نوفيلا رد سجون البارت الثاني 2 بقلم شيماء رضوان
رواية رد سجون الفصل الثاني 2
انتهت من سرد القصة وانتظرت رده وعندما طال صمته احتارت في تفسير نظراته الثاقبة نحوها ؛ همست بخفوت متوسل:
ـ ألا تصدقني ياسر .
دارت عيناه في المكان يحاول صرف نظره وغضبه عنها حتي لا يؤذيها ، ثم عقد ذراعيه أمام صدره ونظراته مثبتة أمامه علي الطاولة مجيبا ببرود:
ـ ومن قال أني لا أصدقك غادة.
ابتسمت بهدوء له ولكنه وأد تلك الابتسامة عندما أكمل حديثه:
ـ ولكني لن أمرر لك عملك بدون علمي وعودتك للمنزل بوقت متأخر .
حاولت التبرير له :
ـ كنت فقط أريد مساعدتك في العفش فلن تستطيع التحمل وحدك ولم أخبرك لرفضك القاطع مسبقا .
زفر بضيق يحاول تدارك الأمر تلك المرة قائلا :
ـ لم دوما تتصرفين من رأسك أخبرتك أننا سنقطن مع والدتي بنفس الشقة انها كبيرة ما سأغيره هو غرفة النوم والمعيشة فقط ودهانات الحوائط.
ـ وماذا عن ملابسي ياسر علي الأقل اتركني أبتاعها .
عض علي شفتيه بضيق؛ قائلا وهو يدس يده بجيبه يخرج منها بعض الأموال، ثم وضعهم أمامها :
ـ خذى تلك الأموال غادة وابتاعي ما تريدين من ملابس تلزمك .
قطبت جبينها متسائلة :
ـ كيف حصلت عليها؟
أجاب بهدوء :
ـ اشتركت في جمعية كبيرة أعطيتك جزء من المال والباقي سأقوم بتجهيز مستلزمات الشقة به لأنني أنوى الزواج منك في غضون شهر ونصف لن أنتظر أكثر .
ابتسمت له وأخفضت عينيها للأسفل كيف تخبره أنها تعشقه كثيرا خجلها الفطرى يمنعها من البوح بمكنون مشاعرها فقط تنتظر لتصبح زوجته وتبوح بكل شئ .
نظرت له مرة أخرى ورأت التجهم يحتل تقاسيم وجهه ؛ فزفرت باحباط قائلة :
ـ أسفه وأعدك ان أترك العمل فقط ابتسم لا أحب رؤيتك عابسا هكذا .
رفع حاجبه لها ونظر باتجاه النادل القادم اليهما يحمل الطعام :
ـ قلت لن أمررها لكي تلك المرة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
امتدت يده كي تمسح عرق جبينه زافرا بضيق؛ وهو يكمل العمل بالسيارة التي أمامه فلم يجد وظيفه سوى امتهانه لحرفته القديمة "ميكانيكي سيارات" قبل أن يقابل ابن عمه الحقير ويجر قدميه لطريقه الخاطئ .
تنهد بثقل وكأن هموم العالم تجمعت فوق رأسه ومازالت مناقشة اليوم الحادة تعكر صفو يومه كيف يتركها وهي داء القلب ودوائه هي حبيبة الطفولة والصبا لن يتركها مهما ترجته أن يفعل سيظل يحاول ويحاول مادام في العمر بقية .
أنهي العمل بالسيارة ثم جلس علي المقعد المجاور يتناول كوب الشاي ومازال عقله في ماراثون يفكر كيف يجر قدميها لتستكين بعرينه مرة أخرى .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حبي لك شهاب هو اللعنة بحد ذاتها فقد ولدت موشومة بك لا أنا قادرة علي الفكاك منه ولا التعايش معه .
حبي اللعين هو ما يربطني بك أشعر بقلبي مقيد لا يخضع لسيطرتي بقائي معك لتلك اللحظة بعد ما حدث بسبب دقات قلبي التي لا تعرف مالك لها سواك .
أشعر أنني أدور في متاهة لا أعرف فيها رأسي من قدماي فقط ما أعلمه هو أنك تقف في نهاية المطاف فكل الطرق تؤدى اليك .
امتدت أناملها لتزيل عبراتها المنهمرة بشدة علي خديها؛ كيف تطلب منه الخلاص وهو حبيبها صاحب الحلم الوردى الذى ظلت تعيش به لفترة طويلة قبل أن تستيقظ علي كابوس زجه بالسجن .
تنهدت بقلة حيلة لن تطلب منه الطلاق مجددا فبعد ما حدث بينهما البارحة أكد لها أنها لن تستطيع تركه والرحيل بعيدا ولكن هنا تكمن المعضلة فلا هي قادرة علي الرحيل ولا البقاء أيضا...
تركت الطعام علي الموقد وجلست تنتحب بجواره :
ـ أه شهاب متي سأتعافي من حبك ؟!
بعد قليل نهضت مجددا كي تكمل اعداد الطعام بعد أن اتخذت قرارها ستبقي معه ولكن بغرفة أخرى لحين اشعار أخر اما أن يأتي الخلاص أو تلتئم جروحها وتعيش الحلم الوردى مرة أخرى ...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سارت غادة عائدة الي منزلها مرة أخرى والتجهم هو عنوان ملامح وجهها بعد أن تركها ياسر وغادر لعمله غاضب منها .
ابتسمت بسخرية هاتفة :
ـ غاضب لأنني لم أخبره بعملي ااااه لو تعلم ما حدث أمس ستقيم الدنيا فوق رأسي بالتأكيد .
قاطع سيرها صوت بعض النسوة قائلة بامتعاض :
ـ رد سجون وتأخذ أفضل شاب بالحي أين العدل في ذلك حظها جيد بنت عامل اللحام .
مصمصت أخرى شفتيها هاتفة ببغض ظهر جليا علي قسمات وجهها :
ـ معك حق فوزية فمن كان يصدق أن ياسر زينة الشباب يتقدم لخطبتها ويترك بنات الحي الجميلات المهذبات .
اشتعل بريق الغضب في عينيها والتفت للمرأتان تطالعهما بكره ؛ ثم سارت حيث يقفان قائلة باستياء:
ـ ان تفوهت احداكما مرة أخرى سأخرج لسانها من فمها لألفه علي رقبتها حتي تختنق وأتخلص منها نهائيا .
تقدمت فوزية لتلكزها بكتفها قائلة :
ـ أريني كيف ستفعلينها يا رد السجون؟
أغمضت عيناها قليلا؛ ثم نظرت لهما بكره وشمرت ساعداها لتجذب المرأة للأرض وتجثو فوقها قائلة بتهديد :
قسما بالله من ستدخل ستكون مكانها ولم يأخذها من يدى سوى الموت .
تراجعت النساء التي التفت حولها بخوف من قوتها الظاهرة للعيان يتعجبن من تلك الرقيقة الهشة التي تغيرت كليا عندما تم الزج بها في السجن .
كانت بمطبخ منزلها تعد الطعام لوحيدها فانتفضت بشهقة عندما سمعت صوت النساء الصارخ بالأسفل ، فتركت ما بيدها ثم دلفت للشرفه لتعلم ما يحدث بالأسفل ؟!
جحظت عيناها بصدمه عندما رأت غادة خطيبة ولدها تجثو بكل قوتها فوق فوزية جارتها فلطمت وجهها بقوة قائلة :
ـ تلك اللعينة ستفضح ابني في الحي .
هبطت للأسفل بسرعة وانقضت علي غادة تمسكها من ذراعها بحدة قائلة :
ـ هل جننت اتركيها فورا .
لو كان أحدا أخر غير حماتها لما تركت تلك المرأة صاحبة اللسان الطويل أبدا ..
زفرت بضيق، ثم استجابت لجذب حماتها العنيف لذراعها وتركت المرأة التي أصبحت تبكي وتولول ..
جذبتها حماتها للأعلي؛ فجذبت غادة ذراعها منها قائلة :
ـ سأصعد معك ولكن ليس بتلك الطريقة فلست بهيمة ليتم سحبها خالتي .
جزت المرأة أسنانها بشدة واستدارت صاعده للأعلي تلحق بها غادة .
دلفتا سويا لغرفة المعيشة وفجأة تعالي صوت حماتها "حكمت" :
ـ هل جننت لتقومي بتلك الأفعال في الشارع لا يهمني مظهرك بتاتا ولكن فكرى قليلا بمظهر ابني وخطيبته تتعارك مع النسوة في الحي .
أجابت غادة بثبات تحسد عليه :
لا أظن أنني أسأت لمظهر ياسر بشئ .
ردت حكمت بغيظ :
ـ وما فعلته بالأسفل؟
أجابتها ببساطة اشتعل لها حقد حكمت:
امرأة أخطأت بحقي وقمت بتهذيبها.
أدركت حكمت أن تلك الطريقة لن تجدى نتيجة معها ؛ فحاولت استعطافها بنبرة بائسة وهي تتهالك علي المقعد المجاور تبكي بمسكنة :
ـ حاولي فهمي قليلا انه وحيدى ولا أريد مساس سمعته بشئ حلمت بتزويجه من أفضل الفتيات ولكنك حطمتي كل شئ حين ظهرتي بحياته أنا أمه وأخاف عليه لن تتفهمي موقفي الا عندما تصبحي أما مثلي.
ردت ببرود :
ـ وهل زواجه مني سيسيئ لسمعته خالتي .
أجابت بخفوت:
ـ عراكك بالأسفل ألم يكن بشأن دخولك السجن وزواج ياسر منك صحيح غادة.
قلبت عيناها بضيق هاتفة :
ـ نعم تلك المرأة البغيضة لسانها يحتاج للقص .
وضعت حكمت وجهها بين كفيها قائلة :
أرأيت هذا ما كنت أخاف منه مستقبل ابني أصبح علي المحك بسببك ان كنتي تحبينه كما تقولي لما تفعلين به ذلك .
ضيقت غادة عيناها و قد فهمت مقصدها وماذا تريد؟
ماذا تريدين خالتي ؟
ـ اتركيه!
كلمة واحدة من ستة أحرف كفيلة أن تجعلك تسقط من سابع سماء لسابع أرض .
ارتسم اليأس وقلة الحيلة علي محياها هاتفة بهمس خافت:
ـ هل هذا ما تريدينه خالتي؟
ـ من أجل مصلحته ان كنت تحبينه كما تقولي
أخفضت بصرها للأرض تقول بقهر :
ـ حسنا كما تريدين .
لمعت عين والدته ببريق الانتصار الذى لم يكد يظهر حتى تم وأده بسرعة عندما تعالت ضحكات غادة الساخرة تقول :
ـ رائع جو الروايات المبتذلة تلك.. الحماة تقول لعروس ابنها اتركيه من أجل مصلحته والفتاة الخانعة البسيطة تفعل ذلك بطاعة.
صمتت قليلا تراقب ملامح حماتها القاسية ثم تابعت بحدة :
ـ بأحلامك خالتي لن أتركه أبدا فهو عوض الله لي .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تعالت ضحكات مريم العالية قائلة :
ـ تلك العجوز الخبيثة كانت تلعب عليك لتتركي ابنها .
شاركتها غادة الابتسام قائلة :
ـ بأحلامها حبيبتي تظنني لا أعلم أنها تريد تزويجه بابنه شقيقتها تلك الحرباء الملونة.
ضحكت مريم مرة أخرى قائلة بخفوت عندما أحست بقدوم زوجها شهاب :
ـ وماذا ستفعلين يا خائبة الرجا .
قلبت غادة عيناها بملل :
لا يهمني أمرها فقط أريد التفكير بشئ لمصالحة ياسر .
ردت مريم بضيق:
غادة تركك لعملك كان أفضل شئ فعندما أخبرتني بما حدث أمس لولا وجود شهاب ورفيقه لكنت بخبر كان .
تمتمت غادة بحمد الله ؛ وقالت وهي تهم بالرحيل:
اشكريه مرة أخرى بالنيابة عني فعلي الذهاب الأن .
أمسكتها مريم بشدة قائلة بقوة:
لا والله ستأكلين معي انا وشهاب لن أتركك اليوم .
أمام الحاح مريم واصرارها جلست غادة علي مضض تفكر بطريقة تقوم فيها بجعل ياسر يسامحها .
وضعت مريم الطعام أمام شهاب وعندما همت بالرحيل أمسك بساعدها قائلا بابتسامة باهتة :
ـ ألن تتناولي معي الطعام .
أجابته ببرود:
ـ غادة هنا وسأتناول معها الطعام بالداخل.
دلفت للداخل فأمسك بالمعلقة يملؤها بالأرز ليدسها بفمه شاعرا بالحنق منها ومن صديقتها ومن نفسه أيضا .
أثناء تناول الطعام راجعت الصديقتين ذكرياتهما سويا وسط جو هادئ يشع بالحنين للماضي ، وأيضا تطرقت فيه غادة لتلك الفترة الصعبة التي قضتها بالسجن فشفقت عليها مريم وهي تتطلع نحو الباب الذى يحجب عنها معذبها فكيف كانت فترة سجنه هو الأخر فبالتأكيد كانت قاسية فكيف يكون شعور المرء وهو مقيد فاقدا لحريته كالطير المقصوص ريشه .
انتبهت غادة علي تحديقها المستمر بالباب القابع خلفه زوجها وابتسمت بخبث قائلة :
ـ هل تصافيت مع هولاكو حبيبتي أرى ذلك من تحديقك للباب المتوارى خلفه زوجك .
ابتسمت مريم عندما تذكرت لقبه قديما بالحي فقد كان يتفاخر بعضلاته القوية وأجابت بتنهيدة خرجت معبأة بالهم :
ـ الامر يزداد سوءا غادة لا أنا قادرة علي مسامحته ولا قادرة علي تركه الأمر صعب
تلك الفترة الصعبة التي مررت بها وهو بالسجن قتلت كل المشاعر بداخلي أصبحت امرأة أخرى غير ما كنت عليه هل تفهمينني؟
ردت بخفوت :
ـ أفهمك حبيبتي والأن علي الرحيل قبل أن يخرج هولاكو من مخبأه ويزج بي للخارج .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يكفي أمي بالله عليك ..
نهضت حكمت لتقف أمامه هاتفة بضيق:
لا ياسر لن أصمت اليوم ستتركها شئت أم أبيت يكفي الفضيحة التي افتعلتها بالحي اليوم .
عض علي شفتيه بضيق قائلا :
ـ غادة لن تفعل ذلك الا إن استفزتها تلك المرأة أنا أعرفها جيدا .
نظرت له بقهر من تعلقه الزائد بها ؛ وأردفت بنفاذ صبر :
ـ استفزتها أم لا هل ما فعلته تصرف يليق بفتاة يكفي سيرتها المبهرة التي تلاحقها بكل مكان .
قال بنفاذ صبر :
ـ أمي ماذا تريدين بعد تلك المقدمة الطويلة.
ـ اتركها وتزوج بسحر بنت خالتك .
ـ علي جثتي أمي .
تركها تغلي والحقد يلمع بحدقتيها أكثر ودلف لغرفته كي لا ينفعل أكثر فهي بالنهاية أمه .
أمسك هاتفه يتصل بها وانتظر الرد ..
بدأ المكالمة بالسؤال عن أحوالها ثم هتف بضيق :
ـ هل يصح ما فعلته اليوم بالحي غادة .
انتظر ردها وأجاب بهدوء عكس الانفعال بالخارج منذ قليل :
ـ كان يجب أن تأتي الي وتخبريني وسأتحدث مع زوجها ليعيد تقويمها كي تبتعد عنك لا أن تقومي بضربها وسط الشارع .
ـ حسنا غادة في المرة القادمة هدأي من حالك قليلا وفكرى بعقلك قبل أن تتهورى مرة أخرى .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ألقت الهاتف بضيق علي الفراش ؛ فبالتأكيد والدته هي من أخبرته بما حدث .
ـ حمدا لله أنه عاقل ومتفهم ولا ينساق وراء أحاديث والدته فإن كان عكس ذلك لكان تركني الأن .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جلست بغرفتها تقضم أظافرها غيظا من رد فعله كان يجب أن يتركها بعد ما افتعلته من فضيحة أمام الجميع لا أن يبرر موقفها كالعادة ...
أضاء هاتفها برقم شقيقتها ، فأغلقته لا تريد أن يلومها أحد فما ستفعله هو وضع البنزين أكثر علي النار وتجعلها تشتاط غضبا أكثر وهي لا تريد ذلك .
تريد التريث والتفكير قليلا كي تجد طريقة مضمونه تزيحها بها عن الطريق...
يتبع الفصل الثالث اضغط هنا