رواية لمن يهوى القلب الفصل السادس عشر والأخير بقلم فاطمة حمدي
رواية لمن يهوى القلب الفصل السادس عشر والأخير
طرقت ميرال الباب وانتظرت قليلا ..لكن لم يفتح أحد!
طرقته ثانيا وهي تمط شفتيها..أيضا لم يفتح أحد ..
أخرجت المفتاح من حقيبتها في قلق وهي تقول بخفوت:
-خير يارب، مافيش حد بيفتح ليه!
فتحت ودلفت ..لتجد المنزل ظلام! ...انقبض قلبها بخوف واقتربت بخطوات بطيئة تحاول إشعال الإضاءة وهي تهتف:
-طنط سميرة! ..چنا! ..أنتوا فييين؟؟
لم تكد تشعل الإضاءة حتى وجدت من يقوم بتشغيلها وتتعالى أصوات الضحكات ..للحظة لم تستعب ما الذي يحدث ..بالونات كثيرة جدا ...أحبال الزينة معلقة على الحائط بشكل رائع ..
-كل سنة وأنتِ طيبة يا ميرال ..
هكذا نطقت السيدة سميرة بابتسامة سعيدة ،بينما قالت چنا ببسمة هادئة:
-عقبال مليون سنة ..
ابتسمت ميرال بسعادة لا توصف وهي تسألهما بانبهار:
-مش ممكن أنتوا إزاي عرفتوا إن عيد ميلادي النهاردة؟؟ مش مصدقة أنتوا عملتوا كل دا عشاني؟!
-طبعااااااا يا حبيبتي أنتِ مش عارفة قيمتك عندنا ولا إيه؟
اندفعت ميـرال إليها وعانقتها بود وامتنان مع قولها:
-بجد شكرا أوي ...
فأردفت سميرة بمرح:
-على إيه بس يا حبيبتي، إيه رأيك تدخلي تغيري وتيجي بقى عشان نحتفل مع بعض أوك؟
أومأت ميرال بسعادة وهرولت إلى غرفتها، ما إن دخلت حتى استنشقت رائحة عطره النفاذة في أنحاء الغرفة... مشت بقدميها إلى الشرفة المنفتحة ثم شهقت واضعة كفها على فمها بصدمة ..فقد كان هو !
-علي؟؟؟
-أيوة !!
رد عليها بمشاكسة وهو يقبل عليها بعبوس مصطنع، لم تصدق أنه أتى وهو هنا بالفعل جوارها..فاستكملت:
-أنت إزاي؟
قهقه ضاحكا وهو يخرج بها من الشرفة ثم يغلقها ويعود إليها محتضنا إياها بشوق كبير، بادلته العناق وهي تتنفس رائحته ومازالت لا تصدق!
-أنا بحلم ولا إيه؟, مش قلت إنك جاي بعد إسبوع؟
-ألف وأرجع تاني طب ولا إيه؟
ابتعدت عنه قليلاً وتأملته بحب وهي تردد:
-ترجع إيه بس؟ طب أنت ليه قلتلي كدا ..؟
خلع دبوس طرحتها برفق وهو يخبرها بابتسامة تخصها وحدها:
-بصراحة قلت أعملك مفاجأة حلوة كدا ،أصلي زعلت من نفسي أوي عشان سافرت وأنا مخاصمك ..ها أيه رأيك بقى في المفاجأة؟
-أحلى مفاجأة في الدنيا كلها أصلا.. هو النهاردة اليوم العالمي للمفاجأت ولا إيه؟
-ليه؟ كل دا عشان رجعت؟
حركت رأسها نافية وأخبرته:
-أصل طنط وچنا فاجئوني برا عشان عيد ميلادي ..مكنتش متوقعة إنهم فاكرين بصراحة ..
-هو أنتِ حد يقدر ينساكي يا ريمو؟, وعلى فكرة بقى مفاجأة عيد ميلادك دي كلها چنا اللي عملتها ..
بجد؟, بس إزاي دي مش بطقيني أصلا!
ضحك قائلا:
-لا دي بتحبك والله بس هي عصبية مش أكتر يعني ..وبعدين هنرغي كتير ونسيبهم برا كدا كتير يلا غيري هدومك بسرعة ..
-خمس ثواني بس يا ابو علي ...
----------------
"في صبيحة اليوم الموالي"
صف سيارته في الحي الشعبي وخاصة أمام البناية التي كانت تقطن بها قبيل الزواج منه ..
ترجل أدهم من السيارة وراح يرفع وجهه إلى الأعلى حيث شرفة المنزل المتهالكة ،تنهد بعمق واتجه نحو المدخل ومن ثم صعد الدرج بهدوء، وصل إلى باب المنزل وطرق الباب القديم بلهفة شديدة، خفق قلبه بشدة عندما سمع صوتها الحبيب وهي تهتف من خلف الباب:
-مين؟
أغمض عينيه بقوة ..ثم أعاد فتحهما ولم يتكلم ..كررت الكلمة عدة مرات إلى أن فتحت بعد أن يأست ثم صدمت وذايلتها دهشة كبيرة، لم تتوقع أن يكون هو الطارق !!
زرع عينيه المشتاقتين لها طويلا داخل عينيها المكسورتين ..تحجرت الكلمات على شفتيه ...لكن عيناه كانتا تتحدثان جيداً..
تعبران عن كل شيء... شوق واعتذار وحديث طويل ..
انسابت دمعاتها تلقائيا واحدة تلو الأخرى في حزنٍ عميق ..كاد يقترب أكثر كي يمسح هذه العبرات الحارقة عن وجنتيها ..لكنها أوقفته برجفة عنيفة:
-لو سمحت!
تسمر مكانه وابتلع غصة مريرة بحلقه... ليسمع صوتها المرهق:
-خير ؟
قال بابتسامة حزينة:
-هفضل واقف على الباب يا ملك؟
-مش من حقك تدخل ..أنت واحد غريب زيك زي أي حد تاني دلوقتي، ممكن أفهم أنت جاي ليه؟
أخذ شهيقا عميقا قبيل أن يخبرها بجدية:
-عاوز أتكلم معاكي ،قوليلي أعمل إيه؟
-الكلام اللي بينا كله خلص... مافيش كلام بيني وبينك تاني لأي سبب ...
-ملك! بلاش تعملي كدا كانت لحظة غضب ،أنتِ غلطتي وأنا غلطت ..تعالي ننسى اللي فات وأوعدك هعمل أي حاجة تطلبيها ..
ضحكت بتهكم وهي تجفف دموعها:
-بالسهولة دي؟ ..ننسى وترجع وعادي كدا؟ طب آمن لك تاني إزاي؟ بعد ما رمتني كدا وأنت عارف إني ماليش حد ..أرجع ولما تغضب ترميني تاني ؟ ..لا يا أدهم بيه ..كرامتي عندي أهم منك دلوقتي.. ومش هسمح إنك تدوس عليها تاني ..كفاية كدا أنت طلقتني رغم إني كنت متحملة قسوتك ..وقلت لك هتحمل أي حاجة بس خليني موجودة معاك بس أنت طلقتني وأنا بقولك شكرا ..أنا عايشة أهو مموتش من غيرك ولا حاجة ومش هرجعلك حتى لو هموت ..
أدهم وقد أضاف بذهول ومرارة:
-ياااه للدرجة دي شايلة مني يا ملك؟ كرهتيني؟
لم ترد ..فقط صمت غاضب ..ونظرة عتاب لا غيرها ..
-بس أنا بحبك وعمري ما حبيت غيرك ..صدقيني أنا ضايع من غيرك .. الاسبوعين اللي عدوا عليا دول كانوا اسود أيام حياتي ..وصدقيني معرفش إيه اللي أنا عملته دا وإزاي نطقت الكلمة دي ..أنا الشيطان صورلي إنك عملتي كدا عن قصد عشان تنتقمي من تمارا ..صدقيني الغضب عماني مكنتش عارف أنا بعمل إيه وبقول إيه!
انهارت باكية مع قولها المرير::
-يبقى متعرفنيش ..متعرفش مراتك اللي عشت معاها كتير ..للدرجة دي فكرت إني ممكن أقتل روح عشان خاطر مش بحب تمارا ..
-أنا آسف ..
نطق وهو يحاول حجز دموع عينيه داخلهما ..ثم كرر:
-آسف ..والله آسف .. بس ارجعيلي ..بلاش تبعدي أنا كدا كدا مش هقدر أسيبك هنا تاني ..يلا يا ملك عشان خاطري!
-لأ يا أدهم ..أنت قدرت تسيبني هنا لوحدي...فمترجعش تمثل عليا وتقول مش هقدر لأنك قدرت .. ودلوقتي بقولك أمشي من هنا ومتجيش تاني.. مش هرجعلك مهما حصل ولو حاولت تقرب مني تاني أنا هعملك محضر على فكرة الحكاية مش ساهلة تمام؟!
ثم لم تنتظر منه إجابة وأغلقت الباب في وجهه دون مقدمات وانهارت مجددا على الأرض ،كما انهارت مشاعره وهو يتراجع في خطواته بخيبة أمل ...وطلق لدموعه الأليمة العنان في أن تهبط بغزارة فوق وجنتاه ...
يظن أن جرح الفؤاد هينا؟ ..وأن ترميم الذي كُسر سهلا؟ !!
------------------------------
خرجت "ساندرا" من مدخل البناية واتجهت إلى ورشة زوجها حازم قبل أن تذهب إلى جامعتها، دققت النظر عن بعد فوجدته يقف منشغلا مع امرأة شابة تحمل طفلا صغيرا ..
زوت ما بين حاجبيها بضيق وهي تقترب أكثر ،انصرفت السيدة قبل أن تصل ساندرا إلى الورشة، فتأففت بغضب وظلت ترمقها إلى أن اختفى طيفها ..أردفت ما إن وقفت أمامه بحزم:
-صباح الخير..
فقال حازم رافعا حاجبه:
-صباح الفل! إيه مالك مكشرة كدا يعني؟
-مين اللي كانت واقفة معاك دي قبل ما أجي أنا؟
تنهد ودخل إلى الورشة قائلا:
-زبونة هتكون مين يعني يا ساندرا؟
-زبونة في ورشة حدادة؟ ،طب ولما هي زبونة بتضحك ليه معاها ومع البيبي اللي على ايدها؟
-الله هو تحقيق بقى يا ساسو ولا إيه؟
هتفت بحنق:
-لا كلمني عدل واوعى تضحك عليا بكلمتين بلاش الأسلوب دا!
-حيلك حيلك ..وطي صوتك إحنا في الشارع يا ساندرا لمي نفسك..
كررت عليه السؤال بصرامة:
-مين دي يا حازم؟
أجابها بحدة:
-يا ست المجنونة أنتِ على الصبح، دي زبونة أنتِ أيه غاوية تنكدي عليا صبح وليل ولا إيه؟ بقولك إيه اصطبحي وبعدين أنتِ راحة فين أصلا ؟
-أنت عارف كويس إني راحة الجامعة عشان عندي زفت مراجعة ولازم أحضر طالما رغدة مش هتعرف تنزل خلاص؟؟؟
زفر زفرة قصيرة مع قوله:
-خلاص يا ساندرا، بس براحة عليا مش أوي كدا، والله بريء يا بيه!
-ماشي يا حازم أنت عاوز مني حاجة قبل ما أمشي؟
رمقها بنظرة مُتملكة من أسفلها لأعلاها مع قوله العابس:
-طولي الطرحة شوية..
فعلت ما قال بصبر مع قولها؛
-لازم تعلق على أي حاجة حتى لو كل حاجة تمام..
اقترب منها قائلا بخفوت:
-من حقي على فكرة!,وبعدين مش عارف أنتِ وخداني على الحامي كدا ليه على الصبح بس! براحة عليا شوية مش كدا
تنهدت وابتسمت أخيرا وهي ترد:
-ماشي يا أسطى حازم ..بس أنا كان ليا طلب ممكن؟
-ممكن اوي ..قولي ..
قالت بحذر:
-ينفع بعد ما أخلص أروح أزور بابا وماما يا حازم ..بصراحة وحشوني أوي.
تجهم وجهه وبدا عليه الانزعاج وهو يخبرها:
-مش حابب تروحي هناك ..بلاش ..خلصي وتعالي أحسن!
-طب ليه! ممكن أفهم ؟.
-أنا حابب كدا ..
قالت بتهكم':
-أنت حابب كدا! ..تمام مش هتكلم معاك عشان احنا في الشارع وهسمع كلامك رغم إني مش مقتنعة بيه أبدا سلام يا حازم ..
كادت أن تسير لولا أنه قبض على رسغها قائلا برفق:
-ممكن تزوريهم بس متتأخريش وخلي بالك من نفسك.
نظرت له بغيظ متابعة:
-حاضر ...
ثم استدارت ماشية ببطء وهي تردد بخفوت وابتسامة:
-مجنون والله.. ربنا يهديه ...
---------
صباح الخير ..
نطقت السيدة سميرة بوجهٍ بشوش وهي تتقدم من شقة الجيران الجُدد أمامهم،. بينما ترد عليها الأخرى باسمة:
-صباح النور يا حبيبتي.
تابعت السيدة سميرة بامتنان قائلة:
-حبيت أشكرك وأشكر إبنك على اللي عمله مع چنا بنتي إمبارح , متشكرين جدا ..
ردت الأخيرة باستغراب:
-ماهر إبني ؟, عمل إيه؟
أخبرتها سميرة بإعجاب:
-إسم الله دافع عن چنا ،كان فيه شاب بيعاكسها وهو أنقذها منه هو مقالكيش ولا إيه؟
-لا أبدا ولا قالي حاجة، عموما مافيش داعي للشكر يا حبيبتي دا معملش غير الواجب كان لازم يعمل كدا.
-ربنا يخلهولك ويحميه لشبابه يارب.
-آمين يارب ،لازم بقى تتفضلي تشربي حاجة أو تفطري معايا ..
نفت سميرة مع قولها:
-معلش يا حبيبتي خليها مرة تانية ..
تابعت السيدة سماح والدة ماهر بتردد:
-هي چنا عندها كام سنة يا أم علي؟
أخبرتها سميرة بلا تردد:
-٢٩ سنة ومعاها بكالوريوس تجارة ..
ابتسمت سماح مرددة:
-بسم الله ما شاء الله، أنا ماهر إبني موظف كبير في شركة كبيرة أوي وبرضوه معاه بكالوريوس تجارة ..ياما نفسي أفرح بيه دا ابني الوحيد ونفسي أطمن عليه.
كانت نظراتها ذات معنى ..وصلت مغزاها جيدا إلى سميرة التي بادلتها النظرات تلك بأمل ..ثم قالت مكملة:
-ربنا يفرحك بيه يارب ..عن إذنك يا حبيبتي..
دخلت سميرة إلى المنزل كما فعلت سماح التي ولجت إلى شقتها، وكان ماهر في هذا الوقت يخرج من الحمام ويقوم بتجفيف وجهه، فقالت سماح برفق:
-صباح الخير يا ماهر ..يلا حضرتلك الفطار ..
اتجه ماهــر إلى طاولة الفطار وجلس بصحبة والدته قائلا بمزاح:
-دايما تيجي في وقتك دا أنا هموت من الجوع ،أنا بقيت أقلق من بطني بتجوع كتير اليومين دول .
ضحكت سماح متابعة:
-بألف هنا على قلبك يا ماهر ..ألا قولي بقى!
ماهر رافعا حاجبه:
-خير يارب؟
-مقولتليش يعني إنك أنقذت بنت الجيران اللي قصادنا يا واد ،بتخبي على أمك؟
ضحك ماهر مضيفًا:
- أنتِ عرفتي منين أصلا؟
-أمها جت تشكرني على موقفك معاها، ست كلها ذوق.
-آه ..عادي أنا نسيت أصلا هو أنا فاكر كلت إيه إمبارح أصلا ؟
صمتت قليلاً قبل أن تتابع بنظرة ذات مغزى:
-طب قولي، إيه رأيك في البنت؟
-رأيي في البنت؟, موووحة سبيني في حالي أنا بقولك أهو!
-يا واد بس رد عليا ..البنت أدب وأخلاق وأمها زي العسل ،وأخوها محترم يعني عيلة كويسة وشايفة إنهم مناسبين أوي وأنا متأكدة إن البنت مش مخطوبة.
ماهر ضاحكا:
-ما تنزلي تجيبي الشبكة بالمرة وتعالي نخبط عليهم ونقولهم جينا نخطب بنتكم.
-بطل بقى يا ماهر ،بتكلم جد والله، يابني نفسي أفرح بيك وأنا شايفة دي مناسبة اوي بجد.
وواصلت دون أن تمنحه فرصة الرد:
-هسيبك تفكر شوية، وبعدها قولي قررت إيه.
فقال وهو يضحك مواصلا تناول الطعام:
-حاضر!
----------------------------
انتهت ميـرال من ارتداء ملابسها المحتشمة أمام المرآة ثم التفتت إلى علي الجالس على السرير قائلة بابتسامة وردية:
-أنا جاهزة يا علي.
وثب قائما متجها إليها مبادلا إياها الابتسامة مع قوله:
-طب يلا يا حبيبي.
اتجهت معه إلى الخارج وهي تقول بقلق:
-أنا خايفة أوي من المادة دي يا علي.
علي باطمئنان:
-متخافيش أنتِ مذاكرة كويس، اجمد يا بطل.
وصلهما بعد ذلك صوت السيدة سميرة وهي تقول بهدوء:
-الفطار جاهز .
جلس علي برفقة زوجته ووالدته ..بينما يقول بتساؤول:
-إومال چنا فين؟ مش هتفطر ؟
-أنا لقتها نايمة أوي مرضتش أصحيها، قلت لما تصحى تفطر براحتها أحسن.
أومأ علي برأسه وبدأ في تناول طعامه، بينما قالت ميرال بضيق:
-أنا زهقت من الفطار دا يا علي، مش معقول هتأكلني كل يوم عيش سن وجبنة قريش أنا زهقت.
علي وقد تنهد قائلا ببساطة:
-بلاش جبنة قريش كلي جبنة لايت عادي، أو بيض أو زبادي لايت برضوه أو بسكوت قمح وشاي أخضر عندك أكل كتير بطلي دلع!
-أنا نفسي في طعمية من اللي طنط سميرة بتعملها، ممكن يا طنط ؟
بادرت سميرة بقولها:
-ممكن اوي عنيا يابنتي.
ليقول علي بحدة:
-هو إيه اللي ممكن يا طنط وممكن يابنتي، ماما متسمعيش كلامها الأكل دا كله هيعلي السكر، سبيهالي أنا هتصرف معاها.
-علي بجد زهقت أنا من حقي أكل اللي بحبه إيه دا!
-لا مش من حقك وبطلي كلام وافطري عشان تلحقي امتحانك ،ولا ناوية تكنسلي عليه؟
زفرت بحنق بينما تتابع بحزن:
-طب إديني حتة تورتة من تورتة عيد ميلادي اللي أنا مدوقتهاش دي!
-ميرال! افطري!
هكذا قال بعصبية تامة، فانصاعت له وتناولت طعامها على مضض إلى أن انتهت منه وهي تتأفف بعدم رضى، بينما تابعها علي بعينيه وهو يشفق عليها، لكنه قال بحزم:
-بالهنا والشفا ..يلا؟
هزت رأسها بصمت واتجهت إلى سميرة تقبل يدها بحنان ثم قالت:
-ادعيلي.
لتقول السيدة سميرة بحنان وافر:
-يا حبيبتي ربنا يوفقك ويجبرك يارب.
-ءامين!
استدارت ماشية برفقة زوجها خارج المنزل، لتهتف والدته بجدية:
-براحة عليها يا علي.
أومأ علي مبتسما وهو يضم ميرال إليه محاوطا كتفيها بذراعه، ذهب إلى المصعد ودخلا معا إليه، ليقول بخفوت ونبرة مرحة:
-هديكي حتة تورتة بس صغيرة لما ترجعي .. مبسوطة؟
نظرت له وقالت بنبرة طفولية:
-لا.
-ليه بس!
-عشان ممكن أتعب، بلاش خليني كويسة أحسن.
ابتسم بلطف وضمها إليه أكثر مع قوله:
-ما أنتِ هتديني نصها فمش هتأثر أوي يعني!
ضحكت قائلة بغيظ:
-يعني حتة صغيرة وكمان هتاخد نصها يا أبو علي؟ دا إيه الكرم دا بقى؟
-شوفتي عشان تعرفي بس إني مش حارمك من حاجة.
-ربنا يخليك ليا، والله يا علي وجودك هو اللي معوضني عن كل حاجة ،أنت الحاجة اللي محلية دنيتي..بحبك أوي.
وقف بهما المصعد ليزفر علي قائلا بمزاح:
-هو دا وقته مش خارج!
ضحكت بشدة مع قولها:
-يلا يا علي، كدا عيب على فكرة..عيب!
-بس الاسانسير دا حاجة زي الفل بصراحة ..
جعلها تقهقه ضاحكة،. بينما يشاركها الضحكات وهما يتجها خارج البناية....
وصلت سانــدرا إلى القصر بعد مرور الوقت وانتهاء يومها الدراسي في الجامعة، أقبلت على والدها باشتياق واحتضنته بمحبة وودّ، وكذلك فعل "فاخـر" الذي قال بعتاب:
-كدا تغيبي عن أبوكي المدة دي كلها يا ساندرا؟
ربتت ساندرا على كتفه متابعة بابتسامة هادئة:
-معلش يا بابا أنت عارف إني بمتحن والوقت اللي بكون فاضية فيه بحاول أستغله في المذاكرة.
-طيب يا ستي ربنا يوفقك، قوليلي أخبارك إيه وأخبار جوزك عايشين ازاي؟.
أجابته ببساطة:
-الحمدلله يا بابا عايشين كويس أوي.
-عايشين كويس؟
سألت سهيــر التي أتت من خلفهما بتجهم، بينما تستطرد بجمود:
-مش باين يعني يا ساندرا، حتى لبسك بقى بلدي أوي وإيه الطرحة اللي على شعرك دي؟
ابتسمت سانـدرا بحزن وقالت بعتاب:
-مش هتسلمي عليا حتى يا ماما!, كل لما تشوفيني تقوليلي كدا؟!
صافحتها سهير متنهدة وهي تقول بهدوء:
-يا قلبي بقول كدا لأنك صعبانة عليا أوي، بقى أنتِ ساندرا بنتي اللي الكل كان بيحلف بجمالك؟
أردف فاخر بغضب:
-في إيه يا سهير ؟, مالها ما هي زي الفل أهي! ولا لازم تلبس زيك وتعيش عيشتك عشان تبقى حلوة سبيها براحتها.
-طبعا أنت هتقول إيه غير كدا فاخر، أنت السبب أنت اللي جوزتها الحداد دا، بنتي أنا ساندرا متجوزة حداد حقيقي مش قادرة أصدق هتجنن أكيد هيجرالي حاجة!
-يارب.
قال فاخر وهو يكمل بغيظ:
-يارب عشان أخلص منك يا سهير ..
-شايفة يا ساندرا؟
تنهدت ساندرا بضجرٍ ثم قالت:
-صلوا على النبي مش كدا.
فغرت سهير فمها بدهشة وهي تردد ما قالته ابنتها:
-صلوا على النبي؟ بقيتي بتتكلمي بغلة الحواري..no بجد!
صاح فاخر بغضب قائلا متعمداً استفزازها:
-يا ولية اتلمي بقى عيب عليكي!
صرخت في وجهه قائلة بحدة عارمة:
-ولية؟؟؟؟
ضحكت ساندرا بشدة وهي تقول:
-خلاص يا بابا ..خلاص يا ماما قصدي يا مامي ..خلاص ريلاكس ..ريلاكس حلو كدا يا مامتي؟
-بتهرجي يا ساندرا !
-يا ماما بجد مش عارفه أنتِ زعلانة ليه، أنا وراضية ومبسوطة بحياتي ،حتى لو بقيت أتكلم بلغة مش عجباكي هي عجباني وطالما مش بعمل حاجة غلط أو عيب يبقى حضرتك تزعلي ليه؟
حركت سهير رأسها بيأس مستأنفة بتجهم:
-أنا طالعة أوضتي ..
انصرفت على ذلك, بينما جلست ساندرا بصحبة والدها الذي قال بمرح:
-سيبك منها دي ولية مجنونة بجد.
ضحكت ساندرا قائلة:
-معلش يا بابا، بالهداوة.
-قوليلي بقى يا ستي محتاجة فلوس؟
ساندرا بصدق:
-لا والله يا بابا حازم مكفي كل طلباتي وحقيقي مش محتاجة حاجة.
أدخل فاخر يده في جيبه ثم أخرجها ومد يده لها قائلا بهدوء:
-طب خلي دول معاكي لأي ظرف، أعملي بيهم أي حاجة ليكي.
ساندرا بنفي:
-معلش يا بابا مش هقدر أخدهم.. حازم بيزعل جدا عشان خاطري بلاش
-ويزعل ليه؟, أنا أبوكي وخير ربنا كتير ،طول ما أنا عايش هفضل أديكي وبعد ما أموت كله ليكي أنتِ وأختك
-بعد الشر عنك يا بابا ربنا يديك العمر.
-طب امسكي ولو هيزعل أوي يا ستي متعرفوش حاجة عن الفلوس وشليهم امسكي بقى.
أخذتهم ساندرا مضطرة ثم وضعتهم في حقيبتها الخاصة قائلة:
-شكرا يا بابا.
-----------------------------------
ترجل أدهم من سيارته في حديقة القصر وأخذ يسير باختناق شديد بعد مواجهته مع ملك ..لاحظت تمارا أنه في أوج غضبه الآن من الأعلى حيث كانت تنظر من شرفة غرفتها عليه ...
ضاقت عيناها بنظرة إصرار تام وهي تحدث نفسها:
-مبقاش أنا تمارا الجزار يا أدهم لو مبقتش ليا ونسيتك الفيلجر دي .. أدهم أنتَ ليا أنا وهثبتلك
تم الجزء الأول عبر مدونة دليل الروايات
لبدا الجزء الثاني اضغط هنا
- الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة :"رواية لمن يهوى القلب" اضغط على اسم الرواية