رواية كاره النساء البارت السادس والعشرون 26 بقلم سهير عدلي
رواية كاره النساء الفصل السادس والعشرون 26
اقتراب حاجبيها وهي تهتف بصدمة:
_ ممش مراتك ازاي والفرح ال تعمل ده كان ايه؟!
أمسك كتفيها وأجلسها على المقعد ثم جلس على المقعد المجاور لها مردفا:
_أسمعيني زين وحاولي تفهميني، جوازنا كان عرفي وأنا مبعترفش بالجواز ديه، أنا لما اتجوز يبجى زواج رسمي ومرتي تكون بالغة السن الجانوني تبجى عاجلة وجرارها من نفسها، وأنتي لساتك صغيرة، يمكن لما تكبري شوية قلبك يتغير معاكي, وتكتشفي إن حبك ليا مجرد وهم و أنه حاجة تانية غير الحب ال انتي حاساه دلوك..دي حاجة_ الحاجة التانية ويمكن لما تعرفيها تضايجك حبتين، بس لازمن تعرفيها، أبوكي الله يرحمه طلبني ليكي وأنا رادل( راجل) صعيدي مجبلش إكده، أنا رايد ال اتجوزها احط عيني عليها، تدخل عجلي وجلبي، وأنا ال اطلب يدها، واك..
قاطعته وكانت دموعها تنساب بصمت على وجنتيها قائلة:
_خلاص متكملش أنا فهمت أنت محبتنيش عشان كده عايز تنهي جوازناوو....
قاطعها هو الآخر قائلا:
_ أنا مكملتش حديتي.. جولتلك اسمعيني للأخر.
بحروف تقطر حسرة وأسف على قلبها الذي ثقل همست:
_حتقول ايه تاني بعد ال قلته.
_حجول كل حاجة لازمن تعرفيها عشان ضميري يبجى مستريح.
ابتلعت صدمتها وانكسار ها هامسة:
_اتفضل كمل.
زفر بأسف شاعرا بتمزقها, دموعها التي تنحدر على وجنتيها بغزارة تلهب قلبه.. أبعد عيناه عن النظر لوجهها حتى يستطيع أن يكمل حديثه ثم تابع:
_ أنا مكنتش أجدر أجول لاه لأبوكي عشان وجف جمبي، وكان ليا أكتر من أب، عشان إكده، جبلت المهمة الواعرة دي، كان مطلوب مني إني .. إني أحط حد لدلعك ديه حدود ، أبوكي دلعك جوي وسابلك الحبل على الغارب، وانتي سوجتي فيها ومابجيش حد عارف يتحدد معاكي ..كان عايز كمان تكبري وتشيلي المسئولية، تعرفي كيف تواجهي الحياة بكل مافيها، كيف تاخدي حجك من بج السبع، وديه ال جدرت اعمله.. إكده انا مهمتي انتهت انتي دلوك فهمتي الحياة زين وتجدري تواجهيها لحالك.
عاد ينظر لها ومازال شلال الدموع يتدفق بغزارة على وجنتيها ، تابع بصعوبة وقد تمنى أن يفر من أمامها سريعا .. مد لها يده بملف به بعض الأوراق:
_ الملف ديه في كل حاجة تملكيها أبوكي كان عاملي توكيل رسمي وباع ليكي كل حاجة عشان يحميكي من أي حد عايز يبتزك، كمان فيه عقد الجواز العرفي تجدري تجطعيه، انتي دلوك حرة ..ثم صمت لحظة كأنها ضهر ثم قال وكأن الكلمات تخرج مع روحه:
( أنتي.. طااالج)
_لااااااا..متقلهاش.
صرخت بها ناريمان وهي تضع يدها على فمه والدموع أصبحت انهار على وجنتيها دموع التوسل بأن لا يتركها.. قربت وجهه بيديها واجبرته على النظر لعينيها..عينيها التي تصرخ بحبه هامسة برجاء:
_لا متقولهاش..متقولهاش يامالك عشان خاطري..أنا محتاجلك جنبي..مين قالك اني اقدر أواجه الدنيا دي لوحدي.. مين قالك كده، أنا مقدرش اتنفس من غيرك اصلا.. أنا عارفة إن بابا هو ال أرغمك على جوازك مني، ومع ذلك قبلت عارف ليه عشان كنت بحبك
_ايه كنتي عارفة؟!
نطقها مالك وقد تفاجأ بقولها.
_ايوة كنت عارفة..ومزعلتش إن بابا فرضني عليك..بالعكس فرحت لأني حتجوز الإنسان البحبه، ولو على الجواز العرفي نخليه رسمي..صدقني يامالك أنا من غيرك لحقدر أروح ولا أجي..أنت لو سبتني حضيع.
_أنتي مش فاهمة حاجة.
صرخ بها وهو يتمزق كأن حروفه مذبوحة.
_طب فاهمني في إيه تاني ليه عايز تسبني وانا مليش حد في الدنيا لوقت غيرك بعد ما بابا وماما ماتوا.
شعر باختناق هجم عليه مسح رقبته، أنفاسه تخرج بصعوبة، لاحظت هي معاناته وضعت يدها على كتفه مردفا:
_انت بتعذب نفسك وبتعذبني معاك ليه..ليه؟
رمقها بغضب وصرخ فيها بقسوة قائلا:
_ كفياكي عاد همليني لحالي ..وشوفي مصلحتك بجى بعيد عني.
ثم تركها وخطى خطوات عصبية سريعة.
صرخت هي الأخرى وقالت قبل أن يختفي:
_وانا خلاص مش عايزاك..مش حفضل اتحايل عليك..انا كرهتك كرهتك.. أمشي وسبني ..مس عايزاااك ..مش عايزاااك
ثم انهارت على مقعدها تبكي .
بعد أن أفرغت كل انفعالاتها في دموعها رفعت رأسها ومسحت دموعها ثم هتفت بعزم وإصرار:
_ انا مش حفضل اشحت حبك، ومن هنا ورايح حعرف انساك واشيلك من قلبي، واعيش حياتي من غيرك ، وال خلاني اعيش واتحمل بعد ما بابا وماما ما ماتوا..حيخليني اعيش بعدك.. انت مش حتكون اعز منهم.
واصلت بكاؤها وهي تعلم أن ما قالته ما هو إلا كلام أجوف خرج فقط لكي يمنحها بعض من القوة ..ولكنها على يقين إنها قوة مزيفة.
**
كان مروان منهمكا في مكتبه في فحص بعض ملفاته الخاصة بعمله، وإذ به يفاجأ رجال الشرطة يقتحمون عليه مكتبه يتقدمهم رئيسهم قائلاً بصوت حازم:
_أنت مقبوض عليك يا أستاذ مروان.
نهض مروان وهو يحدق فيهم قائلاً :
_ أنت ازي تدخل عليا كده.. وايه تهمتي بقى إن شاءالله؟
_حضرتك مقبوض عليك بتهمة قتل الدكتور أكرم.
زاغت عيناه في صدمة ظن أن سر جريمته قد دفن في قاع البحار ولن يستدل عليه أحد، في قسم الشرطة رأى أحد رجاله الذي كلفه بقتل أكرم، واقفا مقيد اليدين عندما رأى مروان نكس رأسه خجلاً جلس الضابط خلف مقعده وعيناه مستمتعان بالتنقل بين مروان الذي ينظر بحقد ووعيد لرجله والآخر الذي أدلى بكل شئ.. واعترف أنه هو من حرضه بقتل الدكتور أكرم، قطع الضابط نظرات مروان الناقمة المفترسة لرجله عندما قال له:
_ ياسيد مروان الراجل بتاعك اعترف انك حرضته على قتل الدكتور أكرم ايه ردك على أقواله واتهامه لك؟
صرخ مروان نافيا هذا الإتهام:
_ كداااب محصلش.
فقال الرجل مدافعا عن نفسه:
_انت ال حرضتني يامروان بيه..انا إيه مصلحتي في قتل الدكتور يعني.
ثم قدم الرجل تسجيلا بمحادثات بينه وبين مروان يطلب منه تعقب أكرم وقتله..كان قد سجله له دون معرفته حماية لنفسه..وهنا ظل مروان يصرخ وينفي برغم سماعه لصوته مؤكد على تحريضه:
- ده كدب ..كدب ..أنا مقتلتش حد مقتلتش حد..والتسجيل ده مفبرك.
هتف الظابط بهجوم:
_ أحنا معانا أدلة تانية يا أستاذ مروان ونصيحة مني اعترف احسنلك..انت موقفك ضعيف.
صرخ مروان وقد وضع يده على موضع جرحه الذي مازال لم يشفى بعد:
_كله كدب..كدب وأنا مش ححتعرف بحاجة أنا عايز المحامي بتاعي.
ويبدو أن جرحه تأثر بصريخه وانفعاله ..لقد نزف وعلى أثر نزيفه سقط مغشيا عليه.
**
_ست جمانة ..ست جمانة
هتفت بها عزيزة مربيتها في لهفة وقد كانت جمانة جالسة حزينة في حجرتها، وما إن رأته عزيزة تهرول إليها وتفتح حجرتها بطريقة مندفعة حتى نفضت عن نفسها ذلك الحزن وقالت وهي تحدق فيها بفضول:
_في ايه يادادة مالك بتنهجي كده ليه ؟
ابتلعت عزيزة ريقها بصعوبة وصدرها يعلو ويهبط كأنها كانت ترقد قائلة في حماس:
_ مروان بيه اتقبض عليه.
_اييييييه؟!
نطقت بها جمانة بصدمة ثم سألتها :
_ليه عمل ايه؟
_ اتريه هو ال قتل الدكتور أكرم.
_ أكرم هو ال قتل اكرم..أنا كان قلبي حاسس ..حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا مروان حرمتني من الإنسان الوحيد ال عطف عليا وحبيته .
بعد أن نطقت بها جمانة ظلت تبكي ومازالت غير مصدقة لفعلة مروان الشنيعة ..وعزيزة تربت على ظهرها ..أخذتها إلى حضنها وهمست لها في شفقة:
_سيبك من ال راح يابنتي وفكري حتعملي ايه في الجاي..المهم نسيت اقولك إن الاستاذ مالك جاني في الفيلا بعد ما قبضوا على سي مروان وكان بيسأل عليكي ولما قلتله انك عندي قالي أبلغك إن ست ناريمان رجعت البيت عشان تروحي لها..رفعت رأسها وهمست بسعادة:
_بجد مالك رجع يبقى أكيد طرد ابن عمها الرزل ده..تعالى يادادة نروحلها انا محتاجة لها قوي.
_تعالي يابنتي نروحلها.
ذهبت لها جمانة وجدتها تبكي وسط فوضى قد سببتها غضبها فهتفت باسمها في انزعاج:
_نانا في ايه؟!
وما إن رأتها ناريمان حتى ركضت إليها تلوذ بحضنها وتكمل سيمفونية البكاء على كتفها، جمانة هي الأخرى لاذت بها وظلت تبكي على ما مضى .
يتبع الفصل السابع والعشرون والأخير اضغط هنا