رواية اوتــــيـــل الفصل الثالث بقلم حبيبه محمد
رواية اوتــــيـــل الفصل الثالث
انَتُ نـٓوُرٍيُ حـٰيٌنُ أطُـفّأنُيَ الـّجُمٌيٍعُ
انَتُ بُسـٰمتيُٰ حـٰيٌنُ أحُـزّننُيٰ الـّجُمٌيٍعُ
انَتُ امـُلٰيٌ حـٰيٌنُ خـُذّلٓنٌيّ الـّجُمٌيٍعُ
انَتُ كُلـّٰيُ..انَتُ كُلـّٰيُ...
اوتــــيـــل
_________________________________________
انت يالي خدت قلبي...
من الزمن ومن اللي فيه...
خدت قلبي لدنيا تانيه...
احلى من اللي حلمت بيه...
تلك هيا كلمات الموسيقى التي اردفت من داخل التسجيل الذي بسياراتهم حاول التحدث معها كثيراً وجاهد في ارجاع روح تمردها الذي اشتاق لها قلبه ولكنه وجدها صامته تطيل النظر إلى الفراغ، كلما تذكر هيئتها الباكيه والمناجيه له يشعر وكأن هناك سوط يجلد قلبه.
تنهد بحزن وهو ينظر لها قامت بأرتداء قبعه من تحتها تخبئ خصلاتها وكأنها تخشى عليها كل الخشى بأن تتساقط تحميها كما تحمي الأم صغارها، يلمح دموعها التي تتساقط من بين حين إلى آخر لماذا قد القها القدر في طريقه يا الله أكان ينقصه أن يحمل ألم طفله صغيره غير قادره على مواجهه الحياه.
_ماما كان عندها كانسر قبل ما تمشي.
هتفت بها بصوت شارد فأخذت الكلمات تتردد بداخل عقله فألقي نظره عليها وهو يلمح طيف دموعها يترقق للسقوط مجدداً ابتسمت أروى بألم وأكملت وهيا تنظر إلى الطريق من أمامها وتنظر إلى تلك الأم التي تمسك بيد صغيرتها وتمد لها الحلوى :
_بابا قالي ان كان عندها كانسر قبل ما تمشي وتسيبني ويمكن هيا سابتنا عشان كانت خايفه اننا نشوفها وهيا ضعيفه أو أنها كانت خايفه نظرت بابا تتغير ليها في يوم من الأيام لما يشوف شكلها بهت وبقتش زي اللي كان بيحبها، بس بالرغم من شوقي ليها فأنا مش مسمحاها انها مشيت وسابتني كان ليها الف حجه وحجه انها مش تسيني وتمشي هيا سابت بابا من غير حتى ما تسيبله جواب تبرر فيه سبب مشيها،أنا بسمع بابا كل يوم وهو بيكلم صورتها وبيلومها ما هما ياما عدو مشاكل ومطبات سوا ليه المره دي بس اتخلت عنه وعني!؟، هيا سابتني تايهه كأني في أوتيل طويل عريض توهة فيه وملقيتش اوضتي اللي هرجع ليها اوضتي اللي سيبت فيها فرحي وزعلي وضحكي ماما كانت هيا الأوضه اللي مستحيل تتعوض في أوتيل بس عارف..
هتفت بها أروى وهيا تلتفت وتنظر له بعينيها الدامعه:
__حتى لو رجعت مش هسامحها، عارف ليه لأن احنا مبنسامحش، مبنسامحش حد كان سبب لو جزء بسيط من الخراب اللي معشش جوانا، مبننساش ودي طبيعه غلابه فينا مبننساش حد أذانا أو جه على جرحنا، ممكن ندوس على قلبنا مره وخمسه وعشره بس بيجي المره اللي بندوس فيها على نفسنا ونعدي، مبنسامحش حد حتى لو ابتسمنا في وشه حتى لو ضحكنا معاه بتفضل ضغينه الكره جوانا نحيته، مبنسامحش حد فرض تواجده في حياتنا وفجأه بعد ما كان سبب في تعلقنا فيه، عمل زي أنثى العنكبوت كل حياتنا ومشي، مبنديش فرصه تانيه عشان منتوجعش زياده، احنا بنعيش وبنتعلم بس برضه مبننساش ولا بنسامح، احنا بشر مش ملايكه ومش شياطين برضه مش عارفه إذا كنت فهمتني أو لا بس احنا مبنسامحش لأن ببساطه قلبنا عامل زي الأوتيل مبيستحملش الناس الكتير الزياده عن حجمها وبيجيله يوم اللي بيرفض فيه دخول حد زياده اوضه من اوضه.
صمت أنس وهو يرتب كلماتها بعقله ويعيد كرت حساباته ويتذكر ما مضى عليه من القرون دهراً فهتف متنهداً وهو ينظر لها :
_على الأقل انتي عندك اب، أنا اتولدت لقيت نفسي بين ام وأب ميهمهمش غير نفسهم أم ميهمهاش غير المنظر والبرستيج واب الشغل بتاعه أهم من أي حاجه، اترميت في مدرسه داخليه ربيت فيها نفسي بنفسي كانت لما تيجي ايام الأجازات كنت برفض أني اخرج لأني مكنتش هلاقي حد مستنيني، مصاحبتش واي حد كان بيحاول يقرب مني كنت ببعده لأن انا معنديش حاجه أقدمها ليه، فضلت الصمت عن الكلام كنت واخد ركن بعيد عن الكل لحد ما خلصت دراستي وجبت مجموع حلو يدخلني اي كليه احلم بيها وهنا اترميت بره تاني في أمريكا في كليه عمري ما حلمت بيها وكل ده عشان امسك شغل والدي اللي عمري ما نطقت وقولتله يا بابا واتخرجت واشتغلت وسكت، قولت الكلام مفيش منه فايده مجرد طاقه على الفاضي فحبيت الصمت لحد ما هربت، هربت وسبت كل حاجه ورايا تضرب تقلب لاني زهقت، على الأقل انتي حياتك عشتيها متفرضتش عليكي عندك اب هيموت عليكي إنما أنا معنديش اي حاجه على الاقل انتي عندك فرصه انك تلاقي أوضتك وترجعي ليها تاني إنما أنا مليش أوضه اصلاً.
ملئ الصمت السياره من جديد أباح كلاً منه عن ما تحمله جبعاتهم من أحاديث، لتجفف اروي دموعها وتمد يدها ممسكه بكف أنس مردفه برفق وابتسامه رسمتها بلطف:
_انا معاك ده مش كفايه!!
ضربات قلبه قد عليت إثر همسها الذي أصبح كموسيقي تعزف بداخل قلبه على إيقاع عازفه تعزف فوق البيانو، شعر بالادرنالين يرتفع بداخله حتى وصل إلى رأسه نظر بداخل عينيها الامعه والتي نظرت له بطريقه أرهقت قلبه للغايه.
اصحبت كالورده تتفتح بين نباتات الصبار فتجذب إليها الأنظار بحسنها، وتهفو القلوب إليها لشذى عطرها، أصبحت أكثر من ورده حمراء يرغب الآخر في قطفها لأهدائها لحبيبته فقط.
ابتسمت له فبادلها هو الأخر الابتسامه ارجعت رأسها للخلف مستنده ومازال كف يدها مشبث بكف يده ليهتف أنس وهو ينظر إلى الطريق من أمامه محاولاً تجاهل تلك السارقه لقلبه :
_بطلتي علاج ليه!؟
هتف بها بطريقه هادئه لتأخذ نفس طويل وتخرجه على بضع مراحل مردفه :
_عشان كان صعب وبيتعبني.
_وانا جنبك مش هيتعبك يا أروى.
شعرت بتوقف جميع انواع الماده من حولها فرمشت اهدابها وهيا تعيد استرجاع كلماته نظرت له وقد استدار جسدها بالكامل فأبتسم وهو يلاحظ تورد وجنتيها، توقف عقلها عند لفظه لأسمها لتهتف وقد عاد مرحها إليها :
_شكلك بتعاكس يا مؤنس
_انتي عارفه بسببك لو حد جه نادى عليا وقالي يا انس مش هرد عليه!!
هتف بها بنبره مليئه بالغيظ فأنفجرت ضاحكه بعلو صوتها فشاركها هو الأخر الضحك وقد بلغ الأمر منه زروة سعادته فضحكاتها قد أعادت أزهار وروده من جديد فبدا وكأن قد مرت سحابه غيث من فوق قلبه.
هتفت أوري ضاحكه وهيا تنظر له مردفه :
_طب بالله مش مؤنس احلى من أنس!!
ضحك بخفه ومن ثم نظر لها مردفاً:
_يا باشا طالما عاجبك اول ما ارجع اغير اسمي لمؤنس.
ضحكت مجدداً بسعاده قد تداركها قلبها في تلك الفتره الأخيره لترفع كف يدها وتقم بضم أصبعي وتضعهم أمام وجهه مردفه بطفوله :
_فلوله!!!
طريقتها تلك جعلته يضحك على طفولتها وعلى تركيبتها الغريبه تلك لتبتسم أروى وهيا تراه يضحك من قلبه لتهتف :
_انت بتضحك عليا!!!
_انتي شكلك أساساً يضحك.
عبست ملامحها لتقم بأكاله له ضربه قويه بكتفه جعلت يديه تفلتا عجله القياده لتصرخ أروى وهيا تجد السياره تميل إلى اليمين ليمسك أنس المقود مسرعاً هاتفاً:
_موتى على ايدك وربنا!!
رسمت ابتسامه بريئه لينظر أنس إلى تلك الاناره الحمراء التي أناره أمامه تخبره بحاجته إلى بنزين فأنعطف يساراً إتجاه البنزيمه لتنظر له أروى بتعجب مردفه :
_انت خاطفني صح!!
ابتسم بخفه ومن ثم قام بفتح الباب مترجلاً إلى الخارج ومردفاً:
_مش هخطفك دلوقتي هملي بنزين واجيب حاجه ناكلها.
_يلاا.
هتفت بها وهيا تهبط معه من الجهه المقابله فبزغت ملامحه بدهشة وهو ينظر لها وهيا تقفز كالأطفال ليضرب كف على كف مردفاً:
_لو بنت اخويا مش هتعمل كده!!
اقترب من البقاله التي وضعت على بضع سنتيمترات ليقم بدفع الباب دالفاً فراقبت عينيه أروى التي تحمل من كل شيء اثنين فضحك وهو يجدها تقم بوضع العديد من الحلويات أمام الرجل المحاسب وتنظر له مردفه ببراءه:
_اوعي اكون بتقل عليك!!
_يا شيخه قولي كلام غير ده!!
هتف بها أنس بنبره مزحه لتهتف وهيا تقترب وتقف أمامه مردفه بلطف:
_انا جبت شويه حاجات صغننين عشان مش نجوع في الطريق حاسب بقى وتعالى.
ضحك بشده غير مصدقاً أمر تلك الفتاه العجيب والتي يتبدل حالها في الثانيه اكثر من مره تنهد مقترباً منفذاً لما قد أخبرته به ليحمل كيس بيده قد ملئ بالعديد من أنواع الحلوى ليخرج إلى الخارج فوقعت عينيه عليها وهيا تركض نحو السياره فضحك مردفاً:
_شكلك هطلعي عيني معاكي يا أروى.
🔳🔳🔳🔳
"وأنا حينما أُمسِكُ كفيّك أُمسِكُ العالم 🦋"
بعد مرور خمس ساعات توقفت السياره أمام بوابه منزل ذو طباع كلاسكيه حيث مال لونه إلى اللون السكري نظر أنس إلى أروى التي غفيت ويديها تتشبث بكيس الحلوى الذي احضره ضحك وهو يلمح الشوكلاه التي بجانب فمها فجذب منديل وأخذ يزيل حبيبات الشوكلاه تلك وهو يشعر بشعور لأول مره يشعر به.
تلك الحوريه قد أسرته جعلته لا يستطيع تخيل الحياه بدونها يومين او ثلاث جعلاه يستشعران لذه أخرى ماذا لو لم ينزل بذلك الأوتيل ويطرق باباها كيف كانت ستستمر حياته!!
لاحظ باب البوابه وهو يفتح ويخرج منه رجل قد بلغ من الكبر تناثرت الخصلات البيضاء بشعره فابتسم وهو يدرك هويه ذلك الشخص هبط من السياره متجهاً إليه لينظر له "محمد" وقلبه ينبض بقلق مردفاً:
_انت أنس صح!!
_ايوا يا عمي.
هدئت صوت ضربات قلب محمد فقد ظنه بشخص سوف يستغل صغيرته ولكنه ما إن رأي ملامحه الأن حتى عادت الحياه له من جديد ليهتف وهو يرسم ابتسامه خفيفه على ثغره مردفاً:
_أروى فين يا ابني!!
ضحك أنس مردفاً:
_نايمه.
ضحك محمد بعدم استوعب ولكن سرعان ما وقعت عينيه على أروى الغافيه والمتشبثه بكيس الحلوى فهز رأسه ضاحكاَ:
_أروى هيا أروى مش هتتغير!!
ضحك كلاهما واتجه محمد إلى سياره أنس ليقم بفتح باب السياره ويمد يده عابثاً بوجنتيه صغيرته المكتظتان بالحمره مردفاً:
_أروى .. أروى... أروتي اصحي!!
رمشت أروى بأهدابها الطويله فرسمت صورة والدها بداخل عينيها فتمللت مردفه :
_مش هروح المدرسه النهارده يا بابا سيبني انام شويه.
صهلل صوت أنس ضاحكاً ليشارك محمد الضحك ففتحت عينيها لتنظر إلى كلاهما مردفه :
_انتو بتضحكوا عليا!!
_يا بنتي ما انتي شكلك يضحك!!
هتف بها محمد وهو يحاول كبت ضحكاته فهتف أنس وهو يرفع يديه عالياً مردفاً:
_مطلعتش لوحدي اللي شايف كده!
_طب كده!!! طب انا مش هنزل من هنا وروني هتنزلوني ازاي!!
ضحك محمد علي طفوله صغيرته التي لا تتغير فمد أنس يده جاذباً كيس الحلوى الذي بيده وركض فصرخت به بشده ومن ثم هبطت خلفه مسرعه وهيا تصرخ به لتتوقف :
_عااااا شيبسيااااتي ملحقتش اتهني بيهم!!
أنزلقت قدمي محمد من فرط الضحك فجلس مكانه يراقب هذان الطفلان المشاغبان ابتسم برفق وهو يود لو يشكر أنس على أعادت روح بهجه صغيرته له من جديد.
قفزت أروى فوق أنس وأخذت تكيل له اللكمات بمختلف الأماكن وأنس لا يتوقف عن الضحك ولا عن الصراخ بها لتوقف :
_واللهي انا اللي جايبهم بفلوسي!!
_مكانوش ١٥٠جنيه اللي هتزلني بيهم هات الشيبسي بقولك!!
مد لها انس يده بالكيس الذي جذبه منها لتأخذه وتحتضنه وهيا تهتف :
_حبايب ماما زمان الوحش ده كسركم!!
_انتي مش معقوله بجد!!!
هتف بها أنس وهيا يستند بيديه فوق ركبيته يأخذ أنفاسه التي هدرت بسبب طول المسافه الذي ركضها لتخرج له لسانها وتهز رأسها بطفوله وتعود إدراجها فهز رأسه بأستسلام من أفعالها التي سوف تصيبه بالجنون..
عادت أروى إلى والدها والذي قام بضمها له بإشتياق ابتسم أنس لهما وقام بأخراج هاتفه والتقاط لهم صوره أبرزت مدا حبهما لبعضهم البعض نظر محمد إلى أنس وعينيه تفيضان انهار من الشكر فهز له أنس راسه بمعنى عفواً.
ابتعدت اروي عن والدها وهيا تجفف دمعها الذي هرب من عينيها مردفه :
_عارف... عارف لو زعلتني تاني ههرب تاني ومش هرجع!
_وانا عمري ما هقدر تزعلك تاني يا بنت قلبي!
هتف بها محمد وهو يقبل رأسها بحب فابتسمت له بحب نظرت إلى أنس لتهتف بمرح :
_أظن بقى يا بابا لازم مؤنس يتغدا معانا انهارده!!
_مؤنس!!!
هتف بها محمد بتعجب فهتف أنس بغيظ مردفاً:
_طب انا هشهدك يا عمي من ساعه ما قابلتني وهيا بتقولي مؤنس اقولها انس تقولي مؤنس هو مين اللي مدرس بنتك عربي!!
ضحك محمد وهو يضم ابنته تحت ذراعه مردفاً:
_بصراحه مؤنس أجمل من أنس مش عشان هيا بنتي لا لا.
ضحكت أروى وهيا ترى ملامح أنس تشتد غيظاً منها ضحك محمد وهو يطالع مشاكستهم إلى بعضهم البعض وقلبه ينبض بحب لهما.
دلفا ثلاثتهم إلى داخل المنزل فأخذ أنس يطالع ذلك المنزل الصغير والذي بات يشع بالحياه والمكون من دورين بدأ اثاثه بسيط للغايه نظر إلى المطبخ والذي كان تصميمه أمريكي ليهتف محمد مبتسماً:
_عامل ليكم صنيه بيتزا إنما ايه تستاهل بوققكم!
_ربنا يستر!!
هتفت بها أروى بمشاكسه فرمقها محمد بنصف عينه لتهتف :
_بالله عليك ما تبصلي كده ده انا بكح ولا تاخذ في بالك!
ضحك أنس عليها ليهتف مشاكساً:
_اي حاجه يعملها عمي هتبقى زي الفل!
_يا منافق!!!
هتفت بها وهيا ترمقه بنصف عينيها اقتربت من مكتبه بها العديد من قصيصات الكتب فوقفت فوق الأريكه وقامت بوضع كيس الحلوى الخاص بها عالياً تحت أنظار انس الذي راقبها وعينيه لا تكفان ضحكاً عليها :
_هنا هتبقوا في امان!
_لا بجد انتي مش معقوله!!
_ما قولتلك المصنع نزل مني نسخه واحده بس!
_أحمدك يا رب انه نزل واحده بس والا كان العالم باظ.
امسكت الدب العملاق الخاص بها وقامت برميه اتجاهه ليصتدم بوجهه فضحكت وأخذت تسفق بأنتصار مردفه:
_لقد تم أصابه الهدف بنجاح!
ضحك محمد وهو ينظر لهم والي مشاكستهم وكأنهم أطفال وليسا بالغين وضع آخر طبق فوق سفرته مردفاً:
_انتوا مولودين فوق بعض يلا تعالوا كلوا.
هرعت أروى إلى السفره جالسه تبعها أنس الذي أخذ يرمقها بتوعد جلسا كلاهما مقابلا بعضهم البعض وعلى المقدمه جلسا محمد.
لم يكف كلاهما عن مشاكسه بعضهم البعض امسكت أروى زجاجه الكاتشب وقامت برشها بوجه أنس والذي تجمد وجهه من هول المفاجأه.
شرق محمد وهو ينظر إلى ما قامت به صغيرته ولكنه سرعان ما ضحك وهو يرا أنس يمسك الزجاجه المقابله ويقم برشها باتجاه أروى والتي صرخت وانقلب بها الكرسي إلى الخلف!
_انا من ساعه ما شوفتك وانا بيحصلي إصابات يا ضهري يا بووي.!!
هتفت بها وهيا تحاول الوقوف ضحك محمد بشده وهو يطالع وجهها والذي أصبح معبئ بصلصه الكاتشب اما انس فاكمل طعامه وهو ينظر لها بأنتصار لتهتف بغيظ وهيا تقف :
_ماشي يا مؤنس انت اللي أعلنت الحرب!!
كبت ضحكاته وهو يراقبها تغادر من أمامه وهيا تتوعد له.
🔳🔳🔳
حمل انس الأطباق مع محمد متجهاً معه إلى المطبخ فقد استاذنتهم أروى بأنها سوف ترتاح قليلاً هتف أنس متنهداً وهو يجلس على كرسي يراقب محمد :
_هيا تعبانه من أمته!!
توقفت يدي محمد عن غسل الصحون فأخذ يطيل النظر إلى ذلك الخاتم الذي بيمين كفه مردفاً بتنهيده حاره :
_بقالها سنه، كانت في آخر سنه ليها في كليه هندسه وجالي تلفون من دكتورها في الكليه بيقولي ان بنتي نقلوها المستشفى استغربت لأنها كانت خارجه مش بتشتكي من اي حاجه رحت المستشفى وهناك طلبوا مني شويه تحاليل.
تقدم محمد وجلس مقابلاً لأنس مردفاً وعينه تلمعان:
_لما روحنا هيا كانت عادي وقالتلي أن الدوخه والأغماء دي بتجيلها على طول هيا محطتش في دماغها بس انا حطيت، أنا مكنش عندي اي استعداد أني اشوفها هتمشي زي ما امها عملت ولما روحت اجيب التحاليل عرفت ان.... أن عندها كانسر انا فضلت ايام رافض الفكره دي نهائي بس كل يوم كنت بشوف تعبها اللي بيزيد وشها اللي كان بيدبل عارف احساس ان وردتك اللي فضلت تسقيها طول العمر تذبل في ثواني!؟ قولتلها انها تعبانه ولازم تتعالج وهيا مصدقتش غير لما وريتها التحاليل بدأنا الكيماوي والدكتور قالها أن هيحصل أعراض جانبيه زي أن شعرها هيقع، هتبقى ضعيفه جداً، فضلت خمس شهور تتعالج ومكنش فيه نتيجه ولما هيا حست بكده بعدت عن العلاج قالت "انا أهون ليا اني اموت ولا اني افضل اتعذب العذاب ده كله" انا مكنتش قادر اتخيل ليه بيحصل كده!؟ امها الأول وبعدين هيا!؟ عرفت بعدين ان المرض ده وراثه عندهم وان جدتها كانت كده سيبتها ولما غصبت عليها تاني هربت مني.
كانت الكلمات تخرج من فمه كالعلقم ليهتف محمد ودموعه تترقق بحدقته :
_انا معنديش اي استعداد اني اخسرها، أنا بدعي كل يوم أن يومي يكون قبل يومها لأني مش هقدر اشوفها وهيا بتتوجع قدامي وانا مش بأيدي دوا اداويها بيه، أنا كل اللي عايزه دلوقتي أن بنتي تبقى كويسه لو هديها حياتي بس هيا تكون كويسه.
رفعت كفها وهيا تضعه على فمها تمنع صدور صوت شهقاتها، هيا السبب إذا في حزن والدها كل ذلك! كدست عمرها بأكمله تبحث عن والدتها ولم تبالي بقلب والدها الذي لم يبالغ يوماً بحبه لها، ليلعن الله اي شيئ قد يكون سبب في تعاسه والدها، هل يفكر بأن يهبها حياته لكي تعش هيا!خرجت من خلف الحائط الذي اختبئت خلفه لتهتف بصوت قد باح من كثره البكاء:
_بابا!!!
نظر كلاهما إلى مصدر الصوت ولثاني مره يراها أنس بتلك الهيئه المبعثره،نهض محمد سريعاً وقد غزي القلق داخله مردفاً:
_حبيبت ابوكي مالك!! تعبانه!!! فيكي حاجه وجعاكي!!
_انا بحبك اووي!!
ألقت نفسها بين زراعيه فلامست دموع والدها خصلاتها احتضنها محمد بشده وهيا يستنشق رحيقها بكل ما يحمله قلبه لها من حب.
شعر بعينيه تدمعان وهو يراقب ذلك المنظر ابعد محمد أروى بعيداً عنه مردفاً بحب :
_وانا بحبك يا قلب ابوكي بتعيطي ليه بس!!
اجهشت أروى في البكاء لتهتف بصوت عالي :
_عشان انت زعلان عشاني، عشان انت على طول واخد بالك مني وانا مش واخده بالي منك، عشان انت على طول جنبي وانا بعيده عنك، لما جيت تحاول تساعدني انا بعدت وسيبتك، في حين انت كنت زعلان عشاني انا مكانش فارق معايا غير اني ألاقي ماما مخدتش بالي من كل اللي انت بتعمله، عشان انا عمري ما قولتلك قد ايه انا بحبك،بعيط عشان انا مش عايزه اسيبك!!
ضحك محمد وهو يرفع يده ويجفف دموعها:
_للدرجه دي بنتي قلبها صغير!!
_انت بتضحك يا بابا!!! مفيش اي مراعه لمشاعري!!
ضحك محمد أكثر وابتسم انس على محمد الذي حاول جاهداً إخراج صغيرته من حزنها ليهتف:
_عشان انا عارف انك بتحبيني يا أروتي مهما تعملي، ساعات مش عشان احنا بنحب حد لازم نقوله اننا بنحبه، أفعالنا هيا اللي بتقوله، لمعت عنينا بتقوله، لما بتسيبي الدنيا كلها وتيجي تستخبي في حضني وتشتكيلي قد ايه انتي زعلانه انا بعرف انك بتحبيني، لما بتقفي في المطبخ رغم فشلك وتحاولي تعمليلي اكل بعرف انك بتحبيني،لما بتعملي عليا دور الحبيبه الغيوره وتسأليني رايح فين وانا متشيك بعرف انك بتحبيني، مش لازم يا حبيبتي لما نحب حد نروح نقوله اننا بنحبه، وانا مش مستني منك أنك تقوليلي انك بتحبيني لاني عارف انك بتحبيني، دموعك دي غاليه اوي عليا يا أروى انتي كل حياتي الحب يا حبيتي مش كلمتين بنقولهم وبس الحب أفعال ياما ناس قالت إنها بتحبنا وسابتنا وفارقتنا وسابتنا بنلملم في جراحنا وراها، أنا مش مستني منك تيجي تقوليلي انك بتحبيني عشان اديكي مقابل، الأب عارف ان ابنه بيحبه حتى لو مقالش ليه عشان كده بيدي من غير مقابل انا مليش غيرك يا اروتي ومش عايز غيرك اوعي اشوفك بتعيطي تاني ولو حتى عشاني.
جفف أنس دموعه التي كانت قد هبطت ليهتف وهو يشاكس اروي:
_كده يا أروى خليتي عمو يقول شعر ده غلب أحمد شوقي!!
ضحكت أروى برفق وهيا تجفف دموعها لتهتف بمرح :
_كده يا مؤنس تطلعني من دور الاكتئاب اللي كنت فيه اكتئب انا دلوقتي تاني ازاي!!!
قهقه محمد وانس بصوتهم عالياً لتشاركهم أروى الضحك أيضاً ليضمها والدها إليه مقبلاً جبينها ليهتف أنس وهو يغمز لها :
_ناس ليها حضن وبوس وناس ليها مؤنس!!
_انت بتعاكس بنتي قدامي يا مؤنس!!
هتف بها محمد وهو ينظر إلى أنس بنصف عينيه فهتف أنس بغيظ :
_أنس اقسم بالله أنس!!
هتف كلاً من أروى ومحمد بنفس الصوت مردفين :
_مؤنس هو الموضه!!
ضحك انس ومن ثم ضرب كف فوق الأخر مردفاً:
_ذاك الشبل من ذاك الاسد.
مرت الساعات سريعاً ساعات لم تتوقف بها المشاكسات بين ثلاثتهم شعر أنس بالألفه معهم ودخل أنس قلب محمد الذي كان يراقب ضحكات صغيرته التي تخرج من قلبها وعينيها التي تلمعان وهما ينظران إلى أنس.
استأذن أنس للذهاب لينهض معه محمد مودعه وقبل أن يذهب هتف محمد وهو يمسك بكف أنس :
_شكرا يا إبني انك رجعلتي بنتي!!
لم يوشك أنس على الأجابه حتى جذبه واحتضنه محمد وأشد من ضمه له ليرفع أنس يده ويضمه هو الأخر رفع نظره فوقع علي أروى التي تنظر لهم ليبتسم ويشير الي والدها انه قد سرقه منها فهزت رأسها ضاحكه وهيا تهمس بشفتيها ليستطع هو قرأت ما هتفت به :
_محدش يقدر يسرق مني بابا يا مؤنس!!
ضحك أنس بصوت مكتوم وبعد وداع حار داما كثيراً غادر أنس والتفت محمد إلى الدخول لتقابله أروى التي تزحلقت فوق ترانز السلم لتستقر يحركه عشوائيه بين يدي والدها الذي احتضنها وغمز لها مردفاً:
_في عيون بتلمع وقلب فرشاته بترفرف ايه الحوار!؟
ضحكت أروى وهيا تخرج من بين أحضان والدها مردفه :
_ده انت مركز بقى.. شكلك فاهم يا نصه!!
ضحك محمد بشده واحتضن ابنته سريعاً وهو يتمنى لها سعاده خالصه من قلبه
يتبع الفصل الرابع اضغط هنا
- الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة :"رواية اوتــــيـــل" اضغط على اسم الرواية