رواية حبه عنيف الفصل الحادي عشر بقلم ضي القمر
رواية حبه عنيف الفصل الحادي عشر بقلم ضي القمر
أومأ الضابط ثم انسحب أفراد الشرطة إلى الخارج بينما بقى محمد متسمرًا مكانه يرفض تصديق ما حدث.
سمحت صفية لياسمين بالخروج أخيرًا بعد انصراف أفراد الشرطة.
أغمض محمد عينيه بخزي مرير..لقد أصبحت ياسمين زوجة ضرغام...هو لم يكن يكذب.
لقد ظن أن ياسمين ستقاومه أكثر من ذلك...لربما أجبرها و لكنه يعلم أن ضرغام لا يؤذي ياسمين فهو يعشقها حتى النخاع.
ترى من وكلت ياسمين ليزوجها؟...هل هي سعيدة بذلك الزواج و قد تسلل ضرغام الفؤاد لقلبها النقي أم أن ضرغام أجبرها على الإستسلام بشكل ما؟
- بابا.
أخرجه صوتها الرقيق من دوامة أفكاره العاصفة و رفع إليها عينيه التي تفيض خزيًا و ملامح وجه مصدومة ترفض التصديق.
اقتربت تريد معانقته و الإختباء بأحضانه من هذا الضرغام المخيف لكنها ما إن تقدمت خطوة حتى تراجع هو مثلها إلى الوراء قائلًا بمرارة خزي سيطرت على حلقه:
- وكلتي مين يا ياسمين؟...خليتي مين
...عرضي
🌺🌸🌺🌸🌺🌸🌺🌸🌺🌸
توقفت ياسمين مكانها و قد تسمرت بصدمة..لقد أثبت لها والدها أنها فشلت في تخيل ردة فعله.
تحركت شفتيها بارتجاف قائلة و قد بدأت عيناها تدمع:
- بابا.
لم تزول نظرات الخزي من عينيه بينما لم تتحمل ياسمين نظراته تلك و بدأت تبكي بعنف.
نظر إليها بحنين جارف تغلب على خزيه بينما تقدم ضرغام منها بهدوء يحاول تهدأتها بعد أن أمر بانصراف حسان و رجاله.
قالت من بين شهقاتها لوالدها الذي يخفض عينيه أرضًا:
- دا محصلش بإرادتي..و الله هو أجبرني...إسمعني بس أنا هحكيلك إللي حصل.
أجابها و هو يراقب سوء حالة ابنته:
- عارف إنه أجبرك...بس هعمل إية أنا بالحكاية دلوقتي؟
ثم أكمل و هو يرشق ضرغام بنظرات باتت كارهة:
- لا ليا للحق أخدك لا بالشرع ولا بالقانون.
توقفت فجأة عن البكاء ناظرة إلى والدها بذهول.
هل سيتركها هنا و يرحل؟...انسابت دموعها مجددًا بعدم تصديق و هي تراقبه يوليها ظهره هامًا بالذهاب.
أولاها ظهره و شعوره بالعجز يقتله..يمزقه إلى أشلاء صغيرة...لقد أصابه ضرغام بسكين حاد في منتصف قلبه...أصابه بابنته الكبرى.
عليه أن يخرج من هنا فورًا..لم يعد يستطيع الاحتمال أكثر...عليه أن يخرج قبل أن ترى ابنته ضعف والدها و عجزه أكثر...لا يجب أن ترى دموع حاميها القوي!
تركها تبكي وراءه منتزعًا روحه و قلبه حتى لا ترى ضعفه...يعلم أن ضرغام لن يؤذيها و لكنه سيعود.
ما إن تقدم خطوتين حتى اندفعت ياسمين راكضة إليه و هي تصيح:
- بابا.
صرخت بألم ساقطة أرضًا بعنف عندما التوى كاحلها من شدة اندفاعها بينما صاح ضرغام بخوف:
- ياسمين.
التفت محمد بفزع إلى ابنته و ركض إليها سريعًا بقلق.
جثى على الأرض أمام ابنته الباكية في مقابل ضرغام يتفحص قدمها المصابة بقلق.
زفر ضرغام بغضب و كاد أن يحمل ياسمين و لكنها ابتعدت عنه برفض أغضبه أكثر قائلة و هي تنظر إلى والدها بعينين باكيتين:
- بابا هيشيلني.
قطب ضرغام جبينه قائلًا بحنق:
- عم محمد راجل كبير يا ياسمين و....
تمنع عن إكمال حديثه عندما حملها محمد بكل سهولة صاعدًا بها إلى الأعلى عندما أخبرته أن غرفتها بالطابق الثاني.
كان لايزال يقف مندهشًا عندما اختفيا عن ناظريه.
خرج عن دهشته مناديًا حسان الذي حضر على الفور بصوت جهوري.
- إتصل بالدكتور بتاعي..قوله يبعت دكتورة كويسة على هنا بسرعة.
أنهى جملته صاعدًا إلى الأعلى و دلف إلى الغرفة التي كان بابها مفتوحًا.
كانت ياسمين جالسة على فراشها تبكي بينها هي تتمسك بوالدها الذي يجلس إلى جورها و هو يحتضنها محاولًا تهدأتها و قد بدا الحزن جليًا على وجهه و فاض من عينيه.
ضغط ضرغام على أسنانه بحنق مفرط...لا يحتمل حتى قرب والدها منها.
اقترب منها قائلًا:
- خلاص متعيطيش...الدكتورة زمانها جاية.
لم تجبه ياسمين فهي بالأساس لا تبكي بسبب ألم قدمها.
قالت من بين شهقاتها:
- بابا..خودني معاك...متسبنيش هنا.
- إنتي مش هتتحركي من هنا.
قالها ضرغام بحدة و هو يحاول السيطرة على أعصابه بينما أجابت هي:
- سيبني مع بابا شوية لو سمحت.
كاد أن يرفض و لكنه ضعف أمام نظراتها المترجية فخرج من الغرفة حانقًا.
●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●
دلف ضرغام إلى غرفة ياسمين برفقة الطبيبة و لم تخفى عليه ملامح محمد المصدومة بينما قد توقفت ياسمين عن البكاء أخيرًا.
- دا إلتواء بسيط هيخف بعد أسبوعين إن شاء الله لو إلتزمت بإللي أنا قولته.
قالت الطبيبة تلك الكلمات و هي تعطي ضرغام ورقة مدون بها علاج.
همست ياسمين بأذن والدها:
- بابا...سيبني مع ضرغام شوية و أنا هقنعه يسيبني أروح معاك.
أجابها بعدم اقتناع:
- بتحلمي يا ياسمين...هيسيبك إزاي يعني؟
- سيبني معاه بس و أنا هقنعه.
خرج محمد من الغرفة بعد دلوف ضرغام الذي كان قد خرج ليجعل أحد الحراس يجلب العلاج المطلوب.
توجس عندما رآها تنظر إليه بنظرات كنظرات الجرو الصغير.
اقترب و هو يعلم ما ستطلب منه لكنه لن يقبل بالطبع فهي واهمة إن ظنت أنه سيبقل بشئ كهذا.
- ضرغام.
قالتها بصوت رقيق كاد أن يفقده صوابه.
جلس إلى جوارها و هو يحاول استيعاب مدى تأثيرها عليه قائلًا في نفسه " احذر مكر حواء ".
تعلقت بذراعه منادية إياه مجددًا بصوت بدا له أكثر رقة من السابق:
- ضرغام.
نظر إلى ذراعه الذي أصبحت تحتضنه و أجاب بتوجس:
- نعم.
ارتسمت على شفتيها ابتسامة مُهلكة قلما تُظهرها و قالت:
- دادة صفية قالتلي إنك ناوي تعمل فرح..و إنك عايز تجيب فستان الفرح إنهاردة.
أومأ مبتلعًا ريقه بتوتر...يخشى ألا يستيطيع احتمال دلالها أكثر...لكن مهلًا..لن يسمح لها باستغلاله.
- بلاش إستغلال يا ياسمين.
أجابت برقتها المعهودة:
- مش إستغلال..بس خلينا نتفق...أنا و بابا إتحطينا تحت الأمر الواقع و بقيت مراتك خلاص..يعني حتى لو مشيت من هنا دا مش هيغير حاجة.
قطب جبينه قائلًا بحنق:
- هتمشي تروحي فين؟...دا بيتك و هتفضلي فيه.
تطلعت له بعينين الجرو مجددًا قائلة:
- مش إنت قولت هتعمل فرح؟...هروح عند بابا و بعد كدا دا هيبقى بيتي..بس بعد الفرح.
- ياسمين..الفرح بعد يومين.
تصنعت الدهشة قائلة:
- و بالنسبة لرجلي إللي ممنوع أمشي عليها لمدة أسبوعين دي؟!
نظر إلى قدمها المصابة دون أن يجيب بينما أمسكت هي بيده قائلة برجاء:
- خلينا نأجل الفرح أسبوعين بس لحد ما رجلي تخف بس هكون عند بابا لحد وقت الفرح.
نظر إليها دون أن يجيب فقالت برجاء:
- عشان خاطري.
أجابها بضيق:
- ماشي يا ياسمين...عشان خاطرك.
ثم احتدت عيناه قائلًا:
- بس أي حركة غدر هتيجي منك أو من....
قاطعته بجدية بحتة:
- مفيش حركات غدر...مش أنا إللي أوعد و أخلف.
نهض خارجًا من الغرفة باختناق و هو لا يعلم كيف سيتحمل غيابها بعد أن اعتاد على وجودها دائمًا.
وقف أمام بوابة الفيلا يراقب انصرافهما بحسرة لاعنًا عينا الجرو تلك و كلامها المنطقي الذي جعله يواقف على رحيلها.
●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●
بعد مرور أسبوع.
دلفت ريم إلى غرفة ياسمين و هي تحمل عشاءًا سريعًا قائلة بمرح محاولة التخفيف عن أختها:
- يلا يا ياسمين نهجم على السيندوتشات بسرعة..أنا عصافير بطني بتصوت.
لم تجبها ياسمين التي كانت تحدق بهاتفها بتركيز.
وضعت ريم الصينية جانبًا متجهة إلى ياسمين.
جلست إلى جوارها ناظرة إلى الهاتف بفضول قبل أن تقول بإعجاب:
- الله...دا جميل أوي.
أجابتها ياسمين و هي تنظر إلى صورة فستان الزفاف في الهاتف قائلة:
- ضرغام بعتلي الصورة علشان يجيبه لو عجبني...هو جميل أوي فعلًا.
ابتسمت ريم قائلة بشرود:
- و الله ضرغام دا مجنون.
التفتت لها ياسمين بتعجب فقالت ريم موضحة:
- عشان حب واحدة و معرفش يوصلها يقوم يخطفها و يتجوزها غصب عنها هي و أهلها...يا جبروته.
انتبهت ريم إلى أن الصورة التي تحدق بها ياسمين بالهاتف قد تغيرت فكانت صورة لضرغام و هو يرتدي حُلة الزفاف و قد أرسلها إلى ياسمين لتخبره برأيها بها. شهقت واضعة كلتا يديها على فمها بعدم تصديق و قالت محاولة التخفيف عنها:
- ياسمين...المز دا يبقى هو ضرغام؟...يخرب بيت المزازة..أنا عايزة واحد من دا.
- مزازة؟!
قالتها ياسمين بدهشة بينما أجابتها ريم قائلة:
- أيوة...إنت مش شايفة عامل إزاي؟...متخيلتش يكون مز للدرجة دي.
- ريم أسكتي...عيب كدا.
قالتها ياسمين بحدة بينما استمرت ريم و هي ترى نجاح أقوالها في التخفيف عن ياسمين:
- بصي لو إنتي لسة مش عايزاه ممكن تدهولي أنا عايزاه.
رمقتها ياسمين بحنق فقالت ريم متصنعة الاستسلام:
- خلاص هو بقى جوزك أصلًا مينفعش...طب هو معندوش أخ؟...لو مز زي ضرغام كدا أنا هخطفه و هجبره يكتب عليا و أهي تبقى فرصة علشان ضرغام يعرف أن الدنيا داين تدان.
لم تجبها ياسمين بينما عبست ريم بتصنع قائلة:
- إنتي زعلتي علشان بعاكس جوزك؟...طب ما هو أنا كمان عايزة أتجوز واحد مز...إشمعنى إنتي يعني؟
همست ياسمين بحنق:
- يا رب صبرني.
أجابتها ريم بعبث:
- فعلًا لازم ربنا يصبرك على المز دا ليوم الفرح لتوقعي في الرذيلة.
هنا نهضت ياسمين بعصبية قائلة و هي تضربها بالوسادة:
- و الله ما أنا سيباكي.
ركضت ريم إلى خارج الغرفة سريعًا و هي تضحك بصخب قائلة:
- خلاص يا ياسمسنا بقى..قلبك طيب...بعدين متمشيش على رجلك..هتبوظ و هتجوز ضرغام أنا بدالك.
أجابتها ياسمين و هي تقبض على الوسادة بقوة و تحاول اللحاق بخطوات ريم السريعة:
- هضربك يعني هضربك.
رمقتهما منيرة الجالسة على الأريكة إلى جانب زوجها قائلة باستنكار:
- هيفضلوا أطفال مهما كبروا.
أجاب محمد و هو يراقب ياسمين التي تضرب ريم بالوسادة بعد أن أمسكت بها أخيرًا:
- لا مش أطفال...بس تقدري تقولي إن بنتك الصغيرة عفريتة...شايفة عرفت تطلع ياسمين من المود إزاي.
ارتسمت ابتسامة راحة على وجه منيرة و لكن سرعان ما زالت و حل محلها معالم القلق و هي تقول:
- أنا خايفة على ياسمين أوي من الراجل دا يا محمد.
تنهد محمد بثقل...منذ أن قص عليها ما فعله ضرغام بالتفصيل من البداية و هي قلقة للغاية..تخشى أن يؤذي ابنتها المسكينة التي وجدت نفسها فجأة مكبلة من جميع الجهات بحب لم تكن تعلم عنه شئ.
حاول أن يطمئنها قائلًا:
- ضرغام بيحبها...مش هيأذيها أبدًا و هيحافظ عليها على قد ما يقدر.
- بس هي مش بتحبه و بتخاف منه كمان.
أجابها بهدوء قائلًا:
- بصي لنص الكوباية المليان...هتجوز واحد بيحبها و بيخاف عليها و مستعد يتغير على إيديها كمان...ممكن تكون هي السبب في هدايته...تفائلوا بالخير تجدوه.
التفت إليها قائلًا بتمني:
- عارفة يا منيرة..لو بقت ياسمين السبب فعلًا في هداية ضرغام...يبقى ربنا بيحبها بجد.
- يا رب يا محمد يا رب تكون هي السبب في هدايته.
- آمين.
رددها أكثر من مرة من أعماق قلبه و هو يتمنى أن يطمئن على ابنته و إن كان مضطرًا لتركها لدى ضرغام.
●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●
بعد مرور أسبوع.
تطلع ضرغام إلى نفسه بالمرآة بتركيز قائلًا لسليم الذي يجلس عابس الوجه:
- في حاجة ناقصة؟
لم يجبه سليم..فقط نظر إليه باستنكار فقال ضرغام:
- هتفضل مقموص كدا كتير؟
- اه هفضل كدا و لولا العشرة مكونتش جيت فرحك إللي معمول بالغصب دا.
التفت إليه ضرغام قائلًا:
- إنت أكتر واحد عارف أنا حاولت قد إية أوصلها...كان في طريقة غير دي يعني؟
أجابه سليم ساخرًا:
- لا و نِعم الطُرق بصراحة.
- إنت مالك زعلان أوي من الحوار دا كدا لية؟
نهض سليم قائلًا بعصبية:
- علشان مبقتش عارف أحط عيني في عين عم محمد...و علشان صعبانة عليا البنت يا أخي.
التفت ضرغام إلى المرآه مجددًا قائلة و هو يتفقد هيئته:
- متقلقش..ياسمين هتعرف بعدين إنها كانت غلطانة لما رفضتني.
- ماشي يا ضرغام الفؤاد.
قالها سليم بسخرية فأجابه ضرغام:
- مش قصدي على كدا...هتفهم قصدي بعدين.
خرج ضرغام من الغرفة ذاهبًا إلى غرفة ياسمين.
طرق الباب بهدوء ففتحت له ريم و ما إن رأته حتى ابتسمت باتساع فقال بتوجس:
- خير؟!
لم تزُل ابتسامتها قائلة:
- خير إنت...جاي هنا لية دلوقتي؟
- عايز ياسمين.
- عايزها في إية؟
أجابها باستنكار:
- هقولها حاجة يا حشرية.
قالت باستفزاز:
- تؤ تؤ...مينفعش دلوقتي...مينفعش تشوف العروسة بفستان الفرح دلوقتي...يلا سلام.
أنهت حديثها و دلفت إلى الداخل مغلقة الباب خلفها.
جلست تتصنع الشرود إلى جانب ياسمين الشاردة فعلًا و التي انتبهت إليها قائلة:
- مالك..في إية؟
التفتت إليها ريم قائلة بوله مصطنع:
- ضرغام على الحقيقة أمزز بكتير.
نهرتها منيرة قائلة:
- عيب يا ريم.
أغلقت ريم عينها اليمنى و فتحتها سريعًا لوالدتها دون أن تلاحظ ياسمين بينما تقول:
- سوري يا ماما...الواحد قدام الحاجات دي مبيقدرش يسكت....هيييييح يا ريته خطفني أنا.
تجاهلتها ياسمين الغارقة بتوترها الذي لم تنجح محاولات ريم لإزالته فهي ليست عروس عادية بل هي عروس مجبرة على الزواج من قِبل العريس رغم وجود أهلها إلى جوارها.
لم يحزنها شئ في هذه الزيجة بقدر عجز والدها الذي لم يستطع مواراته بالكامل...لطالما كانت علاقة ياسمين بوالدها قوية للغاية...تخشى أن ينفد صبره و تحدث كارثة...على ضرغام أن ينتبه و يتقى شر الحليم إذا غضب.
●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●○●
انتهى الزفاف و بدأ المدعون في الإنصراف.
تنهدت حنان بضيق و هو ترمق ياسمين بشفقة و ترمق ضرغام باستنكار.
لقد حضرت اليوم بعد أن غادرت لأختها منذ أسبوعين بينما لم تستطع أخت ضرغام الحضور لمكوثها خارج البلاد مع زوجها و ابنها الرضيع.
بدأت أنفاس ياسمين تعلو و هي تشعر و كأن أجلها قد حان بينما يحاول محمد كبح جماح غضبه الذي سرعان ما اشتعل و هو يرى حال ابنته.
ودعت ياسمين أمها و أختها و سلمى التي لاتزال مصدومة مما حدث حتى الآن.
خرجوا لينتظروا محمد بالخارج تاركين لهما حرية الحديث دون مراقبة أحد لهما باستثناء ضرغام الذي يرفض ترك ياسمين و لو لبعض الدقائق لتوديع والدها الحنون.
كبت محمد دموعه غصبًا و هو يحتضن ابنته بشدة و تعالت أنفاسه شوقًا من الآن.
ربت على رأسها قائلًا بصوت لم يصل إلى ضرغام الذي يقف على بُعد عدة أمتار منهما:
- مش عايزك تخافي يا حبيبتي..ضرغام بيحبك و مش هيأذيكي.
تجمعت الدموع بعينيها تنم عن مدى خوفها فأحاط وجهها بكفيه و مسح على وجنتيها بإبهاميه قائلًا:
- متعيطيش...أنا معاكي دايمًا يا ياسمين و قبلي ربنا معاكي..خليكي فاكرة دا كويس.
ثم أكمل قائلًا:
- مش إنتي قولتيلي إن ضرغام مستعد يتغير على إيديكي؟...لو إنتي بقيتي السبب في هدايته بجد..متخيله هيكون أجرك عامل إزاي عند ربنا؟
نظرت إليه ياسمين بعينين تلمعان بطمع...طمع في الأجر...طمع في الجنة.
احتضنها مجددًا بحنان قد فاض منه قائلًا و هو يربت على ظهرها:
- يلا روحي إطلعي أوضتك...و إتعاملي مع جوزك بما يرضي الله يا ياسمين مهما كانت الطريقة إللي إتجوزتوا بيها...عارف إن دا هيكون صعب..بس جوزك ممكن يكون سبب في دخولك الجنة و ممكن يكون سبب في دخولك النار.
خرجت من حضنه ثم أومأت له بابتسامة فبادلها إياها بابتسامة مُطمئنة.
صعدت الدرج و ابتسمت لوالدها الذي يراقبها من الأسفل مجددًا قبل أن تختفي بالرواق.
تنهد ضرغام براحة بعد انتهاء وصلة العشق الممنوع كما أسماها...لم يكن ليتحمل أكثر و لو لم تنهيها هي لأنهاها هو فشعور الغيرة بشع!
ابتلع محمد غصته بمرارة و فتح أول أزرار قميصه و هو يجاهد ضد اختناقه.
رمق ضرغام الذي يتقدم منه باستنكار و استدار موليًا إليه ظهره ينوي الذهاب.
ما كاد يخطو خطوتين حتى ناداه ضرغام الواقف خلفه مباشرة:
- عم محمد...أنا...
لم يكمل حديثه عندما أتته لكمة قوية بجانب فكه من محمد الذي لم يعد يستطيع التحمل...هو يطمأن من حوله و هو ليس مطمئنًا بالأساس...رغم علمه أن ضرغام لن يؤذي ابنته و لكنه قلقًا.
نظر إليه ضرغام بصدمة و هو يضع يده موضع اللكمة كأنه يتأكد من مدى صحة ما فعل محمد و لكن محمد لم يكتفي بعد.
أمسكه محمد من مقدمة قميصه صائحًا به بصوت علت نبرته:
- متبصليش كدا...أنا إللي يقرب من بناتي أكله ني...هم الحاجة الوحيدة إللي طلعت بيها من الدنيا دي...إللي مصبرني إني عارف كويس إنك بتحبها و مش هتئذيها بس لو حصل غير كدا إنت هتشوف عم محمد جديد...و لو إنت محتاج تربية أنا ممكن أربيك من الأول خالص يا ابن فؤ...
يتبع الفصل الثاني عشر اضغط هنا
الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية "رواية حبه عنيف"اضغط على اسم الرواية