رواية عروس من باريس البارت الثالث 3 بقلم سارة علي
رواية عروس من باريس الفصل الثالث 3
وقف كمال امام زوجته نورا التي تنظر اليه بملامح مصدومة تحاول ان تستوعب ما تفوه به زوجها ..
ظلت صامتة لوقت طويل دون ان تتحدث حتى ان كمال قلق عليها فاقترب منها ومسكها من ذراعها وقال بجدية :
" نورا .. حبيبتي انتي كويسة ..؟!"
نظرت اليه بعينين دامعتين وقالت بصوت شاحب :
" ليه يا كمال ..؟! ليه مقولتليش..؟!"
اجابها بصدق :
" انا لسه عارف من ساعتين .. وجيت قولتلك على طول .."
ابعدت ذراعها عنه بعنف وقالت بحقد :
" ليه مقولتليش على موضوع جوازك قبلي ..؟! ليه خدعتيني واتجوزتني وانت مبتحبنيش ..؟!"
زفر انفاسه وقال محاولا احتوائها :
" ليه بتقولي كده يا نورا ..؟! انت عارفة اني بحبك وانتِ مراتي وحبيبتي وام عيالي وكل حياتي .. انجيلا .."
صمت قليلا محاولا ابتلاع غصته وهو يردف :
" انجيلا كانت ماضي .. ماضي وانتهى .. بس ليديا .. ليديا ملهاش ذنب فحاجة .. دي بنتي .. وانا لازم اعترف بيها واعوضها عن كل اللي فات .."
سألته نورا بصوت جدا :
" اتكلم بصراحة .. انت عاوز ايه مني دلوقتي ..؟!"
اجابها بجدية :
" ليديا لازم تعيش هنا .. معانا .."
صرخت بغضب :
" مستحيل .. انت عايز تجيب بنت غريمتي فبيتي .. انت اكيد اتجننت .."
صاح كمال بدوره :
" اولا صوتك ده ميعلاش على صوتي .. ثانيا دي بنتي .. فاهمة يعني ايه بنتي ..؟! وغريمتك اللي بتتكلمي عليها دي ماتت .. المفروض اننا ندعيلها بالرحمة .."
صاحت بنفاذ صبر :
" انا مليش علاقة فكل ده .. بنتك انت حر فيها .. لكن تجيهالي هنا .. لا والف لا .. انا مش هربي بنت حبيبتك عندي .. انت فاهم ..؟!"
" يعني ايه ..؟! بتعانديني يا نورا ..؟!"
صرخ بها بغضب لتهطل دموعها وهي تجيبه :
" انا عمري معاندتك .. طول عمري بطيعك فكل حاجة .. بس لحد هنا وكفاية .. انا مش هقدر اتقبلها فحياتي .. "
" نورا .."
صرخ بها بحدة ليخرج سليم اخيه من غرفة المكتب حيث قد جاء مع اخيه بعدما اخبره بحقيقة وجود ابنه له وطلب منه ان يرافقه الى منزله كي يخبر نورا بكل شيء ويقنعها ببقاء ليديا في منزله .،
قال سليم وهو يقترب منهما محاولا تهدئة الوضع :
" فيه ايه يا جماعة ..؟! ممكن تهدوا .. صوتكوا عالي .. "
ردت نورا ببكاء :
" عاوز يجيب بنته من حبيبته القديمة ويخليها تعيش معايا ..والمفروض اني اتقبلها عادي واستقبلها وارحب بيها كمان .."
نظر سليم الى ملامح اخيه الواجمة وقال بجدية :
" نورا معاها حق يا كمال .. مينفعش ليديا اعيش معاكم هنا .."
وقبل ان يصرخ كمال به اكمل سليم بجدية :
" لازم تمر فترة عالاقل تكون نورا استوعبت بيها الخبر ووجود بنت ليك وساعتها هي بنفسها هتطلب منك تجيبها البيت هنا .."
ثم اردف :
" ليديا هتعيش فبيت جدها يا كمال ... بيت العيلة اللي هو بيتنا كلنا .. هتفضل معانا لحد ما نورا تقرر امتى اجي اعيش فبيتك .. اظن كده مرضية يا نورا .."
تطلعت نورا الى سليم بعينيها الحمراوين قبل ان تتجه مسرعة الى غرفتها بالطابق العلوي ليصيح سليم بأخيه :
" فيه ايه يا كمال ..؟! انت لازم تقدر موقفها .. عاوزها تتقبل بنتك بالسرعة دي .. اديها فترة تستوعب اللي حصل .."
زفر كمال نفسا قويا وقال بضيق :
" انا اللي يهمني دلوقتي ليديا .. انا لازم اعوضها عن كل دقيقة عاشتها بعيد عني .."
اومأ سليم برأسه وقال :
"وانا معاك .. كلنا لازم نعوضها .. جبها عندي فبيت العيلة وخليها معانا .. وصدقني نورا لما تهدى وتستوعب كل حاجة هتوافق تعيش معاكم .."
" يارب .."
قالها كمال بترجي بينما قال سليم بجدية :
"دلوقتي نروح نكلم امك وفريال ونعرفهم بكل حاجة وبعدها نجيب ليديا عندنا .."
سأله كمال بسخرية :
" وانت فاكر مراتك هتستقبل بنتي عادي ..؟!"
رد سليم بهدوء :
" ايوه هتستقبلها وترحب بيها .. فريال صحيح صعبة وشخصيتها قوية .. بس الفكرة هنا مختلفة .. فريال مش بتحب مراتك وبالتالي وجود ليديا هيسعدها عشان فاكرة كده هتغيظ نورا .. شغل ستات ملناش دعوة بيه .."
ابتسم كمال ساخرا وقال :
" طب يلا بينا نروح نكلم مراتك وامك قبل ما الدنيا تظلم .."
اومأ سليم برأسه وتحرك امامه ليتجه كليهما الى منزل العائلة ..
......................................................................
" يعني انت عندك بنت من انجيلا الفرنسية يا كمال ..؟!"
قالتها جميلة والدته بصدمة ليومأ كمال برأسه وهو يقول بحسرة :
" انجيلا اللي قلتولي انها ماتت وخليتوني اعيش فحسرتها .."
ابتلعت جميلة ريقها وقالت بوجع :
" انا مليش دعوة .. ده كان قرار ابوك .. وثانيا ربنا عوضك بنورا .. نورا اللي كانت احسن زوجة ليك .."
تدخلت فريال بالحوار قائلة بغيظ :
" متبغاليش يا مرات عمي .. نورا مش ملاك للدرجة دي .."
رماها سليم بنظرات محذرة بينما رد كمال بجمود :
" نورا مفيش زيها يا فريال .. انا عشت معاها اكتر من ثلاثة وعشرين سنة عمري مشفت منها حاجة وحشة .."
كتمت فريال غيظها بينما اكمل كمال بجدية وهو يسأل فريال :
" بس اللي عايزة اعرفه يا فريال .. بنتي مرحب بيها عندك لفترة صغيرة .. واتمنى يكون ردك صريح ومن غير مجاملات .."
وقبل ان ترد فريال قالت جميلة ؛
" ده مش بيت فريال .. ده بيت العيلة .. وبنتك مكانها هنا معانا .."
تنحنحت فريال تقول محاولة اخفاء حرجها :
" كلام مرات عمي صح .. ده مش بيتي .. ده بيت العيلة .. وبنتك تشرفنا بأي وقت .. زيها زي ولادي .."
ابتسم كمال بإمتنان قبل ان يشير الى والدته قائلا :
" ماما مش هوصيكي .. ليديا هتفضل امانة عندك .. "
ربتت الام على يده وقالت :
" متخافش بنتك فعيني .."
نهض كمال من مكانه وقال بجدية :
" انا هروح اجيبها من الاوتيل .. "
ثم خرج بسرعة ليجلب ليديا من الفندق ..
......................................................................
كانت نورا جالسة تبكي بصمت حينما دلف يوسف ابنها الاكبر الى الفيلا ليتفاجئ بوضعها هذا ..
اقترب منها وسألها بقلق :
" فيه ايه يا ماما ..؟! مالك ..؟! بتعيطي ليه ..؟!"
كفكفت دموعها وقالت بحسرة :
" ابوك .. "
" ماله ..؟!"
سألها يوسف بقلق لترد وهي تبتلع ريقها بتوجس :
" طلع عنده بنت غيركوا..."
" بنت ايه ..؟!"
قالها مراد بصدمة والذي ولج لتوه الى الفيلا عائدا من درسه الخصوصي بينما انتفض يوسف من مكانه بعدم تصديق لتجيبهم نورا بألم :
" بنت يا مراد .. مش فاهم يعني ايه بنت ..؟!"
سألها يوسف بغضب :
" يعني ابويا متجوز عليكي وكمان مخلف بنت ..؟!"
قاطعته نورا بسرعة :
" لا الكلام ده كان قبل ميتجوزني .. وهو طلق الست دي بردوا قبل جوازنا .. كمان هو النهاردة عرف بموضوع بنته ..."
تطلع الاخوين الى بعضيهما قبل ان يهتف مراد محاولا الفهم اكثر :
" يعني البنت دي عندها كام سنة ..؟! وكانت فين كل السنين دي ..؟!"
اجابته نورا :
" عندها حوالي خمسة وعشرين سنة .. كانت عايشة ففرنسا مع والدتها ومكانتش تعرف انوا ابوكم هو ابوها .."
سألها يوسف بعدم فهم :
" طب ووالدتها عملت ليه كل ده ..؟! "
قالت نورا وقد فقدت اعصابها :
" مش عارفة .. انا مش عايزة حد يجيب سيرة الست دي او بنتها هنا .. انتوا فاهمين ..؟!"
ثم اندفعت مرتفعة الى الطابق العلوي ليظل الابنين لوحديهما حيث قال مراد بتهكم :
" دي صدمة العمر .. بقى انا عندي اخت عندها خمسة وعشرين سنة .."
قال يوسف بدوره :
" هو ده كل اللي هامك .. مش هامك المشكلة الكبيرة اللي هتحصل بين امك وابوك .. ولا العيلة وكلامهم .."
رد مراد بسخرية :
" العيلة .. العيلة اللي مش عاجبها العجب .. يا عم فكك منهم .. المهم احنه دورنا ايه فده ..؟!"
قال يوسف بجدية :
" ولا اي حاجة .. نستنى كام يوم الوضع يهدي ونشوف هنعمل ايه .."
اومأ مراد برأسه وقال بجدية :
" اروح انا بقى اناملي ساعتين عشان هخرج بالليل مع صحابي .."
قال يوسف بضيق :
" يابني انت معندكش دم .. صحاب مين اللي تخرج معاهم واحنه لسه مصدومين فحكاية الاخت اللي ظهرت فجأة دي ..؟!"
رد مراد ببرود :
" انت ليه محسسني انوا فيه حد مات .. طلع عندنا اخت .. يا اهلا وسهلا .. مدايقين ايه ..؟!"
" تصدق صح .. مفيش حاجة تخلينا ندايق .. اساسا الحياة حلوة وسعيدة ومفيش حاجة تخلينا نزعل اصلا .."
قالها بإستهزاء وهو يخرج مفاتيح سيارته ويخرج من الفيلا بينما هز مراد رأسه بلا مبالاة وهو يصعد الى غرفته فالطابق العلوي ..
....................................................................
كانت ليديا تجلس بين جدتها ونور ابنة سليم ترمق عمها وزوجته فريال بنظرات مستغربة ثم تعود وتنظر الى والدها بنظرات مرتبكة ..
لقد اندهشت حينما وصلوا الى قصر العائلة فلم تتخيل انهم اغنياء الى هذه الدرجة .. القصر كان فخم وكبير كقصور الملوك والامراء ..
استقبال جدتها لها كان رائعا حيث احتضنتها بحنان بالغ ولمحت دموع جامدة في عينيها ..
اما زوجة عمها فكان استقبالها راقيا تماما مثلها ..
ونور ابنة عمها رحبت بها بحرارة شديدة محاولة ان تطمئنها خصوصا انوا الجمود والخجل كان واضحا عليها ..
انتبهت ليديا الى حديث فريال التي قالت بإعجاب :
" ماشاءالله بنتك زي القمر يا كمال .. اكيد شبه مامتها .."
ابتسم كمال وهو يتأملها قبل ان يرد عليها :
" نسخة منها .."
ردت فريال بخبث :
" للدرجة دي كنت بتحبها ..؟! اصل الرجل لما يحب الست اوي ولاده بيطلعوا نسخة منها .."
رمقها سليم بنظرات محذرة بينما ابتسم كمال مجاملة ..
انتبهت جميلة الى قلادة الصليب التي تحيط رقبة ليديا لتهتف بسرعة :
" ايه ده يا بنتي ..؟! ايه اللي انتي لابساه ده ..؟!"
ردت ليديا بعفوية :
" ده اسمه الصليب .."
قاطعها كمال بسرعة :
" ليديا بتلبس العقد ده عشان كانت هدية ليها من مامتها .. هي متعلقة بيها عشان بتفكرها بيها .."
قالت فريال بسرعة :
" بس كده حرام .. مينفعش تبقى مسلمة وتلبس الصليب .."
قالت ليديا بسرعة :
" لا انا مش مسلمة .. انا مسيحية .."
تطلع الجميع اليها بصدمة بينما ابتلع كمال ريقه بتوتر لتهتف جميلة اخيرا :
" كلام ايه اللي بتقوله بنتك يا كمال ..؟! مسيحية ازاي ..؟! مسيحية ازاي وانت مسلم ..؟!"
رد كمال بهدوء :
" سيبي ليديا على راحتها يا امي .. هي لسه جديدة هنا وهتاخد وقت لحد متتعود على عاداتنا وتقاليدنا .. "
قالت فريال متدخلة فالحوار :
" بس طالما الاب مسلم يبقى البنت تبقى مسلمة .. العالم كله ماشي كده .."
قالت ليديا وقد فهمت الحوار نوعا ما :
" الدين مش بالولادة .. الدين اختيار .. وانا اخترت الدين المسيحي بعد ما قريت عنه وفهمته كويس وحبيته .."
نظر كمال اليها بضيق ثم عاد ببصره الى والدته وقال :
" يا امي لازم نراعي انها عاشت طول عمرها بعيدة عننا فبلد اوروبي وكمان والدتها كانت مسيحية وربتها عالدين المسيحي .. واحنه طول عمرنا بنحترم كل الاديان .. وانا واثق انوا ليديا لما هتعيش معانا وتتعرف على دينا وتحبه هي بنفسها هتعلن اسلامها وانتي ممكن يا ست الكل هتعرفيها دينا اكتر وتقريبها منه .."
قالت ليديا بدورها :
" انا حابة بجد اتعرف على دينكم .. لكن ده مش معناه اني اسيب ديني .. عموما انا بحترم دينكم وبحترم كل الاديان السماوية .."
نظر اليها ملامح متجهمة بينما كانت نظرات ليديا واثقة فهي لن تسمح لاي احد بالمساس بها او بدين والدتها الذي تربت عليه واحبته بشدة .. احبته لدرجة انها في وقت من الاوقات فكرت في ان تصبح راهبة تخدم الكنيسة وتتعبد طوال الوقت فيها ..
ضمت جميلة شفتيها بضيق بينما قالت نور محاولة انهاء التوتر الذي سيطر على الاجواء :
" ايه رأيك يا ليديا تقومي معايا ..؟! تشوفي اوضتك ..؟! هتعجبك اووي .."
ابتسمت ليديا وقالت :
" اوك .."
ثم نهضت تتبع نور حيث اخذتها الاخيرة الى غرفتها ..
.......................................................................
بعد مرور عدة ساعات ..
كانت ليديا تجلس بجانب جدتها تستمع الى احاديثها عن العائلة تحاول ان تعرفها على افرادها فردا فردا بينما ليديا تستمع اليها وعلى شفتيها ابتسامة دون ان تفهم حرفا واحدة فقد اكتظت عليها الاحاديث ..
دلف حسام الى الداخل والقى التحية ليتفاجئ بليديا امامه فسأل والدته بدهشة :
" مين دي يا ماما ..؟!"
اجابته فريال بجدية :
" دي ليديا بنت عمك كمال .."
قال حسام بسخرية :
" مبلاش هزار بقى .. هو عمي كمال اتبنى بنت على اخر عمره .."
رمقته فريال بنظرات محذرة وهي تجيبه :
" انا مش بهزر يا حسام .. حاسب على كلامك .. انا بقول الحقيقة .. دي ليديا بنت كمال من مراته الاولانية اللي اتجوزها ففرنسا وقت دراسته ومتسألنيش اكتر عشان انا تعبت وانا بعيد نفس الكلام لمرات عمك جمال وعمتك .."
اتسعت عينًا حسام بعدم تصديق قبل ان يبتسم وهو يحيي ليديا بترحيب محاولا اخفاء دهشته التي جعلته يبدو كالابله للحظات ..
جلس بجانب نور وهو يتأمل ليديا بعينيه ثم سألها :
" هي جنسيتها ايه بالضبط ..؟! اصل الشكل واللهجة مش مصري خالص .."
اجابته نور بصوت خافت :
" فرنسية .. وخد الكبيرة كمان .. مسيحية .."
اتسعت عينا حسام للحظات قبل ان يبتسم بتهكم :
" يا ماشاءالله .. اهي كملت .."
قالت نور بنفس الخفوت :
" بس البنت شكلها طيبة جدا ولطيفة .. جدتك بقالها ساعتين بتشرحلها شجرة العيلة .."
ابتسم حسام بتهكم وقال :
" قال يعني من جمال ولطافة العيلة .."
رمقته نور بنظرات محذرة كي لا يسمعه احد بينما ابتسم هو ببرود ليدلف مصطفى بعد دقائق ويلقي التحية بلا مبالاة قبل ان تتسع عيناه وهو ينظر الى ليديا فيصفر عاليا وهو يقول بسرعة :
" مين المزة دي ..؟!"
نهضت فريال من مكانه وضغطت على ذراعه بقوة قائلة بحدة :
" اخرس خالص وبطل حركاتك السخيفة دي .. دي ليديا بنت عمك كمال .."
جحظت عينا مصطفى الذي قال بلا وعي :
" عمي كمال عنده بنت مزة كده .. لا انتي اكيد بتهزري..؟! الانتاج ده لا يمكن يكون من عيلتنا .. الانتاج ده امريكاني .. اوروبي .. اسباني .."
" انا هروح اوضتي .. قبل ما اتجلط .."
قالتها فريال وهي بالكاد تكتم غيظها ليحملق مصطفى بليديا بعينين متسعتين وفاه مفتوح حتى هتف به حسام :
" يابني كفاية كده .. شكلك عامل زي الاهبل .."
اقترب مصطفى منه وقال لها :
" ممكن تقفي .."
نظرت له ليديا بإستغراب ثم وقفت تحت انظار الجميع المندهشة ليسألها :
" الشعر ده طبيعي ولا مصبوغ ..؟!"
" الله يخربيتك .. هتفضحنا .."
قالها حسام بصوت عالي بينما رمقته ليديا بنظرات مندهشة ليكمل ببلاهة :
" طب العيون دي حقيقية ولا لينسز .."
جذبه حسام من ذراعه واجلسه بجانبه وهو يهتف به بصرامة :
" اتنيل واقعد بقى عشان فضحتنا .."
ليقول مصطفى ببلاهة :
" البت دي لا يمكن افوتها .. دي هي اللي هتحسن نسل العيلة .."
قال حسام بسخرية :
" دي أكبر منك بسبع سنين او اكتر .."
رد بلا مبالاة :
" الحب عمره مبيفرقش معاه العمر .،"
ضربه حسام على رقبته ليصرخ مصطفى الما بينما هتف حسام به :
"اتلم بقى واحترم نفسك .. ولاحظ انك بتتكلم عن بنت عمك .. ها بنت عمك .."
ابتسم مصطفى وقال موجها حديثه لليديا
" يا اهلا .. يا اهلا ببنت الغالي .. منورانا والله .. منورة مصر والوطن العربي كله .."
ابتسمت ليديا وهي تجيبه :
" شكرا .."
.........................................................................
كانت عليا تسير حول نفسها عدة مرات وهي تحاول الاتصال بادهم الذي يرفض اتصالاتها المتكررة ..
هتفت اخيرا موجهة حديثها الى والدتها واختها صبا :
" بردوا مش بيرد .."
ردت صبا بملل :
" ارحميه بقى .. ده الاتصال رقم ثلاثين .. خفي شوية .."
بينما قالت جيجي والدتها :
" يا بنتي اكيد عنده شغل .. مانتي كلمتي نور ثلاث مرات لحد دلوقتي وقالتلك انوا لسه مرجعش البيت .،"
جلست عليا بجانب والدتها وقالت بضيق :
" مبيردش ايه ..؟! بيتجاهل مكالماتي ايه ..؟!"
ثم اكملت بتذمر :
" مش كفاية المصيبة اللي حلت فوق دماغنا .."
سألتها صبا بعدم فهم :
" مصيبة ايه يا عليا ..؟!"
ردت عليا بنفاذ صبر:
" يووه يا صبا متركزي .. بتكلم عن البنت الفرنساوية .. بنت عمك اللي ظهرت من تحت الارض دي .."
" طب ايه اللي مدايقك منها ..؟!"
سألتها صبا بدهشة لترد عليا بغيظ :
" هو انتي مش معانا ولا ايه يا صبا ..؟! انتي مسمعتوش كلام طنط فريال .. قالت هتعيش فبيت العيلة .. يعني هتبقى فوش ادهم ليل ونهار .."
قالت صبا بسخرية :
" انتي مش هتبطلي غيرتك التافهة دي .. متخليكي واثقة فنفسك شوية .،"
ردت عليا بعصبية :
" لا يا صبا انا واثقة بنفسي جدا بس انا لازم احافظ على ادهم من الستات اللي حواليه .."
ردت صبا بهدوء :
" لو واثقة انوا بيحبك بجد يبقى ملوش لزوم تخافي عليه لانوا المفروض مش هيشوف ست غيرك .."
قالت عليا بتهكم :
" انا واثقة فيه وواثقة فحبه بس مش واثقة فالستات الكتير اللي حواليه واللي كلهم عينهم منه .،"
قالت جيجي داعمة اياها في حديثها :
" معاكي حق يا عليا .. انتي نسيتي خطيبك ده يبقى مين وابن مين .. العيون كلها عليه .."
رمقتهما صبا بدهشة وقالت :
" وانتي ان شاءالله هتفضلي مشغلة برج المراقبة بتاعك طول العمر .."
ردت عليا بجدية :
" انا كل اللي يهمني البنت الفرنسية دي .. انا لازم ابعدها عنه .."
ثم اشارت لوالدتها قائلة :
" ماما ممكن نجيبها تعيش معانا .. عالاقل نبعدها عن ادهم وتبقى تحت عينينا .."
صاحت بها جيجي :
" انتي اتجننتي يا عليا .. اجيبها هنا فين .؟! مع اخوانك .. افرضي حد منهم اتنيل وحبها .. اعمل ايه انا ساعتها ..؟!"
ردت عليا بحزن :
" يعني اسيبها تغري خطيبي وتاخده منه .."
قالت صبا بعدم تصديق :
" تغري مين وتحب مين ..؟! دي واحدة عايشة طول عمرها ففرنسا .. يعني شافت شباب احسن من ادهم وخالد وكريم بألف مرة .. وتسعين فالمية هتلاقيها مرتبطة فشاب من هناك .. انتوا فاكرين انوا وحدة زيها هتبص لشبابنا .. يا جماعة اكيد تربيتها وطريقة تفكيرها وحياتها مختلفة تماما عننا .. ثانيا مش يمكن تكون بنت كويسة ومحترمة .."
قاطعتها عليا بسخرية :
" محترمة ..؟! دي فرنسية .. عارفة يعني ايه فرنسية .. يعني اجنبية وانتي عارفة الاجانب بيغيروا الرجالة زي الشرابات وعندهم كل شيء مباح .."
رمقتها صبا بنظرات باردة قبل ان تنهض من مكانها وتتجه للطابق العلوي فقالت جيجي :
" فكك من اختك .. فاكرة الناس كلها طيبة .. مش كفاية العرسان اللي بترفضهم .."
ردت عليا :
" بنتك دي خايبة وعمرها مهتشوف الخير بخيبتها دي .."
قالت جيجي بجدية :
" سيبك من صبا وركزي مع خطيبك .. انتي لازم تقدمي معاد الفرح وتخلي خلال الشهر الجاي .."
" هعمل كده فعلا .."
قالتها عليا وهي تفكر في امر تلك الفتاة الفرنسية وتحاول ان تتخيل شكلها قبل ان تقرر ان تذهب غدا في الصباح الباكر الى منزل عمها للتعرف عليها ..
.....................................................................
دلف ادهم الى منزله بعد يوم عمل طويل ومرهق ليجد اخويه حسام ومصطفى يجلسان مع نور ..
نهض مصطفى من مكانه واقترب منه قائلا :
" انت فين يا عم ..؟! سايبنا لوحدنا .. فاتك كتير .."
قال ادهم بضيق :
" بقلك ايه انا تعبان جدا ومليش خلق لحركاتك التافهة .."
قال مصطفى بجدية :
" حركات تافهة ايه .. ؟! شكلك لسه مش عارف اللي حصل "
" حصل ايه ..؟!"
سأله ادهم بعدم فهم ليرد مصطفى بإبتسامة واسعة :
" فوق يا خويا .. فوق فيه قنبلة موقوته هتنفجر فوش العيلة كلها .."
اشار ادهم لحسام ونور متسائلا :
" بيقول ايه الواد ده ..؟!"
رد مصطفى :
" انت مش مصدقني .. طب اصعد فوق وشوفها بنفسك .."
صاح ادهم بنفاذ صبر :
" متتكلموا .. انا متنيل تعبان ومليش خلق للاخد والعطا .."
رد حسام بهدوء :
" كمال عمك طلع مخلف بنت زمان ايام دراسته ففرنسا والبت زارته النهاردة وشافته وهو جابها هنا تعيش معانا .. ده مختصر الكلام .."
" بتقول ايه ..؟! بنت ايه وفرنسا ايه ..؟!"
قالها ادهم بدهشة ليرد مصطفى :
" بنت صاروخ يا ادهم .. بنت ملهاش زي .. ملاك ماشي عالارض .."
جذبه ادهم من ذراعه بقوة وهتف به بنبرة حازمة :
" هتتلم ولا اتصرف معاك .."
" يا عم ايدك تقيله ابعد بقى .. بهزر مينفعش اهزر .."
قالها مصطفى بضيق وهو يجلس في مكانه بينما قالت نور بسرعة :
" فكك من ده كله .. عليا اتصلت ثلاث مرات لحد دلوقتي وبتسأل عنك .."
زفر ادهم انفاسه بضيق وقال :
" واضح اني مش هخلض النهاردة .. هي مبتزهقش ابدا .. مش قادرة تستوعب انوا عندي شغل .."
قالت نور :
" طب معلش كلمها وطمنها عليك .."
رد ادهم بتعب ؛
" لا هتكلم ولا اتنيل .. انا هخش اغير هدومي وانام فورا .. انا مش قادر اصلب طولي من كتر التعب .. ومحدش يصحيني لا على العشا ولا غيره .. تصبحوا على خير .."
قالها وهو يصعد الى الطابق العلوي تحت انظار اخوانه المندهشة .. سار متجها الى غرفتها لينصدم بفتاة ذات قوام ممشوق توليه ظهرها وهي تتحدث بالهاتف بينما شعرها الاشقر الكثيف بأمواجه المتمردة يغطي ظهرها بالكامل ..
تطلع ادهم اليها بدهشة وهو يراها تتحدث بالهاتف بلهجة فرنسية لم يفهم منها شيئا لكنه عرف على الفور انها فرنسية حيث سمع هذه اللهجة مسبقا حينما سافر الى فرنسا عدة مرات ..
جذبته لهجتها الرقيقة ونبرة صوتها الناعمة والتي لم يسمع مثلها من القبل والتي زادتها الكلمات الفرنسية حلاوة ..
ابتلع ريقه وهو يتمنى ان يرى وجه صاحبه هذا الصوت المميز والشعر الرائع والقوام الفرنسي الجذاب ..
ظل واقفا في مكانه كالصنم ينتظر منها ان تستدير ليرى شكلها .. انهت ليديا مكالمتها اخيرا لتتوقف انفاس ادهم وهو يراها تستدير نحوه فأول شيء يراه هو عينيها الزرقاوين اللاتي اسرتا عينيه بنظرة طويلة المدى جعلته يفقد جميع حواسه وينسى كل شيء حوله ..
ابعد اخيرا عينيه عن عينيها محاولا الفرار من أسرهما الفتاك حيث اخذ يتأمل ملامح وجهها الناعمة بتأني كمن يتأمل لوحة من الجنة .. كان قلبه ينبض بعنف لم يستوعبه .. كان مأسورًا بملامح وجهها التي لم تكن فائقة الجمال لكن كان بها شيئا غريبا يجذبه كالمغناطيس لدرجة جعلته يتمنى لو يكون رساما ويرسم وجهها عدة مرات دون ان يمل ..
استوعب اخيرا افكاره وشروده بها ليتنحنح بحرج وهو يهتف :
" مساء الخير .."
ابتسمت ليديا بخجل اطاح بقلبه الذي كان يخفق بجنون واجابته بلكنتها الخاصة والتي زادتها جاذبية في نظره :
" مساء النور .."
ثم حاولت ان تسأله عن اسمه ومن يكون لكنها فضلت عدم التدخل بما لا يعنيها ..
شعر هو بنظراتها الفضولية فقال معرفا عن نفسه بثقة :
" انا ادهم .. ابن عمك سليم .."
مد يده نحو لتمد يدها ببساطة فيتحضن كفها الابيض الصغير بكفه الاسمر الضخم ليشعر بدفئ غريب يجتاحه بقوة ..
ظلت ليديا تنظر الى يده المحكمة على يدها بإستغراب قبل ان ينتبه ادهم لنفسه ويحرر يدها فتهتف ليديا :
" اهلا بيك اد.."
ثم تلكأت في نطق اسمه وحاولت ان تنطقه عدة مرات دون فائدة لينطق ادهم اسمه امامها حوالي عشرات مرات دون ان يمل وهي تكرر بعده وتخطأ حتى نطقت بعد المراة الحادية عشر :
" ادهم .."
شعر ادهم انه اصبح لإسمه وقع خاص لم يشعر به مسبقا بينما لم تنتبه ليديا كل هذا بل كانت سعيدة بقدرتها على نطق اسمه بشكل صحيح :
" قلته صح كده .."
اومأ ادهم برأسه وهو ينظر الى عينيها وقال :
" صح فعلا .."
ثم سألها وقد تذكر لتوه انه لم يسألها على اسمها :
" انتي اسمك ايه صحيح ..؟!"
اجابته برقة :
" ليديا .."
ابتسم وهو يلفظ اسمها بإستمتاع :
" ليديا .. اسم جميل ومختلف زي صحبته .."
" انا هنزل تحت عند نور والباقي .."
قالتها وهي تتجه نحو السلم ليراقبها ادهم حتى اختفت من انظاره ليدخل الى غرفته وهو يتنهد بعمق قبل ان يغير ملابسه مسرعا ويهبط الى الطابق السفلي ناسيا كل تعبه وارهاقه ونومه المنتظر فكل ما يهمه الان ان يرى ليديا ويتعرف عليها اكثر ..
يتبع الفصل الرابع 4 اضغط هنا
الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية (رواية عروس من باريس كاملة)