Ads by Google X

رواية كاره النساء الفصل السابع عشر 17

الصفحة الرئيسية

رواية كاره النساء البارت السابع عشر 17 بقلم سهير عدلي

رواية كاره النساء كاملة

رواية كاره النساء الفصل السابع عشر 17

وقف مروان بها على باب فندق كبير يعدل من نفسه ويجبرها أن تتأبط ذراعه هامسا لها بتحذير:
-الحفلة دي معمولة من أكبر الشركاء ليا احتفالا بجوازنا، عايز الكل يتأكد أننا سعدا..أي تصرف منك يوحيلهم غير كده متلوميش غير نفسك..ابتسمي يلا.
رسم على شفتيه ابتسامة دبلوماسية، وأجبرها على الأبتسام وخطى داخل الفندق ملك وملكة مقبلان على التتويج.
جمع كبير من رجال الأعمال اللذين يعرفهم كانوا في انتظارهما ..تصفيق حارا عند رؤيتهما جعل قلبها يختلج رهبة..فهي لم تعتاد على هذه الجموع..ولا هذه المناسبات.. كانت حياتها منحصرة ما بين مدرستها وحجرتها التي لا تفارقها ابدا..هذا العالم الجديد كبييير للغاية تشعر أنها تائهه غريبة فيه.. بل هي تاهت بالفعل احساس بالوحدة سيطر عليها، ودت لو تهرب وتركض مثل سندريلا فرار قبل أن تعود لصورتها الأولى، وكأنه شعر بارتباكها فجذب يدها برفق لتتخلل ذراعه أكثر فيربت عليها وهو يهمس باحتواء:
-متخفيش أنا جمبك.
فنظرت له فإذ بعيناه تكاد تقترن بعيناها وأنفاسه تقبل وجهها، تنهدت على مضض منصاعة للموقف الذي زجت فيه رغما عنها..ثم عادت والتفتت للمدعوين اللذين كانوا يتأملونها بتمعن..فتاة صغيرة لم يتجاوز عمرها ستة عشر عاما قرينة للرجل على مشارف الأربعون، الربيع يعانق الخريف، عيون حاسدة وأخرى منبهرة..وغيرها معجبة جعلت مروان يندم على قبول تلك الدعوة ويجعل زوجته فريسة لتلك العيون..لقد اخترق يدها بأصابعه من جديد في استحواذ، حتى يبين للجميع أن هذه العروسة هذه الملكة ملك له وحده .
حتى عندما جلسا على الطاولة التي خصصت لهما لم يترك يدها..جعلها تنظر له وتهمس بضيق:
-ممكن تسيب أيدي بقى.
همس دون أن ينظر لها وكأنها لم تتحدث، بل راح يبتسم بمجاملة للمدعوين الذين يحيونه:
-هشششش.
زفرت بعجز، وراحت تتأمل المدعوين، والمكان بملل..فلم ترتاح لوجودها وسط هذا الحشد، احساسها بالغربة يتملقها، تمنت الفرار من هذه الأجواء الخانقة، جاء على بالها أكرم بحنانه وابتسامته، ليته كان معها الآن، ليته يأتي ويخطفها من ذلك المتسلط، كانت تستعيد كلامه لها ..وحديثه الحنون معها..أخرجها من شرودها عندما شعرت به ينهض ويجبرها على النهوض مما جعلها تحدق فيه بدهشة متساءلة:
-أيه..حنروح خلاص.
همس بعينان قاسية وكأنه علم أنها تفكر في غيره:
-لأ حنرقص.
غمغمت بيأسا:
-نرقص؟؛ لكن أنا ....
قاطعها بتحذير مخيف:
-أنتي أيه؟
-مفييييش.
بترت رغبتها في أن تطلب منه العودة الى البيت..فقد خشت نظراته المخيفة والمحذرة دائما..أخذها الى ساحة واسعة وظل يراقصها، عيونها نافرة عنه، ترقص مضطرة، كأنها دمية يحركها بين ذراعيه زاد من ضيقها التحامه بها وكلما ابتعدت جذبها اليه أكثر هامسا لها:
-بصيلي.
ولكنها لم تستطيع النظر اليه..عيناه تخيفها تربكها، تجعل قلبها بداخلها يختبئ بين ضلوعها كالفأر المزعور.
صرخ بصوت خافت لم تسمعه الا هي:
-قلتلك بصيلي.
نظرت له بوجه محتقن كل خلجة فيه غاضبة ،خائفة، ترتعش، أنفاسها بداخل صدرها تقفز بجنون..كادت تبكي..حتى همست وكأنها ترجوه:
-أنا عايزة أروح بقى.
استعطفته بنبرتها الضعيفة المستسلمة، فرق لدموعها التي تتلألأ في عينيها الحزينة..فهمس بالقرب من أذنها بعد أن أسكن خده على وجنتها ويده تستقر على ظهرها باحتلال محتوى مساحته باصابعه الكبيرة:
-ماشي حنروح.. بس مش عالطول كده عشان الناس متلاحظش حاجة.
تشعر بيده الكبيرة تخترق ظهرها فينفر جسدها من تلك اللمسات الغاشمة، ومهما حاولات الفرار لكنه يزج بها داخل ضلوعه غير عابئ بكل العيون التي ترمقهما بحسد.
بعد ساعة استطاع مروان أن يختلق أعذار لكي ينسحب من الحفل، فتنفست جومانة الصعداء عندما وجدت نفسها في السيارة تشم نسيم الليل الذي يداعب وجهها وحجابها، العجيب أنه لا يزال محتفظا بكف يدها بين يديه، اضطرت أن تتحمل حتى تعود لحجرتها، عند وصولها للبيت ترجل من السيارة فنظرت ليدها التي مازالت مسجونة بين يده تنظر لها بغيظ ألم يئن أن يحررها، تبعته ودلف بها داخل البيت..أرادت ان تسحب يدها لتصعد حجرتها..ولكنه يتشبث بها بقوة يلقى مفاتيحه غير عابئ بمحاولتها للتملص منه وفي الآخر قالت له بتزمر:
-ممكن بقى تسيب أيدي عايزة أطلع أوضتي .
رمقها بنظرات خاوية من أي تعبير ولم يجيبها بشئ بل خطى وهو يسحبها من يدها التي يبدو انه من كثرة تشبثه بها التصقت في يدها هكذا شعرت صعد بها الدرج، وهي خلفه تجري تصرخ وتعترض وصمته المقيت يخنقها حتى توقفت وأجبرته على التوقف قائلة بنبرة ثائرة:
-أنت ساحبني كده ليه..وموديني فين؟؛
رمقها بنظراته الثلجية وصمته البارد أثارها أكثر ..جذبها مرة أخرى وأكمل خطواته السريعة صوب حجرتها..ما أن فتح بابها ودلف بداخلها وسحبها معه ثم أغلق الباب ..حتى اتسعت عيناها رعبا وهمست بحروف تقطر انزعاجا:
-ف ف في ايه؟؛
أرعبها همسه وهو ينزع رباط عنقه وينزع بذته ويلقي بها على الفراش:
-مفيش حنتعشى هنا مع بعض.
ابتلعت ريقها بصعوبة وتراجعت للخلف عندما رأته يخلع عنه بذته فهمست وأصابعها تتعارك مع بعضها في توتر:
- بس أنا مش جعانة ومش عايزة أكل..وووعايزة أنام.
ظل يقترب منها وهى تتراجع للخلف وهو يتقدم منها حتى اصدمت في خزانة الملابس سجنها بين ذراعيه عندما اتكأ بكفيه على الخزانة وهمس وهو ينظر في عيناها مباشرة:
-حتروحي فين تاني حتهدي الحيطة عشان تهربي مني..رفع ذقنها بأبهامه حتى يتأمل عيناها الخجلة، تابع بصوت خافت:
-أنتي مكلتيش حاجة في الحفلة..وأنا مرتضتش اكل عشان ناكل سوا..أيه مش عايزة تاكلي معايا؟
ارتعش جسدها لا اراديا واحمر وجهها عندما اقترب بشفتاه كاد أن يقبلها، وقبل أن يحقق رغبته أطرقت برأسها في حياء شديد ..وهمست في وجل:
-ح حاكل.
قالتها حتى تتخلص من غزوه لها انحنت بقامتها ومرت من أسفل ذراعه ،جلست على الفراش ويديها في حجرها في حرب، مطرقة برأسها كأنها مذنبة، ابتسم لخجلها الشديد هذا وكأنها كادت أن تذوب..نادى الخادمة وطلب منها أن تجلب لهما العشاء، عاد يجلس بجوارها على الفراش يرمقها بحب..أثاره خجلها وضعفها أمامه ..زحف بالقرب منها..وهي ظلت تزحف حتى تبتعد عنه ولكنه أمسك يدها ليستوقفها، أقترب حتى التصق بها، ابتلعت ريقها وانكمش جسدها..واقشعر على أثر اقترابه، وعندما همس بالقرب من أذنها ارتفع كتفها رهبة:
-قومي غيري هدومك لحد مايجي العشا:
رددت بصعوبة كأن الكلام محي من لسانها:
-ل ل مش دلوقت.
استطرد بهمسه الجرئ:
-مكسوفة تغيري قدامي
فشلت في أن تنقذ نفسها من محاصرة عيناه فغمغت وصدرها يختلج بداخلها:
-ل لما أكل حبقى حغير .
اقتربت يده دون استئذان من حجابها لتحرره فأبعدت رأسها في حركة عفوية، تمسك حجابها بيدها تمنعه من تحريره قائلة:
-خلاص أنا حقلعه بنفسي.
ولكنه لم يستمع لها بل راح ينزع حجابها بيده وعيناه تلتهم وجهها..شعرت انه ينزع روحها منها، وما أن تحرر شعرها الأسود الناعم حتى وارى نصف وجهها لثمت عيناه نوعمته، تخلله بأصابعه ثم أبعده وجعله خلف أذنيها، محاوط وجنتيها بكفيه، راح يتلمس خديها بابهاميه، وعيناه تغني لعيناها أغنية الشغف، وظل يقترب بشفتيه، يريد أن يقتطف زهر خديها..وهي تتراجع برأسها تغمض عيناها بقوة..تدمعان بتوسل لكي يتركها، ولكن كيف يترك نبعا سيروي ظمأه؟ يجذبها من يدها لكي يقرب رأسها التي كادت أن ترتطم برأس السرير، وجاءت طرقات الباب نجدة لها فأجبرته على تركها وهو يزفر بغيظ زفيرا حارا كأنه خارج من فوهة بركان.
ودخلت الخادمة تدفع أمامها عربة أعد عليها العشاء..حمدت جومانة ربها في سرها..وضعت يدها موضع قلبها الذي اختلج بين ضلوعها..تدعو الله أن يمرر تلك اللحظات العصيبة على خير..خرجت الخادمة وظلا يأكلان.. شاردة تفكر ماذا سيحدث بعد العشاء ماذا سيفعل بها أعتصرت عيناها بقوة لمجرد التكهن..رددت بداخلها يااارب..ولحسن حظها جاءت له مكالمة اضطرته للاصراف فورا..ما ان اختفى من أمامها حتى تنفست الصعداء..وهتفت بصوت خافت:
-هوووف أخيرا مشي الحمد لله يارب..امتى بقى اخلص منه يااارب خلصني بقى..ثم اطلقت العنان لدموعها ..دموع الخوف..دموع الارتباك..دموع اللحظات الثقيلة التي قضتها بجواره ..وتذكرت أكرم ودت لو تحدثه في تلك اللحظات ولكن كيف..وهو سد عليها كل منافذ الاتصال به.. وظلت تناديه وتهتف باسمه في استغاثة :
-أكرم..أكرم.. اكرم
**
-صباح الخير
هتفت بها نريمان بثغر باسم تحمل بين يديها صينية الأفطار تضعها أمامه على الفراش هاتفة :
-أنا قلت آجي أفطر معاك قبل ما أمشي.
رد صباحها وهو يتأملها بملابس الخروج فسألها وهو قاطب الجبين:
-رايحة وين عالصبح إكده؟
-رايحة الشغل أنت ناسي أن سامر اتقبض عليه ولازم حد يباشر المحلات.
أومأ على مضض.
-تصور اللئيم كان عايز يمضيني على ورق يثبت أني ساحبه منه فلوس كتتيير قوي.
-أنا من الاول مرتحتش ليه البني أدم ديه
-عامل ايه دلوقت؟
همست بها تحاول أن تخفي زفير الحب الذي كاد أن يعانق سؤالها.
-زين.. الحمد لله.

-أنا ليا يومين مشفتكش..الدكتور استحوذ عليك..بيجي يقعد معاك..ويسيبك بعد ما تكون نمت.
ودت لو تهتف بكل حرارة :
-وحشتني
لكنها ابتلعتها أنه لا ينظر لها، عيناه تجهلها تمام ..لو يلمحها فقط لرأى عينان تفيضان شوقا..لرأى صدر يعلو ويهبط في جنون ..لرأى شفتان تشققتا من فرط الجفاف زفرت بيأس وحاولت أن تستعيد طبيعتها فقالت له:
-مش حتاكل بقى قبل الدكتور ما يجي.
أومأ ..ثم شرعا في الطعام سويا..كانت هي تأكل وعيناها مشغولتان بوجهه الحزين..تتأمل عيناه الحزينة الزابلة..أنفه المستقيم..شفتيه المريضة التي تأكل ببطء ..سماره الذي تعكر بلون أصفر..لون الضعف والمرض، تفاحة ادم تلك التي برزت من جراء وضعفه.
أنه يشعر بعيناها تلك التي تخترقه بسوادها، كأنها تعاتبه عتاب طويل ..تلومه على صمته وبعده عنها..ترجوه وتتوسله عله يرق لكن لا حيلة له..تمتم بالحمد معلنا انتهائه من طعامه، حتى ينتهي من محاصرة عيناها له.
هي الأخرى نطقت بالحمد .. مقوسة شفتيها في يأس هامسة لنفسها "لا فائدة منك" رفعت الصنية وأخرجتها ثم عادت له ترتدى حقيبتها في كتفها ثم سألته:
-أنا حمشي بقى عايز حاجة؟
-لاه مع السلامة.
نظرت له بحنق أنه يأبى أن ينظر لها..كأنه يريد أن يتخلص منها سريعا.
انحنت وقبلته في جبينه وهي تهمس، سلا......
قاطع همسها قبضتيه اللاتي ضمت كتفيها وأبعدتها عنه محدقا فيها بغضب وتعجب، قاطب الجبين..ضاغطا على كتفيها بقسوة..وبرغم الألم الا انها غاصت في تلك النظرات كأنها تريد أن تعرف ماهيتها..تحللها..هل هي نظرات غاضبة رافضة لتلك القبلة، هل هي نظرات قاسية تريد فعل شئ يخشى منه، تشعر بأنفاسه المتهدجة وكأنه يقاوم شئ ما، هل يقاومها..أم يقاوم رغبته في تقبيلها، غضبه هذا ماذا يعني؟ هل جرمي عظيم لهذا الحد..الست بزوجي ومن الطبيعي توديعك بقبلة هكذا تساءلت وهي تتعمق في عيناه.
-أنا أسفة مكنتش اقصد ازعجك.
خرجت تلك الجملة محملة بأنفاسها التي لفحت وجهه..ارادت أن تضغط عليه لترى ردة فعله ماذا ستكون؟
وإذ به يلتهم شفتيها بقبلة محمومة.
لا تنكر أنها تلقت تلك القبلة بصدمة فلم تتوقعها..ومع ذلك بادلته اياها في ظمأ كبير، قطع تلك القبلة طرقات الباب تلاحقت انفاسهما وتشتت الملامح..بلع ريقهما بصعوبة وبالكاد استطاع جماع شتاتهما، توجهت للباب دون ادني كلمة..وجدت الخادمة تعلن عن قدوم الطبيب، تركته وهي تحمل اثار قبلته حتى انها راحت تتلمسها بأصابعها ..تشعر أن أنفاسه مازالت عالقة في رئتيها أغمضت عيناها وهي تعانق نفسها تشعر ببرد بعده .. تتنفس بحب متوجهة الى عملها وكأنه معها.

" أنا ضعفت لييه بس"
هتف بها وهو يصر على أسنانه قابضا على شراشف السرير بغيظ.
دلف الطبيب وهو يلقي عليه التحية وقد لاحظ بحكم مهنته ومن ملامحه المحتقنه أن به شئ فسأله:
-مالك..أنت كويس؟
-لاه أنا مش زين أنا مخنوج..أنا معرفتش أتحكم في جلبي.
-طيب ممكن تهدى
قالها طبيبه وهو يخرج حقنة مهدئة لكي يحقنه بها..بعد برهة من الوقت.
-هاه هديت
أومأ مالك.
فاستطرد الطبيب:
تحب تحكيلي ال حصل وخلاك تنفعل وتتدايق ولا تكمل.
-لاه نكمل..فالأمر الذي حدث بينه وبين زوجته سوف يحكيه له ولكن ليس الآن.
-تمام ..أنا سامعك.
تنفس مالك بعمق ثم أخرجه على مهل..فتابع وقدر شرد بعيدا.

فلاش باك:.
منذ ذلك اليوم ومالك طفل معذب مع أم تعامله بقسوة..تنهره دائما..تضربه تكرهه وبشدة وكأنه ليس ابنها، طفل صغير يعاني يتساءل عن سر تلك المعاملة السيئة، ولكنه لم يعثر على أجابة، ما كان يهون عليه والدة صديقه التي وجد فيها أم حقيقية..أم تفنى من أجل سعادة أبنها..تسهر على راحته..أم محتشمة..تصلي لا تقابل رجال غرباء..لا تتحدث بصوت عالي..لا تضرب ولا تقسو..كم تمنى مثل تلك الأم..تعايش مالك مع أمه أو من كان يظنها أمه حتى سار صبي عمره أربعة عشر عاما..في يوم كان يذاكر كعادته عند صديقه..وعائد لبيته وقبل أن يفتح الباب سمع أبيه يصرخ وصوت أمه مرتفع علم أنهما يتشاجران ..تسمر مكانه لم يستطيع الدخول..لا لكي يسمع شجارهما..بل لم يرغب أن يزج نفسه في مثل تلك المشاجرات استند بظهره على الحائط وأراح رأسه يعبث بكتبه التي في يده..وانتظر حتى تنتهي تلك المشاجرات.. كان أبيه يصرخ حتى بح صوته قائلا:
-أنا غلطت أني ادوزتك من الاول كنت فاكرك أكتر واخدة حتخافي على ولدي..لجيتك اكتر حد عذبه انتي متنفعيش تبجي أم.
-يااخي..جرفتني أنت وولدك ياريتك ياشيخ مادوزتني دفنتني معاك ومعاه بالحيا وحرمتني من الرادل ال بعشجه.
القتها في وجهه بكل جرأة.. ولم تبالي بغضبه ويبدو من صوتها الاشمئزاز من تلك الحياة..ونفاذ صبرها.
وبصدمة استطرد ابيه:
-عتجولي ايه..ولما أنتي زهجتي منينا ومن عيشتنا ليه جبلتي من الاول بينا.
وبنبرة تتراقص بتهكم استطردت:
-يعني مش عارف أنا جبلتك ليه..هو أنا كنت ريداك من اصلو مش ابوي هو ال غصبني أدوزك عشان أربي ابن أختي..لكن أنا زنبي ايه ادجوز واحد مبحبوش..اعيش حياة مش حياتي..وأكمل عيشة مش عيشتي..اختي ماتت وهي بتولده..ذنبي أيه أنا أعيش عيشتها..واعيش معاك وأنا مبحبكش ومش طيجاج..ذنبي ايه انا هاه جولي..ذنبي أيييه.

بعد هذه الكلمات اعتدل مالك واتسعت عيناه في صدمة..هذه الأم القاسية ليست أمه..اتسعت شفتيه من السعادة..نعم هو في غاية السعادة هذه الأم السيئة التي تبرى منها بيبه وبين نفسه ليست أمه..أمه امرأة جيدة ماتت وهي تلده راحة شهيدة وجوده في الحياة..لقد ساقه الله ليستمع لهذا الشجار..ليعيد له الحياة من جديد ليعيد له الأمل ، ليشعر من داخله أنه انسان سوي ليس هناك شئ يكسره..أو يستعر منه.
بعد شد وجذب مع أبيه وخالته سمع خطواتها الغاضبة، تتجه صوب حجرتها وقد صفعت الباب خلفها بعنف احتار وقتها هل يدخل بيته فيجلب لأبيه الحزن لو شك أنه سمع شجارهما بل سمع الحقيقة..لذلك فضل أن يتجول في القرية بعض الوقت ثم يعود.

كان سبب الشجار وقتها أنها أردات أن تلحقه بعمل في قرية بعيدة حتى تتخلص منه ومن عيونه التي تحاصرها دائما..وتجلدها بنظراته المحتقرة لها..وبالطبع رفض أباه فهو صغير على العمل وخشى ايضا على دراساته..
ولكن مالك وافق وجدها فرصة..يبتعد عن تلك العاهرة، انها وباء، وقد أقنع أباه بذلك، وبالفعل
سافر لقرية تبعد عن قريته ساعة اشتغل مع صاحب محل ،ومن حسن حظه أن صاحب المحل كان رجل كريم طيب عامله كأبن له، لقد ارتاح مالك معه كان يعود كل خميس لقريته فقط ليطمئن على أبيه، ولولا أبيه ماكان عاد حتى لا يرى تلك المرأة اللعينة، مكث مالك مع هذا الرجل حتى شب و التحق بالجامعة..وفي أول عام لكليته تعرف على فتاة منتقبة أحبها وجد فيها صورة مثالية لفتاة أحلامه، أعادت له زهوة الدنيا، غيرت حياته ..محت بداخله صورة زوجة أبيه أو خالته ..الصورة السيئة للمرأة التي رآها فيها..أحبها من كل قلبه..ونسج معها مستقبل باهر..لقد بني معها بيتهما بصورة مثالية صورة حلم بها بيت هادئ مبني على الحب والتدين..ولكن كل ذلك ضاع هباءا..لقد اكتشف خيانة تلك الفتاة.. وكان النقاب ماهو الا ستار لسيرها البطال..فهدمت احلامه وضاعت هباءا..ومن هنا كره كل نساء العالم.. بغض كل أنثى، وبات يكره حتى النظر لهن.

-ايه تعبت؟
تفوه بها الطبيب عندما لاحظ شحوب وجهه وأحتقانه على أثر انفعاله وتأثره بذكرياته..فأوما مالك ..ناوله الطبيب كوبا من الماء قائلا له:
- خد اشرب واتنفس بعمق واهدى
فعل مالك ما نصحه به.
-بص يامالك.. واسمعني كويس
تفوه بها حتى يلفت انتباهه له ثم استطرد قائلا:
-عقدتك اتكونت بسبب والدتك او خالتك..أنت كنت بتتمنى الصورة الطبيعية لأي أم..الفطرة ال خلقنا عليها ربنا..اي انسان صورته عن امه هي الصورة المثالية..الأم الا بتسهر على راحة أبنائها..وبتربيهم كويس وبتكون قدوة ليهم ومثال للشرف والأخلاق..ولما صورة الأم بتتشوه..بنفقد الثقة في جميع الستات..وده ال حصلك..وال زود عقدتك صدمتك في أول حب ليك..حتى الفتاة ال انت حبيتها كانت في الصورة ال بتتمناها من جواك..ولما اتصدمت فيها..عززت عندك كرهك ليهم..لكن أنا عايزة اقولك أن قانون الدنيا هو الخير والشر..حتى لو كان الشر اكتر..لكن يبقى الخير في الدنيا..ولازم تقنع نفسك ان زي ما في ستات وحشة في كمان ستات كويسة وشريفة ومحترمة زي أم صاحبك الست ال أنت تمنيت أمك تكون زيها.. انت دلوقت يامالك عرفت عقدتك الباقي عليك بقى أنك تطرد احساسك ده من جواك..وتقاومه وتحاربه عشان تقدر تعيش في سلام ..متعيش وأنت بتتعذب بسبب ماضي انتهى.
انا حسيبك تستريح..وبكرة حتكون اخر جلسة لينا..تمام.
أومأ مالك وهو يهتف:
-تمام.
**
دخل مروان الى حجرة جومانة، ومد لها يده بجريدة دارات عيناها بينه وبين الجريدة في عدم فهم فسألته متعجبة:
-ايه ده؟؛
عيناه تلمع بخبث قال لها كأنه يتشفي من أمر ما :
-اقري.
القاها لها ثم تركها..تتلقى الصدمة بمفردها.
ظلت تتصفح الجريدة بعينان متلهفة وقلبها ينبض بجنون ..وأذ بها تتسع عيناها عند خبر معين صورة لأكرم جعلتها تصرخ باسمه في جزع رهييب:
-أكرررررم.

يتبع الفصل الثامن عشر اضغط هنا
google-playkhamsatmostaqltradent