رواية القديمة تحلى البارت الحادي عشر 11 بقلم نرمين
رواية القديمة تحلى الفصل الحادي عشر 11
انتهي الحفل بعد ساعتان تقريبا..لم تهتم شيما بزوجها مطلقا بل انشغلت في التعرف الي المدعوين بعيد ميلادها...بالأساس هذا ما كانت تريده..أن تكون نجمة ساطعة في الحفل وساعدها في ذلك السيدة نجاة...ولكن بالطبع هدف كلتيهما يختلف عن الأخري بمرااااااحل...
رحب قدري بشقيقه ناصر كثيرا عندما شاهده يذهب وراء زمزم ..خاصة وأنه وجد ابنته تنظر له بجفاء وجمود حتي انها لم ترحب به ..
دلفت زمزم الي المنزل برفقة سيلين ...تركتها سيلين وذهبت نحو عمها فهي تحبه كثيرا رغم أنها غاضبة منه مما فعله بزمزم لكن بالتأكيد يوجد لديه سبب..
رفعت قدمها حتي تصعد الدرج نحو غرفتها عندما صدح صوت والدها ...
_ مش عاوزة تشوفي وشي للدرجادي يا زمزم؟؟..
اخذت نفسا عميقا والتفتت حتي تخرج ولو قليلا مما تحمله بداخلها تجاهه..
_ حضرتك قعدت اكتر من سنة مختفي...تقريبا سنتين من يوم ما لبست عروسة..مسألتش عليك ولا افتكرتك اصلا..وده يخلي وجود حضرتك دلوقتي زي عدمه...
لم يحيد بعينيه عنها يريد ارجاع زمزم الرقيقة التي تنتقي كلماتها بعناية حتي لا تجرح احد ...
_يعني ايه؟؟..
ابتسمت ابتسامة صفراء قاسية واردفت بصوت هادئ..
_ يعني حضرتك بالنسبالي ضيف...صاحب ابويا اللي قاعد ده..غير كده لا..
قالتها مشيرة إلي عمها الذي ادمعت عيناه بلحظة وهو يتذكر ما مضي ...
كان وقاص وسيلين ووالدتهم يتابعون الموقف بذهول ...لكن وقاص كان يتابعه بصدمة وذهول شديدين ..فقد استطاع الان وببضعة كلمات بسيطة معرفة ما حدث بالماضي بين عمه وابنته من خلال كلمتين فقط تفوهت بهم زمزم..
"لما كنت لابسة عروسة"...زمزم لم تكن تريده..لم يدق قلبها له يوما...حتي انها لم تتمني الزواج منه لاعاقتها..والدها أجبرها بطريقة ما....
**************
تذرع الغرفة ذهابا وايابا ...منذ اخر مشاداة بينهم بوقت الغداء وحتي الان..الساعة تشير الان الي الثانية صباحا...
التقطت هاتفها حتي تعاود الاتصال به مرة أخري لربما يجيبها..
فتح الهاتف بعد قليل ...لم تعرف من الذي ضغط زر الايجاب فلم يصلها صوتا واضحا بالهاتف ...
ادمعت عيناها وقبضت على الهاتف بيدها عندما استمعت إلى تلك الحرباء ضرتها وهي تقول بميوعة...
_ كنت عارفة انك هتجيلي يا حياتي..انت اصلك متفق معايا من بدري...ربنا يخليك ليا يا بودي ..تعيش وتفرحني يا حبيبي..
عقبال م تطلق الارشانة مراتك ديه ..
لم تستمع الي صوته لكنها تعلم جيدا أن عابد لا يترك هاتفه مهما حدث ...اغلقت الهاتف ورمته أرضا ودموعها تسقط من عينيها ...
باليوم التالي استيقظت تمارا علي صوت ضجة بالغرفة فتحت عيناها وتفاجأت بوجوده ..لم تعطه اهتمام ووضعت الغطاء علي رأسها..
_ متدايقيش اوي كده ...انا جاي اخد اي ورق ليا هنا...انا همشي ومش هجيلك تاني ..مسافر كام شهر كده اسكندريه هفتتح شركة التأمين اللي هناك وهقعد اباشر الشغل فيها وهاخد امي معايا كمان...
تخيلت كل شئ ..واي شئ لكن أن يهجرها ..لا لم تتخيلها ..
لم تدري بنفسها الا وهي تستمع الي صوتها وهي تقول بنبرة مشدوهة..
_ هتسبني؟؟!!!...
لم تؤثر فيه نبرتها أو ما قالته...يعلم جيدا انها تجيد تعشيمه حد امتلاكها وفي النهاية يسقط علي جدور رقبته ..هذا ما كانت تجيده دائما ...
لكنه لن يستطيع تحمل خيبة أخري وخذلان اخر...آثر الابتعاد عنها وتركها كلاهما يريد فترة يبتعد فيها عن الاخر حتي يعيد ترتيب حساباته ...
_ وايه الفرق!!...احنا هنا مع بعض وكل واحد فينا لوحده...انا قررت اني اعيش حياتي مرتاح ...انا ماشي يا تمارا...هاخد امي واطلعلك العيال ...ابوكي رجع من السفر ابقي روحيله ..
وخرج من المنزل بأكمله بعدما جمع اغراضه ...
توقفت أنفاسها مع جملته الأخيرة..ناصر النوساني عاد من عمله اخيرا!!!!...
لم ترد علي مكالمات ابيها منذ أن سافر إلى عمله ...حتي أنه لم يرى سجدة فقد ولدت يوم سفره ...
**************★**
مر اسبوع كامل كانت تحاول قدر استطاعتها التغلب على ثورتها ...تريد أن توفي بكلماتها مع الطبيب الذي لم تعرف اسمه الي الان ...
تريد أن تحادث زمزم..تعلم انها كانت قاسية معها عند زواجها لإبن عمها البغيض...
دلف إليها الطبيب وهو يبتسم ...الان فقط انتبهت الي غمازتيه..
_ صباح الخير..
_ صباح النور ..
جلس الطبيب أمامها وهتف..
_ عامله ايه يا زهرة النهاردة؟؟..
ابتسمت زهرة بهدوء قائلة...
_ الحمد لله .. أحسن من اول الاسبوع اكيد...
اومأ برأسه ثم هتف...
_ ده باين طبعا...أن شاء الله زي م اتفقنا ...
وأخرج شيئا ما من جيب بنطاله وأمد يده لها به...
_ ده التليفون..طبعا انا معرفش ارقام اي حد ...بس اكيد انت حافظة اي ارقام ولا ايه ؟؟..
تعلقت عيناها بالهاتف بفرحة عارمة وهي تهز رأسها إيجابا...
_ انا...انا حافظة ارقام اخواتي وعاوزة اكلمهم...
اعطاها الطبيب الهاتف والتفت حتي يخرج من الغرفة قائلا...
_ تمام ...التليفون هيبقي معاكي النهاردة نص ساعة ونص ساعة كمان هتنزلي الجنينة...حسب تجاوبك هتزيد المدة..
استعدت حتي تنزل إلي الأسفل حيث طاولة الطعام ...تتعمد التأخير حتي ينتهي والدها من تناول طعامه ..لا تريد الاحتكاك به ابدا ...أصر عمها أن يجلس أخيه بالمنزل لحين الانتهاء من تجهيزات منزله الجديد...
رن هاتفها فالتقطته بسرعة ظنا منها انه ياسر فاليوم موعد قدومه كما قال لها..نظرت باستغراب الي الهاتف وهي تتطلع الي هذا الرقم الغريب..
ردت علي الهاتف فوصلها صوت شقيقتها الوسطي...الأقرب الي قلبها...
جاءها صوت زهرة الملهوف...
_ أيوة...أيوة يا زمزم..انا زهرة ..زهرة..
ادمعت عيني زمزم وجلست على الفراش مرة أخري ...لم تقوي قدماها علي حملها...
_ زهرة..زهرة حببتي ..وحشتيني...وحشتيني اوي ...انت فين لسه ف المستشفي؟؟..
_ أيوة لسه ف المستشفي..وانت كمان وحشتيني اوي...اتطلقتي ولا لسه؟؟.
_ لسه..بس خلاص كلها شهر ولا حاجة ..هنرجع نعيش مع بعض تاني..
استمعت الي صوت بكاء زهرة ...لم تستطع مواساتها فهي ادري الناس بها ...من المؤكد أنها تذكرت ايام زواجها من ناير...كيف كانت بوقتها ...رغم أنها لم تكن تريده لكن حالها في هذه الأيام كان افضل بكثير مما هي عليه الآن...
_ كل حاجة هترجع زي م كانت واحسن يا زهرة ..صدقيني..انا بعمل علاج طبيعي عشان رجلي وجاب نتيجة...تمارا بدأت تخس وترجع زي الاول..وانت اهو شدي حيلك وخفي ...
كل واحدة فينا مرت بحاجة وجعتها ومش عاوزة تجربها تاني...
هنرجع نعيش مع بعض...من غير اللوا ناصر...
ظلت تتحدث مع اختها لما يقرب الساعة ثم اغلقت الهاتف مع وعد بأن تزورها بالمشفي...
نزلت الي الاسفل عندما اتصلت بها سيلين تطلب منها المجئ فلبت طلبها ...
_ كل ده يا زمزم ..عمو ناصر مستنيكي من بدري ومش راضي ياكل...
لم يكن هذا الصوت سوي لشيما ...كانت تعلم جيدا ما تفعله فقد استطاعت رؤية الخوف بأعينهم جميعا من وجوده..كنا أنهم تجنبوا الحديث عن صلة قرابتها بهم لذلك تصرفت هي ...تأفأفت زمزم بنفاذ صبر وهتفت..
_ مطلبتش من حد يستناني يا شيما...تقدري تاكلي ..جوزك جنبك اهو هو وعيلته كلها ...
هنا رفع ناصر رأسه ونظر الي ابنته مباشرة والتي قابلته بابتسامة صفراء قاسية...
هتف ناصر بنبرة مشدوهة...
_ م..مين جو..زها!!؟؟...
أشارت زمزم الي وقاص الذي لم تكن دهشته اقل من والدها وهتفت...
_ وقاص...وقاص جوزها..بقالهم سنه متجوزين...ادعيلهم بالذريه الصالحه بقي...
تركت والدها في دهشته وسارت نحو الحديقة وهي تضع يدها في جيب سترتها الطويلة حتي بعد ركبتيها وكان صوت والدها الجهوري اخر ما سمعته قبل أن تضع سماعات الهاتف بأذنيها ...
_ ابنك انت يتجوز علي بنتي يا قدري!!!...ناقصة ايه بنتي ..ويجبلها ضرتها ف البيت...
تابع حديثه وهو ينظر إلي اثر ابنته وهو يهتف...
_ انا ماليش مكان هنا...لا انا ولا بنتي ...بنتي تطلق بكرة يا وقاص ...واللي بيني وبين البيت ده اخويا وبنته...
وذهب الي غرفته حتي يلملم اغراضه ويأخذ ابنته ...يعلم أنه أخطأ بحقهم جميعا ..لكنه عاد..عاد حتي يصلح ما اقترفه بحق ثلاثتهم...
يتبع الفصل الثاني عشر 12 اضغط هنا