رواية خاطفي البارت الثالث والثلاثون 33 بقلم شهد حسوب
رواية خاطفي الفصل الثالث والثلاثون 33
"صمت"
في أحد الأحياء الشعبية
أخذت نفس عميق بملل قبل أن تهتف لشقيقتها بحزن
ندي : هما مين دول اللي هجموا علينا في الفجر يا أروي ؟
فردت عليها أروي بشرود وهي تنظر إلي اللاشئ أمامها
- مش عارفة يا ندي .. مش عارفة
ولت عليها ندي بكامل جسدها هاتفة بخوف بان في عينيها
- أنا خائفة ليرجعوا تاني
فنظرت إليها الأخري هاتفه بقلة حيلة
- أنا خائفة اكتر منك
صمتت قليلاً قبل أن تهتف الصغيرة مترددة
ندي : طب تعالي نروح عند ماما أو نخليها تيجي عندنا
اردفت أروي وهي تبحث عن الهاتف
- ماما ! .. لازم اكلمها واقولها علي اللي حصل
اوقفتها ندي بسرعة متشبثة برسغها وهي تتذكر شئ ما هاتفة بخوف وتردد
- استني يا أروي .. أنا خايفة من ماما .. خايفة ماتصدقناش وتفكر أننا بندخل رجالة البيت .. خصيصاً أنهم طلعوا بعد ما الصبح شقشق واكيد الناس اللي في الحارة شافوهم
اردفت أروي بخوف وعصبية في نفس الوقت فلقد طفح الكيل
- ثقي في نفسك يا ندي .. احنا ماعملناش حاجة غلط ولا تغضب ربنا .. متربين كويس .. والرجالة دولت هما اللي اتهجموا علينا في نصاص الليالي
اردفت ندي بدموع تملأ ابريقها العسلي مما أثار حنان شقيقتها أكثر
- بس انتي عارفة امك بتعاملنا ازاي .. دي حتي ولا بتثق فينا .. انا احيانا من كتر قسوتها علينا وجحدها بحس انها مش مامتنا
اردفت أروي بقلة حيلة وهي تجلس علي الفراش البسيط مرة أخري
- كنت فاكرة اني لما راح اتجوز راح اتحرر من البيت دا واطلع من تحت رحمتها والحارة الفقر دي وفي الاخر راح تجوزني للمعلم اسماعيل
" أنهت جملتها الأخيرة بابتسامة سخرية علي ما وصلت إليه "
هتفت ندي بحيرة
- طيب والعمل
أردفت أروي بجدية وهي تنهض من علي الفراش مرة أخري فلقد حزم الأمر ويجب المواجه فهي لم تفعل شئ وليس ذنبها قلة ثقة والدتها ، وإشاعات حاقدة من أهالي الحارة
- راح اكلمها واحكيلها اللي حصل .. واللي يحصل يحصل
ندي وهي تمسك بيدها قبل أن تضغط علي زر اتصال
- استني .. نقرأ الفاتحة الاول بنية أنه ربنا يهون ويعدي الموضوع علي خير
بعدما انتهوا من قراءة الفاتحة ضغطت أروي علي زر الاتصال ،
رنين ، رنين ، رنين ، لا يوجد رد ، إعادة الاتصال مرة أخري ، رنين ، رنين ، رنين ، لا يوجد رد أيضا .
اردفت اروي بضجر وهي تلقي بالهاتف علي الفراش بعنف
- اوووووووف .. هيا كدا اما نحتاجها مانلاقيهاش جنبنا
ندي : طب والعمل
اروي : راح اتصل بيها اخر مرة لو ماردتش راح اروحلها عند الناس اللي بتشتغل عندهم واقابلها واقولها علي اللي حصل
ثم ضغطت علي زر الاتصال مرة أخري ، رنين ، رنين ، رنين ، ولكن بلا جدوي أيضاً .
نظرت إليها الصغيرة هاتفة بتساؤل خائف
- راح تروحيلها
اردفت أروي بقلة حيلة بعدما زفرت نفساً عميقاً
- مافيش حل غير كدا
أمسكت ندي يدها مترجية شقيقتها بأعين خائفة لامعة بالدموع
- خديني معاكي .. ماتسيبينش هنا لوحدي اخاف لمعلم اسماعيل يطب عليا وانا هنا لوحدي
فضمتها أروي إلي صدرها بحنان فطري وهي تقبل جبينها هاتفة باطمئنان تحاول بثه في صغيرتها
- ماتخافيش مش راح اسيبك
________________★ "صلي علي سيدنا محمد"
دلف الادهم إلي المطبخ كي يحضر إليها بعض الطعام ، فهو يعلم أنها إذا فطرت بصحبة والدها وأسر فلم تسلم من شماتتهم وتذكرهم بوالدها وضعفها وحسرتها عليه .
أوقفته أميرة هاتفة باستغراب مع قطب بين حاجبيها
- أبيه أدهم ! .. وفي المطبخ بنفسه !
هتف الادهم بهدوء وهو يجهز الأفطار دون النظر إليها
- صباح الخير يا اميرة
فردت الأخري باستغراب أكثر علي استمراره فيما يفعل
- صباح النور .. هو حضرتك بتعمل اي مش من عوايدك بصراحه
اردف الادهم بتهرب من ثرثرتها المعتادة
- لا مافيش .. كنت بجهز فطار لرغدة عشان ليها كام يوم مش بتاكل كويس من لما ابوها اتوفي
هتفت أميرة بحزن صادق وقد بان جلياً علي ملامحها الأنثوية
- الله يرحمه يا أبية .. هيا إخبارها اي دلوقتي مابقتش كويسة !
زفر نفساً عميقاً قبل أن يهتف بحزن علي معذبة القلب التي أصبحت منطفئة أكثر انطفاءاً بعد فقدانها لأبيها الروحي
- لسا والله يا اميرة تعبانه اوي وشكلها كدا راح تدخل في اكتئاب وحاله نفسية ربنا يستر
دعت أميرة بخوف
- ياااارب
هنا دلفت ريهام إلي المطبخ متعجبة من وجود الادهم هاتفة باستغراب ليس أقل من استغراب الأخيرة
- خير يا أبية .. رغدة حصلها حاجة
الادهم : لا ماتخافيش هيا كويسة انا طالع اوديهالها الفطار
اردفت ريهام بتردد وهي تقطع عليه الطريق أمام المطبخ
- ااا .. أبية
الادهم : نعم يا ريهام
اردفت ريهام بخشية من ردت فعله
- ممكن يعني يا أبية لو مافيهاش إزعاج انا اللي اوديلها الفطار .. انا انثي زيها .. ومابيفهمش الانثي الا انثي زيها .. وانا مقدرة موقفها لانه جربته لما ماما اتوفت الله يرحمها
هز الادهم رأسه متفهماً بحزن
- الله يرحمها
فردت أميرة متدخله بلهفة وقد خطرت إليها فكرة ما
- أبية اسمحلي انا كمان ازورها .. انا وريهام ممكن أننا نطلعها من المود السيئ دا خصيصا انك بتقول انها داخله علي اكتئاب
فردت ريهام مأكده علي حديث الاخري
- صح يا ابية .. انا وأميرة راح نخطط مع بعض ونروحلها كل اشويه لانه لما هيا راح تقعد لوحدها فترة أطول كدا الاكتئاب راح يتمكن منها
هتف الادهم وهو يعطي الطعام لشقيقته
- تمام اللي تشوفوه ... بس مش عايز اسمع أنه حد من الخدم هوب اتجاه الجناح بتاعي ولا بابا ولا أسر
ريهام : حاضر يا أبية
ثم أكد عليها الادهم قائلاً باهتمام
- ياريت لو حسيتوها مش حابه التجمع سيبوها اشويه عشان ماتتخنقش
اردفت ريهام بتفهم
- من غير ماتقول يا أبيه انا عارفه نفسي بعمل اي كويس
ثم قال بهدوء وهو ينظر إليهما واقفين بجانب بعضهما
- ياريت النهاردة بالذات ماتدخولهاش انتوا الاتنين عشان حالتها صعبة اشويه
فردت أميرة بسرعة وبلهفة للقاء صديقتها الجديدة ومواساتها
- خلاص يا أبية النهاردة يومي
فوكزتها ريهام في بطنها بسرعة هاتفة وهي تجحر للاخيرة التي جحرت إليها أيضاً معلنة بنظراتها الغاضبة علي عدم مراضاتها بالحكم
- تمام يا أبية انا راح اطلعلها الفطار زي زمان وأحاول اتكلم معاها اشويه وبس أحسها مستعدة انها تشوف حد وتخرج من الجو الكئيب دا راح اخلي أميرة كمان دخل معايا واعرفها عليها
هتفت جملتها الاخير وهي تنظر لاميرة بطرف عينيها مما أثار استفزاز الأخري .
فهتف الادهم بامتنان
- تمام .. يلا اروح الشركة انا بقا
فردتا ريهام و أميرة بصوت واحد
- لا اله الا الله يا ابية
فرد الادهم هو يتجهه للخارج
- محمد رسول الله
_______________★ " لا حول ولا قوه الا بالله العلي العظيم"
هنا في غرفة الادهم
كانت جالسة بداخل حوض الاستحمام يعلوها صنبور المياة ، تتبعه قطرات المياة المتدفقة بهدوء كهطول الأمطار ، تضم قدميها إلي صدرها ، شاردة أمامها في اللاشئ ، دموعها متحجرة ، عقلها يعصيها ويأبي أن يستوعب فراق أبيها الغالي ، قلبها الحاني يشتاق إلي عناق ابوي حنون تفرغ به جميع ما قاسته الأيام الماضية ، لسانها معصوم وكأنه يعبر عن حزنه بعدم تأديته لمهمته الرسمية ،
مر بها الوقت لا تعلم كيف مر !
او كم مر !
او فيما مر !
كأنها مغيبة عن الوعي ،
قاطعها طرقات خفيفة علي باب المرحاض يتبعها صوت أُنوثي هادئ .
اردفت ريهام بقلق بان في نبرتها
- رغدة .. انتي كويسه
ثم تبعتها بعدة طرقات خفيفة
ريهام : طب ردي عليا طيب طمنيني
طرقات مرت أخري
ريهام : طب ممكن ادخل اساعدك مثلاً
طرقات قبل العزم ولكنها لم تجد رد فقررت الدخول
ريهام : رغدة .. مالك قاعدة كدا تحت المية بهدومك .. كدا تاخدي برد يا حبيبتي
اقتربت منها وساعدتها علي الوقوف دون أي مقاومة من الأخري .
اردفت ريهام بحنان متسائلة
- اساعدك تقلعي هدومك
لم تجد منها رد ، فبدأت في إزالة ملابسها الخارجية شيئاً في شئ وهي تتحدث معها بحنان لعلها توقظها بعض الشئ .
ريهام : رغدة حبيبتي انا راح اقلعك الهدوم اللي من فوق وانتي تقلعي الباقي .. عاوزاكي بس تحاولي تفكي وتطلعي من اللي انتي فيه ابكي يا رغدة صوتي ما تكتميش جواكي يا حبيبتي انتي كدا بتستسلمي للاكتئاب .. انتي اقوي من كدا بكتير ..
انتهت ريهام من مهمتها في ازاله الملابس الخارجية ثم توقفت ونظرت إلي عينيها قليلاً وهي تحتضن كفها بحنان .
ريهام : انزلي تحت المية واتوضي براحة واغتسلي يا رغدة .. صدقيني لما راح تغتسلي راح تحسي براحة كبيرة جدااا ... وبعد كدا اتنشفي والبسي هدومك واطلعي صلي .. لما راح تصلي أنا واثقة أنه ربنا راح يفك العصمة اللي عليكي دي وتبكي اشويه وتخرجي من اللي انتي فيه
نظرت إليها قليلاً ثم وضعت يدها علي وجنتها قائلة بحنان
- اتفقنا يا رغدة
نظرت إليها رغدة وقلبها قد اتطمئن قليلاً بحديثها فهزت رأسها ب " موافقة " ببطئ ، تبسمت ريهام وقبلتها من جبينها وتركتها وخرجت تنتظرها في الغرفة ، بينما رغدة بالداخل أخذت بنصيحة الأخري ، فلا مأوي ولا ملجأ لها غير الله ..
- تابع الفصل التالي عبر الرابط: "رواية خاطفي بقلم شهد حسوب" اضغط على أسم الرواية