رواية انين مكة البارت الثاني عشر 12 والثالث عشر 13 بقلم أم فاطمة
رواية انين مكة الفصل الثاني عشر 12
غمز حاتم لجلال بطرف عينيه .فتسلل جلال بعدها ببطىء مغادرا وتركهما سويا.
بعد لمسة يد ريم لحاتم رفعها لفمه فقبلها برقة هامسا.. وحشتينى اوى يا ريمو .
أنا مكنتش متصور إزاى هيعدى يومى من غير ما اشوفك ؟
ريم بحب ....وأنت كمان يا حاتم وحشتنى .
أنا كنت بدور عليك فى الكلية وقلقت اوى لما لقيتك أتأخرت ، ولما جه جلال وقال إنك تعبان مستحملتش وجيت عشان اطمن عليك .
حاتم بمكر.....قد كده بتحبينى ؟
فخفضت عينيها خجلا ، ليعتدل حاتم من نومته ويقترب منها بهدوء مصطنع ويرفع وجهها إليه ، فتتقابل اعينهما بنظرة حب وشوق .
ليهمس ......أنا اكتشفت إنى مش بحبك بس ، أنا بعشقك يا ريمو .
ثم شعرت ريم بأنفاسه الحاره تلفح وجهها فتخدرت أوصالها ليباغتها بقبلة فلم تستطع مقاومته .
ليبتسم حاتم بمكر فقد أقترب من مبتغاه ، لتخلل يده الأثمة جسدها ، وما هى إلا لحظات معدودة غلبهما الشيطان بها لتفيق ريم بعدها على كارثة عندما شعرت بالألم الذى أتبعه ندم العمر كله .
ريم صارخة ......أنت عملت فيه إيه يا حاتم ؟
حاتم بهدوء قاتل.....عملت ايه ؟
عملنا زى أى اتنين بيحبوا بعض ولا أنتِ مش بتحبينى زى مابحبك .
انهمرت دموع ريم بقهر قائلة بغصة مريرة.......اه بحبك ، بس مكنش لازم يحصل ده ابدا دلوقتى ، إحنا كده لازم نتجوز فى أقرب وقت .
حاتم محدث نفسه .....نجوز !
أنتِ شكلك هبلة ولا إيه ، محنا حلوين أهو من غير جواز ، لزمته ايه بقه ؟
ريم .......حرام عليك يا حاتم ، الكلام اللى بتقوله ده .
لازم تيجى تتقدملى ونجوز فى أقرب وقت .
حاتم بلا مبالاة......اه اه ان شاء الله ، لما نتخرج .
بادلته ريم بنبرة مجذوعة وهى تحاول أستيعاب الأمر ...أنت بتقول ايه يا حاتم ؟
ازاى بتقول نستنى لما نتخرج ؟
أنت عملت مصيبة ولازم فى أقرب وقت نتجوز قبل ما أهلى يكتشفوا الموضوع وتبقى فضيحة لينا وأنت عارف أنا بنت مين ؟
فضحك حاتم بسخرية ...اه عارف بنت مجدى الزيات ، اللى شايفة نفسك بيه وبجمالك ، بس أنا برده يا حلوة ابن المرشدى ومش ابن المرشدى اللى يتقله أعمل ده ومتعملش ده .
لتصرخ ريم فى وجهه ...يعنى ايه ؟
وبتكلم كده ليه يا حاتم ؟
حاتم.........والله اكلم زى ما يعجبنى ، وياريت لو تلبسى هدومك وتاخدى بعضك وتمشى عشان عايز أرتاح شوية وانام بعد المجهود اللى عملته وده وحش على قلبى .
شهقت ريم لما سمعته من حاتم وشعرت أن الدنيا اسودت فى عينيها فجأة بعد أن كانت كالشمس المضيئة وتسائلت ما حدث حقيقى أم تراها تحلم ؟؟
هل حاتم بالفعل قضى على عفتها باسم الحب ثم أراد طردها ليخلد إلى النوم.
اى قهر وذل هذا ( وكأنها تقول ...يا ليتنى مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا ) .
امسكته ريم من ذراعه بقوة قائلة ...أنت أتجننت يا حاتم ، بتقولى أنا امشى بعد اللى عملته فيه عشان تنام ؟؟
زفر حاتم بضيق ثم شد ذراعه قائلا بغضب ...ايدك متلمسنيش ، وأنتِ مين يعنى ؟
وحدة زى اى وحدة فرطت فى نفسها بسهولة ، بإردتك وأنا مغصبتكيش .
فياريت متصدعنيش ومع ألف سلامة ، وانسى موضوع الجواز ده .
أما لو عايزة نستمر فى الحب كده معنديش مانع وأديكِ عرفتى شقتى دى ، أنا مخصصها للحب .
أما لما أجوز يا حلوة ، فهجوز وحدة عفيفة اعملها قصر تعيش فيه ،مش وحدة سهلة زيك .
صعقت ريم من كلماتها ووقفت الكلمات فى حلقها وقامت سريعا وارتدت ملابسها ثم غادرت ودموعها كالشلال على وجنتيها ، تلوم نفسها على ما جنت به .
ونام ذلك الشيطان حاتم الذى يظن رغم فجوره إنه سيتزوج بعفيفة ، لا والله فكما تدين تدان .
.............
توجه شحاته وسيد عضلات لمنزل ركان لخطف كرميلا كما أمرتهم دلال التى أكلت الغيرة قلبها لرفض ركان لها .
فأخذت دلال تجوب غرفتها ذهابا وإيابا بقلق منتظرة بفارغ الصبر نجاح خطتها مردفة....
ياااه امتى يتصل بيه شحاتة ويقولى حصل ؟
نارى مش هتبرد غير لما أعلم وشك الحلو دى بإيدى .
........
وبالفعل وصلوا عند باب شقة ركان وقام شحاته برن جرس الباب .
سمعت إكرام جرس الباب ، فقامت بالنداء على كرميلا لتفتح .
كرميلا.....من داخل المطبخ ...معلش يا دادة افتحى أنتِ عشان ايدى فى المواعين .
فتوجهت بخطوات ثقيلة إكرام لفتح الباب .
وعندما فتحت إكرام الباب ""
تفاجىء بها شحاتة أمامه ،فتمعض وجه محدثا نفسه.......يادى الليلة ، ليه تفتحتى أنتِ يا ولية يا فقر .
إكرام ......ايوه ، انتم مين وعايزين مين ؟
سيد عضلات بهمس لـ شحاته.......هى دى الشوال إلى هنشيله ؟
بس دى تقيلة اوى ، ولازم المعلوم يضاعف .
وضع شحاته يده على فم سيد قائلا.....هسسسس .
هتفضحنا يا بغل ..
إكرام بنفاذ صبر.....ماتقولوا عايزين مين ، ولا نقفل الباب ونخلص .
بدل ما انتوا بتسايروا كده ، انتوا تايهين فى العنوان ولا إيه ؟
حمحم شحاته ثم قال.... لا مش ده البيت اللى شغاله فيه بنت خالتى كرميلا .
أنا عايز اشوفها الله يخليكِ لأمر ضرورى ،ممكن ؟
ضيقت إكرام عينيها هامسة....ابن خالتها.
هى البت دى مش قالت يتيمة وملهاش حد .
هو فيه إيه ؟
مين صادق ومين كداب ؟
على العموم هناديها تيجى ونشوف الموضوع.
فقامت إكرام بالنداء عليها.....أنتِ يا بت يا كرميلا .
تعالى فى ناس عايزينك .
لتلبى كرميلا النداء قائلة....ناس مين دول اللى عايزينى ؟ وليه ؟
فوقفت كرميلا أمامهم وعلى وجهها الإندهاش قائلة.....أنتم مين وعايزين إيه ؟
شحاته....عايزك يا بنت خالتى .
كرميلا....بنت خالتك إيه ؟ هو أنا أعرفك ، أنت شكلك حرامى باين .
سوطى يا دادة .
شحاتة بغضب لـ سيد ......أنت يا بغل مستنى إيه لما تصوت وتلم علينا الناس ؟
أنجز رش عليها المخدر خليها تهمد وأنا هرش على الست العضمة الكبيرة دى .
وعندما بدئت كرميلا الصراخ ، أسرع سيد بنثر المخدر على أنفها .
لتسقط بين يديه ثم وضعها سريعا فى شوال واحكم غلقه عليها .
وكذلك فعل شحاتة مع إكرام ولكنه تركها ممدة أمام الباب الذى اغلقه ورائها .
ثم أسرعا بالفرار حتى وصلا إلى سيارة شحاتة ، ففتح شحاتة صندوق العربية ليضع سيد بها كرميلا ثم ينطلقوا مسرعين نحو العقل المنفذ ( دلال ) .
اتصلت دلال بهم فى الطريق للتطمئن على نجاح خطتها .
ليتسجيب شحاته بقوله....اهلا يا ست الستات.
دلال بفضول ......ها إيه الأخبار ؟
طمنى ، سبع ولا ضبع ؟
تنهد شحاتة بفخر قائلا.....سبع طبعا ، هو من امتى ؟
يا ست الستات قصدتنى فى حاجة وأنا منفذتهاش ؟
دلال بفرحة غامرة ....براوة عليك يا ولا .
والله طلعت راجل صح وعرفت تعملها ، ونظرتى ديما مبتخبيبش فيك .
وحلاوتك أنت والنطع اللى معاك كبيرة ، بس توصلوا بالسلامة .
شحاتة بمكر......كفاية رضاكِ عنى يا ست الستات .
دلال .....تسلملى يا واد .
شحاتة .... مسافة السكة ونكون عندك ، ثم ضحك قائلا بسخرية.....سنى السكاكين بقه ، عشان ندبح القطة .
دلال ......لا أنا مش هموتها كده بالساهل .
هعرفها مقامها الأول ، عشان تعرف هى مين وأنا مين ؟
أنا ستها وتاج راسها ، وهخليها تندم ندم العمر إنها بس فكرت فى باشا قلبى ركان .
شحاته.......وماله فهميها يا ست الستات ، يأما تسبهالى أنا ادلعها ، قصدى أعلمها الادب .
دلال بإستنكار ...اوعى تكون انت كمان دخلت دماغك يا ولا ؟؟
هو فيه إيه ؟ هى سحرالكم ولا حاجة ؟
شحاته بنفى .......أبدا ، زيها زى غيرها قضاء مصلحة وقتية .
دلال.. ايوه ، قول كده ،ماشى .
بس اظبطها الأول ،وبعدين هخليها مصلحة لكن من هب ودب ، بنت دار الايتام دى .
ويلا أسرعوا عشان أنا على نار منها وعايزة أسويها .
شحاتة بسخرية .....عيونى أهو قربنا ، سخنى المية .
دلال بضحك...... يخربيتك فقرك ، دمك شربات يا ولا .
يلا سلام .
شحاته....سلام ، يا سكر محلى أنت .
وما هى إلا دقائق معدودة وقد وصلا شحاتة وسيد حاملا الشوال الذى وضع به تلك المعذبة ( كرميلا )
عند دلال ،ليرميها أمامها ومع تلك الدفعة استفاقت كرميلا لتبدء فى التألم والتململ داخل الشوال .
ثم صعقت عندما استمعت لصوت دلال الجهورى القاسى لهم بقولها "'"
افتحوا الشوال خلينا أشوف اللى افتكرت نفسها وحدة بجد وعايزة تلطش منى الباشا بتاعى .
فتح شحاتة الشوال فتصارعت دقات قلب كرميلا وكادت أن تتوقف من الخوف ، لتبادرها تلك الشيطانة بجذبها من شعرها حتى اتعدلت واقفة صارخة من الألم .
كرميلا بصراخ....اه _ حرام عليكِ ، أنا عملت فيكِ إيه ؟
عشان تعملى فيه كده ، حسبى الله ونعم الوكيل فيكِ يا شيخة .
دلال وقد تلون وجهها غضبا وبرزت العروق فى عنقها.....بتتحسبنى عليه يا بنت **** أما وريتك ايام اسود من شعر راسك ده مبقاش أنا دلال .
انهمرت الدموع من عين كرميلا قائلة برجاء.....أنتِ ليه بتكرهينى كده ؟
أنا عملت فيكِ إيه ؟
دلال والغيرة تأكل قلبها....مش عارفه يا بت عملتى إيه ؟
ولا بتستعبطى عليه ؟
كرميلا....مش عارفه والله حاجة ، أنتِ ضحكتى عليه ، لما طلعتينى من دار الايتام وقولتِ هتشغلينى وأشوف الدنيا .
أتاريكِ عايزة تشغلينى فى الحرام منك لله يا شيخة .
اشتد بكاء كرميلا بعد نطقها بهذه الكلمات ، عندما تذكرت ما حدث لها وأنهم استحلوا جسدها الطاهر عنوة عنها .
لتصفعها دلال بقسوة على وجهها حتى رؤى أثار يدها الأثمة على وجهها وذرفت شفتيها الدماء حتى كادت تسقط فى الأرض من عنف الصفعة ولكن اسندها شحاتة .
دلال .......أنا كنت غلطانة يا بت تصورى ،كنت عايزة اعيشك فى النعيم بدل الشقى والمرمطة اللى كنتِ عايشة فيهم فى الدار .
كرميلا.......الشقى والمرمطة ، افضل مليون مرة من العيشة الحرام اللى آخرها جهنم دى .
دلال بسخرية.... ياسلام يا اختى ،من امتى التقوى والايمان دى ؟؟
عليه أنا يا بت ؟
عامله نفسك شريفة اوى ، مهو باين ؟
امال مين اللى مقضياها معاه حب بقالك كام يوم ؟
ثم أمسكت ذراعها لتلفه بقوة حول ظهرها .
لتصرخ كرميلا ....هو مين ده ؟
أنا معرفش حد اقسم بالله ولا بحب حد ولا ليه علاقة بحد .
دلال.......بتفتكرى إنه بالدمعتين دول هصدقك ، أنتِ أصلا طلعتى مية من تحت تبن ، رغم انك لسه عيلة ، بس قوية .
إزاى يا بت قدرتى تغوى الباشا حتة وحدة ( ركان ) وخلتيه ياخدك البيت عنده ، وخليته ينسانى أنا حبه الأول والأخير دلال .
أندهشت كرميلا مما تفوهت به دلال ليعلو صوتها قائلة......أنتِ بتخرفى بتقولى إيه ؟
أنا مع علاقة مع الباشا ؟
مين قال الكلام الفارغ ده .
دلال.....ما أنتِ هتقولى إيه غير كده ، لازم تنكرى .
ده احنا جيبينك من بيته ؟
تقدرى تقوليلى خدك ليه ، إلا لو كان عايزك ؟
ليه مجبكيش ليه بعد مطلعتى من الحجز ؟
عملتى إيه ؟ قولتيله إيه ؟
كرميلا..........ولا حاجة والله ، كل الحكاية إنى صعبت عليه عشان سنى لسه صغير ، وقال انى زى مقولتى عيلة ومنفعهوش ، فخدنى لبيت ابوه وامه اخدم مع الست إكرام ، مش اكتر من كده .
عشان يحمينى من بهدلة الشارع .
ربنا يجازيه خير يارب .
أمسكت دلال بإحدى خصلات شعرها لتحلف به قائلة .......وشعرى ده _ أنتِ عايزة تكلى بعقلى حلاوة .
ومفيش حد بيعمل حاجة لله يا بت ، هو قدملك حاجة ، وأنتِ قدمتى قصادها حاجة ، وعشان كده شبعان ولاقيكِ قدامه ، فهيجيلى أنا ليه ؟
كرميلا بصوت منبوح من البكاء....والله أبدا ، حرام عليكِ كفايا ظلم .
دلال ....حرمت عليكِ عشتك يا بعيدة .
ثم أمرت شحاتة لياخذها ويربطها ويرميها فى حجرة داخلية لها باب سرى لا يعرفه أحد كأنه من الحائط
دلال...........خد البت دى واربطها وارميها فى الاوضة اللى ياها .
عقبال بس مظبط حالى وأروح أشوف شغلى فى الصالة ولما ارجع أكمل عليها السهرة .
فضحك شحاتة....أحلى سهرة ، عيونى يا ست الستات .
فنفذ شحاتة ما أمرته به دلال رغم توسلات وبكاء كرميلا له بأن يتركها ويرحمها .
"دموعَ المظلومين هي في أعينهم دموع،
ولكنها في يد الله صواعقُ يضربُ بها الظالم".
تمتمت كرميلا......يارب أنا غلبانة وأنت عالم بحالى .
إنجدنى يارب منهم وارحمنى برحمتك .
ثم شردت فى رياض وابتسمت ، فنبتة الحب بينهما كانت كفيلة بإبتسامة من القلب رغم كل ما تعانى به .
ثم تسائلت........يا ترى ركان باشا لما يعرف إنى اتخطفت هيدور عليه ولا هيقول كلبة وراحت خلاص ومش هيسئل فيه ؟
.................
وصل لرياض لمنزله وأخرج مفتاحه لفتح الباب .
فتفاجىء بـ إكرام ملقاة على الأرض مغشى عليها .
شعر رياض بالقلق وتلون وجهه فأسرع لها خائفا وانحنى بجذعه إليها مناديا ....دادة مالك فيه إيه ؟
ردى عليه ؟
رياض........ربنا يستر تكون ماتت ولكنه أمسك بمعصمها وشعر بالنبض فحمد الله قائلا....لسه فيها نفس ، امال ملها تكونش غيبوبة سكر ؟؟
طيب وفين كرميلا ، معقولة مش حاسه بيها كل ده ؟
وماما فين ؟
فولج للمطبخ سريعا ولكنه لم يجد لها أثر .
ثم ذهب لغرفة والدته فوجدها تغط فى نوم عميق ولاتشعر بشىء فتركها واسرع مرة أخرى لإكرام .
رياض بقلق.....يا ترى راحت فين كرميلا ؟
تكونش راحت تشترى حاجة من تحت ؟
أنا قلبى مش مطمن أبدا وحاسس إن فيه حاجة حصلت .
طيب والست دى اعمل فيها ايه ؟
اه أجيب شوية برفان ولا أرش وشها بشوية مية يمكن تفوق .
فوجد بجانبه على المنضدة كوب من الماء فقام برش بعضه على وجهها .
لتقوم فزعة قائلة.......ألحقونى هيموتونى .
ربت رياض عليها بحنو قائلا .....أهدى يا دادة , أنا رياض ، مالك حصل ايه ؟
لتنظر له إكرام بفزع ....سى رياض ، الحمد لله إنك جيت ، الحق يا ابنى البت كرميلا .
فانقبض قلب رياض فزعا قائلا....ملها كرميلا ؟
هى فين ؟
إكرام ...مش عارفه يا ابنى ،هما جم اتنين قالوا إنهم قرايبها .
وهى قالت معرفهمش وفجأة عينك ما تشوف الا النور رشوا عليها المخدر وشالوها وجيت أنا اصرخ لقيت برده رشوا عليه المخدر ورحت وقعت من طولى كده .
صدم رياض وتحشرجت الكلمات فى جوفه وخرجت متلعثمة....بتقولى إيه ؟
كرميلا اختطفت ، ليضع يديه على وجهه بألم وكان قلبه أن يتوقف ثم وقف مرة أخرى معتدلا ليصرخ ....يا ترى أنتِ فين كرميلا ؟؟
أنا قلبى حاسس وأنا بودعك الصبح ، كنت حاسس إنى عايز أخبيكِ فى عينيه .
ودلوقتى روحتى منى ومش عارف هلاقيكِ تانى ولا لأ ؟
كرميلا ، كرميلا
لتخرج والدته مستندة على عصاها قائلة بفزع .....مالك يا رياض ، صوتك عالى ليه ؟
فيه إيه حصل ؟
رياض بآسى ....كرميلا يا ماما اتخطفت وحضرتك نايمة مش حاسه .
سهام بلا مبالاة ....كرميلا البت الشغالة ، اتخطفت ليه ؟
وأنت مالك زعلان كده اوى ووشك مخطوف يا سيادة الملازم .
تلعثم رياض بحرج قائلا ... .مش وحدة مسئولة مننا واتخطفت من بيتنا .
ده معقول برده وحاجة هينة لما تتخطف شغالة من بيت اللواء مجدى الزيات ؟
راجعت سهام نفسها بعد ما اقتنعت بكلماته .
قائلة.....ايوه دى إهانة وسمعة وحشة لمكانتنا ، إنما هى فى حد ذاتها عادى غارت نجيب غيرها .
لكن بس عشان سمعتنا ، أتصل بأخوك بسرعة يتصرف .
ثم وجهت حديثها لـ إكرام ...وأنتِ كنتِ فين لما البت دى اتخطفت وإزاى ؟
إكرام........رشوا علينا المخدر يا ست هانم من على باب الشقة ومحسناش .
سهام...غريبة وليه اصلا يخطفوها ؟
لتكون البت دى وراها مصيبة ولا حاجة ، يبقى كده خلصنا منها ، أنا مش عارفة ركان جبهلنا من اى داهية ؟
نظر رياض لوالدته بعتاب لطريقة حديثها المتعالى على كرميلا ولا كأنها نفس إنسانية مثلنا .
ثم شرد فى كلامها حين قالت له أنه من برج عالى وهى تحت اوى ومينفعش يتقابلوا .
رياض.....مهى النفوس المتعالية دى هى اللى صعبت الارتباط بين الطبقات ونسوا أن الحب كفيل بإزالة الطبقات دى ، بس هما يبعدوا عن طريقنا .
أنتِ فين بس ، أنا حاسس إنى هموت من غيرك ،
افاق رياض من شروده على حديث والدته إلى أخته إلى ولجت إليهم فجأة وعلى وجهها الحزن وآثار للدموع .
سهام بقلق...مالك يا حبيبتى ؟ أنتِ كنتِ بتعيطى ولا إيه ؟
إرتبكت ريم قائلة بوهن......لا لا ده بس الجو برد اوى تحت خلى عينى تدمع .
سهام بعدم تصديق ......أنتِ متأكدة إنك كويسة ؟
ريم ...اه اه ، بعد اذنكم أنا جايه تعبانة وعايزة ادخل أنام شوية .
سهام........طيب استنى لما تتغدى ، حضرلها الغدا يا إكرام .
ريم بانفعال ....قولت تعبانة وهدخل هستريح ، مش عايزة اكل وياريت محدش يدخل يصحينى .
بعد اذنكم .
وضعت سهام يدها على قلبها بألم من إنفعال ابنتها الوحيدة عليها .
وعدم تقدير إنها والدتها ومن سوء الأدب أن يعلو صوتها عليها .
..............
ولجت ريم إلى غرفتها ، لتنفجر بعدها من البكاء على ما حال إليه أمرها ومما فعل بها حاتم تحت مسمى الحب الزائف .
ألقت ريم بنفسها على الفراش تلوم نفسها على ما فعلت فى حق نفسها وكيف استسلمت له بهذه السهولة ؟؟
ولكن هل ينفع الندم ؟ بعد فوات الاوان .
ريم ... هعمل ايه فى المصيبة دى دلوقتى وهتصرف إزاى ؟
أنا حتى مقدرش احكى لحد اللى حصل ولو بابى عرف هيقلب الدنيا .
أعمل ايه أعمل إيه ؟
ثم أخذت تضرب وجهها بكفيها قائلة ....أنا السبب ، أنا السبب ، وهو طلع واطى ..
مكنتش أتوقع منك ده يا حاتم ، منك لله .
...............
رن هاتف ركان وهو فى سيارته وبجانبه مكة .
فوجد المتصل رياض .
ركان........ده اخويا رياض ، شكله اكيد بيستعجلنى عشان اتأخرنا على ماما .
مكة بخجل......معلش ، طيب رد عليه .
فاستجاب ركان له ليصدم عندما سمع منه ما حدث .
ركان ...بتقول ايه ؟
لا مش معقول ،ليقف ركان بالسيارة فجأة من صدمته لما سمعه من اختطاف كرميلا .
ولكن أدى وقوف السيارة فجأة الى ارتطام رأس مكة
فى مقدمة السيارة .
ليصعق مرة أخرى ركان عند سماع صراخها ....ااااااااه ثم فجأة صمتت ؟؟؟؟
..........
يا ترى مكة حصلها ايه ؟؟؟
وركان هيقدر يرجع كرميلا ؟؟ وإزاى ؟
وريم هتعمل ايه فى المصيبة دى ؟؟
رواية انين مكة الفصل الثالث عشر 13
فزع ركان من صوت صراخ مكة عندما صُدمت رأسها فى مقدمة السيارة ثم صمتها بعد فقدانها للوعى .
لينظر بعدها ركان للسماء قائلا والدموع فى عينيه ....يارب .
أنا عارف إنى وحش اوى وعمرى ماقربت منك بس هى وكرميلا الخير الوحيد اللى فى حياتى هما الأمل ، فاحفظهم ونجيهم يارب .
ركان بقلب مرتجف ...اسف اسف يا مكة ، بس أرجوكِ ردى عليه ، وطمنينى إنك كويسة .
ولكنه لم يتلقى منها استجابة فارتعد وخشى أن تكون حدث لها شىء ، فاستجمع قواه بعض الشىء .
ثم حاول أن يرفع رأسها ويعود بها للوراء ببطىء ، ثم أنزل ظهر المقعد شيئا يسيرا لتستند برأسها إليه .
وأمسك معصمها ليطمئن على نبضاتها ، فحمد الله إنها بخير ولكن فقدت وعيها من أثر الأصطدام .
فأخرج عطره من تابلوه السياره ولكن قبل أن ينثره على أنفها لتفيق ، تأملها لبعض الوقت .
ركان...قد ايه ملامحها هادية وبسيطة ، أثرتنى من أول لحظة شوفتها ، ياااه لو يقدر لسانى يعترف ويقولها بحبك .
بس أعمل إيه الظروف أقوى منى ؟؟
ثم نظر إلى شفتيها تلك الكرزتين فلمعت عينيه برغبة فى التهامها وهى غائبة عن الوعى ، فأقترب منها والشوق يغمره ، ليطبع قبلة عليها فشعرت مكة بحرارة أنفاسه فاستفاقت قبل أن يقبلها ووجدت نفسها بدون شعور تصفعه على وجهه .
فانفعل ركان وتلون وجهه ، فخجلت مكة مما فعلته .
ركان بإنفعال .....أنتِ أتجننتى ،ايه اللى عملتيه ده ؟
مكة بأوصال مرتعدة ...أنت اللى كنت عايز تعمل ايه ؟
إرتبك ركان وقال بتلعثم .....كنت هعمل ايه يعنى ؟
كنت بفوق حضرتك بعد مأغمى عليكِ لما أتخبطتى فى التابلوه .
مكة....بس كده ؟
أنا كنت حاسه إنك يعنى حاولت ...؟
ركان....لا محولتش دى تهيؤات ، أنسى ، أنسى .
ومعلش أنا آسف إنى وقفت غصب عنى ، بعد ما اتصدمت لما وصلى خبر خطف كرميلا .
قطبت جبينها مكة قائلة...ومين كرميلا دى اللى زعلان كده عليها قوى ؟؟
حاول ركان كتم ضحكاته بعد أن شعرة بنبرة صوتها التى تحمل الغيرة ليتماسك قائلا...كرميلا دى بنت يتيمة صغيرة يدوبك كده 17سنة .
بتساعد الدادة اللى ربتنا فى البيت ،وانا المسئول عنها فلازم اتصرف واعرف اللى حصل وأشوف هقدر أرجعها إزاى ؟
مكة بهمس....يا حنين !
فضحك ركان قائلا....مجنونة ثم همس بس بحبك .
لينطلق ركان مرة أخرى بالسيارة متوجها إلى منزله حتى وصل.
ثم ولج للداخل ومن ورائه مكة والخجل يمتلكها ولا تكاد ترفع عينيها من الأرض .
واستقبلته إكرام بالترحيب قائلا...اهلا يا ابنى ، شوفت اللى حصل للبت كرميلا ؟
ركان بآسى ...رياض أتصل وقلى ، بس عايزك تحكيلى بالتفصيل اللى حصل يمكن اقدر اوصل لحاجة تعرفنى مين ورا الموضوع ده ؟؟
بس استنى ادخل الآنسة مكة لماما ، مكة الممرضة اللى هتابع ماما وهتقيم معانا .
خدى الشنطة بتاعتها بعد اذنك يا دادة دخليها فى أوضة الضيوف .
إكرام.....حاضر يا ابنى .
وعندما أمسكت إكرام بالشنطة وهمت بحملها ،اسرعت يد مكة لها قائلة بحرج....لا شكرا يا امى ، أنا هشلها .
ميصحش حضرتك فى سن والدتى وتشيلى شنطتى .
فوقع حب مكة فى قلب إكرام من أول لحظة ونظر لها ركان بإعجاب ،فما زال فى خلق تلك الفتاة المزيد ليهيم بها عشقا أكثر فأكثر .
إكرام........عادى يا بنتى سبيها ، أنا متعودة على كده .
مكة.......لا معلش ، دلينى بس الأوضة فين وأنا هحطها بعدين هدخل للهانم .
وبالفعل ولجت مكة لغرفتها ووضعت حقيبتها ثم توجهت مع ركان لغرفة والدته .
قبل ركان يد والدته واطمئن عليها ، ثم قدم لها مكة .
نظرت لها سهام من أعلاها لأسفلها ،متعجبة من ملابسها المحتشمة فهى لم تتعود من قبل على هذا الستر.
سهام بسخرية......مين الشوال اللى انت جايبه معاك ده يا ركان .
فخجلت مكة وافترشت بنظرها الأرض.
ركان بحرج........شوال إيه بس يا امى ، دى الآنسة مكة ، الممرضة اللى طلبتى منى اجبها وهى هتريحك اوى وهتقيم معانا هنا .
سهام.....بس شكلها يعنى كده ؟
ركان......المهم تريحك يا امى , مش مهم الشكل .
سهام...ماشى ، المهم تكون ايديها خفيفة ومش بتحب كتر الكلام زى اللى قبلها .
فانحنت مكة بجذعها وربتت على يديها بحنو قائلة.....متخفيش يا هانم ، وأنا هريحك بقدر الأمكان.
هو معاد الحقنة جه ولا لسه ؟
شعرت سهام بسخونة من لمسة يد مكة مع أن الجو قارص البرودة فتعجبت !
سهام......معادها فات من نص ساعة .
مكة .....معلش انا اسفة على التأخير.
ثوانى واكون محضراها لحضرتك .
كل هذا وركان يتابع حركتها ونظراتها وحديثها ويزداد إعجابا بها .
دلكت مكة ذراع سهام ثم أخذت تتلو بعض آيات القرآن وحقنتها ثم مسحت بالمطهر وتمتمت بالشفا يا هانم .
سهام بتعجب...شفا إيه ؟ هو أنتِ خلصتى ؟
مكة......اه خلاص .
سهام بذهول .....معقول أنا محستش بحاجة خالص .
وكنت سمعاكِ بتقولى حاجة ، هو أنتِ بتسحرى ولا إيه ؟
فضحكت مكة.....القران فعلا سحر القلوب .
نزل عشان يكون للقلب شفاء دواء.
سهام بتعجب....أنتِ كنتِ بتقولى قران ؟
مكة......اه كنت بقرء ايات الشفاء.
سهام.....هو فى القرآن ايات للشفا .
دى ايه ؟
مكة.....زى قوله تعالى
( قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ» الآية 14 من سورة التوبة.
• «وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ» الآية 80 من سورة الشعراء.
• « يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ » الآية 57 من سورة يونس.
• « ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ » الآية 69 من سورة النحل.
• « وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا » الآية 82 من سورة الإسراء.
• « وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ » الآية 44 من سورة فصلت.
سهام........ ماشاءالله ،صوتك كمان جميل .
ثم قامت بالنداء على ركان الذى شرد فى تلك الحورية الغناءة بالقران .
سهام........ركان ،ركان ، أنت يا ابنى رحت فين ؟
ركان.....نعم يا أمى .
سهام....عملت ايه فى المصيبة اللى جبتهلنا البيت دى ( كرميلا ) .
ركان .........ليه كده بس يا أمى ؟ دى بنت غلبانة اوى .
ومش هسكت وهقلب الدنيا عليها لغاية ما أجبها .
سهام .......ما أنت جبتها من الشارع وملهاش اصل ولا فصل ؟
ركان...دى يتيمة ودى حاجة متعبهاش لكن من جواها كويس اوى .
وبعد إذنك هروح اشوف الموضوع ده .
ثم نظر لمكة نظرة بعينيه الرمادتين فاحمرت وجنتيها خجلا وكأنه يقول له ....مع السلامة ،هتوحشينى، خلى بالك من نفسك .
سهام ....أستنى يا سيادة النقيب .
فتوقف ركان لسماع والدته ، لتلقى عليه وعليها الصاعقة التى ستجعل مكة تهتز .
ركان....نعم يا أمى ، فى حاجة تانية ؟
سهام.....ايوه ، متخليش موضوع البت الخادمة ده ينسيك موضوع خطوبتك الجمعة والترتيبات بتعتها .
سيادة اللواء أبوك ، حجزلك القاعة ، فعدى على خطيبتك شاهى وخليها تتفرج عليها وتعرف البروجرام بتاعها .
لم تتم كلماتها سهام حتى شعرت مكة ببرودة فى أطرافها وكأن الموت زحف إليها ، وأغرقت عينيها بالدموع ، فقد نزل خبر خطوبة ركان عليها كالصاعقة التى قد تؤدى بحياتها .
فتسائلت.....خطوبته معقولة ، يعنى الإحساس اللى أنا حساه معاه ، معقول يكون وهم ، الحب اللى بشوفه فى عينيه وأهتمامه بيه ، معقول يكون خداع. ،طيب ليه بيعمل كده ، ليه ليه ؟؟
لتسدد النظر له بعين دامعة بعتاب ، ليحتقن وجهه ويتحاشا النظر لها ، فقد كاد قلبه أن يتوقف هو الأخر ، فكيف يقول لها ، إنها هى الحب وإنها تستحوذ على كل عقله وتفكيره .
وإنها بين ليلة وضحاها أصبحت دنياه ، أصبحت النفس الذى يبقيه على قيد الحياة ، هى نبضة قلبه ، هى سر ارتباطه بالحياة ، هى الروح ( مكة ) .
ولكنه غُصب على هذه الزيجة وليس بيديه ، فلتصدقينى يا قلب ركان .
ولكن كيف له يبوح ولسانه مقيد ؟
شعرت مكة بالأختناق وكأنه كان الهواء لها وبدونه هى تحتضر .
وبصوت مكتوم ودموع تلألأ فى عينيها استأذنت للذهاب لغرفتها حتى لا يشعر بها أحد ، فهى تعودت منذ الصغر على كتم أحزانها .
سهام .....أتفضلى بس متنسيش بعد ساعة معاد قياس الضغط والعلاج .
مكة بصوت مكتوب ....متقلقيش يا هانم ، هكون موجودة بإذن الله .
فخرجت أمام ركان دون النظر إليه ، وود لو كانت نظرت له ، لتخبرها عينيه بالحقيقة وأنها هى التى فى عينيه .
سهام....مالك يا ابنى واقف متخشب كده ؟
يلا روح شوف هتعمل ايه فى موضوع البنت دى وبعدين كلم شاهى زى مقوتلك .
فاومأ له ركان برأسه ثم غادرها إلى غرفة اخيه رياض .
أما مكة فقد رقدت في فراشها لتبكي بكاءًا مليئًا بالشجن
تنظر هنا وهناك لعل البركان الذي يثور بقلبها يهدأ ولو لوهلة .
مع تسارع نبضات قلبها الذى يؤلمه أنه أحب ما ليس له .
فماذا عليها أن تفعل ؟
هل عليها تركه الأن لتهرب من هذا الحب المحكوم عليه بالفشل ؟
أم عليها أن تُقاوم نفسها لتواكب هذا العالم المليء بالمخاوف المأساوية ؟
فهل ستنجو هذه المرة من براثن حبه أم ستصبح مُقيدة بالفشل العارم !.....
.............
ولج ركان إلى غرفة أخيه ليتفاجىء به يبكى وهو المعروف عنه المرح دائما ولا تشغله هموم الدنيا قط .
فما الأمر الجلل الذى أصابه ليبكى هكذا ؟
حطم بكاؤه فؤاد ركان أكثر ، وأقترب منه ببطىء وربت على كتفيه بحنو متسائلا .
معقول يا رياض بتبكى ؟ أنا أول مرة أشوفك بتبكى كده !
ليه ؟
ليرفع رياض عينيه الحمراء من البكاء لتقابل عين أخيه التى تلمع أيضا بها البكاء ولكنه يقاوم بقدر الإستطاعة.
رياض ....ليه هو أنا مش إنسان وليه قلب ومن حقى أبكى زى اى حد .
جلس ركان بجانبه على الفراش وأطلق زفيرا حارا قائلا....اه طبعا انسان يا رياض .
بس فهمنى إيه السبب ؟
رياض ....يعنى أنا لما أقول السبب هيفرق ، لا مش هيفرق كتير .
هى قالتلى مش هينفع ،بس مكنتش عارف إنى كمان هتحرم منها بالشكل ده كمان وتبعد عنى .
ركان...أنت شكلك واقع فى الحب والبت مدوخاك صح .
بس مش لدرجة البكى ، أجمد كده يا سيادة الملازم .
نظر له رياض بعتاب قائلا بحدة....ايوه ما أنت قلبك جامد وعمره ماعرف حاجة اسمها حب ، فهتحس بيه إزاى ؟
كانت كلمات رياض له كالنخجر الذى أصاب قلبه فى مقتل ، لينفجر باكيا كالبركان الثائر .
ركان بإنفعال شديد .....إيه كلكلم شايفنى جبل ، إنسان ملهوش شعور ، معنديش قلب ، ليه كده ؟
بالعكس أنا اكتر واحد فيكم تعبان بس مليش حق أن أكلم أو اعبر عشان حاسس إنى غريب وسطكم .
فبكتم كل حاجة جوايا والكتم ده بيطلع على شكل القسوة اللى انتوا شايفينها منى .
تأثر رياض ببكاء وانفجار أخيه الذى ظنه كالجبل الشامخ الذى لا ينهار .
فأقترب منه وضمه لصدره بحنو ، ليشرعا الإثنان فى البكاء .
ثم ابتعد ركان عنه برفق وجفف دموعه قائلا....المهم دلوقتى نشوف موضوع كرميلا وبعدين نتكلم يا سى رياض فى الحب وأوجاعه .
ليتنهد رياض بغصة مريرة ناطقا اسم معشوقته ....كرميلا .
ليستوعب ركان فى الحال إنها هى الحب ، ليغمض عينيه ركان بألم .
ياااااه هو احنا الأتنين وقعنا فى حب ملوش نصيب ، إيه الوجع ده ؟
ركان......احكيلى طيب اللى حصل ، يمكن نقدر نتصرف وترجع فى أقرب وقت .
لتلمع عين رياض قائلا...يارب ، أنا خايف بس حد يأذيها .
ليبتسم ركان بألم هامسا...لدرجاتى بتحبها ؟
رياض بحرج ...أنااااااااااااااا ؟
ركان....متكملش يا رياض أنا فاهم خلاص .
ثم يرن هاتف ركان ويجد المتصل دلال ، فيزفر بضيق .
ركان بغضب....أنا مش قولتلك متتصليش بيه تانى ، أنتِ إيه مبتفهميش ؟
دلال....أعمل إيه وحشتنى .
ركان ...بقولك ايه انا مش فضيلك دلوقتى وعلى أخرى ، يعنى لو مقفلتيش دلوقتى وبطلتى تتصلى أنا هلبسك جريمة .
دلال........ما وحدة وحدة يا باشا ، ويا ترى إيه اللى مزعلك اوى كده ثم ضحكت ضحكة شيطانية .
ليغلق ركان الخط فى وجهها .
ركان ....إنسانة زبالة ومش عارف بتضحك ليه كده كمان بإستفزاز ؟
فجال فى فكره كرهها وغيرتها الشديدة لـ كرميلا وهى الوحيدة التى تعرفها ، فهى ليس لديها أحد ، لذا لن يكون غيرها التى قامت باختطفاها من أجل أن تنتقم منه لإبتعاده عنها .
جحظت عين ركان وتوعد بالكيل منها قائلا ....اه لو فعلا أنتِ اللى ورا الموضوع ده ، هتشوفى منى أسود أيام حياتك يا دلال .
بس مينفعش أوجهها دغرى كده هتنكر وهتاخد وقت عقبال ماتعترف.
ثم أبتسم بمكر وتابع ""
أخدها باللين أحسن ووأقضى معاها وقت ظريف ، هتسيح ولسانها هيقول لوحده .
حلو الكلام ؟؟
رياض مبتسما بألم.......هو ايه حلو الكلام ؟
ومين اللي كانت بتكلمك دى ؟
شكلها موزة وأنت تقلان عليها جامد .
ركان.......لا منا هخفف شوية عشان أنول المراد .
رياض ....أنا مش فاهم حاجة خالص.
ركان ...هتفهم بعدين .
ثم اخرج هاتفه واتصل بها وحاول السيطرة على انفعالاته .
دلال بإندهاش ...إيه ده بيتصل تانى ليه عشان يهزقنى ولا عايز ايه ؟
هرد وخلاص ، المهم اسمع صوته حتى لو متعصب وبيشتم ، أعمل إيه الحب وحش .
بس ركان يستاهل ، يختى جماله حلو ،يختى دلاله حلو .
دلال بصوت خافت ....يعنى بتتصل بعد ما قفلت السكة فى وشى .
ايه هتكمل وصلة الشتم ولا نسيت تقولى حاجة تكمل عليه بيها يا أبو قلب قاسى ؟
ركان مصطنع الود ....اه نسيت أقولك إنك كمان وحشتينى .
شعرت دلال بالدوار وأستندت على الحائط وتوقفت الكلمات فى حنجرتها لتحاول بعدها النطق بتعثر قائلة....حضرتك بتقول ايه يا باشا ؟
ركان بضحك....بقول وحشتينى بجد .
دلال.....حضرتك يعنى قاصد تكلمنى أنا دولى اللى كنت بتشتم فيه من شوية ولا يمكن قصدك حد تانى واتلغبطت .
ركان.....تؤتؤ تؤتؤ هو أنتِ دولى ،وحشتينى وعايز أجيلك شوية ، فاضية دلوقتى ولا أجيلك وقت تانى ؟
دلال...لا وقت تانى إيه ؟ هى ساعة الحظ بتتعوض .
تعال أباشا تنورنى ، أنا فى الكازينو .
لعب ركان على اوتار قلبها مردفا .........بقولك وحشتينى ،تقوليلى كازينو ودوشة ، طيب هقولك الكلمتين اللى شايلهم فى قلبى إزاى ؟
تخشبت دلال من كلماته التى لمست شغاف قلبها لتعلن على الفور.....بجد يا باشا .
ركان......بجد .
دلال ...خلاص ادينى نصاية هكون فى البيت وتشرفنى .
ركان....تمام كده ،بس متغبيش عليه .
دلال ....أنااااااا ، لا مقدرش يا باشا .
ده انت الحب كله .
.........
خالد فى مطار الأسكندرية ......ياه أخيرا بعد سنين التعب والغربة رجعنا بلدنا .
عامر ......فعلا مهما الواحد شرق أو غرب بيشتاق لبلده ،زى متكون هى الدم اللى بيسرى فى عروقنا .
بس دلوقتى هنروح على بيتنا فى بحرى بس أكيد محتاج توضيب وتنضيف وكده .
ولا الأفضل نروح اى اوتيل نستريح وننام فيه الليلة مؤقتا.
خالد.....والله انا مش هستريح ولا هيهدالى بال غير لما أعرف فين حكمت وبنتها ؟؟
عامر....إن شاءالله تلاقيهم يا بابا وقلبك يطمن .
خالد .. يارب .
ودلوقتى بس نروح نطمن على الشقة ونشوف حد ينضفها وبعدين نروح اى اوتيل نستريح .
عامر ....تمام .
يلا بينا .
وفى السيارة.....بابا أن شاءالله هندور على مكان كويس فى نص البلد كده ونأسس فيه شركة للأستيراد والتصدير وتشتغل فى كل حاجة .
ويكون هدفنا أننا نساعد بلدنا شوية وهتكون فرصة نشغل فيها شباب كفىء مستنين فرصتهم عشان يثبتوا نفسهم .
خالد. ..عندك حق يا ابنى ، إحنا إيه اللى طلعنا بره وخلانا اتغربنا مهو عشان ملقناش فرصة كويسة .
لكن احنا هنساعد بإذن الله الشباب ولو الشركة ربنا كرمنا فيها ونجحت .
ممكن كمان نعمل مصنع وده هتكون فرصة أكبر للعمالة المحتاجة.
عامر....ربنا يوفقنا لكل ما هو خير .
خالد ...يارب يا حبيبى .
بس تفتكر نخلى مقر الشركة فين ؟؟
عامر....أظن انسب مكان هو محطة الرمل ، مكان عملى والحركة فيه كبيرة .
خالد...تمام على بركة الله ، نستريح بس يومين ونبدء نشوف مكان .
عامر....أن شاءالله .
..............
شردت زهرة فى عباس وتذكرت ذكرياتهما معا .
حين رآها أول مرة أمام مدرستها الثانوية التجارية ، فأعجب به وترك صديقه الذى كان يجلس معه على القهوة من أجلها .
وتذكرت عندما أقترب منها قائلا بمداعبة...يا حلو صبح يا حلو طل .
منين القمر ؟
زهرة بغضب. ...ماتحترم نفسك يا اخينا ،وتشوف كنت بتعمل ايه وتسبنى فى حالى .
وإلا ولى خلق الخلق ، هصبحك أنا بقلم على وشك يعلم فى وشك الحلو ده ، ويعمل تن تن كمان .
فابتسم عباس وأجابها بصوت هادىء أثار غيظها ....
من حق الجميل يدلع ، وأخفش أنا من الخربشة يا قطة .
بقولك متيجى نعزموكى على إزازة ساقع يمكن تهديكِ شوية وبعدين نتمشى للمرسى ابن العباس .
زهرة بغضب .....حيلك حيلك أنت فكرنى وحدة من إياهم ولا إيه ؟
اوعى كده عدينى خلينى امشى يا حيلتها .
ثم تركته وأسرعت أمامه ليمشى هو ورائها ، فتلتفت فتجده ورائها فتبتسم وكأنه خطف قلبها من أول نظرة .
فظلت تمشى وهو من ورائها حتى وصلت إلى منزلها ، فولجت إليه .
وأسرعت إلى شرفتها لتجده يقف متلهفا لرؤيتها فابتسمت ثم ولجت مرة أخرى للداخل .
وعندما رآها عباس أردف .....يا عينى على الحلو ، اللى شكله مش هياخد غلوة منى .
هى الساعة كام دلوقتى ؟
عشان أستناها بكرة فى نفس المعاد .
ثم عاد إلى صديقه الذى تركه على القهوة .
سليم.......إيه يا عباس مش تبطل حركاتك دى .
كده تسبنى وتمشى ورا البت .
عباس.......معلش أنت عارف إنى بضعف قدام الصنف الحلو.
سليم......عادتك ولا هتشتريها ، والمرة دى هتعمل ايه ؟
هتجوزها بحق وحقيقى ولا هتخلى بيها زى اللى قبليها لما شالت منك .
فضحك عباس ضحكة شيطانية ......والله هى وحظها بقه .
......
ركان لـ رياض
اجمد كده وان شاء الله هرجعلك كرميلا الليلة .
رياض...بجد يا ركان ؟ توعدنى بده .
ركان ...اوعدك .
ثم تركه وغادر .
.........
ثم استقل ركان سيارته وتوجه حيث تقطن دلال
فماذا سيفعل معها ؟؟
وهل سيعلم مكان كرميلا ويحررها ؟؟
ام هناك شىء سيحدث ؟؟
كيف سيكون الحال بين مكة وركان بعد خطوبته على شاهى ؟
هل ستستطيع الاستمرار معه تحت سقف واحد وهو ليس لها ؟؟
ام سيأتى من يأخذها هى الأخرى لعالم لآخر ؟؟
هذا ما سنعرفه فى الحلقة القادمة بإذن الله
يتبع الفصل 14 و15 اضغط هنا