رواية اغلال لعنته البارت الثامن 8 بقلم اسراء علي
رواية اغلال لعنته الفصل الثامن 8
قضيت الكثير من وقتي، بل وقتي كله في مُحاولة ترميمها
و لكنها هي من هدمتني…
وضع الأوراق فوق المكتب بعدما إنتهى من قراءتها ثم وقعها هاتفًا
-وصليهم لمستر وقاص، خليه يبص عليهم بصة أخيرة و تعالي تاني…
أومأت الفتاة ثم رحلت بـ هدوء ليضع عُبيدة يده خلف رأسه و تراجع مُتأوهًا يتأرجح بـ مقعدهِ
مُذ أن تسلم منصبه الجديد و بدأ العمل يتزايد و يتراكم بـ طريقة مُخيفة.. ليبتسم وهو ينظر إلى أنحاء مكتبه الواسع
-هو دا اللي كُنت عاوز أوصله! طلعت غلطان كُل ما بتترقى كُل ما الشغل يزيد على دماغك…
سمع طرقات ليعتدل بـ جلستهِ ثم حمحم يُجلي حنجرته قائلًا
-إتفضل…
دلفت المُساعدة الشخصية ثم وقفت بـ تهذيب و هتفت
-الآنسة ايفا هنا يا مستر عُبيدة
-قطب جبينه و تساءل:إيه اللي جابها هنا؟…
أشار إلى المُساعدة و هتف بـ صرامة
-دخليها بسرعة…
خرجت المُساعدة لثوان ثم أتت ايفا لينهض عُبيدة بـ قلق مُمسكًا بـ ذراعيها هاتفًا
-حصلك حاجة أنتِ أو ماما؟
-حركت رأسها نافية:متقلقش محدش فينا حصله حاجة، إحنا كويسين
-أومال مالك؟ وشك عامل كدا ليه؟!...
إبتعدت ايفا عن مرمى ذراعيه ثم توجهت إلى الأريكة تجلس عليها و هو تبعها صامتًا ثم هتفت بـ نبرةٍ مُهتزة على الرغم من طاقتها المُضنية ليخرج صوتها عاديًا، غيرُ مُتأثرًا بما حدث
-أنا إنفصلت عنه
-قطب عُبيدة جبينه و سأل بـ عدم تركيز:عن مين!
-شدت قبضتها و قالت:هيكون مين! خطيبي…
ثانية مرا قبل أن تنحل تقطيبة عُبيدة و يحلُ محلها إبتسامة واسعة مع إنفراج أساريره التي أنبأتها مدى سعادته ليقول مُهللًا
-ألف مبروك والله، يا حبيبي ألف مبروك، ربنا نجاكِ منه…
وجد أن عينيها تلمع أنذرته بـ بُكاء سيحدث فـ صمت و إنتظرها تنفجر و لكن لا شئ، كانت صامتة تبكي في صمت مُنتظرة أن يلومها شقيقها على إختيارها الذي لطالما أبدى رفضه الصريح له، إلا أن عُبيدة خيب آمالها حينما هتف بـ هدوء رزين غرضه مُؤازرة شقيقته
-زعلانة ليه يا ايفا! يا حبيبتي راح قرد يجي غزال، و بصراحة اللي راح كان قرد قرد، كان عاجبك فيه إيه!
-رفعت رأسها إليه سريعًا ثم سألته بـ ذهول باكي:مش هتلومني! مش هتقولي دا نتيجة إختيارك!...
إبتسم عُبيدة إبتسامة خفيفة تملؤها عطف كبير، ليضع يده على كتفها جاذبً إياها إليه ثم هتف بـ صوتٍ خفيض مُحبب النبرة
-مقدرش ألوم بنت ماشية ورا قلبها، كُنتِ صريحة معايا و مرتضيش تُقعي فـ الغلط فـ جيتيلي و إختارتِ إنك متمشيش فـ الغلط و جه يتقدم، رغم رفضي الصريح ليه بس مقدرتش أزعلك…
تنهد بـ صوتٍ لم يصلها و هو يتذكر ما أن رآه، شاب طائش غير جدي بالمرة، يعلم أن شقيقته ستُعاني منه و لكن كُلما نظر إليها وجد عينيها تتلألأ فـ خشى كسرها و الأخطر أن يتركها لذلك الشاب، فـ إتخذ قراره أنه سيُراقبه و يتصيد له الأخطاء و لن يدع ايفا له أبدًا، و سيتركها تعلم من هو الذي. أمامها
بعد مُدة أردف مُكملًا
-و رغم كدا مكنتش هسيبك تتجوزيه نهائي، هو كان طمعان يا ايفا و أنتِ قلبك عماكِ عن الحقيقة دي، بس أبوكِ الله يرحمه وصاني عليكِ فـ واجبي أدعمك فـ كُل خطوة و أحميكِ حتى لو دا عكس رغبتي، بس عُمري ما كُنت هسيبك ليه أبدًا و لا هزعلك…
أمسك ذقنها و رفع رأسها إليه ماسحًا عبراتها ثم أكمل مُبتسمًا
-و كويس إنها جت منك أنتِ، أنتِ الكسبانة يا حبيبتي أوعي تزعلي عليه
-مسحت وجنتها بـ ظهر يدها و قالت:مش زعلانة عليه ، أنا زعلانة على نفسي، إزاي كُنت غبية و معمية كدا
-هتف عُبيدة موضحًا:ما قولنا الحُب بيعمي عن العيوب، و أنتِ زيك زي أي ست ماشية بـ فطرة الحُب و المشاعر عكس الراجل…
تنهدت ايفا صامتة تنظر إلى الأمام، بينما هو في داخله يحمد الله أنها تركته، لقد كان ذلك الحِمل يجثم على قلبهِ، و بعد قليل قال عُبيدة مُداعبًا
-أنا خلصت شُغل، تيجي نعدي على أمك و نروح ناكل بره و نتفسح! بقالنا زمان معملنهاش!
-قالت ايفا بـ تعب:مش قادرة والله بلاش النهاردة…
نهض عُبيدة و جذب. يدها قائلًا بـ نبرةٍ مُشاغبة و إبتسامة جميلة تُزين ملامح وجهه التي تُشبه والدهم إلى حدٍ كبير
-محدش قالك إني أنا الكبير و هتسمعي كلامي! يلا بلاش دلع…
ضحكت ايفا بـ خفوت و أومأت ليجذبها إليه أكثر، و حينما كانا على وشك الخروج، سمعا طرق و بعدها دلوف، تلك العدوة التي يكرهها عُبيدة كثيرًا، تمشي في ثقة و تكبر واضحين يجعلاه يُريد ضرب رأسها بـ الحائط، إلا أنه آثر تمالك أعصابه
حولت إيزيل أنظارها بين عُبيدة و ايفا بـ رفعة حاجب تدل على الإستنكار ثم قالت بـ برود صقيعي
-سوري، مكنتش أعرف إني بقاطع وقت خاص
-رد عليها عُبيدة بـ تهكم مُغيظ:و أديكِ عرفتِ، يلا إتفضلي بعد إذنك
-و لكنها لم تهتز حينما أردفت بٓ نفس برودها:مش جاية حُب تطفل، بس مستر وقاص طلب مني موافقتك أنت على الميزانية دي…
ثم مدت يدها بـ الأوراق، ليلتقطها هو حادجًا إيزيل بـ نظرات ضيق ثم إلى الأوراق و رفع حاجبه، تلك الأمور لا تستدعي موافقته من الأساس فـ يكفي أن يوافق وقاص عليها، و لكنه يفهم خطته جيدًا، وقاص يُريد إصلاح سوء الفهم بينهما عن طريق تلك الأمور و لكن صديقه لا يعلم أنه يكرهها هي لشخصها و ليس لأنها أخذت منصب كان يستحقه
إلا أنه لم يُظهر ذلك بل ترك ايفا و أخذ القلم و وقع ثم أعطاها الأوراق قائلًا مُتقمصًا برودها
-كان مُمكن تبعتِ أي حد، مش لازم أنتِ
-هتفت بـ نبرةٍ عادية:كُنت مع وقاص فـ المكتب و طلب مني كـ مُدير مش كـ حد قريبي…
تعمدت رفع الألقاب التي كانت تضعها حينما تواقح عُبيدة معها مُستخدمًا "أنتِ" لذلك أرادت ردها بـ هدوء و هو فهم ما ترمي إليه فـ إبتسم و عاود مُحاوطة شقيقته و قال بـ نزق
-بعد إذنك عشان عطلتينا…
إبتسمت ايفا بـ توتر لتلك الأجواء الباردة التي جعلت جسدها يقشعر و لكن إيزيل لم تُبادلها الإبتسامة فـ أدارت وجهها بعيد تكتم ضحكتها حينما أردف عُبيدة بـ وقاحة
-متنسيش تقفلي باب المكتب وراكِ و أنتِ خارجة…
كان يُريد إستفزازها تلك الوقحة و لكن إيزيل كانت هادئة إلى حدٍ، يُثير الغضب، فـ تبعت خروجه دون أن تغلق الباب قائلة و هي تمر جوارهما
-شُغل أطفال فـ الشركة! مكنتش متوقعة إن وقاص بيختار بيبهات مش ناس ناضجة…
و عُبيدة لم يرد إلا أنها قد إستفزت ايفا التي كادت أن ترد و لكن شقيقها منعها قائلًا بـ نبرةٍ جامدة
-سيبك منها، دي عندها مرض غريب اسمه الوقاحة ملوش علاج
-هتفت ايفا:مُستفزة، مستحملها إزاي!
-إبتسم عُبيدة من زاوية فمه وقال:نفسي طويل…
الحرب ليست على أشُدها، والمُمتع بها أنها حرب باردة
فـ هو يُجيد الربح فـ تلك المعارك و يبدو الخسارة من نصيبها
********************
أنهت حوراء من صُنع شطائر خفيفة و إتجهت إلى غُرفة كيان التي رفضت تناول الإفطار بل و رفضت الخروج من غُرفتها و ظن الجميع أنها مريضة، عاداها فـ هي تعلم ما حدث أمس و بـ الطبع الأمر له علاقة وثيقة بـ قدوم قُتيبة أسفل شُرفتها
طرقت الباب و إنتظرت حتى آتى صوت كيان تقول بـ صوتٍ مبحوح يدل على مُدةٍ طويلةٍ قضتها في البُكاء
-قولت مش جعانة
-أجابتها حوراء:مش جاية عشان تاكلي، عاوزة أطمن عليكِ
-أتاها صوت كيان:أنا كويسة يا حوراء أمشي…
تنهدت حوراء و أعادت في رأسها ما أعدته قبلًا لكي لا تُخطئ فـ قالت بـ أول جُملة
-مش همشي إلا لما تفتحي، يا إما هروح لجدو و أعرفه كُل حاجة…
كانت حوراء تستعد لرد كيان عليها و تُعِد إجابتها مُسبقًا إلا أنها ذُهلت حينما فتحت الباب و سألتها بـ نفس النبرة المبحوحة و أنفِ أحمر ناهيك عن تورم جفنيها
-تقوليله على إيه! و بعدين أنتِ قولتِ مش جاية عشان الأكل!...
دفعتها حوراء بـ مرفقها لتدخل ثم قالت و هي تضع الشطائر فوق الفراش و جلست جوار الطعام
-الأكل عشاني مش عشانك، و دلوقتي تعالي نتكلم…
تأففت كيان ثم أغلقت الباب و إقتربت تجلس جوار حوراء، تضم رُكبتيها إلى صدرها، فـ تسائلت حوراء و هي تلتقط شطيرة دون أن تأكل منها
-قوليلي بقى، قُتيبة كان هنا إمبارح ليه! و إيه اللي حصل خلاكِ تعيطي كدا؟!
-نظرت إليها كيان مذهولة و سألت:عرفتِ منين!!...
أكلت من الشطيرة ثم قالت بـ فخر و هي تبتلع ما في فمها
-شوفتوا تحت أوضتك و أنقذتك من عُميّر
-نعم!!...
أومأت حوراء بـ رأسها ثم مدت يدها بـ الشطيرة لكيان التي أخذتها دون وعي و قالت
-كان معدي صُدفة و أنا واقفة فـ بلكونة الصالة، و أنا اللي منعته يشوفك…
أومأت كيان هذه المرة ثم قضمت الشطيرة دون وعي أيضًا فـ إبتسمت حوراء التي ضربت كتف الجالسة جوارها و هتفت مُتسائلة
-ها إيه اللي حصل!
-تنهدت كيان و قالت بـ شرود:زي كُل مرة، إتخانقنا…
تنهدت حوراء بـ حُزن كِلاهما يجرحان الآخر و لكنهما لا يستطيعان التخلي عن بعضهما، تستطيع كيان التخلي عنه و تركه نهائيًا و لكنها تأبى تركهُ، إنها تُحبه و بـ شدة و رشاد لم يكن سوى سبيل ضعيف لتوهم نفسها أن قُتيبة قد كان ماضٍ و ولى
تلك الحمقاء لا تعلم أنه ماضيها و حاضرها و مُستقبلها، أو رُبما تعرف و تأبى الإعتراف و في كِلتا الحالتين هُناك ما يمنعها من التقدم نحوه و فضولها! ستستمع إلى نصيحة نوح و لا تسأل فـ إنتظرت كيان لتبوح بما يجيش داخلها
تركت كيان الشطيرة ثم مالت بـ رأسها و وضعتها فوق رُكبتيها و هتفت بـ نبرةٍ بائسة
-بس أنا جرحته المرة دي، قولت حاجة مكنش ينفع أقولها
-سألتها حوراء بـ هدوء:كان قصدك و لا غصب عنك!
-هبطت عبرة خائنة:مكنش قصدي، كُنت عاوزاه ييئس مني، مش عاوزاه يُحط أمل على وهم…
ربتت حوراء على ظهرها و صمتت تنتظر كيان لتُكمل و لكنها آثرت البُكاء في صمت لتقول هي
-و هو فعلًا وهم يا كيان ولا أنتِ بتحاولي تقنعي نفسك!
-هتفت شاردة بـ حديث أمس:مش عارفة، بس اللي أعرفه…
رفعت رأسها و مسحت وجهها المُتورم ثم هتفت مُكملة
-إني بكرهه، بس مش عايزاه يكرهني
-رفعت حوراء حاجبها و قالت بـ إستنكار:بس دي أنانية
-ردت كيان مؤكدة:عارفة، بس مش عارفة أعمل غير كدا…
حدقت بها حوراء مذهولة و لكنها لم تُعقب بل خطر على بالها سؤالًا كان يجب أن تسأله لها من قبل
-و أنتِ فعلًا بتكرهيه!...
و كأن سؤال حوراء صدمها فـ جعلها تفغر فمها و الصدمة ترتسم على وجهها، و سؤالها يطوف داخل ثنايا عقلها، هل تكره قُتيبة حقًا؟ أم تكره ما حدث ذلك اليوم؟
تكره أن يكون هو قاتل أبيه، مشاعرها في فوضى تامة تارة تكره نفسها لِمَ أصابه بسببها و تارة تكرهه لأنه لطخ يده بـ الدماء، و تارة لا تكره أحدهما بل تكره الظروف التي وضعتهما في خانة الكُره
أغلقت فمها و لم ترد فقط إكتفت بـ التحديق الفارغ بـ حوراء التي قالت بـ شبه إبتسامة
-مش محتاجة تجاوبي يا كيان، الإجابة أنتِ عارفاها…
عاودت وضع رأسها على رُكبتيها و أدارت وجهها بعيدًا عن حوراء و أجابت بـ همسٍ لم يصل حتى إلى أُذنها
-يمكن…
مسحت حوراء على ظهرها و وضعت رأسها عليه ثم قالت بـ نبرةٍ هامسة و لكنها جدية
-بس اللي أعرفه يا كيان إنك متسمحيش لقُتيبة إنه يكرهك…
لم ترد كيان فـ أكملت حوراء حديثها
-و لازم تعوضيه على الي قلتيه
-همست كيان مُتسائلة:تفتكري
-إبتسمت حوراء:جدًا…
********************
الخطأ الخامس؟
لا رُبما السادء أو السابع لا يدري فـ قد توقف عن العد، و لكن هذا يفوق الحد الذي يتوقعه لذلك ترك آدم ما في يدهِ ثم إتجه إلى حيث قُتيبة و قال بـ هدوء و هو يأخذ ما في يدهِ
-الغلطات دي هتودينا فـ داهية، سيب اللي فـ إيدك و إستريح…
و لكن قُتيبة لم يمتثل لِمَ يقوله آدم و قبض على الآلة هاتفًا بـ صوتٍ قاتم جعل صديقه يتراجع بـ دهشة
-متشدش حاجة من إيدي كدا تاني عشان متزعلش…
تفاجئ آدم من هجومية صديقه فـ قد كان أمس في حالة جيدة، أما اليوم فـ كأن أحدهم قد آذاه بـ شدة، قُتيبة قلما أظهر غضبه و إستياءه على الرغم من أنه سريع الغضب و لكنه كان يستطيع السيطرة عليه
أما ما يراه الآن فـ ما حدث قد نال منه و بـ شدة لذلك آثر آدم تركه و عاد إلى عملهِ الأول و هو يُراقب قُتيبة عن كثب، و ما توصل إليه أن كيان هي سبب تلك الحالة
تنهد و بدأ عمله من جديد ثم سأله بغية تغيير الحديث و إبعاد تفكير قُتيبة عما حدث
-عملت إيه فـ الكلام اللي قالك عليه زميلك فـ السجن دا!...
تأخر قُتيبة في الرد حتى ظن آدم أنه لن يرد عليه فـ تنهد بـ حرارة و صمت مُكملًا عمله حتى آتاه صوت صديقه بعد مُدة طويلة جعلته ينسى ما سأله من الأساس
-لسه مردتش عليه، يومين و هرد…
أخذ آدم برهه حتى فهم عمَ يتحدث عنه قُتيبة ثم هتف و هو يتحدث بـ حماسٍ زائفٍ
-كويس، خير يا عم متبقاش تنسانا…
لم يُجاريه قُتيبة في الحديث بل سبحت أفكاره في ذلك. الوادي الذي يكرهه، أمس و كلمتها له
"قاتل"
تردد صداها في أُذنيه و كانت كـ وقع سوطٍ عليه، لم يظن أنها ستنطق بما إقترفته يده لأجلها، بل لأجله أولًا ثم لأجلها، لقد سأم و كره حياته و كيف يعيش، والده كان غير سوي النفس، كان كريه قاتم القلب كما كانت ملامحه تمامًا
لم يكن يتحدث معه بل كانت يده هي ما تفعل، لقد عاش طفولةٍ بائسة كره المنزل و كره البقاء فيه، والدته كان يرى به آثار التعنيف كُل يوم و كان ينال هو الآخر نصيبه عند عودته من المدرسة
حاول والده كثيرًا ليجعله يترك تعلميه و لكنه رفض رفضًا تامًا، فـ كان عقاب والده له أن يعمل و يدر عليه بـ المال عله يزهد و يفشل في تعلميهِ، إلا أن قُتيبة خذله فـ عمل و تعلم و نجح و كان من المُمكن أن يُصبح مُهندسًا ذو شأن إلا أن ذلك اليوم حال بينه و بين مُستقبلٍ باهر كان ينتظره
و المُضحك بـ الأمر أنه لم يندم بل شَعَرَ و كأنه تحرر، و كأنه ذاق الحُرية أخيرًا بعد سنوات من الأذى الجسدي و النفسي، بعد أشياء كثيرة وجد فيه موت والده الخلاص فـ كيف لها أن تنعته بـ القاتل؟
لن ينسى ذلك المشهد و هو يقتحم الغُرفة و والده كان يجثم فوقها مُمزقًا ثيابها فـ لم يتمالك نفسه، كان ذلك المشهد القشة التي قصمت ظهر البعير و الفتيل الذي أشعل شياطينه ليقتله
ذلك اليوم أراد إخباره عن تخرجه بـ تقديرٍ عال و سيبحث عن عملٍ يليق به ليستطيع العيش معها و يتزوجها كما خططا من قبل
"عودة إلى وقتٍ سابق"
جأر قُتيبة بـ صوتٍ عال و لم يدع المجال لشاهين أن يلتف بل إنقض عليه و طعنه طعنة نافذة في ظهرهِ، كانت و كأنها طعنة الخلاص و حينما إلتف والده رأى وجه قُتيبة الأسود بـ نيران إشتعلت و كان هو السبب في إشتعالها
صدمة ثم بصقة دماء تناثرت على وجه كيان قبل أن يقول بـ صوتٍ مُتهدج
-كُنت عارف إنك هتعملها فـ يوم…
وقع على الفراش و قُتيبة يُحدق به بـ نظرات سوداء شديدة الظُلمة، فـ ضحك شاهين بـ بُطء و قال ساخرًا
-بس مكنتش أعرف إنك هتعملها عشان خاطر واحدة…
و إنقطعت أنفاسه و إنقطاعها كان بـ مثابة إشارة إنطلاق ليتحرر قُتيبة، و لكن حينما نظر إلى عيني تلك المُلقاه فوق الفراش تضم كنزتها المُمزقة، كانت تحدجه بـ خوفٍ و كُره، كان مزيج قاتل ما بين الرُعب و عدم التصديق و كأنها رأت قُتيبة آخر عمن كانت تعرفه
هُنا و عَلِمَ أن تلك الطفلة التي تربت على يدهِ قد كرهته و رأت نفسه المشوهه
و ظل كِلاهما يُحدقان بـ الآخر حتى تجمع الجيران على صوت صرخة قُتيبة و جاءت الشُرطة و إنتهى مُستقبل حَلِمَ بـ بناءهِ معها
"عودة إلى الوقتِ الحالي"
جُملته التي سمعها فقط هو وحده قبل أن تنقطع أنفاسه
"لقد جعلت منك مسخ ستتذكرني ما دُمت حيًا، سأُعذب روحك حتى بعد مماتي"
و قد كان مُحقًا إنه مسخ و لا يزال يتذكره و هذا ما يكرهه
جأر قُتيبة و هو يُلقي آلة حديدية بـ قوة بـ الأرض ثم ركلها بعيدًا و إستحالت ملامحه إلى سوداء قاتمة بـ شدة، و على إثر تلك الصرخة القوية التي برزت لها عروق نحره إلتفت آدم مصعوقًا و إقترب من صديقهِ سريعًا و أمسك به قائلًا بـ صوتٍ جهوري قلق
-مالك يا قُتيبة إهدى هتودي نفسك فـ داهية…
حاول قُتيبة التملص من آدم و لكنه لم يستطع فـ هو الآخر قد بنى جسدًا قويًا في السجن ليحكم الطوق حوله ثم قام بـ عرقلته ليسقط أرضًا و هو معه ثم هتف بـ نبرةٍ عالية لجعل قُتيبة يفيق
-إهدى يا بني، إهدى و بلاش جنان أنت فـ الشُغل…
يحمد الله أن آلات المصانع بـ الخارج تعمل بـ صوتٍ عالٍ جدًا فـ لم يسمعه أحد، و ذلك الذي بين يديهِ لا يهدأ رغم أن آدم يُمسكه بـ قوة و لكن قُتيبة كانت به قوة غريبة و كأنه ممسوس
كاد أن يُمسك قطعة حديدية و يضربه بها و لكن خشى أن يقتله بها فـ تركه يُخرج ما به و القلق يعتريه على صديقهِ و خوفًا أن يدخل أحدهم و يراهما على هذه الحالة فـ يتسبب بـ طردهما معًا
بعد أن مضى وقتٍ بدأ قُتيبة يهدأ و حالته تعود فقط لأن قواه قد خارت و آدم لا يزال مُمسكًا به لم يتركه ثم سأله بـ حذر
-قُتيبة أنت كويس!
-جاءه صوت قُتيبة أسود، مُخيف على الرغم من خفوته:سبني…
إلا أن آدم رفض فـ قال وهو يُحرك رأسه نفيًا بـ إصرار
-مش هسيبك غير لما ترد عليا…
زفر قُتيبة و أومأ على مضض فـ أردف آدم بـ عناد البِغال
-أسمعك بتقولها
-هتف بـ جمود:هكسر إيدك لو مسبتنيش…
هُنا و تأكد آدم أن صديقه قد عاد ليتركه بـ بُطء فـ نهض قُتيبة مُنتفضًا و أخذ آلة العمل و عاد إلى عملهِ من جديد، فـ أمسكه آدم من كتفهِ و قال بـ هدوء
-خُد باقي اليوم أجازة، شكلك تعبان
-دفع قُتيبة يده وقال:لأ و إبعد عني…
زم آدم فمه و لكنه لم ييأس فـ قرر سؤاله والحذر لم يُبارحه
-الحالة دي بسبب كيان!!...
عندما إلتفت إليه قُتيبة شهق آدم من نظرتهِ له، كانت و كأن الشياطين تلبسته فـ جعلت من ملامحهِ أشد سوادًا و رُعبًا فـ تراجع إلا أن الآوان قد فات فـ قبض عليه ثم لكمه بـ قوة طرحته أرضًا ثم جأر بـ صوتٍ أشد سوادًا و قتامة
-إبعد عني السعااادي و متجبش سيرتها…
لم يدع له المجال حتى ليومئ فـ قد قذف قُتيبة الآلة بـ القُرب منه ثم ترك الغُرفة التي يعملان بها و رحل مُغلفًا وراءه أجواء عكرة، و مُخيفة كـ ملامحهِ مُنذ قليل
********************
بعد يومٍ طويل من العمل عاد إلى المنزل مُرهقًا، و خاصةً حينما فاجأته إيزيل بـ غضبها، إيزيل تغضب؟ و كان سبب الغضب بـ الطبع عُبيدة
ضحك وقاص كِلاهما لا يطيقان بعضهما البعض و كأنهما عدوان حقًا، تنهد و صعد إلى المنزل و قبل أن يفتح الباب وصلته رسالة نصية من هيثم فـ ترك مفاتيحه و جلس على الدرج و إبتسامته تتسع
أجرى إتصالًا مع هيثم الذي أجاب عليه دون أن يلقي التحية مازحًا
-والله لولا معزتك عندي مكنتش وافقت على الطلب دا
-قهقه وقاص و قال:عارف، بس إستحمل بقى…
سمع صوت ضحكات هيثم من الجانب الآخر و إنتظره حتى هتف مُتسائلًا
-إشمعنى كِنانة يعني! فيه موظفين أحسن منها
-أجاب وقاص بـ مراوغة:كِنانة ذكية و سهل أتعامل معاها، و كدا كدا هتاخد المُساعدة بتاعتي
-سأله هيثم:ذكية و سريعة؟ أنت واخد أحسن موظفة عندي
-هتف بـ خُبثٍ:مش كان فيه موظفين أحسن منها!...
صمت هيثم قليلًا ثم قال بـ صراحة جعلت وقاص يصمت هو الآخر بعد حديث الآخر
-كِنانة مش أحسن موظفة من حيث المكانة، بس هي بتعمل شُغلها كويس و بتعمل كُل اللي بينطلب منها، و الأهم من كدا إنها مبتعملش مشاكل و لا ليها علاقات تبوظ الشُغل…
ساد الصمت من جهة وقاص الذي إبتسم و قال بعد لحظات
-كويس إنها ملهاش علاقات، مش عاوزها تقولي بعد مُدة هسيب الشُغل عشان هتجوز
-هتف هيثم سريعًا:هي مش كدا أبدًا…
قطب واص جبينه بـ تعجب ثم سأل بـ شك يتمنى أن يكون ظنه في غير محلهِ
-شكلك تعرفها جدًا صح!
-ضحك هيثم و قال:كُنت معجب بيها قبل ما أمسك الشركة مكان والدي، بس هي رفضت و قالتلي إنها مانعة العلاقات فـ الشُغل…
تقطيبة صغيرة تدل على إنزعاج لا يعلم مصدره هي كل ما ظهر عليه، ليصمت و يستمع إلى المُتبقي من حديث هيثم
-رغم إني حاولت كتير بس كانت بترفض، فـ إستسلمت و بعدين أقلمت مشاعري على كدا، يمكن لما تروح عندك تبقى فُرصة كويسة إنها تغير رأيها…
صر وقاص على أسنانهِ و لم يرد، بل آثر الصمت على لا يخرج صوته بـ عدائية غير مُبررة كما هي حالته الآن لِمَ الغضب! ليردف بعد قليل بـ إقتضاب
-أنا هقفل عشان مشغول حاليًا، نتكلم بعدين، سلام…
لم ينتظر وقاص رده بل أغلق الهاتف و نهض ليفتح الباب و يدخل المنزل تاركًا الذي على الجهة الأُخرى ينظر إلى الهاتف بـ تعجب
حينما دخل وقاص المنزل وجد والدته تجلس في إنتظارهِ، ليبتسم هو مُقتربًا منها على حين غفلة ثم عانقها قائلًا
-وحشتيني يا ست الحبايب…
صرخت والدته بـ فزع ثم وضعت يدها على قلبها قائلة بـ لوم
-بسم الله الرحمن الرحيم، خضتني يا وقاص…
قهقه و تناسى السؤال الذي يحوم في عقلهِ ليستدير حول الأريكة و جلس جوار والدته و سألها مازحًا
-اللي واخد عقلك عني! بتفكري فـ مين!
-ضربت كتفه وقالت:و أنا هفكر فـ مين غيركوا يعني!!...
رفع وقاص رأسه و قَبّل جبين والدته ثم قال بـ إبتسامة حانية و صادقة
-ربنا يخليكِ لينا يا ست الكل…
ربتت على يدهِ و حل الوجوم على وجهها من جديد ليُمسك يدها و يسألها بـ إهتمام
-قوليلي إيه اللي شاغلك!...
نظرت إليه والدته و همت بـ الحديث و لكنها لم تجد ما تقوله فـ أغلقته مُجددًا، ليحثها وقاص على الحديث قائلًا بـ صوتٍ جاد
-متفكريش كتير، خير!
-عضت شِفاها السُفلى و قالت بـ تردد:الموضوع يُخص أخوك…
إعتدل وقاص في جلسته و إستدار إليها ثم سأل بـ إهتمام و جدية أكبر
-خير ماله! حد عمله حاجة؟!...
تنهدت و بعد صراعٍ طويل مع نفسها قبل مجيئه تُخبره أم لا، فـ حسمت ذلك الصراع بـ إخباره لتقول بـ صوتٍ خفيض
-هو اللي عمل يا وقاص
-هتف بـ نفاذ صبر:طب ما تقولي بدل التوتر دا…
أومأت والدته و قصت عليه ما رأته و ما حدث، لتجد وقاص معالمه قد وجمت و صمت ينظر إلى الأمام دون حديث أو رد فعل واضح، لتهتف والدته بـ توتر
-بالله عليك ما تعمل حاجة يا وقاص، أنا معرفتش أعمل إيه و لو كلمت عمامك بدل أما يتصرفوا هيقطموا فيك و يقتلوا أخوك
-تسائل وقاص بـ نبرةٍ غير مفهومة:و محكتيش من زمان ليه يا أُمي!
-أجابت بـ تهدج:أنت هتعمل إيه و لا إيه! و خوفت يحصل بينك و بين أخوك حاجة…
حك وقاص جبينه بـ إعياء ثم هتف قائلًا بـ صوتٍ جاد و ثقيل
-مين اللي باقي ليكوا بعد بابا الله يرحمه!
-ردت والدته سريعًا و هي تربت عليه:أنت يا حبيبي طبعًا بعد ربنا، ربنا ما يحرمنا منك
-ليقول بـ صرامة:يبقى أي حاجة تحصل فـ البيت دا مسئولة مني مش من حد تاني، و بالنسبة لـ أسعد أنا هتصرف…
هم وقاص لينهض لتُمسك والدته بـ يدهِ قائلة بـ رجاءٍ
-بالله عليك ما تعمله حاجة
-ربت على يدها و قال بـ معالم غير مقروءة:متقلقيش يا ست الكُل، خُشي أوضتك و أنا هتصرف معاه…
ترددت والدته و فتحت فمها تنوي الحديث إلا أنه قال بـ صرامة دون أن ينظر لها
-قومي خُشي أوضتك يا ماما و متخافيش يلا…
أومأت و نهضت تدخل غُرفتها و هو توجه إلى غُرفة شقيقه و قبل أن يدخل، أحنى رأسه و حركها بـ نفيٍ و كأنه خُذل أو رُبما كان التقصير منه إلا أنه فتح الباب على حين غُرة ليجد أسعد يجلس و كأنه في إنتظارهِ و ما أن فتح حتى نهض و على وجههِ ملامح الخوف
********************
هُنا أول مكان إلتقاها به،
و هُنا أول مرة يعترف بـ حبهِ لها
و هُنا أخبرها أنه ينوي زواجها
و هُنا تعاهدا معًا
و لكن كُل ذلك أصبح سراب، سراب لا يراه سوى في أحلامهِ، حتى أحلامه تحولت إلى كابوس مُخيف
لا طفولة و لا صبا و لا شباب، لقد خسر كُل شئ حتى هي خسرها و لكنه لا ينوي التخلي عنها كما لم يتخلَ عن حلمهِ في التعليم لن يتركها تنسل من بين أصابعهِ و تُصبح سراب كـ طفولته
هُنا كان يهرب حينما يُصاب والده بـ نوبة جنون فـ يُطيح بـ من أمامهِ، في ذات يومٍ كان والده قد تناول تلك العقاقير المُخدرة و فقد السيطرة على نفسهِ فـ ضرب والدته و ضربه، كان طفلًا يبلغ من العُمر ستُ سنوات فقط ضُرب بـ حزام و ترك أثرًا على جسدهِ
و هذه المرة هرب من براثن أبيه و خرج إلى البحر، لن ينسى ذلك اليوم فـ قد كان يبكي بـ شدة و يعتقد أنها آخر مرة بكى بها، هرب إلى الشاطئ و جلس فوق الرمال يبكي بـ قوة كـ طفلٍ تائه لا يجد والديه و لا أحد يعلم أنه يتمنى ألا يجده والده
حينها إلتقى جد كيان، ذلك الرجل الوحيد الذي يعرف مُعاناته و كم عانى هو و والدته من عُنف لم يجد من ينجدهما منه، جلس جواره و ربت على ظهره في البداية خاف و إبتعد إلا أن ذلك العجوز إبتسم و قال
-متخافش يا حبيبي، أنت تايه!...
أومأ الصبي بـ لا فـ رأي العجوز أثار التعنيف على جسدهِ فـ صمت مُشفقًا عليه، ليجلس جواره و حاوره كثيرًا ثم داوى جراحه بما يملك لينهض قُتيبة ماسحًا وجهه قائلًا
-شُكرًا
-رد العجوز عليه بـ إبتسامة طيبة:العفو، تحب تيجي معايا!...
ظهرت علامات الخوف و الرفض على وجه قُتيبة و قال نافيًا
-لأ، هيموتني لو حد عرف
-هو مين!
-أجاب بـ قنوط:بابا…
و يندم أنه أطلق عليه والده لك يكره في حياتهِ أحد كما كره ذلك الشخص، لقد عذبه في حياتهِ و أيضًا يُعذبه في موتهِ ألن ينتهي هذا الكابوس!
يُريد العيش، يُريد أن يخرج من تلك الحلقة المُفرغة، لم يُصبح مثله و لكنه ترك بـ داخله أثر لن يندمل ما حيا أبدًا
أمسك حصى صغيرة و ألقى بها بـ الماء ثم رمى بـ جسدهِ إلى الخلف ليرتمي فوق الرمال الباردة، الوقت قد بدأ في الغروب و هو ترك العمل دون حرف، يبدو أن اليوم كان آخر يومًا له بـ العمل
أخرج هاتفه و أجرى إتصالًا بـ رقم قد تُرك له حتى آتاه الصوت من الجهة الأُخرى
-وصلت لقرار!
-أجاب قُتيبة بـ وضوح:أه…
نظر إلى إمتداد البحر حيث تلتقي المياه بـ السماء و قال
-موافق
-حلو، تعالى بكرة نتفق…
ثم أغلق الهاتف و نظر مُجددًا إلى حيث ما كان ينظر، إلتقاء السماء بـ البحر متى سيلتقي بها كما يلتقيان هذاين المُستحيلان!
-مش عايز أكرهك، لأ أنا خايف أكرهك يا كيان…
مسح على خُصلاتهِ و شدها بـ قوة و أمسك حفنة من الرمال و رفع يده ثم تركها لتسقط و عاود قائلًا و كأنه يُذكر نفسه بـ ألا يكرهها
-خايف أكرهك…
و هي من بعيد تقف لتراه جالس، كانت تشعر بما يشعر به، صراع و وحدة تستيطع التنبؤ بهما من جلسته، لطالما كان قُتيبة أيسر لُغز تستطيع فهمه و أصعب لُغز لا يستطيع أحد فهمه
ما بينهما ليس ماضٍ فقط، بل حياة شاركتها معه، عرفتها به، أول من أمسك يدها و عرفت كيف تضحك معه
أول من نطقت اسمه فـ تشعر أنها وحدها من تملكه و لا أحد غيرها، قُتيبة كان الأب و الحبيب، أول حبيب و آخرهم حتى و إن لم تكن معه فـ هو الحقيقة الوحيدة في حياتها، الحقيقة الوحيدة التي تعرفها و لا شئ غيره
تقدمت منه تنوي الإعتذار عما قالت، تعلم أنها قد جرحته بـ قوة، لا تعرف ما مدى توتر علاقته مع أبيه و لكن طوال مُدة تواجدهما معًا لم يذكر اسم والده أو يُخبرها بـ شيئٍ عنه و هذا يدل على أن قُتيبة يكره والده
فركت يدها و تقدمت حتى وقفت خلفه و سمعت عبارته الأخيرة
-خايف أكرهك…
كادت أن تشهق من فرط صدمتها هذا أكثر ما تخشاه
لا تُريده أن يكرهها…
يتبع الفصل التاسع 9 اضغط هنا