Ads by Google X

رواية ارتواء الروح الفصل الثاني 2 بقلم سارة فتحي

الصفحة الرئيسية

  رواية ارتواء الروح الفصل الثاني 2  بقلم سارة فتحي


 رواية ارتواء الروح الفصل الثاني 

***
اشد انواع القسوة، فكرة بائسة
يحبس البشر داخلها انسانًا
فتبكى قلوبهم، واعينهم صامتة

***
تسير بآلية داخل الشقة ، اثاثها قديم لكن لا يؤثر عليها
كل ما تريده الراحة والصمت حتى تبدء رحلتها غدًا فى البحث عن مصدر رزق لها،
ولجت للغرفة ترتمى فوق الفراش تبكى بمرارة غصبًا عنها فدموعها دائمًا هى مصدر التنفيس عن نفسها ،
هل من العدل أن تتحمل عواقب كل شئ يحدث للأخرين ، تكورت على نفسها ، ثوانى قليلة وداهمها النوم من شدة الأرهاق

***

على الجانب الأخر يجلس على طاولة الطعام بعدما انهى عمله يتناول طعامه بشرود ، تحت انظار والدته المنتبه له ،
علقت فى استنكار من حالته هذه :
- مالك يا انس يا بنى فى حاجه فى الورشة ؟!

انتبه من شروده على صوت والدته فابتسم وهو ينظر لها :
- لأ يا ست الكل مش الورشة بصراحة بفكر فى
اللى اسمها ونس ديه مش عارف صح نقعدها هنا
واللى بتقول ده صح ولا لا .. مش عارف

قطبت جبينها بعبوس وهى تقول بتعجب :
- طب لما انت قلقان كده جبتها ليه ؟!
بس والله يا انس شكلها بنت غلبانه ، مع كل حلاوتها ديه وجمالها يطلع عليها وشها فقر شكلها اتحملت كتير ،
انا خبطت عليها كتير من شوية فين على ما ردت وادتها الغدا قولت حرام لوحدها برضو
مكانتش مصدقه نفسها

أوما مؤكدًا على حديثها والجدية ترتسم على ملامح وجه قائلًا :
- انا بردو مستغرب اوى ازاى بكل البراءة اللى فيها يقولوا عليها كده ، بس بردو يا ست الكل ناخد حذرنا

بعد ان انهى طعامه وقف فى شرفته وفى يده كوب من الشاى الساخن يرتشف منه ولكن فجأة تسمر بصره على تلك الحورية التى تقف امامه فى الشرفة
وحجابها الذى ترتديه بأهمال تظهر منها خصلات شعرها التى تشبه ألسنة اللهب

زفر وهو يراقبها فهى تشبه قطعة الحلوى الشهية
لم يستطيع منع تفكيره عن حجم المعاناة التى
عاشتها،
حاول ان يشيح نظره عنها بصعوبة فنظر
للأسفل انتبه للمقهى
وكأنه اول مرة يلاحظ وجودها غزي التهجم ملامح وجهه فتحمحم حتى تلاحظ وجوده
نظرت نحوه وتبدلت ملامحها واسرعت للولوج للداخل
فأوقفها قائلًا :
- يارب تكونى مرتاحة هنا ، بس معلش فيه حاجة عايز ألفت نظرك ليها ومش قصدى حاجه لا سمح لله
بس فيه تحتك قهوة و بلاش وقفتك كده فى البلكونه

اخفضت رأسها وهى تحاول ان تخفى عيناها التى شارفت على البكاء من مرمى بصره ،
فهى لا تريد أن تكون مصدر ازعاج أو بأحرى لا تود أن تخسر هذا المكان حاليًا
همست بخفوت قبل أن تندفع للداخل :
- حاضر .. اسفة لو عملت حاجه غلط ومكنتش واخده بالى

مرر أنامله على خصلات شعره وهو يرفع حاجبيه باستنكار قائلًا :
- دي كانت هتعيط .. لا وتقولى اسفة لو غلطت
شكلى داخل على ايام عنب

****
فى صباح اليوم التالى
ولجت ونس من باب الشقة مازالت تشعر نظرات وهمسات اهل القرية تحاصرها وتجد صداها بداخلها تنهدت بثقل محاولة التفكير بايجابيه اكثر ، وبث التفاؤل لنفسها
تحركت صوب الدرج وفجأة تنبهت حواسها لصوت يناديها استدارت طالعت السيدة نوال بوجهها البشوش ، فابتسمت نوال قائلة :
- صباح الخير يا حبيبتى ، على فين كده على
الصبح ؟!

لحظات تحولت لدقائق ولم تجيبها وهى تحدث نفسها
أى خير هذا ؟! من الواضح ان تلك السيدة لم تصدق ما سردته لها بالأمس همست بخفوت
وهى تنزل اولى الدرجات :
- صباح الخير

لم تستسلم السيدة نوال للهجتها وهروبها
فتابعت ثانية لتستوقفها :
- رايحه فين كده على الصبح بدرى ؟!
ومالك مش بتردى ليه ؟!

اجابتها وهى تجاهد أن ترسم ابتسامة شاحبه :
- معلش ماخدتش بالى بس نازله بدرى ادور على شغل

اقتربت منها تستطرد مبتسمه بحنان :
- طب ده لسه بدرى . تعالى ادخلى نفطر مع بعض وبعد كده انزلى براحتك

ردت عليها بهدوء يشوبه الحزن :
- لا شكرًا اوى عشان ألحق

مدت يديها تسحبها للداخل معاها رغمًا عنها وهى تهتف :
- ايه اللى شكرًا ده لازم تقعدى تفطرى معانا
مفيش اعتراض عندى ...انا زى والدتك وميصحش تقولى لا

تركتها واتجهت صوب المطبخ فجلست ونس على الأريكة وبداخلها مشاعر متضاربة، لكن تشعر بسعادة فتلك السيدة رؤيتها تريح قلبها
وتتعامل معاها بحب وحنان أموي افتقدته
لم تخشى أن تصيبها بالنحس مثل خالتها
لانت ملامحها وهى توزع انظارها فى اركان البيت

اما بالداخل نهض انس وافقًا من على الفراش
يرتدى بنطال قطنى اسود وعارى الصدر كعادته
فى بيته ثم ولج للخارج بخطوات متثاقلة يحارب النعاس يبحث عن والدته فجأة سمع صوت صراخ
اتسعت عيناه بصدمة لتلك التى تصرخ امامه :
- فى أيه ؟! فين امى جرالها حاجه ؟! انتى ايه اللى جابك هنا ؟!

استدرات توليه ظهرها وهى تهتف بحدة :
- انت ازاى يا استاذ يا محترم ازاى تخرج كده

رمق نفسه بنظرة سريعة توسعت عيناه بصدمة
التقط سترته من على المقعد يرتديها سريعًا
ثم تحدث قائلًا بحرج :
- خلاص خلاص ، هى فين امى ؟!

استدرات والغيظ يرتسم على ملامحها وهى مازالت مغمضه جفونها لتتحدث بحدة :
- انت ازاى تخرج كده ؟!
انت مش شايف منظرك

ابتسم وهو يطالع جفونها المغلقة وحركتها العفوية وملامحها البريئة تجعلها فاتنة بإغواء تنهد ينفض تلك الافكار وكاد أن يعتذر لكنه تذكر انه فى بيته وهى الضيفة فاجابها بتهكم :
- على فكرة انتى اللى فى بيتنا هنا مش انا اللى عندك
وطبيعى انى انام كده فى بيتنا عادى

خجلت من تعليقه وشعرت بسخافتها فى هذه الاثناء هرولت والدته من المطبخ على صوت صراخها وجدتها تطرق نظرها للأسفل باحراج
بينما هو عيناه متعلقة بها همست متسائلة بريبة :
- جرى يا حبيبتى بتصوتى ليه ؟! مالك ؟!

قاطعها أنس بلهجة مستنكره قائلًا :
- يا نبع الحنان لما فيه ضيوف فى الصالة مقولتيش ليه هااا ولا أنا دكر بط فى البيت عايش معاكى

ضربت نوال صدرها ثم ضحكت قائلة :
- يووووه نسيت يا أنس .. على سيرة البط بقى
انهارده ونس معزومه عندى على بط
ثم تابعت حديثها : بقولك ابقى قول للواد امير يطلع يتغدا معانا بحبه الواد ده اوى

جز أنس على شفتيه وهو يميل برقبته
بحركة مستنكره وكاد أن يشد شعره من الغيظ :
بط أيه ؟! وامير ايه؟! بقولك مش تقوليلى عندنا ناس وانتي عارفه انا بنام ازاى

ربتت على كتف ونس التى تحاول كبت ابتسامتها
واعادة نظرها إلى ابنها قائلة بغيظ :
- ما خلاص يا واد انت مش سترت نفسك بلاش غلبه ويلا عشان نفطر وتنزل السوق تجبلى الطلبات

اتسعت عيناه وفاه سويًا وبينما هى لم تقدر على كبح ضحكاتها اكثر فأنفلت منها ابتسامة ناعمة وظهرت غمازتها
ثم اسرعت تمضى خلف والدته وقف ينظر فى اثرها وقلبه يدق بعنف يهمس لنفسه :
- طب عليا النعمة كانت عايشه مع بهايم دي نحس ديه
اومال الوليه الحشريه اللى ساكنه تحت دي ايه
ده بتستجوبنى كل يوم الصبح وبليل

انهوا طعامهم سريعًا ثم نهضت واقفة بابتسامة هادئة تستئذن للخروج فاندفع هو دون وعى او ذرة عقل يسألها :
- انتى رايحه فين كده على الصبح ؟!

ثوانٍ من الصمت فأسرعت والدته تنهى ذلك الصمت
وتلكزه فى كتفه :
- رايحه تدور على شغل متتأخريش بقى عشان الغدا
وانت يلا انجز عشان تلحق السوق انت هتقعد تحكى

هزت رأسها وانصرفت بخجل من تصرفت تلك السيدة العفوية التى كادت تصيب ابنها بذبحة صدرية واغلقت
الباب خلفها

****

عادت تسير بخطوات متثاقلة نحو البنايه
وكل ما يشغل بالها شيئًا واحد هو أن تُعيد غدًا
نفس الجولة فى البحث عن عمل فى تلك المدينه
الكبيره ..
أما هو رأها تخطو من امام الورشه تتجه نحو مدخل البناية بحالة شرود غير واعيه لخطواتها،
لحقها مسرعًا وهو فى حالة تعجب من ذاته لم يراها سوى مرتين وتشغل باله
يود أن يعرف كل شئ عنها ، صعدت الدرج لكنها شعرت بأحد يتبعها استدرات مندفعه تضربه بحقيبتها
فوق رأسه ، رفع يده ليحمى وجه وهو يصرخ بها :
- انتى مجنونه ؟!

ميزت صوته وعضت على شفتيها باستيحاء من فعلتها
فهمست بخفوت :
- اسفه كنت فكراك حرامى

مازال واضعًا يده على رأسه من أثر الخبطة ثم اجابها
بتهكم :
- حرامى !!!!
وحرامى دخل وراكى لحد البيت ليه الحته مفيهاش رجاله

- اه
اندفعت فى الاجابة بينما هو توسعت عيناه من الصدمة :
- نععععم

هزت رأسها يمينًا ويسارًا تنفى ما وصل إليه قائلة :
- اه يعنى فيها .. اسفه بس أنا فعلًا اتخضيت

انفرجت شفتى انس بابتسامة وهو يمرر نظره على ملامحها :
اه افتكرت ..على العموم حصل خير

رفعت عيناها إليه كان يرتدى (تيشرت) رماديًا
وسروال باللون الأسود وعيناه داكنتين وملامحه الرجوليه الخشنه،
دقه مغايرة لدقات قلبها عندما وصلت إلى عيناه، ابتلعت وهى تكبح نظراتها
حاولت الهروب منه فهمست :
- اسفه تانى عن اذنك

لم تنتظر رده واسرعت تصعد الدرج وصدرها يعلو
ويهبط بالكاد تلتقط انفاسها ، شيعها هو بنظراته
حتى اختفت من امامه ، وضع يده على موضع
قلبه متسائلا :
- معقول !! طب ازاى ؟! ولا أمته ؟!
لأ دي اكيد صعبانه عليا

****

بعد مرور عدة أيام كان انس فى ورشته الخاصة يعمل و عقله ليس معه بل مع تلك الفاتنه ، مازال يشغل تفكيره بها يراقبها كل يوم صباحًا تذهب وتعود عصرًا
أما اليوم فالشمس قد غابت وهى لم تعود ، حاول صرف تفكيره وصب انتباه على السيارة التى يقوم باصلاحها لكنه لم يستطيع فتركها وجلس على مقعده ينظر امامه بشرود كم هى رقيقة للغاية ،لكن هل هى بالفعل نحس
نهر نفسه ورفض التفكير هكذا
كيف لبشر أن يحكمون على احد انه وجه الخير او الشر
اللفظ فى حد ذاته صعب غضب وضيق عارم يتملكه
عندما يتذكر ذلك ، لكن لماذا تركها زوجها ايضًا ؟!
هل لهذا السبب أم لسببًا اخر ؟!
قطع تفكيره ظهورها امامه بفستانها الأسود وحجابها احمر اللون شارده كالعاده بملامح حزينه ، لكن يبدو انها كانت تبكى
ولجت لمدخل البناية نهض مسرعًا خلفها
اتسعت مقلتي عيناها وهو يصعد خلفها الدرج
يحاول اللحاق بها وقفت عاقده ذراعيها امام صدرها :
- خيررر

بلل شفتيه يسألها بأهتمام جلى :
- ونس مالك شكلك زعلان ؟!

اجابته باقتضاب وهى تصعد للأعلى ثانيةٍ بنبرة تحمل برودة الشتاء :
- ماليش مش زعلانه عن اذنك

صاح بها بعنف وهو يجذبها من معصمها ليجبرها على الاستدارة له :
- لما أكلمك تقفى هنا ، مالك ؟!

جف حلقه عن الكلام عندما طالع دموعها تنهمر على وجنتها ..
يتبع الفصل التالي :اضغط هنا
الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة: "رواية ارتواء الروح"اضغط علي اسم الرواية
google-playkhamsatmostaqltradent