Ads by Google X

رواية اوتــــيـــل الفصل الخامس 5 بقلم حبيبه محمد

الصفحة الرئيسية

  رواية اوتــــيـــل الفصل الخامس بقلم حبيبه محمد

رواية اوتــــيـــل الفصل الخامس

ماذا لو عاد معتذرا
لدقَّت طبولُ القلبِ لوصوله سالماً غانماً .. فما هو براحلٍ من القلبِ حتى يعود لهُ .. إنَّما هو من إشترى خاطري وما أبى أن يستمرَّ حُزني .. ف كيفَ لِي أن أردّه مكسورَ الخاطرِ.

_أجمل ما قيل عن الحب.
_________________________________________

لسه سامع كل كلمه قالها ليا...
لسه شايفه زي ما يكون بين إيديا...
اه يا شوق خليك بقى حنين عليا..
وريحلي قلبي المشغول على اللي غايب...

اخذ نفس طويل وهو يقف أمام ذلك المبنى ذو الصرح العملاق فتداعب نسمات الهواء خصلاته التي مالت للون البنى وعكس إنصهار الشمس اشعتها فوق وجهه فظهرت ملامحه الرجوليه وبرزت بطريقه جميله للغايه، فأخذ يجذب جميع الأنظار حوله وحول ذلك الوسيم الذي يقف شارد الذهن.

اخذ عقله يطرح على باله بضع اسئله لما لا تكن علاقته بوالده كعلاقه أروى بوالدها!؟ يشعر بالحزن الشديد حيث انه لم يحظى بذلك الحب مثلها ولكنه ينظر إلى جانب آخر والدتها ليست معها وهو معه والديه كلاهما معه... وليسا معه لما لم يبادر قط بأن يجمع شمل أسرته، عليه أن يصلح تلك العلاقه عليه أن يجمع شمل أسرته حتى لو كان فرط الأهمال والا مبالاه من جهتهم لن يسمح بأني يحي ويموت ومازالت عائلته كخيط عنكبوت ضعيفه وبلا فائده.

دلف إلى داخل شركه والده وأخذ ينظر إلى جدرانها الشاهقه لقد أفنى والده عمره وهو يبني في ذلك الصرح العملاق أهمل حياته من أجل ذلك الصرح يتمنى لو كان يملك نفس إراده والده في تحقيق حلمه ولكنه لا يملك من الأحلام شيئ.

وصل إلى مكتب والده والذي علم أنه يمكث به منذ ليله الأمس بداخله تردد كبير بأن لا يخطوا تلك الخطوه فأما قد تحسب لصالحه ام سوف تنقلب عليه، مد يده وقد أخذ نفس طويل ودفع باب المكتب دالفاً إلى الداخل ومغلقاً الباب خلفه.

رفع "زيد" عينيه من فوق تلك الأوراق والتي تبعثرت فوق مكتبه بدت ملامحه في غايه الجديه بتلك النظاره الطبيه المائله للون الرمادي وخصلاته التي مزجت بين لونين الأسود ويليه الأبيض، رفع زيد كف يده جاذباً نظارته وأخذ يطالع أنس بهدوء حتى قطع الصمت مردفاً:

_هتفضل واقف عندك كده!؟

نظر أنس ملياً إلى والده واخد ينظر له وكأنها اول مره يراه بها ولكنها حقاَ اول مره ينظر إلى والده بتلك النظره التأمليه نظر إلى كفه الذي رفعه يداعب به عينيه بتعب،لماذا لم يفكر قط من الناحيه الأجابيه أن والده قد أفنى عمره بأكمله من أجله هو ووالدته فقد لكي يأمن لهم حياه كريمه، حسنناً والده يحظى بقلب طيب ولكنه لم يظهر له ذلك قط اخذ يتذكر متى لم يحتج والده ولم يجده إلى جواره!؟متي قد اشتدت عليه علته ولم يجد والدته إلى جواره كلاهما بعالم آخر ولكنهما لم ينسياه!

شعر زيد بخطب ما بأنس فعينيه لم تتزحزحا من عليه فنهض من مجلسه مقترباً بقلق من أنس مردفاً:

_في ايه واقف كده ليه!؟

استفاق أنس من شروده فنظر إلى والده بأنتباه ولمح نظرات القلق بين حدقتيه، انها نفس النظرات التي يراها بين حدقتي محمد، الآباء يختلفون قليلاً في إظهار الحب لأبنائهم اقترب أنس من والده وابتسم مردفاً:

_ببصلك حرام ابصلك!

رفع زيد حاحبه بتعجب فهو لم يعتد على روح أنس المرحه وحديثه الذي يحمل بين طياته تلك النبرة التي باتت غريبه علي مسمعه، فتح الباب ودلفت "فريده" والده أنس والذي حدثها وأخبرها انه بالشركه ووالده ليس على ما يرام فهو يعلم أن تلك الحيله الوحيده التي ستجلب والدته إليه.

مهما تغيرت النساء ومهما تغيرت أشكالهم وهيئاتهم تبقى قلوبهم واحده لا تتغير.

اقتربت فريده بقلق من زيد الذي تعجب من دخولها العاصف لتقترب وتمسك وجهه بين كفيها مردفه بقلق:

_زيد انت كويس!!

_في ايه يا فريده ما انا واقف قدامك اهو كويس!!

تحمحم أنس وهو ينظر إلى والديه لتلفت له فريده ليهتف أنس بهدوء :

_ممكن نقعد نتكلم.... شويه لو سمحت!

هتف بها بصوت هادئ فنظر زيد إلى فريده وهيا الأخرى نظرت له بقلق فأمسك زيد بيدها وأتجها إلى اريكه بنهايه المكتب وجلسا كلاهما عليها اقترب أنس وجلسا أمامهم فهتف فريده بقلق وهيا تمد كفها وتمسك بكفه مردفه:

_حبيبي انت كويس!!

_كويس يا ماما بس عايز اتكلم معاكم شويه.

ابتسم لها وهو يطمئنها ويربت فوق كفها اخذ نفس طويل ومن ثم هتف برفق :

_هو احنا ليه كده!؟

تحولت ملامح والديه إلى علامات استفهام متعجبه فاكمل أنس وقد قرر ببوح ما قد طال كتمانه بقلبه:

_ليه بعاد عن بعض بالشكل ده!؟ ليه كل واحد فينا في وادي تاني!! ليه عاملين زي أوتيل كبيررر وكل واحد تايهه فيه بس مجربش انه يرجع لأوضته اللي تاه منها وكمل مشي في نفس الطريق لحد ما بعد عن التاني، ليه اللي بيني وبينكم زي فرق السما والأرض!؟ انت يا بابا ليه بأني حواجز كبيره بالشكل ده ليه باعد عننا ومحاولتش ولا مره تجمعنا سوا!! ليه وهبت حياتك وكدستها كلها للشغل وبس!؟ انا مش بقولك مش تشتغل بس فيه عيله محتاجك مفكرتش لمره ان ممكن حد فينا يدور على الأهتمام بره سواء انا او ماما!؟ ليه محاولتش ولو لمره تهد السور اللي بنيته ده!؟

نظر زيد نظره طويله إلى أنس ومن ثم وجهه نظره إلى فريده الذي لاحظ ترقق الدمع بعنيها ليردف أنس مكملاَ:

_وانتي يا ماما ليه ناسيه أن ليكي زوج وابن محتاجينك!؟ مفكرتيش لمره أن ممكن بابا يبص لواحده تانيه لما يلاقي منها اهتمام هو افتقده أو انا ممكن ابعد خالص عنك وعنه لما الاقي حد تاني حاسس بيا ومقدرني، خايف عليا، ليه وهبتي انتي برضه حياتك كلها للنادي والجمعيات! هتفيدك! هتفيدك لما تلاقي ابنك بعد عنك وجوزك بعد اكتر؟ فين اللي كان بينك انتي وبابا!؟ اوعي تقولي راح، لأن عمر الحب ما بيروح بالعكس ده بيتجدد ليه انتوا في وادي وانا في وادي ها!؟

اخفضت فريده وجهها والذي قد أحتقن بالدموع وزيد الذي نظر إلى يمينه يستمع إلى كلمات أنس الذي لأول مره يلفظ بها هتف أنس متنهداً:

_انا هديت السور بتاعي وقربت منكم ليه انتوا كمان متهدوش السور بتاعتكم وتقربوا مني تعالوا نبني سور تاني بس نكون كلنا جواه، ماما انتي وحشني اكلك اللي مكلتهوش من وانا عندي ست سنين، وانت يا بابا وحشتني خروجتنا وانا صغير انتوا موحشكوش ده!؟

اجهشت فريده بالبكاء فأقترب أنس وجلس إلى جوارها مردفاً بحب :

_بتعيطي ليه دلوقتي!؟

هتف فريده وهيا تهز رأسها:

_عشان انا كنت ام مهمله ومخدتش بالي منك.

ابتسم أنس ومن ثم مد كف يده ممكساً بكفيها مردفاً وعلى وجهه بسمه :

_يا شيخه قولي كلام غير ده!؟امال مين اللي كان بيبعت ليا الاكل المدرسه بالرغم من أنهم كانوا بيقولوا انه ممنوع ها!؟

ضحكت فريده بخفه وهيا تتذكر تلك الأيام هيا لم تكن لتترك أنس يبتعد عنها ولكن زيد من أصر تحت هدف أن يعتمد أنس على نفسه لتهتف وهيا تجفف دموعها :

_انا.

ضحك اني بخفه ومن ثم اكمل وهو يرفع كفه ويمسح دموعها مردفاً:

_مين اللي مسكت في بابا لما عرفت انه هيسفرني، مين اللي كانت بتيجي تقعد جنبي وانا نايم وتلعب في شعري، مين الي كانت بتبعت ليا السندوتشات الشركه اول ما عرفه اني هشتغل وابعد عنها، كنتي بتبعتي ليا سندوتشات فول يا ماما فول!!

ضحك زيد بخفه فزوجته مهما تغيرت تبقى كما هيا فهتف بتلقائيه :

_أحمد ربنا دي أول ما عرفت اني بشتغل كانت بتبعت ليا سندوتشات حلاوه!!

ضحك انس بشده فلكزت فريده زيد في كتفه مردفه بضجر :

_الله مش عشان تتغذوا!!

_حلاوه يا فريده طب جبنه رومي حتى!!

اشتد ضحك أنس أكثر وهو ينظر إلى والديه ليحتضن أنس فريده مردفاً:

_تنكر... تنكر انها كانت بتبقي حلوه!!

ابتسم زيد لأنس مردفاً:

_وهيا فريده طول عمرها بتعمل حاجه وحشه!

اشتعلت وجنتي فريده خجلاً فضحك زيد بخفه وأكمل برفق وهو ينظر الي أنس :

_الأب مبيعرفش يقول لأبنه انه بيحبه بالكلام، الأب يا انس بيبقى عنده استعداد يدفن نفسه لمجرد بس انه يشوف نظرات الرضا في عيون ابنه، لما انا عملت معاك كل ده كان هدفي وأحد اني اشوفك راجل لما اتسند عليه مقعش بس مخدتش بالي اني كده ببعد عنك وعن فريده، الأب مبيعرفش يعبر عن حبه بالسهوله اللي انت متخيلها، اجي الصبح اقولك بحبك وبعدها اضربك!؟ لا انا عملت كل حاجه عشانك انت وفريده عشان محسش اني مقصر في حق واحد فيكم وعندكوا اللي مكفيكم، أنا مش بعيد زي ما انت قولت انا عارف عنكم كل حاجه، وكنت ببقى مطمن لما ألاقيكم كويسين وضحكتكم مرسومه ده كان بالنسبه ليا أهم حاجه يا انس، الأب يا ابني ليه اسلوبه في الحب بكره لما تبقى اب هتحس وهتجرب انه لما تروح تقول لأبنك انك بتحبه مش هتلاقي ليها طعم غير لما تشوفه مبسوط.

ابتسم انس لوالده بحب شديد فهتفت فريده بحنان وهيا تمسك كف زيد:

_طول عمرك قلبك كبير ومهما بينت انك جامد أو قاسي يفضل قلبك زي حبايه الفول.

_فول تاني يا فريده!!

هتفت بها زيد ضاحكاً فصهلل صوت أنس ضاحكاً لتقم فريده بضربه بغيظ بكتفه فتوقف عن الضحك فهتف زيد بمكر وهو ينظر له :

_بس انا شايف يعني لمعه في عنيك هو الأمر فيه بنت ولا ايه!؟

غمز له فالتفتت فريده مسرعه إلى أنس ممسكه وجنتيه مردفه بفضول :

_كبرت يا أنس وبقيت تحب!! هيا مين!! شكلها ايه!!! اسمها ايه!!! من عيله مين!!!

_واللهي المخابرات خسرتك يا ماما براحه يا ست الحبايب مش كده!

ضحك زيد على أنس الذي أصبح كالمتهم بين يدي فريده فهتف أنس وهو ينظر إلى والدته :

_عايزه تشوفيها!؟

نظرت فريده إلى زيد ومن ثم إلى أنس لتهتف بحماس:

_اكيد.... لازم اشوف اللي غيرت قلبي ابني كده.

🔳🔳🔳🔳

"أنت من إقتبس مني فُؤادي . .فما أنت إلا سلام وبقُربك الأمان."

_قولت مش عاوزه اشوف حد سبوووني بقى!!

صرخت بها أروى وهيا تدير ظهرها لوالدتها ووالدها الذان لم يكفان ولم يكل أحدهما عن المحاوله في التحدث مع أروى واراحت روحها الذي يشعران انها تتمزق ارباً أو أنها تحترق كوقود وسط محيط،هتفت أروى ودموعها تتساقط وهيا تنظر إلى خصلاتها التي قد تساقطت أرضاً أصبحت رأسها بلا خصله واحده كيف سينظر لها الأخرون بعد الأن لن ترى بعينيهم سوا نظرات الشفقه وتلك النظره تقتلها بل وتجعلها تشعر بأنها ولا شيئ كأنها هواء.

هتفت أروى ببكاء وصوت قد تمزق من كثره الصراخ والبكاء:

_قولتلك اني مش عاوزه اتعالج قولتلك أن شعري هيقع وشكلي مش هيبقى حلو انت اللي خلتني اتعالج عشان خايف اسيبك زي ما هيا سابتك مش عشاني ولا حاجه.

تصنمت قدمي محمد مكانها فابتلع فمه كلماته التي كان سوف يلقى بها.

وصل كلاً من أنس ووالديه الى مبنى المشفى فتعجبت كلاً من ملامح زيد وفريده ليهتف زيد بتسأل:

_انت جايبنا المستشفى ليه يا انس!

تنهد أنس تنهيده طويله ومن ثم بدأ يقص عليهم الحكايه منذ لقائهم حتى الأمس حين تركها، رق قلب فريده كثيراً لتلك الصغيره التي تعاني مالم يعانيه احد فنظرت إلى أنس تتأمله وتتأمل ملامحه ولمعه عينيه التي تتغيران ما بين ثانيه وضحاها فتاره يبتسم وتاره تعبس ملامحه فأيقنت بأنه ليس حب بل إن صغيرها قد وقع بداخل شباك العشق.

دلف كلاهما إلى الداخل فنظر أنس إلى يده التي تحمل كيس من الحلوى التي تعشقها أروى وكم يحب أن يرى بسمتها له.

وصلا كلاهما إلى برهه الغرفه فتغيرت ملامح أنس الحماسيه إلى أخرى قلقه وهو يجد يوسف ومحمد وواحده أخرى لم يتعرف عليها ولكن ملامحهم جميعهم لا تبشران بخير!

اقترب أنس من محمد مسرعاً وهتف بقلق قد أخذ ينهش بقلبه:

_عمي محمد في ايه!!.

_أنس!!

صوت باكي ونغمه حزينه تردد صداها بأذنيه حتى بات كدرب يدرب قلبه، التفت أنس الي مصدر الصوت فتعلقت عينيه بعيني أروى الباكيه والمنتفخه من كثره البكاء شفتيها التي ترتعشان في وسط نسائم الربيع، وجنتيها المكتظتان بلون الحمره،تفحصتها عينيه انشاً تلو انشاً حتى وقعت على فروه رأسها الخاليه من اي خيط حريري كان قد وجد بها من قبل....أخذت يمر بذهنه ذكرياتها وهيا تتلاعب بخصلاتها، خصلاتها وهيا تتمرد.

لم تتزحزح عينيه من عليها وكأن عينيه تتمرد على احد النظريات وترفض أن تزيح انظارها عن ذلك... ذلك الملاك الحزين، نظر إليها وهيا تستند على الممرضه وقدمها لا تتحملانها فما بات أن يقترب منها حتى أسرعت خطاها إليه تعرقلت قدميها أرضاً فأوشكت على السقوط ولكن سارعة قبضته بأمساكها.

احكم من احاطته لها بشده فتشبثت بملابسه باكيه وهيا تخبئ وجهها بصدره :

_انا معدش عندي شعر يا انس.. شعري كله وقع، أنا بقيت من غير شعر، أنا بقيت قرعه، أنا مش عاوزه اتعالج خلاص يا انس انا مش بتعالج انا بموت، هما بيموتوني بالبطيئ عشان خاطري يا انس خليهم يوقفوا العلاج ده بقى، ااااه يا انس شعري الطويل معدش موجود، أنا مبقتش حلوه انت مش عدت هتشوفني حلوه يا انس .

تجمدت دموعه بين حدقتيه فأبعدها عنه برفق ورفع كفه الذي حاول التحكم برعشته الخفيفه التي بدت به وهتف وكفه لا يعلم عنوان سوا دموعها :

_وهو شعرك اللي كان مخليكي حلوه!؟ بالعكس ده كان بس حاجه من ضمن الحاجات اللي كانت مخلياكي ملكه جمال، وبعدين مين اللي قال ان القرع مش حلوين دول احلى الناس القرع، وانتي بقى اي حاجه تعمليها بتبقي حلوه عليكي حتى لو عملتي أيه، انتي حلوه يا اروى من غير اي حاجه، بكره شعرك ده يطلع ويبقى احسن من الاول مليون مره كله الا زعلك يا اروتي، انتي بالنسبه ليا ملكه جمال مهما يتغير فيكي هتفضلي بالنسبه ليا برضه ميس ايجبت،ونظرتي ليكي عمرها ما هتتغير ابدا.

_هما هيشفوني وحشه!!

هتفت بها وهيا تنكس رأسها أرضاً بحزن شديد ليقترب بخفه مقبلاً جبينها ورافعاً بكفه وجنتيها إليه :

_هما يشوفوكي زي ما يشفوكي ميفرقش يا حبيبتي معايا ولا معاكي حاجه المهم انا شايفك ايه وانتي بالنسبه ليا وحش الكون، مش وحش الكون برضه!!

ضحكت أروى بخفه فاحتضنها أنس برفق مربتاً على ظهرها ومردفاً:

_انتي اجمل من اي حاجه يا أروى، انتي معنى لكل حاجه، حتى لو هتشوفي نفسك مجرد هوا ملوش فايده بس بالعكس من غير الهوا مكناش زمانا واقفين قدام بعض دلوقتي، هتشوفي نفسك ورده ملهاش لازمه لأنها من غير ريحه بس برضه بالعكس في ناس هتحبك وهتحب وجودك هيسقوكي كل يوم،هيرعوكي، هيحبوكي، أنا ميفرقش معايا هما هيشوفوكي ايه انتي بالنسبه ليا الدنيا وما فيها أساساً، مهما تعملي ومهما يتعمل انتي اجمل بنت انا شوفتها ومش هشوف زيها أبداً، انتي حبيبت مؤنس يا اروتي ومؤنس مش شايف غيرك.

هل اعترف الأن بحبه لها بطريقه غير صريحه ابتعدت متراجعه للخلف ولكنها مازالت متشبثه به مردفه بحب وعينان تتلألأن :

_واروتك مش شايفه غير مؤنس.

كان الجميع يراقب ما يحدث بقلب صامت زيد وفريده لا يصدقان عمق الحب الذي يحمله كلاهما إلى بعضهم البعض ولم يعترفا بعد بما يكننه قلبهما من حب شديد.

محمد الذي سادت ملامحه حزينه ويحمل نفسه ثمن ما يحدث لصغيرته وقلبه يعاتب رقيه التي عادت في وقت بدل ضائع ما كان ينقصه عودتها، كان يود عودتها وبشده ولكن ليس الأن.

مرت دقائق قليله واسند أنس أروى ودلفا إلى داخل عرفتهم واستأذن والديه بأن لديه ما سوف يفعله.

راقبت أروى تعابير وجه كلاً من زيد وفريده الذان ينظران لها بقلب نابض هتفت أروى بحزن وهيا تنظر لهم :

_شكلي وحش صح!!

نبرتها كانت هادئه كطفله مذنبه تحاول تبرير خطائها اقتربت فريده منها ومن ثم جلست الي جوارها بالفراش مردفه وهيا تمسد على وجنتيها :

_وحشه ايه بس يا بنتي!! ده كفايه عنيكي اللي لون الموج دول اي حد يبص جواهم يحس انه غرقان.. غرقان ومش عايز حد ينقذه من الغرق، ولا خدودك اللي لون الورد، انتي ماشاء الله يا بنتي ملكه جمال على رأي أنس وشعرك لا كان مزود ولا منقص من جمالك، الجمال يا بنتي جمال الروح جمال القلوب، وانتي قلبك اصفي من قلب طفل لسه مولود.

ابتسمت أروى بسعاده على كلمات فريده، فبدت السعاده تغمر قلب فريده بأنها قد أسعدت تلك الصغيره.

طرق خفيف على الباب تبعه دلوف رقيه التي لم تغير معالم الزمن ولا السنوات هيئتها كبرت ولم تكبر هكذا هتف قلب محمد منذ أن رائها، نظرت رقيه إلى صغيرتها وقلبه منفرط من الحزن تلاقت عينيهم بنظره طويله قد حملت أكاليل من الحزن والعتاب والندم.

هتفت أروى وهيا تنظر بعيداً عن عينيها :

_حضرتك عاوزه ايه!؟

_حضرتي!!

هتفت بها رقيه بصدمه فهتفت أروى بحزن ونبره شعت بالعتاب مردفه:

_ايوا حضرتي امال عاوزاني اقولك يا ماما بعد كام سنه وانتي بعيده عننا من غير لا حس ولا خبر، ده انتي حتى لما مشيتي مسيبتيش وراكي جواب تقولي فيه انك هتبعدي، نسيتينا ولا كأننا كنا في حياتك أي سبب هتقوليه مش هيخليني اسامحك، و هسامحك على ايه!؟ على لما كنتي بتوحشيني مكنتش بلاقيكي، على لما كنت بعيط مكنتش بلاقي كف ايدك يطبطب عليا متجيش دلوقتي وتمثلي عليا دور الأم، ده فيه أمهات بيحصل فيهم العجب ومش بيسيبوا عيالهم وانتي سبتيني من غير حتى سلام.

أخذت الأنظار تتبدل مجدداً بين كلتاهما فأنسكت رقيه رأسها بحزن وغادرت الغرفه بقلب مكسور.

أخذت اروي نفس عميق ومن ثم زفرته بهدوء وقلبها يتسأل عن موعد عوده مؤنس قلبها.

لم تكف فريده عن الثرثره فرق اذني أروى التي كانت تستمع لها بطيبه خاطر وهيا تقص عليها طفوله أنس ومن ثم كيف تركته بالمدرسه، الجمعيات التي تعد أهم عضوه بها، النوادي التي لا تنقطع قدميها عنهم، كأن فريده وجدت أخيراً صديقه تبوح لها بجمع مشاعرها.

هتفت فريده منهيه لحديثها بكلمات من مسك مردفه بحب وهيا تمسك كف أروى :

_ربنا لما خلقنا، خلقنا بنسامح، خلقنا بننسي، فكرك لو الأنسان لو مكنش مبينساش هيقدر يعيش!؟، خلقنا بنسامح لأن الدنيا مفيش منها اتنين مش هنستني دنيا تانيه نتقابل فيها وساعتها مصالح بعض الوقت هيكون عدا وفات، واه من وقت عدا وفات وفي قلب شايل، مهما والدتك عملت فأكيد مش بطيب خاطر انها تسيب حته منها وجوزها وتمشي الأنسان ليه أسبابه، ربنا خلقنا عشان نحب ونتحب، ولما نحب حد نروح نقوله اننا بنحبه منستناش وانا شايفه عينك وقلبك اللي مش شايفين غير انس، وعقلك اللي عمال يعد الدقايق من ساعتها عشان يرجع ، مش عيب لما نحب ونقول للي بنحبه اننا بنحبه بالعكس احنا كده بنقرب مسافات ممكن كانت فصلت بعيده عمر طويل، اللي بيعدي مره مبيرجعش تاني يا أروى وانا مش عايزاكي تتوهي زي ما تهونا، الدنيا لسه فيها ايام تتعاش ويعالم تبقى زي الأوتيل أوضها بتتغير ويتحول الحزن لفرح، والحب لعشق، الدنيا دي زي الأوتيل بالظبط مليااانه أوض كتيررر ونااس كتير ومن بينهم كلهم قلبك مبيكونش غير مع كذا حد ومبيرتحش غير مع أوضه واحده وصدفه واحده بس بيكون مستنيها زي رأس المال بالظبط، اهي الأوضه دي حياتك وعيلتك، والصدفه دي أنس.

اراحت أروى رأسها فوق كتف فريده فربتت على ظهرها بحنان أموي، أنا عن زيد ومحمد فتحليا بالصبر القاطع وهما يلاحظان التغير الذي بدأ على وجهه أروى ورضائها بما قد كتب لها.

_اناااااا جيتتتت.

هتف بها أنس وهو يقتحم الغرفه ويدلف إلى داخلها فتعلقت جميع الأعين به بصدمه.

شهقت أروى بصدمه وهيا تنظر إلى أنس بملامح مبهمه لا تصدق ما اقترفه ذلك المجنون بحق نفسه، رفعت كفها ووضعته على فمها تكتم شهقاتها التي عليت وهتفت بصدمه :

_أنس شعرك!!!!
هتفتت بها وحدقتها لم تتزحزح من فوق فروه رأس انس الفارغه من اي خصله، ابتسم لها أنس برضا وهتف :

_بغير النيولوك بتاعي امال تغيري انتي لوحدك!

اجهشت اروي بالبكاء وهيا تنظر إلى أمس فأبتسم وهو يقترب منها مردفاً:

_بتعيطي ليه بس!!

_عشان احنا الأتنين بقينا قرع!!

ضحك أنس بشده حتى بات صوته مسموع خارج المشفى، شعر زيد بالفخر من أجل صغيره الذي ملئ قلبه بالحب ويحاول إسعاد من يتوج لها قلبه عشقاً انا فريده فبكيت على بكاء أروى.

رفع محمد رأسه إلى السماء داعياً الله وحامداً له بأنه قد وهب له رجل كأنس قد أضفى على حياتهم البهجه والسرور وغيرها متغير المد والجزر للأمواج.

جلس أنس على طرف الفراش مردفاً بلطف :

_ممكن تبطلي عياط!!!

نظرت له بنصف عينيها ومن ثم بكيت مجدداً فرق له قلبه مردفاً:

_هعيط معاكي لو مسكتيش!!

_انا بحبك اوووي يا انس!

هتفت بها ومن ألقت نفسها على كتف أنس باكيه فضحك أنس بخفه ورفع يده مربتاً على ظهرها ومردفاِ:

_وزعلانه عشان بتحبيني!!

_زعلانه عشان مش قابلتك من زمان.

ابتسم أنس ابتسامه هادئه وهتف وهو يحاول تهدئة صغيرته الباكيه:

_مش فارقه يا اروتي دلوقتي من زمان، الماضي هيفضل زي ما هو محدش هيعرف يغيره، بس اديني معاكي اهو وجنبك متفكريش في حاجه غير كده.

_مش عايزه اموت واسيبك.

ابتلع أنس ما بجوفه من كلمات مردفاً:

_تصدقي بالله انتوا صنف عايز يتولع فيكم بقى انا خالق شعري على أساس تاخديني بالحضن ولا كده، واستقبال حاااار وانتس تقلبيها نكد يا شيخه ادعي عليكي بأيه وانتي فيكي كل العبر.

_ما هو انا مش بحب الرجاله القرعه!!!

ضحك جميع من بالغرفه بشده على تعابير وجهه أنس المصدومه فابتعدت أروى وهيا تجفف دموعها مردفه بمرح خفيف:

_كده مبقتش مؤنس كده بقيت ونس!

_يختااي ونس كمان انا ألغى رحلتي بس انا ألم هدومي وهروح عند امي.

هتف بها وهو ينهض من جوارها فضحكت بشده فأبتسم لها أنس بحب ومن ثم اتجهه إلى محمد ودني الى جانب اذنيه مردفاً :

_عاوزة تجهز نفسك عشان عامله مفاجأه لأروي بليل

يتبع الفصل السادس اضغط هنا
google-playkhamsatmostaqltradent