رواية نيرة والعابث البارت الرابع 4 بقلم زينب سمير
رواية نيرة والعابث الفصل الرابع 4
" لسـتُ ملك الكون.. لكنك ملك قلبي "
صباح اليوم التالي، كان ايان يتجه الي الشركة مستخدما دراجته النارية " الموتوسيكل " مرتديا ملابسه الشبابية التي تشعرك كأنه ذاهب الي المصيف وليس الي مكان عمل محترم، وصل اخيرا الي المقـر، صف الدراجة النارية امام المقر ودخل اليه بخطوات واثقة.. فهو يعلم داخليا ان عبث تصرفاته تلك تعمل علي ازدياد المعجبات به، وقد كان..
هناك الكثير يتتبعه بنظرته معجبا به واخرون ينظرون له مصدومين من ثقته التي تجعله يأتي الي المكان الذي فيه عروسته التي تركها منذ سبعة اشهر وقد علموا داخلهم ان هناك حربا بلا شك ستندلع في الايام القادمة
همست واحدة يسير بالقرب منها الي صديقتها:-
_دا جوز مدام نيرة اللي هرب يوم الفرح
قالت الفتاة بدهشة:-
_ولية عين يجيلها برجله؟
تدخلت اخري:-
_الحقيقة دي حركة شجاعة منه
واخري:-
_بس حقه يهرب، دي ارجل منه وقوية عنه
وعند هنا يكفي، حقا يكفي.. الي متي ستلاحقه تلك السيرة الحمقاء، الي متي سيلاحقه لقب " الهارب "
تنهد بضيق قبل ان يسرع بخطواته ويترك مكان وقفة اؤلئك الحمقاوات
واتجه الي مكان يعلم طريقه جيدًا " مكتب زوجته المصون "
***
كانت نيـرة تجلس علي مكتبها.. مرتدية نظارتها الحافظة لـ النظر مما اعطاها مظهر جدي وظريف، تعمل علي اوراق امامه بكل تركيز محاولة ان تتناسي كل ما حدث امس وخصوصا عودة ايان، ولكن هل هو يفعل؟!
فا هو الباب يُفتح وتطل رأسه منه..
زفرت بعدما تركت اوراقها هاتفة بغلظة:-
_انت عايزنا نعمل مشاكل كمان في الشغل ياايان؟
هتف ببراءة وهو يغلق الباب ويدخل لها:-
_والله ابدا دا انا جاي اشتغل
رفعت احدي حاجبيها بعدم تصديق، فأكد هو ببسمة في غاية البراءة، هتفت بضيق:-
_وانت يوم ما تيجي تشتغل ما تشتغلش غير هنا!
هتف وهو يهز كتفيه بلامبالاة:-
_حظك
اقترب منها، جلس علي طرف المكتب امامها، مال نحوها فعادت هي بظهرها الي المقعد حتي التصقت به، قال وهو يلاعب حاجبيه بمكر:-
_هنلعب مع بعض كتير في المكتب اية رأيك؟
تابع حديثه غامزا، هتفت هي بنبرة مهددة:-
_لو فكرت تقرب مني انا هفضحك سامع
مالت جانب شفتيه بسخرية:-
_هتفضحيني؟ لا متخفيش انا كدا كدا مفضوح خلقة، مبقاش في حد مش عارف اني هربان
نيـرة وهي تحاول ان تعتدل في جلستها وتبعده عن المكتب:-
_طيب ممكن تسيبني وتروح تشوف شغلك علشان محدش يتكلم
ايان بامبالاة:-
_هيتكلموا يقولوا اية؟ واحد ومراته
قالت بأستفزاز:-
_طليقته، انا هبقي طليقتك
صك علي اسنانه، تلك الفتاة تحاول ان تصيبه بجلطة بكل قوتها بالحقيقة هي وكل العائلة تحاول ان يفعل ذلك، لكنه لن يسمح لها، لذا قال وهو يحاول ان يغير مجري الحديث:-
_سيبنا من حوار الطلاق اللي بقي زي اللبانة في بوقك دا وقوليلي ازاي ياهانم يامحترمة تشتغلي من غير ما تاخدي اذني
قالت بدهشة مصطنعة:-
_وانا اخد اذنك لية
_لاني جوزك مثلا!!
قالها بأصطناع الزهول
فقالت هي وهي تهز كتفيها ببساطة بينما تجاهد لتخفي ضحكتها:-
_انا اخدت اذن انس خطيبي وهو وافق
انتفض عن المكتب صارخا:-
_نعـــم!!
ولعلو صوته تكاد تجزم ان صوته وصل الي عامل البوفية الذي يقبع بالطابق الارضي، بينما هي هنا تسكن في الخامس
اقترب منها بخطوات بطيئة، فعادت هي بالمقعد عن طريق عجلاته الي الخلف وهي تقول بحذر:-
_ايان متتهورش
لكنه لا يستمع.. اقترب واقترب حتي وصل لها، مال نحوها.. حاصرها بمقعدها بين ذراعيه الذي اسندهم علي الحائط بالخلف منها واردف بشـرر:-
_انتي عايزة تفهميني انك بستأذني من انس المهزق وكلمته بتمشي عليكي وانا لا!
لم تتحدث وهي تراقبه بقلق، بينما تابع هو بغضب يتزايد تدريجيا:-
_وعايزة تفهميني انك خرجتي معاه امبارح بما انك خطيبته وروحتي الكافية بتاعنا من ايام الطفولة.. اللي مبدخلش فيه الا معاكي ومبتدخليش فيه غير معايا؟
اؤمات بنعم بقلق وهي تبتلع ريقها الذي قارب علي الجفيان..
ايان بعصبية وهو يقرب وجهه منها فتلفح انفاسه وجهها:-
_انتي بتحرقيني يانيـرة
والعبارة زلزلتها.. اوجعتها باللذة وياله من وجع
تابع وهو يغمض عيناه ليخفي عنها تهوره والحريق الذي يحترق داخله:-
_بتوجعيني من غير ما تحسي، انتي عمرك ما وجعتيني
قالت بتألم:-
_وانت مش بتعمل حاجة غير انك بتوجعني ياايان
لم يبدو لها وكأنه استمع لها، حيث تابع:-
_كنت ناوي اعتذر واطلب السماح واذن بطلب الطلاق
ألمتها اخر كلماته وكادت تثور، الا انه لم يترك لها الفرصة حيث اكمل:-
_بس اول ما عرفت ان في غيري دخل حياتك الدنيا اسودت في وشي يانيرة، فكرة ان هيكون في حياتك حد تاني غيري جننتني، انتي بتاعتي من صغرك بتاعتي و صاحبتي انا وبس، مش من حق حد يقرب ليكي غيري، ازاي انس اتجرأ وفكر يقرب، ازاي عايزاني اقبل فكرة انه يكون خطيبك وجوزك ازاي؟
كانت كلماته تخترق قلبها اختراقا، تزلزل كيانها وتعصف به، يتحدث بنبرة لم تسمعها منه قط، يعلن اخيرا انها تهمه وتخصه، يعلن لاول مرة انها تلعب دور في حياته، ليس كما الماضي الذي كان يعاملها فيه ك هامش
لكن هل تلك الكلمات ستصفح له؟ لا والله والف لا
لذا.. ابعدت وجهها الذي يصادف وجهه ويكاد يلاصقه الي الناحية الاخري وهي تهتف بجمود لا تعرف كيف جائت به:-
_هتقبل لاني عايزة كدا.. لاني بحبه وعايزاه و...
لم تكاد تتابع حتي وجدته يضم ذراعيه حول رسغها يعصرهم بين ذراعيه بينما يصيح بعصبية مفرطة.. غريبة عليه:-
_اخرسي، سامعة اخرسي، طول ما انتي مراتي اياكي تتكلمي عن اي راجل تاني بالطريقة دي سامعة؟ ردي عليا سامعة
يغار.. وما اجمل الرجل حين يغار.. يحين يثبت رجولته بذلك الفعل لكن.. الغيرة بدون العنف تكون اجمل والطف!
ببرود العالم هتفت:-
_طلقني.. طالاما مش قادر تسمع.. طلقني، سيبني اشوف حياتي
ادفن وجهه في احضانها بطريقة مفاجأة لها.. اجفلتها، كبل يداه حولها تلك المرة يحتضنها وهي يردف بصوت مختنق:-
_حياتك معايا انا، مش هتكون غير معايا..
هذا ليس ايان ابو النصر، تكاد تقسم بذلك، ذلك المتهور القديم غير المتهور الذي امامها الان، القديم كان بارد معها.. جامد.. وجلف، يعتبرها ك هامش وك فازة لا اهمية لها، هذا الذي امامها بطريقته تلك يشعرها كأنها العالم بأثره
ومَن تصدق؟!
حاولت ان تبعده، لكنه يتشبث اكثر، هتفت بصوت مختنق حاولت جاهدة ان تتحكم فين كي لا يظهر فيه تأثرها بقربه:-
_ايان ابعد
ايان بصوت ملئ بمشاعر عاصفة:-
_مش قادر.. طالاما كنتي اماني ومأمني يانيرة، طالاما كنتي بيتي وثباتي، طلاما كنتي الركن اللي مهما الف برجعله، طالاما كنتي صديقتي واختي يانيرة
صديقتي واختي!
هي كانت ومازالت لا تحتل سوي تلك الصفتين، كادت تتنهد بخيبة، لكنه تابع تلك المرة:-
_وانهاردة اكتشفت وانا في حضنك.. انك مش الركن الثابت، انتي هي حياتي الثابتة والباقي متغير.. ميفدنيش وجوده من عدمه، انتي مش مجرد حد باهت وهامش زي ما بتقولي، انتي الشئ الزاهي والثابت الوحيد والباقي مجرد هوامش ملهاش فايدة
ترتجف؟ هي حقا تفعل، ماذا يقول هذا بحق الله، هي بالكاد تجاهد لتثبت امامه وها هو ببضع كلمات بعصف بذلك الثبات الي الجحيم
ابتلعت ريقها وقد كادت تتضعف، كادت تلين هي الاخري وتشدت من احتضانه وهي تهمس له بكلمات اقوي واعنف تبث فيها مشاعره لها
لكن.. الباب الذي انفتح فجأة قطع عليهم تلك اللحظات النادرة.. حيث دخل انس وعلي وجهه بسمته الهادئة والتي سرعان ما اختفت وهي ينظر الي ذلك المشهد بزهول تـــام وصدمة
- تابع الفصل التالي عبر الرابط: "رواية نيرة والعابث" اضغط على أسم الرواية