانية ؟
فرد بابتسامة غامضة وهو يسبل أهدابه و ينهض
-: سترينني...
وتركها ومضى كل منهما في طريقه بهدوء يناقض الصخب الذي بداخلهما... صخب حب ، ندم ، غضب ، خيبة امل ، وجع و ... شك !