رواية انين مكة البارت الفصل الرابع والفصل الخامس بقلم أم فاطمة
رواية انين مكة الفصل الرابع 4
ركان بضيق صدر لـ كرميلا .. بطلى عياط ، صدعتينى .
وقوليلى ليه مش عايزه تروحى لدلال ، امال عايزه تروحى فين ، لحد من أهلك ؟
طيب قولى العنوان وأنا أوصلك ؟
كرميلا بصوت منبوح من البكاء....أنا مليش أهل .
أنا أتربيت فى ملجأ ايتام وشوفت فيه ايام صعبة اوى من ضرب وإهانة ونوم على لحم البطن واستحملت كتير وكنت بحلم باليوم اللى هطلع فيه من الدار سواء اتجوزت أو بعد مخلص الدبلوم هيشغلونى واعتمد على نفسى .
وفى يوم دلال جت الدار ، عشان تختار بنات معاها للشغل ومكناش عارفين هى بتشتغل فى إيه ؟
وعشان طبعا تعرف تخدنا ، دفعت فلوس كتير اوى معرفش عددها ، وكنت أنا وبنتين تانى اللى اختارتنا .
وكنا فرحانين فى الأول إننا اخيرا هنسيب الدار وهنطلع نشوف الدنيا ونخلص من ذل الدار .
لم تستكمل كرميلا كلماتها حتى انهارت مرة أخرى فى البكاء .
فتوقف ركان بسيارته على جانبى إحدى الطرق ، وحاول أن يربت على كتفيها بحنو كى تكف عن البكاء ولكن ما أن قام بلمسها حتى إنتفضت مذعورة .
كما إنها حاولت فتح باب السيارة لتسرع هاربة ولكن ركان بادر بإحكام قبضته على معصمها بقوة حتى إنها تألمت من قبضته عليها فصرخت قائلة....حرام عليك .
حرام عليكم كلكم اللى بتعملوه فينا ده .
مش كفاية اليتم والذل والقهر اللى شوفته جوه الدار .
كمان شوفت الغابة اللى الناس عايشه فيها بره الدار ، وأنت شكلك وحش من الوحوش زيهم بالظبط وعايز تنهش فى لحمى زيهم ، بس لا خلاص ، أنا عندى أموت نفسى أحسن من الضياع ده .
ركان وقد انفعل عليها ....أنت أتجننتى ؟
ليه شيفانى عيل صايع ، أنتِ مش عارفه أنا مين ؟
كرميلا ......مهما كنت ، فى الاخر راجل ، ومش بيهمك فى اى وحده مننا إلا حاجه وحده .
ركان بنفى .......أنتِ عبيطه أكيد ، أنتِ باللنسبالى طفله ويستحيل افكر فيكِ بأكتر من كده .
ممكن أكون اه بعملها بس مع سن أكبر ناضج ، لكن موصلتش لسه للمستوى الدنيىء ده .
واحكيلى إزاى وصلتك دلال للمستوى ده عشان حسابها معايا عسير ؟
هدئت كرميلا نوعا ما بعد أن رأت فى عينيه الصدق ثم أردفت ......أول ما وصلت يا باشا البيت عندها أنا والبنات ، لقيت راجل طويل عريض عندها .
قعد يبصلنا كلنا نظرات غريبة ، لدرجة إننا خوفنا ، وبعدين فجأة بصلى وقال دى مش بطالة وهتعجب الزبون ،هو عايز حاجة كده صغيرة وبكر .
وبعدين لقيته طلع فلوس كتير وعطاها لدلال .
وراح من غير تفاهم ولا كلام شدنى من ايدى بكل قوة وفضلت أصوت واعيط واتحايل عليه يسبنى لكن للأسف ضربنى على دماغى لغاية ما أغمى عليه .
ولما صحيت ويارتنى ما صحيت ، كنت موت أحسن عشان الموت أهون من اللى أنا شوفته .
لقيت نفسى فى شقة غريبة وجمبى راجل معرفهوش وكنت كده انا جمبه ***** .
فجالى حالة إنهيار وقعدت أبكى ومش مصدقة اللى حصل وحاسه زى مكون بحلم بكابوس .
وبعدين فجأة سمعت صوت خبط جامد على الباب وصوت عالى بيقول ،بوليس اداب .
فداريت نفسى بالملاية بسرعة ودخلوا بعدها علينا وقبضوا عليه .
لتبدء كرميلا وصلة أخرى من البكاء مسترسلة""' دار الايتام رغم الذل فيها والضرب كانت أحسن من اللى حصلى ده .
ركان محدث نفسه .... أنتِ طلعتى زبالة اوى بزيادة يا دلال .
ثم تنهد بحرارة متسائلا.....طيب والعمل دلوقتى ؟
أعمل إيه معاكِ ؟
فجال على خاطره أن يأخذها معه لمنزله لتعمل كخادمة مع مسئولة المنزل ومربيته إكرام
ركان.........بصى أنا مش هرجعك لدلال ، هاخدك البيت عندى .
فصرخت كرميلا ....لا حرام عليك ، عايز ايه منى ؟
زفر ركان بضيق قائلا ......أنتِ متخلفة ، فهمتى إيه ؟
مش اللى فى دماغك ، أنا هخدك تساعدى دادة إكرام .
هى ست كويسة اوى وهتحبيها وأنا مش لوحدى فى البيت عشان متقلقيش ، انا عايش مع والدى ووالدتى وأخواتى .
فنظرت له كرميلا بإمتنان ، وأرادت تقبيل يده قائلة ....ربنا يسترها معاك يا باشا دنيا وآخرة .
ده جميل مش هنسهولك العمر كله أبدا .
جذب ركان يده حتى لا تقبله قائلا....بطلى شغل الشحاتين ده ومن النهاردة هتعيشى عيشة كريمة وحاولى تنسى اللى فات كله .
كرميلا.....ياريت يا باشا
ثم توجه بها ركان لمنزله .
...................
ولجت مكة على نفور منها حيث زوج والدتها عباس والمعلم حنفى الجزار .
الذى عندما وقعت عينيه عليها أبتسم ابتسامة واسعة وأخذ يسدد لها النظرات من أعلاها لأسفلها ، فامتعضت مكة وأشاحت بوجهها عنه.
محدثة نفسها....هو بيبصلى ليه كده ؟
فكرنى جاموسة بيشتريها فبيعينها كويس ، خالية من العيوب .
المعلم حنفى مبتسما بسعادة ......صلاة النبى أحسن ، إزيك يا عروسة يا منورة ؟
مكة على مضض ......بخير .
فقام عباس بالنداء على والدتها.....ماتنجزى يا ولية ، هاتى يلا الشربات عشان هنقرء الفاتحة .
فأتت حكمت تحمل صينية أكواب من الشربات ، فقام المعلم حنفى بإخراج خاتم من الذهب ومبلغ من المال ووضعه فى الصينية .
ثم أمر عباس حكمت بإطلاق الزغاريد ، فأخرجتها من فمها محبوسة كأنها بكاء .
فسم حمادة الزغاريد من غرفته فأجهش بالبكاء على حب عمره ( مكة ) الذى ضاعت من بين يديه .
كما سمعتها زوجته الثانية ( تهانى ) فتوعدت بالإنتقام منها قريبا .
وتمت قراءة الفاتحة وتحديد موعد للخطبة فى اليوم التالى مباشرة فى الحارة .
حيث سيقوم بإعداد مسرح محاط بشادر كبير وسيقوم بإستضافة ملك المهرجانات الأستاذ حمو بيكا وحسن شاكوش .
فقام عباس بالتصفير والتصفيق وبسعادة . ثم أردف ....الله عليك يا معلم ، أنا مش مصدق نفسى ، معقول هشوف الناس الهلمة دول وأسلم عليهم .
واسمع أغانيهم .
مكة بغضب وإستنكار........استغفر الله العظيم ، دول ناس بيئة وأغانيهم كلها غضب من الله وأنا مش عايزة أبدء حياتى بغضب ربنا .
عباس وقد لوى شفتيه وقال بإستنكار.....دول بيئه يا بت الذوات ، والله عال ، وأنتِ هتحكمى على المعلم حنفى بذات قدره يجيب مين ولا مين ؟
أنتِ تسكتى خالص ، ولو مش عايزة تسمعى ابقى سدى ودنك بقطنة وهاتيها معاكِ من المستشفى .
المعلم حنفى........براحه عليها يا عباس مش كده .
ثم نظر لـ مكة متفحصا ومبتسما قائلا...معلش عديها الليلة دى عشان أهل الحتة يفرحوا معانا يا جميل وبعدين نبقى نسمع اللى يريحك يا قطة .
مكة فى نفسها ....سمعت الرعد فى ودانك يا شيخ .
ثم غمز عباس إلى حكمت هامسا لها ....تعالى بينا يا وليّه نحضر العشا ، جوعنا المعلم معانا ، ميصحش كده .
فقامت حكمت وأتبعها عباس للمطبخ ليتيح للمعلم فرصة للحديث مع مكة على إنفراد.
وحين مغادرتهم قام المعلم حنفى على الفور ليجلس بجانبها ، فنهرته مكة بقولها......إيه حيلك حيلك ، خليك مكانك يا معلم .
هو حد قلك سمعى تقيل لا مؤاخذه ، خليك مكانك وأنا هسمعك كويس .
تغير لون وجه المعلم حنفى وحاول السيطرة على غضبه ، فابتسم بتصنع قائلا....ليه كده يا ست البنات ؟
ده حتى المثل بيقول ،قرب حبه تزيد محبه .
مكة .
مكة بضحك.......والله أنت عكست المثل أصلا .
أبعد مش قرب يا معلم .
حنفى .........أبعد ولا قرب ؟
مدوخنيش معاكِ يا ست البنات ، إحنا لسه بنقول يا هادى ، وخليكِ كده حلوة معايا .
هديكِ عينيه الأتنين .
مكة بإستنكار ...حلوة إزاى يعنى يا معلم ؟
أظن أنت عارف أخلاقى كويس اوى ، وعارف إنى مليش فى شغل الدلع وإنى بخاف ربنا ومينفعش نقرب من بعض بدال لسه على البر ومفيش بينا عقد .
ارتسمت البلاهة على حنفى وفتح فاه مردفا.........يا سله سوخه يا ولاد عقد إيه ده اللى هكتبه ؟؟
عشان نعرف نقول كلمتين حلوين من بتوع الحبيبه ، يطروا على نفسنا .
على العموم قومى هتيلى ورقة ونتعاقد زى ما أنتِ عايزة يا ست البنات ، المهم تبلى ريقى بكلمتين ، يفرحوا قلبى الحزين .
ولا استنى أقولك كلمتين قبل ما أنساهم """
يا متلحق جوه قلبى وأنا قلبى مش متين
من كتر حبك جالى سكر وباخد أنسولين
فضحكت مكة ثم تابعت بسخرية
....يا معلم ورقة إيه بس ؟
أنا بقصد بالعقد يعنى كتب الكتاب ، حلال ربنا .
ضرب حنفى إحدى كفيه بالأخر قائلا...مش تقولى من الأول كده .
نكتب يا ستى الكتاب ونعلى الجواب ونكيد الأعادى
إجلال وتهانى .
فنظرت له مكة بعتاب مرددة....أعداء !
امال ليه اجوزتهم وليه عايز تجوز تالت ؟
زفر حنفى بضيق قائلا......اسمعينى كويس يا ست البنات ، لو عايزة تعيشى معايا ملكة وأجبلك كل اللى نفسك فيه ومش هقصر معاكِ فى ايوتها شىء .
بطلى الأسئلة حبهاش أنا .
وخليكِ فى نفسك بس وفكرى إزاى تدلعينى وبس ؟؟
وتعيدى ليه الشباب من جديد وملكيش دعوة بتاتا بجوز النسانيس اللى أنا مجوزهم دول .
أنا بس سيبهم على ذمتى عشان خاطر ربنا والعيال .
لوت مكة شفتيها يمينا ويسارا قائلة........ويعنى الأتنين اللى مجوزهم دول مش عارفين يدلعوك ؟
ده برده كلام يا معلم ؟
فقام حنفى من مقعده وأقترب من مكة حتى شعرت بأنفاسه الحارقة فى وجهها فاضطربت وتراجعت للوراء.
لتجده يضحك على خجلها قائلا ......كنت عايز أعلمك شوية دلع بس معلش ملحوقة .
وهو كده فى البداية صعب ، لكن يا قمر لما نقرب من بعض ، هتاخدى عليه .
أما بخصوص جوز الحمير اللى مجوزهم فأكيد بيدلعونى لكن أنا المرة دى عايز أغير الصنف ومتأكد إنك هتنغننشى فى دماغى لغاية مدمنك يا ست البنات .
ثم ولج إليهم مرة أخرى عباس وحكمت التى وضعت أمامهم مائدة الطعام ، ليمد يده عباس غير مبالى بأحد بنهم الطعام على عجل حتى أقترب من إنهائه فأسرعت والدتها ( قلب الأم ) لتأخذ منه قطعة من اللحم من أجل ابنتها .
حنفى لـ عباس بغضب ........إيه يا جدع ، مابراحه شوية ، بتاكل فى اخر زادك ولا إيه ؟؟
ما تسيب شوية للبت وأمها مش كده ؟؟
عباس...ما الأكل قدمهم أهو ، حد قلهم متكلوش ؟
ثم غمز حنفى لمكة قائلا...معلش يا ست البنات ، بكرة هغرقك فى اللحمة بعيد عن النطع جوز أمك ده .
ثم وقف معتدلا قائلا....يلا فوتكم بعافية .
واشوفكم على خير بكرة إن شاءالله فى الليلة .
دى هتكون أحلى ليلة وهنولعها بإذن الله ، وهغنيلك يا ست البنات ( بنت الجيران ) لايقه علينا صح ؟
مكة بسخرية .....لايقة عليك يا معلم .
حنفى ....طيب من النجمة تاخدى الست الوالدة وتشترى كل اللى نفسك فيه وابعتى الفاتورة على المحل ، وبعدين تروحى لمزين الحريم اللى على القمة ، تظبطى حالك ومحتالك .
عايزك قمر 14 تمام يا ست البنات ، أما شبكتك فدى هتكون مفاجأة ان شاء الله .
عباس.......تعيش يا معلم ويزيد فضلك .
حنفى....يلا فوتكم بعافية .
غادر حنفى وأسرعت مكة إلى غرفتها باكية ، فنهر عباس زوجته قائلا ....والله بنتك دى وشها يجيب الفقر ، وأصلا خسارة فيها المعلم حنفى ، أنا مش عارف أصلا عجباها ليه ؟؟
دون عن بنات كتير أحلى منها وليهم جسم كده مش زى المقشفة بنتك دى ولا طول ولا عرض .
نهرته حكمت قائلة ......السم فى لسانك يا بعيد .
أنا بنتى ألف يتمناها ، كفاية أدبها وأخلاقها مش مسألة حلاوة بس ، مالحلوين كتير ، بس قليل اللى زى بنتى .
عباس بسخرية.........ايوه أطلعى بيها السما وخشلها يختى تهدى كده وتحمد ربنا على رزقها اللى أى بنت تتمناه .
حكمت...ربنا يصبرها ، ويهديك علينا يا عباس .
....................
ريم اخت ركان فى اتصال مع زميلة لها فى كلية الفنون.
ريم.......الوووو إزيك يا مصيبة يا هيام .
هيام بضحك.......أنا اللى مصيبة برده ولا أنتِ يا مدوبة رجالة الكلية كلها بجمالك يا برنسيسة .
ريم بتكبر .......مش اوى كده يعنى ، هو اه اى حد فيهم يتمنى نظرة منى ، بس أنا ليه مزاج فى واحد بس ، مش عارفة هو عامل نفسه تقيل ومش واخد باله منى ولا واخد ومطنش ؟؟
هيام.......معقول فيه حد يطنش ست الحسن والجمال ريم ؟
يا ترى مين سعيد الحظ اللى بصتله الأميرة ريم الزيات ؟
ريم......حاتم المرشدى .
هيام بتصفير........وه وه عليكِ يا بنت الزيات ، ابن المرشدى مرة واحدة ، ده ابوه سفير مصر فى فرنسا .
ريم........وأنا مش شوية فى البلد ، بنت اللواء مجدى الزيات بجلالة قدره .
هيام........مقولناش حاجة ،انتِ تستهلى باشا مصر كلها .
بس يعنى حاتم ده صراحة ، دمه تقيل وشايف نفسه حبتين .
متخليكِ فى ابن العوام كريم ، الواد هيجن عليكِ وهو برده مش قليل فى البلد ، ابوه دكتور حسين العوام عميد كلية الآداب .
ريم......لا
وايه يعنى عميد أخره موظف برده ، أنا عايزه حاتم وعايزه أشوف معاه الدنيا وأسافر لكل بلد وأسيب الحياة الروتينية والنظام بتاع هنا واخد حريتى .
هيام .......قوليلى كده بقه يعنى مش مسألة حب ،
عايزة بس تنطلقى وتسافرى ، ماشى يا اختى وماله مش عيب .
ريم.......لا حب إيه ؟
الحب ضعف وأنا مش بحب اكون ضعيفة أبدا .
بس قوليلى ، ألفت نظره إزاى وأخليه يتعلق بيه زى باقى الزملاء الأعزاء .
هيام........مش عارفه بس ممكن تعملى زى سكيننة فى المسرحية ، تغريه .
ريم .....مع إنى مش بحب الأسلوب ده وكمان جمالى مفروض يكفى ، بس هحاول يمكن يتحنح شوية.
هيام.....قشطة عليكِ يا بنت الزيات.
.............
ولج ركان إلى منزله بصحبة كرميلا فقام بالنداء على دادة إكرام .
فجاءت إكرام على الفور عند سماع صوته كما أتت والدته لتعاتبه على تركه لعروسه والذهاب للعمل .
فتفاجئت بتلك الفتاة الصغيرة ( كرميلا ).
سهام بتجهم.....ودى مين إن شاءالله يا سيادة النقيب ؟
هو ده الشغل اللى سبت عروستك عشان خاطره وخليت رقبتنا زى السمسمة .
توتر ركان ووجه حديثه لدادة أكرام....لو سمحتى يا دادة .
خدى كرميلا المطبخ ، وهى من النهاردة هتساعد فى شغل البيت وخلى بالك منها ورقبيها كويس .
ولو عملت حاجة كده ولا كده ، بلغينى وأنا هشوف شغلى معاها ، فاهمه يا كرميلا ؟
كرمله وقد افترشت بنظرها الأرض بخجل...فاهمه يا باشا وان شاء الله أكون عند حسن ظنك أنت والهانم .
ركان....خديها يا دادة وأخر الليل تخديها أوضتك تنام معاكِ .
إكرام.....أمرك يا ابنى ، حاضر .
تعالى معايا يا بنتى .
فولجت معها كرميلا للمطبخ.
.......
سهام....وبعدين يا ركان معاك ، مش تفهمنى إيه الموضوع ؟
ولا هو اى حد يدخل البيت كده ؟ وخصوصا البنت دى شكلها ميطمنش.
أنت جيبها منين ؟
فأمسك ركان يد والدته سهام برفق وأخذها معه حيث غرفته واجلسها بجانبه وقبل يدها بحنو قائلا.....متخافيش يا ست الكل.
دى بنت غلبانة خالص ، وكويسة متقلقيش منها وعشان خاطرى عمليها كويس .
فوقفت سهام قائلة بحدة ....أعملها كويس !
هو فيه إيه بينك وبين البنت دى ؟
ركان بغضب....هيكون فيه إيه يعنى يا أمى ، دى عيلة صغيرة وكنت فى مهمة شغل كده .
وناس وصونى عليها احميها من الشارع ،فجبتها ، مفيش حاجة غير كده .
سهام........طيب وعروستك يا ركان ،ينفع نسبهم كده ؟
ركان.....يا امى والله كان شغل وغصب عنى ، وصراحة يعنى دى عروسة مولد ، متنفعش أبدا تكون زوجة ليه .
فأرجوكِ يا أمى ،فضيها سيرة وانسى الموضوع ده .
أنا مش عايز أجوز أصلا .
سهام وقد تغير لون وجهها من الغضب ..أنت أتجننت يا ولد ،،؟
هو لعب عيال ولا إيه ؟
ده كلام رجالة واتفاقات والجوازة دى لازم تتم ولا عايز تصغر أبوك .
زفر ركان بضيق قائلا ..........يا امى حرام والله لما اكون انا ركان الزيات .
و تعملوا كده فيه زى مكون عروسة بتحركوها بإيديكم ، لكن أنا مش هسمح بده أبدا ومش هجوزها.
غلت الدماء فى عروق سهام من رفض ابنها وخشيت من رد فعل والده فشعرت بغصة فى قلبها وأصابها الإعياء وهمت أن تصيح فى وجهه ولكن إحتبس صوتها ودارت الدنيا أمامها حتى سقطت فجأة أمامه ، فانقبض قلب ركان واسرع إليها صارخا........امى ، امى ، امى .
فأسرع كل من فى البيت لها وتعال بكاء ريم وسدد والده نظرات الغضب لـ ركان حتى أشاح بوجهه لشعوره بالذنب نحوها .
مجدى بتوعد .......لو حصلها حاجة يا ركان بسببك ، إنسى إنك إبنى ولا هعرفك ، أنت فاهم ؟
ثم أسرع رياض الإتصال بالإسعاف سريعا ، لتأتى بعد لحظات لحملها إلى المشفى .
وهم من ورائها بالسيارة وعند وصولها أسرع إليها الأطباء وادخلوها غرفة العناية لإنعاشها وتم تشخيص حالتها بأزمة قلبية حادة.
وبالفعل بعد لحظات عادت بفضل الله لها الحياة ولكن مازالت حالتها حرجة ثم وضعت تحت العناية لفترة من الوقت .
كان الجميع ينتظر أمام العناية الزيارة لوالدتهم الإطمئنان عليها .
شعر ركان بالحرج من نظرات اللوم والعتاب التى ينظر بها والده إليه ، لذا تحاشى النظر إليه .
والغريب إنه منذ الصغر يرى نظرات والده له قوية ليس بها حنو مثل نظراته لأخوته ( رياض ، ريم ) .
وعندما كان يشكو لوالدته تتلعثم قائلة....عشان أنت الكبير وعايزك تطلع راجل مش ضعيف .
سمح لهم الطبيب بزيارة والدتهم ولكن لبضع لحظات لا غير.
وعندما هم ركان بالولوج لها مع إخوته ، نهره والده قائلا.........أنت متدخلش ، كفاية اللى حصلها من تحت راسك ، وكفاية إنها جت على قد كده ومش بعيد لما اشوفك تانى حالتها تنتكس زيادة .
طأطا ركان رأسه حزنا وقهرا من كلمات والده المؤلمة ثم تراجع ليسمح لهم بالولوج إليها وود ليسرع بالمغادرة ولكنه فضل الإنتظار ليطمئن عليها من إخوته .
ولكن تفاجىء مجدى بسؤال سهام زوجته عليه ، عندما لم تجده معهم ، ولم لا فقلب الأم لا يعلم القسوة مطلقا .
صمت مجدى بحرج ولكن رياض تابع بقوله ""
ركان واقف بره محرج بس شوية .
سهام بصوت منخفض ....خليه يدخل ، عايزة أشوفه .
فخرج له رياض مناديا.....ركان _ تعال ماما عايزة تشوفك .
فابتسم ركان وأسرع إليها وانحنى بجذعه إليها مقبلا يدها هامسا بغصة مريرة.....سامحينى يا أمى ، وأنا خلاص موافق أجوز شاهيناز بس قوملنا بالسلامة .
فابتسمت سهام بوهن شديد هامسة.....أنا قولت برده إنك مش هتخيب ظنى فيك ، ربنا يسعدك يا ابنى .
مجدى........يارب بس يكون قد كلمته وميعرضناش للحرج تانى .
ركان ....متقلقش ، أنا بدال قولت كلمة بتكون زى السيف على رقبتى .
.......................
وفى اليوم التالى أصطحبت حكمت ابنتها لشراء فستان الخطوبة على مضض منها لرؤية الحزن فى عينيها ولكن ليس باليد حيلة .
ثم توجهت بها لمركز التجميل البسيط المتواجد فى الحارة .
بينما كان المعلم حنفى يشرف على إعداد المسرح فى الحارة من أجل الخطوبة .
وكانت تتابعه من الشرفة زوجته إجلال بنظرات الحقد والقهر ثم أسرعت لتهاتف زوجته الأخرى ( تهانى ) قائلة.
المعلم خطوبته على السنيورة النهاردة ، وبيعملها مسرح كمان فى الحارة وجبلها شبكة يجى بتلاتين الف .
تهانى بغضب...تلاتين الف كوبة على دماغها ، ومسرح كمان ، أن شاءالله هنهده على دماغها ، هى والعقربة أمها ، ونفضها ، وبعون الله ، هكون مقسمة الشبكة عليه انا وأنتِ النهاردة .
إجلال وهى تكز على أسنانها بغيظ .......هنخلى ليلتهم طين ، عشان ميجروئش يفكر يعملها تانى .
ولا وحدة مسهوكة تقدر تقرب منه تانى بعد اللى هنعمله فى السنيورة وامها .
........
نظر حمادة المنسى للمسرح المعد لخطوبة حبيبته مكة بعين الغل والحقد ، متوعدا هو الأخر أن ينقضه بيديه ثم خطفها من بين يديه .
فماذا يا ترى سيحدث فى تلك الليلة ؟؟
وكيف سيقابل ركان مكة مرة أخرى ؟؟
وهل سيخضع حاتم المرشدى لريم ؟؟؟
رواية انين مكة الفصل الخامس 5
تجمع أهل الحارة لحضور حفل خطوبة المعلم حنفى على مكة والجميع على شوق وفرحة غامرة لإنتظار ملوك المهرجنات الشعبية ( حمو بيكا ، حسن شاكوش ).
عباس بإبتسامة عريضة ........الليلة هتولع النهاردة يا معلم .
أهل الحارة مش مصدقين إن بيكا وشاكوش جايين حتى بص على وشوشهم مبحلقين إزاى لبعض وبيتهامسوا ( معقول دول هيجوا حارة صغيرة كده ).
أمسك حنفى بشاربه بفخر قائلا..
....بفلوسى أجيب كل اللى يعجبنى وأنا لسه مكلمهم حالا وهما فى الطريق .
وعقبال ما اروح أجيب ست البنات من الكوافير يكونوا وصلوا بالسلامة .
ترجل سريعا المعلم حنفى لمركز التجميل وهنئه فى الطريق كل من قابله .
ثم وقف المعلم حنفى ينتظر أمام مركز التجميل بفارغ الصبر خروج عروسه مكة الذى تأخرت عن موعدها كثيرا.
معلم حنفى بصوت جهورى من الخارج .........يا ست فيفى ، إيه كل ده مخلصتيش عروستى ؟؟
فيفى بإرتباك....شوفتى يا ست مكة ، أهو المعلم جه بره ومستعجل وحضرتك كل شوية بعياطك ده تبوظى المكياج وارجع اظبطه تانى .
إمسكى نفسك الله يخليكِ ، وخلى الليلة تعدى ، المعلم شرانى وأنا مش قده .
ربتت حكمت على كتف مكة بحنو قائلة....يا بنتى ، متشمتيش فيك الناس واعدلى نفسك كده وفكيها ويعالم الخير فين ؟
مكة بغصة مريرة.....حاضر يا أمى.
فقامت فيفى سريعا بإنهائها سريعا مرة أخرى ، لتطلق بعدها الزغاريد وتفتح الستار .
فابتسم المعلم حنفى وولج للداخل لينظر لـ مكة بحب ظاهر فى عينيه قائلا....إيه الجمال ده كله يا ست البنات ، ده كده صح الأغنية اللى بيقولوها.......والله يا واد وعرفت تنقى .
يلا بينا على ست البنات وحاول الإمساك بيديها ولكنها سحبتها على الفور .
فنظر لها بغضب قائلا....خلى الليلة تعدى .
الزفة فى إنتظارنا هنطلع يعنى زى الأغراب كده .
على الاقل إمسكى فيه أنجشيه .
فأمسكت بنفور مكة طرف بذلته .
وخرجوا معا ..ليزفهم شباب الحارة حتى مقعدهم على المسرح المعد لهم فى وسط الحارة .
وما هى إلا لحظات حتى حضر المطرب حمو بيكا وحسن شاكوش ، لتعلو صيحات الشباب بالترحيب وتطلق النساء الزغاريد ، ويقوم الاطفال بالتصفيق .
ليبدؤا فى إنشاد اغانيهم التى تعتمد على الموسيقا الصاخبة أكثر ما هو صوت مع كلمات بذيئة ضرت بعقول الشباب ومنها ..
اغنية بنت الجيران .
سكر محلي محطوط على كريمة، كعبك محني والعود عليه القيمة
وتجيني تلاقيني لسه بخيري، مش هتبقي لغيري
أيوه أنا غيري مفيش
بنت الجيران شاغلة لي أنا عينيّ، وأنا في المكان في خلق حواليّ
مش عايز حد ياخد باله من اللي أنا فيه
وأيضا ""
بعشق ضَحِكُه عنيكي بِمَوْت عليكي انتي الْهَوَا
عائِز أَضْحَك يَا قَلْبِي خليكي جَنْبِي ونموت سُوء
عشقك دَه عَشِق طَاغِي قَالِب دِماغِي وَجُودك دُوا
عشقك دَه عَشِق طَاغِي قَالِب دِماغِي وَجُودك دُوا
اخذ الشباب بيد المعلم حنفى ليرقص على تلك الأغانى الصاخبة ، بينما رفضت مكة القيام للرقص مثله .
وبينما الكل فى حالة فرحة ورقص تفاجئوا بتكسير فى درجات المسرح من قبل حمادة النمس بجانب ولوج زوجتيه إجلال وتهانى على المسرح ، بملابس سوداء قاتمة كأنهم فى عزاء بجانب قيامهم بالصراخ والعويل ، وأمسكت كلا منهما بعصا غليظة فى يدها .
وعندما وجد المطرب حمو وشاكوش أن الفرح سيحول لمأتم لاذوا بالفرار .
صاحت كل من إجلال وتهانى فى وجه مكة قائلين .....إن شاءالله هتكملى الليلة فى المستشفى يا عروسة .
فصرخت مكة ""
فأسرع لها حنفى ليحاول التصدى لهم بعد أن صرخ غاضبا فيهم بقوله .......ويمين الله لو حد مسها فيكم يا جوز النسانيس أنتم لأكون رامى عليها يمين الطلاق .
ولكنه تفاجىء بعد إنهاء كلماته بضربة على مؤخرة رأسه أدت لسقوطه غارقا فى دمائه .
وكانت الضربة من قبل حماده الذى أبتسم قائلا....كنت فاكر هتقدر تخدها منى يا معلم ، أدينى أخدت حقى منك وهخدها غصب عنك .
ولكنه فجأة صرخ عندما رأى زوجتى المعلم حنفى يرفعون العصا التى فى أيديهم على مكة غاضبين .
فصرخ حمادة قائلا .....والله ما هسيبكم لو مستوها بأذى يا ولية أنتِ وهى .
ولكنهم لم يستجيبوا لصراخه وقرروا أن يفتكوا بها .
فضربوها ضربا مبرحا بالعصا فاستغاثت مكة بوالدتها التى أسرعت إليها على الفور ولكن للأسف باغتوها هى الأخرى بالضرب على رأسها بالعصا بقوة شديدة
حتى خارت قواها .
فسقطت رغما عنها أسفل المسرح لتلقى حتفها على الفور .
لتصرخ مكة صرخة مدوية هزت الحارة....أمى أمى.
فصفعتها تهانى على وجهها قائلة ....فى داهية أنتِ وأمك يا خطافة الرجالة ثم باغتتها أيضا بعضة فى ذراعها لتصرخ مكة من الألم .
وكادت أيضا أن تنهى حياتها بضربها على رأسها بالعصا كما فعلت مع والدتها .
ولكن حمادة النمس أنقذها فى آخر لحظة حيث أمسك بالعصا من يدها ثم قام بدفع تهانى أرضا فسقطت مغشيا عليها .
.............
اتصل سريعا بعض من أهل الحارة بالشرطة لفض هذا الصراع قبل أن يتحول إلى مقتل الكثير .
فانطلقت سيارة الشرطة فى طريقها للحارة وكان قد تم إستدعاء النقيب ركان للمشاركة فى فض هذا النزاع والقبض عن المسئولين فيه .
فاستجاب على الفور ركان وانطلق بسيارته نحو المكان .
أقترب حمادة من مكة والحزن فى عينيه على وجهها الملطخ بالدماء والسواد من أثر الضرب بجانب صراخها الذى لا يتوقف على والدتها.
حاول حماده مسح وجهها بيديه ولكنها صرخت به قائلة ......أبعد عنى .
حماده بعتاب ......أبعد إيه بس بعد كل ده ؟
إظاهر مفيش فايدة فيكِ وهتيجى بالغصب بدال مش نافع معاكِ حنية وكلام حلو .
فقام على الفور بحملها وحاولت مكة الفرار منه وركله بأقدامها ولكنها لم تستطع لضعف بنيانها وقوة بنيانه .
ثم قام حماده بالركض بها والتصدى لكل من حاول الأقتراب منه .
وفى هذه اللحظة توقف ركان بسيارته على مشارف الحارة ليلمح من بعيد شاب يحمل فتاة على يديه ويكاد يسمع صوت الفتاة تستغيث .
ليترجل ركان سريعا من سيارته ملاحقا هذا الشاب الذى يركض بتلك الفتاة .
ركان بصوت عالى ليوقفه وهو يلهث ورائه ........بوليس ، أقف عندك وألا هصيبك بسلاحى .
إضطرب حماده قائلا .....وده طلعلنا منين ؟
يعنى ايه كل اللى عملته ده على الفاضى ، ده حتى ملحقتش اتهنى بيها .
أكمل جرى بس هيلحقنى عشان أنا شيلها وتقيلة ، طب العمل ؟؟
أحسن حاجة انزلها وأسبهاله يتلهى وأنا فوريره أهرب ،.
هى شكلها وشها نحس على كله باين .
وبالفعل أنزلها حماده على الأرض وكانت مكة شبه فاقدة الوعى جراء صدمتها فى موت والدتها وايضا ما تعرضت له من عنف وضرب من زوجتى المعلم حنفى .
تفاجىء ركان بالهارب يضع الفتاة على الأرض فأسرع إليها ليطمئن على حالها .
و لاذ حماده بالفرار سريعا بعد إنشغال ركان بـ مكة وهذا ما قصده بتركها .
إنفعل ركان بعد فرار حماده وقبض على يديه بغضب قائلا.....بتفتكر كده إنى مش هعرف اجيبك يعنى ؟
لا هجيبك ولو كنت تحت سابع ارض .
ومع كل خطوة يقترب بها ركان من مكة الملقاة فى الأرض شعر ركان بتسارع نبضات قلبه .
فتسائل لما ؟
من تكون هذه حتى ينبض قلبى لها بهذا الشكل ؟
وما أن أقترب منها محاولا تحديد ملامحها التى تأثرت بفعل الضرب .
ففطن على التو إنها هى فتاة الرصيف التى رآها البارحة وعصفت به .
ركان بإندهاش بعد أن وضع يده على جبهته...معقول دى هى البنت بتاعة امبارح ؟
يا ترى إيه حكايتها ؟ وإيه اللى وصلها لكده ؟
وليه الشخص ده كان عايز يخطفها ؟
وليه قلبى دق اووى كده ليها ؟
معقول هتقدر تأثر فيك بنت زى دى ؟
لأ فوق يا ركان وأعرف كويس انت مين ؟ وهى مين ؟
ولكن لم يطيعه عقله وأطاع قلبه وانحنى بجذعه إليها فوجدها شبه فاقدة الوعى ولكن تُتمتم بكلمات فأقترب منها أكثر فسمعها تقول ....استغفر الله ، الحمد لله .
ركان بذهول.......أنتِ يا بالظبط ، حتى وأنتِ كده بتذكرى ربنا ، قلبك ده نوعه إيه بالظبط فهمينى؟
بس المهم دلوقتى ألحقك بعربية إسعاف وبعدين أعرف أنتِ مين بالظبط وإيه حكايتك ؟
وبالفعل أتصل ركان بالأسعاف لتأتى سيارة الإسعاف بعد عدة دقائق كان يتأمل ركان وجهها محاولا حفظ ملامحها فى ذاكرته .
كما أصر هو على حملها بداخل سيارة الإسعاف وكان يود أن يصطحبها للمشفى ولكن عليه أن يتابع عمله ويكشف سر تلك الفتاة وسر الشجار الذى حدث فى تلك الحارة .
فتركها وذهب للحارة فوجد سيارة الشرطة قد أتت فتقابل مع زملائه ليبدئوا التحرى عن ما حدث .
ومعاينة الجثة التى أشاروا له بها ، التى تبين له بعد التحقيق إنها أم العروس المختطفة ، أى أم تلك الفتاة الغريبة التى ظهرت فى حياته وستكون سبب فى قلب حياته رأسا على عقب .
ثم نظر لذلك المصاب المعلم حنفى فطلب الإسعاف مرة أخرى لنقل جثة السيدة حكمت ثم سيارة أخرى لنقل المصاب المعلم حنفى ثم القبض على سبب الشغب وهو زوجتيه ، السيدة إجلال والسيدة تهانى .
ثم بدء فى سماع أقوال الشهود التى بصددها تعرف على حياة ملاكه النائم فى المشفى .
وتسائل لما وافقت بنت عشرينية على رجل فى عمر أباها ، هل بسبب المال ؟
أم لإنها يتيمة وتفتقد حنان الأب ؟
وكيف سيكون حالها الأن بعد أن فقدت أيضا أحن الناس عليها وهى الأم .
فالأم بعد أن تموت ينادى منادى من السماء ( لقد ماتت التى كنا نرحمك من أجلها ، فاعمل لنفسك )
فليس هناك قلب على وجه الأرض يعادل قلب الأم ولو أحبك الناس جميعا .
ثم تحرى عن ذلك الخاطف وتعرف على اسمه ( حماده المنسى ) وهو فتوة الحارة الذى يأخذ المال من أجل نصرة الضعيف كما إنه متيم فى حب عروس المعلم حنفى لذا أفسد الليلة هو وزوجاته ، كما خطف العروس ( مكة ) .
وهنا صُدم ركان وحدث نفسه ......ايه هو كله بيحبك هنا ولا إيه ؟
مع إن شكلها عادى جدا ؟ فإيه السر ؟
فتحرى ركان عن سلوك وأخلاق مكة ....فشهد لها الجميع بحسن الخلق ، واثنوا عليها وأن كل أهل الحارة يحبونها فهى دوما مبتسمة ، تواسى الجميع فى الوقت التى هى فى أمس الحاجة للمواساة ، تساعد أهل الحارة بكل ما تستطيع ليس بالمال ولكن بقضاء مصالحهم بجانب تدينها الظاهر ولسانها الذى لا يفتر عن ذكر الله .
ركان ........ياه ، كل ده فيكِ يا مكة ، أنتِ بشر زينا ولا ملاك ، ولا ممكن تكونى بتمثلى ده ؟
مهو مش معقولة كل الصفات دى فى إنسانة بالشكل ده والظروف دى ؟
..................
طلب الطبيب من اللواء مجدى وابناؤه المغادرة ، فلا فائدة من وجودهم بالمشفى ،فهى فى رعايتهم وإن حدث اى شىء سوف يقومون بالإتصال به .
فغادر مجدى ورياض إلى عملهم وعادت ريم للمنزل وانتهزتها فرصة لعدم وجود أحد بالمنزل سوى المربية والخادمة .
فولجت إلى غرفتها وأخذت تنتقى من بين ملابسها شىء يلفت الأنظار .
فانتقت فستان قصير باللون الأسود يصل إلى ركبتيها ثم أردت أسفله جوربا شفاف طويل لامع أعطى مظهرا جذابا لسيقانها .
ولا يخفى أيضا أن الفستان ضيق يبرز مفاتنها ثم وضعت على كتفها شال من الصوف باللون الوردى .
ثم وقفت أمام المرآة لتضع العديد من مستحضرات التجميل على وجهها ثم صففت شعرها ذو اللون الكستنائى بحرافية وجعلته ينسدل على ظهرها ، كما وضعت عطرها المميز .
لتقف بعضها للحظات تتأمل نفسها ثم طبعت قبلة على الهواء لنفسها قائلة....إيه الجمال ده كله يا ريمو ؟
ده أنا هجنن البنات قبل الشباب النهاردة .
وكده لازم أكيد حاتم هيقع فى شباكى ومش هيقدر المرة دى يقاوم ويمثل التقل .
أستعدت ريم للخروج من باب الشقة ، لتراها الدادة إكرام فتتسع عينيها بذهول قائلة.......ست ريم ، هو حضرتك رايحة حفلة ،والست الوالدة فى المستشفى ؟
فزفرت ريم بضيق وقالت بوجه متجهم....حفلة إيه على الصبح ، أنا رايحة الكلية ، ومامى بخير دلوقتى.
إكرام بإستنكار ........بس يا بنتى ، أنتِ مش متعودة على اللبس ده للكلية ، وأظن ده مش مناسب لمكان علم .
فغضبت ريم حتى برزت عروقها وتغير لون وجهها لتصيح فى وجهها بكل تكبر غير مراعاة لسن مربيتها أو أدنى احترام لإنسانيتها.........وأنتِ مالك ، وإيه يدخلك فى اللى ألبسه ، دى حاجة متخصكيش ، أنتِ مجرد شغالة عندنا بس ، فمتتعديش حدودك .
أنت فاهمة ؟
فنكست إكرام رأسها بخزى وقهر قائلة.......أنا اسفة يا ست ريم ، كتر خيرك يا بنتى .
ثم تلألأت الدمع فى عينيها فالتفتت مغادرة كى لا تراها .
أما ريم فتوجهت إلى الكلية غير مبالية بما فعلته من كسر خاطر مربيتها .
ولجت ريم لداخل جامعتها فجذبت جميع الأنظار إليها .
فكان منهم متغزل فى جمالها الفتان ، ومن الفتيات من كانت تنظر له بعين الحقد والحسد لإنها أجمل منهن وأخرين مما متعهم الله بنعمة غض البصر اشاحوا بوجههم عنها واستغفروا الله ودعوا لها بالهداية والستر .
وعندما ولجت ريم للمحاضرة فى المدرج ،عرض عليها كثير من زملائها الشباب بأن تجلس بجوارهم ولكنها اعتذرت .
فأقتربت منها صديقتها المقربة ( هيام ) قائلة....
أهلا بالأميرة الساحرة ريم ...إيه يا بنتى الجمال والدلال ده كله والله هتجيبى جلطة للبنات وتجننى الولاد .
فضحكت ريم بصوت عالى أذاب قلوب محبينها ، واستطاعت به بلفت أنظار من تريد ( حاتم المرشدى ) .
فتحدث حاتم لصديقه جلال .......مش دى بنت مجدى الزيات ؟؟
جلال بنظرة إعجاب لها.......قصدك سندريلا الزيات ، حاجة كده فوق الوصف ، جمال ودلال .
حاتم بلا مبالاة.........مش اووى كده يعنى ، أنتم مأفورينها ومطلعنها فى العالى ، هى حلوة مقلناش حاجة بس اكيد فيه برده أحلى وأرق منها ومناخيرها مش فى السما كده زيها .
جلال بسخرية....من حق الجميل يدلع يا عم ، دى الكل بس مستنى منها نظرة أو كلمة وهى مش معبرة حد .
حاتم بغرور .... ....ياسلام يعنى !
أنت شكلك مش مقدرنى على فكرة ، أنا بس لو شورتلها بطرف عينيه هتيجى تقعد جمبى ، ولو بس اديتها كلمتين حلوين هتدوب فى هوايا .
جلال.....يا متمكن ، بس مش عارف ، هى غير يعنى كل البنات ، تقيلة اوى مش بالساهل .
حاتم بثقة.......مش على حاتم ، طيب تراهن ؟
جلال...........أراهن يا عمنا ورينا الشغل العالى ،خلينا نتسلى .
فسدد حاتم نظرات الإعجاب إلى ريم ، فابتسمت محدثة نفسها.....أخيرا ،خدت بالك منى .
وكاد قلبها يتوقف عند وجدته يقف مشيرا إليها أن تجلس بجواره .
ليتابع إشارته بهمسات من فِيه .....أتفضلى أنسه ريم .
فهامت ريم ووجدت نفسها تتجه إليه والجميع يهمس ......يا بختك يا ابن المرشدى ، يارتنى كنت أنا .
أما كريم الشاب الذى أحبها بصدق فأشاح وجهه عندما رأها بتلك الملابس محدثا نفسه.......ليه كده يا ريم ؟
أنتِ مش محتاجة تلفتى النظر باللبس المثير ، صدقينى مفيش أجمل من الأحترام ، ده أنا كنت منتظر اليوم اللى أشوف وشك منور بالحجاب .
تقومى تقلبيها كده يا خسارة يا ريم .
ومما زاد غضبه رؤيتها جالسة بجانب حاتم المرشدى ، تتبادل معه النظرات والضحكات ، فلم يتحمل كريم ذلك فغادر المدرج على الفور .
حاتم متغزلا فى ريم ........مكنتش أتصور إنك مش جميلة بس ، لا دمك خفيف كمان .
ريم..........ميرسى يا حاتم ، أنا كمان مبسوطة إنى أتعرفت على شخصية لذيذة زيك .
فهل سيفوز حاتم فى الرهان ؟؟
.................
أنهى ركان تحرياته وذهب مسرعا إلى المشفى المتواجد بها مكة .
فوجدها على سريرها تضم رجليها إلى صدرها ومستندة برأسها على ركبتيها وتبكى بكاء مرير .
فخفق لها قلبه وأقترب منها وبصوت منخفض.........أنسة مكة ، شدى حيلك ، البقاء لله .
دق قلب مكة لسماع صوته قبل أن تراه ، فقد حفظت نبرة صوته فى ذاكرتها جيدا .
فرفعت رأسها على خجل ممزوج بالحزن الشديد.......لتتلاقى أعينهم فى نظرة طويلة ولكن سرعان ما خفضت نظرها خجلا قائلة بصوت منبوح من البكاء ......أمى يا سيادة الرقيب ، راحت منى ، ومبقاش ليه حد فى الدنيا ، ثم انهمرت بالبكاء مرة أخرى .
ركان مسددا النظر إليها ليرى إنطباع ما سيقوله على تعبيرات وجهها .......معلش شدى حيلك ، بس ازاى ملكيش حد ، مش عندك خطيبك المعلم حنفى ؟
وزى ماعرفت ، انكم هتجوزوا قريب .
مكة بإنفعال....كفاية حرام عليك ، أنا مش قادرة أتكلم ولا عايزة أتجوز ،سبنى فى اللى أنا فيه .
ربنا وحده العالم بحالى وهو يتولانى .
إندهش ركان لغضبها ولكنه لم يدرك بعد السبب فاسترسل قائلا ......طيب خلاص هدى نفسى شوية ، طيب ممكن أسئلك شوية أسئلة ؟
مكة..........أرجوك انا مش قادرة أتكلم ، ياريت تسبنى لوحدى دلوقتى ثم انفجرت فى البكاء مرة أخرى .
شعر ركان بغصة فى قلبه من بكاؤها وتمنى ولو أقترب منها ومسح بيديه دموعها ،بل وأخذها فى أحضانه ليشعرها بإنه بجانبها ولن يتركها .
ولكنه نفض عنه سريعا تلك الأفكار ، وعاد لكبرياؤه ، وقرر أن يتركها لبعض الوقت لتهدء ثم يعود لها مرة أخرى .
ركان ....خلاص خلاص ، هدى نفسك يا أنسه واهتمى دلوقتى بصحتك عشان تقدرى تخرجى من هنا .
وأنا همشى دلوقتى عشان ترتاحى ، بس لازم أجى تانى عشان نكمل تحقيق فى اللى حصل .
مكة بتنهيدة ألم ....أرتاح ، هو بعد اللى حصل ، ممكن أرتاح .
طيب هشتكى لمين وهرمى راسى على صدر مين ؟
ومين هيطبطب عليه ، ياريت كنت أنا اللى موت مش أمى .
رحمتك يارب ، والصبر من عندك يارب
ثم دخلت فى نوبة بكاء هيسترية .
فلم يتحمل ركان رؤية دموعها ، فآثر أن يبتعد الأن حتى تهدأ ثم يعود الإطمئنان عليها .
...........
وتم القبض على زوجتى المعلم حنفى وجارى البحث عن حماده المنسى وتم الإفراج عن عباس لعدم وجود شهود على اشتراكه فى أعمال الشغب فعاد إلى منزله حزينا ليس على موت زوجته ولكن على فشل الزيجة التى سوف كانت مصدر السعادة والمال له .
عباس ......يادى الفقر اللى أنا فيه وبعدين يا عباس هتجيب فلوس الكيف منين دلوقتى ؟؟
والست ماتت والبت معرفش راحت فين والمعلم خلاص خده الغراب وطار .
وبينما هو كذلك إذ بباب الشقة يفتح ، فنظر عباس ليجد أمامه مكة بعد أن خرجت من المشفى على مسئوليتها بعد مغادرة ركان .
ففرح لعودتها ثم قام من مجلسه قائلا بتودد.........اهلا بالغالية ، حمدلله على السلامة نورتى بيتك .
مكة بغصة مريرة.....إزيك يا عمى .
عباس........بخير يا بنتى .
ثم تصنع البكاء قائلا.....محدش هيصبرنى على موت أمك إلا أنتِ عشان من ريحتها .
خشى يا بنتى غيرى هدومك وارتاحى ، عشان تقدرى تروحى شغلك وميخصموش منك ولا مليم .
وهنا أدركت مكة سر الترحيب بها بهذا الشكل ، فولجت لغرفتها باكية .
تناجى ربها.....يارب مبقاش ليه حد غيرك ، فتولنى برحمتك ونجنى من شر عباس .
ولم تشعر مكة بنفسها إلا وقد غطت فى نوم عميق من كثرة البكاء والإجهاد .
..........
بعد أن انتهى ركان من عمله ذهب للأطمئنان على والدته فى المشفى وحمد الله على تحسن صحتها بعض الشىء ثم تفاجىء بزيارة شاهيناز ووالدتها .
فاضطر للأبتسام والترحيب من أجل والدته .
شاهيناز........ألف سلامة عليكِ يا طنط.
سهام...الله يسلمك يا حبيبتى .
معلش تعبى غطى على فرحتكم شوية لكن إن شاءالله أول مخرج بالسلامة هنحدد معاد للخطوبة بإذن الله .
والدة شاهيناز....المهم تقومى بالسلامة .
ودلوقتى مش هنكتر عليكِ الكلام عشان متتعبيش وهنستأذن .
يلا بينا يا شاهى.
شاهيناز....يلا يا مامى.
غمزت سهام لركان قائلة .......وصل عروستك يا ركان .
كز ركان على أسنانه بغيظ ولكنه تصنع الترحاب قائلا.......اه طبعا طبعا ، أتفضلوا.
فابتسمت شاهيناز بخجل ، ولكنها ظلت طوال الطريق تثرثر معه حتى مل من الرد عليها فتركها تثرثر بدون أن يستجيب لها فى الحديث .
حتى وصلا بهم إلى منزلهم فحمد الله أن سيتخلص أخيرا من ثرثرتها .
ركان. محدث نفسه ...اوف دى عليها لسان ، هتشلنى بيه ، ربنا يرحمنى من الجوازة دى ، ربنا يسامحك يا ماما .
ثم جال على خاطره مكة فابتسم وقرر أن يعود إليها فى المشفى ليطمئن على حالها .
وبالفعل توجه للمشفى ولكنه حين ولج إليها لم يجدها فى غرفتها ، فدق قلبه بشدة وتوتر ثم أستدعى الممرضة لتخبره "''
المريضة يا فندم مضت إقرار على نفسها ، إنها هتمشى وهى تعبانة بس تتحمل مسؤوليتها .
ركان بقلق....طيب متعرفيش راحت فين ؟
الممرضة...لا يا فندم معرفش حاجة .
ركان ..طيب اشكرك .
سلام .
تصارعت الأفكار فى عقل ركان وتسائل .....يا ترى راحت فين وهى بالشكل ده ؟
معقول تكون روحت بيتها فى الحارة ؟
طيب اعمل ايه ؟ أروح لها هناك ؟
بس بصفتى إيه ؟؟
يارب تكون عجبتكم الحلقة متنسووش لايك كومنت ؟؟؟
يا ترى ركان هيروح لمكة ولا مش هيروح ؟
وعباس هيفضل يضايق مكة وهى هتصرف إزاى ؟؟؟
وحاتم غلاسة ايه رئيكم فيه ؟؟
يتبع الفصل 6 و7 اضغط هنا