رواية شركة المنقذين المحدودة الفصل الثاني بقلم عبدالرحمن أحمد الرداد
رواية شركة المنقذين المحدودة الفصل الثاني
ماذا؟ أنت تسب عائلتي من جديد، أقسم أنني سأُخرج هذا السيخ من أذنك الأخرى
قالها هذا الغريب الغاضب وقبل أن يُنفذ تهديده هرولت الطفلة «نور» تجاهه وجذبته من بنطاله وهي تقول بنفس طريقته:
- اتركه إنه لا يسيئ إليك ولا إلى عائلتك، تلك هي لغتنا، كيف تسمعها إهانة!
فتح «مراد» فمه بصدمة مما تقول وردد بعدم تصديق:
- يا بنت العفاريت أنتي بتتكلمي فصحى أحسن منهم شخصيًا
نظرت إليه ووضحت بابتسامة:
- ما أنا طول اليوم قصاد قنوات الكارتون يا خالو
هنا تحدث هذا الغريب بعد أن ترك أذنه وتأكد من صحة حديثها بعد أن وجدها تحدثه بتلك اللغة الغريبة التي يتم فهمها خطأ من قبلهم، ترك السيخ من يده ورفع يده في الهواء وهو يقول بتأسف:
- أعذرني، لم أفهمك من البداية، أرجوك تقبل اعتذاري
وضع يده على أذنه بتألم شديد ثم نظر إليه من طرف عينيه وهو يقول بعدم رضا:
- اعتذار ايه أنا ودني اتخلعت من جذورها يا مفتري، تعالي يا نور اتكلمي كدا في ودني اشوفها لسة شغالة ولا الزفت ده خلعها
نفذت بالفعل ما طلبه واقتربت من أذنه ثم صرخت بصوت مرتفع فانتفض في مكانه وابتعد بسرعة وهو يقول بعدم رضا وغضب:
- ااااه يا ودني، لو فيه أمل إنها تبقى سليمة أنتي ضيعتيه يا نور
- الله مش أنت اللي قولت يا خالو، انشف بقى
رفع أحد حاجبيه وقال بنفس طريقتها:
- انشف! ماشي يا مفعوصة لما نرجع
وجه بصره إلى هذا الغريب وكان على وشك التحدث بلهجته العامية لكنه أسرع وتحدث بالفصحى حتى لا يحدث ما حدث منذ قليل:
- أين نحن؟ وكيف وصلنا إلى هنا؟
ابتسم هذا الرجل وأشار إلى نفسه قائلًا بجدية:
- في البداية أعرفك بنفسي، أنا هاري كين وأنا من أمرت بإنقاذكم
رفع حاجبيه وهو يقول بتعجب:
- هاري كين! اممم
تابع «هاري» بنفس الجدية:
- مسموح لي فقط أن أُعرفك بالقليل والباقي ستعرفه من الملكة، هنا شركة المنقذين المحدودة وأنتم تم اختياركم للإنقاذ وهذا ما حدث، الباقي ستعرفانه من الملكة
فتح فمه بصدمة مما يقول وما إن وجده انتهى حتى قال بعدم تصديق:
- شركة مين يا عنيا؟
ثم نظر إلى ابنة خالته وردد بتساؤل:
- مش ده الكرتون اللي كنتي بتتفرجي عليه امبارح ومعرفتش اشوف الماتش منك!
حركت رأسها بمعنى "لا" ووضحت له قائلة:
- لا يا خالو التاني شركة المرعبين بتاع مارد وشوشني لكن ده بيقولك شركة المنقذين تفرق
فرك فروة رأسه بحيرة وهتف:
- اممم باااس احنا بنحلم، يا أنا بحلم يا أنتي بتحلمي وجراني معاكي في الحلم، بصي أنا هشدك شدة صغيرة من شعرك لو حسيتي يبقى مش بنحلم لو محستيش يبقى بنحلم اشطا؟
ترددت قليلًا قبل أن تنظر إليها بعد أن اتخذت قرارها وأردفت بهدوء:
- ماشي بس براحة
أمسك بخصلة من شعرها وجذبها بقوة فصرخت بصوت مرتفع ليتركها في الحال وهو يقول بأسف:
- معلش والله يا نور أنا قولت إنه حلم ومش هتحسي
نظرت إليه بعدم رضا قبل أن تقول بغضب طفولي:
- عمري ما شوفت خال مفتري كدا، روح اتشطر على اللي كان هيخلع ودانك ولا مش قادر على الحمار جاي على البردعة
رفع حاجبيه بصدمة مما تقول وما إن انتهت حتى قال بغضب:
- يلا اردحيلي أحسن، حتة عيلة موصلتش لركبتي هتردحلي
- متقولش عيلة أنا كبيرة وفي كي جي تو
لوى ثغره وضحك بسخرية قبل أن يقول:
- في كي جي تو وكبيرة، ما شاء الله شهادتك مقوية قلبك
قطع هذا النزاع صوت «هاري كين» الذي حال بينهما وقال بجدية:
- أنا لا أفهم ما يحدث ولكن أشعر أن هذا شجار، لا داعي لكل هذا فلولا تدخلنا بالأمر لكنتما في المقابر الآن
نظر هو إلى الأرض وحرك رأسه بالإيجاب عدة مرات ليوافق على ما قاله:
- عندك حق والله يا استاذ لوكاكو عندنا اللي قولته ده بيتسمى كله رايح، كل شيء سيذهب يا صديقي، المثل بيقول يا مستني الأفراح تتصل اتوكس دي هتبعتلك كلمني شكرا، ناولني موس اقطع شراييني
رفع «هاري» حاجبيه وقال بعدم فهم:
- ماذا
رفع يديه أمامه وقال على الفور:
- لا عليك، أنا لا أقول شيء
اقترب منه ووضع يده على كتفه ليقول بجدية كبيرة:
- كفانا حديث، يجب أن تذهبا إلى قصر الملكة الآن فهي يجب أن تستقبل ما قمنا بإنقاذه، هناك ستجد الإجابة على جميع أسئلتك
حرك رأسه بالإيجاب وأمسك يد ابنة شقيقته ثم اتجه معه إلى الخارج ليجد طائرة هليكوبتر ضخمة، اتسعت حدقتاه وابتلع غصة في حلقه قبل أن يقول بتردد:
- أستاذ لوكاكو، أنا أخاف الطائرات، ستكون السيارة أفضل
توقف والتفت إليه ثم عقد ذراعيه أمام صدره قائلًا بإصرار:
- أولا أنا لست لوكاكو هذا وثانيًا تلك هي القواعد، يجد دخول قصر الملكة بتلك الطائرة وغير مسموح بالسيارات
لوى ثغره بعدم رضا وتقدم بقلة حيلة إلى تلك الطائرات التي تحركت فور جلوسهم في مقاعدهم المخصصة.
نظرت هي من الطائرة بسعادة وجذبت يد خالها وهي تقول بفرح كبير:
- افتح عينك وبص يا خالو، المنظر من هنا جميل أوي
أجابها وهو يضع يده على عينه:
- ششش أنا لو بصيت من هنا هموت فيها، يارب عدي اليوم ده على خير مش ههرب من الموت محروق في البيت واموت محروق في طيارة
وصلت أخيرًا الطائرة إلى قصر الملكة وهبطت بسلام في المكان المخصص لها وبعد ثوانٍ قليلة خرج هو وهي ومعهم «هاري» الذي قال بابتسامة واسعة:
- لقد وصلنا، مرحبًا بكما في قصر الملكة يــ...
لم يكمل جملته حيث سقط «مراد» فاقدًا للوعي.
في غرفة ضغمة وواسعة استيقظ «مراد» بعد أن فقد الوعي عقب وصوله إلى القصر بسبب خوفه من الطائرات، بدأت الرؤية تتضح تمامًا وظهرت فتاة جميلة تخطت عقدها الثاني بقليل وكانت تضع تاجًا فوق رأسها وتنظر إليه بقلق واضح، ابتسم على الفور وردد بسعادة:
- هي دي الوشوش اللي الواحد يصحى عليها، صباح الفل يا قمر
عبثت ملامحها قليلًا بسبب عدم فهمها ووجهت بصرها تجاه «هاري» الذي قال على الفور:
- لغتهم ليست كلغتنا، لم أفهم سبب اختيار الطوق لهما كي يتم إنقاذهم وهم من عالم آخر
وجهت بصرها إليه مرة أخرى وقالت بتساؤل:
- هل أنت بخير؟
اتسعت ابتسامته أكثر ونظر إليها نظرة مجهولة قائلًا:
- لقد أصبحت بخير عندما استيقظت على وجهكِ أيتها المزة
رفعت أحد حاجبيها بتعجب وسألت مجددًا:
- ماذا تقصد بمزة؟
هنا تدخلت «نور» على الفور قبل أن يتسبب خالها بمشكلة كما حدث عند وصولهم وقالت بابتسامة:
- مزة في لغتنا تعني ملكة، لا تقلقي سأعلمكِ الكثير عن لغتنا
ابتسمت الملكة لها وحركت رأسها بفهم قبل أن تعود ببصرها إليه قائلة:
- ملكة تعني مزة في لغتكم، إذن انهض لأن مزتك تريد محادثتك
أغلق عينيه وردد بصوت منخفض:
- أنا أكيد بحلم وربنا بحلم، يارب أفضل في الحلم ده علطول، أنتي تؤمري يا مزة هقوم حاضر
نهض من نومه واتجهوا جميعًا إلى غرفة أخرى من غُرف القصر وجلست الملكة على عرشها قبل أن تقول بجدية:
- الطوق اختاركما وتم إنقاذكما رغم أنكما من عالم آخر غير عالمنا وهذا يعني أنكما تستحقا الإنقاذ
التقطت أنفاسها ثم تابعت حديثها:
- عالمنا عبارة عن شركة كبيرة وتسمى شركة المنقذين المحدودة، نحن هنا لكي نقوم بإنقاذ من يستحق والطوق هو من يختار
رفع «مراد» إصبعه ليوقفها عن الحديث ويقول متسائلًا:
- معذرة عندي سؤال صغنون
لوحت بيدها في الهواء بمعنى "تحدث" دون أن تتفوه بكلمة واحدة فابتسم وقال:
- الطوق ده اللي هو طوق النجاه ولا ايه؟ أها مش هتفهمي، أقصد من هذا الذي يُدعى بالطوق؟
فهمت سؤاله وأجابته بهدوء:
- الطوق عبارة عن جهاز ضخم يقوم بإرسال معلومات عن الناجي التالي ونقوم نحن بالتحرك على أساس ذلك
حرك رأسه بفهم فتابعت هي ما كانت تتحدث به في البداية:
- لكن من يتم إنقاذه يبقى هنا معنا ويعمل لكي يُثبت بالفعل أنه يستحق الحياة ويستحق هذا الإنقاذ، فترة العمل والبقاء تصل لأكثر من عام يــ.....
قاطعها بصوت مرتفع وغاضب بعد أن استمع لجملتها الأخيرة:
- نعم ياختي عام ايه، لا بقولك ايه أنا ساكتلك من الصبح لو أنتي ملكة فأنا شبح ومن شبرا
يتبع الفصل الثالث اضغط هنا
- الفهرس يحتوي على جميع فصول الرواية كاملة :"رواية شركة المنقذين المحدودة" اضغط على اسم الرواية