رواية جوهرة بين اغلال الشيطان البارت السادس عشر 16 بقلم منى ابو اليزيد
رواية جوهرة بين اغلال الشيطان الفصل السادس عشر 16
تمت الإجراءات اللازمة لسعد حتى يعرفوا ما حدث له، سقطت جوهرة على الأرض فاقدة الوعي تماماً عندما سمعت خبر أخذ أعضاء من والدها، لقد قتل عمداً على يد شياطين
بعد فترة أفاقت وجدت حولها كلاهما أصيل ومحمد، اقترب منها محمد بوجه حزين، قال بتمني:
-ربنا يصبرك يابنتي
ثبتت بصرها عليه، كانت في أعلي قمة سحاب الغضب، هدرت بصوت عالي:
-بابا أتقتل.. قتلوه المجرمين
اكتفي أصيل بذكر اسم واحد:
-سنان هو المجرم الحقيقي لازم يموت
هزت رأسها بالنفي قبل أن تقول:
-لا قصدك يتقتل وأنا اللي هقتله بأيدي
يعلم أصيل أنها مندفعة من أثر الصدمة، تركها تبوح بالكلمات التي يراها ترهات بعد أن أدرك الأمور على حقيقتها، انتظر يسمع منها حتى انتهت، وقال متسائلا:
-خلصتِ
فشلت في تفسير أقواله، حملقت به بنظرات تعجب، وقال بعدم فعم:
-قصدك إيه مش فاهمة
مط شفتيه للأمام، أغلق عينيه ليغلق خانة من خانات الذكريات، حتى يقل الحزن المرسوم على تعبيراته، قال بتأكيد:
-أصل حصلي الحالة بتاعتك دي وكنت هموت فيها اندفعت بالكلام كتير أوي لازم نهدأ ونفكر هنعمل أحنا طريقنا واحد
اعترض محمد على حديثه، وقال بقسوة:
-لا أنا مش هسيبك ترمي نفسك في النار وأتفرج عليك في قانون عرف وهيجبلك حقك
ربت على صدره، كست ملامح وجهها بالرجاء، لمعت أهدابه بالعبرات التي لحق يجففها بسرعة حتى لا يراها، هتف بوهن:
-احتمال ضعيف عشان خاطري سبني أجيب حقهم يمكن أرتاح أنا مصدقت أنك بدأت تكلمني تاني بلاش نعمل فجوة ما بينا
وجه حديثه إلي جوهرة، رسم شعاع الأمل على ملامحه، وقال بحماس:
-تعالي نحط أيدي في أيدك ونجيب حقهم حق المظلوم أنا عارف هنبدأ من عند مين
سألته بلهفة:
-مين
أجابه عليه بثقة:
-من دكتور اسمه علي البارودي
ظل يتحدث، كل حرف يتقوه به يدخل في أعماق ذاكرتها، لكي تفعل ما تريد دون إذن أحد
........
عاد سنان إلي البيت، ترجل من السيارة رافع عينيه إلي العمارة التي يقطن بها، لديه الكثير من المال والنعم الكثيرة لكنه حرم من الحب بمن يرغبهم، حقاً لا تعطي الحياة كل شيء، في حين جاءت له الفرصة على طبق من ذهب لم يتردد، ليحصل على الحب
دس يده في جيب سترته أخرج هاتفه المحمول، ثم بدأ في الرنين المتواصل، وهتف:
-الو
-معقول بتكلمني خير
-أنا في مصايب كتيرة
-أزاي
قص له قصة حنان، والرسائل التي يراها، وعلمه بخبر ما فعلته جوهرة من رفع قضية عليه، فرد عليه علي البارودي
-لا أحنا متفقناش على كده
-أعمل إيه اللي حصل
-نخلص من واحدة من المصيبة دي طلع طليقتك
-طيب وأي شغل تاني هنعمل في إيه
-في إيه يا سنان لازم توقف كل حاجة أنا شريكك من الباطن بس لو أتقفشت رجلي هتيجي هتيجي غصب عن الكل أهدأ إيه مشبعتش فلوس
-لا بقيت طماع بفضلك
-مغصبتكش على أسدك ولولاي مكنتش تبقي صاحب مستشفي وكنت قدرت أوصل للبت الدكتورة اللي عرفت كل حاجة وخلصت عليها هي وأبنها أهدأ وبطل لوش
أغلق الهاتف المحمول دون كلمة، لوح يده في عدم رضا، وعاد يصعد سيارته مرة أخرى، حرك المقود، وقادها حتى وصل إلي المستشفي مرة أخرى، حفر الغضب ملامحه، أصبح أناني لا يهم إلا نفسه، لذلك حدث نفسه:
-وأخرتها يا زمن عشت محروم كتير ويوم لما يبقي معايا فلوس وواصل أقع
عدل ملابسه مستعد للدخول، عند اقترابه من الباب لمس جيب البنطلون من الخارج تأكد من وجود بعض المال، ولج الحجرة التي بها حنان، وهتف:
-حنان
فرش وجهها بالعبوس، وأيضاً التعجب من مجيئه في هذا الوقت قائلة بصدمة:
-أنت إيه اللي جابك
جذبها من ذراعها قائلاً بقسوة ممزوجة بأمر:
-هطلعك بس مش عايز أشوف وشك تاني ومتقوليش أبني عندك المحكمة أعملي فيها اللي أنتِ عايزاه كده كده أنتِ محبوسة مس مستفادة حاجة
حقاً معه حق، بعدت عنه ببطء عندما حل يده بعيد عنها، عيناها مليئة بالقلق، منتظراه أن يستكمل باقي المفاجأة، وبالفعل ما تفكر فيه كان في محله، سعت عينيها بالصدمة فاغرة فمها عندما شاهدت المال يخرجه من جيب البنطلون، وقال بنبرة رسمية:
-خدي دول
لا تريد المال، ما تتمني غير أبنها، لذلك قالت برجاء ظاهر على ملامح وجهها:
-عشان خاطري هاتلي أبني
نفذ صبره، ألقي المال بجوارها، وقال بنبرة أمر:
-يلا أجهزي وسبهولي الأيام دي شكلك أنتِ اللي هتربيه لوحدك
رفت عينيها بعد استيعاب الذي جلي يسيطر على كيانها، وقالت بعدم فهم:
-قصدك إيه
استدار بجسده للخلف، دس يديه في جيب البنطلون، رمقها بنظرات جانبية قبل أن يتفوه:
-أجهزي هوصلك لأي مكان أنتِ عايزاه
.......
وقفت ياسمين أمام المرآة ممسكة فرشاة الشعر تمشطه برفق، اضطربت نبضات قلبها فجأة بعد ما سمعت صوت صريخ، وصياح من خارج الحجرة، فزت راكضة تفتح الباب بسرعة الرياح لكي تفهم ما يحدث، رفت عينيها بعدم استيعاب عندما رأت حنان تبكي بين يدي الناس، جسمها يوجد به بعض الكسور، لكن لا يهم هذا بل مجيئه هنا في تلك الساعة زاد من اندهاشها لذلك قالت باندهاش:
-حنان
استطاعت أن تملصهم من بين يديهم قائلة بصراخ:
-في إيه مش شايفينها متكسرة أزاي
أكدت المعلومة بقولها:
-والله ده اللي حصل وطليقي اللي جابني هنا
بعد مناوشات عديدة، نجحت حنان في تأكيد المعلومات والإجابة على كل الأسئلة، اقتنع البعض، ورفض البعض الأخر، لكن لاتفاق كان خروجها من المنطقة في الغد، دخلت مع جارتها حجرتها، وجلست على الأريكة، رفعت عينيها عليها بنظرات ثابتة يسكوها خيبة الأمل، ظل صامت اكتفت بالنظر عليها، بينما قالت بسنت متسائلة:
-إيه اللي حصل بالظبط
أمسكت ساقيها بألم، قصت لها ما حدث مما زاد تعجب بسنت بل صدمة، فقد عرفت بموضوع تجارته للأعضاء، ضربت صدرها بيدها قبل أن تصرخ:
-يا لهوي ده كده حمزة هيدخل في دايره سوده
اسمه كافي أن يزلزل قلبها، ارتعد من مكانه، واضطرب بشدة، تريد الاطمئنان، سألت وبدون تفكير:
-ماله حمزة
قصت لها ما حدث معها الأول، وذهابها إلي حمزة، والخطة التي أتفق عليها بإرسال رسائل ليجن عقله
وقفت حنان كالتمثال أمامها لم تتوقع أن يفعل حمزة هذا بدون تردد، كانت في دنيا أخرى لم تشعر بالواقع غير على صوت النداء عليه فقالت بصدمة:
-بتقولي إيه
جلست على الأريكة بجوارها، أرخت ظهرها بارتياح، ووضعت ساقاً على الآخر، ثم ردت عليها بتأكيد:
-بقولك كان هيتجنن عليكِ شكله بيحبك
وكزتها في كتفه قائلة برجاء:
-لا بلاش تقولي كده إيه اللي يخلي واحد زى حمزة يحبني
هزت رأسها بالنفي، بدأ استرسال لها قلقه عليها حتى تعمقت الفكرة في رأسه، وبدأ في تنفيذها، في حين انتهت قالت:
-ده كل اللي حصل ولسه مش متأكدة وبتشكي
عوجت شفتيها لليمين واليسار، دائماً تضغط عليها الدنيا دون رحمة، لذلك قالت:
-وأشمعنا الدنيا هتضحكلي دلوقتي مصدقش
نهضت من مكانها باندفاع، ثبتت بصره على نقطة ما، وقالت بحماس:
-طيب بصي أنا هخليكي تشوفي بعينك بكرة نروح ونخليه يتفاجئ بيكِ أبقي ركزي في عينيه مش بيقوله عنوان الحب العنين
حكت وجنتيها بأناملها، ويبدو على ملامح وجهها الحيرة، والقلق معاً، إذا كان حقيقي، ماذا يحدث لأبنها؟ فهي أم مشاعرها اتجاهها نحو ابنها لا تتوقف، فقالت:
-طيب وأبني بصي أنا عايزة أبني مش مهم أي حاجة غيره
هزت رأسها بالنفي قائلة باعتراض:
-مستحيل حمزة يسسيبك أنا متأكدة
وكزتها في صدرها بسبب الجراءة التي أصبحت فيه، أرادت أن تجعلها تعي ما يحدث حولها بالضبط، فتفوهت:
-بقولك إيه سيبك من الكلام ده أنا كل اللي شاغلني دلوقتي ألاقي مكان وأجيب أبني
دار حديثها في عقلها حتى استوعبته جيداً، أدركت أنها محقة لابد أن تتخذ قرارها دون رجوع إليها، وكان من يعاونها على ذلك وليد
..........
ألقت بسنت الهاتف المحمول على الفراش بعد أن قرأت أحد الرسائل عبر أحد وسائل التواصل الاجتماعي ما يدعي بالواتساب التي استطاعت أن تعكر مزاجها حين علمت بذهاب صديقتها إلي المستشفي، ولم يهتم أحد لأمرها، فشلت في الإيصال لطرف خيط
نهضت باندفاع عن الفراش عندما صوت والدتها تخبرها بتجهيز طعام، جلست على مائدة الطعام، حركت عينيه على والدتها وهي تسند الطعام على المائدة، ثم عادت خصلة شعرها للخلف، وهي تتأمل الطعام، لم ينال إعجابها خاصة بعد أن فسدت الخطة التي جاءت لها على طبق من ذهب، لكي تقربها أكثر من حمزة، ويستطيع أن يشعر بها، لكن خبر صديقتها دمر كل شيء، أشاحت وجهها للاتجاه الآخر قائلة:
-أنا مش هأكل مليش نفس
أسندت والدتها أخر طبق كان بيدها، ظلت تتأملها برفق حتى لاحظت تغير جذري في ملامح وجهها راجع لسبب ما استطاعت أن تتعرف عليه بحكم العشرة لذلك قالت بتأكيد:
-الشكل ده أنا عرفاه شفته كتير أكيد حاجة تخص حبيب القلب يا بنت قولت لك بلاش منه أنتِ مش في دماغه
نفخت من الضيق لا ترحب أن تذكر ما عرفته للتو من صديقتها، على الرغم من رغبتها الواضحة في الحديث لكن ليس عليها سوي التحدث حتى لا ينكشف الأمر فتفوهت:
-شكل في حد في دماغه يا ماما
خطت خطوتين للأمام بالقرب منها، ربتت على كتفها برفق قائلة بابتسامة:
-ولا تزعلِ نفسك بكرة يجيلك اللي بتحلمي بيه عارفة اللي عجبك في حمزة أنك شفتي شقاه وحرمانه عشان يوصل للي هو في لكن الحب ربنا بيجعله ينبت في القلوب مع بعض تبقوا انتوا الاتنين بتحسوا بعض وفاهمين بعض أحسن من ما نجري وراء واحد أحنا مش في دماغه صلي وأدعي ربنا يرزقك بالأحسن
كأن ربنا فعل ذلك لتسمع تلك الكلمات، وتؤمن بها، هزت رأسها لأعلى ولأسفل بالموافقة على الحديث بعد أن علت ملامح وجهها بالفرحة على حديث والدتها، فقد اقتنعت بيه كثيراً فقالت:
-أقنعتيني كده أنا هأكل مش عارفة من غيرك كنت هعمل إيه فتحتي نفسي على الأكل
علت ضحكاتها، وضربت كفاً على الأخر بسبب ما سمعته من حديثها، ثم قالت بثقة:
-والله يا بخت اللي هتبقي من نصيبه
حاولت استعطافها بنبرة صوتها المدللة لترجوها تقبل بما تطلبه:
-ممكن أروح أقول حمزة حاجة كان طالب مني حاجة ومعرفتش أعملها كل حاجة قبل ما يروح شغله بس ألحقه ولما أرجع هحكيلك
خرجت من الشقة مهرولة له، قرعت جرس الباب، فور ما فتح الباب، سردت لحمزة ما أخبرته صديقتها، مما أدي إلي تحول وجهه للعبوس، والضيق، اكتفي بشكرها غارقاً في متاهة من جديد
......
كانت بوادر الانتقام على وشك التنفيذ حين استقرت سيارة أمام أحد البيوت الشبه متهالكة، لقد فعلت أكثر مما ينبغي، سوف تدفع الثمن رغماً عنها
ترجل من السيارة بشموخ، دلف البناية بخطوات حذرة حتى وصل إلي الطابق التي تسكن فيه جوهرة، قرع جرس الباب منتظراً أحد ما يفتح له الباب، حين فتح الباب، قال بغطرسة:
-أنا الشيطان
لم تطيل دهشتها، وصمتها، أخرج زجاجة بها بعض المواد المخدرة، فسقطت على الأرض مغشياً عليها، دخل إلي الشقة، جرها بسرعة، وأغلق الباب على الفور ليكمل جريمته
- تابع الفصل التالي عبر الرابط: "رواية جوهرة بين اغلال الشيطان" اضغط على أسم الرواية