رواية توليب الفصل الثالث عشر بقلم سلمي سعيد
رواية توليب الفصل الثالث عشر
صدمة احتلت كل من آسر و توليب بينما ماهر يقف بثبات وهيبه وكانه لم يفعل شئ..
أكمل ماهر حديثة دون أن يعر صدمه أسر اهتمام ، أشار باتجاه توليب وتحدث قائلا:
_ توليب حبيبتي تعالي يا روحي
اجتمعت جميع الأعين على توليب ،وبدأت الهمسات بين النساء عليها ، ترى من تكون ومن أي عائلة ومتى استطاعت أن توقع بأمير عائله البارون بعشقها ليتزوجها بعد شهر من عودته للوطن ، أم أنها كانت معه بخارج البلاد..الكثير والكثير من الحديث والاسئله بعقل هؤلاء النسوة حول توليب
بينما توليب كانت تناظر ماهر وهي لا تستوعب حديثة ، عن أي زواج يتحدث هل ما سمعته حقيقة ام أنها تتوهم تعالت دقات قلبها ، لتنتقل بعيناها لأسر ترى تأثير تلك الكلمات من دهشة او غضب عليه ، لكن وجدته يقف بغرور كعادته ولا يظهر على معالمه أي اعتراض على حديث ماهر..قطعت أنفاسها وأصبح قلبها يدوي مثل الرعد ، هل أسر يعلم هل هو يعلم بهذا الحديث نفت بداخلها سريعا ولكن كان لقلبها رأي آخر ليتحدث يخبرها ان أسر بالتأكيد يعلم ولذلك طلب أن يهبطا معا
بخطوات مرتعشة نهضت ذاهبة لماهر ،مد ماهر يده لها لتتمسك بها وعيناها لا نفارق أسر الذي كان بنظر لها بجمود..وقفت بجانب ماهر وهي مخبأ عيناها بالأرض بخجل وارتباك من كل هذا الحضور
تحدث ماهر وهو رافعا رأسه بهيبة :
_ اقدم لكم توليب فريد الشافعي بنت صديق عمري..والزوجة المستقبلية ل اسر البارون..ابني
أسر..يقف بجمود بينما بداخله نار اذا اطلق سراحها ستحرق الأخضر واليابس وستحرق اول شئ ، تلك الوردة الحمراء الفاتنة
" توليب "
بدقائق معدودة ومازال الجميع يتهامس علي توليب ، النساء يتهامسون بغيرة وحقد ، وكم تلك الفتاة محظوظة و ستتزوج من اكبر عائلات مصر وليس اي حد بل أسر البارون بنفسه خاطف قلوب النساء ، بينما الرجال يطالعونها بإعجاب شديد حاسدين أسر علي تلك الزيجة وبتلك الفتاة الاكثر من فاتنة
لا تعلم توليب كيف ومتى أصبحت جالسه بجانب ماهر علي تلك الطاوله الكبيرة المزينه بشكل مبهر بجميع انواع الازهار.
جلس ماهر وبجانبه المأذون وبجانبه أسر وبدون اي حديث او حتي اي تسأل من توليب او أسر كان ماهر يعقد قرانهم بينما الاثنان في حالة من الصدمة ولكن كل منهم يفكر بشكل مختلف كل الاختلاف عن الآخر
بعد عدة دقائق آخرة كان المأذون ينزع المنديل الأبيض من فوق يد أسر وماهر المتشابكة مردفا جملته الشهيرة :
_ بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير
علا صوت التصفيق من الحضور بينما توليب جالسه وخافضة رأسها وصدرها يعلو ويهبط ، لا صدق ما حدث هل هذا حقيقة هل هي الآن زوجة أسر بحق ام كل هذا كانت تحلم و ستستيقظ الآن كان جسدها يرتعش بقوة وانفاسها غير منتظمة تشعر بالسعادة و الدهشة والخجل جميعهم متناغمين معا بداخلها ، نهض أسر ليأخذه ماهر بالاحضان ويهنئه بينما الآخر ما زالت ملامحه جامدة...ابتعد عن والدة دون النطق بكلمة...ذهابا لتوليب التي تخفض راسها بخجل وتفرك يدها بقوة ، مد يده ليلتقط يدها لترفع توليب عيناها سريعا تنظر له ولكن زادت حيرتها وهي تراه مازال بملامح جامدة لا تظهر شئ ، نهضت توليب ليحتضن أسر خصرها بصمت بينما هي شعرت انها تموت من السعادة والخجل يغذون وجهها
اقترب منها ماهر متحدثا بحنان وحب:
_ الف مبروك يا روح بابا
لترد بخجل وحيرة ايضا :
_ الله يبارك فيك يا بابا
جاء ليحتضنها ولكن اسر كان أسرع ليجذبها له أكثر حتى لا يستطيع والده احتضانها
تعجبت توليب من فعلت أسر ، نظر ماهر لابنه ليجده ينظر له بهدوء عكس ذلك البركان بداخله..فهم هو نظرات ابنه جيدا وعلم أن تلك الليلة لن تمر مرور الكرام
تهافت المدعون على توليب وأسر ليهانئوهم ..انكمشت توليب بحضن أسر ارتباكا من كل هذا الحشد الكبير كانت تنتظر ان يهدئها ويسمعها كلماته المطمئنة كالعادة ولكن كانت المفاجأة أنه لم يفعل شئ ، فقط كان يصافح يد اي احد حاول أن يصافحها فقط
كانت الأجواء بين ماهر وأسر وتوليب متوترة للغاية بالحفل بالرغم من نجاحهم من عدم إظهار أي شئ أمام الحضور الا ان النظرات كانت تقول الكثير وخصوصا أسر وماهر بينما توليب كانت تقف بجانب أسر تبتسم بارتباك وبداخلها حائرة لا تفهم شئ
حل المساء وانتهت الحفل….
كانت توليب تقف بمنتصف البهو وهي لا تعلم ماذا تفعل هي الآن زوجة أسر ،كيف ولما كانت تقف منتظرة أسر لتسأله ولكن..
دلف أسر للداخل كالاعصار والنيران تشتعل في عينيه البنيه ، وجد توليب تقف بالبهو وكادت تتحدث معه لكن لم يعرها اهتمام وأكمل طريقة ذهبا لمكتب والده
دلف للمكتب كالبرق مغلقا الباب خلفه بقوة جعلت توليب تنتفض فزعا
ضرب أسر بكفيه علي المكتب متحدثا بغضب عارم :
_ اللي حصل دا اسميه ايه يا ماهر باشا
انتفض ماهر من جلسته متحدثا بغضب هو الآخر:
_ اسر انت اتجننت ولا ايه
أسر بغضب وصوت عالي :
_ ايوا اتجننت هو بعد اللي انت عملته دا بقا فيا دماغ..انت ازاي تعمل كده اصلا
ماهر بغضب :
_ احترم نفسك يا ولد وصوتك ميعلاش انت واقف قدام ابوك ، وبعدين انا عملت ايه يعني
أسر بغضب:
_ لا معملتش حاجة دا يدوب بس خلتني اتجوز غصبن عني ولا كأني راجل وليا كلمه ، بس انا عارف انت عملت دا كله ليه ، انت عايزني افضل عايش هنا ومرجعش لندن مش كدا
ماهر بصوت صارم :
_ أسر لآخر مرة بقولك صوتك ميعلاش ، وبعدين ايه اللي حصل يعني انت ليه محسسني اني مجوزك وحدة من الشارع ، انا مجوزك توليب يعني اغلى حاجة عندي والف راجل يتمناها بس انا اخترتك انت خصوصا بعد ما شوفت اهتمامك بيها ، وعلى فكره انا لو عايزك تفضل في مصر مش محتاج اعمل كدا
_ اهتمامي اللي انت بتقول عليه دا انت الي طلبته مني ، قولتلي ساعدها يا اسر دي بتخاف من ظلها وانا قولت حاضر يا بابا هساعدها ، تروح انت رايح مجوزهالي
ماهر بصرامة وهيبه :
_ توليب هي الزوجة الي تصلح ليك يا اسر انت بس متعصب بسبب انِ حطيتك قدام الامر الواقع
أسر بغضب مجنون :
_ أمر واقع هو انا عيل صغير عشان تحطني قدام الامر الواقع ، لولا اني عامل حساب الصحافة الي موجودة في كل حته انا كنت مشيت وسبت الدنيا كلها تولع ، وبعدين مش حضرتك اللي هتقرر من هي الزوجة الي تصلحلي المفروض ان دا يبقى اختياري انا لانها هتبقي مراتي انا والمفروض اكون بحبها..
أخرج ماهر الجهاز اللوحي من الدراج ليضعة أمام أسر وهو مضئ بصور تلك القبله التي قبلها أسر لتوليب بأسوان ، تحدث ماهر بصرامة :
_ وانا جوزتك اللي بتحبها ، تقدر تقولي الصور دي ايه ، اقولك انا يا اسر اهتمامك بتوليب وقرارك انك تاخدها معاك أسوان وخرجتكم سوا حتي نظراتك ليها وطريقة كلامك واخيرا الصور دي...كل دا يثبت انك بتحب توليب لا دا انت بتعشقها مش بتحبها بس
أكمل حديثه بنبرة هادئة :
_ اسر انت بتحب توليب وهي كمان بتحبك ليه بقى كل اللي انت بتعمله دا
كان الغضب مسيطر عليه بالكامل ليتحدث بدون وعي وغضب:
_ انا مش بحبها وعمري ما هحب توليب مش عشان بشفق عليها يبقى اسمي بحبها لا انا مش بحبها انا بس بحاول اسعادها زي ما بساعد اي حد غريب معرفوش ، انا بعمل كدا عشان اخفف عنها رمي أمها ليها في الشارع ، يعني كل دا شفقة مش اكثر ، وكمان توليب عمرها ما كانت مناسبه ليا و عمرها ما هتكون مراتي انا عمري ما احب ان مراتي تكون جبانة وخوافه كدا ، ومش معنى أن انا بوستها ابقا اتجوزها ما انا ياما عرفت ستات من الشارع ودخلت معاهم كمان في علاقات كامله ، على كده بقى كنت جبتلك اي وحدة منهم واقلك دي مراتي مش كدا.
مع نهاية حديثة وجد صفعة عنيفة تهبط علي وجهه من ماهر ، نظر له ماهر وتحدث غضب:
_ انت حيوان ومش متربي
ساد الصمت قليلا وأسر فقط ينظر لوالده بوجه خالي من التعابير بينما ماهر يتنفس بغضب و يطالعه بنظرات حارقة
تحدث أسر بجمود وحدة:
_ إن هطلقها مستحيل تفضل على ذمتي
ضرب ماهر المكتب بيده وتحدث بصرامة وغضب :
_ دا مش مش هيحصل يا ابن البارون ، ولو حصل يبقى انت لا ابني ولا اعرفك وهتبراء منك ليوم الدين يا اسر
كانت نظراتهم ، متحديه ، قوية ، شرسة ،عنيفة ، الاب والابن نفس الشخصيه بل ونفس العند
استدار أسر بغضب متجه للباب ولكن اوقفة حديث ماهر الصارم :
_ اعمل حسابك يا اسر انت هتتحاسب علي كل كلمه قولتها دلوقتى وبكرة تقول ماهر البارون قال بس انا مسمعتش منه..
اغمض عيناه وصك على أسنانه بغضب يلجمه بقوة، فتح باب المكتب وهم بالخروج ولكن..تصنم مكانه وهو يرى توليب واقفه أمامه ويبدو أنها استمعت لكل شئ
كانت توليب تنظر له بعين متحجرة لا تبكي ولا تفعل شئ فقط تنظر له نظرة جعلته يتألم بشدة ، كانت تناظره بأعين مؤلمة ألم لم يراه باعين احد بحياته ، ظلت تنظر له قليلا ثم تحركت بخطوات هادئة باتجاه الدرج لتصعده بهدوء وكأنها لم تسمع شئ ابدا
مما جعل قلب اسر رغم غضبه ينتفض فزعا عليها حته أنه قرار الصعود خلفها ولكن تراجع عن قرارة سريعا هادرا نفسه بعنف ، ليخطو بخطوات واسعة غاضبة للخارج
دلف المرآب الخاص بالسيارات ؛ دار بعينيه يبحث عن ضالته حتى وجدها نزع جاكت بدلته ورماه أرضا باهمال ثم ذهب ليصعد بدراجته النارية وانطلق بها بسرعة جنونية
_______________________________
"بيني وبينك حدود وبلاد وبحور وسفر بيني وبينك شقوق وغياب وسكون وقدر بيني بيني وبينك مراكب كانت سيرة بينا بيني وبينك انا ظالم وعدلت فينا "
بخطوات هادئة و بطيئة دلفت لغرفتها مغلقة الباب خلفها بهدوء و مغلقاه بالمفتاح..
وقفت بمنتصف الغرفة تنظر حولها لا تعلم ماذا تفعل ، كانت تقف مثل الطفل الذي تاه من والديه ولا يعلم بأي اتجاه يذهب..
نظرت باتجاه المرحاض لتقرر أخذ حمام بارد يهدي تلك النيران المشتعلة بقلبها…
نزعت الفستان عن جسدها وحررت خصلاتها لتدلا حتي اخر خصرها ، أسقطت جسدها بحوض الاستحمام التي ملاءته بمياه باردة علا وعسى ان تريحها.
ظلت هكذا جالسه بالحوض ولا تفعل شئ آخر ، كانت عيناها متحجرة بالدموع التي أبت أن تسقط ولكن هي منعتها لتظل الدموع حبيسة خضرواتها المتألمة
بعد القليل من الوقت ، خرجت من المرحاض مرتديه الروب الأبيض موضوع علي جسدها باهمال ، ليس لديها طاقة أن تغلقه جيدا حتا..
دلفت لغرفة الملابس باحثة عن أي شيء ترتديه ، ليأتي أسفل يدها منامه سوداء مكونة من هوت شورت باللون الأسود بالكاد يصل لأول فخذها وتوب اسود ذات حمالات رفيعة ويظهر صدرها بسخاء يصل لمنتصف بطنها ، ما ان انتهت من ارتداء الملابس حتى خرجت باتجاه فراشها ولم تجفف شعرها حتي او تمشطه..
بهدوء جلست علي حافة الفراش بالمنتصف وتنظر للاشئ ، عيونها شاردة لا تستطيع أن تغمضهم حتى ، غصة مؤلمة بل مثل الجمر بحلقها لا تستطيع ابتلاعها ابدا..
رفعت احد قدميها من علي الارض تضمها لها مستنده براسها عليها وهي مازالت شاردة وحديث أسر يدوي باذنها مثل الرعد
"انا بشفق عليها مش اكثر"
" انا بحاول اخفف عنها رمي أمها ليها في الشارع "
"علي كدا بقا اجبلك اي وحدة من الشارع بوستها واقلك دي مراتي مش كدا "
الكثير والكثير من الحديث يتكرر باذنها ولكنها كما هي مثل الصنم تجلس ، لا تستطيع البكاء حتى
ابتسامة ساخرة ارتسمت على ثغرها وهي تفكر بداخلها ، كم أنها حقا فتاة مثيرة للشفقة وهمت نفسها بأنه يحبها من مجرد بعض الحديث الودود بينهم وبعض القبل الذي كان يسرقها من ثغرها وحتي احتضانه لها ونظرة عيناه الحنونه كل هذا عبارة عن شفقة ليس أكثر.
اااااه توليب كم انتي سازجة هل فكرتي حقا بأن أسر سيحبك او يفكر بكي من الأساس ، من تكوني انتي ليتأثر بكي ويحبك ، انت مجرد فتاة يتيمة تركتها أمها مقابل المال حتى أنها لم تسأل عليكي يوما ولو من أجل الاستغلال حتي ، يالكي من فتاة حمقاء هل فكرتي حقا انكي ستكونين سعيده بحياتك ومستعشين تلك القصة التي رسمتيها براسك مع فارس احلامك ذات الحصان الابيض ..
أي فارس سيحب فتاه مثلك تخاف من ظلها..، حسنا هم لا يعلمون ، فقط لو يعلمون ما عنته هي وما تحملته لا نحنو لها بذهول على تلك الروح المثابرة بداخلها
شهقة عاليه متالمه هربت من ثغرها ، شهقة تحمل البكاء الذي لا يأبى التحرر من مقلتيها وكأن دموعها ايضا تعاندها..
تراجعت بظهرها حتى أصبحت مستلقية بكامل جسدها علي الفراش ، جذبت الغطاء علي جسدها ، و استندت على ظهر الفراش
نظرت بجانب فراشها لتجد أجمل شئ يداوي جراحها، صورتها مع والدها مدت يدها ملتقطة تلك الصورة العزيزة على قلبها
بألم وحزن دفين يجعل الشيطان يبكي حزنا علي تلك الصغير ، تحدثت هي بداخلها وهي تتأمل تلك الصورة وتلمسها بحنان :
_ وحشتني اوي يا بابا ، وحشتني لدرجة انى عايزة اموت عشان اقبلك وتخدني في حضنك زى زمان ، وحشتني اوي يا حبيبي ، وحشتني حنيتك عليا ولعبك في شعري ، وحشني أن أقعد احكيلك علي كل حاجة حصلت في يومي وحشتني اوي اوي ، لما مشيت كل الناس ازتني يا بابا حتا..
بلعت تلك الغصة بداخلها لا تستطيع حتى ان تذكر اسمها بداخلها حتي
_ حتا هي اتجوزت و مفكرتش فيا يا بابا ،و مفكرتش انا ممكن اتاذي اد ايه
اغمضت عيناه تحاول التغاضي عن باقي ذكرياتها المؤلمة هناك
بقهر كبيرة أكملت حديثها الداخلي مع الصورة:
_ حتا هو يا بابا مطلعش بيحبني ، طلع بيشفق عليا وشايفني جايه من الشارع ، عشان هي خرجتني من حياتها وسابتني لبابا ماهر ، انت لو كنت هنا مكنش هتحصل حاجة من دي ابدا يا بابا، انت مكنتش هتخلي حد يأذيني او يعملى حاجة وحشة ، لما انت موت مات معاك الأمان اللي لما اختفى من حياتي خلق مني واحده تانيه انا معرفهاش ، خلق مني روح بتخاف من كل حاجة حتى ساعات بخاف من نفسي يا بابا ، انا تعبت اوي يا بابا تعبت اوي ، نفسي تحضني عشان اطمن نفسي اوي احس بحضنك الحنين يا بابا..
دمعة واحدة حارة سقطت من بين جفونها، دمعة واحدة سقطت بسلاسة على وجنتها ، دمعة واحدة ولكن تحمل الكثير بداخلها
انخفضت بجسدها علي الفراش لتحتضن صورتها مع والدها ، ثم اخذت وضعية الجنين مغمضة عيناها بألم إذا وضع فوق جبل لانهار
________________________________
"آسر"
يقود الدراجة بسرعة كبيرة وكأنه يسابق الريح ، يشعر بالاختناق ويتمنى الموت لأن ، سيجن حقا
مظهرها المصدوم والدموع المتحجرة بعينها يجعلو قلبه يئن من الألم، لا يعلم كيف قال ما قاله ولكنه بالحقيقة كان يكذب هذا الحديث معارض لما بقلبه وهو يعلم هذا ولكن
وضع ماهر له أمام الامر الواقع جعله يجن ويبدأ في قول اشياء لم يقصدها ابدا ، ويجرح توليب التي ما ان رآها أمامه حتى كتُمت أنفاسه خوفا من أن تكون سمعته
كان يقود ولا يعلم الى اين يذهب ولكن ما يعلمه أنه يريد الهرب الي نقطة بعيدة للغاية بعيدا عنها
_______________________________
بتلك الغرفة المظلمة…
ساقطا أرضا علي ركبتيه محتضن بيد يديه صورة كبيرة رسمها لها بالفحم ، يتأمل تلك الصورة بأعين حمراء كالجمر
وبصوت مهوس متملك أردف :
= مستحيل تعملي كدا ، مستحيل تتجوزي واحد ف
غيري يا توليب ، انا لعنتك وانتي لعنتي ومستحيل حد فينا يبعد
أكمل حديثه بغضب عارم وهو ينظر للصورة :
_ انتي بتاعتي انا ، طول عمرك بتاعتي انا ، مستحيل حد ياخدك مني ، مستحيل
ذهب لأحد الإدراج واخرج منها مادة حادة صغيرة للغاية ، وبجنون بدأ بحفر اسمها علي كف يده لتنزف يده بغزارة لكنه لم يبدي اي اهتمام سوا لتلك الكلمة الذي يحفرها و المهوس بها :
_ توليب
ليتوعد بداخله معلنا عن بدء حرب للفوز بها حتى وإن قتلها حتى لا تكون لأحد غيره..
_______________________________
"بقيت خايف وانا لوحدي و وجعي قصادي مد الشوق كأني طفل في ايديكي وسبتيه تاه في وسط الخوف "
بمنتصف اليل كان يقف أمام سيارته مستندا عليها وهو يتأمل النيل أمامه ، أخرج هاتفه من جيب بنطاله وللمرة التي لا يعلم عددها يحاول الاتصال بها ولكن لم تحب كاعادة ولكن لن يمل ارسل لها الكثير من رسائل الاعتذار والرجاء كي تفتح هاتفه ويحدثها
" صبا لو سمحتي ردي عليا "
" صدقيني مكنش قصدي اعمل حاجه تخوفك مني"
" انا اسف ارجوكي ردي عليا"
" يا صبا انتي كدا بتوجعي قلبي اوى ارجوكي ردي "
الكثير والكثير من الرسائل التي يكتبها كل دقيقة يعتذر ويترجاها أن ترأف به وتجيبه ولكن لا شئ لا تجيب ولا تعيره أي انتباه
زفر بغضب منها ومن نفسه ، أصبح يدور حول نفسه والغضب متملك منه و يخبره شيطانه أن يذهب لها ويجذبها من خصلاتها الغجرية إليه ويعاقبها على ذلك البعد وهذا العذاب الذي يؤلم قلبه العاشق
حسنا يعلم انه مخطئ وأنه لم يجب عليه أن يتجاوز معاها الحدود هكذا ولكن ماذا يفعل عشقة لها اعماه جعله كالمسحور ولم يرى رجفتها وذعرها ، لم يكن يعلم انها ستخاف لدرجة الإغماء من شدة خوفها.
الحمد الله كثيرا أنه أفاق في آخر لحظة وإلا كانت تلك الصبا زوجته الان قولا وفعلا ولكن أرسل الله له إنذار قبل أن يفقد السيطرة بالكامل
لم ينم منذ تلك الليلة حاول كثيرا الحديث معها ولكن هى لم تعطيه اي فرصة لا تجيب على الهاتف ترا رسائله ولا تعيرها اهتمام حتى أنه ذهب لمنزلها لمقابلتها ولكن والدتها أخبرته أنها نائمة
يعلم أنها صغيرة والتأكيد خافت كثيرا منه وتراه الان انسان سئ ولكن لو تعلم كم يعشقها لكانت عذرته تلك الصغيرة ولكنها إلى الآن لا تعلم مدى عشقه المجنون بها والذي ارقه ليالي طويله.
تنهد بتعب واشتياق فهو لم يراها منذ اول أمس وهذا كثير على قلبه النابض باسمها..
فكر قليلا يجب أن يجعل صبا تحبه لا لا بل تعشقه حتى ترى عشقه ايضا وتشعر بما يشعر به عند روئيتها والاقتراب منها ولكن من أين يبداء!!!
التمعت عيناه فجأة وابتسامة ماكرة ظهرت على ثغره.
بينما صبا تلك الصغيرة..
كانت جالسه على مكتبها تذاكر دروسها او هي توهم نفسها بهذا هي فقط جالسه تحاول أن تشتت تفكيرها بعيدا عن باسم ورسائله التي جعلتها ترأف به قليلا..
ها هو الهاتف يصدح بصوت رساله جديدة منه..
عضت شفتيها بحيرة من أمرها لا تعلم كيف تتصرف الآن
هناك شعورين متناقضين بداخلها ، أحدهم خائف للغاية ولا يثق ابدا ب باسم ، بينما الثاني يجد له الأعذار على فعلته
فكرت ان تخبر والدتها بما حدث ولكن خجلت كثيرا من هذا ، هي تعلم جيدا ان ما حدث ليس بحرام أو بخطأ ولكن هي فقط تشعر بالرهبة..
باسم ليس برجل هين بل هو رجل يمتلك شخصيه قويه للغايه وهالة مرعبه تحوم حوله من الثقة والحضور القوي..
بينما هي فتاة صغيرة اكبر ما تفعله هو الركض بالحصان في وقت الفجر ليس لا وايضا هي لم تعشق يوما ولا تعلم شئ عن العشاق غير تلك الأشياء التي تراها بالتلفاز، الورود الحمراء والهدايا وحديث الغزل بين البطل والبطلة هذا هو كل ما تعلمه فقط..لذا هي تشعر بالرهبه وكأنها عصفور صغير بقفص صقر
تنهدت بسام من حالها لتضرب راسها بكف يدها متحدثه بضيق :
_ اووف عليكي يا صبا أفكارك دي ولا بتودي ولا بتجيب ، قومي نامي يا صبا قومي نامي يكش تنام عليكي حيطه
نهضت من على المكتب وهي تلقي نظرة أخيرة الهاتف لتتحدث بكبرياء مصتنع :
_ وانت خليك هنا اقعد ابعت في رسايل لحد ما الباقة ما تخلص خلي شركة الاتصالات تكسب فلوس علي قفاك يا اهبل
لتترك الهاتف وتذهب للنوم بعدما اطمأنت أن شرفتها مغلقة بإحكام
_______________________________
"أنا الكداب انا المشتاق الريح الخوف عشان منك كتير اخترت اكون محتاج عشان الحوجة تشبهلك "
السابعة صباحا…
دلف أسر للداخل القصر بخطوات ثقيله متعبه ، ليجد ماهر يجلس علي احد المقاعد منتظرة ، ليمر بجانبه دون حديث ليوقفه صوت ماهر الحاد :
_ استني عندك
وقف أسر مكانه ومازال معطي ظهره لولده ، وقف ماهر أمامه وتحدث بحدة :
_ كنت فين يا بيه لحد دلوقتي
بإرهاق تحدث أسر:
_ بابا لو سمحت كفايه لحد هنا، انا محتاج ارتاح شويا ، تصبح على خير
تحرك من أمام والده قاصدا الدرج ليجد الخادمة تهبط بنفس الوقت ، صعد أول درجة ليتشي جسده فجأة عندما استمع لحديث الخادمة :
_ ماهر باشا توليب هانم مبتردش عليا ولما حاولت افتح الباب لقيته مقفول
رفع عيناه ينظر للاعلى بلهفة وخوف وصدره أصبح يالا ويهبط ، بثواني كان يأخذ الدرج سريعا راكضا للاعلي وخلفة ماهر والخادمة
طرق علي بابها بعنف شديد متحدث بصوته الحاد القوي :
_ توليب...توليب افتحي الباب...توليب
لم يجد رد ، لم يفكر مرتين ليبتعد قليلا بجسده ثم بجذعة القوي كسر باب الغرفة وبلحظة كان بالداخل يبحث عنها بلهفة
وقعت عيناه عليها وهي نائمة بوضعية الجنين وليزيد الخوف بداخله ، ليقترب منها جاثيا على ركبتيه بلهفة محتضن وجهها بين كفيه ، لينصدم هنا...وجهها احمر قاتم وحرارتها عاليه للغايه ، بفزع تحدث وهو يعتدل على الفراش محتضن وجهها بين يديه :
_ توليب...توليب..توليب حبيبتي انتي سمعاني
لا رد او اي حركة ، انخفض بفمه بمستوى أنفاسها ليجدها مضطربة
دلف ماهر للداخل ليتحدث بلهفة وهو يرى وجه توليب :
_ مالها يا أسر
_ لازم نروح المستشفى حالا
قالها اسر بالهفة ، وهو يهم بحملها ولكن توقف فجأة عندما لاحظ ما ترتديه ، ليضع الغطاء سريعا عليها وتحدث للخادمة بأمر وحدة :
_ هاتلها حاجة تلبسها بسرعة
ركضت الخادمة لغرفة الملابس لتجد الاسدال الخاص بتوليب على الطاوله لتأخذه سريعا ، بخطوات سريعة تقدمت من أسر بالاسدال ليأخذه منها سريعا و قبل أن يذيح الغطاء من أجل الباسها التفت لوالده وتحدث بجديه :
_ بابا لو سمحت دور وشك
رغم ذهول ماهر لا أنه استدار باستسلام ، ليذيح أسر الغطاء وبدأ في الباسها الاسدال علي تلك المنامة التي بالكاد تستر مفاتنها..انتهي اخير ليحملها سريعا بين ضلوعه بحرص ليجد شئ تدشن بالأرض لكن لم يعيره أي اهتمام فقط صار بتوليب بخطي سريعة جدا للخارج وخلفة ماهر
صعد أسر بتوليب بالمقعدة الخلفي بينما ماهر من شدة خوفها جلس بجانب السائق لينطلقو سريعا لأقرب مشفى وخلفه سيارات الحرس
كان أسر يتأمل ملامحها الساكنة بفزع يشعر وكأن هناك يد من حديد تعتصر قلبه..
وصلوا للمشفى ليدلف بها أسر هادرا بالجميع ليأتي جميع الأطباء الليه ليهدر بحدا وشراسه:
_ انا عايز دكتورة…..بسرعة يا حيوانات
بدقائق كان طقم كامل من الطبيبات والممرضات يقفون بالجناح الكبير الخاص بالشخصيات الهامة ، يفحصون توليب بتركيذ عالي بينما بغرفة الجلوس الموجودة بداخل الجناح يقف أسر أمام غرفة توليب ويأخذ الطريق ذهابا وايابا بجسد متشنج من شدة الذعر ، بينما ماهر يجلس خافضا رأسه وهو يشعر بالذنب وعدم المسؤليه باتجاه توليب ليحدث نفسه بتأنيب وحزن :
_ هي دي الامانه يا ماهر ، سامحني يا فريد سامحني يا اخويا
بلهفة اقترب أسر من الطبيبة التي خرجت من غرفة توليب تو ، تحدث بلهفة قائلا :
_ مالها فيها ايه ...ما تنطقي
هدر بها بعنف
لتتحدث الطبيبه بخوف من أسر :
_ اهدا يا استاذ مش كدا
أسر بغضب :
_ انتي لسه هترغي..طمنيني عليها هي كويسه
الطبيبه بعملية وخوف :
_ هي عندها انهيار شديد جدا و واصل لمرحلة وحشة اوي..بس ااا
شعر بقلبه يكاد يتوقف من خوفة عليها ليجن جنونه من صمت تلك الطبيبه ليهدر بغضب حارق :
_ انتي هتنقطينا ما تنطقي بس ايه
تحدث ماهر بهدوء :
_ اهدا يا اسر ، اهدا وهي هتتكلم بس انت اهدا
ثم وجه حديثه للطبيبة :
_ يعني وصل لمرحلة وحشة ازاي يا دكتورة
الطبيبه بارتباك وخوف من أسر:
_ للأسف شكلها زعلت اوي لدرجة ان المشكله بقت عضويه
وقع قلبه بين قدميه و بأنفاس متقطعة تسأل بريبة :
_ عضوية ازاي يعني
الطبيبه بعملية :
_ يعني احتمال كبير يكون الانهيار الشديد دا والزعل أسر عليها بشكل عضوي ، يعني ممكن جزء من اطرافها يتشل بشكل مؤقت زي رجليها مثلا واحتمال يكون أثر علي عيونها او الكلام عندها ...للأسف لسه مش عارفين دلوقتي مستنينها لم تفوق عشان نعرف المشكله فين
يتبع الفصل الرابع عشر اضغط هنا
- الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة :"رواية توليب" اضغط على اسم الرواية