رواية نيرة والعابث البارت الثانية عشر 12 بقلم زينب سمير
رواية نيرة والعابث الفصل الثانية عشر 12
" تأسرني عيناكِ.. تضعفني وتكسر قوتي "
مع بزوغ اول ساعات الفجر، كانت اسرة الصباغ تقف في طرقة احدي المستشفيات ومعهم ايان، ينتظر الجميع بقلق خروج طبيبا ما ليطمئنهم علي نيرة، التي استيقظت منذ ساعتين تقريبا تبكي وتصرخ بالوقت التي كانت نور تحادث فيه اسر، الذي نقل الاخر الخبر لاخيه وهاهو الان يقفل ينتظر بقلق بالغ خبر عنها يطمئن عليها من خلاله..
حتي خرج طبيب اخيرا، تقدم منهم مطمنا اياهم من قبل ان يسألوه عن حالها اساسا:-
_متقلقوش ياجماعة هي الانسة بس شكلها زودت في الاكل شوية، او كلت حاجة مش متعودة عليها فـ تعبتها شوية ومعدتها مستحملتهاش، احنا عملنالها غسيل معدة وكله بقي تمام
زفر الجميع ارتياحا الا هو، الذي شعر بتأنيب الضمير لانه كان سبب حالتها تلك.. انزوي في مقعد ما، وضع وجهه بين كفيه وهو يتنهد متعبا حتي حينما يرغب بأساعدها ينقلب عليه الامر ويمرضها، لما لا يأتي لها الا بالمرض والتعب!
ربت اسر الذي جاء معه علي كتفه مهونا عليه و:-
_يابني ما الدكتور قال انها بقيت زي الحصان اهو، مالك بقي منكد علي اللي جابونا ليه؟
رفع رأسه عن ذراعيه:-
_تعرف انها تعبت بسببي؟
وقص عليه ما فعلاه طوال اليوم وتناولها لـ الفطور معه انهي حديثه قائلا:-
_انا عارف ان معدتها مبتستحملش اي اكل خاصة في الصبح لكن برضوا كنت غير مسئول مفكرتش غير في نفسي وفي جمال اللحظة، مفكرتش في اللي هيحصل بعد كدا.. انا مبتغيرش يااسر، انا دايما تاعبها ومزعلها، دايما واجعها
قال اسر بجدية.. غريبة عليه.. لا تليق به اساسا:-
_لو كل ما تحصل حاجة لنيرة هتجيب السبب فيك.. يبقي انتوا كدا هتتعبوا مع بعض اوي، فيها اي لما تتعب بعد ساعات فرح؟ الكل بيعمل المستحيل علشان يعيش لحظة حلوة.. هي تعبت بس خدت علاج وخفت، بعدين مش هتفتكر التعب دا، هتفتكر بس الذكري الحلوة اللي اتخلدت في ذاكرتها..
دا طبعنا.. الحلو مبيتنسيش والوحش بيتنسي ودا في حالة لو كنا بشر سوية نفسيا، انتي بتتغير ياايان كل اللي شافك الفترة اللي فاتت لاحظ كدا حتي اونكل ابراهيم قال لبابا انك اتغيرت وان لو نيرة رجعتلك وانت بالشكل دا هو مش هيكون قلقان عليها، لية نسيت اليوم كله وساعاته اللي كانت مبسوطة فيها بسببك ومسكت في نتيجة ساعة واحدة؟
متاخدش كل حاجة علي اعصابك وروق وصدقني هي اول ما هتفوق بنفسها هتقولك ان التجربة حلوة
وكلماته كانها كالسحر التي ما ان وقعت عليه حتي قتلت مخاوفه.. لم تقتلها كليا، لكنها علي الاقل ابادت معظمها وبقي المعظم.. بقي خائفا من ان تتهمه بأنه سبب تعب حالها دوما وتقول عكس ما قاله اخيه
بعد ساعة..
الجميع غادر بعد ان علم انها لن تستيقظ الان، حيث نور لديها جامعة هي واسر بعد سويعات قليلة، وكذلك والدها لديه عمل، والدتها قالت انها سترتاح تلك الساعات وتأتي لها بملابس واشياء تحتاجها وتعاود لها.. وبدون تخطيط بقي هو فقط معها
الذي استغل الامر ودخل لغرفتها، جاء بمقعد ووضعه جوار فراشها، جلس عليه وبقي ينظر لوجها كثيرا متمأملا اياها بابتسامة حب
بفي هذا قليلا حتي غفي وهو علي وضعه المتأمل هذا.. يدها بين يداه ورأسه مائلة علي احدي جانبي المقعد..
بعد مرور ساعة ونصف اخري..
فتحت نيرة عيناها فوقعت علي ذلك النائم علي المقعد امامها بعمق.. ملامحه وهو نائم كانت بريئة لـ الغاية كأنها خاصة بطفل صغير.. ابتسمت وهي ترمقه وهو علي ذلك المنظر وتذكرت موقف ما لهم مشابة عندما كانا صغار
منذ عدة سنوات.. عندما كان ايان ونيرة بالصف الثالث الابتدائي، تعرضت نيرة لكسر بالقدم مما دفعها لـ الجلوس علي الفراش.. وعدم تحركها من عليه الا للضرورة القصوي وبالتالي لم تستطع ان تذهب الي المدرسة..
كانت تجلس علي فراشها بتزمر تتابع الكرتون ويظهر عليها الضيق الشديد، تفكر ماذا يفعل اصدقائها الان وخصوصا اياد؟
من مَن لعب اليوم؟
ومَن جلس بجواره بديلا عنها؟
قطع افكارها الباب الذي انفتح ودخل ايان منه ركضا وبيده الحلوي المفضلة لها، تسلق فراشها وجلس عليه، مد يده بالحلوي لها وهو يقول بنبرته الطفولية المحببة:-
_نيـرو.. جبتلك السويت اللي بتحبيها
طغت عليها البسمة السعيدة وهي تتناولها منه، سعيدة بالحلوي وسعيدة بحضوره لها، هتف وهو ينزع حقيبته عنه:-
_انا قولت لبابا يوصلني ليكي وميروحنيش البيت علشان وحشتيني اوي، علي فكرة انا ملعبتش خالص انهاردة ولا عزفت بيانو كمان علشان انتي مكنتيش موجودة تسمعيني.. كمان بسمة حاولت تقعد مكانك بس انا رفضت ولما اصرت ضربتها.. قولتها محدش ممكن ياخد مكانك ابدا
كانت تستمع له بفرحة غامرة، لقد طمنها بحديثه هذا واجابها عن كل الاسئلة التي كانت تدور في رأسها حتي قبل ان تسأل
هبط عن الفراش فسألت بقلق:-
_انت هتمشي؟
ايان وهو ينقل كرسي مقعدها الصغير ويضعه بجوار الفراش ويجلس عليه:-
_لا.. مش هروح خالص، هقضي اليوم معاكي بس هقعد علي الكرسي علشان مخبطش فيكي، ماما قالتلي اني لو لمست رجلك هتوجعك اوي وانا مش عايز اوجعك
وقضي اليوم بالفعل يتحدث معها في كثير من الاشياء، يتابع معها الكرتون.. و.. و.. حتي غفيا معا وعندما استيقظت بعدها وجدته ينام كما يفعل الان.. يدها بين يداه وكأنه يخاف مغادرتها ويطمئن ببقائها عن طريق وجود كفها بين يديه..
فاقت من شرودها عليه.. الذي استيقظ توا وصوته يظهر عليه النعاس:-
_بتضحكي علي اية؟
قالت بتمني:-
_ياريتنا ما كبرنا
تنهد بعمق و:-
_زمان كنت بقول اني لما اكبر مستحيل اقول الكلمة دي، ولما ماما كانت تقولي لما تكبر هتندم انك كبرت كنت بقولها مستحيل، لكني لما كبرت حققت المستحيل وبقيت بتمني بس لو ارجع يوم بالماضي
وافقته بالحديث وهي تتنهد بأشتياق لذكريات الطفولة تلك..
هتف باعتذار:-
_انا اسف
نيرة بتعجب:-
_علي اية؟
قال بندم:-
_انتي هنا بسببي
قالت وهي تومي بالنفي:-
_متعتذرش انت مش السبب، تعرف ان في وجع بيتحب؟!
نظر لها بعدم فهم.. فتابعت باسمة:-
_الوجع اللي جاي بعد لحظات حلوة بيبقي حلو اوي ياايان، مهما كان صعب بنتحمله، لما نفتكر الذكري اللي جه بسببها بتهون عليا الوجع دا، بتخلينا مش حاسين بيه اصلا، بعدين انت حذرتني كتير بس انا عاندت يبقي الغلط فيا مش فيك
ايان:-
_بس انا اللي وديتك من البداية
نيرة:-
_وانا كنت مخيرة.. انت مأجبرتنيش وقولت كلي، كنت ممكن اقول لا، وبعد ما اكلت حبة انت طلبت اوقف وانا اصريت، فمتشيليش نفسك ذنب حاجة انت ملكيش سبب فيها
وكأنها كانت تعلم عما يدور في خلده.. وتطمنه؟
هكذا هي فعلت.. هكذا هي بكلماتها التي كالبلسم لملمت مخاوفه وعالجتها
ابتسم لها.. مسك يدها ومال عليها يقبلها و:-
_انا بحبك
هتفت بتلقائية:-
_وانا كمـ....
لكن الباب الذي انفتح وطل منه اخر وجه يريد ايان ان يراه اليوم.. قطع عليهم تلك اللحظة السعيدة..
- تابع الفصل التالي عبر الرابط: "رواية نيرة والعابث" اضغط على أسم الرواية