رواية ضحية اغتصاب البارت التاسع عشر والأخير بقلم دكتوريتا
رواية ضحية اغتصاب الفصل الأخير
مرَّ ذلك العام، حيث كان جود ينعم بالسعادة مع وجد... وتم بناء تلك المؤسسة التي تدعم الفتيات وتساعدهن نفسيًا وجسديًا، وتعلمهن كيفية حماية أنفسهن. هنَّ لسن الخطأ؛ بل الخطأ في الفكر المتخلف وفقط.
تزوج مالك من رهف، وكان يعامل حنين كابنته، وصدق في وعده؛ فلم يقترب أحد من حنين ولا من ميراثها.
أما الثنائي المجنون، فقد حملت ديالا سريعًا وأنجبت راجي، راجي الشقي ذو الثلاثة أشهر، الذي أضفى لذةً ونكهةً على حياة أسر وديالا. تخلّت ديالا عن العمل منذ أن علمت بحملها، وجهزت كل شيء لاستقبال الطفل، فلم ترد أن تكرر مأساتها مع والدتها. ومن قال إن فاقد الشيء لا يعطيه؟ بل هو أحق وأجدر شخص أن يعطيه بدقة وبكل ما هو مطلوب، لأنه يشعر ويتجنب أن يجعل الآخر يشعر بما شعر به من سوء.
في الإسكندرية...
في صباح يوم جديد، نجد رهف ترتدي إحدى ملابس النوم المنزلية، فقد استيقظت ووجدت مالك يحتضن حنين بشدة. تركتهما وأخذت حمامًا ثم ارتدت ملابس نومها القصيرة الحمراء التي يعشقها مالك، كانت فاتنة وغير فاضحة لوجود حنين. وقفت ترتب الأطباق على طاولة الطعام، تنوي أن تذهب لإيقاظ النيام. ومع آخر طبق وضعته، شهقت، إذ تجد نفسها مرفوعة بكل حنان في حضن مالكها، الذي جلس على أحد كراسي الطاولة، ووضعها على قدميه، دافنًا وجهه في طيات عنقها، هامسًا بصوت متحشرج: "صباحو"
ابتسمت وانكمشت في حضنه باطمئنان، رفعت يدها لتحيط رقبته وهمست: "صباح الخير يا حبيبي."
"قلب حبيبكِ أنتِ." قالها وهو يقتنص قبلة الصباح الذي تحلى بوجودها في حياته.
"حبيبي، عايز يروح فين النهارده بما إنه إجازة؟" قالها وهو يتلمس وجنتها. أمسكت يده التي تمسح على وجنتها بكل حنان، طابعة قبلة عميقة على كفه.
"حبيبتك مش عايزة غير حضنك وبس."
احتضنها، دافئًا إياها بين ذراعيه:
"كلامكِ حلو زيكِ بالضبط... بس حنين هانم عايزة تخرج."
"مش كل أسبوع كده خروج يا مالك!"
"بنتي وأنا وهي أحرار، ولا إيه؟" قالها وهو يغمز لها بإحدى عينيه...
"ولا القمر غيران؟"
قامت من على قدميه قائلة بنبرة غاضبة، لكنها مضحكة:
"آه، غيرانة... كانت في حضنك، وخروج!" وقف واحتضنها ضاحكًا:
"بتغيري من بنتنا... إنتِ مجنونة والله."
"إنت مش أي راجل يا مالك... حنين مش بنتك وبتعاملها كده... وأنا ملكة على قلبك... أمال لما نخلف هتعمل إيه؟ وقتها أنا هعمل إيه؟ أطق من غيرتي!"
"هههههه أول مرة تقولي كده... مالكِ بس. وبعدين، حنين دي بنتي، وماتقوليش كده تاني... تمام؟" همست بإذعان:
"حاضر." ثم اقتربت من حضنه:
"وحشتني ريحتك... مش عارفة ليه."
"هههههه، والله عاملة زي الحامل اللي بتتوحم... بقالك أسبوعين بتشمي ريحتي على هدومي و..."
عند هذه الفكرة، صمت تمامًا، بينما هي مشغولة في استنشاق رائحته المحببة لقلبها. أخرجها من حضنه تحت عبوسها، ثم همس بقلق:
"آخر مرة كانت إمتى؟"
"هي إيه؟" همس لها بما جعل وجهها يحمر. ودخلت في حضنه:
"بس بقى... إنت بتكسفني."
بتتكسفي... الله أكبر... والله هرمونات... تعالي، تعالي، هنروح نكشف، انتي حامل... قلبي بيقول كده... غيرة، وهرمونات متلخبطة، وجنان... مش متعود أنا على كده.
يا رب... نفسي أجيب بيبي منك يا مالك، ويبقى شبهك وحنين زيك كده، قالت بدموع.
حملها... صاعدًا للأعلى:
وأنا هموت وأجيب بيبي ونخاوي حنين... صدقيني حنين بنتي، واللي هييجي هحبه زيها لا أكثر ولا أقل.
وأنزلها في غرفة نومهم:
البسي يلا، وأنا هصحي حنين علشان نروح للدكتورة.
طب الفطار؟
هنفطر بره يلا.
ذهبوا إلى الطبيبة التي زفت لهم خبر حملها، الذي أسعد قلبيهما وأبهج حنين، التي حزنت منذ رحيل جودي؛ فالآن سيكون لها أخ أو أخت تلعب معه ولن يتركها.
المطلقة... الأرملة... مش أذية ولا لقب مهين، قدر ربنا فرضه... الناس اللي بيحكموا عليهم بشكل جارح، دول ناس عندهم نقص والله... ما حدش يعرف ظروف حد... مش كل الناس وحشين ولا كلهم حلوين... بس ما نعممش فكرة وحشة وناخد بيها كل الناس... إحنا كلنا بشر ونستحق فرصة تانية، وتالتة، وكمان رابعة... ليه نحرم اللي بنحلله للراجل على الست؟ اتقوا الله حتى في أفكاركم... لأنه كما تدين تدان، والله أعلم، يمكن تبقي في نفس الموقف بعد كده أو حد عزيز عليكِ... بطلوا تبقوا جلادين، فقط لا تحكموا... تعاملوا وكفى.
** في فيلا أسر في باريس، من يوم مولد راجي، وديالا تهتم به فقط وتهمل أسر، ليس إهمالًا بمعنى الكلمة، لكنها لا تريد تكرار مأساتها مع ابنها...
جلس أسر بجانبها وهي ترضع مالك، الذي غفى، ثم وضعته في فراشه... أمسك يدها وذهب لغرفتهم، بعد أن تأكد من عمل الكاميرا الموجودة في غرفة راجي وأن كل شيء في مكانه.
أجلسها على الفراش وجلس أمامها:
ديالا؟
نعم؟
رجعيلي دوللي حبيبتي، ومراتي.
نظرت له بدهشة:
مش فاهمة.
أمسك يدها:
أيوة، رجعيلي دوللي... حبيبتي اللي قبل ما تخلف وتحمل... رجعيلي حبيبتي اللي كانت بتهتم بكل تفصيلة في حياتي، اللي ما كنتش بنام إلا في حضنها... رجعيها لي، اهتمي براجي، دا ابني وبحبه أكتر حاجة في الدنيا، بس أنا فين؟ فاهم إنك مش عايزاه يحس بالإحساس اللي حسيتِه قبل كده، بس مش على حسابي... سبتي الشغل وتفرغتي لراجي، اتفرغي لي شوية، ممكن؟
أدمعت عينيها وتسربت دموعها وهي تراجع شهور حملها، وبعد ولادتها التي كان كل اهتمامها البيبي وفقط...
أزال دموعها بأنامله قائلاً بحنية:
ليه بتعيطي بس؟
وضعت يديها على كفيه اللذين يزيلان دموعها، هامسة:
أنا آسفة، أنا بس مش عايزة أبقى زيها، أنا آسفة.
احتضنها:
ماتأسفيش يا حبيبتي، ماتأسفيش... إحنا متفقين نبقى صرحاء مع بعض... ماتهملينيش وحبيني أكتر من الأول، ماتخلينيش أغير من ابني.
خرجت من حضنه وأزالت دموعها:
خلاص فهمت، والله... أما بحبك، فاهم بحبك، وبحب ابني لأنه منك...
أمسك وجهها وأسند جبينه على جبينها:
وأنا بموت فيكِ، مش بحبك بس...
وعاش معها ليلة كليالي جنونهم السابقة، التي حرم منها... عاش ليلة في الأندلس مع حبيبته وزوجته، التي لا يسعد إلا بوجودها وباهتمامها.
الصراحة والوضوح أهم حاجة بين الزوجين... اللي يلاحظ أي تغيير لازم يقوله للتاني... أكيد لما نقول اللي متضايقين منه المشاكل هتتحل... هننتبه للغلط وما نعملوش، وحبنا هيزيد... طالما احترامنا وحبنا باقي... وياريت ما نخترش أسوأ الطرق وهي الخيانة ونبص لبره، ويكون المبرر هش وسطحي "إنها مش مهتمة" أو "إنه مش مهتم"... يا ترى جربنا نتصارح؟ جربنا نحط نفسنا مكان اللي قدامنا؟ مكان شريك حياتنا، اللي ساب أو سابت كل حاجة واختارنا... لازم نحترم بعض ونصارح بعض ونختار صح... مش فلوس ولا جمال، روح واحترام، لأن مافيش حد بنحترمه ما بنحبوش، بس في حد بتحبه والقلب بيدق له بطريقة غريبة بس ما بتحترموش... ياما ناس بتحب بلطجية وهي عارفة عنهم كل حاجة، بتحب تجار مخدرات، بس مش بيبقى في احترام، ودي علاقات بالتأكيد هتفشل... لأن أهم حاجة في العلاقة الاحترام، التفاهم، والوضوح، بلاش الأقنعة والرتوش بتاعة الخطوبة دي علشان ما نتفاجئش بعد الجواز...
فاقد الشيء يعطيه بقوة... بس ممكن يقصر مع حد تاني، لازم ننبهه بس، وهو هيوازن... وهيفوق كل توقعاتنا.
**
جلس في غرفة جودي... يقص عليها إحدى القصص المصغرة حتى نامت أخيرًا بعد تعب... ابتسم على ملاكه النائم، جودي ذات الجمال الملائكي المبهر... ستتعب قلبه بالتأكيد فيما بعد... قبّل كفها الصغير الذي يتشبث بدميتها به، ودثرها جيدًا في الفراش وخرج متجهًا لجناحه...
دخل ووجد الجناح مزينًا بالشموع، شموع متراصة بطريقة مبهرة... ووجدها تقف بجانب الفراش تحمل في يدها صندوقًا صغيرًا... ارتسمت ابتسامة ساحرة على وجهه لا تظهر إلا لها هي وجودي... اقترب منها يتأمل هيأتها بفستانها الأحمر الهائج كشخصيتها تمامًا التي ظهرت بوضوح الشمس أمامه في العام الذي انقضى... اقترب محتضنًا إياها، مقبلاً عنقها وهو يزيل شعرها ناحية كتف واحد:
بحبك.
وأنا بحبك قوي يا جود، ممكن تقعد؟
أخرجها من حضنه وجلس على الفراش، فجثت أمامه، لكنه رفعها وأجلسها على قدمه وقال بكل حنية وأصابعه تزيل خصلاتها:
أوعي تعملي كده تاني... مكانك هنا في قلبي، أوعي تقعدي تحت رجلي تاني...
بس أنت بتعملها.
علشان أنتِ ملكة قلبي، أنا أعملها، أنتِ لا. تمام؟
طبعت قبلة كرفرفة فراشة على ثغره، ثم أمسكت الصندوق:
ممكن تفتحه؟
امممم جايبة لي هدية؟
أحلى وأجمل هدية وأكتر حاجة ممكن أقدمها لك.
أنتِ أكبر هدية، قالها وهو يقبّل كفها، ثم أمسك الصندوق وفتحه، فوجد ما جعل عينيه تلمع بوهج خاص، نظر لها كأنه يستجديها أن تؤكد له... أومأت له.
وضع الصندوق جانبًا ثم وقف حاملًا إياها ويدور بها ويصرخ بحبها...
لقد وجد حذاءً صغيرًا مكتوب عليه "استناني يا بابا بعد 6 شهور".
هههههه، نزلني، دخت يا جود، ههههه. أجلسها على الفراش وجثا أمامها:
بجد... أنا فرحان... جدا... عرفتي من امتى؟
قال وهو يطبع قبلات عديدة على كفوفها:
هههههه اهدي، كنت حاسة بس خايفة زي كل مرة ما يبقاش في حمل... رحت عملت تحاليل النهاردة، والدكتورة قالت حامل في 3 شهور.
وضع يده على بطنها المسطحة:
طب ليه؟ ليه مش كبير؟
لسه صغير يا جود، وأنا ضعيفة شوية.
تؤ، أنا عايزه قوي زي أبوه أو قمر زي مامته، فاهمة؟ لازم نتغذى كويس.
عايز ولد يا جود ولا بنت؟
عايز طفل كويس، وبس...
ثم جلس بجانبها، ثم تسطح على الفراش واحتضنها:
أنا بحبك يا وجد، ربنا قدره حلو قوي.
الحمد لله... كل حاجة حلوة من عند ربنا... شفتِ الضحية اللي كانت زمان دلوقتي بقت أسعد واحدة في الكون؟
حمدًا لك يا الله
تمت نهاية الرواية .. رواية جديدة اضغط هنا