رواية عروس من باريس البارت الخامس 5 بقلم سارة علي
رواية عروس من باريس الفصل الخامس 5
ابتعد ادهم عن ليديا بعدما منحها ابتسامة عاشقة .. اتجه عائدا الى الفيلا لينصدم بنور امامه ترمقه بنظرات غاضبة .. فهم ادهم على الفور انها رأت ما حدث منذ لحظات فسألها ببساطة :
" فيه ايه يا نور ..؟! بتبصيلي كده ليه وكأنك هتاكليني ..؟!"
رمقته نور بنظرات متهكمة قبل ان تهتف بسخرية :
" فيه انك بتلعب بالنار ومش حاسس .."
رمقها بنظرات هادئة وقال :
" نار ايه بس يا نور ..؟!"
رمقته نور بنظرات جامدة وقالت بفتور :
" هتكدب عليا يا ادهم .. ده انا نور اقرب وحدة ليك .. وكاتمة اسرارك كلها .."
ابتسم ادهم على حديثها وقال بهدوء :
" طالما عارفة كده بتتكلمي كده ليه ..؟!"
اجابت بجدية :
" لانوا اللي بتعمله ده غلط .."
ثم اكملت بتحذير :
" ابعد عن ليديا يا ادهم .. بلاش تدخلها فحوارات هي في غنى عنها .. ليديا مش قد عليا والعيلة .."
زفر انفاسه بضيق على ذكر سيرة عليا وقال بقوة :
" ومين قالك اني ممكن أاذي ليديا او ادخلها فحوارات من اي نوع ..؟!"
ردت نور بجدية :
" اللي بتعمله ده هيخلي الكل يوقف ضدها .. وضدك انت كمان .. انت خاطب وفرحك قريب .. يبقى ملوش لزمة تستغل البنت لمجرد اعجاب او نزوة وقتية .."
تطلع ادهم اليها بصدمة من حديثها فهي تظن ان ليديا مجرد نزوة .. نظر اليها بتمعن وهو يسأل نفسه بدهشة اذا لم تكن ليديا نزوة فماذا تكون اليه ..؟! هو عرفها مساء البارحة اي لم يمر يوم كامل حتى على معرفته بها ولكن هناك شعور غريب داخله نحوها .. شعور داهمه بقوة منذ اول لحظة رأها فيها وكأن هناك رابط عجيب تكون بينهما يجعله لا يستطيع ان يحيد عينيه عنها وربما قلبه .. وجد نفسه يقول بلا وعي مدافعا عن مشاعره التي تثور بإسمها :
" ليديا مش نزوة يا نور .. ليديا حاجة تانية خالص .. ليديا حلم جميل مش عايز افوق منه .. حلم نفسي احققه .."
جحظت عينا نور وهي تستمع الى كلام اخيها المجنون .. خافت بعدم تصديق وذهول كامل :
" انت اتجننت يا ادهم ..؟! حلم ايه ..؟! انت بتتكلم كأنك بتحبها .. لا بتحبها ايه ده انت بتعشقها .."
ابتسم ادهم على حديث نور وكأنها أصابت الهدف فقال بجدية :
" تقريبا كده .."
لطمت نور على صدرها وهي تقول :
" ينهار اسود .. ده جنان .. جنان ولازم تفوق منه.. انت خاطب عليا ولا نسيت ..؟!"
شعر بالضيق والاختناق مرة اخرى فقال بسرعة :
" بلاش تفكريني ارجوك .. انا بحاول انسى الموضوع ده .."
ردت نور بحزم :
" انا لازم افكرك .. وانت لازم تفتكر ده على طول .. عليا بنت عمك وخطيبتك وبعدين هتبقى مراتك وام عيالك .. بلاش تغلط يا ادهم .. بلاش .."
ثم اكملت بتحذير صادق :
" مجرد فكرة انك تسيب عليا هتقلب العيلة كلها عليك .. بلاش تغلط يا ادهم وتخسر مركزك وعيلتك خصوصا انك اهم واحد فالعيلة والكل بيسمع كلامك .. وجوازك من عليا هيخليك فوق الكل وكلمتك ساعتها هتمشي عالكبير قبل الصغير فخليك عاقل وابعد عن الشر وغنيله .."
نظر اليها بصمت وهو يزن كلامها في عقله .. يعرف ان زواجه من عليا هو الشيء المنطقي والصحيح .. فعليا هي من تناسبه وتليق به في نظر الجميع وهو اختارها بنفسه دون اي ضغط .. صحيح هي كانت تحاول طول الوقت ان تجذبه نحوها لكنه في النهاية قرر ان يخطبها من تلقاء نفسه حينما شعر أنها اكثر واحدة تناسبه وتناسب مركزة الاجتماعي .. فهو دائما يفكر في مكانته ومظهره ومركزة الذي يسعى دائما ليكون اعلى واهم واستطاع خلال سنوات قليلة ان يحظى بأهمية كبيرة ويصبح اهم فرد في العائلة والكبير قبل الصغير يستشيرونه في معظم الامور وما عزز ذلك ارتباطه بعليا .. كلام نور صحيح فاذا فسخ خطبته مع عليا سوف يفتح على نفسه جبهة كبيرة خاصة من عمه والد عليا الذي سيحاربه بكل الطرق .. وحتى والده لن يقبل بشيء كهذا .. الجميع سيقف في وجهه ولا احد سيرحمه ..
زفر انفاسه بضيق وهو يقلب الامر داخل بينما هتفت نور بجدية وقد شعرت بمدى حيرته :
" اكتم مشاعرك جواك واقتلها قبل متتطور .. وخليك فاكر انت لعليا وبس .."
اومأ برأسه وسؤال واحد يتردد داخله .. هل يكتم مشاعره بالفعل او بالأحرى هل سوف يستطيع ان يفعل ذلك .. ؟! كان يعلم انه اذا استمر في التقرب من ليديا وسمح لنفسه بالانصياع لمشاعره فسيخسر مكانته تدريجيا وربما يخسر ادارة شركات العائلة ودعم اعمامه له .. فهل هو قادر على التضحية بكل ما وصل اليه وتعب من اجله وسعى اليه لأجل مشاعر غريبة اجتاحته رغما عنه ..؟!
....................................................................
وقف يوسف امام والدته ينظر لها بتردد لترفع بصرها نحوه وتقول بجدية :
" عايز تشوفها ..؟!"
ابتلع ريقه وهو يسألها بدهشة :
" عرفتي منين ..؟!"
ابتسمت بهدوء وقالت :
" انت ابني يا يوسف .. ابني اللي بفهمه من نظرة واحدة .."
ابتسم يوسف بحب ثم قال مبررا :
" حابب اتعرف عليها .. دي مهما كانت اختي .. "
تطلع الى الالم الذي ظهر للحظات في عيني والدته قبل ان تخفيه بمهارة وهي تبتسم بحنو كالعادة :
" اعمل اللي يريحك يا يوسف .. انا عمري ما همنعك عنها ... دي اختك .."
جفل الاثنان من مراد الذي اقتحم المكان وقال بسعادة :
" بجد يا ماما .. ؟! يعني مش هتزعلي مننا لو روحنا شوفناها ..؟!"
هتفت نورا :
" سلام قول من رب رحيم .. انت خرجت امتى وكنت فين ..؟!"
ابتسم مراد وقال :
" كنت مستني يوسف ينطق الكلام اللي كان نفسي اقوله .. بس قلت يوسف اولى ينطقه مهو الكبير بقى .."
" طول عمرك واطي .."
قالها يوسف بحدة ليبتسم مراد وهو يشير اليه :
" طب ايه مش هنروح نتعرف على اختك الفرنساوية ... ؟! اصلي متحمس اوي اشوفها .."
نظر يوسف الى والدته بتردد لتهتف به وهي تبتسم بهدوء :
" خذ مراد وروحوا اتعرفوا عليها .. بس متتأخروش عالعشا .."
ابتسم يوسف بحب قبل ان يتجه نحو سيارته يتبعه مراد الذي كان في شدة حماسه لرؤية اخته ..
وصلا الى فيلا سليم ليهبط مراد مسرعا يتبعه يوسف الذي اشار اليه بضيق :
" يابني اهدي بلاش فضايح .. دي بنت فرنسية مش هتستوعب جنانك .."
اومأ مراد برأسه على مضض ثم سار متبعا اخيه ..
فتحت الخادمة لهما الباب لترحب بهما فدلفا الى الداخل ليجدا نور تجلس مع اخويها حسام ومصطفى ..
رحب الثلاثة بهم ليجلسا بينهم بينما هتف حسام بجدية :
" كنت مستني زيارتكم دي على فكرة ..؟!"
هتف مصطفى ببلاهة :
" اختكم دي طلعت مزة فظيعة .."
رمقته نور بنظرات مؤنبة بينما ابتسم مراد بدوره ببلاهة وهو يهتف :
" بجد يلا .."
ليكمل مصطفى غافلا عن عيني يوسف الحادتين :
" اصلي اصلي .."
جفل الاثنان على صراخ يوسف فيوسف بطبعه ذو دم حامي وغيور للغاية :
" متتلم يلا منك له .. وانت يا أستاذ مصطفى ناسي انوا اللي بتتكلم عليها دي تبقي اختي .."
ابتلع مصطفى ريقه بتوتر وقال مبررا حديثه :
" والله اسف يا يوسف .. انا بس عكيت كالعادة .. لكن الشهادة لله انا معتبر ليديا زي لبنى ونور .."
ابتسم يوسف بتهكم وقال :
" لا مهو واضح .."
بينما نقل حسام نظراته الساخرة بينهما وهو يود ان يشكر يوسف على تصرفه الذي كان كفيلا بتأديب اخيه الارعن المتهور ..
................................................................
خرجت ليديا من غرفتها لتجد ادهم في وجهها .. منحته ابتسامة عذبة وهي تهتف به بعفوية :
" مساء الخير .."
ثم صمتت قليلا تحاول ان تلفظ اسمه بشكل صحيح لكنها وجدت نفسها عاجزة عن ذلك فهتف ادهم نيابة عنها :
" ادهم .. ادهم يا ليديا .. اشمعنا اسمي اللي مش عارفة تلفظيه صح ..."
ابتسمت وقالت بتلقائية :
" اصله صعب شوية .."
قال نيابة عنها :
" لا قصدك كتير .."
ابتسمت وهو تومأ برأسه ليشعر بنبضات قلبه ترتفع بعنف فحاول ان يقضي عليها وهو يهتف بنبرة جادة :
" مش يلا ننزل .."
أومأت برأسها وهي تسير بجانبه ليهبطا درجات السلم فيتفاجئا بيوسف ومراد ..
نهض كلا من يوسف ومراد لإستقبال ليديا .. حيث تطلع الاول الى ادهم الذي كان يسير بجانبها بضيق بينما مراد كان يتطلع اليها مذهولا من هذا الجمال الهادئ ..
وقفت نور بدورها وقال وهي تعرف ليديا عليهما :
" دول يوسف ومراد يا ليديا .. اخواتك .."
ظهر التوتر جليا على ملامح ليديا وهي تبتسم وتقول بلكنتها المتقطعة :
" اهلا بيكم .. انا مبسوطة اني تعرفت عليكم .."
ابتسم يوسف لها بحنو متجاهلا وجود ادهم بجانبها وكأنه سد حامي لها ثم رد عليها :
" انا مبسوط اكتر يا ليديا .. اهلا بيكي .."
قال مراد بسرعة وهو يجذبها نحوه بعناق :
" خش فحضن اخوك يا فواز .. يخربيت حلاوتك يا شيخة .."
تطلع ادهم اليه بغيظ وشعور الغيرة سيطر عليه بقوة بينما لكزه يوسف من ذراعه ليبتعد عنها بسرعة فيجد وجهها مليء بالاحراج التي حاولت اخفاؤه بإبتسامتها العذبة ليكمل مراد :
" انا مراد .. اخوكي الصغير .. فثانوية عامة .."
ثم اكمل وهو يشير ليوسف :
" وطبعا ده يوسف الكبير .. أكبر مني بخمس سنين .."
رمقه يوسف بنظرات حادة وقال بتهكم :
" على اساس انوا مش باين انوا حضرتي الكبير وحضرتك الصغير .."
كانت ليديا تحاول ان تستوعب حديثهم الغريب بينما قال ادهم وقد شعر بحيرتها :
" اقعدي يا ليديا .. اقعدوا يا شباب .."
جلس الجميع في صالة الجلوس بينما اخذ يوسف يتحدث مع ليديا محاولا التعرف عليها عن قرب متغاظيا عن كلام مراد الاحمق والذي يحشر نفسه كل دقيقة في حديثهما ..
جاء كمال بعد فترة ليرى ليديا فتفاجئ بوجود ابنيه معها .. شعر بسعادة كبيرة تطغى عليه وهو يراها تتحدث معهما .. اقترب منهم وحيا الجميع ثم جلس بجانب يوسف الذي اكمل حديثه اللبق مع اخته .. رن هاتف ليديا فوجدت اتصالا من جاك صديقها في فرنسا فإستأذنت منهما واتجهت الى الحديقة الخارجية لتجيب على اتصاله بينما وجد يوسف فرصه في رحيلها ليخبر والده بما يريده :
" بابا ليديا لازم تعيش معانا .. او عالاقل تعيش الفترة دي بشقتنا لحد ما ماما تتقبل وجودها وتوافق انها تعيش معانا .."
نظر كمال الى ابنه وقد فهم انه متضايق من وجود اخته مع ثلاث شبان غرباء فقال بجدية :
" تمام يا يوسف .. لو انت شايف كده يبقى مفيش مشكلة .. بس .."
قاطعه ادهم الذي لم يستطع مسك لسانه :
" كلام ايه ده يا عمي ..؟! هو ينفع بنت شابه تعيش لوحدها ..؟! كمان ليديا هنا فبيت جدها معززة مكرمة .. تسيب قصر جدها الكبير وتروح شقة لوحدها ليه .."
اجاب يوسف نيابة عن والده :
" عشان الاصول بتقول كده .. مينفعش بنت تعيش مع بيت فيه ثلاث شبان .."
قاطعته فريال التي دلفت الى المكان وقررت التدخلي الحوار :
" والثلاث شبان دول مش غربا يا يوسف .. دول اخوانها وهيخافوا عليها زيك بالضبط .."
قال يوسف بإصرار :
" لا مش اخوانها .. هما زي اخوانها وانا مش هرتاح وهي هنا .."
قال ادهم بتهكم :
" يعني هترتاح لما اختك تعيش لوحدها ...؟!"
رد يوسف بهدوء :
" لا مش هتعيش لوحدها .. انا هعيش معاها لحد ما الامور تضبط ونعيش كلنا فبيتنا .."
قال ادهم بنبرة قوية :
" وانا مش موافق .."
انتفض يوسف من مكانه وقد بدأت شكوكه حول وجود شيء بين ليديا وادهم تسيطر عليه :
" وانت مالك اصلا ..؟! انت ملكش حكم عليها .. ليديا اختي .. ولو فيه حد هيقرر اللي يخصها انا مش انت ولا انت صدقت انك بقيت كبير العيلة بعد جدي .."
رد ادهم الذي نهض من مكانه قائلا بعصبية :
" انا كبير العيلة غصبا عنك .. وليديا مش هتخرج من هنا .. ووريني ازاي هتجبرني على ده .،؟!"
جاءت الجدة جميلة على صوت حفيديها العالي تتبعها ليديا التي انهت مكالمتها بسرعة بعدما سمعت صوت صياح يأتي من الداخل ففوجئت بأدهم ويوسف يقفان امام بعضيهما وهما على وشك الفتك ببعضيهما ..
نهض كمال قائلا بإنفعال :
" لا انت ولا هو .. انتوا الاتنين تخرسوا خالص .. انا ابوها والوحيد اللي ليه حق يقرر حاجة زي دي .."
صرخت جميلة بدورها :
" كفاية .. فهموني فيه ايه ..؟!"
نظر ادهم الى جدته وقال بغضب :
" فيه انوا يوسف مش مراعي اني ابن عمه اللي اكبر منه بكام سنه ولازم يحترم كلمتي فقرر انوا يقل ادبه عليا ويعارض كلامي لما قلتله انوا مينفعش ليديا تسيب بيت جدها وتعيش فشقه عمي كمال لوحدها .."
قالت جميلة معاتبة يوسف :
" كلام ايه ده يا يوسف ..؟! يعني ايه ليديا تسيب بيت جدها وتعيش فشقة صغيرة .. ؟! لا الكلام ده مينفعش ..."
قال يوسف مدافعا عن نفسه :
" يا تيتة مينفعش ليديا تعيش فبيت فيه ثلاث شبان ... كمان هي مش هتعيش لوحدها فالشقة انا هعيش معاها .."
قال كمال بجدية :
" يا امي يوسف معاه حق .."
قاطعته جميلة بصرامة :
" هي كلمة مفيش غيرها .. ليديا هتفضل هنا معايا ومش هتخرج من هنا الا على بيت جوزها .."
ابتسم ادهم بإنتصار قبل ان يتطلع الى جدته بذهول وهو يردد :
" جوزها ..؟!"
بينما قال مصطفى وهو يصفق بيديه :
" عفارم عليكي يا تيتة .."
نظر يوسف الى ادهم وجدته بضيق قبل ان ينسحب من المكان يتبعه مراد الذي اخذ يحاول تهدئته بينما اخذ كمال ينظر الى والدته بعتاب قبل ان يتجه نحو ليديا ويخرج من جيبه بطاقة ويعطيها لها قائلا :
" دي بطاقة إئتمانية فيها مبلغ كبير ...عايزة تخرجي وتشتري كل اللي نفسك بيه .. انا هلحق اخواتك دلوقتي واجيلك بكره .. امام ..؟!"
أومأت برأسها بإضطراب ثم عادت ونظرت الى ملامح الجميع المندهشة مما حدث فحملت نفسها واتجهت الى غرفتها يتبعها ادهم الذي اخذ يفكر في كلام جدته والذي يشعر ان وراءه شيء ما لن يعجبه ..
يتبع الفصل السادس 6 اضغط هنا
- الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية (رواية عروس من باريس كاملة)