رواية كاره النساء البارت الرابع والعشرون 24 بقلم سهير عدلي
رواية كاره النساء الفصل الرابع والعشرون 24
كل هذا الحب والأشتياق الباديين في صوتها وكلماتها التي جعلت قلبه ينبض رغم عنه ، مع ذلك تحمحم وترك وجهها، ثم نهض ذاهبا إلى المرحاض هامسا :
_ أنا حجوم أغسل وشي عشان أنعس لحسن بجالي ليلتين منعستش.. ثم اسرع خطاه نحو المرحاض.
فزفرت بضيق وهي تهمس لنفسها:
_ لحد أمتى حتفضل تهرب مني.
بعد برهة من الوقت وجدته قد خرج من المرحاض كانت هي جالسة على الفراش يدها أسفل وجنتها، ما إن نظر لها حتى رفعت رأسها وظلت تحدق به بنظرات نارية تملؤها العتاب، كأنها تسأله ألف سؤال، ألست بزوجتك؟ لماذا تبتعد عني؟ لماذا ينفر قلبك مني أذا؟ ألم يحمل قلبك لي ولو ذرة من الحب؟ الن يرق لي؟ ترى ما مصير قلبي معك يا كاره النساء؟
ابتلع نظراتها وكأنه لم يلاحظ شئ، ثم توجه صوب السرير الآخر رفع الغطاء واندس تحته وهو يقول بصوت يشوبه الإرهاق:
_ تصبحي على خير .
اتسعت عيناها دهشة لبروده، وما إن نام وغطى رأسه حتى ضغطت على أسنانها بقوة ضاربة فراشها بغيظ وقد هتفت في نفسها:
_اه يبااارد..وكمان حتنام ولا كأنك لاحظت اني حولع من الغيظ ..ماشي يامالك والله محهنيك على نومة وحقرفك الليلة دي اصبر عليا.
ثم أنهت حديثها الصامت وهي تداعب ذقنها بحركة توعد.
زفرت استعدادا له نهضت من على فراشها وتوجهت صوبه ثم جلست بجواره وظلت تلكزه في جمبه وهي تهتف بطفولية:
_مالك لا متنمش وتسبني اقعد لوحدي أنا خايفة.
لمساتها تذيبه زفر تحت الغطاء يريدها أن تنهض من جانبه قال بنبرة خشنة:
_ وأنا حعملك ايه عاد.
_قوم اقعد معايا لحد ماانام .
_جلتلك أنا عايز أنعس وتعبان همليني دلوك.
صوته المتزمر جعلها سعيدة إنها استطاعت استفزازه فلن تترك هذه الفرصة فتابعت إصرارها والحاحها وظلت تلكذه وهي تهتف بسرعة:
_لأ مش حتنام قوم بقى..قوم يامالك ..مالك ..يامالك يامالك قووم.
_مالك..مالك..مابس بجى.
صرخ بها مالك وهو يصفعها صفعة قوية جعلها تحدق به بصدمة فلم تكن متوقعة أن يكون رد فعله عنيفا هكذا، ظلت تنظر له بأسف مطعم بالدهشة ثم قامت من جانبه بحركة غاضبة، ارتمت على فراشها تبكي.
قوس مالك فمه ندما على ما فعله، ولكن ماذا كان يفعل غير ذلك وهي تضغط على آثار الضرب الذي تلقاه بكل جهل، فلم يشعر بنفسه إلا وهو يصفعها، زفر ثم مسح على شعره، وقام ثم جلس بجوارها هامسا بأسف:
_حجك عليا!.. انتي اصلك مفهماش حاجة.
لم تجبه وذادت من نحيبها، فاجبرها هو على أن ترفع راسها بأن أمسك كتفيها وجعلها تقوم وتنظر له هامسا بحنان:
_ جلتلك حجك عليا عاد، وبلاش تبكي الله يرضى عليكي، أنا عملت إكده غصب عني صدجيني.
_يسلام تضربني بالقلم عشان بقولك قوم اقعد معايا.
قالتها بعتاب رقيق لامس شغاف قلبه.
_معلهش وأدي راسك اها.
نطق بها وهو يقبل رأسها.
قبلته أسرت قشعريرة في جسدها كله جاهدت أن تخفيها، نظر لها لكي يعرف هل سامحته أما لا، وجدها تتعمق في عينيه بابتسامة سماح، وجد نفسه هو الآخر يتعمق في عينيها، بل سافر فيهما وأبحر في نظرات الهيام التي ترسلها له، وذلك الحديث الشيق الذي ينبعث منهما، لقد ترجم ذلك الحديث، حديث طويل يملأ كتبا، حديث رومانسي مزخرف بالتوسل واستجداءه بأن يرق، ليته يستطيع أن يستجيب لذلك التوسل والأستجداء، إن عيناها تتآمر مع قلبه الذي ينبض بقوة كاد أن ينفجر، يحرضانه على الخضوع لتلك اللؤلؤتين، ويستجيب لسحرهما، ويبدو أن سحر عيناها بدأ عمله فقد ظل يجذبه لها ببطء يقرب رأسه وعيناه قد اتجهت دفتها صوب شفتيها، بالتأكيد الأبحار فيهما له مذاق آخر، يقترب، ويقترب، وهي تغمض عينيها في انتظاره، ولكنه استفاق في اللحظة الأخيرة أغمض عيناه وفر من سحر عينيها وهرب كأنه مقدم على عمل مشين.. ثم نهض بجوارها سريعا كأن شئ لسعه مردفا بصوت شبه مبحوح:
_ بجول إيه أنا حطلب عشا تلاجيكي جعانة.
قوله هذا جعلها تفتح عين وتنظر له بعين أخرى ولما وجدته قد أبتعد، فتحت العين الأخرى، شعرت في تلك اللحظة بحاجتها للبكاء، ماذا تفعل مع هذا البارد القاسي؟
ثم قالت وهي تجذب الغطاء عليها ونبرتها متزمرة:
_ لأ مش عايزة أكل..انا حنام أحسن، لحسن أطق.
**
_بجد يادادة مروان عايش..طب احلفي طيب.. ولا أنتي عايزة تطمنيني وخلاص.
تفوهت بها جمانة بلهفة وكل حرف غير مصدق لما حكته لها مربيتهتا والتي أشفقت من تلك الدمعات التي تلمع في عينيها لتؤكد لها قائلة:
_والله يابنتي بخير زي محاكيت لك كده بالظبط على كل ال حصل.
أشارت جمانة بيدها على ذاته وصوتها مبحوح من الفرحة:
_ يعني انا مش حروح السجن ويعدموني، انا كده بريئة.
بشفقة اردفت مربيتها وقد جذبتها إلى حضنها:
_ بعد الشر عليكي ياحبيبتي، ربنا يحفظك ياضنايا.
وراحت جمانة تفرغ شحنة فرحتها وخوفها في حضن مربيتها على هيئةدموع غزيرة كأنها لم تبكي من قبل.
_حتعملي إيه دلوقت حترجعيله؟
وكأن تلك الجملة التي تفوهت بها صعقتها وجعلتها تفيق لتدرك أنها قد تكون نجت من حكم بالأعدام ولكنها لم تنجو من سجنها الأبدي بعد .
فصرخت خوفاً:
_ لأااااا..لا لا مش عايزة ارجعله الله يخليكي خليني معاكي هنا، عشان خاطر ربنا اوعي تقوليله اني هنا.
ثم ارتمت في حضنها تسكب دموع الخوف وقلة الحيلة ومربيتها تتنهد بعجز ولا تعلم ماذا تفعل؟
**
بعد مرور يومان على مكوثهما في الفندق أخذا مالك ناريمان، وعاد بها إلى البيت كانت ناريمان خائفة من مواجهة مالك لذلك النائل، وكانت بين والحين والحين تمسك في ذراعه، فيربت على يدها بمعنى لا تخافي، وصل إلى البيت كان نائل جالسا في الصالة يشاهد التلفاز، ما إن رأى ناريمان حتى نهض متلهفا قائلا لها:
_ ناريمان كنتي فين بقالي يومين بدور عليكي.
تصدر له مالك فاردا صدره وقد دسا يديه في جيوب سرواله، وناريمان تختبئ خلف ظهره لتحتمي به، وكأن نائل للتو لاحظ وجود مالك فنظر له لناريمان ليسألها:
_ مين ده ياناريمان؟
ليجيب مالك وهو يضربه بخفة بظهر أصابعه بالقرب من كتفه:
_ حددتني أني ولا انت
نظر نائل لمالك نظرات نارية قبل أن يردف:
_ أنت مالك اكلم مين دي بنت عمي، وبعدين انت مين اصلا.
_أنا أبجى جوزها وصاحب البيت ديه كله.
حدق فيه نائل بصدمة ثم صرخ فيه قائلا:
_ جوزها ده إيه انت لازم ضحكت عليها عشان تاخد فلوسها آه ياحرامي يا..........
قطع مالك كلامه بأن أمسكه من تلابيبه قاىلا من بين أسنانه:
_ بجولك ايه اجفل خاشمك احسنلك ومن قصيرها إكده تاخد بعضك وتروح لحالك.
حاول نائل أن ينزع نفسه من بين قبضتي مالك، ولكنه أخفق فقبضته حديدية، فصرخ فيه:
_امش ده إيه وحقي انا ليا حق في ورث عني ولازم اخده.
_ عمك الله يرحمه جبل مايموت كتبلي كل حاجة بيع وشراء..يعني انت ملكش أي حجوج، يعني من الاخر إكده ترجع بلدك ال انت جيت منيها بكرامتك احسنلك احسن مترجعلها مهزج.
_اه ينصاب يا حرامي ضحكت على عمي وبنته وخدت فلوسهم ..أنا مش حسكت أنا حوديك في داهية..أنا........
وظل يتوعد ويسب ويثور فما كان من نائل إلا أن امسكه من ياقته وظل يدفعه امامه كلص ثم ألقى بها خارج المنزل وهو يقول له:
' يلا اطلع بره ومش عايز أشوف سحنتك دي تاني فاهم.
ثم نفض يديه كأنه تخلص من كيس قمامة، فتنفست ناريمان الصعداء وهتفت وهي تبتسم براحة:
_ ياااااااه كابوس وانزاح..يخرب بيته ده فظييع.
ثم اقتربت من مالك تحدق فيه بامتنان واعجاب هامسة:
_ ربنا ما يحرمني منك يامالك..بس تفتكر هو حيسكت انا خايفة يرجع تاني.
_متخافيش ويبجى يفكر بس يهوب من إهنيه يبجى حفر جبره بايده.
ظلت تنظر له بابتسامة امتنان وحب هذا الحب الذي يرفضه بكل إصرار، قطعت تلك النظرات عندما هتفت باسمه قائلة:
_ مالك
_ايه
_أنا قلقانة على جمانة قوي نفسي اطمن عليها مش عارفة جت على بالي فجأة.
_حاضر حطمنك عليها.
_أنا مش عارفة اقولك ايه بجد مفيش كلام يوصف ال انا حاسة بيه.
_متجوليش حاجة، دي مهمتي وأنا أديتها .. فاضل الجزء الأخير.
ثم تركها وصعد على غرفته..وهي تردد مندهشا:
_مهمة؟! وجزء أخير يقصد إيه بكلامه ده.
يتبع الفصل الخامس والعشرون اضغط هنا