رواية ياقوت بقلم فاطمة محمد كاملة جميع الفصول عبر دليل الروايات للقراءة والتحميل.
رواية ياقوت كاملة
_ عايز تبقى إيه لما تكبر يا ياسين؟
_ عايز أطلع ظابط وأنتي عايزة تبقي إيه ؟
_ عايزة أبقى عروستك..
فوقت من تفكيري وأنا بضحك على ساذجتي وأنا صغيرة، طول عمري شايفة ياسين إبن خالتي أنه أكتر حاجة مبهرة في العالم، رجل من صغره بمعني الكلمة، مكنتش بلعب غير معاه هو بس، كنت دايما أقوله إني بحبه، بس هو كان يقولي إني صغيرة ع الكلام دا ومينفعش أتكلم فيه علشان عيب!
بس أنا دلوقتي كبرت..
كبرت وهو كبر وحقق حلمه وبقى أعظم ظابط في الدنيا، وأنا.. أنا حلمي لسه في قلبي، مخبياه هو ومشاعري.
_ دي سندوتشات اللانشون ودي سندوتشات الجبنة الرومي، هتأكل سندوتش هنا وهتاخد الباقي معاك الشغل.
_ إيه دا في ايه؟ هو أنا رايح أول يوم مدرسة عملالي سندوتشات يا ياقوت!
_ ما أنت مبتحبش غير أكل البيت.. كدا هتكون طول اليوم من غير أكل.
_ متشغليش بالك أنتي بس أنا هتصرف، فين ماما أسلم قبل ما أمشي..
_ أنا جيت أهو ياحبيبي، أنا هنا أهو
بعدت شوية ووقفت أتابعهم من بعيد، خالتي دي أعظم أم في الدنيا ربتني أنا وياسين مع بعض في الوقت اللي بيتنا وقع فيه، مكنش ليا غيرها، عمرها ما فرقت بينا وبتعملنا كل حاجة سوا، علشان كدا ياسين دايما بيحس إني أخته، بس هو مش أخويا.. مش أخويا أبدا، أنا بحبه!!
_ يلا مع السلامة يا ماما..
بصلي وهو بيغمزلي بعنيه _ مع السلامة يا كتكوتة، خلي بالك من مذاكرتك ها.
بردو شايفني صغيرة، بردو، امتي بقى هيشوفني كبيرة، أنا كبرت كتير قوي، كبرت وحبه في قلبي كبر معايا..
بقيت بتخيل أيامنا سوا.. معقول هيجي يوم ويحبني!!
_ تفتكري نعمل أكل ايه لياسين النهاردة..
حطيت اللانش بوكس من أيدي _ إحنا محتاجين نغذيه ونعمله كل الأكل اللي بيحبه، بصي قومي نعمله حمام، وفراخ ونعمله كمان شوربة هو بيحب الشوربة قوي، نعمله ورق عنب صح! هو بيحبه قوي يا خالتو.. بس مبيحبنيش.
قولت آخر كلمة وأنا الدمعة نزلت من عيني.. خالتو عارفة إني دايبة فيه، لكن في نفس الوقت مش في ايديها حاجة تعملها، هي عايزة نكون مع بعض، بس عارفة رأيه في الموضوع "ياقوت دي زي أختي ياماما وأنا بنفسي هديها للي يستاهلها ويحافظ عليها."
_ هو ابني أهو، بس والله ما يستاهلك..
هيلاقي فين واحدة زيك؟ ولا في حنيتك وطيبة قلبك!
هيلاقي فين واحدة عارفة مواعيد نومه وعدد شرباته وألوانها، عارفة إيه بيعصبه قبل اللي بيفرحه.. مش هيلاقي ضفرك صدقيني..
_ أعمل إيه علشان يشوفني.. أنا حاسة إني هوا قدامه، شايفني علطول عيلة صغيرة.. هو علشان الفرق ما بينا 5 سنين يعني؟ هما كدا كتير يا خالتو!!
_ خلصي بس السنة دي واقلعي مريلة المدرسة وهو هيبدأ يشوفك.. ويبدأ يفهم إنك كبرتي خلاص..
السنة دي، السنة دي، السنة دي
حياتي كلها واقفة على السنة دي!! بس يا ترى مستقبلي بعد السنة دي هيكون زي ما أنا عايزة فعلا؟؟
ولا خلاص كدا، هو مش حاسس بأي إحساس ناحيتي غير إني أخته!
_ كل دا علشاني؟
اتكلمت _ لأ دا علشان حضرة الظابط اللي كان أول يوم ليه في الشغل النهاردة.
_ بس حاسس أن طعم الأكل متغير النهاردة، مش كدا ياماما؟؟
_اه ما ياقوت مارضيتش أحط أيدي فيه وعملته كله لوحدها علشانك..
بصيت لخالتو وابتسمت وأنا شيفاها بتأكد على كل كلمة بتقولها علشان يأخد باله، وبصيت عليه وأنا مستنية رد فعله!!
_ عجبك!!
مسك ايديها وباسها _ تسلم إيديكي يا كتكوتة.
قلبي اترتعش!
رغم أني عارفة ومتأكدة أنه عمل كدا بدافع أنه شايفني أخته، لكن الحركة دوبت قلبي، حضنت أيدي وركزت معاه وهو بيأكل.. مكنش مهتم ولا مدرك اللي حصل في قلبي من عملته، لكن أنا قلبي مسكتش!
حضنته إيده بين قلبي بكل حب.. في خيالي.
عديت الأيام ومبقاش موجود، الشغل والمأموريات أخدته مننا..
كنت ببقى عايزة أحضنه لما يجي واقوله وحشت قلبي، بس كنت بكتفي بحمدلله على السلامة مع شُوقي وحُبي..
_ ياقوت؟؟
كنت قاعدة في الجنينة بذاكر في الوقت اللي لقيت صوت شاب جاي من ورايا، لفيت وبصيتله من فوق لتحت كان طويل ولابس لبس زي ياسين..
قومت وقفت _ نعم! مين حضرتك؟
_ أنا ياسر، صاحب ياسين في القسم، كويس إني شوفتك هنا.
_ ليه؟ وفين ياسين!!
_ أنا محتاج مساعدتك، أنا محتاج أخد شنطة فيها حاجات من أوضة ياسين من غير ما مامته تأخد بالها، هو قالي إنك هتساعديني..
_ شنطة إيه؟ وليه من ورا خالتو!!
_ياريت تهدي .. ياسين اتصاب وفي المستشفى ومش عايز حد يعرف بس مضطرين للأسف..
اتخضيت وقلبي وجعني _ إيه!! اتصاب!! هو فين خدني معاك له..
_ مش هينفع هو قالي مقولش أصلا لحد لكن أنا مجاش في دماغي حاجة أقولها بجد، ف أرجوكي اهدي وبطلي عياط..
سمعت صوت خالتو من ورايا ف مسحت دموعي قبل أبصلها..
_ مين دا يا ياقوت؟
_ دا صاحب ياسين يا خالتو، جاي يأخد حاجات له لأن ياسين زي ما أنتي عارفة مش فاضي.
_ أهلا يابني اتفضل واقف ليه عندك!
بصلي بإمتنان وطلعت جهزت الحاجات اللي قالي عليها وغيرت هدومي علشان أروح معاه..
_ الشنطة أهي، ممكن توصلني في طريقك للدرس؟
_ ياقوت عيب ميصحش..
_ معلش يا خالتو علشان خاطري، عايزة أروح بعربية الشرطة دي مرة، علشان خاطري.
كنت عارفة أنها مش هتعرف ترفضلي طلب، ف طلعت معاه وأنا عارفة إنه عارف إني عايزة أروح معاه، ومش رايحة درس ولا حاجة بس مقدرش يتكلم!
_ طمني عليه هو كويس صح؟ حصله ايه؟ وحصل إزاي!!
_ متقلقيش اهدي، دي إصابة سطحية.. ويومين وهيخرج من المستشفى.
أخدت نفس وبصيت من الشباك ومقدرتش أمسك دموعي، دموعي كانت بتنزل كانت مية نار ع خدي.. كنت بتنهد من غير صوت علشان ميحسش بعياطي لحد ما لقيته بيرفع منديل قدام عيني..
_ اتفضلي..
بصيتله وشكرته بعيني من غير ما أنطق ولا كلمة..
_ ممكن كفاية.. هو كويس صدقيني، هو مكنش عايزاكم تعرفوا علشان كدا ..
هزيت رأسي ب حاضر ومسحت دموعي وسكت، أول ما وصلنا لباب أوضته، لقيتني بجري عليه وبنام على صدره وأنا بعيط من تاني..
اتألم _ اااه
فضلت ماسكة فيه _ سلامتك، يارب أنا وأنت لأ.
_ ما أنتي كدا بتوجعيني يا ياقوت.
قومت _ أنا آسفة، أنا آسفة حقك عليا.. مستريح كدا
حطيت ايدي على إيده _ دي بتوجعك؟
_ اااه، أنتي ملمستنيش مش هتوجع.
_ بعدت _ خلاص أهو، بعدت خالص
بص ل ياسر اللي كان واقف على باب الأوضة _ أنا مش قايلك يابني دي بالذات متعرفش..
_ مقدرتش، أول ما شوفتها اعترفت علطول.
_ الله أكبر على الظباط.
خلتني قاعدة معاه، لما ممرضة تقرب منه تسنده علشان العلاج أقوم أنا أسنده بسرعة علشان متلمسهوش.. كان قلبي بيتقطع كل ما يتألم!!
قعدت جنبه وهو نايم وفضلت ساكتة وبتأمل ملامحه لحد ما صحي..
_ياقوت انتي لسه هنا..
_علشان لو احتاجت حاجة، أكون جنبك.
_ قومي يلا يا ياقوت روحي، ماما هتقلق عليكي.
_ مش هتقلق أنا قولتلها إني هتأخر
_ وهو في درس لحد دلوقتي؟
_ مجموعة إضافية..
_ والله؟ والمجموعة الإضافية دي بتستخدميها كتير ولا في الطوارئ بس!!!
_في الطوارئ بس
_ يعني كان في طوارئ قبل كدا ولا دا أول طارئ!
_ لأ دا أول طار...
سكت لما أدركت أنه بيستدرجني في الكلام وبيتكلم بخبث!
_ أنت بتحقق معايا؟
_ مش ظابط!
_ لأ أنت دلوقتي تعبان
_يعني لو تعبان مبقاش ظابط!!
_ أنت ظابط على كل الناس، إلا أنا
أنت دلوقتي ابن خالتي.
حط ايديه على وشي فابتسمت!
_ أنتي أختي يا ياقوت.
ابتسامتي اتحولت وبعدت عنه، كان في نفس الوقت اللي ياسر دخل فيه..
ف قومت و أخدت شنطتي واستأذنت أمشي..
_ طب استني أوصلك..
سمعته لكني مردتش ومشيت، مسافة ما وصلت تحت المستشفى مكنش في في أي تاكسي معدي في الوقت اللي لقيته وقف قدامي بعربيته.
_ تعالي يا ياقوت اركبي هوصلك..
بصيت نظرة أخيرة ع المستشفى وفتحت باب العربية بقلة حيلة وقعدت..
طول الطريق كنت ساكتة، رغم محاولاته إني أتكلم
كنت برد بعيني، برأسي..لكن مهمستش حتى
حتى هو فقد الأمل وسكت!!
دخلت البيت وطلعت على أوضتي علطول من غير ما أسلم حتى على خالتو، كنت كاتمة عياطي طول المدة دي كلها..
أختي، أختي، أختي
أنا مش أختك يا ياسين، مش أختك
رغم كل اللي بعمله علشان تأخد بالك مني وبردو مبتأخدش بالك ولا بتحس بيا!
قررت أخد جنب منه تماما.. أخد جنب علشان أعرف أنا عايزة إيه
لكني خايفة ميأخدش باله حتى أني واخدة جنب منه..
تاني يوم عملتله أكل وأخدته معايا وروحتله ع المستشفى.. لقيت ياسر على باب الأوضة في الوقت اللي وصلت فيه ف اديته الأكل
_ أنا كمان عملتلك أكل ليك علشان أنت هتلاقيك مأكلتش..
_ بجد! تسلم إيديكي يا ياقوت..
قالها بهدوء فظيع ونظرة عينه كانت غريبة!
حطيت الاكل في ايديه _ عن إذنك، همشي أنا بقى
_أوصلك؟
_ملوش لزوم أنا درسي قريب من هنا..
_ خلي بالك من نفسك.
ابتسمت ابتسامة مهزوزة ومشيت، ماله دا! غريب! غير إمبارح خالص!
محطتش في بالي وكملت طريقي.. يتبع الفصل الثاني اضغط هنا