رواية اغلال لعنته البارت الثاني 2 بقلم اسراء علي
رواية اغلال لعنته الفصل الثاني 2
فاتنٌ وجهك لكن في الهوى ليس تكفي فتنة الوجه الجميل
توسعت عيناها بـ قوة أوشكت على الإستدارة بينما جسدها كله تجمد كما تجمدت الدماء بـ عروقها كأن قلبها عجز عن ضخ الدماء بل و توقف عن النبض، ليعود وينبض بـ سُرعةٍ مجنونة وهي تراه أمامها بـ كل طلته وعبثيته اللتين أوقعاها يومًا
همجيته وجسده الضخم بـ ضراوة يحتوي جسدها الضخم دون مُلامسته ولكن كفه الدافئ يتخرق ثيابها ويصل إلى جسدها فً يتسلل الدفئ إلى قلبها مُذيبًا الثلوج التي عملت جاهدة على تكوينها حوله، ليأتي هو و بـ لحظة يُلقي كل هذا بـ عرض الحائط
نظرت إلى عيناه الحبيبتين لتجدها تلمع بـ إشتعال، إشتعال تعرفه جيدًا ولكنها الآن غيرُ قادرة على تحمله، لذلك رفت بـ جفنيها ثم جمعت أقسى ما تحمله من غضب وإشمئزاز لتهدر
-أبعد إيدك القذرة دي عني…
لم يُجب قُتيبة بل ظل يُحدق بها بـ ذات الإشتعال حتى إقترب منها وهمس بـ نبرةٍ ذات مغزى
-إيديا بقت قذرة عشانك يا روحي…
صرت على أسنانها ثم حاولت التملص منه ولكن وجدت يديه تعتصر خصرها بـ قوة حتى أوشكت على فصله عن جسدها لتعلم أنه في أقصى حالات ضبط النفس وأنها أصابت وترًا حساسًا لديه و مُؤلم بـ شكل شنيع
عاودت الحديث من بين أسنانها وهي ترمقه بـ شراسة
-قولت أبعد إيدك عني
-إبتسم قُتيبة وقال بـ تسلية:رجعتِ تاني بعد هروبك من سنين
-أكيد مردتش عشانك يعني، و يلا إبعد عني…
عيناه اللاتي نظرت إليها بـ نظرات لم ينظر بها إلى غيرها أربكتها و جعلت القُشعريرة تغزو جميع أنحاء جسدها
تنحنت وأدارت وجهها ليلمح قُتيبة حوراء الواقفة تُحدق بهما بـ غرابة ليبتسم بـ عبث وأردف بـ صوتٍ عال
-من الواضح إنك جبتِ ضيوف معاكِ…
إلتفتت إليه سريعًا لتجده يُحدق بـ حوراء بـ تدقيق أصابها بـ الغضب لتهدر
-كفاية بص عليها…
أبعد عيناه عن حوراء لينظر إلى سوداويها و أردف غامزًا إياها
-بتغيرِ؟!
-رفعت حاجبيها بـ دهشة ثم أجابت:أنت بتحلم
-ليهتف هو دون تردد:وأنتِ كدابة…
مع إرتفاع حاجبيها صاحبه توسع عيناها بـ تعجب لثقته لترد عليه بـ عناد
-مش كدابة
-هتف مرةً أُخرى بـ قوة:لأ كدابة، لسانك مبيقولش حاجة غير الكذب ديمًا
-جأرت بـ حدة:مبكدبش، و كفاية بقى وقاحتك دي، كمان مش بس لساني هي اللي بيكدب، لأ دي كمان عيني بتكدب، عشان كدا مش مصدق نظرة الكُره اللي ببصلك بيها دي…
كان يعلم مقصدها ويعلم بـ عُمق لن يصل إليه سواه أنها تنظر إليه بـ إشتياق حاد كاد يُمزقهما معًا لذلك هتف بـ صوتٍ عذب
-لأ، عينيكِ متعرفش الكدب أبدًا، هي بتعكس اللي جواكِ يا كيان، حتى روحك بقدر أشوفها من عينيكِ، حتى لو جسمك اللي بيرتجف بين إيديا، عينيكِ مش هتقدر تعملها أبدًا…
إقترب منها وهمس بـ صوتٍ خفيض ولكنه مُحمل بـ عاطفة
-أنا اللي علمتك إزاي تبصلي، فـ مش هتقدري أبدًا تضحكِ عليا بـ الكلام الأهبل دا…
حديثه صحيح و مؤلم، يلسع كـ سوط يهبط على جروحها فـ يُلهبها، لتُخفض وجهها وهي تهمس بـ جمود حتى لا يرى تعابير وجهها المكدومة
-بلاش النرجسية اللي فيك دي، أنا نسيتك من زمان، معتش فـ ذكرياتي يا قُتيبة، أنا خرجتك من قلبي زي ما خرجتك من عقلي…
لم يتأثر بمَ تقول بل إبتسم إبتسامته الجميلة وأردف بـ ثقة ونرجسية كما تدعي
-أنا سِبت فـ روحك أثر مسبتوش فـ جسمك، عشان كدا عمرك ما هتقدري تنسينِ يا كيان، عُمري ما هطلع لا من قلبك و لا من عقلك…
همت تفتح فمها للحديث ولكنه أكمل بـ قوة
-أنا دمغت روحك قبل جسمك فـ كدبك دا هو أكبر كدبة سمعتها منك…
ألهب غضبها بـ لحظةٍ واحدة لتصرخ بـ غضب وهي تضرب كتفه
-أنت هتكدب! أنت عُمرك ما لمستني، متعملش فضيحة عشان توصل لحاجة فـ دماغك
-رد هو بـ هدوء:و مين قال إني بكدب؟ مين اللي مسك إيدك و خدك للمدرسة أول يوم؟ مين اللي مسكتِ فيه و مرتضيش تدخليها من الخوف عشان هتكونِ لوحدك و أنا مش معاكِ؟ مين هو اللي حضنك؟مين اللي قعد وراكِ فـ الفصل عشان يخفف عنك خوف أول يوم مدرسة؟ مين اللي شافك لحظة بـ لحظة و أنتِ بتكبري قُدامه و بـ تنضجِ كـ بنت من غير أما يجرؤ حتى إنه يلمسك؟ الفاكهة المُحرمة زي ما بيقولوا، الفاكهة اللي ياما زارتني فـ أحلام، أحلام بس و أنا مستني إنها تتحقق، أحلام عُمرك ما هتفكرِ كُنتِ بتعملي إيه فيها أحلـ آآآ…
وضعت كيان يديها على فمهِ لتشعر بـ إرتعاش شفتيه أسفل كفها لتُبعدهما سريعًا قبل أن تردف بـ توتر
-بس كفاية، أرجوك يا قُتيبة كفاية
-قال قُتيبة بـ حرارة:أنتِ بقيتِ ملكي، دمغتك كُل شبر فيكِ، أنتِ بقيتِ ملكي فـ بقيتِ متحرمة على غيري…
تنفست بـ سُرعة عالية وأحداث ذلك اليوم المُرعب تُعاد تفاصيله، وذكرى صُراخ والدته وهي تنعتها بـ الفاجرة عاودت النشوب بـ قلبها كـ حريق
ثوان كل ما إستغرقته ثوان لتشتعل سوداويها بـ لهيب زاد من سواد عيناها و بـ قوة حلت حصار أصابعه عنها وهدرت بـ قسوة
-مش صح أبدًا يا قُتيبة، أنا هكون لغيرك، بكرة زميلي فـ الشُغل هيتقدم ليا، و هوافق، واحد غيرك هيديني الآمان اللي أنت حرمتنِ منه…
تجاهلت مطارق قلبها لذلك السواد المُخيف المُنبعث من عيناه إليها و إلتفتت إلى حوراء تهدر بـ صوتٍ مبحوح
-يلا بينا نرجع يا حوراء، بلاش نعمل فضايح أول يوم، أو كفاية فضايح لحد كدا…
كان قُتيبة جامد الحركة، عاجز عن الحديث ولكن عيناه والجحيم المُنبعث منها جعلاه في هيئة خطرة لشيطان فار من الجحيم ليقصف صوته الجهوري بـ غلظة سوداء، مُميتة
-أُقسم بـ اللي خلقني وخلقك لأقتله و أقتلك قبل ما ياخد حقي، هتندمِ يا كيان…
كان صوته يقصف من خلفها ليجعل جسدها ينتفض خوفًا، إنها تُعلن الحرب وتعلم أنها خاسرة
********************
-حوراء أنا مش هجاوب على أس سؤال تسأليه، فـ عشان خاطري متسأليش عن حاجة أنتِ عارفة إني مش هجاوبك عليها…
إبتلعت حوراء لسانها صامتة، لا تُنكر أن ذلك الضخم أثار بها الرُعب أيضًا، كيف لعصفور مثل كيان أن تكون يومًا ما حبيبة هذا الـ… التنين
ضحكت حوراء لوصفها لقُتيبة بـ التنين فـ نظرت كيان إليها رافعة حاجبها ثم تساءلت بـ شك
-بتضحكِ ليه؟!...
إرتفعت ضحكات حوراء قبل أن تردف وهي تجر حقيبتها خلفها
-كُنت بسأل نفسي، إزاي عصفورة زيك تحب تنين زي قُتيبة دا كدا…
إبتسمت كيان لحديث حوراء ولكنها عادت تُكشر عن أنيابها وقالت بـ حدة طفيفة
-متقوليش عنه تنين، و إيه حبيته دي! أنا محبتش حد و لا بحب حد
-سارت على نهج قُتيبة وهي ترد:كدابة، حقيقي أنتِ أكتر كدابة فاشلة شوفتها فـ حياتي…
حكت كيان جبينها وقالت بـ تعب مُتجهة إلى مقهى راقي بـ القُرب من حيهم
-طيب مُمكن تبطلي كلام! أنا معنديش حيل للمُناقشة معاكِ
-أوكيه، زي ما أنتِ عاوزه…
حدقت بها كيان بـ نظرات ضيقة ولكنها لم تتحدث بل دلفت إلى المقهى لتتساءل حوراء بـ فضول
-هو إحنا رايحين فين؟؟
-أجابت كيان بـ بساطة:هندخل جوه…
دلفت و تبعتها حوراء لتتجمد واقفة،مذهولة بل مأخوذة بمَ تراه، بـ مُنتصف المقهى و بين الطاولات و على أنغام الموسيقى الغربية وجدت ذلك الرجل ذو الشعر البُني يُراقص فتاة صغيرة تُشبه ملامحه من حيث لون الشعر والإبتسامة المُرتسمة على وجهيهما
تُشبه قصة الأميرة "سندريلا" حيث تراقص أميرها بـ الحفل ولكن هذه المرة بطلة القصة طفلته على الأرجح.. تضع قدميها فوق خاصتهِ و تتحرك معه في خطواتٍ بطيئة و مدروسة
توقفت الألحان و توقف معها الزمان لحظات وهي تُصفق بـ حرارة وكأنه مشهد نادر صعب التمثيل كما فعل الجميع
نظرت إلى كيان التي إبتسمت بـ حنو بالغ ثم هتفت بـ صوتٍ عال وهي تتجه إليهما
-عُميّر؟؟!...
نظر عُميّر بـ إتجاه الصوت لتتسع إبتسامته أكثر وهو يرى شقيقته تركض بـ إتجاهه، ليُقابلها بـ المُنتصف ثم رفعها ودار بها عدة مرات قائلًا بـ إشتياق
-قردتي الصُغيرة، وحشتيني أوي يا كيان…
عانقته كيان بـ قوة دافنة وجهها بـ صدرهِ وهتفت بـ حشرجة
-و أنت كمان يا حبيبي، و أنت أكتر…
أبعدها قليلًا عن صدرهِ ثم حاوط وجهها وأردف بـ مُشاكسة
-من وقت أما تيتة عرفت إنك جاية لأ و فيه عريس، و هي ماشية توزع شربات على أهل المنطقة كُلها، مسابتش حد، و مش بس كدا دي قالت لهم فتحي النجار على لون الأوضة اللي هي عاوزاه
-ردت كيان بـ يأس:هي كانت فاقدة الأمل فيا لـ الدرجة دي؟ عمومًا أنا متوقعتش أقل من كدا
-عمتو مش هتسلمِ عليا أنا كمان و لا إيه!...
إنحنت كيان إلى الصوت الطفولي و حملتها ثم قَبّلتها عدة قُبلات وهتفت بـ إبتسامة واسعة
-و دا معقول يعني؟ دا أنتِ وحشتيني كتير كتير، أكتر كمان من بابا حتى…
عانقتها الصغيرة بـ قوة ليهتف عُميّر وهو يتنزعها من كيان
-يلا يا أسيل كملِ واجبك، الإستراحة خلصت
-أومأت بـ حماس وقالت:هخلصه كُله و أقعد مع عمتو كيان، و حتى كمان هنام معاها فـ الأوضة النهاردة
-تمام يا ستي، بس دلوقتي يلا حلِ واجبك…
إلتفت عُميّر فجأة جهة وقوف حوراء لترتبك الأخيرة و تُسقط ما بـ يدها فـ عاود النظر إلى شقيقتهِ وهتف
-جبتيها معاكِ!
-هتفت بـ قلة حيلة:أعمل إيه؟ مقدرش أسيبها و بعدين أنا شرحتلك الوضع، باباها اللي هو مُديري طلب مني…
إبتسم عُميّر وهو ينظر إلى حوراء وأردف بـ عطف
-فعلًا هياكلوها، هي بسكويتة ناعمة…
تغيرت نظرات عُميّر إلى أُخرى عبثية وهي تمسح على جسدها الصغير فـ ضربته كيان بـ يدها في كتفهِ وهدرت بـ تحذير
-بلاش بصاتك دي عشان خاطري، البنت أمانة عندنا ها!
-رد عليها بـ براءة:و أنا بس عملت إبه؟ أنا عاوز أتأكد من سلامتها، هو دا اللي يهمني، أو يهمنا عمومًا
-غمغمت بـ إستنكار:ليها حق مراتك متستحملش و تسيبك، والله عندها حق
-بتقولي إيه يا بت أنتِ!
-أجابت بـ إبتسامة صفراء:ولا حاجة يا حبيبي، و يلا لازم أمشي…
تحركت كيان ولكن عُميّر لحقها بل سبقها وأردف بـ نعومة ماكرة
-طب و مش واجب أحيي ضيفتنا و لا دي تبقى عيبة فـ حقنا…
حاولت كيان اللحاق به ولكنه كان قد وصل إلى حوراء والتي كانت تجمع ما سقط منها أرضًا ليُساعدها عُميّر فـ تمتمت بـ خجل مُبتسمة
-شكرًا جدًا يا أُستاذ آآ
-عُميّر، اسمي عُميّر الجيار،الأخ الكبير لكيان الجيار…
مدّ يده لتنظر إليها حوراء أولًا ثم رفعت نظراتها إليه فـ وجدته يبتسم إبتسامة غير مُريحة ولكنها صافحته قائلة بـ تردد
-حوراء رفعت رسلان
-رد هو بـ صوتٍ عال:مُدير كيان؟ دا شرف كبير لينا إن بنت مُدير كيان هتقعد فـ بيتنا المتواضع
-غمغمت كيان من بين أسنانها:دا على أساس إنك متعرفش يا سي عُمير!...
توجست حوراء منه لذلك سارعت بـ جذب ما بـ يدهِ وقالت بـ سُرعة
-شُكرًا، دا بس من ذوق حضرتك…
ثم حولت أنظارها إلى كيان التي تضع إصبعيها السبابة و الوسطى على جبينها و باقي كفها يُخفي وجهها المُحبط و أردفت
-هو مش المفروض نمشي و لا إيه؟…
أومأت كيان إليها و هي تتنهد بـ يأس لتتحرك حوراء بـ سُرعة ثم تبعتها الأولى قبل أن تضرب صدر شقيقها و همست بـ حدة
-مستر رفعت سبهالي عشان قرايبها مياكلوهاش، فـ بليز متاكلهاش أنت، ممكن!!…
كبح عُميّر ضحكة عابثة و أومأ لها لترحل كيان بعد أن رمقته بـ شر تحذيري
بينما أردف وهو يتأمل سير حوراء المُرتبك وخُصلاتها التي تتطاير دون مُعيق بعد أن نزعت قُبعتها
-إزاي بس أمنع نفسي عن النعيم بعد أما واحدة سابتني فـ النار؟!...
********************
-وبعد الوقت دا كله، رجعتِ أخيرًا يا كيان، وحشتيني يا بنتي…
إحتضنت كيان جدتها بـ قوة ثم هتفت ضاحكة
-وأنا أكتر، و دلوقتي رجعت خلاص
-مش هسمحلك تمشِ تاني أبدًا، هتفضلي جنبي على طول…
تعاطفت لجشرجة صوت جدتها فـ قَبّلت جبينها وأردفت بـ حُب
-متقلقيش يا تيتة أنا هقعد هنا فترة طويلة، و مش هغيب عليكوا كدا مرة تانية…
جذبتها كيان لتجلس فوق الأريكة لتنظر ثُريا ذات الجسد النحيل و الكهولة تظهر على ملامحها المُجهدة إلى حوراء المُبتسمة بـ سعادة ثم أشارت لها لتتقدم قائلة
-تعالي يا حبيبتي، ما شاء الله جميلة و رقيقة زي البسكويت…
إبتسمت حوراء بـ خجل ومالت تُعانق ثُريا بينما ضحكت كيان فـ سألتها جدتها وهي تلكزها بـ عصاها
-بتضحكِ على إيه؟
-هتفت كيان من بين ضحكاتها:أنتِ وحفيدك مش مُختلفين عن بعض…
قطبت حوراء جبينها بـ عدم فهم بينما ثُريا ضحكت بـ خُبث لتتساءل
-قصدك إيه يا بت؟
-ردت كيان:و لا أي حاجة يا حبيبتي، هو جدو فين بـ المُناسبة؟
-أجابت ثُريا بـ مصمصة:و هيكون فين يعني؟ بيلعب شطرنج مع صحابه فـ القهوة فـ منطقة جنبنا…
أومأت كيان ولتجذبها ثُريا مُعانقة إياها ثم هتفت بـ حماس ونبرةٍ ذات مغزى
-يلا أوام إحكيلِ عن العريس، والله مكنتش مُصدقة و كُنت هعمل وليمة لأهل المنطقة كُلها، حتى عمامك مصدقوش
-أنتِ بتلفِ و بتدوري حوالين الموضوع دا من الأساس يا تيتة
-ضربتها ثُريا وقالت:يلا يا بت أنتِ بلاش كلام فاضي، إحكيلِ كُل حاجة…
إبتسمت كيان بـ سعادة لتضم نفسها إلى ثُريا، تناست مؤقتًا لقائها القاتل مع قُتيبة حتى تختلي بـ نفسها و تُفكر بـ تهديده ثم هتفت بـ صوتٍ مُتباعد
-مبدأيًا هو زميلي فـ الشُغل، هت كان مُعجب بيا من فترة، و قبل شهرين طلب مني آخد معاد معاكوا عشان يطلبني منكوا، مُؤدب جدًا، طموح، و وسيم جدًا يا تيتة زي ما أنتِ عاوزة و كمان شيك يعني مش زي شباب الأيام دي
-حمستيني يا بت يا كيان، اسمه إيه!
-رشاد…
ساد الصمت لتقطب كيان جبينها بـ تساؤل عما قالته خطأ إلا أنها تفاجئت بـ إبعاد ثُريا لها وهتفت بـ عصبية
-قومِ يا بت، قومِ من وشي مش عاوزة أشوفك يلا
-غمغمت بـ غرابة:إيه اللي حصل بس يا تيتة قوليلي!!...
ضربت ثُريا الأرض بـ عصاها ثم هدرت بـ حدة
-بعد كُل الصبر دا هتتجوزي واحد اسمه رشاد!.. والله لو كُنت أعرف إن اسمه رشاد مكنتش وافقت من الأساس…
أغمضت كيان عيناها بـ نفاذ صبر ثم هتفت من بين أسنانها
-و هو أنتِ سمعتِ مُميزاته الأولى و لا دي ملفتتش نظرك؟
-و بوظها اسمه، اسمه حتى ميشفعش
-ردت كيان بـ نفاذ صبر:بالله عليكِ دا اسمه إيه دا؟
-همهمت ثُريا بـ بؤس:كُنت عاوزة اسمه يكون تامر مثلًا…
إنفجرت حوراء بـ الضحك ولم تستطع كيان منع نفسها ثم أردفت بـ مرح
-حاضر هقوله يغير اسمه من عنيا
-ضيقت ثُريا عينيها وقالت:و بتهزري كمان بنت سعيد! يلا قومِ من وشي، مفيش جواز…
عبست كيان فجأة ثم قالت وهي تعتدل بـ جلستها
-دا هزار دا و لا بجد؟…
نهضت ثُريا ثم تحركت وهي تتكئ بـ عصاها لتقول بـ صوتٍ جدي
-لأ بجد، إتصلي بيه و قوليله إننا، لأ أنا بس اللي مش موافقة…
تابعت كيان تحرك جدتها حتى إختفت داخل أحد الغُرف ثم نظرت إلى حوراء التي تحول وجهها إلى أحمر وقالت وهي تُشير بـ إبهامها إلى مكان إختفاء جدتها
-أنتِ سمعتِ هي قالت إيه؟
-أجابت حوراء ضاحكة:هي مضايقة عشان العريس اسمه رشاد
-يا ربي، ياربي على المُصيبة الجميلة دي
-تكلمت حوراء بـ صدق:جدتك جميلة أوي يا كيان…
أومأت كيان بـ شرود وهي تبتسم ثم أردفت وهي تنهض
-تعالي هاخدك أوريكِ أوضتك، هو البيت مش كبير يعني عشان تتوهي فيه
-أومأت حوراء وتساءلت:طب هتعملي إيه مع جدتك؟
-أجابت كيان بـ شقاوة:جدو أحسن جد هيحلها…
********************
ضرب قُتيبة المرآة التي أمامه مُحطمًا إياها وتسبب بـ جرح قبضته، تأفف آدم و نهض يجذبه بعيدًا عن الحُطام و قبل أن يُحطم باقي الغُرفة ثم قال بـ حدة وهو يدفعه إلى الفراش
-كفاية عصبية بقى، كفاية يا قُتيبة عشان تعرف تفكر
-هدر قُتيبة بـ إشتعال:الغبية، الغبية دي تتجرأ و تقولي كدا! هتتجوز واحد تاني، أُقسم بـ ديني ما هيحصل…
جذب آدم منشفة و بللها بـ الماء ثم قذفها بـ وجه قُتيبة ليردف بـ جدية و هو يجلس جواره
-أنت عارف إنها بتكدب عليك، إيه لازمة العصبية و البهدلة دي كُلها!!
-لأ مكنتش بتكدب، نظرة عنيها كانت بتتحداني، وفي الحالة دي أنا مُتأكد إنها مكنتش بتكدب…
مسح قُتيبة الدماء عن قبضته و لف المنشفة حول جرحه ليتسائل آدم
-طب و الحل! هتعمل إيه يا قُتيبة؟…
أجاب قُتيبة بـ هدوء عكس العاصفة التي إفتعلها مُنذ قليل
-حاليًا مش هعمل أي حاجة
-رفع آدم حاجبه وأردف:دا أنا فكرتك هتخرب الدنيا بـ اللي عملته دا…
و أشار إلى تلك الفوضى التي عمت، لينظر إليه بـ صمتٍ تام ثم مسح قُتيبة على مؤخرة عُنقه ثم قال وهو ينظر إلى وجهه المُشوه بـ المرآة المُهشمة وكأنه مسخ شوهته الحادثة و ثلاث سنوات خلف القُضبان
-لو عملت كدا هخسرها، سبني أفكر فـ حل
-غمغم آدم:أنت شوفتني مسكتك؟…
سمعه قُتيبة ليرمقه بـ نظرةٍ ساحقة تفاداها آدم و هو يُجلي حنجرته بـ حرج، ثم بعد وقتٍ قصير سمعا صوت طرقات و تبعها صوت زوجة آدم
-آدم العشا جهز، يلا إطلعوا…
تمتم آدم بـ الموافقة ثم ربت على رُكبتهِ وأردف
-يلا ناكل دلوقتي و بعدين نفكر…
أومأ قُتيبة لينهض آدم وهو يتبعه ثم فتح الباب ليجد زوجته تقف أمامهما رافعة حاجبها، تعقد ذراعيها أمام صدرها تضرب بـ قدمها الأرض
توجس آدم ولكنه حين إلتفت ونظر إلى الغُرفة إبتسم بـ ريبة وقبل أن يتحدث فاجئته زوجته قائلة بـ تحذير
-هتنضفوا الكركبة اللي عملتوها دي بعد الأكل، أنا مش الخدامة بتاعتكوا…
أومأ آدم بينما قُتيبة هز رأسه ضاحكًا فـ نظر إليه صديقهِ بـ تحذير ليصمت فرفع ذراعيه بـ إستسلام،تحركت زوجة آدم وقالت بـ جدية
-و بلاش حركات السجن دي تعملوها هنا، الهمجية مش هتنفع معايا، المفروض يكونوا أعادوا تأهيلكوا…
دفع آدم قُتيبة أمامه وهمس بـ غضب
-شوفت! شوفت عملت إيه؟
-قطب قُتيبة جبينه وتساءل بـ عبثية:هو إيه اللي حصل بالنسبة لنغمتك إنك مُسيطر فـ البيت!…
ضحك آدم و وضع يده حول رقبة صديقه وأردف بـ شقاوة
-دا لما أكون مش غلطان، مش زي اللي أنت هببته من شوية…
غمزه آدم بـ عبث وأكمل و وهو يضع يده على صدرهِ
-و بعدين في حاجات تانية برضو أنا مسيطر فيها
-هتقتلك مراتك لو سمعتك…
ضحكا بـ قوة ثم أكملا طريقهما إلى طاولة العشاء
********************
إتكئت بـ ظهرها إلى الحائط ثم نظرت بـ طرف عينها إلى المُحيط، لتجد الحارسين جالسين يحتسيان الشاي و يتسامران، دون أن ينتبها إلى الحراسة
ضحكت بـ صوتٍ خفيض ثم تحركت على أطراف أصابعها وهمست
-أنت لازم تغير الأمن بتاعك يا صاحب الشركة…
كانت تعرف جيدًا أماكن تواجد آلات التصوير المُراقبة، والبُقع التي لا تستطيع الوصول إليها لذلك إستغلت تلك النقط و تسللت إلى داخل الشركة
كانت الأجواء هادئة تمامًا في ذلك الوقت المُتأخر من الليل ولكنها حقًا تحتاج إلى ذلك الهدوء
غفلت عن آلةٍ ما فـ إلتقطت صورة غير واضحة لها ولكنها أكملت طريقها حتى وصلت إلى مكتب رب العمل، فتحت الباب و دلفت بـ هدوء
إستخدمت مُصباحها اليدوي لتُنير الغُرفة دون إحداث شُبهات، بحثت عن الخزينة حتى و وجدتها أسفل المكتب
إنحنت و إستخدمت مُعداتها لتفتح الخزينة بعد ثلاثين دقيقة، مسحت حبات العرق الباردة وقالت بـ حبور
-شُكرًا يا جاري على دروسك المجانية، بقيت مُحترفة…
فتحت الخزينة لتشهق بـ إنبهار وهي تجد ذلك الكم الكبير من المال لتردف بـ إستنكار
-كل دي فلوس؟ و بتبخل على بابا بـ حقه و معاشه بتاع التقاعد؟…
فتحت حقيبتها السوداء و بدأت بـ وضع الأموال بها ثم أكملت بـ شماتة
-يبقى فعلًا تستحق السرقة…
و بـ الأسفل
ترجل هو من سيارتهِ الأنيقة وتوجه إلى مُحيط الشركة وما أن رآه الحارسين حتى إعتدلا بـ جلستهما ثم نهضا ليقوما بـ تحيته
توقف أمامهما يُحدق بهما مليًا ثم قال بـ صرامة
-مخصوم من مرتبكوا بسبب الإهمال دا و أما أشوف هتشتغلوا صح و لا همشيكوا…
ثم تركهما و صعد لجلب بعض الأوراق المُهمة والتي نساها صباحًا، بينما بـ الخارج تذمر أحد الحارسين
-ليه ديمًا بيجي فـ الوقت المتأخر دا؟ دي تالت مرة يعملها
-و كل مرة يمسكنا و إحنا سايبين الحراسة و مبنتعظش…
صعد درجات السُلم فـ هو يكره المصاعد حتى وصل إلى مكتبه، توقف قليلًا وهو يرى ظل يتحرك خلف ضوءٍ ضعيف، ليضع هاتفه و مفاتيحه بـ جيب بنطاله و فتح الباب بـ بُطء و دلف
تحرك بـ بُطء و حذر وهو يبحث بـ عينه عن ذلك الظل ليجده يركض سريعًا بـ إتجاه باب المرحاض
تحرك هو أسرع و أعاق وصول الظل إليه، حيث أمسك السارق من خصره بـ يد و الأُخرى فوق صدرهِ، ثم هدر بـ صوتٍ جهوري
-أنت مين؟…
تلوى الجسد بين يديه ليضغط بـ يده على جسدهِ يمنع هروبه.. ولكن هل يملك المُذكر نهدين؟ توسعت عيناه بـ دهشة فاق منها على صوت صراختها
-إبعد إيدك يا مُتحرش، إبعد إيدك يا حقير، سبنييي…
تلكأ وكأنه يتأكد من ملمس ما أسفل يده لتركل الفتاة ساقه بـ قدمها ثم هدرت بـ صُراخ حاد
-يا سافل يا مُتحرش بس إوعى إيدك، والله هقتلك لو مسبتنيش…
تفاجئ وسريعًا أبعد يده عن صدرها وأحاط خصرها حتى لا تهرب ليحملها بـ يدٍ واحدة ثم أشعل ضوء هاتفه وأنار القليل من وجهها فـ ظهرت بعض ملامح وجهها الأنثوية وليهتف بـ تعجب
-أنتِ حرامية مش حرامي!...
تلوت من بين يديه ولكنه كان يحكم الطوق حولها لتصرخ هي بـ غضب ناري
-هو فيه جنس تالت و أنا معرفش! نزلني يا مُتحرش…
دفعها إلى الحائط وأمسك يديها واضعًا إياهما فوق رأسها وقيدهما.. ثم كَبّل ساقيها أيضًا وهدر بعدما إستعاد وعيه
-أنتِ غبية و لا بتستعبطِ؟ جيتِ تسرقِ و عوزاني أسيبك!
-هتفت بـ عصبية:ملكش أنت دعوة، دا بيني و بين صاحب الشركة، و دلوقتي سبني أمشي
-لأ مش هسيبك، و كمان هتصل بـ البوليس يشوفلك حل أنتِ و لسانك…
إتسعت عيناها بـ خوفٍ حقيقي وهي تراه يُخرج هاتفه و يعبث به، سيضيع مُستقبلها إن فعل
يتبع الفصل الثالث اضغط هنا