رواية عشيقة لوسيفر البارت الثاني 2 بقلم روزان مصطفى
رواية عشيقة لوسيفر الفصل الثاني 2
أُمسيات رائعة ، هكذا تُسميها .. إذاً لماذا كانت أُمسيتي مُختلفة نوعاً ما ؟
الستائر الحرير ذات اللون القرمذي الخاصة ببلكون غرفتي كانت بتتحرك بإنسيابية مُدخلة هواء بارد وصوت عواصف ثلجية بالخارج صفرت في أذني ..
لكن كل دة مكانش مُثير إهتمامي ، لدرجة نسيت أسأل نفسي هل أنا فتحت البلكون في البرد القاسي دة ؟ كل تركيزي كان على الكائن اللي ظله كان بيتحرك على الحائط بعد ما لمبة الغرفة عملت صوت شرارة بعدها إنطفأت ، مكانش في أي نور غير أعمدة إنارة الشارع الصفراء الغامقة .. كانت موضحة خياله على الحيطة بطريقة مُرعبة .. وصوت اللمبة وهي بتتأرجح يمين وشمال مع صوت العواصف محسسني إني مُجمدة .. مقصدش أطراف إيدي ورجلي لكن مجمدة داخلياً مش مستوعبة قدر المهزلة اللي بتحصل
وسط الظلام إقترب مني ، خياله بيكبر كل ما بيقرب مني وأنا زي المسحورة مرعوبة لكن مملكش القُدرة على الهرب
بدلة سوداء .. قميص أبيض ، وببيون إسود .. ووشاح إسود طويل مُنسدل على ظهره بيتحرك لورا تحت تأثير الهواء ، يُشبه وشاح باتمان ، لكن وجهه لحُسن حظي إنه مكانش الحقيقي ، كان وجه بشري أبيض لكن بدون دماء .. جلده أصفر ، ولفت نظري أظافره الطويلة
عينيه سودا مقدرتش أنكر دة وحواجبه كثيفة .. لحظة ، هل أنا بدقق في ملامح الشيطان المُزيفة ! الفكرة خلتني أنتفض قبل ما يرجع وشاحه الإسود للخلف وهو بينطق بصوته العميق ك صدى صوت : وفقاً لإنك هتقومي بدوري في مسرحيتكم ، ف الأفضل تتعلمي الشخصية من الأصل ، مش من التُرهات اللي كاتبها المؤلف الغبي
فتحة فم أشبه بالفوهة وأنا واقفة قدامه ، ليه جسمي متصلب ليه مش قادرة أهرب ؟
أكمل حديثة بنبرة الغرور وقال بصوته العميق : أشك إن مخلوقة الطين تقدر تمثل دوري ، خاصة لو كانت بنت مكروهه من مُحيطها زيك .. وغبية
بص بعينه لأوراق المُلخص المرمية على الأرض ، إترفعت عن الأرض وإتحرقت
صوتت وصرخت بكُل قوتي للحصول على النجدة من والدتي .. لكن كان صُراخ بلا فائدة
لوسيفر بتبريقة والنار ظاهر إنعكاسها في عيونه السودا : لذا يا سيدة جلوريا الصغيرة ، هتسرب داخل عقلك بمشاهد صُغيرة ، لكنها هتكون كافية تعلمك دروس عني ، عشان وقت عرض المسرحية ، الناس تنبهر بأدائك ، أنا مش مُهتم تنجحي أو لا ، مُهتم بتمثيلك لدوري أنا
وقعت بالطبع من طولي .. معرفش دة نوم ، أو رعب ، لكن الشاشة السوداء اللي بتغيم على عقل الفرد منا كل ما يروح في النوم أفضل بالنسبة لي من رؤية الشيطان أمامي
* داخل حُلم جلوريا
أرض حجرية وإضاءة زرقاء مُتأرجحة ، حشرات ممتلئة تسير بجانب وجهها المُرتطم بالأرض
قامت جلوريا وهي تنظر حولها ، كان هناك رجلاً خلف قضبان تُشبه قضبان السجن
نظرت له جلوريا بتأمل لعينه المُصفاة ولونها كله بالأبيض وذقن وجهه ذات اللون الرمادي .. وجلبابه القصير
جلوريا وهي بتتنفس برد من فمها : مين إنت ؟ وليه محبوس ؟
الرجل بصوت يكاد يُسمع : ببيع الوهم للناس ، بقنعهم إن السعادة عندي وإني أقدر أخلصهم من أي شخص بيكرهوه ، وبيصدقوا .. مقابل الفلوس بدمر حياة كذا شخص وبفرق عائلات وبشتت جمعهم
جلوريا : مش فاهمة ! يعني مين إنت
الرجل بصوت رجاء : خرجيني ، أنا لو فضلت محبوس هنا في كتير حياتهم هتدمر
جلوريا : طب .. طب فين المُفتاح ؟
رجع لورا وهو حاطط إيده على شعره الأبيض الطويل وبيقول بشفايف زرقاء : مش عارف ، كان معايا زمان .. وسلمتهوله
جلوريا برعب : هو مين
رفع عينيه البيضا في وشها وقال : هو ، اللي حابسني .. لوسيفر
شهقت جلوريا وهي بتتلفت حواليها وقالت : طب ليه أنا هنا !
فضلت تتلفت على مخرج فشلت تلاقيه .. مسك الرجل الغريب قضبان السجن وهو بيتألم وفاتح بوقه وبيكح دم
جلوريا بتكرار : طب إسمك إيه ؟ إسمك إيه وهخليه يسيبك !!
الرجل بصوت مُتألم : ال .. الساحر ، وإسم المفتاح اللي هيخرجني ، هو " الإيمان "
إختفت القضبان وجلوريا واقفة برعب وعدم تصديق لكل اللي حصل ..
فتحت عيونها الزرقاء الداكنة ، ووجهها باهت ك لوحة لم تكتمل
والدتي كانت تقف أمام فراشي ، مُجعدة شعرها بربطات الشعر السخيفة تلك وتدخن سيجار وهي تنظر لي بغضب
أنا بتعب : أنا ليه حاسة بصداع ؟
والدتي : يمكن لإن المدينة بتعاني من عواصف ثلجية وإنتي بدل ما تحفظي دورك في المسرحية ! فاتحة البلكون !
بدأت أفتكر تحديداً إيه حصل .. لوسيفر وراني حلم .. لا كابوس ، هو صانع كوابيس تسحب الأنفاس عن الساحر .. لكن مفهمتش مقصده
قبل ما والدتي تُلقي تلى رأسي إحدى الوسادات وتقول : فاضل ساعة على وصول باص مدرستك ، هتروحي ؟
قومت من فراشي وأنا بقول : بالطبع هروح ، ولكن ..
متمتش جملتي ، قبل ما والدتي تقول وهي بتنفخ دُخان السيجار الملوث بأحمر الشفاه القاتم : صحيح ، مقولتليش إختارتي دور إيه في المسرحية بتاعت الإسبوع دة
كُنت ببص على مكان محادثتي معاه ، مش فاكرة تحديداً دة كابوس أو حقيقة ! قبل ما أقول لوالدتي : الشياطين ..
قفلت باب المنزل ورايا وأنا مُرتدية قُبعة الشتاء اللي بتخليني أشبه بالإنسان الألي .. مشيت بحذائي الشتوي على الثلج الأبيض اللي مغطي أمام المنزل بالكامل .. كُنت قد ترجيت والدتي متنضفهوش أو تجيب عامل يزيحة من أمام منزلنا عشان في رأس السنة والإحتفالات أصنع رجل ثلج ..
ركبت الباص ، وكالعادة تجاهلت كل اللي حواليا وبصيت من زجاج الباص ، لكن المرة دي مُختلفة نوعاً ما .. كان عقلي تماماً مشوش بكل تفاصيل الكابوس
وصلنا أكاديمية ماري لويس ، وحقيبتي السوداء غطاها قطع الثلج الصغيرة المُتساقطة من السماء ، الأمر أشبه بوقوعك كُلياً في حلوى الأيس كريم بنكهة الفانيليا الرائعة .. حتى المدرسة قد زُينت تماماً بالثلج الأبيض
كانت الأنسة رينسا حريصة بشدة على أن تتقن كل فتاة منا دورها ، حاولت إسترجاع المشهد في رأسي من ملخص المذكرة وبالفعل كُنت قد إستجمعت ذاتي ، نظرت خلسة للأوراق في يد الفتاة التي تقف أمامي ، وقرأته عدة مرات وأنا أكاد أجزم أنني حفظته عن ظهر قلب
بدأ التجهيز لملابس المسرحية ، إختارت الملابس السوداء في الصف على جهة الشمال .. وجدت وشاح إسود معقود وضعته خلف ظهري ، ثم أمسكت بالقلم الاسود وبدأت برسم حواجب سوداء ثقيلة .. كما أتذكره من الكابوس..
وفي النهاية القبعة السوداء حتى أخفي خصلات شعري الشقراء
بدأ عرض المسرحية ، وبدأ دوري في الحديث
أنا ثم أنا ثم لا أحد ، أنا مخلوق النار ال .
مخلوق ال
نظرات السيدة رينسا من خلف الستار الأحمر القاتم الذي يغطي طرفي الكواليس كانت تشعرني بالتوتر بشكل أكبر ، إزاي نسيت النص ! أنا كُنت براجعه قبل ما أدخل
بدأ الجمهور يضحك ، فجأة بدون مقدمات رفعت رأسي بإبتسامة غريبة أسكتتهم وقولت بالنص : الفضول البشري المُقيت ، هل تظنون أن ما كُتب في نص الرواية هو بالفعل الوصف الدقيق للشيطان ؟ يا لها من سذاجة
صوتي كان غليظ نوعاً ما
السيدة رينسا بغضب لأحد الواقفين وراها : دي بتتصرف من دماغها خرجوها من المسرحية
الرجل : مينفعش العرض مُستمر
أكملت النص قائلة : بما أنكم تودون معرفة الشيطان ، لما تحاولون الحجب بينكم وبينه بالصلوات والدعاء ؟
بيت القصيد هنا سيداتي سادتي .. أنت هنا فقط لرؤية ما رسمه الكاتب عني ك صفات ، وليس لرؤية الشيطان الحقيقي .. ولكنني أراكم .. وليس بوسعي أن أقترب بالدرجة الكافية لكل منكم ، ف لما العبث معي إذا ؟
لا صوت فقط إندهاش ، بدأ الحضور يُصفق لي وأنا لا أعلم حقيقة ما تفوهت به ، كان تصفيقهم حار لدرجة شعرت بالفخر لكن ، إزاي دة حصل وأنا ملتزمتش بالنص الأصلي !
نزل الستار ، أمسكت السيدة رينسا ذراعي قائلة بتعنف : أدب أخلاق إلتزام إنضباط ، أي شيء من دول مش فيكي ، كان عرض كامل على وشك الإنهيار بسبب إستهتارك وتصرفك الغير مسؤول
أنا بإرتجاف : لكن ، لكن الناس سقفت
السيدة رينا : ليه ملتزمتيش بالنص ، وكلامك اللي قولتيه في المسرحية من فين جبتيه ؟
معرفتش أرد ! أجاوب أو أدافع عن نفسي بشيء ، لكني أستشعرت إن السيدة رينسا غاضبة بشدة ..
سابتني ورا الكواليس ، حسيت بأنفاس ساخنة خلفي بتزيح الوشاح وبتقول : الأن يا جلوريا ، أحب أشكر صعفك اللي خلاكي وسيط بيني وبين الناس اللي مش قادر أقربلهم
- تابع الفصل التالي عبر الرابط: "رواية عشيقة لوسيفر" اضغط على أسم الرواية