رواية ثائر البارت السابع بقلم هنا سامح
رواية ثائر الفصل السابع
- جميلة أنا عايز أقولك حاجة؟
- نعم يا أستاذ فريد؟
- جميلة أنا بحبك.
- بس بس بس ما ينفعش.
- ما ينفعش ليه؟ إيه اللي يمنع! ما تقوليش إنك لحد دلوقت مش حاسه بمشاعري ولا طريقتي معاكِ؟ أنا طريقتي معاكِ مميزة وغير، وغير أي بنت بعاملها.
ضمت جميلة يدها بتوتر ثم بلعت ريقها بحزن وقالت:
- بس حضرتك ما تعرفش عني حاجة؟ هترتبط بواحدة ما تعرفهاش إزاي؟
حرك رأسه بنفي وأجاب:
- لأ أنا أعرف عنك كل حاجة، واللي أعرفه يكفيني وكفاية إني اتعاملت معاكِ وشوفت طريقتك.
- بس إنتَ عارف اللي أنا عايز أعرفهولك، يعني في حاجات أنا ما قولتهاش، ف أكيد إنتَ ما تعرفهاش، أنا أسفة بس أنا مش موافقة.
كادت أن تذهب ف وقف أمامها ومنعها بيده بتحذير وقال:
- أنا بتكلم معاكِ وبحترمك ف واجب عليكِ تحترميني وما تمشيش وانا بكلمك.
تعجبت كيف قلب الوضع عليها، وأصبحت هي المخطئة في الموضوع ف قالت بتوتر مذهول:
- ما كانش قصدي أنا أسفة.
- ما حصلش حاجة.
أغمضت عينيها ثم فتحتها وقالت:
- أنا مطلقة، دي حاجة أظن إنك ما تعرفهاش.
انصدم فريد مما قالته ف صمت، بينما نظرت هي له بضيق من صمته وقالت:
- أنا طالعة.
ذهبت من أمامه، بينما نظر هو في أثرها بحيرة وحدث نفسه:
- أنا مش فارق معايا مطلقة ولا لأ، بس انصدمت ودي حاجة عادية! هي فهمت إيه؟ بس بس مطلقة؟ دي صغيرة لسه! شوية وهطلعلها.
أثناء تفكيره دلف إليه طالب شاب وقال:
- عايز المذكرة بتاع أستاذ (…) يا عم فريد.
ابتسم له ثم ذهب لجلب طلبه:
- طيب يا احمد، ثوانِ أجيبهالك.
******************
صعدت جميلة للمنزله، ما زالت تمكث بمنزله حتى الآن، قد مضى أسبوع واحد على وجودها، لكنها لن تبقى أكثر من ذلك، دلفت لغرفتها وحمدت ربها أن والدته لم تكن تجلس ورأتها، بدأت بوضع ثيابها بحقيبتها، ولامت ذاتها على بقائها حتى هذه اللحظة هُنا، كان يجب عليها أن تذهب منذ لحظة اعتراف والدته بحب فريد لها.
جلست على الفراش وضغطت على شفتيها تكبح دموعها، وهي تتذكر صمته وعدم إصراره على طلبه، لعنت ثائر وما حدث لها بسببه، ثم أغمضت عينيها بإرهاق.
Flash Back…
- تعالي يا جميلة أقولك.
قالتها والدة فريد لجميلة التي في المطبخ.
ف أجابت عليها جميلة من الداخل:
- ثانية يا طنط، دقيقة.
- يا بنتي تعالي بس وسيبي المواعين ديه!
- طيب جاية جاية.
انتهت من جلي الصحون بسرعة، مسحت يديها جيدًا، ثم ذهبت وجلست أمامها بابتسامة وقالت:
- نعم يا طنط؟
لم تحاول السيدة المراوغة وتذويق كلماتها وهي تقول:
- فريد يا جميلة؟
توترت جميلة هي جلستها وهي تجيب بتعلثم:
- ماله؟ احم هو فيه حاجة؟
ابتسمت عائشة على توترها وتعلثمها الواضح ف أجابت:
- لأ هو كويس الحمد لله ما فيهوش حاجة، بس يعني هاسألك على شوية حاجات؟
ضغطت على شفتيها وقالت:
- اسألي ماشي.
ابتسمت عائشة بمكر وقالت:
- حاساه فيه حاجة من ناحيتك كده.
شهقت بصوت خفيض وتوردت وجنتيها وتعلثمت:
- حاجة حاجة إيه يا طنط؟ لا لا هو أكيد فيه حاجة غلط، ما ما هو ما ينفعش برضو.
ضيقت عينيها بتساؤل:
- هو إيه اللي ما ينفعش؟
- لأ هو مش ما ينفعش! قصدي ليه يعني؟ هو قال حاجة؟
- لأ هو ما قالش بس أنا حاسه، قلب الأم بقى، بكرا لما تخلفي وتشيلي ابنك كده ويكبر هتكوني فاهماه أكتر ما هو فاهم نفسه.
أيدتها جميلة بتوتر وتلقائية:
- أه أه.
- بس إنتِ مش حاسه؟ يعني مش حباه؟
أغمضت عينيها بتوتر وخجل وقالت في نفسها:
- يا ربي على الورطة اللي الواحد فيها، أنا أعمل واقول إيه دلوقت؟
نظرت لعائشة المنتظرة إجابتها وقالت:
- مش مش عارفة الصراحة، أنا عايزة أنام؟ قصدي حضرتك خدتي الدوا؟
شعرت عائشة بحرجها، ف قررت تركها والحديث معها لاحقًا ف قالت:
- طب هاتي الدوا ونامي يلا.
وقفت بسرعة وقالت:
- حاضر حاضر، قايمة أهو.
وكانت قد ذهبت من أمامها في لمح البصر.
Back.
- إنتِ اللي غبية إنتِ اللي غبية.
قالتها ببكاء وهي تضرب على وجهها بقليل من القوة، لا تعرف ما عليها فعله وإلى أين تذهب؟ ليس لديها مكان تذهب إليه وتأوى به غير هُنا وبمنزل عمها؟ هل ستذهب إلى هناك ويطردوها كما حدث من قبل؟
تذكرت فجأة أموال والدها، والتي تعرف وتثق جيدًا أن كل ما قاله عمها ما هو إلا كذبة يلفقها لوالدها حتى يأخذ أمواله، طوال عمره يغار منه وعلاقتهم ليست عادية.
حسمت أمرها وعزمت على الذهاب لعمها، وأخذ أموالها وثمن عمل والدها، وإن لم يوافق ف ستأخذها بالغصب.
حملت حقيبتها وفتحت باب غرفتها ولكن وجدت عائشة أمامها والتي كانت تنظر لها بإستغراب وقالت:
- راحة فين يا جميلة؟
ابتسمت لها بإرهاق وقالت:
- هامشي يا طنط، هارجع على بيت عمي.
استنكرت عائشة حديثها ف قالت:
- اللي طردك يا جميلة؟
رأت في عينها الحزن ف تراجعت بأسف وقالت:
- أنا أسفة ما اقصدش، هو
قاطعتها جميلة بسرعة وقالت:
- ما تتأسفيش يا طنط حضرتك معاكِ حق برضو، بس هاعمل إيه؟ هاخد من فلوس بابا الله يرحمه وهاشوف شقة.
- طب واحنا قصرنا معاكِ في حاجة يا بنتي؟
شعرت بالشفقة اتجاه نفسها، وهي تتذكر فريد وصمته ومن قبلها معاملته ف قالت:
- لأ ما قصرتوش، بس أنا مش هينفع أفضل هِنا أكتر من كده، وأستاذ فريد يفضل برا بيته وما يدخلوش، ما ينفعش كده
صمتت ثم أكملت بابتسامة:
- وبعدين هبقى أجي أزورك يا جميلة إنتَ ما تقلقش.
ابتسمت لها عائشة وقالت:
- إنتِ عارفة إن فريد مش مضايق من وجودك
صمتت ثم أكملت بخبث:
- ده حتى يمكن يكون مبسوط وأوي كمان.
هربت بعينيها وهي تقول:
- معلش بقى يا طنط مش هينفع والله، وهابقى أجي أزوك بإذن الله، يلا بقى أما أسلم عليكِ وامشي.
اقتربت منها وضمتها وابتعدت عنها بعدها، واتجهت للباب وفتحته، ثم أشارت لها بيدها تودعها ف ابتسمت لها عائشة بتوتر، وبعدها ذهبت جميلة.
- البت دي أنا خايفة عليها، أنا هاكلم فريد.
******************
على الجانب الآخر البعيد
كانت تتحدث مِنه مع ثائر، وبالهاتف الآخر تتحدث مع آسر الذي أحضره لها ك هدية عندما أخذها وساروا سويًا وأخذها مطعم فاخر لم تذهب إليه ولم ترى في روعته مطلقًا.
- إنتَ هتخرجني إمتى بقى يا آسر؟ بصراحة عايزة أشوفك تاني ونخرج كمان مرة وتفسحني.
ضحك آسر على الجهة الأخرى وقال:
- يعني عايزة تخرجي ولا عايزة تشوفيني؟ ما انا لازم أكون عارف برضو.
ضحكت مِنه وقالت بمرح:
- لأ ما هو الاتنين، بس الأكتر إني أشوفك، الصراحة وحشتني أوي.
ابتسم آسر بخبث وقال:
- أها وانتِ وحشتيني كمان، البرنسيسة تحب تخرج النهارده ولا نخليها بكرا.
قفزت على فراشها بحماس وقالت:
- النهارده طبعًا بقولك عايزة أشوفك!
نظر في ساعته وقال:
- تمام يا قمر، على ما تخشي تلبسي وابقى استنيني في الحته اللي اتقابلنا فيها المرة اللي فاتت، ها فاكراها؟
ضحكت بحماس وقالت:
- فاكراها طبعًا، فاكراها، كانت أحلى صدفة، يلا باي.
- باي يا روحي.
أغلق معها الهاتف وضحك بسخرية:
- صدفة؟ صدفة إيه يا أم صدفة! ده أنا بدبر للحاجة من قبل ما تحصل، وكله على مزاج الآسر.
******************
استمعت مِنه لصوت شجار وأصوات خارج غرفتها ف زفرت بغيظ وهي تذهب:
- أوف بقى هو كل يوم خناق ما بيبطلوش! عكرتوا مزاجي.
وقفت بصدمة عندما رأت جميلة أمامها وتقف أمام والدها، ويتحدثون أو يتشاجرون بصوت عالي.
امتعض وجهها ووقفت أمام والدها وقالت لجميلة:
- في إيه؟
نظرت لها جميلة بإستحقار وقالت:
- إيه اللي في إيه؟ وسعي من وشي.
أشارت لها بيدها بغيظ وأردفت:
- مالِك داخلة طايحة فينا كده ليه! ما تهدي كده، راجعة ليه يا جميلة؟
اقتربت منها جميلة وقالت بهمس يُسمع:
- سلميلي على ثائر بيه، أصله وحشني.
فلتت منها شهقة منصدمة، لكن صرخت تداري به خوفها:
- في إيه يا جميلة بتقولي إيه؟ وبقولك لتاني مرة عايزة إيه؟
ربطت جميلة على كتفها وقالت:
- ولتاني مرة أنا اللي بقولك وسعي من وشي، وإلا؟
أشاحت مِنه بيدها وقالت بتحدي:
- وإلا إيه؟ مش متحركة من مكاني.
- يبقى أحركك أنا بقى.
قالتها وهي تزيحها بقسوة، وقعت مِنه على الأرض أسفلها، وتنظر هي لها من فوقها بشماتة وتقول:
- ما كان من الأول، لازم المعاملة الوحشة دي!
وقفت مِنه بغضب وصرخت بغل وهي تقترب منها:
- هاموتك يا جميلة!
أمسكت بها جميلة بغل هي الأخرى:
- ده اللي هاموتك، تعاليلي.
أمسكوا الاثنين ببعضهم، وبدأوا بالضرب، ولكن كانت الأقوى هُنا جميلة التي أمسكت مِنه تفرغ الشحنة الغاضبة التي بها، كانت مستعدة لأي شجار، على عكس الأخيرة التي ظنت أنها ربما أن تتفوق عليها.
صرخ عن جميلة بخوف على ابنته:
- سيبيها يا جميلة يا بنتي حقك عليا أنا، فلوسك وهديهالك أنا والله، يا لهوي يا ام مِنه كان لازم تروحي السوق يا ولية الله يحرقك.
هبط لمستواهم، وحاول الفصال بينهم، وابنته تصرخ باستجاد وهو لا يعرف ماذا يفعل؟
جميلة بصوت عالي وغل:
- والله ما انا سايباكِ يا مِنه الكلب، بقى أنا تضحكِ عليا من أول الزبالة اللي اسمه ثائر لحد الفلوس بتاعت أبويا، فكرك مش عارفة دبستيني في الحيوان ليه؟ ما هو من الفلوس يا كلبة.
ثم أمسكت يدها وبدأت بعضها بقوة، ومِنه تصرخ:
- يا بابا ابعدها عني، يا بابا هاموت.
ثم بدأت بالبكاء.
بعد وقت قصير وقفت جميلة ونفصت ملابسها بغرور ونظرت لعمها المصدوم وقالت:
- اطلع بالفلوس يا عمي، بدل والله لاقتلك البت اللي حيلتك.
ثم أكملت بجدية:
- عمي بكلمك بأمانة، الفلوس لو ما طلعت لاروح للبوليس.
- هتسجني عمك يا جميلة؟
ضغطت على شفتيها وقالت:
- الفلوس يا عمي.
- هاجيبهم.
دلف وبعد وقت أحضر الأموال وقال:
- ما اشوفش وشك تاني هِنا.
ابتسمت بألم وقالت:
- أوعدك بده.
ثم ذهبت بعد أن وضعت الأموال بحقيبتها.
******************
- بقى كده يا أمي تسيبيها تمشي.
قالها فريد بضيق بعد أن عاد من المكتبة واتصلت به والدته.
- يا حبيبي هي أصرت!
- أنا رايح أشوفها عند عمها.
- روح يا حبيبي، ربنا معاك.
******************
كانت تسير جميلة ببكاء، ولا ترى ما حولها، استردت جزء من حقها ليس كاملًا لكن جزء وأرضاها.
نظرت الطريق بتشوش، ولكثرة السيارات، ما زالت تعاني من الخوف منهم، أن تدعسها سيارة كما فعلت بوالديها، انتفض جسدها وهي تعبر الطريق الذي ذهبت منه السيارات قليلًا.
سارت بسرعة أشبه بالركض، لكن حدث ما خافت منه ووجدت سيارة فجأة أمامها وشعرت بجسدها فجأة ملقى على الأرض والأناس حولها.
وجدت صوت تألفه جيدًا يأتي من بعيد، والناس تبتعد رويدًا رويدًا ويظهر الشخص فجأة وهو ينظر لها بدموع، ف همست بصدمة وهي تغلق عينيها:
- ثائر!
- تابع الفصل التالي عبر الرابط: "رواية ثائر كاملة" اضغط على أسم الرواية