رواية ثائر البارت الرابع بقلم هنا سامح
رواية ثائر الفصل الرابع
- متأكدة من قرارك؟
- أه متأكدة، طلقني.
- إنتِ طالق بالتلاتة، لمي هدومك وورقتك هتوصلك على بيت عمك.
- تمام.
قالتها جميلة وهي تحبس دموعها داخلها، ودلفت بسرعة لغرفتها وأغلقت الباب وجلست خلفه على الأرضية، وبدأت بالبكاء على ما حدث لها كل تلك الأيام، قررت غلق الصفحة والبدأ من جديد، دون تدخل من أحد، إذا كان غيره أو حتى هو.
وقفت ولملمت شتات نفسها بصعوبة، وهي تشعر بالضياع وعدم قدرتها على الصمود، وتخطي الأمر ونسيانه، لكن لم يعد لها أي شيء هُنا، وجودها خطأ.
أجبرت نفسها على استعادة وعيها لدقائق أو لساعات، وأحضرت حقيبتها ووضعت بها ملابسها وجميع متعلقاتها، واتجهت للباب وفتحته وجدته يجلس على الأريكة واضعًا رأسه بين يديه، تجاهلته وذهبت لاتجاه الباب لكن اعترض طريقها صوته يقول وهو يقف:
- استني هوصلك.
نظرت له وابتسمت بحزن ممزوج بالسخرية وأجابت باعتراض:
- لأ متشكرة.
أخذ مفاتيحه وقال بسخرية:
- يا ستي ده شغلي، ما أخرتي إيه يعني؟ سواق.
أصبح أمامها وقال بإرهاق:
- تعالي.
ثم تركها وذهب، ف نظرت لأثره بشرود، ثم حركت رأسها بنفي وقالت بصوت منخفض:
- وفيها إيه لما تكون سواق؟ أنا كنت مستعدة أعيش معاك في أوضة بس مقابلها بس إنك تحبني وتبادلني مشاعري، بس انتَ اللي اخترت، إنتَ اللي اخترت.
مسحت دمعة هبطت منها أثناء حديثها دون وعي وتلقائية شديدة، ثم أمسكت بحقيبتها وسحبتها خلفها وأغلقت الباب وهبطت له.
عند وصولها للسيارة، كان يجلس بداخلها، ف فتحت الباب الخلفي وجلست بالمقعد وكان ينظر لها من المرآة.
زفرت بإرهاق وهي ترجع رأسها للخلف وتغمض عينيها، متجاهلاه.
نظر لها بضيق ثم أدار محركه، وقاد سيارته في طريقهم لمنزل عمها.
وصلوا بعد دقائق، أدار رأسه ناحيتها وجدها نائمة، ف ضرب بيده على المقعد أمامها برفق قليل؛ حتى تصحو، استيقظت بعدها وهي تمسح عينيها وقالت:
- وصلنا؟
- أه.
فتحت حقيبتها الصغيرة، وأخرجت نقود، ومدت يدها له، الذي نظر لها بإستغراب ثم وضع قناع البرود على ملامحه وقال:
- مش أوي كده، إنزلي.
ما زالت على وضعيتها، باسطة يديها أمامه، وقالت:
- ده حقك امسك.
اعتدل في جلسته وأدار جسده الأمام وقال:
- ورقتك هتوصلك، وفلوسك خليهالك.
امتعض وجهها وقالت بضيق:
- بقولك ده حقك!
صرخ بها بغضب، وقد نفذ صبره، بالإضافة لتخبط مشاعره، وتغيرها اتجاهها:
- انزلي بقولك.
أدمعت عينيها من صرخاته، ف فتحت الباب ونزلت بسرعة وخلفها حقيبتها، بينما أدار هو محركه ورجع لمنزلهم، لمنزله.
******************
- جاي ياللي بتخبط.
قالها عم جميلة وهو يتجه لفتح الباب للطارق، استغرب هو وضم حاجبيه بتساؤل وهو يراها أمامه.
لم تطل دهشته كثيرًا وهو يستمعها تقول:
- إزيك يا عمي.
فتح لها الباب ووقف بعيدًا وقال:
- جميلة! اتفضلي يا بنتي.
دلفت هي لكن لفت نظره الحقيبة التي لم يكن يراها بعد ف قال بذهول:
- إيه الشنطة ديه؟ وفين جوزك؟
ابتسمت بسخرية وهو يردف بـ (جوزك) لكن قالت بإرهاق:
- ممكن يا عمي أدخل جوة، ونبقى نتكلم واقولك كل حاجة بعدين؟
زاد فضوله أكثر، وكاد أن يلح عليها بالإجابة لكنه نظر لوضعها ولوجهها الغريب البادي عليه الإرهاق، ف تراجع وقال:
- خشي يا جميلة، مش مشكلة نتكلم دلوقت.
همست له بإبتسامة وهي تدلف للداخل:
- شكرًا يا عمو.
جلست على فراشها فور دلوفها للغرفة وإلقاء حقيبتها، مددت جسدها ثم قالت وهي تمسح على وجهها:
- يا رب.
******************
على الجانب الآخر بمنزل ثائر.
بمجرد أن دلف للمنزل، ألقى نفسه على الأريكة ولم يتحرك حتى الآن، فتح أزرار قميصه العلوية، وفتح التلفاز فقط أي شيء يُحدث صوت أو ضوضاء حتى لا يشعر بالوحدة مثل قبل، ويعود كل شيء ك سابقه.
ظل على هذا الوضع منذ أن رجع، استمع لصوت جرس الباب، ف تجاهله في البداية، ربما يذهب الطارق، لكن على العكس ازداد الطرق ف اضطر للفتح.
- مِنه؟
اقتربت منه مِنه بإبتسامة وقالت:
- أهلًا حبيبي.
تركها وذهب جلس على الأريكة وقال:
- أهلًا يا مِنه.
نظرت هي حولها بإستغراب ثم قالت:
- هي مش هِنا؟
رفع رأسه ولم يجيب ف قالت:
- جميلة يا ثائر؟
- روحتها.
عقدت حاجبيها وقالت:
- روحتها إيه؟ وفين؟
أشار بيده وقال بضيق:
- طلقتها يا مِنه، وهي عندكوا، طلقتها.
شهقت بفزع ثم قالت:
- طلقتها؟ طلقتها ليه يا ثائر؟ طب والفلوس والورث و
قاطعها بصراخ:
- طلقتها وده اللي عندي، كنت غبي لما سمعت كلامك، لو عاجبك ماشي مش عاجبك خدي بعضك وامشي، مش فايق لتفاهاتك أنا.
أشارت لنفسها بدموع وقالت بهمس:
- أنا تافهة يا ثائر؟
حرك رأسه الناحية الأخرى وقال بضيق:
- زفت، إنتِ زفت، امشي بقى.
نظرت له ثم جرت بسرعة وتركت الباب مفتوح وهي تضع يدها على شفتيها تكتم بكاءها.
بينما زفر هو وزمجر بغضب وهو يلقي الكوب الزجاجي:
- غبي غبي.
******************
بعد مرور أسبوعين
- كانت قد رتبت جميلة بعد الجمل المختصرة، تقولها لعمها بخصوص انفصالها عن زوجها، لا تنكر أنها شعرت بضيقه الشديد منها وخصوصًا أنهم لم يمضي على زواجهم فترة كبيرة، ومن رأيه هو ما ذا سوف يقول للناس عند تسأل عن سبب الانفصال.
- قررت في تلك الفترة القصيرة البحث عن عمل أيًا كان، حتى لو كان مؤقتًا، لن تبقى العمر كله على عاتق عمها وهو لا يُفرض عليه إطعامها وإعطائها أموال لنفسها.
- ثائر ومِنه علاقتهم جيدة، لكن في الفترة الأخيرة شعرت بتغيره اتجاهها وعدم مبادلته لمشاعرها أو محادثتها.
******************
كانت جميلة جالسة في فراشها تعبث بهاتفها وتتصفح إحدى المواقع، لفت نظرها وهي تحركه إعلان عن عمل ما، قرأته جيدًا واتضح أنه إعلان بسيط يريدون فتاة تعمل بمكتبة من الصباح حتى بعد منتصف النهار، قرأت بعض التعليقات تريد معرفة أشياء أخرى عن المكان إذا كان قريب منها أو لا.
أخذت رقم هاتف الفتاة من على صفحتها، وقامت بالاتصال منها والاستفسار، وعندما حدثتها وجدت أنها فرصة مناسبة من حيث المكان وإعطاء المال، ليس بكثير لكنه سيكفيها ومن الممكن أن يزيد ف وافقت، واتفقوا على بدأ العمل بعد يومان من اليوم.
******************
استعدت جميلة للذهاب للمكتبة اليوم، وبدأ عملها الأول، وصلت إلى هناك وبدأت بالعمل وعرفتها صاحبة المكان على كل شيء هناك، حتى تباشر عملها.
بعد فترة.
كانت تقف على مقعد صغير تحضر شيء ما من فوق المكتب الكبير، وأثناء بحثها كادت أن تقع وتزحلقت قدمها لكن أمسكها أحد ف أمسكت به وهي تغمض عينيها وما سيطر عليها الآن، أنها قد وقعت ولربما ماتت.
فتحت عينيها بقوة وقالت بفزع:
- إنتَ مين؟
ابتسم الرجل ببلاهه وقال:
- معاكِ فريد يا أستاذة.
- تابع الفصل التالي عبر الرابط: "رواية ثائر كاملة" اضغط على أسم الرواية