رواية امرأة العقاب البارت السادس عشر 16 بقلم ندى محمود توفيق
رواية امرأة العقاب الفصل السادس عشر 16
ظلت هي تتابعه بعينان شاردة ومنطفئة حتى فشلت أخيرًا بعد ساعات من محاولاتها لمنع دموعها من السقوط .. انهمرت أخيرًا دموعها على وجنتيها بصمت وهي تتطلع إليه في أسى .. ظلت تحدق به من خلف الزجاج في ثبات مزيف وعيناها تنهمر منها الدموع بصمت تام .. قلبها يؤلمها حين تعصف بذهنها أفكار سيئة حول سوء حالته الصحية ، وهمسة خافتة خرجت منها بأعين بائسة ومتوسلة :
_ أنا طلبت منك تسيبني .. بس مش دي الطريقة اللي تسيبني بيها .. هنا محتجاك يا عدنان ، قوم
أتاها صوت آدم الخافت من خلفها وهو يقول :
_ جلنار !
رفعت أناملها وجففت دموعها بسرعة ثم التفتت له بجسدها كاملًا وردت :
_ نعم
آدم برزانة :
_ إنتي تعبتي ، عم حامد مستني برا .. روحي البيت وأنا موجود هنا وهبلغلك بأي تطورات متقلقيش
التفتت برأسها نحو عدنان وهتفت رافضة وهي تهز رأسها بالنفي :
_ لا أنا هفضل موجودة لغاية ما يفوق
آدم متنهدًا بعدم حيلة :
_ وجودك مش هيفيد بحاجة والله صدقيني .. ريحي في البيت وتعالي بكرا الصبح
جلنار بإصرار :
_ قولتلك مش همشي يا آدم
_ جلنار بلاش عناد .. اسمعي الكلام حتى ماما وفريدة هيروحوا البيت ، وإنتي كمان لازم تمشي عشان هنا مينفعش تسبيها وحدها
عندما نطق باسم هنا .. لان اصرارها قليلًا والتفتت بنظرها تحدق بعدنان في تمعن قبل أن تعود بنظرها لآدم وتقول بعينان راجية :
_ طيب همشي بس وعد إنك هتتصل بيا لو حصل أي حاجة .. وكمان أول ما يفوق كلمني
ابتسم لها بلطف وتمتم بإيجاب :
_ حاضر هتصل بيكي والله متقلقيش
تنهدت الصعداء بحرارة وهي تلقي النظرة الأخيرة عليه من خلف الزجاج ثم استدارت وسارت مبتعدة عن الغرفة بصعوبة كمن أجبرت على الرحيل .. وصلت إلى بوابة المستشفى بعد لحظات من السير للخروج من المستشفى .. وجدت حامد بانتظارها أمام السيارة فأخذت نفسًا عميقًا واقتربت منه ثم استقلت بالمقعد الخلفي للسيارة واستقل هو بمقعده ثم هتف هو يسألها بتأكيد :
_ عند الحجة انتصار مش كدا ياهانم ؟
اماءت له بالإيجار في وجه عابس وتمتمت :
_ أيوة ياحامد
***
داخل منزل الخالة انتصار .....
كامنة في غرفتها منذ عودتها ، تجلس على مقعد خشبي قديم أمام النافذة ومستندة بمرفقها عليه واضعة كفها أسفل وجنتها ، تتأمل الفراغ من أمامها بشرود وعينان دامعة .. لا تفهم لما البكاء لكن قلبها يؤلمها عليه وهناك صوت خافت في أعمق ثناياها ينادي به .. يرغب في رؤيته سالمًا يتحدث وربما أيضًا يغضب كعادته وينشب شجار عنيف بينهم ككل مرة .
فتحت هنا الباب بهدوء ودخلت ثم اقتربت من أمها ، فجففت جلنار دموعها بسرعة والتفتت برأسها تجاه ابنتها تقابلها بابتسامة حانية ، حتى وصلت ووقفت أمامها فسألت الصغيرة بعبوس :
_ هو بابي ليه مجاش ياماما ؟
ازدردت جلنار غصة مريرة في حلقها ثم انحنت عليها وطبعت قبلة دافئة على جبهتها متمتمة بعينان دامعة :
_ بابي تعبان شوية ياروحي .. والدكتور قاله لازم يقعد عنده لغاية ما يخف ، وعشان كدا هو قعد مع الدكتور في المستشفى .. بس وعد إنه أول ما يبقى كويس هنروح أنا وإنتي ونشوفه
زاد عبوس الصغيرة وتحول إلى حزن فور سماعها بمرض أبيها ، ثم قالت بملامح وجه بائسة لا تليق بوجهها الملائكي الصغير أبدًا :
_ بس أنا عايزة اسوف ( اشوف ) بابي هو وحشني
تمالكت جلنار زمام دموعها بصعوبة وردت عليها مبتسمة بثبات مزيف :
_ مش هينفع ياحبيبتي الدكتور قال مينفعش حد يشوفه .. أول ما يبقى كويس زي ما قولتلك هاخدك ونروحله ، تمام ؟
هزت رأسها بالموافقة مغلوبة على أمرها ثم طرحت سؤالها الثاني وهي تمعن النظر في وجه أمها وعيناها السابحة في الدموع :
_ إنتي زعلانة عشان بابي تعبان ؟
أخذت نفسًا عميقًا في محاولة بائسة منها لمنع دموعها من الأنهمار لكنها فشلت وسقطت دمعة متمردة من عينها .. ثم هزت رأسها بإيجاب تؤكد سؤال صغيرتها وهي تفرد ذراعيها وتضمها إلى أحضانها ، فلفت الصغيرة ذراعيها حول رقبة والدتها وردت بحزن طفولي :
_ وأنا كمان زعلانة
بتلك اللحظة انهارت جميع حصونها الضعيفة وتوالت الدموع على وجنتيها بغزارة لكن دون صوت ، دموع ألم وخوف وشجن .. أبدًا لم تتخيل أن يأتي يوم وقلبها ينفطر حزنًا وخوفًا عليه من الفقدان .
قطع اللحظة الدافئة والمؤثرة بين الابنة والأم دخول الخالة انتصار التي فتحت الباب وهي تحمل فوق ذراعيها صينية نحاسية اللون وفوقها ثلاث صحون كل صحن يحتوي على نوع طعام مختلف .. ابتعدت هنا عن أمها ونظرت إلى الخالة ثم ركضت إليها وتعلقت بقدمها تقول بصوت عابس وعينان شبه دامعة :
_ بابي تعبان وماما زعلانة يانينا انتصار
نظرت انتصار إلى جلنار نظرة معاتبة لعدم تمالكها نفسها أمام الصغيرة ، ثم وضعت الصينية فوق الفراش وانحنت على هنا تحتضن وجهها الصغير بين كفيها وترد عليها بحنو وحب :
_ بابي تعبان شوية صغنين أوي ياحبيبتي وإن شاء الله هيبقى كويس وزي الفل
ثم ألقت نظرة سريعة على جلنار التي تتابعهم بعيناها وانحنت على أذن هنا وهمست :
_ و زي ما إنتي بتحبي بابا وزعلانة إنه تعبان ماما كمان زي كدا
التفتت الصغيرة برأسها ناحية أمها ثم عادت بها أخرى إلى الخالة وسألت بحزن به لمسة الاطمئنان :
_ يعني بابي هيبقى كويس ؟
_ طبعًا هيبقى كويس ياحبيبتي إن شاء الله .. يلا بس إنتي زي الشطار كدا اجري على السرير ونامي عشان بابي لما يرجع ميزعلش إن هنون بتنام متأخر
ابتسمت هنا بلطافة وجهها الملائكي ثم ركضت فورًا نحو الفراش وتدثرت بالغطاء فضحكت انتصار بخفة وارسلت لها قبلة في الهواء ثم حملت الصينية مرة أخرى وأشارت لجلنار بأن تلحق بها .
الخالة انتصار .. كانت تعمل خادمة في منزل نشأت الرازي ، وكانت علاقتها بوالدة جلنار حميمية جدًا وتحبها كثيرًا .. ساعدتها في تربية جلنار من الصغر لذلك تعتبرها جلنار والدتها الثانية .. حتى بعد وفاة أمها في سن صغير كانت انتصار دائمًا بجوارها لم تتركها ، تمامًا كأمها ، وكانت جلنار تتردد على منزلها كل آن وآن بعدما تركت العمل في منزلهم فور وفاة أمها .
خرجت خلفها وجلسا على الأريكة الكبيرة في الصالون فقالت انتصار بنبرة مشفقة :
_ كلي إنتي مكلتيش حاجة يابنتي
جلنار برفض :
_ مليش نفس يادادا
_ احنا مش اتفقنا إنك تمسكي نفسك قدام البنت ياجلنار
_ مقدرتش والله من غير احس لقيت دموعي نزلت
تنهدت انتصار مبتسمة ثم قالت بوضوح وصراحة تامة وهي مثبتة نظرها عليها بثقة :
_ اللي يشوفك خايفة عليه بالشكل ده ميشوفكيش وإنتي عايزة تتطلقي منه
ارتبكت قليلًا وردت عليها بحزم :
_ دي حاجة ودي حاجة .. الاتنين ملهمش علاقة ببعض
انتصار ضاحكة :
_ لا إزاي ملهمش علاقة ببعض !! .. ده إنتي من ساعة ما رجعتي من المستشفى وإنتي دموعك موقفتش ، وده معناه حاجة واحدة هي إنك بتحبيه
رمقت جلنار انتصار بدهشة امتزجت بالتوتر الذي سرعان ما حاولت إخفائه وهي تهتف نافية بجفاء :
_ لا طبعًا مش بحبه !! .. أنا بس زعلانة على الوضع اللي هو فيه وطبيعي ازعل ، في الأول والآخر هو أبو بنتي .. بعدين بحبه إيه يادادا إنتي كأنك متعرفيش اللي بينا
انتصار بابتسامة مستنكرة :
_ عارفة وعشان كدا مستغربة ! .. عمومًا ربنا يقومه بالسلامة يارب
همهمت جلنار بخفوت وصوت يكاد يسمع :
_ يارب
***
على الجانب الآخر من العالم ، بمدينة كاليفورنيا بأمريكا .....
انتهى الاجتماع أخيرًا وخرج الجميع تباعًا من الغرفة وقفت نادين وحملت أوراقها واشيائها تهم بالانصراف لكنه قبض على رسغها يجبرها على الجلوس ويهتف بجدية :
_ اقعدي احنا لسا مخلصناش كلامنا
ردت عليه بقسوة غير معهودة منها :
_ بعتقد انو خلص .. ممكن تترك إيدي
تأفف حاتم بنفاذ صبر ثم هب واقفًا واتجه نحو باب الغرفة في خطوات قوية واغلق الباب بعنف ثم عاد لها وهتف بشيء من العصبية :
_ نادين أنا خلقي ديق وإنتي عارفة كدا .. اتكلمي وقولي إيه اللي حصل
طالعته بابتسامة ساخرة وهدرت بعد ثواني معدودة من التحديق به في عدم اكتراث :
_وأنا مو طلبت منك تهتم بشو مضايقني .. إنت ياللي سألت وأنا رديت وقلتلك ولا شيء
حاتم بغضب :
_ ياسلام .. امال إيه موضوع الصور ده وكذاب ومعرفش إيه !!
نادين ببرود تام وهي تهم بالانصراف :
_ بتقدر تعتبرني ما قِلت شيء
القت بجملتها واندفعت نحو الباب في خطوات سريعة فلحق بها وجذبها من ذراعها هاتفًا بسخط :
_ أنا لسا مخلصتش كلامي يانادين
نظرت ليده المقبضة على ذراعها بقوة فاشتعلت نيران غضبها وصاحت به منفعلة وهي تسحب يدها من بين قبضته :
_ وأنا بالنسبة إلي الكلام خلص ياحاتم .. ما تنسي حالك وتقربلي بهاي الطريقة مرة تاني عم تفهم ولا شو !
رفع حاجبه في استنكار ملحوظ بنظرته من أسلوبها الجديد ولاحت ابتسامة متسلية فوق ثغره على عكس حالته الغاضبة منذ قليل .
وجدته يتقدم نحوها بخطوات متريثة وتلك الابتسامة المريبة تزين وجهه ، ارتبكت وتوترت بشكل ملحوظ .. وبشكل تلقائي منها تقهقهرت للخلف وهي تهتف بتحذير سخيف وترفع سبابتها المضطربة مثلها تمامًا في وجهه :
_ لا تقرب .. حاتم لا تقرب قلتلك !!
لا يبالي لتحذيرها اللطيف ، كان هدفها بث الخوف بهذا التحذير ولكنها فعلت العكس .. ظلت تتراجع وقد نست أن نهاية هذا الاتجاه هو الحائط ، فاصطدمت بظهرها به والتفتت برأسها للخلف تتطلع للحائط بتوتر ثم عادت برأسها إليه وحدقته بشراسة تليق بجمال أنثى فاتنة ورقيقة مثلها .. وقف أمامها وابتسامته المتسلية زاد اتساعها على ثغره ، ثم رفع كلتا ذراعيه وأسند كفيه على الحائط يحاوطها من الجهتين يرمقها بنظرة مشاكسة متحدثًا بنفس لهجتها اللبنانية :
_وإذا قربتلك شو بتسوي ؟!
ازدردت نادين ريقها بارتباك واستحياء ملحوظ على وجهها ، ابتسامته ونظراته أذابتها في لحظة كقطعة ثلج وضعت فوق النيران ، ظلت تتأمله بهيام ولسانها انقعد فلم تتمكن من الرد عليه ، استمرت فقط في التحديق به مسلوبة العقل .
ابتسم باتساع اكثر حين رأى سكونها التام واستسلامها وهي تتطلع إليه بعينان شاردة ، فغمز لها بعيناه البندقية وتمتم شبه ضاحكًا :
_ شششش .. سرحتي في إيه
فاقت من رحلتها القصيرة على أثر صوته وغمزته المثيرة ، فزاد توترها وخجلها أكثر وبعفوية وضعت يديها الناعمتين على صدره ودفعته بعيدًا عنها فارتد هو للخلف ، وهرولت هي نحو الباب تفر منه قبل أن يمسك بها مرة أخرى .. فتحت الباب وكانت على وشك الرحيل لكنها توقفت والتفتت له برأسها هاتفة بغيظ ووعيد حقيقي :
_راح حاسبك على هاد الشي اللي سويته هلأ
تفوهت بتلك الجملة ورحلت فورًا دون أن تغلق الباب حتى خلفها من فرط توترها ، بينما هو فضحك بخفة وهو يلوح بيده في عدم حيلة .
***
عودة إلى القاهرة في مصر .....
أخرج آدم هاتفه من جيب بنطاله بعد ارتفاع صوت رنينه الصاخب .. قرأ اسم المتصل الذي ينير الشاشة ثم رد بخشونة صوته الرجولي :
_ هاا عملت إيه ؟
رد عليه الطرف الآخر بأسف :
_ للأسف يا آدم بيه لغاية دلوقتي مقدرتش أوصله
صرخ به بصوت جهوري لكن سرعان ما حاول إخفاض نبرته عندما تذكر أنه موجود بالمستشفى :
_ وهو أنا باعتك تدورلي عليه عشان تقولي مقدرتش اوصله .. بكرا عايز **** ده يكون قدامي وقبل ما البوليس يمسكه فاهم ولا لا
أجاب عليه الآخر بنبرة متلعثمة قليلًا تحمل القليل من الخوف :
_ حاضر يابيه
انزل الهاتف واغلق الاتصال ثم اتجه نحو أقرب مقعد وجلس فوقه ، قم رفع كفه ماسحًا على وجهه متأففًا بإرهاق وتعب .. لمح الطبيب يخرج من غرفة أخيه فتوقف وهرول مسرعًا يلحق به قبل أن يرحل .
اوقف الطبيب وسأله باهتمام :
_ طمني يادكتور حالته تحسنت شوية ولا لسا زي ماهي
لمس الطبيب نبرة القلق والارتعاد في صوت آدم فابتسم له وقال مربتًا على كتفه بنبرة متفائلة :
_ للأسف لسا زي ماهي .. بس متقلقش إن شاء الله هيقوم بالسلامة ، ولغاية بكرا الصبح ممكن كل حاجة تتغير وحالته تتحسن ويفوق كمان
تنهد آدم بأسى ورد في تمنى :
_ يارب .. متشكر جدًا يادكتور
_ على إيه ده واجبي
انصرف الطبيب وبقى آدم يقف بأرضه متسمرًا في حزن .. ثم تحرك بقدماه نحو زجاج الغرفة ووقف أمامه من الخارج ينظر لأخيه المتسطح على الفراش ، امعن النظر به في قلب منفطر للحظات حتى خرجت همسة تحمل في طياتها الوعيد وكلها غضب :
_ أنا شاكك في حد وصدقني لو طلع هو السبب في الوضع اللي إنت فيه دلوقتي ده مش هرحمه
***
خرجت فريدة من الحمام وهي تجفف وجهها بمنشفة صغيرة ، فصك سمعها صوت رنين هاتفها .. تحركت باتجاهه والتقطته تنظر للشاشة وتقرأ اسم المتصل الذي كان مسجل باسم " لميا " .. تأففت بخنق ثم حركت اصبعها على شاشة الهاتف لتفتح الاتصال ورفعت الهاتف تضعه على أذنها تجيب بشيء من السخط :
_ خير
نادر مبتسمًا بسخرية ونبرة لا تبشر بخير :
_ اخبار اللي لو حصله حاجة مش هترحميني عشانه إيه ؟!! .. فاق ولا لسا ؟
ردت فريدة في استهزاء من سؤاله وبعصبية :
_ مهتم اوي يعني سيادتك مثلًا تعرف وضعه إيه .. طيب يانادر عدنان حالته خطرة ودخل العناية المشددة ياترى إنت مرتاح كدا
ضحك ورد ببرود وفرحة داخلية :
_ جدًا .. الحقيقة أنا اللي مش فاهمك هو مش انتي برضوا بتحبيني ومش بتحبيه .. امال ايه لزمة الخوف ده كله عليه ، ولا بقى إنتي كنتي مفهماني غلط وبتحبي عدنان
أصدرت زفيرًا حارًا بنفاذ صبر وردت عليه باستياء :
_ هو الكلام ده وقته دلوقتي يانادر .. بقولك حالته خطرة وممكن ميقومش منها وإنت بتقولي بتحبيني وبتحبيه و.....
قاطعها بخنق وصوت أجشَّ :
_ خلاص خلينا نركز في الأهم دلوقتي .. جلنار عرفت إزاي ؟
_ معرفش كانت نقصاها هي دي كمان .. لو مكتمناش نفسها هتفضحنا ووقتها عدنان هو اللي هيقتلنا
نادر بابتسامة شيطانية ونظرة لعوب لم تراها بسبب تحدثهم في الهاتف :
_ ده في حالة لو مكتمناش نفسها زي ما بتقولي
فريدة متأفف بقرف وحنق :
_ اقفل يانادر أنا مش في وضع يسمح ليا بالتخطيط والكلام دلوقتي خالص .. لما افوق وعدنان كمان يطلع من العناية وحالته تتحسن نبقى نفكر هنعمل إيه في المصيبة اللي نزلت فوق راسنا دي
انهت الاتصال دون أن تنتظر رده حتى .. مما جعله ينزل الهاتف من على أذنه ويتطلع إليه بشيء من الدهشة مبتسمًا بازدراء ، ثم هدر بغل ينبع من صميمه :
_ عدنان ! .. أصلًا حادث زي ده المفروض كان يوصل المستشفى ميت لكن هو بسبع أرواح
ثم سكت للحظة يفكر بشيء وسرعان ما انفجر ضاحكًا وهو يهتف بتسلي لمجرد مرور الفكرة على ذهنه :
_ كنت ناوي اخلص منك ياديدي ياحبيبتي بنفسي ، بس هسيبك للي مش بيرحم بجد وهبقى ضربت عصفورين بحجر واحد خلصت منك وعدنان الشافعي دخل السجن
ثم انحنى على كأس الڤودكا الموضوع فوق المنضدة الصغيرة وسكب منه في الكأس البيضاوي ورفع الكأس لفمه يرتشفه كله دفعة واحدة ويهتف مستكملًا ضحكه الشيطاني :
_ مجرد التخيل باللي هيعمله فيكي لما يعرف بخيانتك بيشعرني بالنشوة ياديدي
***
في صباح اليوم التالي داخل منزل نشأت الرازي ......
يمسك بفنجان القهوة الصباحي المعتاد ، جالسًا في حديقة المنزل على مقعد أمام طاولة بيضاء ودائرية ، مستمتعًا بالأجواء الهادئة من حوله واللون الأخضر الذي يملأ نظره .
قطع عليه خلوته الصباحية اقتراب مساعده الخاص ووقوفه أمامه مغمغمًا :
_ صباح الخير يانشأت بيه
_ صباح النور ياصلاح خير !
أردف صلاح بنبرة جادة تحمل القليل من التعجب :
_ هو سيادتك متعرفش آخر الأخبار ؟
نشأت بحنق متأففًا :
_ لا معرفش .. اتكلم علطول من غير مقدمات في إيه ؟!
_ عدنان الشافعي عمل حادث خطير امبارح وهو في العناية المشددة دلوقتي
كان فنجان القهوة في فمه يرتشف منه .. فأخرجه فورًا وهو يبتلع القهوة التي في فمه بزعر .. ثم اسنده على الطاولة في قوة وهتف بصدمة :
_ حادث !! .. وإزاي متقوليش من امبارح يابغل أنت !
صلاح معتذرًا ببعض الاضطراب :
_ ياباشا أنا يدوب لسا عارف الخبر ده دلوقتي .. وأول ما عرفت جيت لسعاتك جري عشان اقولك
نشأت بعصبية وهو يلوح بيده له في عنف :
_ طيب خلاص خلاص .. قول كل اللي عرفته اخلص
_ عربية نقل خبطت في عربيته وحالته كانت صعبة أوي لما وصل المستشفى قبل العمليات .. وكمان اللي فهمته أن الحادث ده مقصود والدليل أن آدم بيدور على سواق عربية النقل دي وقالب الدنيا عليه من إمبارح .. وبنت حضرتك هي والبنت الصغيرة حفيدتك قاعدين عند الحجة انتصار
توقف عند كلمة " مقصود " وعقله بدأ يعمل .. من لديه الغاية في التخلص منه حتى يدبر له حادث كهذا ؟! .. سؤال طرحه على نفسه بتفكير وحيرة ، وبعد لحظات من الصمت القاتل خرج صوته وهو يملي تعليماته الصارمة على صلاح :
_ خلي حد من الرجالة يفضل ورا الموضوع ده ويعرفلي مين اللي دبر الحادث ده .. أما أنت فعايزك تبقى ورا جلنار وهنا زي ضلهم لغاية ما نعرف مين اللي عايز يأذي عدنان .. وأياك عينك تغفل عنها لحظة واحدة فاهم ولا لا ، وأكيد مش محتاج أوصيك إنك متخلهاش تلاحظ إنك مراقبها وماشي وراها
هتف صلاح يقترح فكرة ليست سيئة لكنها بائسة :
_ طيب ياباشا ما تخلي جلنار هانم وبنتها يقعدوا عندك في البيت هنا عشان تبقى قدام عينك ومطمن عليها اكتر
تنهد نشأت بيأس وهدر بوجه عاجز :
_ ياريت يا صلاح بس هي مش عايزة تبص في وشي ، فكرك هتوافق تقعد معايا
_ جرب ياباشا مش هتخسر حاجة
أصدر نشأت زفيرًا حارًا وتمتم :
_ روح أنت دلوقتي ياصلاح اعمل اللي قولتلك عليه بس
أماء له الآخر بالموافقة وهو يزم شفتيه ثم استدار وسار مبتعدًا إلى خارج المنزل بأكمله .. تاركًا نشأت يحاول تخمين من الذي دبر ذلك الحادث ، ومن جهة أخرى يفكر بابنته وحفيدته وقد بدأ القلق يتسرب لقلبه خشية من أن يلحق بهم أي مكروه .. لكنه لن يسمح بهذا ! .
***
خرجت مهرة من البناية الصغيرة لمنزلها .. تسير في الشوراع الداخلية لمنطقتها لكي تصل إلى الشارع الرئيسي وتستقل بإحدى سيارات الأجرة وتذهب لعملها قبل أن تتأخر .. لكن أثناء مرورها من أحد الشوارع أوقفها شابًا يبلغ من العمر حوالي سبعة وعشرون عامًا من أبناء منطقتها .
قفز أمامها من بوابات أحد المنازل فجأة فانتفضت مهرة فزعًا وارتدت للخلف كردة فعل تلقائية ثم صاحت بعفوية بعدما أدركته :
_ إنت اتهبلت ولا إيه يا ريشا
وقف أمامها وهتف بنظرة خبيثة :
_ على فين كدا يافرسة المنطقة
تجمدت معالم وجهها للحظة تستوعب جملته ، الجميع يعرف أنه ماجن ومنحرف لكنه لم يسبق له وتجرأ أن يتحدث معها بهذه الطريقة ! .
مهرة بتصنع عدم الفهم ووجه بدأت تعتلي ملامحه الغضب :
_ بتقول إيه لا مؤاخذة !
رد عليها الآخر بوقاحة وعينان جريئة تتفحص جسدها :
_ أنا أول مرة اشوف شغل بيبقى الصبح .. أصل اللي اعرفه أن الشغل اللي زي كدا بيبقى بليل بعد نص الليالي
اشتعلت مهرة غضبًا وصاحت به بصوت مرتفع وبعصبية :
_ أنت اتخبلت في نفوخك بتقول إيه يالا .. ابعد من وشي جاتك القرف
ابتعدت من أمامه وهمت بأكمال طريقها لكنه قبض على ذراعها وهتف بنظرة وضيعة وابتسامة جانبية ساخرة :
_ بقول المشي البطال ياما بهدل أبطال مش كدا ولا إيه يابطل الحتة
نظرت ليده القذرة الممسكة بذراعها ، ورفعت نظرها له تطالعه بعينان تطلق شرارات نارية يمكنها أن تحرقه وتحوله لرماد بلحظة .. أظهرت عن شراسة الانثى الشعبية التي تكمن داخلها .. حيث رفعت حقيبتها التي محاطة بالخارج بقطع حديدية تزين شكلها من الجوانب ومن الأعلى ، ثم غارت عليه تلكمه بها في وجهه ورأسها بكل عنف وشراسة وتهتف باستهزاء وغل :
_ بظبط زي ما انا هبهدل **** دلوقتي .. ياتربية *** وزبالة وعرة
كان يحاول تفادي لكماتها بحقيبتها الثقيلة والمؤلمة وهو يصرخ بها ويده تعبث في الهواء لكي تمسك بها وتوقفها لكنه لم يتمكن من مجابهة هجومها الشرس عليه .. وبعد لحظات من الضرب المتواصل توقفت ونظرت لوجهه الذي بدأت تسيل الدماء من اعلى جبهته وكذلك جانب ثغره ، فابتسمت بثقة وانتصار لتجيب عليه بنفس طريقته الشعبية في الحديث :
_ يا تخليك قد كلامك .. ياتخلي كلامك على قدك هااا
القت بجملتها ثم استدارت وسارت تكمل طريقها للخارج وهي تبتسم بتشفي .. بينما الآخر فرفع أنامله يتحسس دماء جبهته وثغره وعيناه معلقة عليها تتابعها وهي تسير مبتعدة عنه ، ثم خرجت منه همسة متوعدة بغضب هادر وغل :
_ ماشي يابنت رمضان الأحمدي وحياة أمي لأعرفك ريشا مين على حق
***
توسلات كثيرة من ميرفت وهي تحاول إقناع أسمهان بالبقاء وعدم الذهاب .. لكن الأخرى لا تسمع لأحد ومصرة على الذهاب لرؤية عدنان ، ولا تتفوه سوى بشيء واحد ( أنا هروح اشوف ابني مش هقعد هنا وهو قاعد في المستشفى ) .
توقفت ميرفت وهتفت برجاء ولطف :
_ يا أسمهان .. هتروحي تعملي إيه بس هو لسا في العناية ومفاقش وممنوع حد يدخله ، وآدم موجود هناك أول ما يفوق أكيد هيتصل بينا ويقولنا
أسمهان بعصبية وإصرار :
_ أنا قولت هروح يعني هروح ياميرفت
تنهدت ميرفت بعدم حيلة وتبادلت النظرات مع زينة التي رفعت كتفيها الأخرى مغلوبة على أمرها وقالت :
_ خلاص ياماما سبيها على راحتها هي هترتاح اكتر لما تروح وتفضل جمبه هناك
ارتفع صوت رنين ميرفت فأمسكت به ونظرت لاسم المتصل وردت فورًا بتلهف :
_ آدم طمنا يابني مفيش أخبار ؟
ظهر التلهف المماثل والقلق على وجه كل من زينة وأسمهان بينما آدم فتنهد بأسى وقال نافيًا بنبرة صوت مختلفة من فرط الحزن والإرهاق :
_ لا لسا مفاقش ياخالتو .. بس الحمدلله حالته احسن شوية من امبارح ، انا اتصلت عشان اسألك عن ماما عاملة إيه ؟
ابتعدت قليلًا عن أسمهان وردت عليه بخفوت وصوت منخفض :
_ رافضة تاكل أي حاجة ودموعها موقفتش من ساعة ما رجعت بليل من المستشفى ودلوقتي بتلبس ومصممة إنها هتروح المستشفى
_ طيب ادهاني ياخالتو هكلمها أنا
عادت ميرفت مرة أخرى إلى أسمهان ومدت الهاتف لها تهتف :
_ خدي كلمي آدم يا أسمهان عايز يكلمك
صاحت أسمهان بصوتها المرتفع وانفعال بعدما فهمت سبب رغبته في الحديث معه :
_مش هتكلم أنا قولت كلمتي وخلاص
ضمت يدها مرة أخرى ورفعت الهاتف إلى أذنها تجيب على آدم بيأس :
_ سمعتها طبعًا
آدم متنهدًا بتعب :
_ طيب خلاص ياخالتو خليها تاجي بس تاكل الأول متطلعش من البيت من غير فطار وخلي بالك عليها معلش
_ حاضر ياحبيب خالتك متقلقش .. وخلي بالك إنت كمان من نفسك
رد عليها بالموافقة في نبرة لينة ثم انهى الاتصال وتحرك باتجاه غرفة أخيه ووقف أمام الزجاج يتابعه هكذا ملازمًا إياه منذ مساء الأمس دون أن تحيد نظراته عنه ! .
***
في مساء ذلك اليوم ......
منذ الصباح ولا توجد أي أخبار سارة .. قلبها يتآكل خوفًا وحزنًا ، وكل ساعة والأخرى تجري اتصال بآدم تسأله عن إذا حدثت أي تطورات بحالته الصحية فيجيب عليها بالنفي .. تجاهد بصعوبة في تمالك دموعها التي تحارب من أجل الأنهمار ، وصغيرتها لا تكف عن السؤال ( متي سيعود أبي .. هيا نذهب إليه إذًا ) وبكل سؤال لها تجيب هي عليها بحجة مختلفة وثبات مصطنع حتى لا تنهار أمام طفلتها .. وكانت تود أن تهتف وتخبرها من بين بكائها ( قلبي يؤلمني على أبيكِ مثلك تمامًا ياصغيرتي ، ولأول مرة أشعر باشتياقي له ! ) .
تجلس على مقعدها الخشبي أمام النافذة .. ترفع ساقيها إلى صدرها وتلف ذراعيها حول ساقيها محتضنة نفسها كطفلة صغيرة تائهة .. وعيناها تحدق في الفراغ بشرود متذكرة إحدى لحظاتهم اللطيفة معًا في الماضي ...
منكبة على البكاء بحرارة وهي بين ذراعيه تدفن وجهها بين ثنايا صدره الدافيء وتبكي كالأطفال تمامًا ، بينما هو فيلف ذراعه حولها ويملس على أعلى ذراعها بلطف ورقة كي يساعد في تهدئتها لكنها تزداد في البكاء أكثر مما جعله يهتف بحيرة :
_ كفاية ياجلنار خلاص .. ليه العياط ده كله !
أجابت عليه من بين بكائها بصوت متقطع :
_ أنا خايفة أوي على دادا انتصار
عدنان متنهدًا بنفاذ صبر وهو مستمر بحركة يده التلقائية على ذراعها ويزيد من ضمه لها :
_ احنا مش كنا عندها دلوقتي ولسا جايين وكانت كويسة الحمدلله .. خلاص بقى ارحمي نفسك وارحميني
توقفت عن البكاء ورفعت رأسها قليلًا عن صدره وهي لا تزال بين ذراعيه وطالعته بوجه ممتليء بالدموع ونظرات بريئة .. احس لوهلة أن ينظر لطفلته الصغيرة التي لم تتعدى السنة ونصف فابتسم بتلقائية قبل حتى أن يسمع جملتها الألطف من نظراتها :
_ بكرا الصبح هروح اطمن عليها تاني
رد عليها بخفوت هاديء وابتسامة دافئة :
_ روحي هو أنا قولتلك لا !
اخفضت نظرها وعادت تدفن وجهها مجددًا بين ثنايا صدره واستمرت في البكاء من جديد فوجدته يهتف بنفاذ صبر حقيقي هذا المرة وبخنق :
_ اوووووف وبعدين ياجلنار !
هتفت بصوت تمكن من استيعاب كلماتها من خلاله بصعوبة بسبب بكائها الحار :
_ إنت لما بتحضني أنا بعيط اكتر
فاقت من ذكرياتها ووجهها كله كان ممتليء بالدموع .. تبكي الآن ليس لمرض الخالة بل من أجله هو ، الجميع حولها سواه .. لا تعرف إلى متى سيظل نائمًا في ذلك الفراش البائس ، ألا يكفي هذا القدر ليعلم مقدار محبته في قلوبهم ، ألا يكفيه دموع الخوف والرعب التي تسيل من عيونهم كالدماء .. لا يحق له أن يؤلم قلبها في الخير والشر ! .. يكفيه اللآم التي الحقها بها .. ستثأر منه عندما يستيقظ لأنهم لم يتفقا على فراق قد يكون ابدي ! .
***
استقام آدم من مقعده بتلهف فور رؤيته للطبيب وهو يخرج من غرفة أخيه .. اسرع إليه شبه راكضًا وسأل بقلق :
_ وضعه إيه دلوقتي يادكتور !
علت ابتسامة مشرقة فوق ثغر الطبيب أعادت الأمل والروح لوجه آدم العابس منذ يومًا كاملًا .. وتابع الطبيب وهو يعطي البشرى المنتظرة بود وسعادة :
_ الحمدلله فتح عينه وتجاوز الخطر على حياته
تهللت أسارير آدم والبسمة ملأت وجهه كله ، وكأنه ثقلًا ازاحه عن صدره بتلك البشرى المنتظرة .. لمعت عيناه بسعادة غامرة ودفن وجهه بين ثنايا كفيه متمتمًا براحة مرددًا :
_ الحمدلله .. ألف حمد وشكر ليك يارب
رفع وجهه وهتف يسأل الطبيب :
_ طيب كدا هيخرج من العناية ولا لسا
_ لا للأسف لازم يفضل تحت الملاحظة تحسبًا لأي تطورات ممكن تحدث .. بس هو حتى الآن حالته مستقرة ومفيش خطر الحمدلله
اماء آدم برأسه في تفهم وعاد يطرح سؤاله الثاني بترقب :
_ طيب اقدر ادخل اشوفه ؟
هز الطبيب رأسة بالموافقة وتمتم ببعض للأسف :
_ تمام بس اتنين بس اللي هيدخلوا ليه و كل واحد ثلاث دقائق بحد أقصى وبدون كلام كتير عشان متحصلش مضاعفات ويتعب
_ تمام يادكتور شكرًا
_ على إيه .. وحمدلله على سلامته مرة تاني
_ الله يسلمك
ابتعد آدم بعد رحيل الطبيب وأجرى اتصال بأول شخص كان في آخر قائمة الاتصالات ووضع الهاتف على أذنه يستمع الرنين بانتظار رده .
التقطت جلنار هاتفها ونظرت لاسم المتصل فقفزت جالسة بفزع وأجابت هاتفة بتلهف وهي تجفف دموعها التي مازالت فوق وجنتيها :
_ أيوة يا آدم
لاحظ بحة صوتها وهي تجيب عليه فابتسم بإشفاق وهتف في فرحة :
_ عدنان فاق ياجلنار وحالته كويسة الحمدلله
خرجت منها تنهيدة كان بمثابة عودة الروح لقلبها المنفطر ، وظهرت على شفتيها الشاحبتين ابتسامة شكر وعادت الدموع تتجمع في عيناها مرة أخرى من السعادة ، ثم ردت على آدم بصوت مبحوح :
_ الحمدلله .. طيب اقدر ادخل اشوفه لو جيت يا آدم
ابتسم الآخر واردف بوداعة :
_ انا متصل بيكي عشان كدا أساسًا .. الدكتور قال اتنين بس اللي يدخلوا ، تعالي عشان تدخلي تشوفيه وكمان ماما هتصل بيها وهتيجي عشان تدخل وتشوفه
اتسعت ابتسامتها أكثر ثم سرعان ما قالت بريبة :
_ وإنت مش هتدخل تشوفه ؟!
_ ياستي تعالي انتي بس وملكيش دعوة بيا
هبت من مقعدها واقفة وقالت بحماس وفرحة :
_ طيب طيب انا هلبس وآجي دلوقتي فورًا
- تابع الفصل التالي عبر الرابط: (رواية امرأة العقاب كاملة) اضغط على أسم الرواية