رواية جوهرة بين اغلال الشيطان البارت السابع عشر 17 بقلم منى ابو اليزيد
رواية جوهرة بين اغلال الشيطان الفصل السابع عشر 17
وزع سنان بصره على جميع الاتجاهات، علق عينيه على هاتف المحمول الخاص بجوهرة، تحرك بسرعة يغلقه على الفور، دس سده في جيب سترته، أخرج هاتفه المحمول، بدأ في الرنين المتواصل على أحد الأشخاص، وهتف:
-الو
-تحت أمرك يا دكتور
-راقب الدنيا قبل ما تطلع أنت والرجالة
-ماشي يا دكتور
-أنجز قبل ما تفوق وجيب الحاجات اللي هنحتاجها معاك
-في الإنجاز يا دكتور سلام
سمع صوت طرق على الباب، نظر من العين السحرية الموضوعة على الباب ليتأكد من الطارق، يليه فتح الباب، أشار لهم أن يحضروها، تم قيدها بالحبال، ولأزقة على فمها، حين انتهوا من كل شيء، قال أحداهما:
-كده تمام بس هنخرج بيها أزاي أحنا في عز النهار
ابتسم بمكر قبل أن يرد:
-كل حاجة مجهزها اتنين هيبقوا معايا والباقي هينزل تحت وتمثلوا خناقة عايزها تولع عشان الحارة كلها تتلم عليكوا والاتنين اللي معايا هيخدوها في العربية بتاعتي وأنا اول ما أطلع بالعربية بعيد تلموا أنتوا ليلة
تحمس الجميع للفكرة، سرعان ما تنفذ كل حرف ليأخذها إلي شقته القديمة التي لا يعرف عنها أحد
.......
في الصباح الباكر ظلت حنان على أعصابها، عبثت أناملها بتوتر شديد يكسوها من الداخل والخارج، من الحين للآخر تجز على أسنانها تخرج التوتر، والقلق المستحوذ عليها، أرخت قليلاً عندما اخترقت أذنيها صوت ياسمين تقول:
-وبعدين معاكي هتفضلي كده كتير
صمتت لبرهة، ثم اختصرت الكلام
-قلقانه من كل حاجة مش عارفة شكل حياتي هيبقي أزاي منك لله يا سنان أنت السبب
تمتمت وهي ترحل لحجرتها غابت دقائق، وعادت بجوارها مرة أخرى بابتسامة على شفتيها، جلست بجوارها قبل أن تهتف:
-إن شاء الله كل حاجة هتتحل تفائلي خير
لم يعجبها الحديث، أجابت عليها باعتراض:
-أزاي بس دي كل حاجة بايظة حواليا
ظلت مناوشات بينهما يكسوها التفاؤل اتجاه ياسمين، والتشاؤم من اتجاه حنان، حتى قطع المناوشة صوت قرع جرس الباب، أشارت لها بالدخول خلف الستارة حتى لا يشاهدها أحد وعاونتها على ذلك، ابتسمت بنصر عندما رأت كلاهما وليد وحمزة، فسحت الباب على مرصعيه لكي يدخلان للداخل، غمزت بعينيها إلي وليد حتى يفهم معني الحديث، فقالت بقلق:
-والعمل إيه يا جماعة هنسيب حنان كده
أخرج حمزة تنهيدة من صدره، وقال بأسي:
-كل حاجة بتبوظ موضوع الرسايل مش مضمون
كور قبضة يده حتى يقلل غضبه الذي برز في كيانه كله، ثم أضاف قائلاً:
-أنا مش عارف أعمل إيه أول ما وليد كلمني وقالي في حاجة عندك مضمونة توصلنا ليها جيت علطول
شبكت يديها لبعضهما البعض، وأصدرت صوت فرقعة خفيفة، ليرسم وجهها بكتلة من البرود قبل أن تنبض بالتساؤل:
-طيب ممكن سؤال ليه بتساعد حنان
ألجمها السؤال لسانه، لا يعرف كيف يجيب عليها اكتفي بأول كلمات على ذهنه:
-عشان أبنها عارف هي بتحبه قد إيه
مطت شفتيها بضيق، وقالت بحسرة:
-طيب ثانية واحدة وجاية
دخلت الحجرة التي بها حنان، وقالت بحزن مخفي:
-خلاص تعالي أطلعي بره
هزت رأسها بالنفي، فقد سمعت صوته بالخارج قائلة:
-لا مش هطلع إيه اللي جابه
صممت أن تخرجها معها لكي يطمئن عليها، علقت عينيها عليه الذي قابلها النظرات الثابتة عليها، لم يصدق ما تراع عينيها، وقف الزمن عنده عيناه تمتلئ بالشغف الذي فقده في بعده عنها، اكتفي بذكر اسمها
-حنان
نطقه لاسمها أوقف الزمن عندها لفترة من الوقت، ظلت العيون تتحدث حتى اقترب منها قائلاً:
-إيه اللي حصل أنا ناقلتك للمستشفي وقالوا أنك في غيبوبة
اضطرت أن تحكي له كل شيء حتى تجارة الأعضاء، وكانت أخر كلمات قالتها:
-لو عايز تساعدني عايزة أرجع أبني
أومأ رأسه بالموافقة على حديثها، وقال بنبرة وعد:
-أوعدك في أقرب وقت أبنك هيبقي في حضنك بس لازم نعرف كل خفاياه اللي تعرفيها
.....
في الصباح المشرق استيقظ أصيل، وقلبه يصيبه بالقلق، لقد تلاشي أن يتصل عليها أمس اكتفي بإرسال رسالة نصية، خرج من الحجرة مر أمام الحجرة الخاصة بابنه، وقف لبضع لحظات يتذكره، ولج للمرحاض باندفاع فتح صنبور المياه، غطس رأسه تحت رزاز المياه، اكتفي بلف منشفة حول خصره
نظر إلي عقارب الساعة المعلقة على الحائط، مازال الوقت مبكراً، تصرف بتلقائية لم يعي حساب لشيء، شعر بحرارة الجو كاد أن يدخل الشرفة لكنه تذكر أنه دون ملابس ركض إلي حجرته أخذ بنطلون سريعاً وارتداه في عجله بالإضافة إلي أخذ هاتفه المحمول لكي يتصل على جوهرة حتى يتفقان على ما يفعلاه اليوم، وقف في الشرفة بجزعه العلوي عاري الصدر، ضغط على عدة أرقام وكاد أن يضغط على زر الاتصال لكنه تراجع حين تذكر حديثه معها على شعرها، فهو نفس الموقف لا يصح أن يشاهده بجزعه العلوي، ابتسم رغماً عنه لقد افتقد منها تلقين الدروس التي استطاعت أن تتعمق من خلالها في قلبه دون قصد، كمل اتصاله لتذكره أنه يعيش في قصر، والمكان خالي من أي وجود نساء
لم يجد أي رد منها لديها الحق أن تحزن، لم يسأل عليها اكتفي بإرسال رسالة، ولم يتصل بها أمس، انشغل في عمله
عاد الاتصال مرات كثيرة لكن دون جدوى، الاتصال ينتهي دون رد، بعثر القلق والخوف داخل أعماق قلبه، سارع في خطواته ليرتدي، ويذهب عندها
بعد فترة قصيرة من الوقت، كان يقف أمام شقتها، ألجمت المفاجأة لسانه، باتت الكلمات تخرج منها بصعوبة بالغة، وقف لبرهة ينظر إلي الباب المفتوح، جمع شتات نفسه محدثاً نفسه:
-أزاي الباب مفتوح
قرر الدخول داخل الشقة، لم يجد أحد، عينيه جابت هاتفه المحمول، لم ينتظر المزيد، أتصل على مرام لتأتي تقابله في أحد الأماكن
جلسا في أحد المقاهي، فركت مرام يديها من التوتر الشديد، التزمت الصمت لفترة حتى قالت:
-أنت كنت عايزني في موضوع
أومأ رأسه بتأكيد قائلاً بثقة:
-آآه أنا بتصل على جوهرة مش بترد
لعب بأعصابها كثر حين أردف قائلاً:
-وروحت بيتها لقيا الباب مفتوح وملهاش أثر
احتقنت عينيها بالغضب مع فرش وجهها بملامح الصدمة، فكانت وجنتيها كتلة حمراء، تفوهت وعينيها متسعة من ما قاله، غرقت أن تبوح بما لا يعرفه أم تصمت، فهي أخذت القرار بالموافقة على تلك التجارة، ولا يجوز الندم بعد فوات الأوان فقالت بأعتراض:
-مستحيل اللي أنت بتقوله
هز رأسه بالنفي، وتفوه:
-لا حقيقة وأنا مش عارف أعمل إيه لقيت نفسي بفك فيكِ أنا خايف من حاجة معينة إن سنان يكون وراء كل حاجة
شبكت يديها لبعضها البعض قائلة بتأكيد بعد ما كست ملامح وجهها بالحزن والصدمة:
-أنت صح
رده عليها جعلها تصمت فلم تجد كلمات تبوح به، حقاً هو محق لفعلته وحديثه، هي المذنبة وليست ضحية:
-يبقي تساعديني حق أختك اللي هتجبهولنا جوهرة البداية من عندها مش ده اللي أحنا عايزينه
عضت على شفتيها السفلي تحاول كتمان عبراتها حتى لا تظهر له مرة أخرى، وقالت بصراخ:
-لا أنت فاهم غلط
اقترب منها رويداً رويدا، صفحت أنفاسه وجهها، وهدر بعنف:
-فاهم غلط
بلعت ريقها بتوتر قبل أن تبوح:
-هحكيلك كل حاجة بس والله مكنتش أعرف أي حاجة من اللي حصلت مع أختي وجوهرة
...........
بعد فترة من الوقت، نظرت مرام إلي المال الموضوع في ظرف، تلك الفلوس أدت إلي بيع أختها، أصبح البيع بكل سهولة بسبب جلب المال، كرهت نفسها في تلك اللحظة، لم تشعر بنفسها غير وهي تلقي المال على الأرض باندفاع، ثم خفت وجهها بين راحتي يديها هاربة في بحر دموع لم تعي بالواقع إلا على صوت أصيل يقول:
-حد يرمي النعمة كده مش ده كان مقابل اللي عملتيه عشان تنقذي حبيب القلب وأختك تدفع التمن
هزت رأسها بحركة دائرية بنفي تام قائلة:
-مش عايزة الفلوس دي عدو الإنسان عمرها ما كانت نعمة صدقني
لعب معها بطريقتها، وكزها بخفه في صدرها قائلاً بعدم رضا:
-الفلوس دي اللي فضلتيه عشان منعرفش الحقيقة
صاحت فيه عالياً:
-قولي عايز إيه بدل ما أنت بتقتلني بكلامك
ابتسم بسخرية قبل أن يقول:
-هيكون إيه نقطة ضعفه
أومأت رأسها بالموافقة باستسلام، ليس في يدها شيء غير هذا، ردت عليه ببكاء:
-طليقته وابنه
حرك مقود السيارة، ليصل إلي مكانهما، هنا فهمت سر إصراره أنها يذهب إلي طليقته، ظنت أنه يفعل فيها شيء سيء، لكنها كانت حمقاء، من الصعب أن يفعل ذلك دون استفادة، فقالت:
-أنت عايز إيه من طليقته
مسح على رأسه قائلاً:
-كبري دماغك منى عقبال ما نوصل أنا لازم أوصل لجوهرة دي في خطر وبسببك
تأففت من الضيق، تعرف طباعه جيداً الكلام ليس له فائدة معه مقتنع بشيء لا يجوز تغيره مهما يكن، استسلمت له في النهاية، أرادت توضيح فعلتها قائلة:
-يوه أنت مصمم ليه إن أعرف اللي كان هيحصل لجوهرة أنا كان أخري هياخد أعضاء من أبوها ولما قولت لك خليها تبلغ عشان كنت فوقت
ضرب كفاً على الآخر، لم يعجبه حديثها هو يعتقد أنها لا تفكر غير في المال، بينما هي تفكر في تصليح كل شي، وهتف:
-يا بنت*** أخرسي عقبال ما نوصل
استقرت السيارة أمام بيت حنان، باغت حين رأي جميع الحارة يقفون أمام البيت، يهتفون بكلام يهين حنان، رمقها بنظرات غير راضية، قائلا بحدة:
-أنتِ سبب كمان في تهمة البنت ما أنتِ كده مرقباها وعارفة عنها كل حاجة
- تابع الفصل التالي عبر الرابط: "رواية جوهرة بين اغلال الشيطان" اضغط على أسم الرواية