رواية منقذي وملاذي البارت العشرون 20 بقلم فرح طارق
رواية منقذي وملاذي الفصل العشرون 20
"مش ده كان كلامك من البداية؟ إنك هتطلقني؟ وأنا دلوقت عاوزة أطلق يا ماجد، حياة بينا بقيت مستحيلة، مبقتش قابلة وجودي معاك، شعوري ناحيتك اتعدى الكُره بكتير، وأنا اتحملت كتير أوي، مش هستحمل أكتر من كدة، هنطلق وابنك هيكون معايا، وقت ما تعوز تشوفه هتشوفه، مش هحرمك منه نهائي.."
وقع حديثها كوقع الصاعقة على مسامعه، ظن أنها ستبقى، لم يخطُر بباله أنها ستطلب الطلاق منه! يعلم شروق ليست تمتلك شجاعة بِما يكفي لأن تطلب منه الطلاق وهي تعلم كم ستكون وحدها هي وابنها! احقًا سئمت منه لتلك الدرجة؟ نالت منه ما يكفي حتى لا تُفكر بشئ سوى الانفصال عنه!
ماجد بصدمة : إحنا اتفقنا هتديني فرصة صح؟
شروق صدقيني جوازي من غادة كان بس..هشام كان.
اردفت بصراخ : هشام، هشام.. أخوك.. أبوك..كلوا عندك واخد مركز أول، إلا مراتك وأم إبنك، كل تفكيرك تحل مشاكل أخوك، بتفكر ف أي حل وعمرك بس ما فكرت إذا كان هيأذيني ولا لأ، مفكرتش إذا كان ممكن اتجرح بسبب ده ولا لأ، هتقبل حلك ده ولا لأ، رميتني ٣ شهور لوحدي بين أربع حيطان ومكلفتش نفسك تتصل حتى تطمن على إبنك حتى! وبعدها اتجوزت غادة، وقبل ال٣ شهور كنت معاك ومش معاك، مجتش ف مرة حسستني بأي أهمية ف حياتك!
نظرت لهُ بحزن واردفت : مطلبتش أي حاجة غير بس شوية إهتمام، مجرد إحساس تدهوني احس بيه أني من ضمن أولوياتك، بس كان كتير عليا أحس بكدة؟ مستاهلش للدرجة دي؟ كان ممكن حتى تضحك عليا بشوية كلام زي ما بتعمل بس حتى معملتش كدة.
مسحت دموعها واردفت : بس خلاص كفاية، هطلق واشتري نفسي والي باقيلي من روحي، أنا اتاذيت كتير أوي، اتأذيت منك ومن كل الي حواليا بس منك كانت الأذى كبير أوي يا ماجد، أكبر مما تتخيل، وإني اديك فرصة تاني صدقني روحي وطاقتي خلاص مبقوش موجودين عشان يستقبلوا ويدوك أي فرصة ممكن تخليني أكمل معاك.
لم يُجيبها، لم يردف بكلمة واحدة حتى! بل تركها بمنتصف الغرفة وخرج مُسرعًا صافعًا الباب خلفه بحدة، بينما جلست هي على الأرض تبكي، تتذكر كل شئ، كل ما مرت بِه على مدار حياتها، تتذكر كم مرة قتل روحها دون رحمة، كم مرة أجبرها على تحمُل ما يفوق طاقتها وهي ظلت صامتة، مُستسلمة تمامًا لكل ما يبدُر منه، لم تظُن يومًا أن تطلب منه الانفصال عنه! وهي من تقولها بلسانها هي! هي من تُردف بها بعد أن كانت برغم كل ما يُسببه لها من الآلام كانت تظل معه، وبجواره، ف كان وجوده بجانبها برغم الالم الذي ينتُج عن ذاك الوجود، كان يُحيِ روحها.
في الاسفل داخل مكتبه..
دلف للمكتب الخاص بِه بغضب شديد، ظل يتحرك بِه ويدور بالمكتب كالثور الهائج، يتذكر كل ما صرخت بِه منذ ثوانٍ فقط، توقع منها أن تنهار وتُخبره كم جرحها وتستكين بين ذراعيه مرة أخرى، ولكن أن تثور وتطلب الإنفصال عنه..لا لم يأتي بباله ذلك حتى!
حسم أمره وقراره وصعد إلي غرفة غادة بعدما أخذ بعض الأوراق من داخل الخزانة الخاصة به..
في غرفة غادة..
دلف ماجد للغرفة بهدوء مُميت وهو يُطالعها بنظرة مُحتكرة.
وضع الاوراق أمام عينيها واردف بحدة : أمضي.
غادة : ولو رفضت!
ماجد : صدقيني يا غادة مش هتردد لحظة واحدة بقتلك دلوقت.
غادة بسخرية : مبخافش يا ماجد، خوف مبخافش.
ماجد : ألا تكوني فاكرة أن الكام شاش ملزوق على جسمك ده هيحميكِ مني؟ وألا شوية الضرب دول هكفى عليهم؟ أمضي يا غادة واشتري الي باقيلك من عمرك.
غادة : مش همضي.
ماجد بغموض : حلو، صدقيني أنتِ الي جبتيه لنفسك.
خرج من الغرفة مرة أخرى وهو يبتسم بغموض، بينما طالعت غادة أثره بخوف من نبرته الأخيرة التي لا تدُل على الخير أبدًا!
بعد وقت صعد ماجد ومعه بعض النساء التي ترتدي ملابس طبية ومن هيئتهم عرفت أنهم ممرضات، وخلفهم دخل ماجد ينظر لها بغموض ومعه طبيب..
غادة والخوف يتسرب إلي داخل نياط قلبها : عاوزين إيه؟
ماجد بسخرية : عاوزين كل خير يا روحي، الدكتور فادي المُحمدي من مصحة خاصة بمُعالجة الإدمان.
غادة بصراخ : لأ يا ماجد أنا مش مُدمنة فاهم! مش هروح ف حتة!
ظلت تصرخ به كثيرًا والممرضات يحاولن السيطرة عليها حتى يعطوها مُهدئًا ليتمكنوا من أخذها معهم..
جاءت شروق ومروة عقب صراخ غادة..
مروة : في إيه؟
غادة بصراخ : همضي يا ماجد بس خليهم يسيبوني.
أمرهم ماجد بالابتعاد عنها واقترب منها بالاوراق التي بين يديه، وجعلها تمضي عليها جميعًا.
أبتعد مرة أخرى واردف : تقدروا تاخدوها..
غادة : شروق خليهم يسيبوني، أنا مش مُدمنة يا ماجد، ابعدهم عني
هتودي مراتك مصحة ادمان!"
اردفت شروق بتلك الكلمة بينما طالعتها غادة بأمل من أن يتوقف عما يفعله..
بينما نظر لها ماجد واردف : مش لو كانت مراتي؟
نظرت له شروق واردفت : أنت طلقتها!
ماجد : الطلاق بيحصل في حالة لو اتجوزتها أما ف حالتنا دي هطلقها ليه وهي مكنتش مراتي من الأساس؟
أغمضت عينيها وهي وابتسمت لمُجرد أنها توهمت بذاك الرد الذي أجابها بِه، ولكنه اوقعها مرة أخرى بواقعها حينما استمعت إلى صوته يجيب : أه طلقتها.
نظرت إلي غادة التي قلت مقاومتها أثر ذاك المُهدئ الذي أخذته للتو، واعادت ببصرها لماجد مرة أخرى، ومن ثم خرجت من الغرفة بأكملها..
بعد وقت من رحيل غادة للمصحة، كان يجلس بكتبه يتحدث مع عمرو سكرتيره..
ماجد : قدامك كتير وتوصل؟
عمرو : لأ خلاص داخل عليك أهو.
ماجد : تمام جايلك.
خرج ماجد من المكتب، متجه للخارج لإحضار عمرو، الذي أتى إليه من القاهرة.
دلف الاثنان للمكتب مرة أخرى بعدما إلتقى ببعضهما..
اتجه ماجد للخزانة وأحضر منها خازن ذاكرة..
ماجد : الفلاشة الي عليها كل اعترافات غادة، عليهم شخص شخص.
عمرو : عملتها إزاي دي! ع العموم كويس كدة هسلمها للشرطة.
ماجد : ماشي.
أردف ماجد بكلمته واتجه للنافذة وقف خلفها وهو ينظر لمياه البحر أمامه، شرد به وهو يضع يديه بداخل بنطاله..
فاق من شروده على صوت عمرو مُتسائلًا بتردد : و عملت أيه مع شروق؟
ماجد وهو يضغط على أسنانه بحدة : بحاول أراضي مدام شروق.
أبتسم عمرو قبل أن يجيبه ولا حظ ضغط ماجد على كلمة مدام التي اردفها لهُ للتو واجابه : ربنا يصلحلك الحال، أنا همشي وهبقى معاك على الموبايل.
أمأ ماجد برأسه ورحل عمرو بينما وقف هو وشرد مرة أخرى..
استدار بلهفة على تلك اليد التي وُضعت على كتفه للتو..
ابتعدت شروق سريعًا ما أن استدار لها واردفت : بنادي عليك بقالي حبة ومش بترد.
ماجد بإبتسامة حزينة : معلش سرحت شوية.
شروق : أنت مردتش على الي قولته ليك ف الأوضة، وكمان مفيش داعي نتأخر ف الطلاق.
ماجد بحدة : أنسي أني اطلقك يا شروق.
شروق بغضب : نعم! هو ايه الي انسي؟
أكملت بصراخ : بكرهك، مش عاوزاك، مش طايقة فكرة اني مراتك، كارهة أني أكون معاك ولا..
شهقت بفزع حينما وجدت نفسها بين أحضانه، بينما هو قاطعها منقضًا على ثغرها يقبلها..
ابتعد عنها وهو يلهث واردف : أنسي يا شروق، أنسي أني اطلقك، انتِ اتولدتي على إسمي، من يوم ما اتولدتي وانتِ مكتوبة ليا، هتفضلي مراتي وأم عيالي، طلاق انسيه يا شروق، مهما يحصل بينا مستحيل ابعدك عني.
شروق بسخرية : لأ مش مستحيل، قدرت عليها مرة هتقدر تاني متخافش.
أغمض عينيه وهو يضمها إليه أكثر واردف : اغبى حاجة عملتها أني بعدتك عني ٣ شهور يا شروق، حاجة عملتها كل يوم وكل ساعة وكل دقيقة بلعن نفسي ع الي عملته.
شروق : صعبت عليا تصدق؟
اردفتها بسخرية وحاولت دفعه وهي تردف : أبعد عني، وسيبني مش بطيق لمستك ليا يا ماجد فاهم يعني إيه؟ بقيت بكره نفسي وبكرهك أكتر لما بتقرب مني.
شدد على قبضته لها وأكمل : هتفضلي معايا يا شروق، مكانك ف حضني وبس، لو مُضطر اجبرك على كدة هجبرك بس بُعد وطلاق انسيه.
تركها ما أن أنهى كلامته، وابتعدت هي واردفت بغضب : هطلق غصب عنك وأنا الي هجبرك على الطلاق، متفكرش أني لوحدي ومقدرش أعمل اي حاجة يا ماجد، فيه محاكم وفيه محاميين كتير وأقدر أرفع عليك قضية طلاق.
نظر لها بصدمة، أوصل بها الأمر لذاك الحد؟ حقًا لم تعُظ تحتمل وجوده معها لتلك الدرجة؟
نظرت له بغضب شديد وخرجت من المكتب، بينما ظل هو يتطلع أثرها بصدمة وحزن بأنٍ واحد..
جلس على مكتبه وهو يُعيد كلماتها إليه، لم يتمنى يومًا أن تصل الأمور بينهم لذاك الحد، حينما تركها لثلاثة اشهر ظن هكذا أنه يحميها من بطش غادة، لم يرِد أن تظل معها بنفس البيت، ولم يجرؤ على الذهاب إليها أو حتى مُهاتفتها!
نهض وهو يحسم أمره بأن لا مجال لإستسلامه الآن، لديه طريقًا طويلًا لاستعادتها له، أو بمعنى أكبر إستعادة روحها التي قتلها دون شفقة له مرة أخرى!
نظر لهاتفه الذي علا رنينه واجابه : إيه يا هشام؟
هشام بغضب : أنت عاوزني أمشي مروة مع عمرو؟
رفع ماجد حاجبيه واردف : ما هي جت مع عمرو!
هشام : وشروق، جت مع عمرو وشروق، إنما دلوقت عاوز ترجعهالي تاني القاهرة مع عمرو لوحدها!
ماجد : وعمرو آمين يا هشام، ولولا أني واثق فيه مكنتش خليت مراتي تيجي معاه أصلا.
هشام : وهو يجرؤ يعمل حاجة أو يفكر ف حاجة؟ ورحمة أمي انهيه من الوجود!
ماجد : بس بس الواد عملك إيه؟ اقترحت عليك إقتراح أنه يرجع مروة معاه وخلاص يا سيدي مش عاوز تعالى خدها.
هشام : أنا جاي، بس مستني عمرو وهروح ونخلص من الحوار واطمن أنه اتقبض عليهم وهاجي أخد مراتي، لأن طول ما هما لسة متقبضش عليهم هيفضلوا يدوروا على مروة.
ماجد : ماشي يا هشام، سلام.
في الأعلى ف غرفة شروق..
دلفت مروة لها لتجلس معها بعض الوقت، ولكنها صُدمت بتلك التي تجلس باكية بل مُنهارة من كثرة بكائها.
مروة وهي تندفع نحوها بلهفة : شروق حبيبتي مالك؟ حصل ايه؟ ليه العياط دا كله؟ مش ماجد خلاص خلص من غادة؟ المفروض تفرحي!
شروق ببكاء : أنا قولتله عاوزة أطلق وصممت على الطلاق.
مروة : إيه! ده كلامنا يا شروق؟
ألقت شروق نفسها بداخل أحضان مروة واردفت : مش هقدر، صدقيني مش هقدر، اتأذيت منه اوي يا مروة، صعب عليا أسامح بسهولة بعد كل الي حصل وكل الي خلاني أحس بيه، صعب والله.
ظلت مروة تُربت عليها بحزن لأجلها واردفت : يعني طلاقك هو الحل؟
شروق : أه يا مروة.
مروة : طيب يا شروق، الي يريحك وشايفة أنه الاريح لقلبك اعمليه.
في المساء..
دلف لغرفتها وانتفضت هي من الفراش أثر دلوفه واردفت بغضب : مش فيه باب يتخبط؟
ماجد : وهستاذن وأنا بدخل أوضة مراتي؟ الي هي اوضتي؟
شروق : نعم؟
لم يجيبها ماجد بل اتجه لخزانتها وأخرج منها فُستانًا لونه أحمر قاتم، واتجه ناحيتها واردف : البسي ده واجهزي ونص ساعة هعدي عليكِ تكوني خلصتي، ماشي؟
شروق بدهشة : دا ليه؟
ماجد : يلا يا شروق، وبعدين هتعرفي، ومستنيكِ.
شروق بجمود : لأ.
ماجد : هلبسهولك أنا..
كادت أن تتحدث ولكنه قاطعها بصرامة : وقبل ما تكملي أه غصب، ومش نص ساعة، لأ ده دقايق واجي الاقيكِ لبساه، ولو محصلش والله يا شروق هلبسك أنا.
تركها وخرج من الغرفة بينما نظرت أثره وبغضب..
بعد وقت دلف ماجد لغرفة شروق مرة أخرى.
نظر لها بإبتسامة وانبهار بجمالها، ف كانت ترتدي فُستانًا من الذي أظهر لون بشرتها البيضاء، وتركت شعرها مُنسدل بعشوائية، ولم تضع أي مساحيق تجميل..
ماجد وهو يقترب منها : هو لون شعرك إيه؟
نظرت له شروق بدهشة بينما أكمل
: بشوفه بكذا لون هو لونه إيه؟
شروق بتأفف : نحاسي، وف النور الضعيف بيبقى أسود وف الشمس بيكون بني فاتح.
أبتسم لها ماجد واقترب منها وقبل رأسها واردف بحنو : انتِ حلوة أوي، أحلى حاجة شافتها عيوني.
ابتسمت له شروق بسخرية واردفت : مفيش داعي لكلامك ده دلوقت، رايحين فين؟
تنهد ماجد وأخبرها : لما نوصل هتعرفي، يلا.
شروق : ثواني هلبس الكوتش لاني مش هقدر ألبس حاجة غيره.
أبتسم لها ماجد بينما جلست هي على الفراش وحاولت ارتداء الحذاء..
جلس ماجد على ركبتيه أمامها وأمسك الحذاء من يدها والبسها هو إياه..
شروق وهي تحاول منعه : مفيش داعي هلبسه أنا.
لم يجيبها ماجد وشرع فيما يفعله بينما تأففت هي بحنق وتوتر مما يفعله.
نهض ماجد واردف بإبتسامة : خلصنا يلا.
نزلت معه للأسفل وخرجوا من الشاليه واتجهوا لمكانٍ ما..
بعد وقت توقفت السيارة بمكانٍ أخذت تطلع له شروق بإنبهار وإعجاب لم تستطع إخفائه
ف كانت تقف على الرمال وهناك طريقًا من الورود أمامها وينتهي بطاولة حولها كرسيان، ويعتلي الطاولة بعض الشموع بجلسة رومانسية..
استدارت شروق لتنظر لماجد الواقف خلفها يتطلع إليها والي فرحتها البادية على وجهها بإبتسامة.
أغمضت عينيها وهي تتنهد بحزن وفتحتهما مرة أخرى واردفت : مش هيغير حاجة يا ماجد، قراري هو قراري.
ماجد وهو يقترب منها : فرصة واحدة! وصدقيني هصلح كل الي حصل.
شروق بجمود : آسفة يا ماجد مبقتش قادرة اديك أي فرص، مبقاش جوايا حاجة باقية ليك ممكن تخليني اديك فرصة تانية.
تركته واقفًا مكانه بحزن والم ورحلت تجاه السيارة وركبت بها، وهي تبكي..
ظل واقفًا لبعض الوقت مكانه، لا يُصدق أن تلك هي شروق حبيبته، تلك التي منذ يومان فقط حينما رأته برغم حتى من علمها بزواجه من غادة تقدمت إليه بكل شوق ولهفة واستقبلته داخل أحضانها.
استدار هو الآخر وركب السيارة وقادها عائدًا للشاليه الخاص به.
بعد صمت طويل دام بينهم قطعته شروق بتساؤل : هنرجع امتى القاهرة؟
فكر ماجد بسؤالها، لن يعودوا الآن! رُبما سيطيل بقائهم هنا حتى يُحسن علاقتهم ويعودوا معًا بسعادة، ف من الواضح أنه لازال أمامهم الطريق طويلًا حتى يرضيها ويرجع علاقتهم جيدة مرة أخرى.
ماجد بهدوء : لسة يا شروق، مش دلوقت خالص.
أكمل بتنهيدة : لسة قدامنا الطريق طويل.
شروق وهي تعقد حاجبيها بتساؤل : طريق إيه؟
نظر لها نظرة مُطولة رأت الحزن بعيناه عن طريقها، واعاد بنظره للطريق مرة أخرى..
وصل للشاليه ونزل من السيارة واستدار سريعًا حتى يُساعدها بالنزول..
فتح ماجد باب السيارة ومد يده حتى تمسك بها ولكنه وجدها تبكي بصمت..
ماجد بقلق من بكائها الحاد : شروق، مالك؟ تعبانة؟
امأت برأسها وهي تمسح دموعها كالاطفال واردفت بصوتٍ باكي : رجلي وجعاني أوي.
مال ماجد عليها ووضع يده أسفلها واليد الأخرى خلف ظهرها حملها بين ذراعيه ودلف للشاليه.
تريد منه أن يتركها ولكن وجعها فاق إرادتها، وبكائها بات يزداد..
ماجد بقلق : نروح مستشفى؟
شروق ببكاء : لأ عاوزة أروح اوضتي
ماجد : حاضر..
صعد بها ماجد لغرفتها ودلف بها، ووضعها برفق على الفراش واتجه ناحية قدميها، وشرع بخلع حذائها بحنوٍ شديد..
نظر لقدمها بدهشة وجدها متورمة بشدة..
ماجد بقلق : رجلك وارمة أوي، والاتنين، نروح مستشفى يا شروق؟
شروق ببكاء : لأ هي بقالها فترة بتورم كدو عشان الحمل.
ماجد : طيب هجبلك تلج ومرهم للورم ماشي.
لم ينتظر ردها ونهض مسرعًا وخرج من الغرفة لإحضار ما أخبرها بِه.
بعد وقت عاد ماجد مرة أخرى وجلس بجانب قدميها وبدء بتدليكهم برفقٍ شديد، و وضع لها المرهم ودلكها مرة أخرى..
ماجد : الوجع أحسن؟
أمأت برأسها في خجل بينما نهض هو واتجه للخزانة وأحضر إحدى منامتها ورجع لها مرة أخرى..
أمسكت شروق يده الممتدة ناحية سحاب فستانها بحدة واردفت : هغير أنا.
ماجد : هساعدك.
شروق بحدة : متنساش أننا هنطلق.
حرك ماجد كتفيه بلامُبالاة واردف : وانتِ دلوقت لسة مراتي، ومتنسيش بردوا أني مش هطلقك، وحوار التهديد والي قولتيه تحت ف مفيش ولا أي حاجة ممكن تخليني اطلقك أو ممكن تطلقك مني يا شروق.
قاطع اعتراضها وهو يفتح سحاب فستانها رغمًا عنها وشرع بتبديل ثيابها..
بعد وقت ابتعد عنها ونظرت هي له في خجل شديد ووجها بات مُحمرًا بشدة..
لازال جالسًا بجانبها على الفراش يطالعها ويطالع خجلها منه واقترب منها وهو يردف : مفيش داعي لكسوفك ده، انتِ مراتي وأم أبني واحفظي دي كويس، ومينفعش يكون للكسوف مكان بينا..
أنهى كلماته وهو ينقض على ثغرها يقبله بشوق عارم ولهفة، ولم يعير لدفاعتها له انتباه..
وما مر بعض الوقت حتى استكانت هي الأخرى بتعب بين ذارعيه..
يتبع الفصل الواحد والعشرون 21 اضغط هنا