رواية كاره النساء البارت الخامس 5 بقلم سهير عدلي
رواية كاره النساء الفصل الخامس 5
-همي جدامي.
هتف بها مالك بحدة..وهو يسوقها أمامه قابضا على شعرها بقوة غير مباليا لصراخها ولا تأوهاتها..حتى توقف عند حجرتها، فتح بابها فدفعها داخلها ثم أغلق الباب خلفه، ارتفعت دقات قلبها يهيأ لها أنها أعلى من صوت الطبول، سرت قشعريرة في جسدها، يتقدم نحوها بخطوات بطيئة مخيفة، بينما تتراجع هي كالفأر المزعور..عيناه تشدو بأغنية الأنتقام، يشمر أكمام قميصه استعداد للأنقصاض..ابتلعت ريقها بصعوبة وقالت بصوت يشوبه الخوف:
-أأا..أنت حتعمل أيه..وربنا لو قربتلي لحموتك.
ابتسامة سخرية على جانب فمه تلقي بشجاعتها المضحكة وراء ظهره.. أمسكها من يدها فكادت أن تصرخ لولا أن حذرها بنظرة من عينيه وهو يهمس بتحذير:
-هشششش..أوعاكي تفتحي خشمك.. أنت لازمن تجولي حجي برجبتي.
خلع حزام بنطاله..مما جعلها تحدق فيه برعب وقد ضمت يدها الى صدرها تحتمي منه، جذبها نحو سريرها وقام بلف الحزام حول يديها وربطها به في قدم السرير..لم يشفق لصراخها ولا استغاثتها..ولا محاولاتها الفاشلة في الفكاك منه:
-أنت بتعمل ايه..يامامااااا..يابابااااا الحقوووني ..فكني ياجلف أنت ..بقولك فكني.
-جلت أجفلي خشمك..اجفلي خاشمك خالص.
قالها وهو يضم شفتيها بيده ويهزها في محاولة لاسكاتها.. بعد ذلك أخرج منديله وكممها به..ولمح ( شالا لها) فقيد به قدميها.
كانت ترفس تتلوى بجسدها في محاولة لفك قيدها..لكن دون فائدة..كان ينظر لها واضعا يديه في خصره هامسا بتشفي:
-حخليكي إكده لحد ميبان ليكي صاحب..ولما تتأدبي يبت عمي..وتعرفي ان الله حج
..ساعتها يمكن احلك ومتجلجيش حجولهم تحت أنك عايزة تنعسي ومش عايزة حد يزعجك.
كانت تزووم غيظا حتى احمرا وجهها وتبعثر شعرها.. تزوم من أسفل كمامتها عله يحل قيودها قبل أن يخرج..ولكنه ينظر لها ويبتسم في تشفي ..وزاد من احتقانها قوله لها قبل أن يغلق الباب:
-تصبحي على خيير يابت عمي.. اشوفك بكرة زي دلوك..ثم قال جملته الملازمة له( كسحة تاخد الحريم كليتهم
**
كان شاردا يقلب الأمر في رأسه عدة مرات، ويحسبه من جميع جوانبه، حتى قطع عليه حبل افكاره..دلووف وداد وهي تحمل في يدها كوب الشاي وقالت له بعد أن جلست بجواره على الفراش:
-الشاي اهو يا أبو نريمان عملتهولك بايدي..ضيقت وداد عينيها عندما لاحظت شرود زوجها فسألته وهي تناديه مرة أخرى حتى ينتبه لها:
-ابو نريمان ..ياحج خالد .
خالد وهو يلتفت لها وكأنه للتو يشعر بها:
-هه ..في اييه؟؛
-انا ال فيه أيه ولا أنت؟؛ مالك يا أخويا كنت سرحان فيه؟
-كنت بفكر بموضع إكده.
-خير يااخويا أن شاء الله..موضوع ايه ده؟؛
-قالتها وهي تناوله فنجان الشاي.
اخذه منها ثم أعتدل في جلسته وقال لها وهو يدقق في وجهها:
-إيه رأيك في مالك ولد أخوي.
أستغربت سؤاله..فسألته:
-من ناحية أيه يعني؟
بنرفزة هتف:
-يعني إييه من ناحية اييه..من ناحية كل شي يا مرة.
-طيب يااخويا متنرفز ليه بس..هو بصراحة الجدع كويس، مؤدب ،وراجل يعتمد عليه اخلاق من الآخر يعني.
خالد وهو ينظر لنقطة ما كأنه يرى من خلالها المستقبل:
-زين..زين جوي.
ثم عاد يلتفت لها ويقول:
-يعني لو اتجدم لبتك توافجي.
حدقت به في سعادة وهتفت بنبرة غير مصدقة:
-الله هو كلمك عليها ياحج يا ألف نهار أبيض مشاء الله.
أشاح بوجهه بعيدا عنها في ضيق وتأفف في غيظ:
-شوف المرة أجولها ايه تجول ايه..جاوبي على جد السؤال وبس يا ولية.
-اوافق يااخويا ..اوافق موافقش ليه..هو ال زي مالك ده حد يرفضه.. بس يعنيي.....
توقف عند ترددها فسألها:
-بس إيه ممتحدتي دغوري عالطول.
بكلمات مترددة اردفت:
-اقصد المشكلة في نريمان ياترى حتوافق..دي مش طيقاه اصلا.
ظل يرتشف من فنجانه وبصره شاخص واخيرا قال بعد فترة صمت:
-تتعدل..وال فيه الخير يجدمه ربنا..يلا همليني دلوك عايز أنعس هبابة.
قال جملته الأخيرة وهو يعطيها الفنجان الفارغ ثم طرح نفسه لينام.
أخذت منه الفنجان الفارغ وانصرفت بعد أن اغلقت الباب خلفها.
**
لا ينكر أن نومه طوال الليل كان متقطعا، كان قلقا عليها عليها بشدة خشى أن يحدث لها مكروها ويكون هو السبب، كان يقاوم رغبته في الذهاب لفك قيدها..ولكن كلما تذكر عندها وغرورها فيتخلى عن شفقته تجاهها ويشجع نفسه على الصبر علها تتأدب، وأخيرا رحمته الشمس وأشرقت لتملأ الدنيا بأشعتها الذهبية، نظر في ساعته وجدها الثامنة، تنفس باطمئنان لأن في هذا الوقت الكل مشغول في الطابق السفلي لتحضير الأفطار، هم لا يعلمون بأمر حبسها، ولأنهم يعلمون طبعها الصعب عندما علموا من مالك أنها لا تريد اي ازعاج فقرروا أن يلتزمون بما تريد تجنبا لفظاظتها وغضبها الفظيع.
فتح الباب كان شعرها يخفي وجهها بالكامل، يبدو أنها بذلت مجهودا كبيرا في الصراخ ومحاولاتها في فك قيودها..ثيابها أيضا كانت في غاية السوء، كانت هامدة ..لا تبدي حراكا..جثى على ركبتيه أمامها وبأصابعه أزاح شعرها من على وجهها، ضم شفتيه بشفقة فقد استاء لمنظرها ..فقد كان وجهها شاحبا..عيناها غائرتين متورمتان يبدو انها بكت كثيرا، زفر بندم.. هل يعرف المغرورن كيف يبكون؟؛ لام نفسه ..ما كان عليه أن يفعل بها كذلك..نزع المنديل من على فمها وهنا شعرت به فاستيقظت..وعندما أبصرته احتقن وجهها بشدة وضغطت على شفتيها ضغطة حملت فيها كل غضبها..ثم صرخت فيه وقد هيئ له أن عروق رقبتها على وشك الأنفجار:
- هو أنت..ربنا يخدك يا بعيييد..يا متخلف يا حيوان أنا يتعمل فيا كده.
سجن شفتيها بين قبضة يده ليخرسها وهو يقول لها:
-مفيش فايدة فيكي..العفش عفش بردك..تصدجي أنا غلطان عشان صعوبتي عليا وجيت عشان أفجك..خليكي إكده..مربوطة وأفضلي اصرخي بجى عشان يجاوا يفكوكي.
ثم نهض وخطى صوب الباب..فصرخت فيه:
-أستنى هنا ..انت حتسبني كده ..ضهري وجعني من القاعدة دي ..فكني بقولك.
فوقف مكانه يزفر مللا من تلك المجنونة..ثم عاد لها، وسألها:
-عايزاني أفجك يعني؟
-أنت بتسألني..فكني يابني أدم حمووت ..عايزة اروح الحمام..حرام عليك.
ابتسم ببرود واقترب ببطئ ثم أتى بمقعد ووضعه بالقرب منها، جلس عليه واضعا قدم فوق قدم قائلا ببرود:
-ماشي حفجك بس لما تتأسفي لاول..وتجولي أنا أسفة يامالك باشا.
صرخت بغضب:
-مش حتأسف ولا زفت ويلا فكني بقولك.
-يبجى خليكي إكده ..المعروف مينفعش لأمثالك..كسحة تاخد الحريم كليتها.
قال ذلك وهم أن ينهض وهم أن يتركها..ولكنها سرعان ما تخلت عن عجرفتها وقالت سريعا حتى يخلصها من قيودها.. فكانت تشعر أن بطنها على وشك الأنفجار من فرط الألم:
-لأ استنى ..خلاص ..خلاص حتأسف.
أغاظتها بشدة ابتسامة الأنتصار التي تراقصت فوق شفتيه..خاصة عندما نهض وقال وهو يمسك بطرف ذقنها مردفا:
- شطورة ..الأدب حلو برضك.
هزت رأسها يمينا ويسارا حتى حررت ذقنها من بين أصابعه بعدها قالت من بين أسنانها:
- أنا أسفة.. أخلص بقى فكني
قال وهو يربت على احدى وجنتيها بتحذير:
- لاه..عتجوليها من وسط سنانك إكده..معجبنيش..جوليها زين زي الناس.
همست لنفسها وهي تبحلق في السقف وقد فاض بها :
-ألهي يجيلك شلل يابعيد..ويرحني منك.
-بتبرطمي مع حالك عتجولي ايه؟
-دون أن تنظر له وبنبرة جاهدت أن تخرج طبيعية:
-أنا أسفة.
-زين إكده.
وما إن أصبحت حرة حتى هجمت عليه وراحت تضربه بقبضتيها ، وهي تهتف ثائرة غاضبة:
-أنت مالك ومالي..بتعمل ليه كده فيا أنا بكرهك ..بكره.....
توقفت فجاة عن ضربه ..وقد جحظت عيناها ذلك لان الآلام رهيبة هجمت عليها جعلتها تركض نحو المرحاض.
فضحك مالك وهو يهز رأسه يمينل ويسارا متعجب من أمر تلك الفتاة التي تغضب سريعا..وتثور سريعا ثم قال جملته قبل أن يغادر حجرتها"كسحة تاخدك يابعيدة" مجنونة وحتجننيني معاكي .
**
عندما خرجت نريمان من المرحاض كانت في أوج نقمها من مالك ومن أفعاله بها، هو الوحيد في هذا العالم الذي أذلها وكسر أنفها..ماذا تفعل له؟ أنها تريد أن تغيظه كما يغيظها بأي ثمن، تريد أن تنتقم منه، بل تريد أن تقتله لو استطاعت، بداخلها بركان يغلي، حمم الغيظ في قلبها تفور وتفور.. تشعر أنها عاجزة على فعل شئ حياله فظلت تركل الأرض وتزوم وتدعو عليه من عمق قلبها:
-امممممم...يارب تموت يارب.. يالي اسمك مالك..يارب وانت ماشي يخبطك سواق أعمى ياشيخ، ولا تتزحلق على السلم ورجليك تتجبس وتقعد شهرين تلاتة محبوس عشان استريح منك آااااه منك يااني حطق ياربي.
وكأن فكرة أن يبقى حبيسا في حجرته راقت لها فقد توهمت كيف ستكون حرة وتعود لحريتها، كما كانت قبل أن يقتحم ذلك الجلف حياتها فابتسمت بخبث وهمست لنفسها وهي تداعب ذقنها:
-والله فكرة..آه يبت يانانا لو رجله اتكسرت ولا رقبته حتى.. يسلااام الواحد يرجع بقى يعيش حياته زي الأول..بس مفيش حل غير كده أنا حاروح أتوضى وأصلي ركعتين لله وادعي عليه يمكن ربنا يستجيبلي وياخده ويريحني منه بقى..يااارب.. ياارب رجله تتكسر ويتجبس شهرين تلاتة ميقدرش يتحرك..لدرجة أن يشيلوه يودوه الحمام.. أمييييين..يااااارب.
وبالفعل راحت تتوضأ وتصلي لكي تدعو عليه..وبعد أن فرغت شعرت بسعادة وكأن الله أعطاها ميثاقا بان دعوتها قد قبلت..نهضت بحماس تنفذ فكرة طرأت على عقلها لتنتقم من ذلك الجلف..تناولت علبة الكريم المرطب للبشرة الخاصة بها وخرجت تتلفت يمينا وشمالا لتتأكد أنها لم يراها أحد..وعندما اطمأنت ..وضعت الكريم على السلم حتى إن لامسه مالك بقدميه انزلج من فوقه وتنكسر رجله..هذا ما باتت نريمان تتخيله وتحلم به أن يتحقق.. عادت لحجرتها بسرعة وظلت تتصنت من خلفه وتنتظر بلهفة صرخاته وهو يسقط.
اما في الأسفل كان مالك جالسا على السفرة مع عمه وزوجته لتناول طعام الأفطار، كان مالك يعتذر من عمه عندما وجده عابث الوجه لا يلتفت اليه ولا يحدثه، فهمس مالك بنبرة مفعمة بالﻹعتذار وهو يقبل يده:
-ايييه يا عمي لساك زمقان مني..لاه أنا ما أجدرش على زعلك ..أنت عارف أني مباتعملش مع حريم.
ولكن عمه لم يجبه..ولكن مالك ظل يترجاه ويقبل يده مرات ومرات حتى زوجته كانت تساند مالك فتقول لخالد باستعطاف:
-خلاص بقى ياحج.. مالك زي ابنك بردو ..مينفعش تخاصمه كده.
فاستجاب خالد وابتسم له بعتاب قائلا:
-يعني يرضيك إكده تضيع منينا زبونة زي دي.
فرح خالد لمسامحة عمه له فأردف بثقة:
-ولا ضاعت ولا حاجة ..بكرة تاجي غصب عنيها.. حروح أنا بجى أجيب مفاتيحي عشان أروح الشغل بدري.
مالك وهو يربت على ظهره:
-روح يا ولدي ربنا يسترها عليك.
دقيقة واحدة فقط بعد أنصرافه، سمع خالد وزوجته صوت ارتطام جسد من أعلى السلم وصرخات استغاثة من الخادمات . جعلت خالد تتسع عيناه ويتساءل بخوف:
-في إييه ..مين ال وقع ديه؟؛
حتى وداد ضربت صدرها بيدها وهي تردد بفزع:
-يا لهوي ..ايه ال خبط ده؟؛
ثم نهض الأثنان وهرولا ليتفقدا ما الأمر.
وكان..
ياترى مين ال اتزحلق على السلم مالك ولا حد تاني.. آه منك يانريمان ياشقية عملتك دي جت على دماغ مين؟
يتبع الفصل السادس اضغط هنا